الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْهَا تَخْفِيفُ التَّرْخِيصِ، كَصَلَاةِ الْمُتَيَمِّمِ مَعَ الْحَدَثِ، وَصَلَاةِ الْمُسْتَجْمِرِ مَعَ فَضْلَةِ النَّجْوِ، وَكَأَكْلِ النَّجَاسَاتِ لِلْمُدَاوَاةِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ لِلْغُصَّةِ، وَالتَّلَفُّظِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ، وَيُعَبَّرُ عَنْ هَذَا بِالْإِطْلَاقِ مَعَ قِيَامِ الْمَانِعِ، أَوْ بِالْإِبَاحَةِ مَعَ قِيَامِ الْحَاظِرِ.
[فَصْلٌ فِي الْمَشَاقِّ الْمُوجِبَةِ لِلتَّخْفِيفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ]
الْمَشَاقُّ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا مَشَقَّةٌ لَا تَنْفَكُّ الْعِبَادَةُ عَنْهَا كَمَشَقَّةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فِي شِدَّةِ السَّبَرَاتِ وَكَمَشَقَّةِ إقَامَةِ الصَّلَاةِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَلَا سِيَّمَا صَلَاةُ الْفَجْرِ، وَكَمَشَقَّةِ الصَّوْمِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَطُولِ النَّهَارِ، وَكَمَشَقَّةِ الْحَجِّ الَّتِي لَا انْفِكَاكَ عَنْهَا غَالِبًا، وَكَمَشَقَّةِ الِاجْتِهَادِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَالرِّحْلَةِ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْمَشَقَّةُ فِي رَجْمِ الزُّنَاةِ، وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى الْجُنَاةِ، وَلَا سِيَّمَا فِي حَقِّ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ مَشَقَّةً عَظِيمَةً عَلَى مُقِيمِ هَذِهِ الْعُقُوبَاتِ بِمَا يَجِدُهُ مِنْ الرِّقَّةِ وَالْمَرْحَمَةِ بِهَا لِلسُّرَّاقِ وَالزُّنَاةِ وَالْجُنَاةِ مِنْ الْأَجَانِبِ وَالْأَقَارِبِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ، وَلِمِثْلِ هَذَا قَالَ - تَعَالَى -:{وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: 2] وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: «لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم سَرَقَتْ لَقَطَعْت يَدَهَا» ، وَهُوَ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى بِتَحَمُّلِ هَذِهِ الْمَشَاقِّ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى وَصَفَهُ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ بِأَنَّهُ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ، فَهَذِهِ الْمَشَاقُّ كُلُّهَا لَا أَثَرَ لَهَا فِي إسْقَاطِ الْعِبَادَاتِ وَالطَّاعَاتِ وَلَا فِي تَخْفِيفِهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ أَثَّرَتْ لَفَاتَتْ مَصَالِحُ
الْعِبَادَاتِ وَالطَّاعَاتِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ أَوْ فِي غَالِبِ الْأَوْقَاتِ، وَلَفَاتَ مَا رُتِّبَ عَلَيْهَا مِنْ الْمَثُوبَاتِ الْبَاقِيَاتِ مَا دَامَتْ الْأَرْضُ وَالسَّمَوَاتُ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: مَشَقَّةٌ تَنْفَكُّ عَنْهَا الْعِبَادَاتُ غَالِبًا، وَهِيَ أَنْوَاعٌ
النَّوْعُ الْأَوَّلُ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ فَادِحَةٌ كَمَشَقَّةِ الْخَوْفِ عَلَى النُّفُوسِ وَالْأَطْرَافِ وَمَنَافِعِ الْأَطْرَافِ فَهَذِهِ مَشَقَّةٌ مُوجِبَةٌ لِلتَّخْفِيفِ وَالتَّرْخِيصِ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الْمُهَجِ وَالْأَطْرَافِ لِإِقَامَةِ مَصَالِحِ الدَّارَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَعْرِيضِهَا لِلْفَوَاتِ فِي عِبَادَةٍ أَوْ عِبَادَاتٍ ثُمَّ تَفُوتُ أَمْثَالُهَا.
