الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة:
تصدر هذه الطبعة من هذا الكتاب، على كره مني. فقد كنت أتمنى أن تتاح إعادة النظر فيه، بعد أن مضي على طبعته الأولى زهاء أربعين سنة. وكم كنت أود أن أرى لزملائي من الباحثين، في الجامعة وخارجها، دراسات تسند هذه الدراسة وتضيف عليها، وتوسع بعض جوانبها. على أن ذلك لم يحدث لا في بلادنا العربية، ولا في الخارج.
ولعل انصراف النقد العربي عن هذا الموضوع هو جزء من انصرافه العام عن العناية بفنون الأدب الحديثة، من قصة وأقصوصة ومسرحية، وإيثاره الترجمة على التأليف. أما النقد الغربي فلم تصدر فيه في السنوات الأخيرة، فيما أعلم، دراسة بوسعها أن تصحح رأيا أو تضيف جديدا. وأكثر عناية مدرسي الأدب وفنونه في الجامعات الغربية، وخاصة الأمريكية، منصبة على قراءة النصوص وتحليلها واستخراج القيم الفنية من داخلها. يضاف على هذا كله أن المقالة لم تعد في هذا القرن فنا من الفنون الأدبية التي تتجلى فيها قدرة الأديب على الإبداع؛ إذ تحولت إلى أداة سريعة في يد الصحافة، أو غدت وسيلة من وسائل الباحث؛ يعرض فيها رأيا في موضوعه، أو يبسط نتيجة من النتائج التي توصل إليها خلال دراساته، مما لا يمتد ويتفرع ليشغل كتابا بكامله. ولذا أصبح البحث في فن المقالة اليوم، لا يدخل في نطاق دراسة النثر الفني، بل أصبحت قواعده وشروطه ادخل في قواعد المباحث العلمية. ونحن نرى اليوم العديد من الكتب يصدر
ليعالج وسائل الباحث الحديث ومناهجه، والباحث هنا هو مؤلف الكتاب أو الدراسة المطولة، ومؤلف المقالة العلمية أيضا على ما فيها من إيجاز واحتجاز. ولذا بقيت دراسة المقالة، باعتبارها فنا أدبيا، مقصورة على دراسة أعلامها السابقين ابتداء من مونتين، ومرورا بكتاب مقالة المجلات في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. ومثل هذه الدراسات وإن كانت تجلو جوانب كانت خفية في ذلك التاريخ، أو تبسط أمورا كانت موجزة فيه، فإنها لا تضيف على دراسة هذا الفن إلا القليل.
محمد يوسف نجم