المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فائدة الغرض من نصب القضاة] - قواعد الأحكام في مصالح الأنام - جـ ٢

[عز الدين بن عبد السلام]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَفُوتُ مِنْ الْمَصَالِحِ أَوْ يَتَحَقَّقُ مِنْ الْمَفَاسِدِ مَعَ النِّسْيَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُنَاسَبَةِ الْعِلَلِ لِأَحْكَامِهَا وَزَوَالِ الْأَحْكَامِ بِزَوَالِ أَسْبَابِهَا]

- ‌[فَائِدَةٌ إذَا خَلَفَ الْعِلَّةَ عِلَّةٌ مُوجِبَةٌ حُكْمَ الْأُولَى]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُتَدَارَكُ إذَا فَاتَ بِعُذْرٍ وَمَا لَا يُتَدَارَكُ مَعَ قِيَامِ الْعُذْرِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ مَنْ كُلِّفَ بِشَيْءٍ مِنْ الطَّاعَاتِ فَقَدَرَ عَلَى بَعْضِهِ وَعَجَزَ عَنْ بَعْضِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَخْفِيفَاتِ الشَّرْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَشَاقِّ الْمُوجِبَةِ لِلتَّخْفِيفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاحْتِيَاطِ فِي جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَقْتَضِيهِ النَّهْيُ مِنْ الْفَسَادِ وَمَا لَا يَقْتَضِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ عَلَى الظُّنُونِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْغَرِيمِ إذَا دُعِيَ إلَى الْحَاكِمِ]

- ‌[فَائِدَةٌ إذَا لَزِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إحْضَارُ الْعَيْنِ لِتَقُومَ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ]

- ‌[فَائِدَةٌ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْحَقَّ مُسْنَدًا إلَى سَبَبٍ فَنَفَاهُ أَوْ نَفَى سَبَبَهُ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْقَوْل قَوْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَقْدَحُ فِي الظُّنُونِ مِنْ التُّهَمِ وَمَا لَا يَقْدَحُ فِيهَا]

- ‌[فَائِدَةٌ إذَا زُكِّيَتْ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ الْحَاكِمِ ثُمَّ شَهِدَتْ بِحَقٍّ آخَرَ]

- ‌[فَائِدَةٌ لَا تُرَدُّ شَهَادَةُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ]

- ‌[فَائِدَةٌ إذَا شَهِدَ عَلَى أَبِيهِ أَنَّهُ طَلَّقَ ضَرَّةَ أُمِّهِ ثَلَاثًا]

- ‌[فَائِدَةٌ شَهِدَ الْفَاسِقُ الْمُسْتَخْفِي بِفِسْقِهِ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ فَأَعَادَهَا بَعْدَ الْعَدَالَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ بَحْثُ الْحَاكِمِ عَنْ الشُّهُودِ عِنْدَ الرِّيبَةِ وَالتُّهْمَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْغَرَضُ مِنْ نَصْبِ الْقُضَاةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الظَّنُّ الْمُسْتَفَادُ مِنْ إخْبَارِ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ إنَّمَا شُرِطَ الْعَدَدُ فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ قَوْلُ الْحَاكِمِ هَلْ يَثْبُتُ بِهِ حُكْمًا]

- ‌[فَائِدَةٌ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُ الْبَاطِنِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فِي فَسْخٍ وَلَا عَقْدٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ قَوْلَ الْحَاكِمِ ثَبَتَ عِنْدِي]

- ‌[فَائِدَةٌ ادَّعَى رَجُلٌ رِقَّ إنْسَانٍ يَسْتَسْخِرُهُ وَيَنْطَاعُ انْطِيَاعَ الْعَبْدِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الظَّنُّ الْمُسْتَفَادُ مِمَّنْ يُخْبِرُ عَنْ الْوَاقِعَةِ عَنْ سَمَاعٍ أَوْ مُشَاهَدَةٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ إذَا أَمَرَ الْقَاضِي أَوْ الْوَالِي بِمَا هُوَ مَحْبُوبٌ لِلْمَأْمُورِ بِهِ]

- ‌[فَائِدَةٌ حَكَمَ الْحَاكِمُ فِي مَحَلٍّ يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ وَهِيَ ضَرْبَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَعَارُضِ أَصْلٍ وَظَاهِرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْأَصْلَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعَارُضِ ظَاهِرَيْنِ]

- ‌[فَائِدَةٌ يُحْكَمُ بِمُجَرَّدِ الظُّهُورِ أَوْ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِصْحَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ كَذِبِ الظُّنُونِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَصَالِحِ الْمُعَامَلَاتِ وَالتَّصَرُّفَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَقْسَامِ الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ]

- ‌[فَائِدَةٌ التَّكَالِيفُ كُلُّهَا رَاجِعَةٌ إلَى مَصَالِحِ الْعِبَادِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ فِي بَيَانِ حَقَائِقِ التَّصَرُّفَاتِ]

- ‌[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي نَقْلِ الْحَقِّ مِنْ مُسْتَحِقٍّ إلَى مُسْتَحِقٍّ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي إسْقَاطِ الْحُقُوقِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْقَبْضِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِقْبَاضِ وَهُوَ أَنْوَاعٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ إذَا كَانَ الْمَقْبُوضُ غَائِبًا]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْتِزَامِ الْحُقُوقِ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ]

- ‌[الْبَابُ السَّادِسُ الْخَلْطُ وَالشَّرِكَةُ ضَرْبَانِ]

- ‌[الْبَابُ السَّابِعُ إنْشَاءُ الْمِلْكِ فِيمَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ]

- ‌[الْبَابُ الثَّامِنُ الِاخْتِصَاصُ بِالْمَنَافِعِ]

- ‌[الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْإِذْنِ]

- ‌[الْبَابُ الْعَاشِرُ الْإِتْلَافُ]

- ‌[الْبَابُ الْحَادِيَ عَشْرَ التَّأْدِيبُ وَالزَّجْرُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَصَرُّفِ الْوُلَاةِ وَنُوَّابِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَسْرِي مِنْ التَّصَرُّفَاتِ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ]

- ‌[قَاعِدَةٌ فِي أَلْفَاظِ التَّصَرُّفَاتِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ فِيمَا تُحْمَلُ عَلَيْهِ أَلْفَاظُ التَّصَرُّفَاتِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ فِي بَيَانِ الْوَقْتِ الَّذِي يَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُ الْأَسْبَابِ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْمُنَاسَبَةُ فِي الْأَحْكَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَقْسِيمِ الْمَوَانِعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّرْطِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ فِي بَيَانِ الشُّبُهَاتِ الْمَأْمُورِ بِاجْتِنَابِهَا]

- ‌[فَائِدَةٌ مَا كَانَ حَرَامًا بِوَصْفِهِ وَسَبَبِهِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا]

- ‌[فَائِدَةٌ إذَا أَكَلَ بُرًّا مَغْصُوبًا أَوْ شَاةً مَغْصُوبَةً]

- ‌[فَائِدَةٌ مَا يَحْرُمُ بِوَصْفِهِ لَا يَحِلُّ إلَّا لِضَرُورَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّقْدِيرِ عَلَى خِلَافِ التَّحْقِيقِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ فِيمَا يُقْبَلُ مِنْ التَّأْوِيلِ وَمَا لَا يُقْبَلُ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ أَطْلَقَ لَفْظًا لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمُقْتَضَاهُ]

- ‌[فَائِدَةٌ اللَّفْظُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ فِي اللُّغَةِ أَوْ الْعُرْفِ]

- ‌[فَائِدَةٌ تَعْلِيقُ التَّصَرُّفِ عَلَى الْمَشِيئَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا أُثْبِتَ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ هَلْ لَا يَلْحَق الْوَلَدَ إلَّا لِسِتَّةِ أَشْهُر]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَنْزِيلِ دَلَالَةِ الْعَادَاتِ وَقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ مَنْزِلَةَ صَرِيحِ الْأَقْوَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حَمْلِ الْأَلْفَاظِ عَلَى ظُنُونٍ مُسْتَفَادَةٍ مِنْ الْعَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُثَابُ عَلَيْهِ الْعَالِمُ وَالْحَاكِمُ وَمَا لَا يُثَابَانِ عَلَيْهِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْيَدُ عِبَارَةٌ عَنْ الْقُرْبِ وَالِاتِّصَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَمْلِ عَلَى الْغَالِبِ وَالْأَغْلَبِ فِي الْعَادَاتِ وَلِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ]

- ‌[قَاعِدَةٌ فِي اخْتِلَافِ أَحْكَامِ التَّصَرُّفَاتِ لِاخْتِلَافِ مَصَالِحِهَا]

- ‌[فَائِدَةٌ الْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ وَالْعُقُوبَاتِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْقِسْمَةُ الْمُجْبَرُ عَلَيْهَا]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي اخْتِلَافِ مَصَالِحِ الْأَرْكَانِ وَالشَّرَائِطِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ فِيمَا يُوجِبُ الضَّمَانَ وَالْقِصَاصَ]

- ‌[فَائِدَةٌ إذَا شَهِدَ اثْنَانِ بِالزُّورِ عَلَى تَصَرُّفٍ ثُمَّ رَجَعَا]

- ‌[قَاعِدَةٌ فِيمَنْ تَجِبُ طَاعَتُهُ وَمَنْ تَجُوزُ طَاعَتُهُ وَمَنْ لَا تَجُوزُ طَاعَتُهُ]

- ‌[قَاعِدَةٌ فِي الشُّبُهَاتِ الدَّارِئَةِ لِلْحُدُودِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَذْكَارِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْأَذْكَارُ الْمَشْرُوعَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْأَذْكَارِ الْمُخْتَرَعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي السُّؤَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْبِدَعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاقْتِصَادِ فِي الْمَصَالِحِ وَالْخُيُورِ]

- ‌[فَائِدَةٌ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ السَّمَاعُ الْمَحْمُودُ إلَّا عِنْدَ ذِكْرِ الصِّفَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ الْفَضَائِلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْرِيفِ مَا يَظْهَرُ مِنْ مَعَارِفِ الْأَوْلِيَاءِ وَأَحْوَالِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْوَالِ النَّاسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفْضِيلِ بَعْضِ الْحَادِثَاتِ عَلَى بَعْضِ الْجَوَاهِرِ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ النُّبُوَّةُ أَمْ الْإِرْسَالُ]

