الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْآجِلَةِ، وَإِنْ كَانَتْ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ كَانَتْ مَصَالِحُهَا الْعَاجِلَةُ لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَالْآجِلَةُ لِلشَّاهِدِ إذَا قَصَدَ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ، وَإِعَانَةَ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ عَلَى حِفْظِ حَقِّهِ. وَالْحُكْمُ كَالشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ تَصَرُّفُ الْإِمَامِ إنْ تَصَرَّفَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ الْمَحْضَةِ، كَانَتْ مَصَالِحُ تَصَرُّفِهِ آجِلَةً، وَإِنْ تَصَرَّفَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ كَانَتْ مَصَالِحُ الْعِبَادِ عَاجِلَةً وَمَصَالِحُ الْإِمَامِ آجِلَةً، وَإِنْ تَصَرَّفَ لِإِقَامَةِ الْحَقَّيْنِ حَصَلَ الْمَحْكُومُ لَهُ عَلَى الْفَوَائِدِ الْعَاجِلَةِ وَحَصَلَ الْإِمَامُ عَلَى الْأَجْرَيْنِ.
وَأَمَّا الِالْتِقَاطُ، فَمَصْلَحَتُهُ الْعَاجِلَةُ لِلَّقِيطِ وَمَصْلَحَتُهُ الْآجِلَةُ لِلْمُلْتَقِطِ.
وَأَمَّا اللُّقَطَةُ، فَإِنْ قَصَدَ الْمُلْتَقِطُ الْحِفْظَ وَالتَّعْرِيفَ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ لِلْمَالِكِ فِي الْعَاجِلِ وَلِلْمُلْتَقِطِ فِي الْآجِلِ، وَإِنْ الْتَقَطَ لِلتَّعْرِيفِ وَالتَّمْلِيكِ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ الْعَاجِلَةُ لِلْمَالِكِ وَلِلْمُلْتَقِطِ مَعَ مَا يُرْجَى لِلْمُلْتَقِطِ مِنْ الْأَجْرِ فِي الْآجِلِ.
وَإِنْ كَانَتْ الْوِلَايَةُ عَلَى الْقِسْمَةِ فَإِنْ قَسَمَهَا مَجَّانًا كَانَتْ الْفَائِدَةُ الْعَاجِلَةُ لِلْمُقْتَسِمِينَ وَالْآجِلَةُ لِلْقَاسِمِينَ، لِمَا فِيهَا مِنْ إعَانَةِ الْمُقْتَسِمِينَ، وَإِنْ كَانَتْ بِعِوَضٍ لَا مُسَامَحَةَ فِيهِ كَانَتْ عَاجِلَةً لِلْقَاسِمِينَ وَالْمُقْتَسِمِينَ، وَإِنْ سَامَحَ الْقَاسِمُ فِي الْأُجْرَةِ كَانَ لَهُ أَجْرُ الْمُسَامِحِينَ.
[قَاعِدَةٌ فِي بَيَانِ حَقَائِقِ التَّصَرُّفَاتِ]
[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي نَقْلِ الْحَقِّ مِنْ مُسْتَحِقٍّ إلَى مُسْتَحِقٍّ]
الْإِنْسَانُ مُكَلَّفٌ بِعِبَادَةِ الدَّيَّانِ بِاكْتِسَابٍ فِي الْقُلُوبِ وَالْحَوَاسِّ وَالْأَرْكَانِ مَا دَامَتْ حَيَاتُهُ، وَلَمْ تَتِمَّ حَيَاتُهُ إلَّا بِدَفْعِ ضَرُورَاتِهِ وَحَاجَاتِهِ مِنْ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَلَابِسِ وَالْمَنَاكِحِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَنَافِعِ، وَلَمْ يَتَأَتَّ ذَلِكَ إلَّا بِإِبَاحَتِهِ التَّصَرُّفَاتِ الدَّافِعَةَ لِلضَّرُورَاتِ وَالْحَاجَاتِ.
وَالتَّصَرُّفَاتُ أَنْوَاعٌ: نَقْلٌ، وَإِسْقَاطٌ وَقَبْضٌ، وَإِذْنٌ وَرَهْنٌ، وَخَلْطٌ وَتَمَلُّكٌ، وَاخْتِصَاصٌ، وَإِتْلَافٌ، وَتَأْدِيبٌ خَاصٌّ وَعَامٌّ، فَنَذْكُرُ كُلَّ نَوْعٍ فِي بَابٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -.
الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي نَقْلِ الْحَقِّ مِنْ مُسْتَحِقٍّ إلَى مُسْتَحِقٍّ وَهُوَ ضَرْبَانِ: الضَّرْبُ الْأَوَّلُ: فِي النَّقْلِ بِعِوَضٍ وَهُوَ أَنْوَاعٌ
الْأَوَّلُ: الْبَيْعُ وَهُوَ نَقْلُ مِلْكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ إلَى صَاحِبِهِ إنْ كَانَ الْعِوَضَانِ عَيْنًا، وَإِنْ كَانَ دَيْنًا فَهُوَ مُقَابِلُهُ الْتِزَامُ دَيْنٍ بِالْتِزَامِ دَيْنٍ إلَى أَنْ يَتَّفِقَ التَّقَابُضُ فَيَنْتَقِلُ مِلْكُ الْبَائِعِ إلَى الْمُشْتَرِي وَمِلْكُ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ. وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ عَيْنًا وَالثَّمَنُ دَيْنًا كَانَ الْتِزَامُ الدَّيْنِ فِي نَقْلِ مُقَابِلِهِ مِلْكَ الْعَيْنِ فَإِذَا قَبَضَ الدَّيْنَ انْتَقَلَ الْمِلْكُ إلَى الْبَائِعِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: الْإِجَارَةُ وَهِيَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ مَنَافِعَ، وَتَتَعَلَّقُ الْمَنَافِعُ وَالْحُقُوقُ تَارَةً بِالذِّمَمِ وَتَارَةً بِالْأَعْيَانِ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: الْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ التَّابِعَةُ لَهَا وَهِيَ: الْتِزَامُ أَعْمَالِ الْفِلَاحَةِ بِجُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ الْغَلَّةِ الْمَعْمُولِ عَلَى تَحْصِيلِهَا.
النَّوْعُ الرَّابِعُ: الْقَرْضُ وَهُوَ تَعَاقُدٌ عَلَى الْإِجَارَةِ بِجُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ الْأَرْبَاحِ.
النَّوْعُ الْخَامِسُ: السَّلَمُ وَهُوَ بَيْعُ دَيْنٍ بِعَيْنٍ مَقْبُوضَةٍ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بِدَيْنٍ يُقْبَضُ فِيهِ.
النَّوْعُ السَّادِسُ: الْقَرْضُ وَهُوَ بَدَلُ عَيْنٍ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنٍ.