المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ المجلات وأثرها في تطور المقالة العربية الحديثة: - فن المقالة

[محمد يوسف نجم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌القسم الأول: المحاولات المقالية قبل مونتين

- ‌تمهيد

- ‌ بذور المقالة في الآداب الشرقية القديمة:

- ‌ في أدب الإغريق والرومان:

- ‌ في العصور الوسطى:

- ‌ عصر النهضة:

- ‌ في الأدب العربي القديم:

- ‌القسم الثاني: المقالة في طورها الحديث

- ‌مونتين "1533-1592

- ‌ فرنسيس باكون:

- ‌ بين مونتين وباكون:

- ‌ نهضة المقالة الإنكليزية بعد عودة الملكية:

- ‌ مقالة المجلات في القرن الثامن عشر:

- ‌ خصائص هذه المقالة في المحتوى والصورة:

- ‌ المقالة في القرن التاسع عشر:

- ‌ المقالة الحديثة:

- ‌ المقالة في الأدب العربي الحديث:

- ‌ المجلات وأثرها في تطور المقالة العربية الحديثة:

- ‌أعلام المقالين المحدثين

- ‌القسم الثالث: فن المقالة

- ‌تمهيد وتعريف

- ‌ التمييز بين المقالة الذاتية والمقالة الموضوعية:

- ‌ المقالة الذاتية:

- ‌ ألوانها وأشهر كتابها:

- ‌ تحليل المقالة الذاتية:

- ‌ نحو دراسة المقالة الذاتية:

- ‌ قيمة المقالة الذاتية:

- ‌ المقالة الموضوعية:

- ‌المراجع والمصادر:

- ‌المراجع والمصادر العربية:

- ‌المراجع والمصادر الأجنبية

- ‌الفهارس

- ‌فهرس الأعلام والكتب والصحف

- ‌فهرست:

الفصل: ‌ المجلات وأثرها في تطور المقالة العربية الحديثة:

اقتصاديات البلاد، وتوجيه أبنائها وجهة خاصة، تذلل له حكمهم والسيطرة عليهم. فكانت هذه الثقافة التي بذل المستعمر جهوده في تعميقها بين الناس، سلاحا حادا شهره الكتاب في وجهه. وبذا خطت الصحافة اللبنانية خطوة كبيرة ونشأت في هذا العهد طبقة من الكتاب بين مؤازر ومحايد ومعارض، اصطنعت الصحافة لتحقيق أهدافها وتجسيم مثلها، وكانت هذه الطبقة نواة للمدرسة الصحفية الحديثة في لبنان، التي لمع من كتابها جبران التويني وميشال زكور ومحيي الدين النصولي وعبد الله مشنوق ويوسف يزبك وميشال أبو شهلا وعمر فاخوري وسواهم.

ص: 60

10-

‌ المجلات وأثرها في تطور المقالة العربية الحديثة:

كان للبنانيين، وخاصة رجال المدرسة السورية المتمصرة، أثر كبير في نشأة المجلة العربية وتطورها. فقد عرف لبنان المجلات في وقت مبكر من تاريخ نهضته؛ فظهرت "الجنان" و"الزهرة" و"المهماز" و"النحلة" سنة 1870، و"النجاح" سنة 1871، و"المقتطف" سنة 1876، و"المشكاة" سنة 1878، و"الجامعة"، سنة 1894، و"المشرق" سنة 1898، وسواها من مجلات القرن الماضي. وقد كانت "الجنان" بحق رائد المجلات العربية قاطبة؛ إذ إنها وضعت الأسس التي سارت عليها تلك المجلات فيما بعد، فالمقتطف، فيما يبدو لي، اقتبس خطتها ووسعها وتصرف فيها متعمدا على ذلك النبع الثر من ثقافة منشئية.

وفي مصر كان للبنانيين أثر كبير في نشأة المجلات الثقافية والعلمية، وتطويرها وتهذيب أسلوبها. فقد أنشأ فيها لويس الصابونجي "النحلة الحرة""1871"، وأنشأ خليل اليازجي "مرآة الشرق""1882"،

ص: 60

وميخائيل جرجس عورا "الحضارة""1882"، والدكتور شبلي الشميل "الشفاء""1886"، وشاهين مكاريوس "اللطائف""1886"، وانتقلت إليها المقتطف سنة 1885، وأصدر زيدان مجلة "الهلال" سنة 1892. وبعد ذلك أنشأ شاكر شقير "الكنانة"، وأنشأ إبراهيم اليازجي "البيان" و"الضياء". وقد أصدر عدد من الأدباء المصريين مجلات عدة كانوا ينهجون فيها نهج المدرسة السورية المتمصرة، من حيث التنسيق والتحرير والكتابة.

