المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(حرف الهمزة مع النون) - كشف الخفاء ط القدسي - جـ ١

[العجلوني]

فهرس الكتاب

- ‌كشف الخفاء ومزيل الإلباس

- ‌حياة المصنف

- ‌(حرف الهمزة)

- ‌(حرف الهمزة مع الباء الموحدة)

- ‌(حرف الهمزة مع التاء المثناة)

- ‌(حرف الهمزة مع الثاء المثلثة)

- ‌(الهمزة مع الجيم)

- ‌(الهمزة مع الحاء المهملة)

- ‌(الهمزة مع الخاء المعجمة)

- ‌(الهمزة مع الدال المهملة)

- ‌(الهمزة مع الذال المعجمة)

- ‌(حرف الهمزة مع الراء)

- ‌(حرف الهمزة مع الزاي)

- ‌(حرف الهمزة مع السين المهملة)

- ‌(الهمزة مع الشين المعجمة)

- ‌(حرف الهمزة مع الصاد المهملة)

- ‌(الهمزة مع الضاد المجمعة)

- ‌(حرف الهمزة مع الطاء المهملة)

- ‌(حرف الهمزة مع الظاء المشالة)

- ‌(حرف الهمزة مع العين المهملة)

- ‌(حرف الهمزة مع الغين المعجمة)

- ‌(حرف الهمزة مع الفاء)

- ‌(حرف الهمزة مع القاف)

- ‌(حرف الهمزة مع الكاف)

- ‌(حرف الهمزة مع اللام)

- ‌(الهمزة مع الميم)

- ‌(حرف الهمزة مع النون)

- ‌(حرف الهمزة مع الهاء)

- ‌(حرف الهمزة مع الواو)

- ‌(حرف الهمزة مع اللام ألف)

- ‌(حرف الهمزة مع الياء التحتية)

- ‌(حرف الباء الموحدة)

- ‌(حرف المثناة الفوقية)

- ‌(حرف الثاء المثلثة)

- ‌(حرف الجيم)

- ‌(حرف الحاء المهملة)

- ‌(حرف الخاء المعجمة)

- ‌(حرف الدال المهملة)

- ‌(حرف الذال المعجمة)

- ‌(حرف الراء المهملة)

- ‌(حرف الزاي)

- ‌(حرف السين المهملة)

الفصل: ‌(حرف الهمزة مع النون)

عن أبي برزة رضي الله عنه.

604 -

(إملِكْ عليك لسانك ولْيَسَعْكَ بيتُك وابكِ على خطيئتك) رواه الترمذي

عن ابن عامر.

605 -

(أمينُ هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح) رواه أحمد عن خالد بن الوليد.

(حرف الهمزة مع النون)

606 -

(أنا ابنُ الذبيحَيْنِ) كذا في الكشاف، قال الزيلعي وابن حجر في تخريج أحاديثه لم نجده بهذا اللفظ، وقال في المقاصد حديث ابن الذبيحين رواه الحاكم في المناقب من مستدركه من حديث عبيد الله بن محمد العتبي قال حدثنا عبد الله بن سعيد عن الصنابجي قال حضرنا مجلس معاوية بن أبي سفيان فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق ابن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام فقال بعضهم الذبيح إسماعيل وقال بعضهم بل إسحاق، فقال معاوية سقطتم على الخبير كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أعرابي يشكو جدب أرضه يا رسول الله خلفت البلاد يابسة والماء يابسا هلك المال وضاع العيال فعد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه، فقلنا لمعاوية من الذبيحان يا أمير المؤمنين؟ فقال إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل له أمرها أن ينحر بعض ولده فأخرجهم وأسهم بينهم فخرج السهم لعبد الله فأراد ذبحه فمنعه أخواله من بني مخزوم وقالوا له أرْضِ ربَّك وافْدِ ابنك، ففداه بمائة ناقة فهو الذبيح، وإسماعيل الثاني انتهى مع زيادة، وقال في المواهب وشرحها للزرقاني وعند الحاكم في المستدرك وابن جرير وابن مردويه والثعلبي في تفاسيرهم عن معاوية ابن أبي سفيان قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه أعرابي فقال يا رسول الله خلفت البلاد يابسا والماء يابسا وفي نسخة الكلأ يابسا وخلفت المال عابسا هلك المال وضاع العيال فعد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه، والحديث حسن بل صححه الحاكم والذهبي لتقوّيه بتعدد طرقه انتهى، وأقول فحينئذ لا ينافيه ما نقله الحلبي في سيرته عن السيوطي إن هذا

ص: 199

الحديث غريب، وفي إسناده لا يعرف انتهى، وفيه دليل على أن الذبيح إسماعيل وهو الصحيح، وفي الهدي لابن القيم: إسماعيل هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومَن بعدَهم وأما القول بأنه إسحاق فمردود بأكثر من عشرين وجها ونقل عن الإمام ابن تيمية أن هذا القول متلقى من أهل (1) الكتاب مع أنه باطل في كتابهم فإن فيه: إن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه بِكْرَه، وفي لفظ وحيده، وقد حرفوا ذلك في التوراة التي بأيديهم " اذبح ابنك إسحاق ".

ولبعضهم وقد أجاد: إن الذبيح، هُدِيتَ، إسماعيل

نطق الكتاب بذاك والتنزيل شرفٌ به خَص الإلهُ نبيَّنا

وأبانه التفسير والتأويل

607 -

(أنا أعرفكم بالله وأخوفكم منه) قال في المقاصد قال شيخنا صحيح وقد ترجم البخاري في صحيحه بقوله صلى الله عليه وسلم إنا أعلمكم بالله، وأورد في الباب عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرهم، أمرهم من الأعمال بما يطيقون.

قالوا إنا لسنا كهيئتك يا رسول الله إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه ثم يقول إنّ اتقاكم وأعلمكم بالله أنا، ولفظ ترجمة البخاري لأبي ذر أنا أعرفكم بالله، وكأنه مذكور بالمعنى بناء على ترادفهما وعليه البخاري، وله أيضا في باب من لم يواجه الناس بالعتاب من الأدب عن عائشة قالت صنع النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فترخص فيه فتنزه عنه قوم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فخطب فحمد الله ثم قال ما بال أقوام يتنزهون عن الشئ أصنعه فوالله إني لأعلمهم بالله عز وجل وأشدهم له خشية وللحاكم عن عائشة مرفوعا في حديث قد علموا إني أتقاهم لله وإداهم للأمانة.

608 -

(أنا أكرم على الله من أن يتركني في التراب ألف عام) قال الصغاني موضوع.

609 -

(أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش) قال في اللآلئ معناه

(1) من قوله " عشرين " إلى " أهل الكتاب " ساقط من الأصل فاستدركناه من (جنى الجنتين في تميز نوعي المثنيين للمحبي) وقد بسط الكلام على الذبيحين

بأضعاف ما ورد هنا.

ص: 200

صحيح ولكن لا أصل له كما قال ابن كثير وغيره من الحفاظ، وأورده أصحاب الغريب ولا يعرف له إسناد ورواه ابن سعد عن يحيى بن يزيد السعدي مرسلا بلفظ أنا أعربكم أنا من قريش ولساني لسان سعد بن بكر، ورواه الطبراني عن أبي سعيد الخدري بلفظ أنا أعرب العرب ولدت في بني سعد فأنىّ يأتيني اللحن، كذا نقله في مناهل الصفا بتخريج أحاديث الشفا للجلال السيوطي، ثم قال فيه والعجب من المحلى حيث ذكره في شرح جمع الجوامع من غير بيان حاله، وكذا من شيخ الإسلام زكريا حيث ذكره في شرح الجزرية، ومثله أنا أفصح العرب بيد أني من قريش، أورده أصحاب الغرائب ولا يعلم من أخرجه ولا إسناده انتهى.

610 -

(أنا وأمتي بَراءٌ من التكلف) قال في الدرر قال النووي لا يثبت وروى البخاري عن عمر قال " نُهِينا عن التكلف "، وفي مسند الفردوس من حديث الزبير بن العوام:" إني برئ من التكلف، وصالحو أمتي ".

انتهى، وقال في اللآلئ بعد أن نقل عن النووي أنه ليس بثابت: قلت روي البخاري عن أنس أنه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال " نُهِينا عن التكلف ".

611 -

(أنا جليسُ من ذكرني) رواه الديلمي بلا سند عن عائشة مرفوعا وعند البيهقي في الشعب عن أبي بن كعب قال قال موسى عليه الصلاة والسلام يا رب أقريب أنت فأناجيك أو بعيد فأناديك فقيل له يا موسى أنا جليس من ذكرني، ونحوه عند أبي الشيخ في الثواب عن كعب والبيهقي أيضا في موضع آخر أن أبا أسامة قال لمحمد بن النضر أما تستوحش من طول الجلوس في البيت؟ فقال ما لي أستوحش وهو يقول أنا جليس من ذكرني، وأخرجه أبو الشيخ عن محمد بن نضر الحارثي أنه قال لأبي الأحوص أليس تروي أنه قال أنا جليس من ذكرني فما أرجو بمجالسة الناس، وعند البيهقي معناه في المرفوع عن أبي هريرة أنه قال سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل قال أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه، ورواه الأوزاعي عن أبي هريرة موقوفا ومرفوعا والمرفوع أصح، ورواه الحاكم وصححه

ص: 201

عن أنس بلفظ قال الله تعالى عبدي أنا عند ظنك بي وأنا معك إذا ذكرتني.

612 -

(أنا ربُ الشام مَن أرادها بسوء قصَمْتُه) هكذا اشتهر على الألسنة كثيرا، ولم أر من ذكره وبيَّن حاله، واشتهر أيضا " ويكِ أم الجبابرة من أمك بسوء قصمته ".

والخطاب لدمشق ولعلهما من الإسرائيليات ويؤيد الثاني ما ذكره ابن رجب في كتاب حماية الشام أن دمشق لما فتحت في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجدوا حجرا في جيرون مكتوبا عليه باليونانية، فجاؤوا برجل يوناني فقرأه فإذا فيه مكتوب دمشق جبارة لا يهم بها جبار إلا قصمه الله، الجبابرة تبني والقرود تخرب الأخراش إلى يوم القيامة انتهى، ثم قال فيها أيضا: وذكر الحافظ أبو القاسم بن عساكر بسنده عن يحيى بن حمزة قال: قدم عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس دمشق وحاصر أهلها فلما دخلها هدم سورها فوقع منها حجر كان عليه مكتوب باليونانية ويك أم الجبابرة، من رامك بسوء قصمه الله، إذا وَهَى مِيلُ جيرون الغربي من باب البريد، ويلك من الخمسة أعين، نَقضُ سورِكِ على يديه، بعد أربعة آلاف تعيشين رغدا فإذا وَهَى مِيلُ جيرون الشرقي أذيل لك بمن تعرض لك، قال فوجدنا الخمسة أعين عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب انتهى.

613 -

(أنا عند ظن عبدي بي) رواه الشيخان عن أبي هريرة رفعه، وللبيهقي عن أبي هريرة أيضا رفعه بلفظ أمر الله عز وجل بعبدين إلى النار فلما وقف أحدهما على شفتها التفت فقال أما والله إني كان ظني بك لحسن فقال الله عز وجل ردوه فأنا عند ظنك بي فغفر له، وفي لفظ ردوه أنا عند حسن ظن عبدي بي، وعزاه ابن الجزري في الحصن الحصين للشيخين بلفظ أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني ذكرته فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، وروى أبو الشيخ عن أبي هريرة أيضا مرفوعا بلفظ العبد عند ظنه بالله، ولابن ماجه عن أبي هريرة بلفظ يا أيها الناس أحسنوا الظن برب العالمين فإن الرب عند ظن عبده به، وقال النجم رواه أحمد وابن حبان وابن ماجه عن واثلة بلفظ قال

ص: 202

الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي إن ظن خيرا فله وإن ظن شرا فله وتقدم آنفا في حديث أنا جليس من ذكرني.

عن أنس بلفظ قال الله تعالى عبدي أنا عند ظنك بي وأنا معك إذا ذكرتني، ولابن أبي الدنيا تأليف في حسن الظن بالله.

614 -

(أنا عند المنكسرة قلوبُهم من أجلي) قال في المقاصد ذكره في البداية للغزالي، وقال القاري عقبه: ولا يخفى أن الكلام في هذا المقام لم يبلغ الغاية.

قلت وتمامه " وأنا عند المندرسة قلوبهم لأجلي "، ولا أصل لهما في المرفوع.

انتهى.

615 -

(أنا جدُ كل تقي) تقدم في آل محمد كل تقي إنه لا يعرف.

616 -

(أنا سيد ولد آدم يوم القيامة) رواه مسلم وأبو داود عن أبي هريرة من حديث وهو عند أحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي سعيد في حديث بزيادة ولا فخر وبيدي لواء الحمد ولا فخر وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر وأنا أول شافع ومشفع ولا فخر، وعند الترمذي عن أنس أنا أول من تنشق عنه الأرض فأكسى حُلة من حُلل الجنة ثم أقوم عن يمين العرش ليس أحد من الخلائق يقوم ذلك المقام غيري، وفي الفتوحات للشيخ الأكبر في الباب العاشر ما نصه اعلم أنه ورد في الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنا سيد ولد آدم ولا فخر - بالراء، وفي رواية بالزي وهو التبجح بالباطل انتهى فاعرفه.

617 -

(أنا سيدُ الناس يوم القيامة) رواه البخاري عن أبي هريرة، وروى البيهقي أنا سيد العالمين.

