المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل فيما يتعلق به الثواب والعقاب من الأفعال] - قواعد الأحكام في مصالح الأنام - جـ ١

[عز الدين بن عبد السلام]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ جَلْبِ مَصَالِحِ الدَّارَيْنِ وَدَرْءِ مَفَاسِدِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ تَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تُعْرَفُ بِهِ الْمَصَالِحُ وَالْمَفَاسِدُ وَفِي تَفَاوُتِهِمَا]

- ‌[فَائِدَةٌ قَدَّمَ الْأَوْلِيَاءُ وَالْأَصْفِيَاءُ مَصَالِحَ الْآخِرَةِ عَلَى مَصَالِحِ الدنيا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تُعْرَفُ بِهِ مَصَالِحُ الدَّارَيْنِ وَمَفَاسِدُهُمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَقَاصِدِ هَذَا الْكِتَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَائِدَةٌ سَعَى النَّاسُ فِي جَانِبِ الْأَفْرَاحِ وَاللَّذَّاتِ وَفِي دَرْءِ الْغُمُومِ الْمُؤْلِمَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَصَالِحُ ضَرْبَانِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْمَصَالِحُ الْمَحْضَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَثِّ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْأَسْبَابَ الشَّرْعِيَّةَ بِمَثَابَةِ الْأَوْقَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا رُتِّبَ عَلَى الطَّاعَاتِ وَالْمُخَالَفَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا عُرِفَتْ حِكْمَتُهُ مِنْ الْمَشْرُوعَاتِ وَمَا لَمْ تُعْرَفْ حِكْمَتُهُ مِنْ الْمَشْرُوعَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفَاوُتِ رتب الْأَعْمَال بِتَفَاوُتِ رُتَبِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَتَمَيَّزُ بِهِ الصَّغَائِرُ مِنْ الْكَبَائِرِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مَنْ قَذَفَ مُحْصَنًا قَذْفًا لَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إلَّا اللَّهَ تَعَالَى وَالْحَفَظَةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً فِي ظَنِّهِ وَلَيْسَتْ فِي الْبَاطِنِ كَبِيرَةً]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إتْيَانِ الْمَفَاسِدِ ظَنًّا أَنَّهَا مِنْ الْمَصَالِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ فَعَلَ مَا يَظُنُّهُ قُرْبَةً أَوْ وَاجِبًا وَهُوَ مَفْسَدَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَقْسِيمِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَفَاوُتِ رُتَبِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ وَتَسَاوِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَفَاوَتُ أَجْرُهُ بِتَفَاوُتِ تَحَمُّلِ مَشَقَّتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَسَاوِي الْعُقُوبَاتِ الْعَاجِلَةِ مَعَ تَفَاوُتِ الْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْقِسَامِ الْمَصَالِحِ إلَى الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْقِسَامِ الْمَفَاسِدِ إلَى الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ]

- ‌[فَائِدَةٌ إذَا عَظُمَتْ الْمَصْلَحَةُ أَوْجَبَهَا الرَّبُّ فِي كُلِّ شَرِيعَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفَاوُتِ الْأَعْمَالِ مَعَ تَسَاوِيهَا بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ وَالْأَزْمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفْضِيلِ مَكَّةَ عَلَى الْمَدِينَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْقِسَامِ جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ إلَى فُرُوضِ كِفَايَاتٍ وَفُرُوضِ أَعْيَانٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْقِسَامِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ إلَى الْوَسَائِلِ وَالْمَقَاصِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ رُتَبِ الْمَصَالِحِ]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي مَصَالِحِ الْمُبَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَقْسِيم الْمَصَالِحُ وَالْمَفَاسِدُ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَخْفَى مِنْ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ مِنْ غَيْرِ تَعَبُّدٍ]

- ‌[قَاعِدَةٌ فِي الْمُوَازَنَةِ بَيْنَ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ الْمَصَالِحِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ الْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ مِنْ الْوِلَايَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَنْفِيذِ تَصَرُّفَاتِ الْبُغَاةِ وَأَئِمَّةِ الْجَوْرِ لِمَا وَافَقَ الْحَقَّ لِضَرُورَةِ الْعَامَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَقَيُّدِ الْعَزْلِ بِالْأَصْلَحِ لِلْمُسْلِمِينَ فَالْأَصْلَحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَصَرُّفِ الْآحَادِ فِي الْأَمْوَالِ الْعَامَّةِ عِنْدَ جَوْرِ الْأَئِمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ أَخْذُهُ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُعَامَلَةِ مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِي يَدِهِ حَرَامٌ]

