المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتاب قوانين الدواوين "2 - في الميزان الجديد

[محمد مندور]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الأدب المصري المعاصر:

- ‌النقد ووظائفه:

- ‌بجاليون والأساطير في الأدب

- ‌سوء تفاهم وفن الأسلوب:

- ‌أرواح وأشباح الشعر والأساطير:

- ‌نداء المجهول والأدب الواقعي:

- ‌زهرة العمر وحياتنا الثقافية:

- ‌الأدب المهموس

- ‌الشعر المهموس "‌‌أخي" لميخائيل نعيمة

- ‌أخي" لميخائيل نعيمة

- ‌يا نفس" لنسيب عريضة:

- ‌ النثر المهموس:

- ‌أمي" لأمين مشرق:

- ‌حول ترنيمة السرير:

- ‌الشعر الخطابي:

- ‌إيضاح أخير:

- ‌ الهمس في الأناشيد:

- ‌مناهج النقد - تطبيقها على أبي العلاء

- ‌الأدب ومناهج النقد

- ‌النقد الذاتي والنقد الموضوعي

- ‌مشكلة المعنى:

- ‌أبو العلاء والنقد:

- ‌أبو العلاء ورسالة الغفران:

- ‌رسالة الغفران:

- ‌مساجلات جورجياس المصري:

- ‌المعرفةوالنقد - المهج الفقهي

- ‌الشعراء النقاد

- ‌المعرفة والنقد:

- ‌نظرية عبد القاهر الجرجاني:

- ‌النظم عند الجرجاني:

- ‌الذوق عند الجرجاني:

- ‌خلط بين القيم:

- ‌مناقشات لغوية:

- ‌اللغة والتعريب:

- ‌عثرت به وعثرت عليه

- ‌حول أصول النشر:

- ‌كتاب قوانين الدواوين "1

- ‌كتاب قوانين الدواوين "2

- ‌أوزان الشعر

- ‌الشعر الأوروبي

- ‌ الشعر العربي:

- ‌فهرست الموضوعات:

الفصل: ‌كتاب قوانين الدواوين "2

‌كتاب قوانين الدواوين "2

":

تحدثنا فيما سبق عن مصادر النشر مباشرة وغير مباشرة، واليوم نخطو إلى المرحلة التالية وهي قراءة النص، ثم نختم المقال بالحديث عن الروح العلمية التي يجب أن تسود فيما ننشر أو نؤلف.

قراءة النص:

لا شك أن الهدف الأخير لكل ناشر هو أن يقرأ النص قراءة تمكن القارئ من فهمه. ومن المعلوم أن الواجب العلمي يقضي بألا يتصرف الناشر في النص على نحو يحيله عن أصله ويجعله مماشيا لما قد يظنه هو فهما صحيحا، ومع ذلك فالعلماء لا يجمعون على وجوب احترام النص احتراما مقدسا، إلا في حالة واحدة هي حالة وصوله إلينا بخط المؤلف؛ إذ إنه لا يجوز لنا عندئذ أن نتناول النص بأي إصلاح؛ لأن الأخطاء ذاتها تكون عندئذ عظيمة الدلالة على درجة ثقافة المؤلف في اللغة أو في موضوع الكتاب. وأما فيما عدا هذه الحالة فنحن إزاء نسخ يتحمل ناسخوها عادة جزءا كبيرا مما فيها من أخطاء، ويكون من واجب الناشر حتى يكون عمله نشرا لا نسخا جديدا، أن يصلح من أخطاء هؤلاء النساخ، وسبيله إلى ذلك ألا يكتفي كما فعل الدكتور سوريال بالاعتماد على نسخة أو مجموعة من النسخ مهملا إلى حد كبير ما عداها، بل يقابل بين كل المخطوطات التي لديه، بعد أن يقيم تسلسلها كما وضحنا في المقال السابق، وبعد أن يحصي القراءات المختلفة لكل جملة أو جزء من الجملة، يكون من واجبه أن يفاضل بين تلك القراءات.