والحقيقة أن المصريين لم ينتبهوا إلى أثر المجلة وأهميتها في النهضة الأدبية والاجتماعية، إلا بعد الثورة المصرية، التي انضجت بذور الوعي القومي في نفوس المصريين، ولهذا رأينا إقبالا كبيرا عليها في ذلك العهد. وقد امتازت المجلة آنذاك بالتخصص، فأصبح لكل فن من الفنون، ولكل فرع من فروع الصناعة مجلة خاصة، إلا أن هنالك بعض المجلات الأدبية التي غنيت بالمقالة الأدبية ومن أهمها:"الزهراء" و"الجديد" و"السياسة الأسبوعية" و"البلاغة الأسبوعي" و"الناقد" و"الرسالة" و"الفجر" و"المجلة الجديدة" و"أبولو" و"الشباب" و"الثقافة و"الكتاب المصري" و"الكتاب".

عرضنا في ما ضي لأثر الصحف اليومية في تطور المقالة الأدبية ونهضتها، إلا أن أثر المجلة كان أعظم شأنا. فالمجلة بطبيعة حجمها، ومواعيد صدورها، تحتمل من الجد والإسهاب أكثر مما تحتمل الصحيفة اليومية. ثم إن غايتها تختلف عن غاية الصحيفة، نجد أن المجلة تعني بالثقافة والأدب في المقام الأول.

ومن أهم المجلات التي لعبت دورا خطيرا في نهضتها الأدبية مجلة

ص: 61

"المقتطف"، التي وضعت أسس المنهج العلمي في الكتابة والتفكير. في العالم العربي. وكانت في طورها الأول الذي ينتهي بوفاة الدكتور يعقوب صروف، أكثر تعلقا بالأبحاث العلمية، ثم حدث فيها التوازن بين العلم والأدب حين تولى تحريرها الأستاذ فؤاد صروف، وكذلك "الهلال"، التي احتفظت بطابع البحث العلمي في التاريخ والأدب، على عهد منشئها، ثم مالت إلى التنويع، واجتذبت عددا كبيرا من كتاب الشرق العربي، بعد وفاته سنة 1914.

أما المجلات الحديثة، فقد نشأت نتيجة للصراع بين الأحزاب، فعندما أصدرت "السياسة" محلقها الأدبي "السياسة الأسبوعية" في 19 آذار "مارس" سنة 1926، تبعتها "البلاغ" وأصدرت "البلاغ الأسبوعي" في 26 من تشرين الثاني "نوفمبر" من ذلك العام. وكان لهاتين المجلتين خدمات لا تنكر. فعلى صفحات "السياسة الأسبوعية" قرأنا أول دعوة للأدب القومي المصري، وقرأنا مقالات طه حسين في الأدب والنقد وصورة البشري التي سماها "في المرآة". وقرأنا مقالات محمد حسين هيكل النقدية والتاريخية والاجتماعية، وقرأنا لعدد كبير من كتاب النهضة. وفي البلاغ الأسبوعي، دخل العقاد طورا جديدا من حياته الأدبية بعد الطور الأول الذي قطعه في "البيان" و"الجريدة" وقرأنا قصص السباعي ومقالاته الأدبية.

ثم مالت المجلات إلى التخصص، فخرجت "الرسالة" سنة 1933، وأسهم في تحريرها طه حسين وأعضاء لجنة التأليف والترجمة والنشر الذين استقلوا سنة 1939 بمجلتهم "الثقافة". وفي نهاية الحرب صدرت بعض المجلات الأدبية الرصينة، التي كادت تنسخ أثر الرسالة والثقافة والمقتطف والهلال، ومنها الكاتب المصري

ص: 62

"1945-1948" التي تولى تحريرها الدكتور طه حسين، والكتاب "1945-1953" التي أصدرتها دار المعارف وتولى تحريرها عادل الغضبان.

وفي لبنان، عدا ما ذكرنا من مجلات القرن الماضي، نجد أن المجلة الأدبية تقفز قفزة هائلة بين الحربين، ومن أهم المجلات التي ظهرت في هذا الطور:"المرأة الجديدة""1921"، و"منيرفا""1923" وهما نسائيان، و"الكشاف" و"المعرض" و"الجمهور" و"المكشوف" و"الأديب" وسواها. وقد كان لهذه المجلات أثر كبير في تطوير المقالة الأدبية، وكانت في اتجاهها العام أميل إلى المقالة الأدبية والنقدية، منها إلى المقالة الذاتية.

وفي سائر أقطار العالم العربي، سارت الصحف والمجلات سيرتها في مصر ولبنان، وقد كان هذان القطران، وما يزالان عنوان النهضة الأدبية الحديثة، فلا عجب إذا رأينا هذه الأقطار تقلدهما في الصحافة والأدب بوجه عام.

ونستطيع بعد هذا العرض التاريخي لحركة المجلات في لبنان ومصر، أن نوجز أثر المجلة في تطور المقالة بما يلي:

1-

تطوير اللغة وتهذيب أسلوب الكتابة بحيث أصبح أداة مواتية لنقل الأفكار الحديثة.

2-

اتساع صفحاتها لنشر مختلف أنواع المقالة من ذاتية وموضوعية.

3-

خلق طبقة من الكتاب الذين عنوا بفن المقالة وجعلوها الوسيلة الأولى لنقل أفكارهم وإذاعة آرائهم. وقد برز من هؤلاء أعلام المدرسة الأدبية الحديثة في مصر ولبنان.

ص: 63