- ‌[قَاعِدَةٌ فِي تَعَذُّرِ الْعَدَالَةِ فِي الْوِلَايَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَقْدِيمِ الْمَفْضُولِ عَلَى الْفَاضِلِ بِالزَّمَانِ إذَا اتَّسَعَ وَقْتُ الْفَاضِلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَسَاوِي الْمَصَالِحِ مَعَ تَعَذُّرِ جَمْعِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقْرَاعِ عِنْدَ تَسَاوِي الْحُقُوقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُ مَصْلَحَتِهِ إلَّا بِإِفْسَادِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ الْمَفَاسِدِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ الْمَصَالِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ الْمَصَالِحِ مَعَ الْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَائِدَةٌ إذَا قَذَفَ امْرَأَةً عِنْدَ الْحَاكِمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْوَسَائِلِ إلَى الْمَصَالِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ وَسَائِلِ الْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ اخْتِلَافُ الْآثَارِ بِاخْتِلَافِ الْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُؤْجَرُ عَلَى قَصْدِهِ دُونَ فِعْلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ مِنْ الْأَفْعَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ حُسْنِ الصِّفَاتِ وَمَا لَا يُثَابُ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُعَاقَبُ مِنْ قُبْحِ الصِّفَاتِ وَمَا لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ الْعُلُومِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُثَابُ عَلَيْهِ الْعَالِمُ وَالْحَاكِمُ وَمَا لَا يُثَابَانِ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُثَابُ عَلَيْهِ الْمُتَنَاظِرَانِ وَمَا لَا يُثَابَانِ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفْضِيلِ الْحُكَّامِ عَلَى الْمُفْتِينَ وَالْأَئِمَّةِ عَلَى الْحُكَّامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْجَوْرِ وَالْعَدْلِ فِي وِلَايَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُثَابُ عَلَيْهِ الشُّهُودُ وَمَا لَا يُثَابُونَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْإِخْلَاصِ فِي الْعِبَادَاتِ وَأَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الرِّيَاءِ فِي الْعِبَادَاتِ وَأَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ التَّسْمِيعِ فِي الْعِبَادَاتِ وَأَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَعْمَالُ الْقُلُوبِ وَطَاعَتُهَا مَصُونَةٌ مِنْ الرِّيَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْإِعَانَةَ عَلَى الْأَدْيَانِ وَطَاعَةَ الرَّحْمَنِ لَيْسَتْ شِرْكًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفَاوُتِ فَضْلِ الْإِسْرَارِ وَالْإِعْلَانِ بِالطَّاعَاتِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ فِي بَيَانِ الْحُقُوقِ الْخَالِصَةِ وَالْمُرَكَّبَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مَا مِنْ حَقٍّ لِلْعِبَادِ يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِمْ إلَّا وَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ الضَّرْبِ الثَّانِي مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْقِسَامِ الْحُقُوقِ إلَى الْمُتَفَاوِتِ وَالْمُتَسَاوِي وَالْمُخْتَلَفِ فِيهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَتَسَاوَى مِنْ حُقُوقِ الرَّبِّ فَيَتَخَيَّرُ فِيهِ الْعَبْدُ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا اخْتَلَفَ فِي تَفَاوُتِهِ وَتَسَاوِيهِ مِنْ حُقُوقِ الْإِلَهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِيمَا يُقَدَّمُ مِنْ حُقُوقِ بَعْضِ الْعِبَادِ عَلَى بَعْضٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِيمَا يَتَسَاوَى مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ فَيَتَخَيَّرُ فِيهِ الْمُكَلَّفُ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِيمَا يَتَقَدَّمُ مِنْ حُقُوقِ الرَّبِّ عَلَى حُقُوقِ عِبَادِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِيمَا يَتَقَدَّمُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ عَلَى حُقُوقِ الرَّبِّ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِيمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ تَقْدِيمِ حُقُوقِ اللَّهِ عَلَى حُقُوقِ عِبَادِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ الطَّاعَاتِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ فِي الْجَوَابِرِ وَالزَّوَاجِرِ]