وهنا لا بد أن نشير إلى نوعين من القراءات Variantes وهما اللذان يسميها العلماء بالقراءة السهلة "Lection facillis باللاتينية" والقراءة الصعبة Lection defficillis ويجب على الناشر ألا يسارع إلى قبول القراءة السهلة، فكثيرا ما تكون من تحريف الناسخ الذي عجز عن فهم القراءة السهلة، فكثيرا ما تكون من تحريف الناسخ الذي عجز عن فهم ما ينسخ فأحاله إلى شيء يفهمه هو وكل هذا على فرض وجود قراءتين كلتاهما فهمها ممكن، فإذا استعصى الفهم وجب على الناشر أن نلجأ إلى ما يسميه العلماء بالتخمينات Conjectuires وله عندئذ أن يثبت تخميناته في المتن بين قوسين أو أن يودعها في الهوامش. ونحن نكرر أن هذه التخمينات لا نلجأ إليها إلا بعد استقصاء كل القراءات والعجز عن فهمها كلها، وكثيرا ما لجأ العلماء إلى تخمينات أثبتت صحتها مخطوطات اكتشفت بعد النشر. وحق التخمين بل واجبه لم نرَ أحدا من ناشري النصوص، وبخاصة النصوص القديمة -كالنصوص اليونانية والعربية- يماري فيه؛ إذ لا مفر للناشر من أن يعطينا -كما قلنا- نصا يمكن فهمه.

هذه هي الأصول العلمية للنشر كما عرفناها من أساتذتنا، وأما ما يزعمه الدكتور سوريال من نشره للنص بأخطائه "محافظة على أسلوبه الأثري" فهذا شيء لم نسمع به. والذي نعلمه أن التماثيل الأثرية ذاتها لا يحجم علماء الآثار

ص: 177

عن ترميمها الضروري حتى لا تنهار. ولإصلاح النص في الحدود التي بيناها فيما سبق لا بد للناشر من نوعين من المعلومات:

1-

معرفة لغة الكتاب معرفة فقهية.

2-

معرفة مادة الكتاب معرفة تخصص.

ونحن على تمام الثقة من أنه إذا امتلك هذين النوعين من المعرفة لن يحتاج إلى نشر الكتاب بأخطائه محافظة على أسلوبه الأثري.

ونحن مع احترامنا للأستاذ سوريال ومع اعترافنا بما أدى من خدمات لتاريخ العصور الوسطى في الغرب. ونلاحظ لسوء الحظ أنه لا يمتلك نوعي المعرفة اللذين أشرنا إليهما فيما سبق. ولا أدل على عدم تمكنه من اللغة العربية من أنه حتى في نسخه لترجمة ابن مماتي عن معجم ياقوت قد أخطأ في عشرات المواضع. ولنضرب لذلك أمثلة: "قوله ص9: قد تتوق فيها وأجيد، وصوابها تُفُوِّق فيهما وأجيد، وص14 إحدى عشرة مرة: وصوابها إحدى عشرة مرة، وص16: حُباب الحميا، وصوابها حَباب الحميا"، ثم كل تلك الأخطاء الواردة فيما ينقل من أشعار ابن مماتي، والتي لا يستقيم الوزن دونها إصلاحها، كقوله ص17:

ورأى أن يرسل الأسهم بالبرد فراشا

وصوابه بالبرد. وقوله ص17 أيضا:

وأنست الصبي الصبا وأذكرت جهنما

وصوابه: وأنست الصبا الصبا.

وقوله ص18:

قل لي أنهاك

عن مجيئك نهاك

وصوابه عن مجيك. وأمثال ذلك كثير.

وأما عن عدم إلمامه بموضوع الكتاب إلمام تخصص؛ فذلك ما يقوله الأستاذ الفاضل نفسه في مقدمته، حيث تقرأ ص43:"ولكننا لم نتعرض للشرح والتعليق على الموضوعات الفنية التي تصدى لها المؤلف.. معتمدين على الأخصائيين في إصدار مباحثهم في صدد مختلف الموضوعات في ملاحق خاصة".

ولعمري إذا كان المؤلف لا يجيد اللغة العربية، ولا هو متخصص في تاريخ العصور الوسطى في الشرق. فلماذا إذن يحرص على نشر هذ الكتاب؟! وقد كانت النتيجة أنه لم يستطع أن يعطينا نصا يمكن فهمه، ومن الواضح أننا لا نطالبه بأن يضع التعليقات الفنية في هوامش طبعته، فمن العلماء من يفضلون نشر تلك التعليقات في ملحقات خاصة، ولعله يرى هذا الرأي، ولكننا نجزم بأن نشر أي كتاب نشرا صحيحا لا يمكن بغير البحث عما يعالج من موضوعات فنية، وفهم

ص: 178

هذه الموضوعات فهما صحيحا. ومن الثابت أن العلماء الذين ينشرون تعليقاتهم الفنية في ملحقات خاصة يضعون تلك التعليقات أثناء نشرهم الكتاب، حتى إذا فرغوا من النشر، فرغوا من التعليقات في نفس الوقت، وما إصدارها في ملاحق أو إيداعها الهوامش إلا مسألة شكلية. للعلماء أن يتخيروا منها ما يشاءون.