النَّوْعُ الثَّانِي مَشَقَّةٌ خَفِيفَةٌ كَأَدْنَى وَجَعٍ فِي إصْبَعٍ أَوْ أَدْنَى صُدَاعٍ أَوْ سُوءِ مِزَاجٍ خَفِيفٍ، فَهَذَا لَافِتَةٌ إلَيْهِ وَلَا تَعْرِيجَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ مَصَالِحِ الْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ دَفْعِ مِثْلِ هَذِهِ الْمَشَقَّةِ الَّتِي لَا يُؤْبَهُ لَهَا.
النَّوْعُ الثَّالِثُ مَشَّاقٌ وَاقِعَةٌ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَشَقَّتَيْنِ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْخِفَّةِ وَالشِّدَّةِ فَمَا دَنَا مِنْهَا مِنْ الْمَشَقَّةِ الْعُلْيَا أَوْجَبَ التَّخْفِيفَ، وَمَا دَنَا مِنْهَا مِنْ الْمَشَقَّةِ الدُّنْيَا لَمْ يُوجِبْ التَّخْفِيفَ إلَّا عِنْدَ أَهْلِ الظَّاهِرِ، كَالْحُمَّى الْخَفِيفَةِ وَوَجَعِ الضِّرْسِ الْيَسِيرِ وَمَا وَقَعَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الرُّتْبَتَيْنِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْحِقُهُ بِالْعُلْيَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْحِقُهُ بِالدُّنْيَا، فَكُلَّمَا قَارَبَ الْعُلْيَا كَانَ أَوْلَى بِالتَّخْفِيفِ، وَكُلَّمَا قَارَبَ الدُّنْيَا كَانَ أَوْلَى بِعَدَمِ التَّخْفِيفِ، وَقَدْ تَوَسَّطَ مَشَاقُّ بَيْنَ الرُّتْبَتَيْنِ بِحَيْثُ لَا تَدْنُو مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهَا، وَقَدْ يُرَجَّحُ بَعْضُهَا بِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهَا، وَذَلِكَ كَابْتِلَاعِ الدَّقِيقِ فِي الصَّوْمِ، وَابْتِلَاعِ غُبَارِ الطَّرِيقِ، وَغَرْبَلَةِ الدَّقِيقِ لَا أَثَرَ لَهُ لِشِدَّةِ مَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ مِنْهَا وَلَا يُعْفَى عَمَّا عَدَاهَا مِمَّا تَخِفُّ الْمَشَقَّةُ فِي الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَفِي مَا بَيْنَهُمَا كَابْتِلَاعِ مَاءِ الْمَضْمَضَةِ مَعَ الْغَلَبَةِ اخْتِلَاقٌ لِوُقُوعِهِ بَيْنَ
الرُّتْبَتَيْنِ.
وَلَمَّا كَانَتْ الْمُبَالَغَةُ مُسْتَنِدَةً إلَى تَقْصِيرِهِ بِفِعْلِهِ مَا نَهَى عَنْهُ أَلْحَقَهَا بَعْضُهُمْ بِمَا تَيَسَّرَ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَأَبْطَلَ بِهَا الصَّوْمَ، وَأَلْحَقَهَا بَعْضُهُمْ بِالْمَضْمَضَةِ لِوُقُوعِهَا عَنْ الْغَلَبَةِ، وَتَخْتَلِفُ الْمَشَاقُّ بِاخْتِلَافِ الْعِبَادَاتِ فِي اهْتِمَامِ الشَّرْعِ فَمَا اشْتَدَّ اهْتِمَامُهُ بِهِ شَرَطَ فِي تَخْفِيفِهِ الْمَشَاقَّ الشَّدِيدَةَ أَوْ الْعَامَّةَ، وَمَا لَمْ يَهْتَمَّ بِهِ خَفَّفَهُ بِالْمَشَاقِّ الْخَفِيفَةِ، وَقَدْ تُخَفَّفُ مَشَاقُّهُ مَعَ شَرَفِهِ وَعُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ لِتَكَرُّرِ مَشَاقِّهِ كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى الْمَشَاقِّ الْعَامَّةِ الْكَثِيرَةِ الْوُقُوعِ.
مِثَالُهُ: تَرْخِيصُ الشَّرْعِ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ تُقَامُ مَعَ الْخَبَثِ الَّذِي يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، وَمَعَ الْحَدَثِ فِي حَقِّ الْمُتَيَمِّمِ وَالْمُسْتَحَاضَةِ، وَمَنْ كَانَ عُذْرُهُ كَعُذْرِ الْمُسْتَحَاضَةِ.