- ‌[فَائِدَةٌ سَجْدَتَا السَّهْوِ جَبْرٌ مِنْ وَجْهٍ وَزَجْرٌ لِلشَّيْطَانِ مِنْ وَجْهٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّمَاثُلُ مِنْ الزَّوَاجِرِ وَمَا لَا يُشْتَرَطُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مُتَعَلِّقَاتِ حُقُوقِ اللَّهِ عز وجل وَمَحَالِّهَا]

- ‌[قَاعِدَةٌ فِي بَيَانِ مُتَعَلِّقَاتِ الْأَحْكَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ مِنْ الْأَبْدَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ مِنْ الْجَوَارِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ مِنْ الْحَوَاسِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الطَّاعَاتُ مِنْ الْأَمْوَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَمَاكِنِ مِنْ الطَّاعَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَزْمَانِ مِنْ الطَّاعَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَنْوِيعِ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ]

الفصل: ‌[فصل فيما يتعلق به الثواب والعقاب من الأفعال]

الصَّلَاةِ.

وَأَمَّا مَا يَقِفُ عَلَى الطَّهَارَةِ وَعَلَى دُخُولِ الْوَقْتِ، فَلَا يُثَابُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ خَطَأٌ مُحَرَّمٌ لَوْ شَعَرَ بِهِ.

وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي صَلَاةِ الْجُنُبِ فَفِي الثَّوَابِ عَلَيْهَا نَظَرٌ مَأْخَذُهُ النَّظَرُ فِي تَعَذُّرِ الْجِهَةِ، كَمَا فِي الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ قَالَ عليه السلام: «إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» ، فَهَذِهِ كَانَ بِمَثَابَتِهِ؟ قُلْنَا: لَا يُثَابُ الْمُجْتَهِدُ عَلَى خَطَئِهِ وَإِنَّمَا ثَوَابُهُ عَلَى اجْتِهَادِهِ وَقَصْدِهِ فَكَذَلِكَ هَهُنَا، وَإِذْ أَصَابَ الْمُجْتَهِدُ فَلَهُ أَجْرٌ عَلَى قَصْدِهِ وَأَجْرٌ عَلَى إصَابَتِهِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا إذَا وَافَقَ الظَّاهِرُ الْبَاطِنَ فِي جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ.

فَإِنْ قِيلَ: لَوْ فَعَلَ الْمُكَلَّفُ مَا هُوَ مَفْسَدَةٌ فِي ظَنِّهِ وَاعْتِقَادِهِ، وَلَيْسَ بِمَفْسَدَةٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَهَلْ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ عِقَابَ مَنْ عَصَى اللَّهَ بِتَحْقِيقِ الْمَفْسَدَةِ؟ فَالْجَوَابُ أَلَّا يُعَاقَبَ إلَّا عَلَى جُرْأَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ دُونَ تَحْقِيقِهِ الْمَفْسَدَةَ، لِأَنَّ الْأَوْزَارَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ صِغَرِ الْمَفَاسِدِ وَكِبَرِهَا، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ الْمَفَاسِدَ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا، إذْ لَا تَعْظِيمَ فِيهَا لِلرَّبِّ وَلَا مَصْلَحَةَ فِيهَا لِعِبَادِهِ، بَلْ هِيَ ضَارَّةٌ لِلْعِبَادِ كَمَا ذَكَرْنَاهَا فِي رَجْمِ مَنْ لَا يَجُوزُ رَجْمُهُ، وَقَتْلِ مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَأَخْذِ مَا لَا يَجُوزُ أَخْذُهُ، وَتَسْلِيمِ مَنْ لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُهُ؛ كَتَسْلِيمِ الْجَارِيَةِ وَالزَّوْجَةِ بِمَا بُعِثَ فِي الظَّاهِرِ مِنْ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ عَلَى خِلَافِ الْبَاطِنِ.

