المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في انقسام جلب المصالح ودرء المفاسد إلى فروض كفايات وفروض أعيان] - قواعد الأحكام في مصالح الأنام - جـ ١

[عز الدين بن عبد السلام]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ جَلْبِ مَصَالِحِ الدَّارَيْنِ وَدَرْءِ مَفَاسِدِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ تَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تُعْرَفُ بِهِ الْمَصَالِحُ وَالْمَفَاسِدُ وَفِي تَفَاوُتِهِمَا]

- ‌[فَائِدَةٌ قَدَّمَ الْأَوْلِيَاءُ وَالْأَصْفِيَاءُ مَصَالِحَ الْآخِرَةِ عَلَى مَصَالِحِ الدنيا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تُعْرَفُ بِهِ مَصَالِحُ الدَّارَيْنِ وَمَفَاسِدُهُمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَقَاصِدِ هَذَا الْكِتَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَائِدَةٌ سَعَى النَّاسُ فِي جَانِبِ الْأَفْرَاحِ وَاللَّذَّاتِ وَفِي دَرْءِ الْغُمُومِ الْمُؤْلِمَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَصَالِحُ ضَرْبَانِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْمَصَالِحُ الْمَحْضَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَثِّ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْأَسْبَابَ الشَّرْعِيَّةَ بِمَثَابَةِ الْأَوْقَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا رُتِّبَ عَلَى الطَّاعَاتِ وَالْمُخَالَفَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا عُرِفَتْ حِكْمَتُهُ مِنْ الْمَشْرُوعَاتِ وَمَا لَمْ تُعْرَفْ حِكْمَتُهُ مِنْ الْمَشْرُوعَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفَاوُتِ رتب الْأَعْمَال بِتَفَاوُتِ رُتَبِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَتَمَيَّزُ بِهِ الصَّغَائِرُ مِنْ الْكَبَائِرِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مَنْ قَذَفَ مُحْصَنًا قَذْفًا لَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إلَّا اللَّهَ تَعَالَى وَالْحَفَظَةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً فِي ظَنِّهِ وَلَيْسَتْ فِي الْبَاطِنِ كَبِيرَةً]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إتْيَانِ الْمَفَاسِدِ ظَنًّا أَنَّهَا مِنْ الْمَصَالِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ فَعَلَ مَا يَظُنُّهُ قُرْبَةً أَوْ وَاجِبًا وَهُوَ مَفْسَدَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَقْسِيمِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَفَاوُتِ رُتَبِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ وَتَسَاوِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَفَاوَتُ أَجْرُهُ بِتَفَاوُتِ تَحَمُّلِ مَشَقَّتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَسَاوِي الْعُقُوبَاتِ الْعَاجِلَةِ مَعَ تَفَاوُتِ الْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْقِسَامِ الْمَصَالِحِ إلَى الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْقِسَامِ الْمَفَاسِدِ إلَى الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ]

- ‌[فَائِدَةٌ إذَا عَظُمَتْ الْمَصْلَحَةُ أَوْجَبَهَا الرَّبُّ فِي كُلِّ شَرِيعَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفَاوُتِ الْأَعْمَالِ مَعَ تَسَاوِيهَا بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ وَالْأَزْمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفْضِيلِ مَكَّةَ عَلَى الْمَدِينَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْقِسَامِ جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ إلَى فُرُوضِ كِفَايَاتٍ وَفُرُوضِ أَعْيَانٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْقِسَامِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ إلَى الْوَسَائِلِ وَالْمَقَاصِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ رُتَبِ الْمَصَالِحِ]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي مَصَالِحِ الْمُبَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَقْسِيم الْمَصَالِحُ وَالْمَفَاسِدُ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَخْفَى مِنْ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ مِنْ غَيْرِ تَعَبُّدٍ]

- ‌[قَاعِدَةٌ فِي الْمُوَازَنَةِ بَيْنَ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ الْمَصَالِحِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ الْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ مِنْ الْوِلَايَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَنْفِيذِ تَصَرُّفَاتِ الْبُغَاةِ وَأَئِمَّةِ الْجَوْرِ لِمَا وَافَقَ الْحَقَّ لِضَرُورَةِ الْعَامَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَقَيُّدِ الْعَزْلِ بِالْأَصْلَحِ لِلْمُسْلِمِينَ فَالْأَصْلَحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَصَرُّفِ الْآحَادِ فِي الْأَمْوَالِ الْعَامَّةِ عِنْدَ جَوْرِ الْأَئِمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ أَخْذُهُ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُعَامَلَةِ مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِي يَدِهِ حَرَامٌ]