وَكَذَلِكَ الْمَشَاقُّ فِي الْحَجِّ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مِنْهَا مَا يَعْظُمُ فَيَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ، وَمِنْهَا مَا يَخِفُّ وَلَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ، وَمِنْهَا مَا يَتَوَسَّطُ فَيُتَرَدَّدُ فِيهِ، وَمَا قَرُبَ مِنْهُ إلَى الْمَشَقَّةِ الْعُلْيَا كَانَ أَوْلَى بِمَنْعِ الْوُجُوبِ، وَمَا قَرُبَ مِنْهُ إلَى الْمَشَقَّةِ الدُّنْيَا كَانَ أَوْلَى بِأَلَّا يَمْنَعَ الْوُجُوبَ.
وَلَا تَخْتَصُّ الْمَشَاقُّ بِالْعِبَادَاتِ بَلْ تَجْرِي فِي الْمُعَامَلَاتِ.
مِثَالُهُ: الْغَرَرُ فِي الْبُيُوعِ، وَهُوَ أَيْضًا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا مَا يَعْسُرُ اجْتِنَابُهُ كَبَيْعِ الْفُسْتُقِ وَالْبُنْدُقِ وَالرُّمَّانِ وَالْبِطِّيخِ فِي قُشُورِهَا فَيُعْفَى عَنْهُ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا لَا يَعْسُرُ اجْتِنَابُهُ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا يَقَعُ بَيْنَ الرُّتْبَتَيْنِ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ، مِنْهُمْ مَنْ يُلْحِقُهُ بِمَا عَظُمَتْ مَشَقَّتُهُ، لِارْتِفَاعِهِ عَمَّا خَفَّتْ مَشَقَّتُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْحِقُهُ بِمَا خَفَّتْ مَشَقَّتُهُ لِانْحِطَاطِهِ عَمَّا عَظُمَتْ مَشَقَّتُهُ، إلَّا أَنَّهُ تَارَةً يَعْظُمُ الْغَرَرُ فِيهِ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ كَبَيْعِ الْجَوْزِ الْأَخْضَرِ فِي قِشْرَتِهِ، وَتَارَةً يَخِفُّ الْعُسْرُ فِيهِ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَى بَيْعِهِ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ جَوَازَهُ كَبَيْعِ الْبَاقِلَاءِ الْأَخْضَرِ فِي قِشْرَتِهِ.
فَأَمَّا الصَّلَاةُ فَيَنْتَقِلُ فِيهَا الْقَائِمُ إلَى الْقُعُودِ بِالْمَرَضِ الَّذِي يُشَوِّشُ عَلَى الْخُشُوعِ وَالْأَذْكَارِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الضَّرُورَةُ وَلَا الْعَجْزُ عَنْ تَصْوِيرِ الْقِيَامِ اتِّفَاقًا، وَيُشْتَرَطُ فِي الِانْتِقَالِ مِنْ الْقُعُودِ إلَى الِاضْطِجَاعِ عُذْرًا أَشَقَّ مِنْ عُذْرِ الِانْتِقَالِ مِنْ الْقِيَامِ إلَى الْقُعُودِ؛ لِأَنَّ الِاضْطِجَاعَ مُنَافٍ لِتَعْظِيمِ الْعِبَادَاتِ وَلَا سِيَّمَا وَالْمُصَلِّي مُنَاجٍ رَبَّهُ، وَقَدْ قَالَ - سُبْحَانَهُ -:«أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي» .
وَأَمَّا الْأَعْذَارُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَاتِ وَالْجُمُعَاتِ فَخَفِيفَةٌ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَاتِ سُنَّةٌ وَالْجُمُعَاتِ بَدَلٌ.
وَأَمَّا الصَّوْمُ فَالْأَعْذَارُ فِيهِ خَفِيفَةٌ كَالسَّفَرِ وَالْمَرَضِ الَّذِي يَشُقُّ الصَّوْمُ مَعَهُ لِمَشَقَّةِ الصَّوْمِ عَلَى الْمُسَافِرِ، وَهَذَانِ عُذْرَانِ خَفِيفَانِ، وَمَا كَانَ أَشَدَّ مِنْهُمَا كَالْخَوْفِ عَلَى الْأَطْرَافِ وَالْأَرْوَاحِ كَانَ أَوْلَى بِجَوَازِ الْفِطْرِ.