618 -

(أنا مدينة العلم وعلي بابها) رواه الحاكم في المستدرك والطبراني في الكبير وأبو الشيخ في السنة وغيرهم كلهم عن ابن عباس مرفوعا مع زيادة فمن أتى العلم فليأت الباب ورواه الترمذي وأبو نعيم وغيرهما عن علي بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنا دار الحكمة وعلي بابها، وهذا حديث مضطرب غير ثابت كما قاله الدارقطني في العلل، وقال الترمذي منكر، وقال البخاري ليس له وجه صحيح، ونقل الخطيب البغدادي عن يحيى ابن معين إنه قال إنه كذب لا أصل له، وقال الحاكم في الحديث الأول إنه

ص: 203

صحيح الإسناد لكن ذكره ابن الجوزي بوجهيه في الموضوعات، ووافقه الذهبي وغيره وقال أبو زرعة كم خلق افتضحوا فيه، وقال أبو حاتم ويحيى بن سعيد لا أصل له لكن قال في الدرر نقلا عن أبي سعيد العلائي الصواب أنه حسن باعتبار تعدد طرقه لا صحيح، ولا ضعيف، فضلا أن يكون موضوعا، وكذا قال الحافظ ابن حجر في فتوى له، قال وبسطت كلامهما في التعقبات على الموضوعات انتهى، وقال في اللآلئ بعد كلام طويل والحاصل أن الحديث ينتهي بمجموع طريقي أبي معاوية وشَريك إلي درجة الحسن المحتج به انتهى، وقال في شرح الهمزية لابن حجر المكي قولهما

كم أبانت عن علوم

أنه حسن خلافا لمن زعم وضعه انتهى، وقال في الفتاوى الحديثية رواه جماعة وصححه الحاكم وحسنه الحافظان العلائي وابن حجر انتهى، وقال ابن دقيق العيد لم يثبتوه، وقيل أنه باطل وهو مشعر بتوقفه فيما قالوه من الوضع، بل صرح العلائي بذلك فقال وعندي فيه نظر ثم بين ما يشهد لكون أبي معاوية حدث به عن ابن عباس وهو ثقة حافظ يحتج بأفراده كابن عيينة وأضرابه قال فمن حكم على الحديث مع ذلك بالكذب فقد أخطأ وليس هو من الألفاظ المنكرة التي تأباها العقول بل هو كحديث أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، فليس الحديث بكذب لاسيما وقد أخرج الديلمي بسند ضعيف جدا عن ابن عمر أنه قال علي بن أبي طالب باب حطةَّ فمن دخل فيه كان مؤمنا ومن خرج منه كان كافرا، وأخرجه أيضا عن أبي ذر رفعه بلفظ علي باب علمي ومبين لأمتي ما أرسلت به من بعدي حبه إيمان وبغضه نفاق والنظر إليه رأفة، ورواه أيضا عن ابن عباس رفعه أنا ميزان العلم وعلي كفتاه والحسن والحسين خيوطه، وروى الديلمي بلا إسناد عن ابن مسعود رفعه أنا مدينة العلم وأبو بكر أساسها وعمر حيطانها وعثمان سقفها وعلي بابها، وروي أيضا عن أنس مرفوعا أنا مدينة العلم وعلي بابها ومعاوية حلقتها، قال في المقاصد وبالجملة فكلها ضعيفة وألفاظ أكثرها ركيكة، وأحسنها حديث ابن عباس بل هو حسن، وقال النجم كلها ضعيفة واهية، وقد روى الترمذي والنسائي وابن ماجه

ص: 204

وغيرهم من حديث حبشي بن جنادة مرفوعا علي مني وأنا من علي لا يؤدي عني إلا أنا أو علي، وليس في هذا كله ما يقدح في إجماع أهل السنة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم على أن أفضل الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم على الإطلاق أبو بكر ثم عمر وقد قال ابن عمر كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حيٌ أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر وعثمان فيسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكره، بل ثبت عن علي نفسه أنه قال خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم رجل آخر، فقال له ابنه محمد بن الحنفية ثم أنت يا أبت فقال ما أبوك إلا رجل من المسلمين.

619 -

(أنا من الله والمؤمنون مني) هو كذب مختلق كما قاله الحافظ ابن حجر وقال بعض الحفاظ لا يعرف بهذا اللفظ مرفوعا بل الذي ثبت في الكتاب والسنة أن المؤمنين بعضهم من بعض، أما الكتاب ففي قوله تعالى بعضكم من بعض وأما السنة ففي قوله صلى الله عليه وسلم في حي الأشعريين هم مني وأنا منهم، وقوله لعلي أنت مني وأنا منك وقوله للحسن هذا مني وأنا منه، وكله صحيح، وعند الديلمي بلا إسناد عن عبد الله بن جراد أنا من الله عز وجل والمؤمنون مني فمن آذى مؤمنا فقد آذاني - الحديث، ويجري فيه ما قيل في الأول.

620 -

(الأنبياء قادة والفقهاء سادة ومجالسهم زيادة) قال القاري هو موضوع كما في الخلاصة انتهى.

621 -

(أنا والأتقياء من أمتي بريئون من التكلف) قال النووي ليس بثابت وأخرجه الدارقطني في الأفراد بسند ضعيف عن الزبير بن العوام مرفوعا " ألا إني برئ من التكلف، وصالحو أمتي " وذكره في الإحياء أنا وأتقياء أمتي براءٌ من التكلف، وروى أحمد والطبراني في معجمه الكبير والأوسط وأبو نعيم في الحلية عن سلمان أنه قال لمن استضافه لولا أنا نُهِينا عن التكلف لتكلفت لكم، وهذا حكمه الرفع على الصحيح، وإلى هذا أشار الحافظ ابن حجر بقوله روي مرفوعا من حديث سلمان والصحيح عنه من قوله وقال عمر كما في البخاري عن أنس عنه نُهِينا

ص: 205

عن التكلف، وأخرجه ابن عساكر بلفظ اللهم إني وصالحو أمتي براءٌ من كل متكلف وأخرجه أحمد وابنه والطبراني وغيرهم عن سلمان أنه قال لأضياف نزلوا به فقدم لهم ما تيسر ثم قال لولا أنا نُهِينا عن التكلف لتكلفت لكم، قال النجم وليس المراد منه أن لا يهتم الإنسان بضيفه بل أن لا يتكلف له ما لا يقدر عليه، فقد أخرج الخرائطي عن سلمان لا يتكلفن أحد لضيفه ما لا يقدر عليه وفى لفظ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نتكلف للضيف ما ليس عندنا وأن نقدم إليه ما حضرنا، وهو عند الطبراني بلفظ نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن نتكلف للضيف ما ليس عندنا، وروى البيهقي عن أبي سعيد أنه قال صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما فأتاني هو وأصحابه فلما وضع الطعام قال رجل من القوم إني صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاكم أخوكم وتكلف لكم ويقول أحدكم إني صائم، وعند الدارقطني من حديث جابر نحوه وكلاهما ضعيف.

622 -

(أنا يعسوب المؤمنين) مر في: أمير النحل علي.

623 -

(أنا وكافل اليتيم في الجنة) هكذا رواه البخاري وأحمد وأبو داود والترمذي عن سهل بن سعد.

624 -

(أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب) رواه الشيخان عن البراء ابن عازب، ورواه الطبراني عن أبي سعيد بزيادة أنا أعرب العرب ولدتني قريش ونشأت في بني سعد بن بكر فأنىَّ يأتيني اللحن.

625 -

(إنا لنبش في وجوه قوم وقلوبنا تلعنهم)

626 -

(إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة) رواه أحمد وابن حبان عن الحسن ابن علي، ورواه أيضا أبو داود والنسائي والحاكم عن أبي رافع، وزاد فيه وإن مولى القوم من أنفسهم.

627 -

(انتظار الفرج عبادة) رواه الترمذي وابن أبي الدنيا في الفرج عن سعد بن أبي وقاص، وروياه أيضا وأبو داود والنسائي والبيهقي في الشعب والعسكري في الأمثال والديلمي كلهم عن ابن مسعود مرفوعا بلفظ سلوا الله من فضله فإن الله

ص: 206

يحب أن يسأل من فضله وأفضل العبادة انتظار الفرج، وحسن إسناده الحافظ ابن حجر في بعض حواشيه، لكن قال الترمذي عقبه هكذا رواه حماد بن واقد وليس بالحافظ، وقال البيهقي تفرد به حماد وليس بالقوي، ورواه أبو نعيم عن رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال في المقاصد وحديث أبي نعيم أشبه أن يكون أصح، وله طرق منها ما رواه ابن أبي الدنيا والبيهقي والديلمي عن علي رفعه انتظار الفرج من الله عبادة ومن رضى بالقليل من الرزق رضى الله منه بالقليل من العمل، ومنها ما رواه العسكري والقضاعي عن ابن عمر رفعه انتظار الفرج بالصبر عبادة، ومنها ما رواه البيهقي عن الزهري رفعه انتظار الفرج من الله عز وجل عبادة، وقال أنه مرسل ثم ساق عن بقية متصلا بلفظ انتظار الفرج عبادة وقال الأول أولى، ومنها ما رواه البيهقي أيضا عن ابن عباس رفعه أفضل العبادة توقع الفرج، وأخرجه القضاعي عن ابن عباس رفعه انتظار الفرج بالصبر عبادة، ومنها ما رواه الحكيم الترمذي في الأصل الثامن والخمسين الحياء زينة والتقى كرم وخير المركب الصبر وانتظار الفرج من الله عبادة.

628 -

(أنت ومالك لأبيك) رواه ابن ماجه عن جابر أن رجلا قال يا رسول الله إن لي مالا وولدا وإن أبي يريد أن يجتاح مالي فذكره، ورواه عنه الطبراني في الأوسط والطحاوي، ورواه البزار عن هشام بن عروة مرسلا وصححه ابن القطان من هذا الوجه، وله طريق أخرى عند البيهقي في الدلائل والطبراني في الأوسط والصغير بسند فيه المكندر ضعفوه عن جابر، قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أبي أخذ مالي فقال النبي صلى الله عليه وسلم اذهب فأتني بأبيك فنزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك إذا جاءك الشيخ فسله عن شئ قاله في نفسه ما سمعته أذناه، فلما جاء الشيخ قال له النبي صلى الله عليه وسلم ما بال ابنك يشكوك تريد أن تأخذ ماله قال سله يا رسول الله هل أنفقته إلا على إحدى عماته أو خالاته أو على نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إيه دعنا من هذا أخبرني عن شئ قلته في نفسك ما سمعته

ص: 207

أذناك فقال الشيخ والله يا رسول الله ما يزال الله يزيدنا بك يقينا، لقد قلت في نفسي شيئا ما سمعته أذناي فقال قل وأنا أسمع فقال قلت:

غذوتك مولودا ومنتك يافعا

تُعل بما أجني عليك وتنهل

إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت

لسقمك إلا ساهرا أتململ

كأني أنا المطروق دونك بالذي

طرقت به دوني فعينيَ تهمل

تخاف الردى نفسي عليك وإنها

لتعلم أنَّ الموت وقت مؤجل

فلما بلغت السن والغاية التي

إليها مدى ما كنت فيك أؤمل

جعلت جزائي غلظة وفظاظة

كأنك أنت المنعم المتفضل

فليتك إذا لم ترع حق أبوتي

فعلت كما الجار المجاور يفعل

تراه معدَّا للخلاف كأنه

برد على أهل الصواب موَكَل

ويروى بدل البيت الأخير قوله البيت:

فأوليتنى حق الجوار فلم تكن

عليّ بمال دون مالك تبخل

قال فحينئذ أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بتلابيب ابنه وقال أنت ومالك لأبيك، وذكر في الكشاف في تفسير سورة الإسراء بلفظ شكا رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أباه وأنه يأخذ ماله فدعا به فإذا شيخ يتوكأ على عصا فسأله فقال إنه كان ضعيفا وأنا قوي وفقيرا وأنا غني فكنت لا أمنعه شيئا من مالي واليوم أنا ضعيف وهو قوي وأنا فقير وهو غني وهو يبخل على بماله فبكى عليه الصلاة والسلام وقال ما من حجر ولا مدر يسمع هذا إلا بكى ثم قال للولد أنت ومالك لأبيك، وقال مخرجه لم أجده، وقال في المقاصد قال شيخنا أخرجه في معجم الصحابة من طريق وبيض له قال قلت وكأنه رام ذكر الذي قبله، والحديث عند البزار في مسنده عن عمر أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أبي يريد أن يأخذ مالي فذكره وهو منقطع، وأخرجه الطبراني في معاجمه الثلاثة عن ابن عمر قال أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستعدي على والده قال إنه أخذ مني مالي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أما علمت أنك ومالك من

ص: 208

كسب أبيك، وأخرج ابن ماجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أبي اجتاح مالي قال أنت ومالك لأبيك إن أولادكم من أطيب كسبكم فكلوا من أموالكم، وأخرجه أحمد عنه وكذا ابن حبان عن عائشة، في المقاصد والحديث قوي.

629 -

(أنزلوا الناس منازلهم) رواه مسلم وأبو داود عن عائشة، ورواه الخرائطي في مكارم الأخلاق عن معاذ بلفظ أنزلوا الناس منازلهم من الخير والشر وأحسن أدبهم على الأخلاق الصالحة، وتقدم في أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم بأبسط.

630 -

(أُنزلَ القرآن على سبعة أحرف) رواه أحمد والترمذي عن أبي رضي الله عنه وأحمد عن حذيفة، وهو عند الطبراني من حديث ابن مسعود بزيادة فمن قرأ على حرف منها فلا يتحول إلى غيره رغبة عنه، وفي رواية أخرى عنده لكل حرف منها ظهر وبطن ولكل حرف حد ولكل حد مطلع، وعنده عن معاذ أنزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف كلها كاف شاف.

631 -

(أنصر أخاك ظالما أو مظلوما) رواه البخاري عن أنس مرفوعا وبقيته قال يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما قال تأخذ فوق يديه، وفى لفظ تمنعه من الظلم فذاك نصرك إياه، وهو أيضا لفظ ترجمة البخاري، وأخرجه أيضا في الإكراه وزاد فقال رجل يا رسول الله انصره إذا كان مظلوما أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره قال تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره، ورواه مسلم عن جابر، وفيه بيان سببه قال اقتتل غلامان غلام من المهاجرين وغلام من الأنصار فنادى المهاجري يا للمهاجرين ونادى الأنصاري يا للأنصار فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما هذا دعوى أهل الجاهلية قالوا يا رسول الله ألا إن الغلامين اقتتلا فكسع أحدهما الآخرَ فقال لا بأس ولينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما فإن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر وإن كان مظلوما فلينصره، وأخرجه ابن عساكر والدارمي عن جابر بلفظ أنصر

ص: 209

أخاك ظالما أو مظلوما إن يك ظالما فاردده عن ظلمه وإن يك مظلوما فانصره.

632 -

(أنْصَفَ مَنْ بالحقِ اعترَفَ) قال في المقاصد لم أعرفه هكذا، ولكن روى أحمد والحاكم عن الأسود بن سريع أنه قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بأعرابي أسير فقال أتوب إلى الله ولا أتوب إلى محمد فقال صلى الله عليه وسلم عرف الحق لأهله.

633 -

(اُنظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من فوقكم فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم) متفق عليه من حديث الأعرج، ورواه مسلم من حديث همام وأبي صالح ثلاثتهم عن أبي هريرة مرفوعا، وفي لفظ لمسلم إذا نظر أحدكم إلى من فضَّلَه الله عليه في المال والخَلْق فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فُضِّل عليه، وروى أحمد وابن حبان في أثناء حديث عن أبي ذر أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم إن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فوقي.

634 -

(أََنْفِقْ، أُنْفِقِ عليك) متفق عليه عن أبي هريرة مرفوعا قال قال الله عز وجل أَنفق، أُنفق عليك وقال يد الله ملأى لا يغيضها - الحديث، وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة أيضا مرفوعا: أن الله قال لي أَنفق، أُنفق عليك.

635 -

(أنفق بلال ولا تخشى من ذي العرش إقلالا) رواه الطبراني في الكبير والقضاعي في مسنده عن ابن مسعود قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم على بلال وعنده صبرة من تمر فقال ما هذا يا بلال قال يا رسول الله ذخرته لك ولضيفانك قال أما تخشى أن يفور لها بخار من جهنم أنفق بلال - الحديث، وذكره النجم عن أبي هريرة أيضا بلفظ أما تخشى يا بلال أن ترى له بخارا في نار جهنم، ورواه العسكري في الأمثال وكذا البزار في مسنده عن عائشة بلفظ قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعمنا بلال فقال يا رسول الله ما عندي إلا صبرة من تمر خبأته لك فقال أما تخشى أن يقذف به في نار جهنم أنفق - الحديث، وأخرجه البزار أيضا عن أبي هريرة بلفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على بلال وعنده صبرة من تمر فقال ما هذا قال أدخره فقال أما تخشى أن ترى له بخار في نار جهنم أنفق - الحديث، ورواه البيهقي في الشعب عن أبي هريرة

ص: 210

مرفوعا، وأيضا مرسلا عن ابن سيرين، ورواه أبو يعلى بلفظ أنفق يا بلال ولا تخافن من ذي العرش إقلال، قال في المقاصد وما يحكى على لسان كثيرين في لفظ الحديث وأنه " بلالا " ويتكلفون في توجيهه بكونه نهيا عن المنع وبغير ذلك فشئ لم أقف له على أصل انتهى، وأقول مما قيل فيه أن أصله أنفق بلا قولك لا، ومنه أن مصدر بلَّ يبُلُ مشدد اللام، وقد وجهه الجلال السيوطي في الأشباه والنظائر النحوية بأنه من الاتباع وإن كان منادى مفردا علما، وعبارته فيها ومنه اتباع كلمة في التنوين لكلمة أخرى منونة صحبتها كقوله تعالى

(وجئتك من سبأ بنبأ)

... (إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا)

في قراءة من نون الجميع، وحديث أنفق بلالا ولا تخشى من ذي العرش انتهت، وقال في " الهمع "، أواخر الكتاب الخامس: روى البزار في مسنده وغيره أنفق بلالا ولا تخش من ذي العرش إقلالا نوّن المنادى المعرفة ونصبه لمناسبة إقلالا انتهى، وأقول ظاهر كلامه في الكتابين أن الرواية بالنصب ومقتضى ما في المقاصد أنه بالضم فليراجع وكلام السيوطي لا يفيد حصر الرواية بالنصب والإمام السخاوي نفى الوقوف فلا ينفي الورود فمَنْ حَفِظَ حُجَةً على من لم يحفظ فافهم أي فهما روايتان فلا منافاة.

636 -

(إنما الأعمال بالنيات) مر في الأعمال بالنيات في أول الكتاب.

637 -

(إنما بُعِثْتُ رحمة ولم أُبْعَثْ عذابا) رواه البخاري في التاريخ عن أبي هريرة، وكذا في الأدب المفرد عنه بلفظ إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة.

638 -

(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) رواه مالك في الموطأ بلاغا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عبد البر هو متصل من وجوه صحاح عن أبي هريرة وغيره، ومنها ما رواه أحمد والخرائطي في أول المكارم بسند صحيح عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق، ومنها ما رواه الطبراني في الأوسط بسند فيه عمر بن إبراهيم القرشي وهو ضعيف عن جابر مرفوعا بلفظ: أن الله بعثني بتمام مكارم الأخلاق وكمال محاسن الفعال، لكن معناه صحيح، ومنها ما عزاه

ص: 211

الديلمي لأحمد في مسنده عن معاذ، لكن قال في المقاصد وما رأيته فيه والذي رأيته فيه أبي هريرة رضي الله عنه.

639 -

(إنما أجرك على قَدْرِ نَصبَكِ) رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها.

640 -

(إنما بقي من الدنيا بلاءٌ وفتنةٌ) رواه أحمد والرامهرمزي في الأمثال، وأخرجه ابن ماجه عن معاوية، وصححه ابن حبان بلفظ لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتنة.

641 -

(انفق ما في الجيب يَأْتِكَ ما في الغيب) ليس بحديث لكنه يقرب من معنى الحديث المتقدم المتفق عليه أَنفق، أُنفق عليك، وقوله تعالى

(وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه)

والمشهور على الألسنة يأتيك - بالياء - وله وجه في العربية، وأخرج الخطيب في جزء له في الزهد عن يحيى بن معاذ الرازي أنه قال بدأ أمري في سياحتي حيث خرجت من الري فوقع في قلبي شأن المؤونة والنفقة فتفكرت في نفسي فإذا بهاتف لي في قلبي أخرج ما في الجيب نعطيك من الغيب، قال القاري في الموضوعات وأما قولهم أنفق أبو بكر ما معه حتى تخلل بالعباءة فليس في المرفوع لكن معناه صحيح انتهى، وقال النجم أنفق أبو بكر ما معه حتى تخلل بالعباءة ليس وارد هكذا، ومعناه ثابت لقوله صلى الله عليه وسلم واساني بنفسه وماله، ولقوله ما أبقيتَ لأهلك قال أبقيت لهم الله ورسوله، وأسلم وله أربعون ألفا فأنفقها في سبيل الله، وقالت عائشة ما ترك دينار ولا درهما.

642 -

(إنما البيع عن تراض) رواه ابن ماجه والضياء عن أبي سعيد الخدري.

643 -

(إنما جعل الإمام لِيُؤْتَمَّ به فإذا كبَّر فكبِّروا وإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد (1) وإذا سجد

فاسجدوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون) رواه الشيخان ومالك وأحمد وأبو

(1) في فتاوى السيوطي - التي سنطبعها قريبا - ترى بسط الخلاف في قول المقتدى سمع الله لمن حمده قبل قوله ربنا ولك الحمد.

ص: 212

داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أنس، ورواه الشيخان وأحمد عن عائشة وله طرق وألفاظ أخرى.

644 -

(إنما حر جهنم على أمتي كحر الحمام) رواه الطبراني في الأوسط بسند رجاله موثقون ألا شعيب بن طلحة فالأكثرون على توثيقه عن أبي بكر مرفوعا، قال في المقاصد ولم أره في " الوشى المُعْلَمِ " ولا في " تلخيصه " ولا في الأفراد للدارقطني عن ابن عباس رفعه: إن حظ أمتي من النار طولُ بلائها تحت التراب، وبيّض له الديلمي في مسنده.

645 -

(إنما السلطان ظل الله ورمحه في الأرض) رواه أبو الشيخ والديلمي والبيهقي وآخرون عن أنس مرفوعا بلفظ إذا مررت ببلدة ليس فيها سلطان فلا تدخلها إنما السلطان - الحديث، وفي لفظ للديلمي وأبي نعيم وغيرهما عن أنس مرفوعا السلطان ظل الله ورمحه في الأرض فمن نصحه ودعا له اهتدى ومن دعا عليه ولم ينصحه ضل، قال في المقاصد وهما ضعيفان، لكن في الباب عن أبي بكر وعمر وابن عمر وأبي بكرة وأبي هريرة وغيرهم كما بينتها واضحة في جزء رفع الشكوك في مفاخر الملوك انتهى، وسيأتي له طرق وألفاظ أخرى في السلطان ظل الله وقد ألف السيوطي أيضا كما قال النجم.

646 -

(إنما شفاء العي السؤال) رواه ابن ماجه من طريق الأوزاعي عن عطاء بن أبي رباح أنه قال سمعت ابن عباس يخبر أن رجلا أصابه جرح - وفي رواية في رأسه - على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أصابه احتلام فأمر بالاغتسال فاغتسل فكن فمات فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال قتلوه قتلهم الله، أوَ لم يكن شفاء العي السؤال، قال عطاء وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو غسل جسده وترك رأسه حيث أصابه الجرح به، هكذا رواه بدون واسطة بين الأوزاعي وعطاء، وحكى ابن أبي حاتم إثبات إسماعيل بن مسلم بينهما وأثبت الواسطة أيضا مع إبهامها محمد ابن شعيب فقال أخبرني الأوزاعي أنه بلغه عن عطاء، ورواه أبو داود عنه بلفظ

ص: 213

أصاب رجلا جرح في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم احتلم فأمر بالاغتسال فاغتسل فمات فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قتلوه قتلهم الله ألم يكن شفاء العي السؤال، ورواه أيضا أحمد والدارمي والدارقطني ثلاثتهم عن الأوزاعي وفي الباب أيضا علي وجابر.

647 -

(إنما الصبر عند الصدمة الأولى) رواه الشيخان عن أنس، وسببه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بامرأة تبكي على صبي لها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لها اتقي الله واصبري، فقالت إليك عني فإنك لم تُصَبْ بمصيبتي ولم تعرفه، فقيل لها إنه النبي صلى الله عليه وسلم فأتت بابه فلم تجد عنده بوابين، فقالت لم أعرفك فذكره، وفي لفظ للبخاري الصبر عند الصدمة الأولى وفي لفظ له أيضا إنما الصبر عند أول صدمة، والمعنى إنما الصبر الكامل أو الذي تُحْمَدُ عاقبتُه عند الصدمة الأولى.

648 -

(إنما الماء من الماء) رواه مسلم وأبو داود عن أبي سعيد، ورواه أحمد والنسائي وابن ماجه عن أبي أيوب.

649 -

(إنما النساء شقائق الرجال) رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن عائشة، ورواه البزار عن أنس، قال ابن القطان هو من طريق عائشة ضعيف، ومن طريق أنس صحيح.

650 -

(إنما الأمل رحمة من الله لأمتي: لولا الأمل ما أرضعت أم ولدا، ولا غَرَسَ غارِسٌ شجراً) رواه الخطيب عن أنس.

651 -

(إنما الطلاقُ لمن اخذ بالساق) رواه ابن ماجه من طريق ابن لهيعة عن ابن عباس قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال يا رسول الله سيدي زوجني أمته وهو يريد أن يفرق بيني وبينها قال فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: أيها الناس! ما بال أحدكم يزوج عبده أمته، ثم يريد أن يفرق بينهما؟ ورواه الدارقطني من طريق ابن لهيعة بدون ذكر ابن عباس، ولكن أخرجه بإثباته أبو الحجاج المهري عن موسى ولفظه إنما يملك الطلاق من أخذ بالساق، وقال النجم وأخرجه الطبراني

ص: 214

عن عصمة بن مالك إنما الطلاق بيد من أخذ بالساق.

652 -

(إنما العلم بالتعلم) رواه الطبراني في الكبير وأبو نعيم، والعسكري عن أبي الدرداء رفعه بلفظ:" إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ومن يتحر الخير يعطه ومن يتوق الشر يُوقَهْ، لم يسكن الدرجات العلى - ولا أقول لكم من الجنة - من استقسم أو تطير طيرا يرده من سفره " وفي سنده محمد بن الحسن الهمذاني كذاب ولكن رواه البيهقي في المدخل عن أبي الدرداء موقوفا، وفي رواية للطبراني وكذا البيهقي عن أبي الدرداء بزيادة بعد قوله " يوقه ":" ثلاث من كن فيه لم يسكن الدرجات العلى - ولا أقول لكم الجنة - من تكَهن أو استقسم أو رُدَّ من سفر تطير " وأخرجه العسكري عن أنس مرفوعا، وعن معاوية مرفوعا بلفظ:" يا أيها الناس إنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه، ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وإنما يخشى الله من عباده العلماءُ ".

وأخرجه الطبراني في الكبير، وابن أبي عاصم في العلم عن معاوية أيضا، وجزم البخاري بتعليقه فقال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " وقال " إنما العلم بالتعلم "، وأخرجه الدارقطني في الأفراد عن والخطيب عن أبي هريرة وعن أبي الدرداء بلفظ:: إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه ومن يتق الشر يوقَه "، وأخرجه أبو نعيم عن شداد بن أوس بلفظ أن رجلا قال يا رسول الله ماذا يزيد في العلم؟ " قال: " التعلم "، وفي سنده كذاب وهو عمر بن صبيح وأخرجه البزار بسند في حديث طويل رجاله ثقات عن ابن مسعود مرفوعا، أنه كان يقول:" فعليكم بهذا القرآن فإنه مأدبة الله، فمن استطاع منكم أن يأخذ من مأدبة الله فليفعل، فإنما العلم بالتعلم ".