- ‌[فَائِدَةٌ إذَا اسْتَوَى اثْنَانِ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ]

الفصل: ‌[فائدة الغرض من نصب القضاة]

[فَائِدَةٌ الْغَرَضُ مِنْ نَصْبِ الْقُضَاةِ]

(فَائِدَةٌ) الْغَرَضُ مِنْ نَصْبِ الْقُضَاةِ إنْصَافُ الْمَظْلُومِينَ مِنْ الظَّالِمِينَ، وَتَوْفِيرُ الْحُقُوقِ عَلَى الْمُسْتَحَقِّينَ، وَالنَّظَرُ لِمَنْ يَتَعَذَّرُ نَظَرُهُ لِنَفْسِهِ كَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَالْمُبَذِّرِينَ وَالْغَائِبِينَ، فَلِذَلِكَ كَانَ سُلُوكُ أَقْرَبِ الطُّرُقِ فِي الْقَضَاءِ وَاجِبًا عَلَى الْفَوْرِ؛

لِمَا فِيهِ مِنْ إيصَالِ الْحُقُوقِ إلَى الْمُسْتَحَقِّينَ وَدَرْءِ الْمَفْسَدَةِ عَنْ الظَّالِمِينَ وَالْمُبْطِلِينَ

، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَاجِبَانِ عَلَى الْفَوْرِ، وَأَحَدُ الْخَصْمَيْنِ هَهُنَا ظَالِمٌ أَوْ مُبْطِلٌ وَتَجِبُ إزَالَةُ الظُّلْمِ وَالْبَاطِلِ عَلَى الْفَوْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ آثِمًا بِجَهْلِهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ إنَّمَا هُوَ دَفْعُ الْمَفَاسِدِ سَوَاءٌ كَانَ مُرْتَكِبًا آثِمًا أَوْ غَيْرَ آثِمٍ.

وَكَذَلِكَ يَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ لِمَا فِي تَأْخِيرِهِ إلَى حُضُورِهِ مِنْ اسْتِمْرَارِ الْمَفْسَدَةِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَةَ إنْ كَانَتْ بِطَلَاقٍ تَضَرَّرَتْ الْمَرْأَةُ بِبَقَائِهَا فِي قُيُودِ نِكَاحٍ مُرْتَفِعٍ، وَلَمْ تَتَمَكَّنْ مِنْ التَّزَوُّجِ وَلَا مِمَّا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ الْخَلِيَّاتُ، وَإِنْ كَانَتْ بِعَتَاقٍ تَضَرَّرَتْ الْأَمَةُ وَالْعَبْدُ بِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الرِّقِّ عَلَيْهِمَا إلَى حُضُورِ الْغَائِبِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى بِعَيْنٍ تَضَرَّرَ رَبُّهَا بِالْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِدَيْنٍ تَضَرَّرَ رَبُّهُ بِتَأْخِيرِ قَبْضِهِ وَعَدَمِ الِارْتِفَاقِ بِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ فِي إقَامَةِ الْحُجَجِ، فَإِنَّ الظَّنَّ الْمُسْتَفَادَ فِي إقَامَةِ الْحُجَجِ عَلَى الْغَائِبِ كَالظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ إقَامَتِهَا عَلَى الْحَاضِرِ.

فَإِنْ قِيلَ: الْحَاضِرُ يُنَاضِلُ عَنْ نَفْسِهِ بِالْمُعَارَضَاتِ، وَالْجَرْحُ بِخِلَافِ الْغَائِبِ. قُلْنَا: لَا يَجُوزُ تَرْكُ مَا وَجَبَ ظُهُورُهُ بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ لِاحْتِمَالِ الْأَصْلِ وَعَدَمِهِ، وَالْحَاكِمُ يُنَاضِلُ عَنْ الْغَائِبِ عَلَى حَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَلِذَلِكَ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي، وَلَا يَجُوزُ إهْمَالُ الْحُجَجِ الشَّرْعِيَّةِ لِمُجَرَّدِ الْأَوْهَامِ وَالظُّنُونِ الضَّعِيفَةِ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَقْدِيمِ الظَّنِّ الْقَوِيِّ عَلَى الظَّنِّ الضَّعِيفِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ.

فَإِنْ قِيلَ: مَا الْمَعْنَى بِالظَّالِمِ وَالْمُبْطِلِ فِي هَذَا الْبَابِ؟ قُلْنَا: أَمَّا الظَّالِمُ فَهُوَ ظَالِمٌ بِأَنَّهُ عَاصٍ لِلَّهِ بِجُحُودِهِ وَإِنْكَارِهِ وَمَنْعِ الْحَقِّ مِنْ مُسْتَحَقِّهِ، فَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ سُلُوكُ أَقْرَبِ الطُّرُقِ فِي دَفْعِ هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ عَنْ الْمُسْتَحِقِّ، وَلَا سِيَّمَا

ص: 43