ونحن لا نريد أن نتتبع ما في الكتاب من جمل وعبارات غير مفهومة. فهذا أمر يطول. كما لا نريد أن نجادل فيما يعتبر أخطاء لغوية قد يرى الناشر أنها ترجع إلى المؤلف، وقد نرى نحن أنها ترجع إلى الناسخ، وفي الواقع لا سبيل إلى الترجيح إلا بعد جهد، وقلما نتفق، وإنما نقف عند بعض الأمثلة التي لا تقبل جدلا؛ فمن ذلك مثلا كلمة "مركوش" ص339، 340 التي وردت في نسخة غواطة على هذا النحو، وفي طبعة الوطن بالرسم "بركوش". ولقد لاحظ الناشر نفسه في ص340 هامش 10 أن نقط شين الكلمة ساقطة من نسخة غواطة، ولو أنه كان ملما بموضعه، وقد كان درس أسماء السفن التي كانت تستخدم في الحروب الصليبية لاستنتج في سهولة أن صحة اللفظ هي "بركوس""انظر "الفتح القدسي" للعماد الأصفهاني بالقاهرة 1321هـ ص238" إذا ورد هذا اللفظ في صيغة الجمع براكيس. ومفردها كما هو واضح بركوس، كما ذكرها أبو شامة صاحب "الروضتين في أخبار الدولتين"، القاهرة 1287هـ ص238"؛ إذ ورد هذا اللفظ في صيغة الجمع براكيس، ومفردها كما هو واضح بركوس، كما ذكرها أبو شامة صاحب "الروضتين في أخبار الدولتين" "القاهرة 1287هـ ج2 ص187". ولقد كان من السهل على الدكتور سوريال الذي كتب في تاريخ الحروب الصليبية أن يفطن إلى أن الكثير من الأسماء التي أطلقها العرب على السفن في تلك الحروب أسماء أوربية الأصل مثل الجلاسة "من الإيطالية Galeazza"، والشلندي "من الفرنسية Chaland"، والغليون "من الإيطالية Galeone"، وبركوس "من الإيطالية Barque" والفرنسية وغير ذلك كثير.

ومن الأمثلة الأخرى على عدم الإلمام بالموضوع، أن الناشر الفاضل قد نقل عن دوزى في فهرست الألفاظ والمصطلحات المستعصية ص54، تحت كلمة خزانة البنود قوله:"ويعني بها أيضا سجن"، وليس هذا صحيحا. وكان من واجب الناشر أن يصلح خطأ دوزى. فخزانة البنود بمعناها اللغوي لا تؤدي هذا المعنى إطلاقا، ولكنه حدث تاريخيا أن وجد مكان بهذا الاسم، وغير استعماله وأصبح سجنا "راجع خطط المقريزي الطبعة الأهلية ج3، ص315 حيث يقول عن خزانة البنود: وكانت أولا في الدولة الفاطمية خزانة من جملة خزائن القصر يعمل فيها السلاح

ثم إنها احترقت في سنة إحدى وستين وأربعمائة، فعملت بعد حريقها سجنا يسجن فيه الأمراء والأعيان إلى أن انقرضت الدولة الفاطمية، فأقرها ملوك بني أيوب سجنا".

ص: 179

ونكتفي بهذين المثلين الواضحين للتدليل على ما يستهدف له الناشر من أخطاء، عندما يكون غير مختص بموضوع الكتاب الذي ينشر، كما رأيناه يستهدف للأخطاء اللغوية التي لا شك فيها ولا مفر من إصلاحها، عندما يكون إلمامه باللغة قاصرا.

الآن ننتقل إلى المسألة الأخيرة التي نريد أن نتحدث عنها، وهي الروح العلمية، وأكبر ظننا أن جميع القراء سيقروننا على مبدأين كبيرين يجب أن يتصف بهما العالم أولهما التواضع، وثانيهما إعطاء كل ذي حق حقه من الزملاء المعاصرين والعلماء السابقين على السواء.

