المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثانيفي فقه هذه النصوص - فقه النوازل - جـ ٢

[بكر أبو زيد]

فهرس الكتاب

- ‌التشريح الجثماني والنقلوالتعويض الإنساني

- ‌المبحث الأولوفيه بيان ما كتب في هذه النازلة من:

- ‌المبحث الثانيفي حكم التداوي

- ‌المبحث الثالثالتاريخ القديم لعمليات النقل والتعويض

- ‌المبحث الرابعحصر التصرفات الطبية الفاعلة على بدن الإنسان

- ‌المبحث الخامسالقواعد والأصول الشرعية التي تخَُرَّجُ عليها هذه النوازلالطبية

- ‌المبحث السادستخريج وتنزيل الإجراءات الطبية المعاصرةعلى المدارك الشرعية

- ‌المبحث السابعفي الشروط العامة

- ‌المبحث الثامنفي حكم بيع الآدمي لدم أو عضو منه

- ‌بيع المواعدةالمرابحة في المصارف الإسلامية

- ‌المبحث الأولبيع المرابحة عند متقدمي الفقهاء

- ‌المبحث الثانيفي مدى لزوم الوفاء بالوعد ديانة وقضاء

- ‌المبحث الثالثالبحوث والمؤلفات في هذه النازلة

- ‌المبحث الرابعصور بيع المواعدة

- ‌المبحث الخامسسبب وجودها

- ‌المبحث السادسحكمها

- ‌المبحث السابعفي الضوابط الكلية

- ‌حق التأليف تاريخاً وحكماً

- ‌المبحث الأولفي فن الطباعةتاريخ اختراعها، وتدرج انتشارها في الديار الإسلامية

- ‌المبحث الثانيالاحتفاظ بحق المؤلففي المجالات الدولية والحكومية والفردية

- ‌المبحث الثالثالتاريخ القديم لملكية التأليف

- ‌المبحث الرابعالتعريف بعنوان هذه النازلة

- ‌المبحث السادسفي حق النشر والتوزيع

- ‌بيان مسألتين في أوائل الشهور العربية

- ‌[المسألة الأولى: في حكم إثباته بالحساب]

- ‌المبحث الأولفي سياق النصوص

- ‌المبحث الثانيفي فقه هذه النصوص

- ‌المبحث الثالثإجماع المسلمين على موجب هذه النصوص

- ‌المبحث الرابعتفنيد الخلاف الحادث في هذه المسألة

- ‌المبحث الخامسما استدل به المتأخرون

- ‌المبحث السادسفي نقضها

- ‌المبحث السابعفي ظنية الحساب

- ‌المبحث الثامنفي منابذته للشرع

- ‌المسألة الثانية: في توحيد الرؤية

- ‌دلالة البوصلة على القبلة

- ‌المبحث الأول: في حكم إعمال الآلات في الدلالة على القبلة

- ‌المبحث الثانيفيما تم الوقوف عليه في خصوص البوصلة

الفصل: ‌المبحث الثانيفي فقه هذه النصوص

‌المبحث الثاني

في فقه هذه النصوص

فهذه النصوص الصحيحة تدل دلالة صريحة على أصول شرعية في

أحكام الشهور وإثبات أوائلها على ما يلي:

الأصل الأول: إن الشرع جعل علامة أول الشهر: الهلال لا غير. وأن

ليس لأول الشهر حد عام ظاهر سواه.

الثاني: أن جنس الشهر القمري الشرعي منحصر: أقله في (29) يوماً،

وأكثره في (30) يوماً. وأنه لا يشرع بحال حتى يمضي (29) يوماً من شعبان

ولا بد أن يصام في رمضان (29) يوماً لا يصام أقل منها بحال.

الثالث: أن أول الشهر لا يعتبر إلا بيقين. وهذا مطرد من قاعدة

الشريعة في العبادات المؤقتة: أنه لا يصح وقوعها إلا في وقتها بيقين تام.

ولهذا ربط الله أسبابها بعلامات يقينية لا مدخل للعباد فيها بل هي سنن

كونية ثابتة يستوي في معرفتها عموم الخلق: علماء، وعامة، وحاضرة،

وبادية. وهذا من أجل أسباب اليسر ورفع الحرج في الشريعة.

الرابع: أن الشرع علق الأحكام التعبدية الشهرية على الأهلة بطريقتي

اليقين: الرؤية أو الإكمال. وذلك:

1-

لسهولته، ويسر يقينيته.

