الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حُرِّمَ بِصِفَتِهِ وَسَبَبِهِ، وَإِنْ أَبَحْنَا ذَكَاتَهُ كَانَ أَكْلًا لِمَا حُرِّمَ بِسَبَبِهِ الَّذِي هُوَ حَرَامٌ دُونَ صِفَتِهِ.
[فَائِدَةٌ مَا يَحْرُمُ بِوَصْفِهِ لَا يَحِلُّ إلَّا لِضَرُورَةٍ]
(فَائِدَةٌ) مَا يَحْرُمُ بِوَصْفِهِ لَا يَحِلُّ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ إكْرَاهٍ، وَمَا حُلَّ بِصِفَّتِهِ لَا يَحْرُمُ إلَّا بِفَسَادِ سَبَبِهِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيمَا حُلَّ بِالنِّسْبَةِ الْقَائِمَةِ بِهِ كَالْأُمَّهَاتِ وَالْأَخَوَاتِ أَنْ تَحِلَّ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ وَلَا بِضَرُورَةٍ وَلَا إكْرَاهٍ، وَهَذَا كَكُفْرِ الْجِنَانِ لَا يَحِلُّ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ، بِخِلَافِ كُفْرِ اللِّسَانِ فَإِنَّهُ يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ وَطِئَ وَاحِدَةً مِنْ هَؤُلَاءِ بِسَبْقِهِ فَهَلْ يُوصَفُ وَطْؤُهُ بِالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ؟ قُلْنَا: لَا يُوصَفُ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ لِأَنَّهُ خَطَأٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فَصَارَ كَأَفْعَالِ الْمَجَانِينِ وَالصِّبْيَانِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي النِّسْيَانِ.
[فَصْلٌ فِي التَّقْدِيرِ عَلَى خِلَافِ التَّحْقِيقِ]
ِ التَّقْدِيرُ إعْطَاءُ الْمَعْدُومِ حُكْمَ الْمَوْجُودِ، أَوْ الْمَوْجُودِ حُكْمَ الْمَعْدُومِ، فَأَمَّا إعْطَاءُ الْمَعْدُومِ حُكْمَ الْمَوْجُودِ فَلَهُ أَمْثِلَةٌ.
أَحَدُهَا: إيمَانُ الصِّبْيَانِ فِي وَقْتِ الطُّفُولَةِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَتَّصِفُوا بِهِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا قُدِّرَ وُجُودُهُ وَأُجْرِيَ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْجُودِ الْمُقَدَّرِ أَحْكَامُ الْإِيمَانِ، وَكَذَلِكَ تَقْدِيرُ الْإِيمَانِ فِي حَقِّ الْبَالِغِينَ إذَا غَفَلُوا عَنْهُ أَوْ زَالَ إدْرَاكُهُمْ بِنَوْمٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ.
الْمِثَالُ الثَّانِي: تَقْدِيرُ الْكُفْرِ فِي أَوْلَادِ الْكُفَّارِ مَعَ أَنَّهُمْ لَا يَتَعَقَّلُونَ إيمَانًا وَلَا كُفْرًا وَتَجْرِي عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا أَحْكَامُ آبَائِهِمْ.
الْمِثَالُ الثَّالِثُ: الْعَدَالَةُ مُقَدَّرَةٌ فِي الْعُدُولِ إذَا غَفَلُوا عَنْهَا وَزَوَالُ إدْرَاكِهِمْ بِنَوْمٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ.
الْمِثَالُ الرَّابِعُ: الْفِسْقُ يُقَدَّرُ فِي الْفَاسِقِ مَعَ غَفْلَتِهِ عَنْهُ أَوْ مَعَ زَوَالِ الْإِدْرَاكِ.
الْمِثَالُ الْخَامِسُ: الْإِخْلَاصُ وَالرِّيَاءُ فَإِنَّهُمَا يُقَدَّرَانِ مَعَ زَوَالِهِمَا، وَمَنْ مَاتَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ التَّقْدِيرَاتِ بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ فَمَنْ غَفَلَ عِنْدَ الْمَوْتِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ إيمَانِهِ، وَمِنْ الْكَافِرِينَ عَنْ كُفْرِهِ، وَمِنْ الْمُخْلِصِينَ عَنْ إخْلَاصِهِ، وَمِنْ الْمُرَائِينَ عَنْ رِيَائِهِ، وَمِنْ الْعُدُولِ وَالْفَسَقَةِ عَنْ عَدَالَتِهِ وَفِسْقِهِ وَمِنْ الْمُصِرِّينَ وَالْمُقْلِعِينَ عَنْ إصْرَارِهِ وَإِقْلَاعِهِ، لَقِيَ اللَّهَ بِذَلِكَ الْمُقَدَّرِ فِي حَقِّهِ لِقَوْلِهِ عليه السلام:«يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ»
الْمِثَالُ السَّادِسُ: تَقْدِيرُ النِّيَّاتِ فِي الْعِبَادَاتِ مَعَ عُزُوبِهَا وَالْغَفْلَةِ عَنْهَا.
الْمِثَالُ السَّابِعُ: تَقْدِيرُ الْعُلُومِ لِلْعُلَمَاءِ مَعَ غَيْبَتِهَا عَنْهُمْ، فَيُقَدَّرُ الْفِقْهُ فِي الْفَقِيهِ مَعَ غَفْلَتِهِ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ الشِّعْرُ فِي الشَّاعِرِ، وَالطِّبُّ فِي الطَّبِيبِ وَعِلْمُ الْحَدِيثِ فِي الْمُحَدِّثِ.
وَأَمَّا نُبُوَّةُ الْأَنْبِيَاءِ فَقَدْ جُعِلَ النَّبِيُّ بِمَعْنَى الْمُنْبِئِ عَنْ اللَّهِ فَإِنَّهُ يُقَدِّرُهَا فِي حَالِ سُكُوتِ النَّبِيِّ عَنْ الْإِنْبَاءِ وَتَحَقُّقِهَا فِي حَالِ مُلَابَسَةِ الْإِنْبَاءِ، وَمَنْ جَعَلَ النَّبِيَّ بِمَعْنَى الْمُنْبِئِ الْمُخْبِرِ كَانَتْ النُّبُوَّةُ عِبَارَةً عَنْ تَعَلُّقِ إنْبَاءِ اللَّهِ بِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ وَصْفًا حَقِيقِيًّا، فَإِنَّ مُتَعَلَّقَ الْخِطَابِ لَا يَسْتَفِيدُ صِفَةً حَقِيقِيَّةً مِنْ تَعَلُّقِ الْخِطَابِ.
الْمِثَالُ الثَّامِنُ: تَقْدِيرُ الصَّدَاقَةِ فِي الْأَصْدِقَاءِ وَالْعَدَاوَةِ فِي الْأَعْدَاءِ وَالْحَسَدِ فِي الْحُسَّادِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْهَا وَفِي حَالِ النَّوْمِ وَالْغَشْيِ.
فَإِنْ قِيلَ: مَا مَعْنَى وقَوْله تَعَالَى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق: 5] فَالْجَوَابُ أَنَّ الْحَسَدَ الْحُكْمِيَّ لَا يَضُرُّ الْمَحْسُودَ لِغَفْلَةِ الْحَاسِدِ عَنْهُ، وَالْحَسَدُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ الْحَاثُّ عَلَى أَذِيَّةِ الْمَحْسُودِ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى:{وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ} [الفلق: 5] صَالِحٍ لِلْحَسَدِ الْحُكْمِيِّ وَالْحَقِيقِيِّ قَالَ: {إِذَا حَسَدَ} [الفلق: 5] تَخْصِيصًا لِلْحَسَدِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ الْأَذَى بِالِاسْتِعَاذَةِ فَإِنَّ الْحُكْمِيَّ لَا ضَرَرَ فِيهِ.
الْمِثَالُ التَّاسِعُ: صَوْمُ الْمُتَطَوِّعِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إذَا نَوَاهُ قَبْلَ الزَّوَالِ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَرَاهُ صَائِمًا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ.
الْمِثَالُ الْعَاشِرُ: إذْ بَاعَ سَارِقًا فَقُطِعَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَفِي تَقْدِيرِ الْقَطْعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ مَذْهَبَانِ، فَإِنْ قُدِّرَ قَطْعُهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ ثَبَتَ الرَّدُّ لِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَا.
الْمِثَالُ الْحَادِيَ عَشَرَ: إذَا بَاعَ عَبْدًا مُرْتَدًّا فَقُتِلَ بِالرِّدَّةِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَفِي تَقْدِيرِ الْقَتْلِ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَجْهَانِ، فَإِنْ قَدَّرْنَاهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَرَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِلَّا فَلَا.
الْمِثَالُ الثَّانِي عَشَرَ: الذِّمَمُ وَهِيَ تَقْدِيرُ أَمْرِ الْإِنْسَانِ يَصْلُحُ لِلِالْتِزَامِ وَالْإِلْزَامُ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقٍ لَهُ.
الْمِثَالُ الثَّالِثَ عَشَرَ: الدُّيُونُ فَإِنَّهَا تُقَدَّرُ مَوْجُودَةً فِي الذِّمَمِ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقٍ لَهَا وَلَا لِمَحِلِّهَا، وَيَدُلُّ عَلَى تَقْدِيرِهَا وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهَا، وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ وُجُودُهَا لَمَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي مَعْدُومٍ، وَلَا يُقَالُ إنَّمَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيهَا لِأَنَّهَا تُفْضَى إلَى الْوُجُودِ بِقَبْضِهَا، فَإِنَّ الدَّيْنَ إذَا كَانَ عَلَى غَنِيٍّ مَلِيٍّ وَفِي مُقِرٍّ حَاضِرٍ يَدْفَعُهُ مَتَى طُولِبَ بِهِ وَمَضَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالٌ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ ثُمَّ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَوْتِ الْمَدِينِ مُعْسِرًا فَإِنَّ مَالِكَهُ يُطَالَبُ بِزَكَاةِ مَا مَضَى وَإِنْ لَمْ يُفِضْ أَمْرُهُ إلَى التَّحَقُّقِ وَالْوُجُودِ.
الْمِثَالُ الرَّابِعَ عَشَرَ: تَقْدِيرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ مَلَكَ نِصَابًا مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا عُرُوضًا لِلتِّجَارَةِ وَمَضَى عَلَى الْعُرُوضِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَإِنَّ الزَّكَاةَ تَلْزَمُهُ تَقْدِيرًا لِبَقَاءِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي الْعُرُوضِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْعَرَضَ لِلتِّجَارَةِ بِمَا لَا زَكَاةَ فِيهِ فَإِنَّا نُقَدِّرُ نَقْدَ الْبَلَدِ فِي النِّصَابِ.
الْمِثَالُ الْخَامِسَ عَشَرَ: تَقْدِيرُ الْمِلْكِ فِي الْمَمْلُوكَاتِ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَمْرًا حَقِيقِيًّا قَائِمًا بِالْمَمْلُوكِ؛ وَإِنَّمَا هُوَ مُقَدَّرٌ فِيهِ لِتُجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ، وَكَذَلِكَ الرِّقُّ وَالْحُرِّيَّةُ مُقَدَّرَانِ فِي الْأَحْرَارِ وَلَيْسَا بِصِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ لِلْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ، وَإِنَّمَا رَجَعَ الْمِلْكُ وَالرِّقُّ وَالْحُرِّيَّةُ إلَى تَعَلُّقِ أَحْكَامٍ مَخْصُوصَةٍ بِهَذِهِ الْمُحَالِ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجِيَّةُ فِي الزَّوْجَيْنِ أَمْرٌ مُقَدَّرٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ خَاصَّةٌ.