وروى البيهقي في المدخل والعسكري في المثال كلاهما عن أبي الأحوص أنه قال: " إن الرجل لا يولد عالما، وإنما العلم بالتعلم " وروى العسكري أيضا عن حُميد الطويل أنه قال: كان الحسن يقول: " إذا لم تكن حليما فتحلم، وإذا لم تكن عالما فتعلم، فقلما تشبه رجلٌ بقوم إلا كان منهم "، وروى العسكري أيضا من وجه آخر عن عمرو البجلي أنه قال الحسن: " هو والله أحسن منك رداء وإن كان رداؤك

ص: 215

حبرة رداءه الحلم فإن لم يكن حلم، لا أبا لك، فتحلم، فإنه من تشبه بقوم لحق بهم.

653 -

(إنما هي أعمالكم تُرَدُّ عليكم) قال النجم رواه أبو نعيم عن حسان بن عطية قال بلغني أن الله تعالى يقول يوم القيامة يا بني آدم إنا قد أنصتنا لكم مد خلقناكم فأنصتوا لنا اليوم نقرأ عليكم أعمالكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد شرا فلا يلومن إلا نفسه إنما هي أعمالكم ترد عليكم، وفي كتاب الله تعالى

(ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون)

.

654 -

(إنما يرحم الله من عباده الرحماءَ) متفق عليه عن أسامة بن زيد مرفوعا، قال في المقاصد وقد جمعت في هذا المعنى جزءا وتقدم الكلام عليه مبسوطا في ارحموا من في الأرض.

655 -

(إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل) رواه العسكري في الأمثال بهذا اللفظ عن أنس قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم في المجسد إذ أقبل علي رضي الله عنه فسلم ثم وقف ينظر موضعا يجلس فيه فنظر النبي صلى الله عليه وسلم في وجوه أصحابه أيهم يوسع له وكان أبو بكر رضي الله عنه عن يمينه فتزحزح له عن مجلسه وقال ههنا يا أبا الحسن فجلس بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أبى بكر فعرف السرور في وجه النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا أبا بكر إنما يعرف الفضل - الحديث، وهو عند الديلمي في مسنده عن أبي سعيد رفعه بلفظ يا أبا بكر إنما يعرف الفضل لذوي الفضل أهل الفضل، وفى ترجمة العباس من تاريخ دمشق لابن عساكر عن عائشة أن النبي كان جالسا مع أصحابه وبجنبه أبو بكر وعمر فأقبل العباس فأوسع له أبو بكر فجلس بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أبي بكر فذكره، والحديثان ضعيفان، ولكن المعنى صحيح كما قاله السخاوي، وعزاه في الجامع الصغير للخطيب ولابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها بلفظ إنما يعرف الفضل لأهل الفضل أهل الفضل.

656 -

(إنما اليمين حِنْثٌ أو نَدَم) رواه أبو يعلى عن ابن عمر، سيأتي في حرف الحاء من رواية ابن ماجه عن ابن عمر مرفوعا بلفظ الحلف حنث أو ندم.

ص: 216

657 -

(إنّا أُمَّةٌٌ أُمِّيَّةٌ لا نكتب ولا نحسب) رواه الشيخان عن سعد بن أبي وقاص، وهما وأبو داود والنسائي عن ابن عمر، وزاد فيه عمن ذكر كما الجامع الكبير الشهر هكذا وهكذا وهكذا، وعقد الإبهام في الثالثة والشهر هكذا وهكذا وهكذا، يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين.

658 -

(إني بُعِثْتُ بالحنيفية السمحة) رواه الديلمي عن عائشة رضي الله عنها في حديث الحبشة ولعبهم ونظر عائشة إليهم بلفظ لتعلم يهود أن في ديننا فسحة وأني بعثت بالحنيفية السمحة ورواه أحمد بسند حسن عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ليعلم يهود إني أرسلت بالحنيفية السمحة، وفي الباب عن أبي وجابر وابن عمر وأبي هريرة وغيرهم، وترجم البخاري في صحيحه بلفظ أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة، ورواه في الأدب المفرد عن ابن عباس بلفظ قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأديان أحب إلى الله قال الحنيفية السمحة، وقال النجم وحديث جابر أخرجه الخطيب بلفظ بعثت بالحنيفية السمحة، ومن خالف سنتي فليس مني.

659 -

(إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن - أو من جانب اليمن) قال العراقي لم أجد له أصلا.

660 -

(إنكم في زمان من ترك منكم عشر ما أمر به هلك ثم يأتي زمان من عمل منهم بعشر ما أمر به نجا) رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه.

661 -

(إنكم لا تَسَعُون الناس بأموالكم، ولكن يَسَعُهُم منكم بَسْطُ الوجه وحُسْنُ الخُلُق) رواه الحاكم والبزار وابن عدي والبيهقي عن أبي هريرة.

662 -

(إنه لَيُغَانُ (1) على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة) رواه

(1) الغين: الغيم، وَغِيَنت السماءُ تُغَانُ: إذا أَطْبَق عليها الغَيم.

وقيل: الغَيْن: شجر مُلْتَفّ، أراد ما يَغْشَاه من السَّهْو الذي لا يَخْلو منه البَشَر، لأنّ قلبه أبدا كان مَشْغولا بالله تعالى، فإنْ عَرَض له وَقْتاً مّا عارِضٌ بَشَرِيّ يَشْغله من أمور الأمّة والمِلَّة ومصالحهما عَدَّ ذلك ذَنْبا وتقصيراً، فَيَفْزَعُ إلى الاسْتغفار.

كما في النهاية.

ص: 217

مسلم وأحمد وأبو داود والنسائي عن الأوزاعي.

663 -

(إن التوبة تغسل الحَوْبة، وإن الحسنات يُذهِبنَ السيّئات) رواه أبو نعيم عن شداد بن أوس، وزاد إذا ذكر العبد ربه في الرخاء أنجاه في البلاء وذلك بأن الله تعالى يقول لا أجمع أبدا لعبدي أمْنَيْن ولا أجمع له خوفَين إن هو أمنني في الدنيا خافني يوم أجمع فيه عبادي وإن خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع فيه عبادي في حظيرة القدس فيدوم له أمنه ولا أمحقه فيمن أمحقه انتهى، ورواه في الإحياء بلفظ: إن الحسنات يذهبن السيئات كما يذهب الماء الوسخ، لكن قال الزين

العراقي في تخريجه لم أجده بهذا اللفظ، وهو صحيح المعنى وبمعنى اتبع السيئة الحسنة تمحها.

664 -

(إن أول ما يرفع من الناس الأمانة وآخر ما يبقى الصلاة ورب مصل لا خير فيه) رواه البيهقي عن عمر وسيأتي في أول ما يرفع، ورواه الحكيم الترمذي عن زيد بن ثابت بلفظ: إن أول ما يرفع من الناس الأمانة وآخر ما يبقى من دينهم الصلاة ورب مصل لا خلاق له عند الله تعالى.

665 -

(إن التجار هم الفُجّار) قال النجم رواه الطبراني عن معاوية وأحمد والحاكم والبيهقي عن عبد الرحمن بن شبل، زاد فقيل يا رسول الله أليس قد أحل الله البيع قال نعم ولكنهم يحلفون فيأثمون ويحدثون فيكذبون، نعم يستثنى التاجر الصدوق الأمين لأنه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين كما أخرجه الترمذي والحاكم عن أبي سعيد الخدري انتهى، وقال ابن حجر المكي في فتاواه الحديثية رادا على بعض الحفاظ المورِد له بلفظ: أن التجار هم الفجار إلا من قال بيده هكذا وهكذا قال صدر الحديث إلى الاستثناء وارد بل صحيح كما قاله الترمذي وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون فقال يا معشر التجار فاستجابوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه فقال التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر وصدق، وفي رواية صحيحة إن التجار هم الفجار

ص: 218

فسئل يا رسول الله أليس قد أحل الله البيع قال بلى ولكنهم يحدثون فيكذبون ويحلفون فيأثمون، قال وأما آخره وهو إلا من قال بيده هكذا وهكذا.

فلم يرد في شئ من كتب الحديث بعد البحث عنه.

انتهى، وأقول ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري ما قد يشهد لهذا الخطيب حيث قال فيه: وفي رواية للبخاري عن أبي ذر بلفظ " المكثرون هم الأخسرون يوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا - الحديث

انتهى، وفي رواية لمسلم عن أبي ذر قال: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة، فلما رآني قال: هم الأخسرون ورب الكعبة.

فقلت: يا رسول الله فداك أبي وأمي، من هم؟ قال هم الأكثرون أموالا، إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، وقليلٌ ما هم، ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم، لا يؤدي زكاتها، إلا جاءت يوم القيامة أعظم مما كانت وأسمَنُهُ، تنطحُهُ بقرونها وتطأه بأظلافها، كلما نفذت أخراها عادت عليه أولاها، حتى يُقضى بين الناس انتهى فتأمله.

666 -

(إن أشدَّ الناس عذابا يوم القيامة المصورون) رواه مسلم عن ابن مسعود.

667 -

(أن أبخل الناس من بخل بالسلام) رواه أبو يعلى، وعن ابن حبان والإسماعيلي من طريقه البيهقي في الشعب عن أبي هريرة موقوفا بلفظ: إن أبخل الناس من بخل بالسلام وأعجز الناس من عجز عن الدعاء، رواه الطبراني في الأوسط وفي الدعاء، والبيهقي في الشعب عن عاصم مرفوعا بلفظ: أعجز الناس من عجز في الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام.

ورجاله رجال الصحيح، وفي لفظ عن أبي هريرة: " البخيل كل البخيل

" وذكره، وأخرجه الطبراني في الدعاء عن عبد الله بن معقل رفعه بلفظ: " أعجز الناس من عجز عن الدعاء وأبخل الناس من بخل بالسلام، وأخرجه العسكري بزيادة:" إن أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته "، وأخرجه أحمد والبزار والبيهقي عن جابر بلفظ: إن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لفلان في حائطي عِذقا، وإنه قد آذاني وشق عليّ مكان عذقه.

فأرسَلَ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بعني

ص: 219

عذقك الذي في حائط فلان.

قال: لا.

قال: فَهَبْهُ لي.

قال: لا.

قال: فبِعْنِيهِ بعذق في الجنة.

قال: لا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما رأيت الذي هو أبخل منك، إلا الذي يبخل بالسلام، وأخرجه أبو نعيم عن أنس، رفعه: بخيل الناس من بخل بالسلام.

668 -

(إن تحت كل شعرة جنابة: فاغسلوا الشعر، وأنقوا البشر) رواه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة.

669 -

(إن الدال على الخير كفاعله) رواه الترمذي عن أنس وسيأتي فيه زيادة في حرف الدال.

670 -

(إن الشمس ردت على علي بن أبي طالب) قال الإمام أحمد لا أصل له وقال ابن الجوزي موضوع، لكن خَطَّؤُوه، ومن ثم قال السيوطي: أخرجه ابن مندة وابن شاهين عن أسماء بنت عميس وابن مردويه عن أبي هريرة وإسنادهما حسن، وصححه الطحاوي والقاضي عياض، قال القاري ولعل المَنفِيّ ردُّها بأمر علي والمُثبَت بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم.

وأقول في عمدة القاري للعيني، كفتح الباري للحافظ ابن حجر، أن الطبراني والحاكم والبيهقي في الدلائل أخرجوا عن أسماء بنت عميس أن النبي نام على فخذ علي حتى غابت الشمس فلما استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال علي رضي الله عنه: يا رسول الله إني لم أُصَلّ العصر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم: إن عبدك عليا احتسب بنفسه على نبيك فردها عليه.

قالت أسماء: فطلعت الشمس حتى وقعت على الجبال وعلى الأرض ثم قام علي فتوضأ وصلى العصر وذلك بالصهباء.

قال الطحاوي وكان أحمد بن صالح يقول: لا ينبغي لمن سبيله العلم أن يتخلف عن حفظ حديث أسماء لأنه من أجَلّ علامات النبوة.

قال وهو حديث متصل ورواته ثقات وإعلالُ ابن الجوزي له لا يلتفت إليه انتهى.

وأقول قد ذكرنا في الفيض الجاري في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم " أحلت لكم الغنائم " إن قصة علي في رد الشمس بعد مغيبها، وإنها ردت لنبينا أيضا في وقعة الخندق حين شغل عن صلاة العصر حتى صلاها، وكذا ردت لسليمان بن داود عليهما السلام على قول بعضهم، وأما

ص: 220

حبسها عن المغيب فقد وقع ليوشع بن نون، وقبله لموسى بن عمران، ووقع بعدهما

لسليمان بن داود، وأيضا لنبينا عن الطلوع ليلة الإسراء، وإن كان في بعضها مقال، فراجعه فقد ذكرناه هناك مبسوطا.

671 -

(إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فضَّيقوا مجاريه بالجوع) ذكره في الإحياء، قال العراقي متفق عليه دون فضَّيقوا مجاريه بالجوع فإنه مدرج من بعض الصوفية.

672 -

(إن العالم والمتعلم إذا مرا على قرية فإن الله تعالى يرفع العذاب عن مقبرة تلك القرية أربعين يوما) قال السيوطي لا أصل له ومثله ما أخرجه الثعلبي وكثير من المفسرين عن حذيفة رفعه بلفظ: أن القوم ليبعث الله عليهم العذاب حتما مقضيا فيقرأ الصبي من صبيانهم في الكتاب الحمد لله رب العالمين فيسمعه الله تعالى فيرفع الله عنهم بذلك عذاب أربعين سنة فإنه موضوع، كما قاله الحافظ العراقي وغيره، وقيل إنه ضعيف انتهى.