ص: 195

2-

ولأنه لا يدخله الخطأ.

3-

ولأن كل نظام سواه الأصل فيه: الخطأ كالحساب فإنه مع عسره

وندرة العارف به يدخله الخطأ كثيراً كما سيأتي.

ولهذا فإن الوصف بالأمية هنا صفة مدح وكمال من وجوه: من جهة

الاستغناء عن الكتابة والحساب بما هو أبين منه وأظهر وهو الهلال، ومن

جهة أن الحساب والكتابة هنا يدخلهما غلط.. إلى آخر وجوه بسطها شيخ

الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى (الفتاوى 25 / 174 - 176) .

الخامس: أن اليقين في ذلك يتحقق بأمر محسوس: حقيقة أو حكماً،

حقيقة محسوسة بالإهلال، وفي حكم المحسوسة بالإكمال أي:

1-

الهلال بالرؤية البصرية. وهذا أمر محسوس حقيقة.

2-

الإكمال لشعبان مثلاً - ثلاثين يوماً في حال تعذر الرؤية لغيم

ونحوه. وهذا محسوس حكماً، يقيني في واقع الحال، لعصمة التشريع

بخبره الصادق والذي هو من سنن الله الكونية: أن الشهر القمري لا ينقص

عن (29) يوماً، ولا يزيد عن (30) يوماً.

فالشرع أناط الحكم بأول الشهر بوجود الهلال حقيقة لا بوجوده

تقديراً، وأن وجوده حقيقة بالرؤية البصرية بالإهلال، أو بالإكمال. وأنه بأمر

لا مدخل للعباد فيه بل هو سنة كونية ثابتة. وصاحب الشرع أشعر بحصر

السبب فيهما ولم ينصب سبباً سواهما.

ووجه التيقن بالإكمال أيضاً هو: استصحاب الأصل، إذ الأصل بقاء

الشهر وكماله فلا يترك هذا الأصل إلا ليقين بناء على أن ما ثبت بيقين

لا يزول إلا بمثله. قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى: في الاستدلال من

ص: 196

حديث ابن عباس رضي الله عنهما (وفيه إعلام أن الأحكام لا تجب إلا

بيقين لا شك فيه، وهذا أصل عظيم من الفقه أن لا يدع الإنسان ما هو عليه

من الحال المتيقنة إلا بيقين من انتقالها، وقوله صلى الله عليه وسلم: " فإن غم عليكم

فأكملوا العدة ثلاثين يوماً "، يقتضي استكمال شعبان قبل الصيام،

واستكمال رمضان أيضاً..) اهـ.

السادس: أن الأحاديث دلت بمجموعها على انحصار الوصول إلى

اليقين المذكور بأحد الطريقين. فالصيام حكمٌ سببه: الرؤية للهلال أو

الإكمال.

فمنها ما يفيد بمنطوقه وجوب الصوم والفطر بعد الرؤية أو الإكمال

كقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأكملوا

العدة ثلاثين ".

ومنها: ما يفيد منطوقه تحريم الصوم والفطر قبل الرؤية والإكمال كقوله

صلى الله عليه وسلم: " لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم

فأكملوا العدة ثلاثين ".

وأنه ليس في شيء من الأحاديث إناطة الحكم الشرعي بالحساب

الفلكي. وتسمية الشهر به: شهراً بل تعليقه الحكم بأمر يقيني من رؤية

أو إكمال يدل دلالة واضحة على نفي إناطة الحكم بأي سبب آخر ففي

هذا فطم عن الاعتماد على الحساب في هذا الحكم.

السابع: إن ترائي الهلال مشروع لهذه الأمة لضبط مواسم تعبدها فإن

كانت العبادة واجبة كصيام رمضان، وحج بيت الله الحرام، كان الترائي

واجباً كفائياً، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وإن كانت مسنونة كان

ص: 197

الترائي مسنوناً إذ الوسائل لها أحكام الغايات، فإن تمت الرؤية وإلا

فالمصير إلى الإكمال، والحمد لله على اليسر ورفع الحرج.

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى: (وفيه - أي حديث ابن عباس -

أن الله مقيد عباده في الصوم برؤية الهلال لرمضان، أو باستكمال شعبان

ثلاثين يوماً، وفيه تأويل لقول الله عز وجل: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ

فَلْيَصُمْهُ} [البقرة 185] إما شهوده ورؤيته أو العلم برؤيته) اهـ.

ص: 198