فأما عن التواضع فإنه لمما يؤسفنا أن نلاحظ أن الدكتور سوريال كان أحرص مما يجب على إظهار مجهوده وقيادة القارئ إليه قسرا. وفي الكتاب أدلة يلمسها القارئ في يسر، فالناشر مثلا يقول في مقدمته عن حياة المؤلف: وأول شيء يدهش الباحث في أمرها هو خلو أغلب كتب التاريخ الأدبي من الكلام فيها والعلم بها، حتى أن "دائرة المعارف الإسلامية" المنشورة بمدينة ليدن نفسها -وهي أعظم الموسوعات في تاريخ الدراسات الإسلامية- لم تحو شيئا عن ابن مماتي؛ لهذا توجهنا إلى التنقيب في المراجع القديمة من كتب الطبقات. ووفقنا في النهاية إلى العثور على شذرات عن حياته في "وفيات الأعيان" لابن خلكان، وفي "عقد الجمان" للعيني، وفي "المواعظ والاعتبارات" للمقريزي، ولكن كل هذا لا يقارن بما ورد عن سيرته في كتاب "إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب، من تصنيف ياقوت الرومي لناشره المرحوم الأستاذ س. مرجوليوث". ومن الغريب حقا أن يشير الناشر إلى "التنقيب" وإلى "التوفيق إلى العثور في النهاية" على ترجمة لابن مماتي، مع أنه وارد في معجم ياقوت، وهذا المعجم في متناول الأيدي، وخصوصا بعد طبعة الدكتور فريد رفاعي، وهي أول ما يتجه إليه كل باحث عن التراجم، ثم نرى الناشر ينقل ترجمة ابن مماتي عن ياقوت وعن ابن خلكان إحداهما في إثر الأخرى، ونتساءل عما يدعوه إلى ذلك، وكتابا ياقوت وابن خلكان يملآن المكاتب، وهلا يرى الناشر الفاضل أننا نطمع في خير مما فعل؟ نطمع في دراسة نقدية تحليلية لهذه النصوص. واستنباط ما تجمع عليه من حقائق، مع الاكتفاء بالإشارة إلى المكان أو إيراد ما يستدل به من النصوص.

وكما يبتدئ الكتاب بهذه الروح المسرفة في إظهار الجهد حيث لا جهد، كذلك ينتهي الكتاب لسوء الحظ، فقد أورد في نهايته ثبتا سماه فهرس الاصطلاحات والألفاظ المستعصية، وننظر في هذا الفهرس فنجد إما ألفاظا أساء الناشر

ص: 180

قراءتها مثل كلمة "مركوش" السابقة الذكر، التي يثبتها الناشر مردفا إياها بقوله: نوع من المراكب، وإما ألفاظا أوضح معناها الدكتور محمد مصطفى زيادة، في فهرس الاصطلاحات الذي أثبته في الجزء الثالث من السلوك للمقريزي، وإما ألفاظا نقل الناشر معناها عن دوزى أولين، فما الذي يدعوه إذن إلى تسميتها بالمستعصية؟ وما هو جهده في تفسيرها؟ ولقد كنا ننتظر منه على الأقل أن يصحح دوزى أو يكمله ولو بالنص الذي ينشره اليوم. ولنضرب لذلك مثلا كلمة شلندي، فقد نقل عن دوزى أنه "نوع من المراكب لنقل البضائع والأمتعة"، مع أن ابن مماتي نفسه في ص340 يعرفه بقوله:"وأما الشلندي فإنه مركب مسقف تقاتل الغزاة على ظهر" معنى هذا أنه مركب حربي، ولقد كان من واجب الناشر أن يشير إلى مناقضة ابن مماتي لدوزى، وأن يفسر هذا التناقض على وجه من الوجهين الممكنين.

فالشلندي، إما أن يكون مركبا مسقفا يستخدم للبضائع أو في الحرب لرمي الرماة على السواء، وفي هذه الحالة يوفق بين دوزى وابن مماتي، وإما أن يكون استخدامه مقصورا على البضائع أو الحرب، وفي هذه الحالة يكون من واجبه أن يرجح بين زعمي الرجلين، وأن يورد أسباب ترجيحه. ولكنه لسوء الحظ لم يفعل هذا ولا ذاك، ومع ذلك يسمى فهرسه بفهرس الألفاظ المستعصية!