- ‌[قَاعِدَةٌ فِي تَعَذُّرِ الْعَدَالَةِ فِي الْوِلَايَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَقْدِيمِ الْمَفْضُولِ عَلَى الْفَاضِلِ بِالزَّمَانِ إذَا اتَّسَعَ وَقْتُ الْفَاضِلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَسَاوِي الْمَصَالِحِ مَعَ تَعَذُّرِ جَمْعِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقْرَاعِ عِنْدَ تَسَاوِي الْحُقُوقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُ مَصْلَحَتِهِ إلَّا بِإِفْسَادِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ الْمَفَاسِدِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ الْمَصَالِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ الْمَصَالِحِ مَعَ الْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَائِدَةٌ إذَا قَذَفَ امْرَأَةً عِنْدَ الْحَاكِمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْوَسَائِلِ إلَى الْمَصَالِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ وَسَائِلِ الْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ اخْتِلَافُ الْآثَارِ بِاخْتِلَافِ الْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُؤْجَرُ عَلَى قَصْدِهِ دُونَ فِعْلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ مِنْ الْأَفْعَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ حُسْنِ الصِّفَاتِ وَمَا لَا يُثَابُ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُعَاقَبُ مِنْ قُبْحِ الصِّفَاتِ وَمَا لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ الْعُلُومِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُثَابُ عَلَيْهِ الْعَالِمُ وَالْحَاكِمُ وَمَا لَا يُثَابَانِ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُثَابُ عَلَيْهِ الْمُتَنَاظِرَانِ وَمَا لَا يُثَابَانِ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفْضِيلِ الْحُكَّامِ عَلَى الْمُفْتِينَ وَالْأَئِمَّةِ عَلَى الْحُكَّامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْجَوْرِ وَالْعَدْلِ فِي وِلَايَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُثَابُ عَلَيْهِ الشُّهُودُ وَمَا لَا يُثَابُونَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْإِخْلَاصِ فِي الْعِبَادَاتِ وَأَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الرِّيَاءِ فِي الْعِبَادَاتِ وَأَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ التَّسْمِيعِ فِي الْعِبَادَاتِ وَأَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَعْمَالُ الْقُلُوبِ وَطَاعَتُهَا مَصُونَةٌ مِنْ الرِّيَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْإِعَانَةَ عَلَى الْأَدْيَانِ وَطَاعَةَ الرَّحْمَنِ لَيْسَتْ شِرْكًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفَاوُتِ فَضْلِ الْإِسْرَارِ وَالْإِعْلَانِ بِالطَّاعَاتِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ فِي بَيَانِ الْحُقُوقِ الْخَالِصَةِ وَالْمُرَكَّبَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مَا مِنْ حَقٍّ لِلْعِبَادِ يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِمْ إلَّا وَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ الضَّرْبِ الثَّانِي مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْقِسَامِ الْحُقُوقِ إلَى الْمُتَفَاوِتِ وَالْمُتَسَاوِي وَالْمُخْتَلَفِ فِيهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَتَسَاوَى مِنْ حُقُوقِ الرَّبِّ فَيَتَخَيَّرُ فِيهِ الْعَبْدُ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا اخْتَلَفَ فِي تَفَاوُتِهِ وَتَسَاوِيهِ مِنْ حُقُوقِ الْإِلَهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِيمَا يُقَدَّمُ مِنْ حُقُوقِ بَعْضِ الْعِبَادِ عَلَى بَعْضٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِيمَا يَتَسَاوَى مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ فَيَتَخَيَّرُ فِيهِ الْمُكَلَّفُ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِيمَا يَتَقَدَّمُ مِنْ حُقُوقِ الرَّبِّ عَلَى حُقُوقِ عِبَادِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِيمَا يَتَقَدَّمُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ عَلَى حُقُوقِ الرَّبِّ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِيمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ تَقْدِيمِ حُقُوقِ اللَّهِ عَلَى حُقُوقِ عِبَادِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ الطَّاعَاتِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ فِي الْجَوَابِرِ وَالزَّوَاجِرِ]