وَأَمَّا إعْطَاءُ الْمَوْجُودِ حُكْمَ الْمَعْدُومِ فَلَهُ مِثَالَانِ - أَحَدُهُمَا وُجُودُ الْمَاءِ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُسَافِرُ لِعَطَشِهِ أَوْ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ، أَوْ لِنَفَقَةِ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ، أَوْ لِزِيَادَةِ ثَمَنِهِ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ، أَوْ بِهِبَةِ ثَمَنِهِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ مَعْدُومًا مَعَ وُجُودِهِ.
الْمِثَالُ الثَّانِي: وُجُودُ الْمُكَفِّرِ الرَّقَبَةُ مَعَ احْتِيَاجِهِ إلَيْهَا وَاعْتِمَادُهُ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تُقَدَّرُ مَعْدُومَةً لِيَنْتَقِلَ إلَى بَدَلِهَا.
وَمِنْ التَّقْدِيرَاتِ: إعْطَاءُ الْمُتَأَخِّرِ حُكْمَ الْمُتَقَدِّمِ كَمَنْ رَمَى سَهْمًا أَوْ دَهْوَرَ حَجَرًا ثُمَّ مَاتَ فَأَصَابَا بَعْدَ مَوْتِهِ شَيْئًا فَأَفْسَدَاهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ تَقْدِيرًا لِإِفْسَادِهِ قُبَيْلَ مَوْتِهِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مَحَلٍّ عُدْوَانًا فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَجَبَ ضَمَانُهُ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ تَرِكَةٌ صُرِفَتْ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ أَتْلَفَهَا الْوَرَثَةُ لَزِمَهُمْ ضَمَانُهَا وَتُصْرَفُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ شَيْئًا بَقِيَتْ الظَّلَّامَةُ إلَى الْقِيَامَةِ.
وَمِنْ التَّقْدِيرَاتِ: إعْطَاءُ الْآثَارِ وَالصِّفَاتِ حُكْمَ الْأَعْيَانِ الْمَوْجُودَاتِ كَالْمُفْلِسِ إذَا قَصَّرَ الثَّوْبَ الْمَبِيعَ فَهَلْ يَكُونُ قَصْرُهُ كَصَبْغِهِ فِيهِ قَوْلَانِ: فَإِنْ جَعَلْنَاهُ كَصَبْغِهِ كَانَ ذَلِكَ تَقْدِيرًا لِلْمَعْدُومِ مَوْجُودًا، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُعَرَّى شَيْءٌ مِنْ الْعُقُودِ وَالْمُعَاوَضَاتِ مِنْ جَوَازِ إيرَادِهِ عَلَى مَعْدُومٍ، فَإِنَّ الْبَيْعَ قَدْ يَكُونُ مُقَابَلَةَ عَيْنٍ بِعَيْنٍ، وَقَدْ يَكُونُ مُقَابَلَةَ عَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَقَدْ يُقَابَلُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ ثُمَّ يُنَفَّعُ التَّقَابُضَ فِي الْمَجْلِسِ وَكِلَاهُمَا عِنْدَ الْعَقْدِ مَعْدُومٌ.
وَأَمَّا الْإِجَارَةُ فَإِنْ قُوبِلَتْ الْمَنْفَعَةُ بِمَنْفَعَةٍ كَانَ الْعِوَضَانِ مَعْدُومَيْنِ، وَإِنْ قُوبِلَتْ بِعَيْنٍ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مَعْدُومَةً.
وَأَمَّا السَّلَمُ فَمُقَابَلَةُ مَعْدُومٍ بِمَوْجُودٍ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا، أَوْ بِدَيْنٍ يُقْبَضُ فِي الْمَجْلِسِ إنْ كَانَ رَأْسُ السَّلَمِ دَيْنًا.