وأخيرا يبقى المبدأ الثاني وهو مبدأ إعطاء كل ذي حق حقه. وإنما نثير هذا لأن الناشر ينبئنا هو نفسه في ألفاظ -أحيانا واضحة وأحيانا غير واضحة- أنه قد استعان بالأستاذ محمد بك رمزي المعروف باشتغاله بجغرافية مصر التاريخية. ولقد كان اعتماده على رمزي بك فيما يظهر كبيرا، وبخاصة في الباب الثالث من الكتاب "في ذكر جملة أعمال مصر وتفصيل نواحيها"، وهذا الجزء يشغل مائة وعشرين صفحة تقريبا من متن الكتاب الذي يقع في 380ص، أي ثلث الكتاب تقريبا، ودليل اعتماده عليه قوله أنه قد اعتمد على نشر هذا الباب بنوع خاص على مخطوطتي الأزهر ومعهد دمياط، وأنه قد استخدم هذين المخطوطين عن نسختين نقلهما رمزي بك بيده؛ إذ الأصول مودعة الآن خزائن لا يسهل الوصول إليها. وإذا كان الأستاذ رمزي بك قد نقل هذين المخطوطين فهو لم يكتف بمجرد النقل، بل أعمل في قراءتهما قراءة صحيحة كل جهده، وقد ظهر هذا الجهد في تصحيح هذا الجزء من الكتاب بنوع خاص تصحيحا لم يتوافر للأجزاء الأخرى. وإنه ليحلو لنا أن نثبت أن الأمير عمر طوسون قد اعترف لرمزي بك بجهده المشكور، فقال في تقديمه للكتاب: "وقد راجع الباب الثالث وهو الخاص بتقويم

ص: 181

البلدان وصوب تحريفه، حضرة الأستاذ محمد بك رمزي، وبذل في ذلك جهدا يستحق عليه الشكر والتقدير. وأما الدكتور سوريال فقد قال:"ولما كان الباب الثالث يحتاج إلى عناية خاصة في تحقيق الأسماء الصحيحة لنواحي القطر المصري وإثباتها في النص دون غيرها، فقد راجعناه مع حضرة محمد رمزي بك مراجعة دقيقة، واستفدنا منه في الوصول إلى ضبط الكثير من الأسماء الغامضة أو المحرفة في مختلف الأصول"، ومن الواضح أن عبارة الناشر الفاضل لا تطابق تماما عبارة عمر طوسون، ولقد صرنا نطمع من الناشر الفاضل لا أن يعترف بجهد رمزي بك اعترافا صريحا كاملا فحسب؛ بل أن يضع اسمه على غلاف الكتاب مع اسمه هو. وذلك لا لأن الجزء الخاص بتقويم البلدان يشغل ثلث الكتاب فحسب؛ بل لأنه أصح أجزاء الكتاب نشرا، بدليل أن الناشر قد اعترف هو نفسه بأنه قد استطاع أن يثبت في متنه الأسماء الصحيحة دون غيرها، وهذا شيء لم يوفق إليه في أجزاء الكتاب الأخرى، مع أن من بين تلك الأجزاء ما هو مجرد سرد لأنواع من الزراعات والمكاييل والمقاييس والأشهر وما إلى ذلك. وفي استطاعة القارئ أن يراجع هوامش هذا الجزء ليرى إلى أي حد قد استفاد الناشر من مجهودات رمزي بك. مستدلا على كفاية هذا العالم الفاضل بما أثبته الناشر أخذا عن بحث رمزي بك المنشور فيه.

Memoires de L.htm'institut francais. T. LXVLLL Melanges.

Maspero. vol. LLL.P. 273-321 Le Caire. 1953.

Rectifications a l'ouvrage e d E.Amelineau: Geographie de l'Egypte al' Epoque Copte".

أي "تصويبات في كتاب المسيو أميلينو عن جغرافية مصر في العصر القبطي". ثم بحوالي سبعة وعشرين هامشا ذكر الدكتور سوريال أنها من تحقيقات رمزي بك.

ونجمل ملاحظتنا على طبعة الدكتور سوريال بأن روحها العلمية ليست سليمة. وأن أصول النشر فيها لم تراع، وبخاصة في إقامة تسلسل المخطوطات. وفي الأخذ بالمبادئ الصحيحة في قراءة النص، وبذل ما تتطلبه هذه القراءة من جهود. وأما ما أوردنا من أمثلة وتفاصيل فنرجو القارئ ألا يعتبرها على أي نحو استقصاء لما في الكتاب من أخطاء، وإنما سقناها تأييدا للقواعد العامة التي أوردناها، وهي بيت القصيد فيما كتبنا1.

1 يسرني أن أشير إلى أنني قد رجعت إلى زميلي بالمحقق الأستاذ جمال الدين الشيال مدرس التاريخ بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، لتحقيق بعض مصطلحات العصر الأيوبي الواردة في الكتاب.

ص: 182