- ‌[فَائِدَةٌ سَجْدَتَا السَّهْوِ جَبْرٌ مِنْ وَجْهٍ وَزَجْرٌ لِلشَّيْطَانِ مِنْ وَجْهٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّمَاثُلُ مِنْ الزَّوَاجِرِ وَمَا لَا يُشْتَرَطُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مُتَعَلِّقَاتِ حُقُوقِ اللَّهِ عز وجل وَمَحَالِّهَا]

- ‌[قَاعِدَةٌ فِي بَيَانِ مُتَعَلِّقَاتِ الْأَحْكَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ مِنْ الْأَبْدَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ مِنْ الْجَوَارِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ مِنْ الْحَوَاسِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الطَّاعَاتُ مِنْ الْأَمْوَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَمَاكِنِ مِنْ الطَّاعَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَزْمَانِ مِنْ الطَّاعَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَنْوِيعِ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ]

الفصل: ‌[فصل في انقسام جلب المصالح ودرء المفاسد إلى فروض كفايات وفروض أعيان]

فِيهَا عَلَى نِيَّةِ الْجِهَادِ - فَيُثَابُ حَاضِرُوهَا عَلَى نِيَّةِ الْجِهَادِ - وَعَلَى التَّسَبُّبِ إلَيْهِ بِالْإِقَامَةِ فِيهَا، وَكَذَلِكَ حِرَاسَتُهَا مِمَّنْ يَقْصِدُهَا مِنْ الْكُفَّارِ.

وَأَمَّا فَضِيلَةُ الْمَسَاجِدِ فَلَيْسَتْ رَاجِعَةً إلَى أَجْرَامِهَا وَلَا إلَى أَعْرَاضٍ قَامَتْ بِأَجْرَامِهَا، وَإِنَّمَا تَرْجِعُ فَضِيلَتُهَا إلَى مَقْصُودِهَا مِنْ إقَامَةِ الْجَمَاعَاتِ وَالْجُمُعَاتِ فِيهَا.

وَكَذَلِكَ الِاعْتِكَافُ فِيهَا، وَكَذَلِكَ مُنِعَ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِيهَا، وَإِيدَاعُ الْأَمَاكِنِ وَالْأَزْمَانِ لِهَذِهِ الْفَضَائِلِ كَإِيدَاعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ النُّبُوَّةَ وَالرِّسَالَةَ لَيْسَ إلَّا جُودًا مِنْ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ قَالَتْ الرُّسُلُ لِقَوْمِهِمْ:{إِنْ نَحْنُ إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [إبراهيم: 11] .

وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَوْصَافِ الشِّرَافِ لَمْ يَضَعْهَا الرَّبُّ سبحانه وتعالى فِيمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِمَعْنَى اقْتَضَاهَا وَاسْتَدْعَاهَا، بَلْ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ.

وَكَذَلِكَ مَا مَنَّ بِهِ مِنْ الْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ وَحُسْنِ الْأَخْلَاقِ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إلَّا فَضْلًا مِنْ فَضْلِهِ وَجُودًا مِنْ جُودِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، فَكَذَلِكَ الْأَمَاكِنُ وَالْأَزْمَانُ أَوْدَعَ اللَّهُ فِي بَعْضِهَا فَضْلًا لَا وُجُودَ لَهُ فِي غَيْرِهَا، مَعَ الْقَطْعِ بِالتَّمَاثُلِ وَالْمُسَاوَاةِ، وَكَذَلِكَ الْأَجْسَامُ الَّتِي فَضُلَتْ بِأَعْرَاضِهَا كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَسَائِرِ الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ.