وَأَمَّا الْحَجُّ: فَالْأَعْذَارُ فِي إبَاحَةِ مَحْظُورَاتِهِ خَفِيفَةٌ إذْ يَجُوزُ لُبْسُ الْمِخْيَطِ فِيهِ بِالتَّأَذِّي بِالْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَيَجُوزُ حَلْقُ الرَّأْسِ فِيهِ بِالتَّأَذِّي مِنْ الْمَرَضِ وَالْقَمْلِ، وَكَذَلِكَ الطِّيبُ وَالدُّهْنُ وَقَلْمُ الْأَظْفَارِ.
وَأَمَّا التَّيَمُّمُ فَقَدْ جَوَّزَهُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تَارَةً بِأَعْذَارٍ خَفِيفَةٍ، وَمَنَعَهُ تَارَةً عَلَى قَوْلٍ بِأَعْذَارٍ أَثْقَلَ مِنْهَا، وَالْأَعْذَارُ عِنْدَهُ رُتَبٌ مُتَفَاوِتَةٌ فِي الْمَشَقَّةِ.
الرُّتْبَةُ الْأُولَى: مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ فَادِحَةٌ كَالْخَوْفِ عَلَى النُّفُوسِ وَالْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِ الْأَعْضَاءِ فَيُبَاحُ بِهَا التَّيَمُّمُ.
الرُّتْبَةُ الثَّانِيَةُ: مَشَقَّةٌ دُونَ هَذِهِ الْمَشَقَّةِ فِي الرُّتْبَةِ كَالْخَوْفِ مِنْ حُدُوثِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ، فَهَذَا مُلْحَقٌ بِالرُّتْبَةِ الْعُلْيَا عَلَى الْأَصَحِّ.
الرُّتْبَةُ الثَّالِثَةُ: خَوْفُ إبْطَاءِ الْبُرْءِ وَشِدَّةِ الضَّنَى فَفِي إلْحَاقِهِ بِالرُّتْبَةِ الثَّانِيَةِ خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ الْإِلْحَاقُ.
الرُّتْبَةُ الرَّابِعَةُ: خَوْفُ الشَّيْنِ إنْ كَانَ بَاطِنًا لَمْ يَكُنْ عُذْرًا، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فَفِيهِ خِلَافٌ وَالْمُخْتَارُ الْإِبَاحَةُ، فَهَذِهِ الْأَعْذَارُ كُلُّهَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي إبَاحَةِ الْفِطْرِ فِي الصَّوْمِ وَفِي إبَاحَةِ الْقُعُودِ فِي الصَّلَاةِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ صُوَرٌ جَوَّزَ فِيهَا الشَّافِعِيُّ التَّيَمُّمَ بِمَشَاقَّ خَفِيفَةٍ دُونَ هَذِهِ الْمَشَاقِّ.
أَحَدُهَا: إذَا بِيعَ مِنْهُ الْمَاءُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ ضَرَرَ الْغَبْنِ بِدَانَقٍ دُونَ ضَرَرِ الْمَشَقَّةِ بِظُهُورِ الشَّيْنِ، وَإِبْطَاءِ الْبُرْءِ، وَشِدَّةِ الضَّنَى، وَلَا سِيَّمَا إذَا ظَهَرَ الشَّيْنُ فِي وُجُوهِ النِّسَاءِ اللَّاتِي نِفَاقُهُنَّ فِي جَمَالِهِنَّ، مَعَ أَنَّ ضَرَرَ الشَّيْنِ يَدُومُ إلَى الْمَمَاتِ، وَضَرَرَ الْغَبَنِ بِالدَّانَقِ يَنْصَرِمُ فِي الْحَالِ، وَقَدْ خَالَفَ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ، وَخِلَافُهُ مُتَّجَهٌ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا وَهَبَ مِنْهُ ثَمَنَ الْمَاءِ، وَهُوَ دِرْهَمٌ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ، وَلَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ دَفْعًا لِتَضَرُّرِهِ بِالْمِنَّةِ بِالدِّرْهَمِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ تَضَرُّرَهُ بِالشَّيْنِ وَالْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَشِدَّةِ الضَّنَى وَبُطْءِ الْبُرْءِ دَوَامُهَا أَعْظَمُ مِنْ تَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ مَعَ تَصَرُّمِهِ.