673 -

(إن العبد لينشر له من الثناء ما بين المشرق والمغرب وما يزن عند الله جناح بعوضة) ذكره في الإحياء، قال العراقي لم أجده هكذا، وفي الصحيحين عن أبي هريرة: أنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة.

674 -

(أن ابن آدم لحريص على ما منع) رواه الطبراني ومن طريقه الديلمي بسند ضعيف عن ابن عمر رفعه.

675 -

(إن أحدكم يأتيه الله برزق عشرة أيام في يوم واحد فإن هو حبس عاش تسعة أيام بخير وإن هو وسَّع وأسرف قُتَّر عليه تسعة أيام) رواه الديلمي عن أنس وقال الله تعالى

(وكأن بين ذلك قواما)

.

676 -

(إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله) أسنده البخاري في الطب عن ابن عباس رفعه في قصة اللديغ الذي رقاه أحد الصحابة وهو ابن مسعود بفاتحة الكتاب على شاة شرطها فبرأ وكره أصحابه ذلك وقالوا له أخذت على كتاب

ص: 221

الله أجرا حتى قدموا المدينة فقالوا يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجرا فذكره، وعلقه البخاري في الإجارة جازما به فقال وقال ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله، لكنه في الطب علقه أيضا بصيغة التمريض فقال ويذكر عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قيل وانما في الطب بصيغة التمريض مع إيراده له متصلا في صحيحه لروايته له بالمعنى، وروى أبو نعيم عن أبي هريرة مرفوعا من أخذ أجرا على القرآن فذاك حظه من القرآن، وأما ما رواه أبو نعيم أيضا ومن طريقه الديلمي عن ابن عباس رفعه بلفظ فقد تعجل حسناته في الدنيا فيحمل إن ثبت على من تعين عليه التعليم.

677 -

(إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط) رواه الترمذي عن أنس، ورواه أحمد عن محمود بن لبيد لكن بلفظ فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع.

678 -

(إن الله إذا استُودِعَ شيئا حفِظَه) رواه البخاري في الأدب المفرد والبيهقي عن ابن عمر، ومما يناسب إيراده هنا ما ذكره عن عز الدين بن جماعة في كتاب هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك بقوله وليستودع ربه ما خلفه من أهل ومال وولد بإخلاص وصدق نية فقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه استعرض الناس ذات يوم فرأى رجل معه ابنه فقال ما رأيت غرابا أشبه بغراب منك بهذا فقال يا أمير المؤمنين ما ولدته أمه إلا وهي ميتة فقال عمر حدثني قال خرجت في غزاة وأمه حامل به مثقلة فقلت لها حين ودعتها بإخلاص وصدق نية أستودع الله ما في بطنك فغبت ثم قدمت فإذا بابي مغلق فقلت ما فعلت فلانة فقالوا ماتت فذهبت إلى قبرها فبكيت عنده فلما كان من الليل قعدت مع بنى عم لي نتحدث وليس يسترنا من البقيع شئ فارتفعت لي نار بين القبور فقلت لبني عمي ما هذه النار فتفرقوا عني حياء مني فأتيت أقربهم إلى فسألته فقال يرى على قبر زوجتك كل ليلة نارا فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون إن كانت والله فيما علمت لصوامة قوامة عفيفة مسلمة انطلق

ص: 222

بنا فأخذت الفأس وجئت إلى قبرها فإذا هو مفتوح وإذا هذا يدب حولها ومناد ينادى ألا أيها المستودع ربه خذ وديعتك أما والله لو استودعتنا أمه لوجدتها فأخذته وانسد القبر انتهى.

679 -

(إن الله أمرني بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض) رواه الديلمي عن عائشة رضي الله عنها.

680 -

(أن الله أنزل الداء والدواء) رواه أبو داود عن أبي الدرداء، وزاد وجعل لكل داء دواء.

681 -

(أن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه) رواه أحمد وأبو داود والحاكم عن أبي ذر، وأحمد والترمذي عن ابن عمر، وأبو يعلى والحاكم عن أبي هريرة، والطبراني عن بلال ومعاوية، وابن سعد عن أيوب بن موسى مرسلا، وزاد وهو الفاروق فرق الله به بين الحق والباطل.

682 -

(إن أدنى أهل الجنة درجة لمن يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم بيد كل واحد صفحتان واحدة من ذهب والأخرى من فضة - الحديث) رواه الطبراني بإسناد قوي عن أنس، ورواه الترمذي عن أبي سعيد بلفظ أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعون زوجة وينصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت كما بين الجابية وصنعاء وإن عليهم التيجان وإن أدنى لؤلؤة منها لتضئ ما بين المشرق والمغرب انتهى مفرقا.

683 -

(إن الأرض لتنجس من بول الأبعر أربعين يوما) قال القاري فيه داود الوضاع.

684 -

(إن لم تكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي) قال السخاوي لا أعرفه حديثا، وكذا ما اتخذ الله من ولي جاهل، قال القاري ليس بحديث بل هو من كلام أبي حنيفة والشافعي، وأخرجه البيهقي عن الشافعي بلفظ: إن لم تكن الفقهاء أولياء الله في الآخرة فما لله ولي، وكيف لا والشافعي يقول أيضا ما أحد أودع

ص: 223

لخالقه من الفقهاء.

685 -

(أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص والإيمان لا يزيد ولا ينقص) قال القاري قال الفيروزآبادي كله لا يصح، وأقول المراد بالإيمان ثانيا بمعنى التصديق القلبي على القول بأنه لا يزيد ولا ينقص فتأمل (1) .

687 -

(إن الله جميل يحب الجمال) رواه أحمد عن أبي ريحانة، ومسلم والترمذي عن ابن مسعود، وأبو يعلى عن أبي سعيد والطبراني عن أبي أمامة وابن عمر وجابر، زاد في حديث جابر ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها، ورواه البيهقي عن أبي سعيد، وزاد فيه ويحب أن ترى أثر نعمه على عبده ويبغض البؤس والتبأس، وابن عدي في الكامل عن ابن عمر، وزاد فيه سخي يحب السخاء نظيف يحب النظافة.

688 -

(إن الله طيّبٌ لا يقبل إلا الطيَّبِّ) رواه مسلم وأحمد وابن عدي والترمذي عن أبي هريرة، وعند الترمذي وغيره عن سعد بن أبي وقاص رفعه: إن الله طيب يحب الطيب نظيف يحب النظافة كريم يحب الكرم جواد يحب الجود فنظفوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود.

689 -

(إن الله سأل عن صحبة ساعة) قال النجم دائر في ألسنة الناس وفي معناه ما أخرجه ابن جرير في قوله تعالى

(والصاحب بالجنب)

عن رجل من الصحابة

أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل غيضة مع بعض أصحابه فاجتنى منها سواكين أحدهما معوج والآخر مستقيم فدفع المستقيم إلى صاحبه فقال له يا رسول الله كنت أحق بالمستقيم فقال ما من صاحب يصحب صاحبا ولو ساعة من نهار إلا سئل عن صحبته هل أقام منها حق الله تعالى أم أضاعه انتهى، وأقول المشهور على الألسنة الآن أن النبي سأل عن صحبة ساعة.

690 -

(إن الله غيور يحب الغيور وإن عمر غيور) رواه رسته في كتاب

(1) في " انتقاد المغني عن الحفظ والكتاب " بعض تفصيل في الباب.

ص: 224

الإيمان عن عبد الرحمن بن رافع مرسلا، وعند الشيخين عن أبي هريرة أن الله تعالى يغار وغَيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله، زاد مسلم والمؤمن يغار، وعندهما عن المغيرة قال سعد بن عبُادة لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح (1) فقال النبي صلى الله عليه وسلم أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير مني ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه العذر من الله ومن أجل ذلك بعث المنذرين ولا أحد أحب إليه المدح من الله ومن أجل ذلك وعد الجنة، وفي الباب عن ابن مسعود وعائشة وغيرهما، ورواه الشيخان وابن ماجه عن أبي هريرة بلفظ بينا أنا نائم ثم رأيتني في الجنة فإذا أنا بامرأة تتوضأ إلى جانب قصر قلت لمن هذا القصر قالوا لعمر بن الخطاب فذكرت غيرته فوليت مدبرا فبكى عمر وقال أعليك أغار يا رسول الله، ورواه أيضا الشيخان عن جابر بن عبد الله بلفظ رأيتني في الجنة فإذا أنا بالوميصاء امرأة أبي طلحة وسمعت خَشْفة فقلت من هذا فقالوا هذا بلال ورأيت قصرا بفنائه جارية فقلت لمن هذا فقالوا لعمر ابن الخطاب فأردت أن أدخله فذكرت غيرتك فقال بأبي وأمي يا رسول الله أعليك أغار، وروى أبو داود والترمذي وابن حبان عن جابر بن عتيك إن من الغيرة ما يحبه الله ومنها ما يبغضه الله فأما الغيرة التي يحب الله فالغيرة في الريبة، والغيرة التي يبغض الله فالغيرة في غير الريبة - الحديث.

691 -

(إن أحَسَن الحسَن الخلق الحسن) رواه المستغفري في المسلسلات وابن عساكر عن الحسن بن علي.

692 -

(إن أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته قالوا يا رسول الله وكيف يسرق من صلاته قال لا يتم ركوعها ولا سجودها، رواه أحمد والدارمي عن أبي قتادة مرفوعا، وفي لفظ بحذف " إن " وصححه ابن خزيمة والحاكم وقال إنه على شرطهما ورواه أحمد أيضا والطيالسي عن أبي سعيد مرفوعا، ورواه ابن منيع عن

(1) يقال: أصفحه بالسيف إذا ضربه بعرضه دون حده فهو مصفح.

كما في النهاية.

ص: 225

أبي هريرة ورواه مالك عن النعمان بن مرة مرسلا.

693 -

(إن الأسود إذا جاع سرق وإذا شبع زنى) رواه الطبراني في الأوسط وابن عدي عن عائشة مرفوعا بزيادة " وإن فيهم لخَلّتين: صدق السماحة والبخل "، أورده ابن الجوزي في الموضوعات بلفظ " الزنجي إذا جاع سرق وإذا شبع زنى ".

وله شاهد عند الطبراني في الكبير عن ابن عباس قال: قيل: يا رسول الله، ما يمنع حبش بني المغيرة أن يأتوك إلا أنهم يخشون أن تردهم.

فقال: لا خير في الحبش، إذا جاعوا سرقوا، وإذا شبعوا زنوا.

وإن فيهم لخصلتين حسنتين: إطعام الطعام، وبأس عند البأس.

ورواه البزار بلفظ: " لا خير في الحبش: إن شبعوا زنوا.

وإن فيهم لخصلتين: إطعام الطعام وبأس عند البأس.

وعند الطبراني في الكبير عن أم أيمن قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنما الأسود لبطنه وفرجه ".

وعنده أيضا عن ابن عباس بلفظ: ذكر السودان عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " دعوني من السودان، فإن الأسود لبطنه وفرجه ".

وبعضها يؤكد بعضا، بل سند البزار حسن.

ولأبي نعيم فيما أسنده الديلمي من طريقه عن أبي رافع، رَفَعَهُ:" شر الرقيق الزنج: إن شبعوا زنوا ".

وقد اعتمد الحديث إمامنا الشافعي، فروى في مناقبه البيهقيُّ عن المزني أنه قال: كنت مع الشافعي في الجامع، إذ دخل رجل يدور على النيام.

فقال الشافعي للربيع: قم فقل: لك عبدٌ أسودٌ، مصاب بإحدى عينيه.

قال الربيع: فقمت إليه، فقلت له، فقال: نعم.

فقلت: تعالَهْ! فجاء إلى الشافعي، فقال: أين عبدي؟ قال: مُر، تجِدْهُ في الحبس.

فذهب الرجل، فوجده في الحبس.

قال المزني: فقلت له: أخبرنا، فقد حيرتنا.

فقال: نعم، رأيتُ رجلا دخل من باب المسجد يدور بين النيام، فقلت يطلب هاربا.

ورأيته يجئ إلى السودان دون البيض، فقلت هرب له عبد أسود.

ورأيته يجئ إلى ما يلي العين اليسرى، فقلت مصاب بإحدى عينيه.

قلنا: فما يدريك أنه في الحبس؟ فقال: ذكرت الحديث في العبيد " إن جاعوا سرقوا وإن شبعوا زنوا "، فتأولت أنه فعل أحدهما، فكان كذلك.

694 -

(إن أهل الجنة ليحتاجون إلى العلماء في الجنة وذلك أنهم يزورون

ص: 226

الله في كل جمعة فيقول تمنوا علي ما شئتم فيلتفتون إلى العلماء فيقولون ماذا نتمنى على ربنا فيقولون تمنوا كذا وكذا - الحديث) قال القاري ذكر في الميزان أنه موضوع.

695 -

(أن بلالا كان يبدل الشين في الأذان سينا) قال في الدرر لم يرد في شئ من الكتب، وقال القاري ليس له أصل، وقال البرهان السفاقسي نقلا عن الإمام المزي أنه اشتهر على ألسنة العوام ولم يرد في شئ من الكتب وسيأتي الكلام عليه بأبسط من هذا في: سين بلال عند الله شين.

696 -

(إن حُسن العهد من الإيمان) رواه الحاكم والديلمي عن عائشة رضي الله عنها وسيأتي الكلام عليه مبسوطا في حسن العهد.

697 -

(أن رحمتي تغلب غضبي) متفق عليه عن أبي هريرة رفعه أنه قال لما

قضى الله - وفي لفظ لمسلم لمَّا خَلَقَ الله الخَلْق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت - وفى لفظ تغلب غضبي، ورواه البخاري فقط من حديث مالك عن أبي هريرة أيضا بلفظ: إن رحمتي سبقت غضبي، ورواه مسلم من حديث أبي هريرة أيضا بلفظ قال الله سبقت رحمتي غضبي، وفي لفظ لمسلم عن أبي هريرة أن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق إن رحمتي سبقت غضبي.

