الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحرصها على أن تأتي بكل جديد مفيد، شجع الكتاب على أن يجربوا أقلامهم في موضوعات طريفة لم تخطر لأسلافهم من كتاب القرن الثامن عشر على بال. وحسب هذه المجلات فخرا أنها قدمت للأدب الإنكليزي، بل للأدب العالمي، مجموعة من أعلام الكتاب كان في طليعتهم لام وهزلت ودي كونسي ولي هنت، الذين عرفوا بتأثرهم بالمقالة القديمة، وبأثرهم الكبير في خلق المقالة الحديثة. ثم بخلود آثارهم الأدبية وبقائها على الزمن. وكان منهم مجموعة اشتهرت بتميزها في الفنون الأدبية الأخرى، وخاصة القصة، ومنهم دكنز وثكري وستيفنسون.
8-
المقالة الحديثة:
كان روبرت لويس ستيفنسون آخر كتَّاب المقالة العظام، في القرن التاسع عشر. إلا أن هذا الفن الأدبي لم يفقد روعته وسحره عند الكتاب المحدثين، ولكنه انطبع بما تجلى في هذا القرن من ميل إلى التخصص، بعد اتساع نطاق العلوم والفنون؛ وأخذت المقالة الذاتية تفقد روعتها تدريجا نظرا لطغيان النزعة العلمية، وأصبح هم الكتاب أن يقدموا لقرائهم مادة طريفة، تنم عن تفكير عميق، وطول تدبر وتمعن، مجلوة بأسلوب أدبي متقن. ولذا غلب فيها طابع الدرس والتمحيص على طابع التعبير الذاتي الحر الطليق، وصار الكتاب يتنافسون على التعمق في دراسة الموضوعات التي يعرضون لها، والتعبير عنها بأسلوب أدبي رصين.
إلا أن فنا أدبيا قديما، أخذ يزاحم المقالة، ويحاول أن يجليها عن مكانتها المرموقة في الصحف والمجلات. وهذا الفن هو الأقصوصة، التي تطورت في القرن التاسع عشر، من الحكاية الساذجة
البسيطة، التي تخلو من الصنعة الفنية المتقنة، إلى عمل أدبي صرف له شروط دقيقة محكمة، ويحتاج كاتبه إلى فطنة وبراعة في اختيار المادة وإخراجها. والأقصوصة من بين ألوان الكتابة النثرية القصيرة، هي الزي الأدبي المفضل في النصف الأول من هذا القرن. وقد اشتهر من كتاب المقالة الشخصية في هذا القرن ماكس بيربوم وإدوارد لوكاس وهيلير بلوك وجون جولزورذي ووليم بتلر بيتس وجوزيف كنراد وستيفان ليكرك. واشتهر في كتابة المقالة النقدية والعلمية والفلسفية، فضلا عمن ذكرنا، جورج برنارد شو، وجورج مور، وهيو ولبول، وت. س. أليوت، وهـ. ج. ولز، وأرنولد بنيت، وبرتراند رسل، وسير أولفر لودج وسواهم.
وقد شهدت المقالة ازدهارا عظيما في أميركا، وخاصة في وصف الطبيعة وفي النقد الأدبي. وشهرتها في سائر بلدان العالم لا تقل عن ذلك؛ لأنها أصبحت الوسيلة السريعة الأولى للاتصال بالقراء، وتزودهم بالمعلومات، وإثارة أفكارهم وعواطفهم، وذلك في الصحف السيارة وفي المجلات. وهذا مما يجعل أمر حصرها واستقصاء أنواعها وأسماء كتابها في هذا البحث الموجز، من الصعوبة بمكان عظيم.