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا كَانَ مَعَهُ ثَمَنُ الْمَاءِ، وَلَكِنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فِي نَفَقَةِ سَفَرِهِ فِي ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ، كَيْ لَا يَنْقَطِعَ عَنْ سَفَرِهِ وَيَكُونَ سَفَرُهُ سَفَرَ نُزْهَةٍ غَيْرَ مُهِمٍّ فِي أَمْرِ الدِّينِ وَتَضَرُّرُهُ لِانْقِطَاعِهِ عَنْ هَذَا السَّفَرِ دُونَ تَضَرُّرِهِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ، وَشِدَّةِ الضَّنَى، وَبُطْءِ الْبُرْءِ، وَظُهُورِ الشَّيْنِ، مَعَ أَنَّ سَفَرَ النُّزْهَةِ مِنْ رَوْعَاتِ النُّفُوسِ الَّتِي لَا يَقْصِدُهَا مُعْظَمُ الْعُقَلَاءِ، بِخِلَافِ التَّضَرُّرِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فَإِنَّهُ مَقْصُودُ الدَّفْعِ لِكُلِّ عَاقِلٍ.
وَنَظِيرُ هَذَا التَّشْدِيدِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ، مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ
فِي أَنَّ التَّحَلُّلَ مِنْ الْحَجِّ مُخْتَصٌّ بِحَصْرِ الْعَدُوِّ، وَقَدْ خُولِفُوا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ دَالَّةٌ عَلَى جَوَازِ الْخُرُوجِ مِنْ الْحَجِّ بِالْأَعْذَارِ، فَإِنَّ الْإِحْصَارَ عِنْدَ الْمُعْتَبَرِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مَوْضُوعٌ لِإِحْصَارِ الْأَعْذَارِ، وَالْحَصْرُ مَوْضُوعٌ لِحَصْرِ الْأَعْدَاءِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ:{وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ} [التوبة: 5] وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ هُمَا لُغَتَانِ فِي حَصْرِ الْأَعْدَاءِ، فَإِنْ قِيلَ إنَّ قَوْلَهُ:{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: 196] الْآيَةُ نَزَلَتْ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَلَمْ يَكُنْ إحْصَارَ عُذْرٍ وَإِنَّمَا كَانَ إحْصَارَ عَدُوٍّ؟ قُلْنَا: فَإِنَّهَا دَلَّتْ عَلَى إحْصَارِ الْعُذْرِ بِمَنْطُوقِهَا، وَعَلَى إحْصَارِ الْعَدُوِّ بِمَفْهُومِهَا فَتَنَاوَلَتْ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا، وَنَبَّهَتْ عَلَى أَنَّ التَّحَلُّلَ بِحَصْرِ الْأَعْذَارِ أَوْلَى مِنْ التَّحَلُّلِ بِحَصْرِ الْأَعْدَاءِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ قَرَنَ بِهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي حَصْرِ الْأَعْدَاءِ، وَهُوَ قَوْلُهُ:{فَإِذَا أَمِنْتُمْ} [البقرة: 196] فَالْأَمْنُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي زَوَالِ الْخَوْفِ مِنْ الْأَعْدَاءِ دُونَ زَوَالِ الْأَمْرَاضِ وَالْأَعْذَارِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْآيَةَ لَمَّا دَلَّتْ عَلَى أَنَّ التَّحَلُّلَ بِالْحَصْرِ أَوْلَى يَرْجِعُ الْأَمْرُ إلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لَا بِطَرِيقِ اللَّفْظِ، وَإِنْ جَعَلْنَا حَصَرَ وَأَحْصَرَ لُغَتَيْنِ دَلَّ أَحْصَرَ عَلَى الْأَمْرَيْنِ، وَرَجَعَ لَفْظُ الْأَمْنِ إلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا نَظِيرَ لَهُ فِي الشَّرِيعَةِ السَّمْحَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - فِيهَا:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، وَقَالَ فِيهَا:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] وَقَالَ: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [النساء: 28] ، فَإِنَّ مَنْ انْكَسَرَتْ رِجْلُهُ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ يَبْقَى فِي بَقِيَّةِ عُمْرِهِ حَاسِرَ الرَّأْسِ مُتَجَرِّدًا مِنْ اللِّبَاسِ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ النِّكَاحُ وَالْإِنْكَاحُ، وَأَكْلُ الصَّيُودِ وَالتَّطَيُّبِ وَالْأَدْهَانِ، وَقَلْمِ الْأَظْفَارِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ وَلُبْسِ الْخِفَافِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ،، وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ رَحْمَةِ الشَّرْعِ وَرِفْقِهِ وَلُطْفِهِ بِعِبَادِهِ.
الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْ فَرْسَخٍ وَلَا مِنْ نِصْفِ فَرْسَخٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الْمَشَقَّةَ أَخَفُّ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ، وَبُطْءِ الْبُرْءِ، وَشِدَّةِ الضَّنَى، وَظُهُورِ الشَّيْنِ، وَكَذَلِكَ قَالُوا لَا يَطْلُبُهُ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى مَالِهِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْمَالِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، قَالُوا: بَلْ يَطْلُبُهُ مِنْ مَكَان لَوْ اسْتَغَاثَ مِنْهُ بِرُفْقَتِهِ لَأَغَاثُوهُ مَعَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ اشْتِغَالِهِمْ.
وَأَمَّا الْمِنَّةُ فَجَعَلُوهَا ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا أَنْ يُوهَبَ مِنْهُ ثَمَنُ الْمَاءِ وَالدَّلْوِ وَالرِّشَاءِ فَيَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ لِعِظَمِ الْمِنَّةِ فِيهَا.
الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يُوهَبَ مِنْهُ الْمَاءُ أَوْ يُعَارَ الدَّلْوُ وَالرِّشَاءُ أَوْ يُقْرَضَ ثَمَنُ الْمَاءِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَفَاءِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ لِخِفَّةِ مَشَقَّةِ الْمِنَّةِ بِمِثْلِ ذَلِكَ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِيهَابُ الْمَاءِ أَوْ اسْتِعَارَةُ الدَّلْوِ وَالرِّشَاءِ فِيهِ، فَإِنْ قِيلَ: الْمَشَاقُّ تَنْقَسِمُ إلَى مَا هُوَ فِي أَعْلَى مَرَاتِبِ الشِّدَّةِ، وَإِلَى مَا هُوَ فِي أَدْنَاهَا، وَإِلَى مَا يَتَوَسَّطُ بَيْنَهُمَا، فَكَيْفَ تُعْرَفُ الْمَشَاقُّ الْمُتَوَسِّطَةُ الْمُبِيحَةُ الَّتِي لَا ضَابِطَ لَهَا، مَعَ أَنَّ الشَّرْعَ قَدْ رَبَطَ التَّخْفِيفَاتِ بِالشَّدِيدِ وَالْأَشَدِّ وَالشَّاقِّ وَالْأَشَقِّ، مَعَ أَنَّ مَعْرِفَةَ الشَّدِيدِ وَالشَّاقِّ مُتَعَذِّرَةٌ؛ لِعَدَمِ الضَّابِطِ؟ قُلْنَا: لَا وَجْهَ لِضَبْطِ هَذَا وَأَمْثَالِهِ إلَّا بِالتَّقْرِيبِ فَإِنَّ مَا لَا يُحَدُّ ضَابِطُهُ لَا يَجُوزُ تَعْطِيلُهُ، وَيَجِبُ تَقْرِيبُهُ، فَالْأَوْلَى فِي ضَابِطِ مَشَاقِّ الْعِبَادَاتِ أَنْ تُضْبَطَ مَشَقَّةُ كُلِّ عِبَادَةٍ بِأَدْنَى الْمَشَاقِّ الْمُعْتَبَرَةِ فِي تِلْكَ الْعِبَادَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهَا أَوْ أَزِيدَ ثَبَتَتْ الرُّخْصَةُ بِهَا، وَلَنْ يُعْلَمَ التَّمَاثُلُ إلَّا بِالزِّيَادَةِ، إذْ لَيْسَ فِي قُدْرَةِ الْبَشَرِ الْوُقُوفُ عَلَى تَسَاوِي الْمَشَاقِّ، فَإِذَا زَادَتْ إحْدَى الْمَشَقَّتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى عَلِمْنَا أَنَّهُمَا قَدْ اسْتَوَيَا فَمَا
اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْمَشَقَّةُ الدُّنْيَا مِنْهُمَا وَكَانَ ثُبُوتُ التَّخْفِيفِ وَالتَّرْخِيصِ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ أَوْ؛ لِأَمْثَالِ ذَلِكَ.
أَنَّ التَّأَذِّي بِالْقَمْلِ مُبِيحٌ لِلْحَلْقِ فِي حَقِّ النَّاسِكِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ تَأَذِّيهِ بِالْأَمْرَاضِ بِمِثْلِ مَشَقَّةِ الْقَمْلِ، كَذَلِكَ سَائِرُ الْمَشَاقِّ الْمُبِيحَةِ لِلُّبْسِ وَالطِّيبِ وَالدُّهْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَحْظُورَاتِ، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ تُقَرَّبَ الْمَشَاقُّ الْمُبِيحَةُ لِلتَّيَمُّمِ بِأَدْنَى مَشَقَّةٍ أُبِيحَ بِمِثْلِهَا التَّيَمُّمُ، وَفِي هَذَا إشْكَالٌ، فَإِنَّ مَشَقَّةَ الزِّيَادَةِ الْيَسِيرَةِ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَمَشَقَّةُ الِانْقِطَاعِ مِنْ سَفَرِ النُّزْهَةِ خَفِيفَةٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ بِهَا الْأَمْرَاضُ.
وَأَمَّا الْمُبِيحُ لِلْفِطْرِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَقْرُبَ مَشَقَّتُهُ بِمَشَقَّةِ الصِّيَامِ فِي الْحَضَرِ، فَإِذَا شَقَّ الصَّوْمُ مَشَقَّةً تَرْبَى عَلَى مَشَقَّةِ الصَّوْمِ فِي الْحَضَرِ فَلْيَجُزْ الْإِفْطَارُ بِذَلِكَ، وَلِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ.:
مِنْهَا مَقَادِيرُ الْأَغْرَارِ فِي الْمُعَامَلَاتِ، وَمِنْهَا تَوَقَانُ الْجَائِعِ إلَى الطَّعَامِ وَقَدْ حَضَرَتْ الصَّلَاةُ، وَمِنْهَا التَّأَذِّي بِالرِّيَاحِ الْبَارِدَةِ فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ، وَكَذَلِكَ التَّأَذِّي بِالْمَشْيِ فِي الْوَحْلِ، وَمِنْهَا غَصْبُ الْحُكَّامِ الْمَانِعُ مِنْ الْإِقْدَامِ عَلَى الْحُكَّامِ، فَإِنَّ الْمَرَاتِبَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُخْتَلِفَةٌ، وَلَا ضَابِطَ لِمُتَوَسِّطَاتِهَا إلَّا بِالتَّقْرِيبِ.
وَقَدْ ضُبِطَ غَصْبُ الْحَاكِمِ بِمَا يَمْنَعُ مِنْ اسْتِيفَاءِ النَّظَرِ وَكُلُّ هَذِهِ تَقْرِيبَاتٌ يُرْجَعُ فِي أَمْثَالِهَا إلَى ظُنُونِ الْمُكَلَّفِينَ، وَلَا يُنْهَى الْحَاكِمُ الْغَضْبَانُ عَنْ الْحُكْمِ بِمَا هُوَ مَعْلُومٌ لَهُ إذْ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَى النَّظَرِ فِيهِ مِثَالُهُ أَنْ يَدَّعِيَ إنْسَانٌ عَلَى إنْسَانٍ بِدِرْهَمٍ مَعْلُومٍ فَيُنْكِرُهُ فَلَا يُكْرَهُ لِلْحَاكِمِ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا إذْ لَا يَحْتَاجُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَى نَظَرٍ وَاعْتِبَارٍ بَلْ حُكْمُهُ فِي حَالِ رِضَاهُ، فَإِنْ قِيلَ قَدْ تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ أَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ لَا يَجِبُ الْحَمْلُ عَلَى أَقَلِّهِ كَمَنْ بَاعَ عَبْدًا، وَشَرَطَ أَنَّهُ كَاتِبٌ أَوْ نَجَّارٌ أَوْ رَامٍ أَوْ بَانٍ فَإِنَّ الشَّرْطَ يُحْمَلُ عَلَى أَقَلِّ رُتْبَةِ الْكِتَابَةِ وَالتِّجَارَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْبِنَاءِ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ وَوَصَفَهُ بِصِفَاتٍ لِكُلِّ