698 -

(إن خُرافة كان من عُذْرَةَ أسرته الجن فمكث فيهم دهرا ثم ردوه إلى الأنس فكان يحدث الناس بما رأى من الأعاجيب فقال الناس حديث خرافة) وروى الترمذي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم حدث ذات ليلة نساءه حديثا فقالت امرأة منهن هذا حديث خرافة فقال أتدرون ما خرافة إن خرافة - الحديث.

699 -

(إن الدين النصيحة - قاله ثلاثا - قيل لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسله ولأئمة المسلمين وعامتهم) رواه أحمد عن ابن عباس، وهو ومسلم وأبو داود والنسائي عن تميم الداري، والترمذي والنسائي عن أبي هريرة، والمشهور إسقاط " إن " في أوله وهو ما في صحيح البخاري في كتاب الإيمان معلقا.

700 -

(إن الرجل ليحرم الرزق بالذْنب يُصيبُه) رواه أحمد والنسائي وابن

ص: 227

ماجه وابن حبان والحاكم عن ثوبان وصححه بزيادة ولا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر.

701 -

إن الزامر يأتي يوم القيامة بمزماره، وإن السكران يأتي بقدحه، وإن المؤذن يأتي يؤذن، وهكذا كل من مات على شئ يأتي عليه) قال ابن حجر الهيثمي في فتاويه ورد في الحديث ما يقتضي ذلك وورد التصريح بأفراد منه ونص عليه العلماء، أخرج مسلم يبعث كل عبد على ما مات عليه، والبيهقي من مات على مرتبة من هذه المراتب بعث عليها يوم القيامة، وعليه حمل العلماء خبر يبعث الميت في ثيابه التي مات فيها، أي الأعمال التي يموت عليها من خير وشر، وصح أن المجروح في سبيل الله يأتي يوم القيامة وجرحه يثعب (1) دما وإن الميت محرما يبعث ملبيا، وورد غير ذلك، وفى الدرة الفاخرة للغزالي: يبعث السكران سكران يوم القيامة، والزامر زامرا، وشارب الخمر والكوز معلق في عنقه، وكل أحد على الحال الذي صده في الدنيا عن سبيل الله، قال السيوطي بعد إيراده جميع ما مر: وفي هذا إشارة إلى تخصيص الحديث السابق بأن الحالة التي يأتي عليها في الآخرة، ما كان عليه في الدنيا المراد بها حالة الطاعة أو المعصية، بخلاف المباحات فلا يأتي النجار بآلته ولا البناء ونحوهما، إلا إن استعملوها فيما لا يجوز شرعا.

انتهى.

702 -

(إن شيطانا بين السماء والأرض يقال له الولهان معه ثمانية أمثال ولد آدم من الجنود وله خليفة يقال له خِنْزَب) نقل القاري عن ابن الجوزي إنه موضوع.

703 -

(إن القصيرة قد تُطيل) قال القاري قال صاحب القاموس إنه مثل وليس بحديث كما وهم فيه الجوهري، ومعنى قد تطيل أي قد تلد ولدا طويلا انتهى.

لكن الذي في القاموس بإسقاط " إن ".

704 -

(إن الله قدر المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة) رواه.

وأما حديث خلق الله الأرواح قبل الأجسام بألفي عام فضعيف

(1) في الأصل " يثغب " بالمعجمة وهو خطأ على ما في النهاية، ويثعب أي يجري.

ص: 228

جدا فلا يعول عليه وكذا قول ابن عباس خلق الله الأرواح قبل الأجسام بأربعة آلاف سنة وخلق الأرزاق قبل الأرواح بأربعة آلاف سنة فلم يثبت عن ابن عباس، بل هو باطل عنه، قاله ابن حجر المكي في فتاويه الحديثية.

705 -

(إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله) رواه البيهقي وأبو الشيخ والعسكري عن أبي الدرداء رفعه، ورواه القضاعي عنه بلفظ الرزق أشد طلبا للعبد من أجله ورواه الدارقطني في علله مرفوعا وموقوفا والصواب الموقوف كما قال البيهقي والدارقطني، قال وروي عن أبي سعيد بمعناه مرفوعا وهو عند الطبراني في الأوسط عنه بلفظ لو فر أحدكم من رزقه لأدركه كما يدركه أجله، ولأبي نعيم والعسكري عن جابر رفعه لو أن ابن آدم يهرب من رزقه كما يهرب من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت، ورواه البيهقي عن جابر رفعه لا تستبطئوا الرزق فإنه لم يكن عبد يموت حتى يبلغه آخر الرزق فأجملوا في الطلب ورواه البيهقي عن عمر من قوله بلفظ ما من امرئ إلا وله أثر هو واطئه ورزق هو آكله وأجل هو بالغه وحتف هو قاتله حتى لو أن رجلا هرب من رزقه لاتبعه حتى يدركه كما أن الموت يدرك من هرب منه ألا فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، وللعسكري عن عمر رفعه والذي بعثني بالحق إن الرزق ليطلب أحدكم كما يطلبه أجله وله عن ابن مسعود في حديث سيأتي إن الله لا يعذب بقطع الرزق والعمل والرزق مقسوم وهو آت ابن آدم على أي سيرة سارها ليس تقوى تقي بزائده ولا فجور فاجر بناقصه وبينه وبينه ستر وهو في طلبه، وبعض هذه الأحاديث يقوي بعضها ومن الأحاديث الواهية ما رواه ابن عدي ومن جهته البيهقي عن ابن مسعود رفعه ما بال أقوام يسترجون المترفين ويستخفون بالعابدين ويعملون بالقرآن ما وافق أهواءهم وما خالف أهواءهم تركوه فعند ذلك يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض ويسعون فيما يدرك بغير سعي من المقدور والأجل المكتوب والرزق المقسوم والتجارة التي لاتبور، قال البيهقي عقبه والمراد به والله أعلم أن ما قدر للعبد من

ص: 229

الرزق يأتيه فلا يجاوز الحد في طلبه، يعني كما في الحديث الآخر اتقوا الله وأجملوا في الطلب، ورواه الديلمي بسند ضعيف عن جابر مرفوعا: إن للأرزاق حُجُباً فمن شاء أن يهتك ستره بقلة حياء ويأخذ رزقه فعل ومن شاء بقي حياؤه وترك رزقه محجوبا عنه حتى يأتيه على ما كتب الله له فعل، قال في المقاصد وظاهر قوله في حديث ابن مسعود ولا فجور فاجر بناقصه يعارضه ظاهر حديث إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه كما بينته مع الجمع في مكان آخر انتهى فليراجع.

وقال النجم وقد يجاب بأن ما يقضيه الله للعبد من أجل أو رزق أو بلاء تارة يكون مبرما وهذا لا يؤثر فيه ما ذكر، وتارة يكون معلقا فهذا يؤثر فيه ما ذكر، أو تحمل المعصية على معصية مخصوصة انتهى ملخصا، وسيأتي له تتمة بحث في حديث أن الله لا يعذب بقطع الرزق، ومن شواهده ما أخرجه الإمام أحمد والبيهقي عن أنس رفعه: إن الله يأتي برزق كل غد، وكذا قوله صلى الله عليه وسلم مخاطبا لاثنين، لا تيأسا من الرزق ما تهزهزت رؤوسكما فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه شئ ثم يرزقه الله.

706 -

(إن الرفق لا يكون في شئ إلا زانه ولا نزع من شئ إلا شانه) رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا، وفي رواية له من حديث شعبة عنها ركبت عائشة بعيرا فكانت فيه صعوبة فجعلت تردده فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك بالرفق إن الرفق - الحديث، وعزاه في اللآلئ لمسند أحمد عن عائشة وأخرجه البخاري في الأدب المفرد وأحمد وآخرون بلفظ كنت على بعير فيه صعوبة فقال النبي صلى الله عليه وسلم عليك بالرفق فإنه لا يكون في شئ إلا زانه ولا ينزع من شئ إلا شانه ورواه العسكري عن عائشة بلفظ ما كان الرفق في قوم إلا نفعهم ولا كان الخرق في قوم إلا ضرهم، وله من حديث حجاج بن سليمان الرعيني قال قلت لابن لَهيعة كنت أسمع عجائز المدينة يقلن إن الرفق في المعيشة خير من بعض التجارة فقال حدثينه محمد بن المنكدر عن جابر رفعه، وله أيضا عن عروة بن الزبير قال مكتوب في التوراة الرفق رأس الحكمة، وأثر عروة عند أبي الشيخ بلفظ بلغني أنه مكتوب

ص: 230

في التوراة ألا إن الرفق إلخ، وأخرج الطبراني عن جرير مرفوعا الرفق زيادة بركة،

وروى العسكري والقضاعي عن عائشة مرفوعا من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من خير الدنيا والآخرة، وفي رواية للعسكري عنها بلفظ إذا أراد الله بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرفق، ومثله للقُضاعي عن أبي الدرداء مرفوعا، وروى العسكري عن أنس مرفوعا ما كان الرفق في شئ قط إلا زانه ولا كان الخرق في شئ قط إلا شانه، ورواه عن جرير رفعه من يُحْرَمِ الرفق يحرم الخير كلَّه، وروى البيهقي في مناقب الشافعي عن ابنه محمد أنه قال رآني أبي وأنا أعجل في بعض الأمر فقال يا بني رفقاً رفقاً فإن العجلة تنقص الأعمال وبالرفق تدرك الآمال ثم ساق الشافعي سنده إلى أبي هريرة رفعه: إن الله رفيق يحب الرفق ويعطى عليه ما لا يعطى على العُنْف وقال النجم وعند الطبراني عن ابن مسعود الرفق يمن والخرق شؤم، وهو عند البيهقي وإذا أراد الله بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرفق فإن الرفق لم يكن في شئ قط إلا زانه وإن الخرق لم يكن في شئ قط إلا شانه، وعند الدارقطني في الأفراد عن أنس إذا أراد الله بأهل بيت خيرا نَفَعَهم في الدين ووقر صغيرهم كبيرهم ورزقهم الرفق في معيشتهم والقصد في نفقاتهم وبصَّرهم عيوبهم فيتوبوا منها، وإذا أراد بهم غير ذلك تركهم هَمَلاً.

707 -

(أن روح القدس نفث في روعي لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب) رواه في مسند الفردوس عن جابر في حرف الهمزة، ورواه في حرف النون عنه بلفظ نفث في روعي روح القدس أن نفسا لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل رزقها - الحديث، ورواه أبو نعيم والطبراني عن أبي أمامة والبزار عن حذيفة، وأخرجه أيضا ابن أبي الدنيا وصححه الحاكم عن ابن مسعود كذا في فتح الباري.

708 -

(إن لربكم في أيام دهركم نفحات ألا فتعرَّضوا لها) ذكره في

ص: 231

الإحياء، وقال العراقي في تخريج أحاديثه: رواه الترمذي الحكيم في النوادر والطبراني في الأوسط من حديث محمد بن مَسْلَمة، ولابن عبد البر في التمهيد نحوه من حديث أنس، ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الفرح من حديث أبي هريرة، واختلف في إسناده انتهى، وعزاه الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث مسند الفردوس للطبراني عن محمد بن مسلمة انتهى وسكت عليه، ورواه الطبراني في الكبير عن محمد بن مسلمة بلفظ: إن لربكم في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها لعله أن يصيبكم نفحةٌ منها فلا تَشْقَوْن بعدها أبدا.

709 -

(إن لكل شئ قلبا وقلب القرآن يس ومَن قرأها كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشْرَ مرات) رواه الدارمي والترمذي عن أنس قال الترمذي غريب، قيل لان فيه هارون بن محمد لا يعرف، وأجيب بأن غايته أنه ضعيف وهو يعمل به في الفضائل، ورواه ابن الجزري في الحصن الحصين بلفظ قلب القرآن يس لا يقرأها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له اقرؤوها على موتاكم قال شارحه القاري: وروى مرفوعا: إن من قرأها وهو خائف أمن أو جائع شبع أو عار كُسي أو عاطشٌ سُقي في خلال كثيرة، وروى الحارث بن أبي أسامة في سنده نظر لكن يشهد له أنه صلى الله عليه وسلم في ليلة اجتماع قريش على قتله خرج وهو يقرأ أوائلها وذر عليهم التراب، مع أن الحديث يعمل به في الفضائل انتهى، وقد يقال قراءة أولها لخاصية فيه دون باقيها فتدبر.

710 -

(أن عليا رضي الله عنه حَمَلَ بابَ خيبر) أخرجه الحاكم عن جابر بلفظ: أن عليا لما انتهى إلى الحصن اجتبذ أحد أبوابها فألقاه بالأرض فاجتمع عليه بعد سبعون رجلا فكان جهدهم أن أعادوا الباب، وأخرجه ابن إسحاق في سيرته عن أبي رافع وأن السبعة لم يَقْلِبوه، وقال في اللآلئ زعم بعض العلماء إن هذا الحديث لا أصل له وإنما روي عن رعاع الناس، وليس كما قال وذكر له طرقا منها أن سبعة لم يقلبوه، ومنها أن سبعين لم يقلبوه، ومنها أن أربعين لم يقلبوه انتهى ملخصا.

ص: 232

711 -

(إنَّ ساقيَ القوم آخرِهُم) رواه مسلم عن أبي قتادة مرفوعا في حديث طويل، ورواه أبو داود عن ابن أبي أوفى والبيهقي في الدلائل عن أبي معبد الخزاعي في قصة اجتياز النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه بخيمتي أمِ معبد بإسقاط " إن " في أوله وبزيادة " شربا " في آخره.

712 -

(إن في معاريض الكلام مَندوحةً عن الكذب) رواه البخاري في الأدب المفرد عن مُطْرِّفِ بن عبد الله قال صحبت عِمرانَ بن حُصين في الكوفة إلى البصرة فما أتى عليه يوم إلا أنشدنا فيه شعرا وقال إن في معاريض - الحديث، وعزاه في الدرر لابن السني عن عمران بن حصين، ولأبي نعيم عن علي بلفظ أن في المعاريض لمندوحة عن الكذب، وأخرجه البيهقي في الشعب والطبراني في الكبير والطبري في التهذيب بسند رجاله ثقات، ورواه ابن السني بسند جيد، وقال البيهقي رواه داود بن الزّبْرَقَان عن عمران مرفوعا وموقوفا والصحيح الموقوف، ووهىَّ المرفوع ابن عدي، وروى من وجه آخر ضعيف جدا عن علي رفعه، وكذا عند أبي نعيم عن علي رفعه: إن في المعاريض ما يكفي الرجل العاقل عن الكذب، وبالجملة فالحديث حسن كما قاله العراقي، ولذا رد على الصغاني حكمه عليه بالوضع، وروى البخاري في الأدب المفرد والبيهقي في الشعب عن عمران قال أما في المعاريض ما يكفي المسلم من الكذب، قال في المقاصد ورواه العسكري عن مجاهد قال قال عمر بن الخطاب إن في المعاريض لمندوحة للرجل المسلم الحر عن الكذب وأشار إلى أن حكمه الرفع انتهى فتدبر.

713 -

(إِن في الهند أوراقاً مثلَ آذانِ الخيل فكلوا منها فإن فيها منفعة) قال الصغاني موضوع.

714 -

(إن لإبراهيم الخليل وأبي بكر الصديق لحيةً في الجنة) قال في المقاصد نقلا عن شيخه ابن حجر: لم يصح أن للخليل في الجنة لحية ولا للصديق ولا أعرف ذلك في شئ من كتب الحديث المشهورة ولا الأجزاء المنثورة، ثم قال: وعلى

ص: 233

تقدير ثبوت وروده فيظهر لي أن الحكمة في ذلك: أما في حق الخليل فلكونه منزلا منزلة الوالد للمسلمين لأنه الذي سماهم بالمسلمين وأمروا باتِّباع ملته، وأما في حق الصديق فلأنه كالوالد الثاني للمسلمين إذ هو الفاتح لهم باب الدخول إلى الإسلام، لكن أخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن مسعود: أهل الجنة جرد مرد، قال: إلَّا موسى عليه الصلاة والسلام فإن له لحية تضرب إلى سرته، وقال النجم أخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عباس قال: أهل الجنة جرد مرد إلا ما كان من موسى فإن له لحية تضرب إلى صدره، وأخرج ابن أبي شيبة وابن عساكر عن جابر: ليس أحد يدخل الجنة إلا أجردَ أمردَ، إلا موسى بن عمران فإن لحيته تبلغ سرته، وليس أحد يكنى في الجنة إلا آدم فإنه يكنى أبا محمد، وله عن كعب قال: ليس أحد في الجنة له لحية إلا آدم وله لحية سوداء إلى سرته وذلك أنه لم يكن له في الدنيا لحية وإنما كانت اللحى بعد آدم وليس أحد يكنى في الجنة إلا آدم يكنى فيها أبا محمد، وذكر القرطبي في تفسيره أن ذلك ورد في حق هارون أخي موسى أيضا، ورأيت بخط بعض أهل العلم أنه ورد في حق آدم، ولا أعلم شيئا من ذلك ثابتا انتهى، وأقول في الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيثمي: ليس في الجنة أحد غير آدم بلحية وحديث " إن هارون " كذلك موضوع، وزاد بعضهم نوحا عليه السلام.

فغاية ما قيل فيهم ذلك، على ما فيه ستة أشخاص، ونظم ذلك بعضهم فقال:

وستة ليست لأهل الجنة

لا بول لا غائط لا أجنه

كذاك لا نوم ولا أسنانا

ولا لحى أيضا كما أتانا

وستة من أهلها (1) قد خصُّوا

بلحية قد جاء فيهم نص

هم آدم ونوح إبراهيم

هارون والصديق والكليم

وأقول لم أر أنه لا أسنان (2) لأهل الجنة إلا في هذا النظم فليراجع.

715 -

(إنيَّ لأمزَحُ ولا أقول إلا حقاً) رواه الطبراني عن ابن عمر

(1) في الأصل " منهم " مكان " من أهلها " المصححة في المصرية لإقامة الوزن.

(2)

لعله يريد في النظم السن مقدار العمر جمعه أسنان.

القاموس.

ص: 234

والخطيب عن أنس رضي الله عنه.

716 -

(أن لجواب الكتاب حقا كرد السلام) رواه الديلمي والقضاعي وكذا ابن لال عن ابن عباس رفعه، وأخرج أبو نعيم ومن طريقه الديلمي عن أنس رفعه ردُّ جواب الكتاب حق كرد السلام، وليس بثابت رفعه، بل المحفوظ وقفه، وقال القضاعي ليس بالقوي، ونقل ابن عبد البر عن الزبير بن بكار أنه قال كتب إليّ المغيرة يستَبْطِئُني كتبي، فكتبت إليه:

ما غير النأي ودّا كنت تعهده

ولا تبدّلت بعد الذكر نسيانا

ولا حمدت إخاءً من أخي ثقة

إلا جعلتك فوق الحمد عنوانا

717 -

(إن لصاحب الحق مقالا) رواه الشيخان عن أبي هريرة بلفظ أن رجلا تقاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغلظ له فهمَّ به أصحابه فقال دعوه فإن لصاحب الحق مقالا، وهو من غرائب الصحيح فإنه لا يروى عن أبي هريرة إلا بإسناد مداره على سلمة بن كُهَيل وقد صرح بأنه سمعه من أبي سلمة بن عبد الرحمن بمنى حين حج.

718 -

(إن الله أخذ الميثاق على كل مؤمن أن يُبغِض كلَّ منافق وعلى كل منافق أن يبغض كل مؤمن) قال القاري لم يوجد.

719 -

(إن الله إذا أحب إنفاذ أمر سلب كل ذي لب لبّه) قال في اللآلئ ذكره الحافظان أبو نعيم في تاريخ أصبهان والخطيب في تاريخ مدينة السلام في ترجمة لاحق بن الحسين المقدسي البغدادي عن ابن عباس، ثم قال الخطيب لاحق كان كذابا يضع الحديث على الثقات ويسند المراسيل عمن لم يسمع منهم، وله طريق أخرى ذكرها الديلمي من طريق محمد بن مسلم الطائفي وهو ضعيف عن ابن عباس رفعه إذا أراد الله عز وجل إنفاذ قضائه وقدره سلب ذوي العقول عقولهم حتى يَنْفُذ فيهم قضائه وقدره، زاد علي بن أبي طالب فإذا مضى أمره رد إليهم عقولهم ووقعت الندامة انتهى وتقدم بأبسط في إذا أراد الله.

720 -

(إن الله ليؤيد الدين بالرجل الفاجر) رواه ابن أبي الدنيا في المُداراة عن أبي هريرة، وروى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال يا بلال قم فأذِّن

ص: 235

لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، وروى الطبراني عن ابن عمرو: إن الله ليؤيد الإسلام برجال ما هم من أهله، وروى أحمد والطبراني عن أبي بَكْرَة والنسائي وابن حبان وابن أبي الدنيا عن أنس: إن الله ليؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم، وفي رواية عند ابن أبي الدنيا: لَيُؤَيِّدَنَّ اللهُ هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم، وفي أخرى: إن الله يؤيد هذا الدين بقوم لا خلاق لهم، ورواه البيهقي في الأوسط والكبير بسند ضعيف عن ميمون بن سنداد: قِوامُ أمتي بشرارها، وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند.

721 -

(أن الله تعالى حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله تعالى) رواه الشيخان عن عتبان بن مالك.

722 -

(إن الله كتب الغيرة على النساء والجهادَ على الرجال فمن صبر منهن

كان لها مثلُ أجرِ الشهيد) قال في الأصل رواه الطبراني والبزار عن ابن مسعود قال كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه إذ أقبلت امرأة عريانة فقام إليها رجل من القوم فألقى عليها ثوبا وضمها إليه فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعض جلسائه حسبها امرأته فقال النبي صلى الله عليه وسلم أحسبها غَيْرَى، أن الله كتب الغَيرة - الحديث، قال البزار لا نعلمه إلا من حديث عُبيد بن صَباح الكوفي وليس به بأس لكن ضعفه أبو حاتم، لكن قال النجم وسنده جيد بعد أن عزاه للطبراني عن ابن مسعود أيضا بزيادة " إيماناً واحتسابا "، بعد " فمن صبر منهن ".

723 -

(إن الله لما خلق العقل قال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبِرْ فأدبرَ فقال وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أشرف منك فبك آخذ وبك أُعطي) قال في المقاصد نقلا عن ابن تيمية وغيره أنه كذب موضوع باتفاق، وفي زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على الزهد لأبيه بسند فيه ضعيف عن الحسن البصري مرفوعا مرسلا لما خلق الله العقل قال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر قال ما خلقت خلقا أحب إليَّ منك بك آخذ وبك أعطي، وأخرجه داود بن المُحَبِّر في كتاب العقل له، وهو

ص: 236

كذاب عن الحسن أيضا بزيادة ولا أكرم عليَّ منك لأني بك أُعْرَفُ وبك أُعْبَدُ، وفي الكتاب المذكور لداود من هذا النمط أشياء منها: أول ما خلق الله العقل وذكره، لكن ذكره في الإحياء، وقال العراقي في تخريج أحاديثه أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط وأبو نعيم بإسنادين ضعيفين، وقال السخاوي والسيوطي رواه ابن أحمد في زوائد الزهد عن الحسن يرفعه وهو مرسل جيد الإسناد ولا يلزم من رواية ابن المحبر أن يكون موضوعا، لاسيما وقد رواه الأئمة بغير إسناد ابن المحبر فليس الحديث بموضوع، وقال الحافظ ابن حجر والوارد في أول ما خلق الله حديث أول ما خلق الله القلم وهو أثبت من حديث العقل، وحاول الجمع بينهما البيضاوي في طوالعه بأن قال يشبه أن يكون هو العقل لقوله أول ما خلق الله القلم فقال له أكتب - الحديث فليتأمل، ويمكن أن يقال الأولية فيهما نسبية وقال قبيل ذلك إن العقول عند الحكماء أول المخلوقات وأن العقل عندهم أعظم الملائكة وأول المبدعات، وفي كتاب المختار مطالع الأنوار للإمام محمد الغساني ما نصه روى إن الله لما خلق العقل قال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر ثم قال له اسكن فسكن فقال وعزتي وجلالي لأرَكِبَنَّك في أحب الخلق إليَّ، ولما خلق الله الحُمْقَ قال له أقبل فأدبر ثم قال له أدبر فأدبر ثم قال اسكن فاضطرب فقال وعزتي وجلالي لأركبنك في أبغض الخلق إلى انتهى، ولا أعلم له أصلا.

تذييل: قال القاضي زكريا في شرح آداب البحث روي عن عائشة أنها قالت قلت يا رسول الله بم يتفاضل الناس في الدنيا قال بالعقل قلت أليس إنما يجزون بأعمالهم فقال وهل عملوا إلا بقدر ما أعطاهم الله من العقل فبقدر ما أعطوا منه كانت أعمالهم وبقدر ما عملوا يُجْزَوْن انتهى، والقلم جسم نوراني خلقه الله تعالى وأمره بكتب ما كان وما يكون إلى يوم القيامة نمسك عن الجزم بتعيين حقيقته، وفي بعض الآثار أول شئ خلقه الله القلم وأمره أن يكتب كل شئ، وفي بعضها أن الله خلق اليراع وهو القصب ثم خلق منه القلم، وفي رواية أول شئ كتبه القلم أنا التواب

ص: 237

أتوب على من تاب انتهى.

724 -

(إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم) رواه أحمد والطبراني في الكبير وابن أبي شيبة وآخرون عن أبي وائل قال اشتكى رجل داء في بطنه فنُعِتَ له المُسْكِرُ فأتينا عبد الله بن مسعود فسألناه فذكره، وهو عند الحاكم في صحيحه من حديث الأعمش، ورواه الأعمش أيضا عن مسلم بن صبيح عن مسروق قال قال ابن مسعود لا تسقوا أولادكم الخمر فإنهم ولدوا على الفطرة فإن الله لم يجعل - الحديث، ورواه إبراهيم الحربي في غريب الحديث له عن مسروق بنحوه، وطرقه صحيحة ولذا علقه البخاري بصيغة الجزم فقال وقال ابن مسعود في السكر إن الله لم يجعل - الحديث، وروى ابن حبان في صحيحه عن أبي يعلى وهو في مسنده بلفظ: أن الله لم يجعل شفاءكم في حرام، ورواه البيهقي وأبو يعلى عن أم سلمة بلفظ قالت نَبَذْتُ نبيذاً في كوز فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغلي فقال ما هذا قلت اشتكت ابنة لي فنُعِتَ لها هذا فقال إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم.

725 -

(إن الله لَينظرُ كلَ يوم إلى الغرائب ألفَ نظرةٍ) قال ابن حجر المكي نقلا عن السيوطي إنه حديث موضوع لا يحل روايته إلا لبيان أنه مفترى كحديث ارحموا اليتامى وأكرموا الغرباء فإني كنت في الصغر يتيما وفي الكبر غريبا، فإنه موضوع أيضا.

726 -

(إن لكل أمة فتنة وإن فتنة أمتي المال) رواه الترمذي والحاكم وابن مردُوَيهْ عن كعب بن عِياض وابن مردويه عن عُبادة بن الصامت وعن عبد الله بن أبي أوفى كلاهما بلفظِ لكل فتنة - الحديث.

727 -

(إن لكلِ مَقامٍ مَقالاً) رواه الخرائطي والرامهرمزي في كتابه المحدِّث الفاضل عن قتادة قال سألت أبا الطفيل عن شئ فذكره، وقال الناجي في المولد رواه الخطيب البغدادي في كتاب الجامع من قول أبي الدرداء والخرائطيُّ في مكارم الأخلاق من قول أبي الطفيل، وزاد ولكل زمان رجال انتهى.