[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ مِنْ الْأَفْعَالِ]

ِ لَا يُثَابُ الْإِنْسَانُ وَلَا يُعَاقَبُ إلَّا عَلَى كَسْبِهِ وَإِكْسَابِهِ. وَلَا يَكُونُ إلَّا بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ بِسَبَبٍ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور: 16]، وَقَالَ:{وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] ، أَيْ لَيْسَ لَهُ إلَّا

ص: 134

جَزَاءُ سَعْيِهِ، وَقَالَ:{وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: 164] ، وَلِأَنَّ الْغَرَضَ بِالتَّكَالِيفِ تَعْظِيمُ الْإِلَهِ بِطَاعَتِهِ وَاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ، وَذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِفَاعِلِيهِ، إذْ لَا يَكُونُ مُعْظَمُ الْمُحَرَّمَاتِ مُنْتَهِكًا لَهَا بِانْتِهَاكِ غَيْرِهِ، وَلَا مُنْتَهِكُ الْمُحَرَّمَاتِ مُعَظِّمًا لَهَا بِتَعْظِيمِ غَيْرِهِ، فَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ فِي الْمَعَاصِي وَالْمُخَالَفَاتِ، وَلَا فِي الطَّاعَاتِ الْبَدَنِيَّاتِ، إلَّا مَا اسْتَثْنَى مِنْ الطَّاعَاتِ كَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالصَّوْمِ وَالصَّدَقَاتِ رَحْمَةً لِلْعَاجِزِينَ بِتَحْصِيلِ ثَوَابِ هَذِهِ الْقُرُبَاتِ، وَلِلنَّائِبِينَ عَنْهُمْ بِالتَّسَبُّبِ إلَى إنَالَةِ ثَوَابِ هَذِهِ الطَّاعَاتِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام: «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ؛ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ» ، وَمَعْنَاهُ انْقَطَعَ أَجْرُ عَمَلِهِ أَوْ ثَوَابُ عَمَلِهِ فَهَذَا عَلَى وَفْقِ الْقَاعِدَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ كَسْبِهِ، فَإِنَّ الْعِلْمَ الْمُنْتَفَعَ بِهِ مِنْ كَسْبِهِ فَجُعِلَ لَهُ ثَوَابُ التَّسَبُّبِ إلَى تَعْلِيمِ هَذَا الْعِلْمِ.

وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ الْجَارِيَةُ تُحْمَلُ عَلَى الْوَقْفِ وَعَلَى الْوَصِيَّةِ بِمَنَافِعِ دَارِهِ وَثِمَارِ بُسْتَانِهِ عَلَى الدَّوَامِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ كَسْبِهِ، لِتَسَبُّبِهِ إلَيْهِ، فَكَانَ لَهُ أَجْرُ التَّسَبُّبِ، وَلَيْسَ الدُّعَاءُ مَخْصُوصًا بِالْوَلَدِ، بَلْ الدُّعَاءُ شَفَاعَةٌ جَائِزَةٌ مِنْ الْأَقَارِبِ وَالْأَجَانِبِ، وَلَيْسَتْ مُسْتَثْنَاةً مِنْ هَذِهِ، لِأَنَّ ثَوَابَ الدُّعَاءِ لِلدَّاعِي وَالْمَدْعُوُّ بِهِ حَاصِلٌ لِلْمَدْعُوِّ لَهُ، فَإِنْ طَلَبَ لَهُ الْمَغْفِرَةَ وَالرَّحْمَةَ كَانَتْ الْمَغْفِرَةُ وَالرَّحْمَةُ مَخْصُوصَيْنِ بِالْمَدْعُوِّ لَهُ، وَثَوَابُ الدُّعَاءِ لِلدَّاعِي، كَمَا لَوْ شَفَعَ إنْسَانٌ لِفَقِيرٍ فِي كِسْوَةٍ أَوْ فِي الْعَفْوِ عَنْ زَلَّةٍ، كَانَتْ لِلشَّافِعِ ثَوَابُ الشَّفَاعَةِ فِي الْعَفْوِ وَالْكِسْوَةِ، وَكَانَتْ مَصْلَحَةُ الْعَفْوِ وَالْكِسْوَةِ لِلْفَقِيرِ.

وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ الْجَهَلَةِ أَنَّ الْمُصَابَ مَأْجُورٌ عَلَى مُصِيبَتِهِ، وَهَذَا خَطَأٌ صَرِيحٌ فَإِنَّ الْمَصَائِبَ لَيْسَتْ مِنْ كَسْبِهِ بِمُبَاشَرَةٍ وَلَا تَسَبُّبٍ، فَمَنْ قُتِلَ وَلَدُهُ أَوْ غُصِبَ مَالُهُ أَوْ أُصِيبَ بِبَلَاءٍ فِي جَسَدِهِ، فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَصَائِبُ مِنْ كَسْبِهِ وَلَا تَسَبُّبِهِ حَتَّى يُؤْجَرَ عَلَيْهَا، بَلْ إنْ صَبَرَ عَلَيْهَا كَانَ لَهُ أَجْرُ الصَّابِرِينَ وَإِنْ

ص: 135

رَضِيَ بِهَا كَانَ لَهُ أَجْرُ الرَّاضِينَ وَلَا يُؤْجَرُ عَلَى نَفْسِ الْمُصِيبَةِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عَمَلِهِ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى:{إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور: 16] ، كَيْفَ وَالْمَصَائِبُ الدُّنْيَوِيَّةُ عُقُوبَاتٌ عَلَى الذُّنُوبِ، وَالْعُقُوبَةُ لَيْسَتْ ثَوَابًا، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30] ، وَقَوْلُهُ عليه السلام. «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُشَاكُ شَوْكَةً فَمَا دُونَهَا إلَّا قُصَّ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ» ، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«لَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنُ مِنْ وَصَبٍ وَلَا نَصَبٍ حَتَّى الْهَمِّ يَهُمُّهُ وَالشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إلَّا كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ» .

فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ عليه السلام «مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ» ، عَلَى تَقْدِيرِ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ صَبْرِهِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] . هَذَا فِي الْمَصَائِبِ الَّتِي لَا تَسَبُّبَ لَهُ إلَيْهَا.

وَأَمَّا مَا تَسَبَّبَ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ السَّيِّئَاتِ كُتِبَ عَلَيْهِ وَأُخِذَ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَإِنَّ مَنْ جَرَحَ إنْسَانًا فَسَرَى الْجِرَاحُ إلَى نَفْسِهِ كَانَ وِزْرُ الْقَتْلِ وَقِصَاصُهُ وَدِيَتُهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَلْقَى عَلَى إنْسَانٍ حَجَرًا ثُمَّ مَاتَ الْمُلْقِي قَبْلَ وُصُولِ الْحَجَرِ عَلَى الْمُلْقَى عَلَيْهِ فَهَلَكَ بِذَلِكَ الْحَجَرِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُلْقِي، فَإِنَّهُ يَأْثَمُ إثْمَ الْقَاتِلِينَ الْعَامِدِينَ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، مَعَ كَوْنِ الْقَتْلِ وَقَعَ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْ التَّكْلِيفِ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَتْلُ مُسَبَّبًا عَنْ إلْقَائِهِ، قُدِّرَ كَأَنَّهُ قَتَلَهُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ إلْقَائِهِ وَإِنْ كَانَ مَا يَتَسَبَّبُ إلَيْهِ مِنْ الْحَسَنَاتِ أُجِرَ عَلَيْهِ وَمِثَالُهُ: التَّسَبُّبُ لِلْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْجِرَاحِ أَوْ الرَّمْيِ كَمَا لَوْ رَمَى سَهْمًا فِي كَافِرٍ فَأَصَابَهُ السَّهْمُ بَعْدَ مَوْتِ الرَّامِي فَقَتَلَهُ كَانَ لَهُ سَلْبُهُ وَأَجْرُ قَتْلِهِ.

وَكَذَلِكَ إذَا أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَى عَنْ الْمُنْكَرِ فَقُتِلَ بِسَبَبِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ فَهَذَا مُتَسَبِّبٌ إلَى قَتْلِ نَفْسِهِ لِلَّهِ عز وجل، فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَنْ قَتَلَ الْكَفَرَةَ أَوْ الْفَجَرَةَ، وَلَا يُثَابُ عَلَى الْقَتْلِ، لِأَنَّ الْقَتْلَ لَيْسَ مِنْ كَسْبِهِ، وَإِنَّمَا يُثَابُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ إلَيْهِ بِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ.

وَكَذَلِكَ تَسَبُّبُ الْغَازِي إلَى قَتْلِ نَفْسِهِ لِحُضُورِهِ الْمَعْرَكَةَ.

ص: 136