[فَصْلٌ فِي انْقِسَامِ جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ إلَى فُرُوضِ كِفَايَاتٍ وَفُرُوضِ أَعْيَانٍ]

اعْلَمْ أَنَّ الْمَصَالِحَ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ لِعِظَمِ الْمَصْلَحَةِ فِي فِعْلِهِ، وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ لِعِظَمِ الْمَفْسَدَةِ فِي تَرْكِهِ وَهُوَ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ كَتَعَلُّمِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الزَّائِدَةِ عَلَى مَا يَتَعَيَّنُ تَعَلُّمُهُ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ إلَى نَيْلِ رُتْبَةِ الْفُتْيَا، وَكَجِهَادِ الطَّلَبِ وَجِهَادِ الدَّفْعِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّينَ، وَكُسْوَةِ الْعَارِينَ وَإِغَاثَةِ الْمُسْتَغِيثِينَ، وَالْفَتَاوَى وَالْأَحْكَامِ بَيْنَ ذَوِي الِاخْتِصَامِ، وَالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى وَالشَّهَادَاتِ، وَتَجْهِيزِ الْأَمْوَاتِ، وَإِعَانَةِ الْأَئِمَّةِ وَالْحُكَّامِ وَحِفْظِ الْقُرْآنِ.

وَالثَّانِي: فَرْضٌ

ص: 50

عَلَى الْأَعْيَانِ كَتَعَلُّمِ مَا يَتَعَيَّنُ تَعَلُّمُهُ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ، وَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَأَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ عِبَادَاتِ الْأَعْيَانِ، وَكَذَلِكَ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَالصَّلَوَاتُ وَالزَّكَاةُ وَالصِّيَامُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَقْصُودَ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ تَحْصِيلُ الْمَصَالِحِ وَدَرْءُ الْمَفَاسِدِ دُونَ ابْتِلَاءِ الْأَعْيَانِ بِتَكْلِيفِهِ، وَالْمَقْصُودُ بِتَكْلِيفِ الْأَعْيَانِ حُصُولُ الْمَصْلَحَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ عَلَى حِدَتِهِ، لِتَظْهَرَ طَاعَتُهُ أَوْ مَعْصِيَتُهُ، فَلِذَلِكَ لَا يَسْقُطُ فَرْضُ الْعَيْنِ إلَّا بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ بِهِ، وَيَسْقُطُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِفِعْلِ الْقَائِمِينَ بِهِ دُونَ مَنْ كُلِّفَ بِهِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ.

أَمَّا سُقُوطُهُ عَنْ فَاعِلِيهِ فَلِأَنَّهُمْ قَامُوا بِتَحْصِيلِ مَصْلَحَتِهِ، وَأَمَّا سُقُوطُهُ عَنْ الْبَاقِينَ فَلِتَعَذُّرِ التَّكْلِيفِ بِهِ وَالتَّكْلِيفُ تَارَةً يَسْقُطُ بِالِامْتِثَالِ، وَتَارَةً يَسْقُطُ بِتَعَذُّرِ الِامْتِثَالِ، فَإِذَا خَاضَ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِهِ ثُمَّ لَحِقَهُ آخَرُونَ قَبْلَ تَحْصِيلِ مَصْلَحَتِهِ، كَانَ مَا فَعَلُوهُ فَرْضًا وَإِنْ حَصَلَتْ الْكِفَايَةُ بِغَيْرِهِمْ، لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ لَمْ تَحْصُلْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ: أَحَدُهَا: أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْعَدُوِّ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِدَفْعِهِمْ ثُمَّ يَلْحَقُ بِهِمْ آخَرُونَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ، فَيُكْتَبُ لَهُمْ أَجْرُ الْفَرْضِ، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ رُتَبُهُمْ فِي الثَّوَابِ بِقِلَّةِ الْعَمَلِ وَكَثْرَتِهِ.

الْمِثَالُ الثَّانِي: أَنْ يَقُومَ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ أَوْ تَكْفِينِهِ أَوْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَوْ حَمْلِهِ أَوْ دَفْنِهِ مَنْ تَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ، ثُمَّ يَلْحَقُهُمْ مَنْ يُشَارِكُهُمْ فِي ذَلِكَ، فَيَكُونُ لَهُ أَجْرُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَلَى قَدْرِ عَمَلِهِ.

الْمِثَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يَشْتَغِلَ بِعِلْمِ الشَّرْعِ مَنْ تَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ الْوَاجِبَةُ، ثُمَّ يَلْحَقُ بِهِمْ مَنْ يَشْتَغِلُ بِهِ فَيَكُونُ مُفْتَرِضًا لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ لَمْ تَكْمُلْ بَعْدُ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ ثَانِيًا مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهَا أَوَّلًا بَعْدَ إسْقَاطِ فَرْضِهَا فِي الْحُكْمِ لَكَانَتْ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ فَرْضًا عِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِأَنَّهَا فَرْضٌ مَعَ سُقُوطِ الْفَرْضِ بِصَلَاةِ السَّابِقِينَ، وَلَيْسَ هَذَا

ص: 51

كَاللَّاحِقِينَ فِي الصَّلَاةِ، لِأَنَّ مَصْلَحَةَ الْفَرْضِ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِالتَّحَلُّلِ مِنْ الصَّلَاةِ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ جَمِيعَ مَصَالِحِ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ إذَا أُتِيَ بِهَا فَقَدْ دَخَلَتْ فِي الْوُجُودِ قَطْعًا وَلَا يَغْلِبُ ذَلِكَ عَلَى الظَّنِّ، وَمَصْلَحَةُ فَرْضِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ لَا يُقْطَعُ بِدُخُولِهَا فِي الْوُجُودِ، لِأَنَّ مَقْصُودَهَا الْأَعْظَمَ إجَابَةُ الدُّعَاءِ وَهُوَ غَيْبٌ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ، فَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يُقْبَلَ دُعَاءُ مَنْ تَقَدَّمَ إلَى الصَّلَاةِ فَتَكُونُ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ مُحَصِّلَةً لِلْمَصْلَحَةِ الَّتِي هِيَ إجَابَةُ الدُّعَاءِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مَنْ هَهُنَا مِنْ ظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ - إذَا صَلَّى عَلَيْهِ الْأَبْرَارُ - أَنْ يَتَحَقَّقَ فِي الْبَاطِنِ، بِخِلَافِ مَصَالِحِ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ فَإِنَّهَا تَتَحَقَّقُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَلِذَلِكَ يُكَرَّرُ الدُّعَاءُ عَلَى الْمَطْلُوبِ الْوَاحِدِ كَدُعَاءِ الْفَاتِحَةِ وَالْقُنُوتِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ يُكَرَّرُ التَّسْلِيمُ وَالتَّرَحُّمُ عَلَى الْأَمْوَاتِ، وَلَوْ عُلِمَتْ الْإِجَابَةُ لَكَانَ الدُّعَاءُ عَبَثًا، وَكَذَلِكَ تَكْرِيرُ التَّسْلِيمِ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَالِافْتِرَاقِ مَعَ كَوْنِهِ دُعَاءً بِكُلِّ سَلَامَةٍ.

وَكَذَلِكَ كَرَّرَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم الِاسْتِغْفَارَ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ سَبْعِينَ مَرَّةً أَوْ مِائَةَ مَرَّةٍ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا يَسْتَغْفِرُ مِنْهُ بَلْ لِلْإِلْحَاحِ فِي الِاسْتِغْفَارِ عَلَى تَقْصِيرٍ وَاحِدٍ أَوْ تَقْصِيرَيْنِ وَاَللَّهُ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ.

فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ أُمِرَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بِالِاسْتِغْفَارِ مَعَ وَعْدِهِ بِغُفْرَانِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قُلْنَا وُعِدَ بِغُفْرَانٍ مَبْنِيٍّ عَلَى اسْتِغْفَارِهِ كَمَا وُعِدَ الْمُؤْمِنُونَ بِنَعِيمِ الْجِنَانِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الطَّاعَاتِ وَالْإِيمَانِ.

فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا وَجَبَ تَكْرِيرُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ حُصُولُ الْإِجَابَةِ؟ قُلْنَا لَا تُكَرَّرُ لِمَا فِي التَّكْرِيرِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَلَا ضَابِطَ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ فِي ذَلِكَ. فَإِنْ قِيلَ. إذًا بَعُدَ سُقُوطُ الْفَرْضِ بِصَلَاةِ الْفَجَرَةِ الَّذِينَ نُبْعِدُ إجَابَةَ دُعَائِهِمْ فَهَلَّا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُصَلُّونَ بَرَرَةً يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ قَبُولُ دُعَائِهِمْ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْبَرَرَةَ لَا يُتَيَسَّرُونَ فِي أَوْقَاتِ حُضُورِ الْجَنَائِزِ

ص: 52