وَأَمَّا الْقَرْضُ فَمُقَابَلَةُ مَوْجُودٍ بِمَعْدُومٍ.
وَأَمَّا الْوَكَالَةُ فَإِذَنْ فِي مَعْدُومٍ.
وَأَمَّا الْمُضَارَبَةُ فَعَمَلُ الْعَامِلِ فِيهَا مَعْدُومٌ وَكَذَلِكَ الْأَرْبَاحُ.
وَأَمَّا الْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِمَا فَمُقَابَلَةُ مَعْدُومٍ بِمَعْدُومٍ، فَإِنَّ عَمَلَ الْفَلَّاحِ مَعْدُومٌ وَنَصِيبُهُ مِنْ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ مَعْدُومٌ، فَإِنْ وَقَعَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الثَّمَرِ بَعْدَ وُجُودِهِ فِي الصِّحَّةِ خِلَافٌ.
وَأَمَّا الْجَعَالَةُ فَإِنَّ عَيْنَ الْجَعْلِ كَانَ مُقَابَلَةَ مَعْلُومٍ بِمَعْدُومٍ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ كَانَ مُقَابَلَةَ مَعْدُومٍ بِمَعْدُومٍ.
وَأَمَّا الْوَقْفُ فَهُوَ تَمْلِيكٌ لِمَنَافِعَ مَعْدُومَةٍ وَفَوَائِدَ مَعْقُودَةٍ تَارَةً لِمَوْجُودٍ وَتَارَةً لِمَفْقُودٍ، وَتَمْلِيكُ الْمَفْقُودِ أَعْظَمُ أَحْوَالِ الْوَقْفِ، فَإِنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ الْمَوْجُودِينَ وَقْتَ الْوَقْفِ إذَا انْقَرَضُوا صَارَتْ الْغَلَّاتُ وَالْمَنَافِعُ مَعْدُومَةً
الْمِثَالُ الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: قَطْعُ أَعْضَاءِ الْجَانِي حِفْظًا لِأَعْضَاءِ النَّاسِ.
الْمِثَالُ الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: جُرْحُ الْجَانِي حِفْظًا لِلسَّلَامَةِ مِنْ الْجِرَاحِ.
الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ: قَتْلُ الْجَانِي مَفْسَدَةٌ بِتَفْوِيتِ حَيَاتِهِ لَكِنَّهُ جَازَ لِمَا فِيهِ مِنْ حِفْظِ حَيَاةِ النَّاسِ عَلَى الْعُمُومِ وَلِذَلِكَ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179] .
الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: التَّمْثِيلُ بِالْجُنَاةِ إذَا مَثَّلُوا بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُفْسِدَةٌ فِي حَقِّهِمْ، لَكِنَّهُ مَصْلَحَةٌ زَاجِرَةٌ عَنْ التَّمْثِيلِ فِي الْجِنَايَةِ.
الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ: حَدُّ الْقَاذِفِ صِيَانَةٌ لِلْأَعْرَاضِ.
الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ: جَلْدُ الزَّانِي وَنَفْيُهُ حِفْظًا لِلْفُرُوجِ وَالْأَنْسَابِ وَدَفْعًا لِلْعَارِ.
الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: الرَّجْمُ فِي حَقِّ الزَّانِي الثَّيِّبِ مُبَالَغَةً فِي حِفْظِ مَا ذَكَرْنَاهُ.
الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ: حَدُّ الشُّرْبِ حِفْظًا لِلْعُقُولِ عَنْ الطَّيْشِ وَالِاخْتِلَالِ.
الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ: حُدُودُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ حِفْظًا لِلنُّفُوسِ وَالْأَطْرَافِ وَالْأَمْوَالِ.
الْمِثَالُ السِّتُّونَ: دَفْعُ الصُّولِ - وَلَوْ بِالْقَتْلِ - عَنْ النُّفُوسِ وَالْأَبْضَاعِ وَالْأَمْوَالِ.