الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3-
بين مونتين وباكون:
ولكن على الرغم من تأثر باكون في مقالاته بمونتين واقتدائه به في الصياغة والمحتوى وعناوين بعض المقالات، نجد أن بينهما فروقا أساسية تعزى في الأكثر إلى ما بينها من تباين من حيث الشخصية والمنزع الأدبي فمن حيث الصياغة والقالب، نجد أن مقالة باكون أدنى إلى القصر، وأشد إحكاما وأدق تصميما وأكثر اقترابا من الموضوعية. أما من حيث المحتوى، فإن غاية باكون كانت عملية؛ إذ كان يرمي من وراء هذه المقالات إلى تقديم بعض النصائح العملية لهؤلاء الذي تتطلع نفوسهم إلى العمل في البلاط، أو في مناصب الدولة العليا. وهي من هذه الناحية، تشبه إلى حد كبير تلك النصائح التي كان يوجهها الأدباء والكتاب إلى الناشئين من الكتاب ليتيسر لهم الاضطلاع بأعمالهم في خدمة الخلفاء على الوجه الأكمل. ومن هذا القبيل رسالة عبد الحميد المشهورة، وتلك الرسائل والكتب التي تدور حول أدب الكتاب في الإنشاء والسلوك.
ونجد مصداق ذلك، في العنوان الذي توج به مجموعة مقالاته التي نشرها سنة 1625م. فقد دعاها "مقالات أو نصائح مدنية وخلقية". وهذا يعني أنه أراد من كتابه هذا، أن يكون دليلا أدبيا وسياسيا للناشئة من رجال البلاط أو رجال السياسة. ونستطيع أن ندرك غاية باكون تمام الإدراك، من تلك العناية الفائقة التي بذلها في مقالاته الاجتماعية والمدنية،