ص: 238

728 -

(إن الله لَيُمْلي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفْلِتْه) رواه الشيخان والترمذي وابن ماجه عن أبي موسى، وتمام الحديث في البخاري: ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم

(وكذلك أخْذُ ربِك إذا أخَذَ القرى وهي ظالمة إنّ أخذَه أليم شديد)

قال النجم: ولا يعارضه ما أخرجه ابن أبي شيبة عن قتادة في تفسير

(ودمرنا ما كان يصنع فرعونُ وقومُه)

.

قال: إن الله لا يُمْلي للكافر إلا قليلا حتى يُوقِعَه بعَمَلِهِ، لأن الدنيا وإن طالت مدتُها قليلة، فمهما أملى للكافر أو الظالم فيها، فما أملى له فيها إلا قليلا.

انتهى.

729 -

(إن الله نقل لذة طعام الأغنياء إلى طعام الفقراء) قال في المقاصد حكم عليه شيخنا يعني الحافظ ابن حجر بالوضع، وذكر السيوطي في آخر الموضوعات أنه سئل عن حديث أن الله نقل لذة طعام الأغنياء إلى طعام الفقراء فأجاب بأنه موضوع.

730 -

(إن الله وَعَدَ هذا البيتَ أن يحجه في كل سنة ستُمائةِ ألفٍ فإن نَقَصُوا كَمّلهم اللهُ تعالى بالملائكة وأن الكعبة تُحَشُر كالعروس المزفوفة كلُ مَن حجَّها يتعلق بأستارها يسَعْون حولها حتى تَدْخُلَ الجنة فيَدْخُلوا) ذكره في الإحياء، قال العراقي لم أجد له أصلا.

731 -

(أن الله خلق الكعبة وعظّمها وشرّفها وكرَّمها فلو أن رجلاً هدمها حجراً حجراً ثم أحرقها ما بلغ جُرمَ مَن استخف بولي قالوا يا رسول الله مَن الولي؟ قال كلُ مؤمن) لينظر هل هو حديث وما رتبته.

732 -

(إن الله وتر يحب الوتر) رواه أبو يعلى عن ابن مسعود رضي الله عنه بزيادة فإذا استجمرت فأوتر.

733 -

(إن الله ينتقم من الظالم بالظالم) قال النجم لا يعرف بهذا اللفظ لكن روى ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن مالك بن دينار قال قرأت في الزبور إني أنتقم بالمنافق من المنافق ثم أنتقم من المنافقين جميعا، وذلك في كتاب الله تعالى

(وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون)

.

ص: 239

734 -

(إن الله وكَّلني بقبض أرواح الخلق ما خلا روحَك وروحَ ابنِ عمك علي) قال ابن حجر المكي نقلا عن السيوطي كذب مفترى على النبي صلى الله عليه وسلم.

735 -

(إن الله لا يعذب بقطع الرزق) رواه بمعناه الطبراني في الصغير عن أبي سعيد رفعه: إن الرزق لا تنقصه المعصية ولا تزيده الحسنة وترك الدعاء معصية وعند العسكري بسند ضعيف عن ابن مسعود رفعه: ليس أحد بأكسب من أحد قد كتب الله النصب والأجل، وقسم المعيشة والعمل، والرزق مقسوم وهو آت على ابن آدم على أي سيرة سارها، ليس تقوى تقي بزائده، ولا فجور فاجر بناقصه وبينه وبينه ستر وهو في طلبه، ورواه أبو علي عبد الرحمن بن محمد النيسابوري في فوائده عن ابن مسعود بلفظ: قال: الرزق يأتي العبد في أي سيرة سار، لا تقوى متق بزائده، ولا فجور فاجر بناقصه، وبينه وبين العبد سِتر والرزق طالبه، قال وأنشدني أبو العتاهية لنفسه:

ورزق الخلق مجلوبٌ إليهم

مقادير يقدرها الجليلُ

فلا ذو المالِ يُرْزَقُه بعقلٍ

ولا بالمال تنقسم العقولُ

وهذا المال يرزقه رجال

منا ذيل قد اختيروا فسيلوا

كما تُسْقى سِبَاخُ الأرضِ يوماً

ويُصرَفُ عن كرائمها السيولُ

وأصله عند ابن أبي الدنيا مرفوعا: إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله، ويناسب هذا ما حُكي أن كسرى غضب على بعض مرازبته، فاستؤمر في قطع عطائه فقال: يحط عن مرتبته، ولا ينتقص من صلته، فإن الملوك تؤدب بالهجران ولا تعاقب بالحرمان، وما روي عن الفضيل في قوله تعالى

(وهو خير الرازقين)

قال: المخلوق يَرْزُقُ، فإذا سَخِطَ قَطَعَ رزقَه، والله تعالى يَسخطُ ولا يقطع رزقَه، تنبيه: ما ذكر في الحديث هنا براوياته قد يعارَضُ بما ورد في الزنا أنه يورث الفقر كما سيأتي، وبما في النسائي وابن ماجه وأحمد وأبي يعلى وابن منيع والطبراني وغيرهم عن ثوبان مرفوعا في حديث إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه.

ورواه العسكري عن ابن عباس

ص: 240

مرفوعا بلفظ: أن الدعاء يرد القضاء وإن البر يزيد العمر وإن العبد ليحرم الرزق بذنبٍ يصيبه.

ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم

(إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون)

وبما روى عن ابن مسعود رفعه إن الرجل ليذنب الذنب فيحرم به الشئ من الرزق وقد كان هُيّئَ له، وإنه ليذنب الذنب فينسى به الباب من العلم قد كان علمه، وإنه ليذنب الذنب فيمنع به قيام الليل وفي لفظٍ إياكم والمعاصيَ، فإن العبد ليذنب وذكره، وبما في الحلية لأبي نعيم عن عثمان رفعه ان الصيحة تمنع الرزق، وبما في طبقات الأصبهانيين عن أبي هريرة رفعه الكذب ينقص الرزق وبما في مسند الديلمي عن أنس رفعه: إذا ترك العبد الدعاء للوالدين فإنه ينقطع عن الولد الرزق في الدنيا، ويدل له أيضا قوله تعالى

(ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم)

، وقوله تعالى

(فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا)

، وغير ذلك من الآيات، ونحو ذلك قول وُهَيْبِ بن الورد لمن سأله " أيجد طعم العبادة من عصى الله سبحانه "، قال " لا ولا من هم بالمعصية "، قال في المقاصد: ومما اشتهر مما لم أقف عليه، ومعناه صحيحٌ المعاصي تُزيل النِعم، حتى قال أبو الحسن الكندي القاضي مما أسنده البيهقي من جهته إذا كنت في نعمة فارعها

فإن المعاصي تزيل النعم وقد يدل له ما روى أنه صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة فرأى كسرة ملقاة فمسحها وقال: يا عائشة أحسني جوار نعم الله، فإنها ما نفرت عن أهل بيت فكادت أن ترجع إليهم، وروي من حديث أنس وعائشة وغيرهما وتقدم في " أكرموا الخبز "، قال: بل أوسعت الكلام عليها في جوابين وجمعت بينها على تقدير تساويها.

انتهى.

وأقول قال شيخ مشايخنا النجم الغزي تبعا لغيره: وقد يجاب بأن ما يقضيه الله تعالى للعبد من أجل أو رزق أو بلاء، تارة يكون مبرما وهذا لا يؤثر فيه الدعاء والطاعة، وتارة يكون معلقا على صفة، وقد سبق في القضاء

وجودها، فهذا يؤثر فيه ما ذكره، ويكون ذلك من نفس القضاء.

ولا محو ولا إثبات

ص: 241

في المبرَمِ - المتعلق به علم الله المعبر عنه بأم الكتاب أيضا -، وإنما المحو والإثبات في اللوح المحفوظ - المكتوب فيه القضاء المعلق -، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى

(يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب)

، قال: وقد أشار إلى ذلك الجد الرضي في الدرر اللوامع بقوله: والمحو والإثبات في نص الكتاب

في لوحه المحفوظ لا أم الكتاب وبهذا يرتفع الإشكال الوارد على مذهب أهل السنة، الناطق به الكتاب والسنة من أن الأجل والرزق مقسومان، وأن كل شئ بقضاء وقدر.

انتهى ملخصا.

736 -

(إن الله لا يحب الفُحْشَ ولا التَّفحش) رواه أبو داود بسند حسن ورواه أحمد عن أسامة بن زيد بلفظ: أن الله يبغض الفاحش المتفحش.

737 -

(إن الله لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه) قال الشمس الرملي في شرح المنهاج للنووي ضعيف.

738 -

(إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم) رواه مسلم في صحيحه وابن ماجه عن أبي هريرة.

739 -

(أن الله لا يهتك عبدَه أولَ مرةً) رواه الديلمي في مسند الفردوس بلا سند عن أنس مرفوعا بلفظ: أن الله لا يهتك ستر عبد فيه مثقال حبة من خير وفي لفظ مثقال ذرة من خير، وفي الستر أحاديث كثيرة منها: إني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، ونحوه ما أخرجه الديلمي عن أنس رفعه يقول الله عز وجل إني أعظم عفوا من أن أستر على عبدي ثم أفضحه، وقال النجم لا يعرف بهذا اللفظ، وفي معنى ما في الترجمة ما أخرجه ابن أبي الدنيا عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل كم للمؤمن من ستر قال هي أكثر من أن تحصى ولكن المؤمن إذا عمل خطيئة هتك منها سترا فإذا تاب رجع إليه ذلك الستر وتسعة معه وإذا لم يتب هتك منه سترا واحدا حتى لا يبقى عليه منها شئ، قال الله تعالى لمن شاء من ملائكته إن بني آدم يعيرون ولا يغيرون فحفوه بأجنحتكم فيفعلون به ذلك فإن تاب رجعت

ص: 242

إليه تلك الأستار كلها وإذا لم يتب عجبت منه الملائكة فيقول الله تعالى أسلموه فيسلمونه حتى لا تُسْتَر منه عورة.

740 -

(إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كلِ مائةِ سنةٍ مَنْ يُجَدِدُ لها دينَها) رواه أبو داود عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخرجه الطبراني في الأوسط عنه أيضا بسند رجاله ثقات، وأخرجه الحاكم من حديث ابن وهب وصححه، وقد اعتمد الأئمة هذا الحديث، قال البيهقي في المدخل بسنده إلى الإمام أحمد: أنه كان في المائة الأولى عمر بن عبد العزيز، وفي الثانية الشافعي، وزاد غيره: وفي الثالثة أبو العباس بن سُريج، وقيل أبو الحسن الأشعري، وفي الرابعة أبو الطيب سهل الصعلوكي، وأبو حامد الأسفراييني - أو الباقلاني - وفي الخامسة حجة الإسلام محمد الغزالي، وفي السادسة الفخر الرازي أو الحافظ عبد الغني، وفي السابعة ابن دقيق العيد، وفي الثامنة البلقيني أو الزين العراقي، قال في المقاصد وفي التاسعة المهدي ظنا - أو المسيح عليه السلام، فالأمر قد اقترب والحال قد اضطرب، قال ابن كثير وقد ادعى كل قوم في إمامهم أنه المراد بهذا الحديث، والظاهر والله أعلم أنه يعم حملة العلم من كل طائفة وكل صنف من أصناف العلماء من مفسرين ومحدثين وفقهاء ونحاة ولغويين إلى غير ذلك من الأصناف، ونظم السيوطي في رسالة له سماها تحفة المهتدين بأسماء المجددين ختم بهم كتابه التنبئة فيمن يبعثه الله على رأس المائة فقال فيها:

وكان عند المائة الأولى عمر

خليفة العدل بإجماع وقر

والشافعي كان عند الثانية

لما له من العلوم السارية

وابن سريج ثالث الأئمة

والأشعري عدَّه من أمه

والباقلاني رابع أو سهل أو

الأسفراييني خلف قد حكوا

والخامس الحبر هو الغزالي

وعده ما فيه من جدال

والسادس الفخر الإمام الرازي

والرافعي مثله يوازي

ص: 243

والسابع الراقي إلى المراقي

ابن دقيق العيد باتفاق

والثامن الحبر هو البُلقيني

أو الحافظ الإمام زين الدين

وهذه تاسعة المئين قد

أتت ولا يُخلف ما الهادي وعد

وقد رجوت أني المجدد

فيها ففضل الله ليس يجحد

وآخر المئين فيها يأتي

عيسى نبي الله ذو الآيات

يجدد الدين لهذي الأمة

وفي الصلاة بعضنا قد أمه

مقرر لشرعنا ويحكم

بحكمنا إذ في السماء يعلم

وبعده لم يبق من مجدد

ويُرفع القرآن مثل ما بُدِي

وتكثر الأشرار والإضاعة

من رفعه إلى قيام الساعة

انتهى مع حذف أبيات.

741 -

(إن الله يستحي أن يَنْزِع السرَّ من أهله) كلام يجري على ألسنة العامة وليس بحديث انتهى.

742 -

(إن الله يستحي أن يعذب شيبةً شابت في الإسلام) هكذا ذكره الغزالي في الدرة الفاخرة، ورواه السيوطي في الجامع الكبير عن ابن النجار بسند ضعيف بلفظين آخرين: أحدهما إن الله ليستحي من عبده وأمته يشيبان في الإسلام يعذبهما ثانيهما إن الله عز وجل يستحيي من ذي الشيبة إذا كان مسدَّدا كروما للسنة أن يسئله فلا يعطه انتهى، وذكر الغزالي في الدرة الفاخرة لذلك حكاية، قال فيها روي عن يحيى بن أكتم القاضي أنه رؤي في المنام فقيل له ما فعل الله بك فقال أوقعني بين يديه الكريمتين ثم قال يا شيخ السَوْء فعلت كذا وفعلت كذا وفعلت كذا وفعلت وفعلت فقلت يا رب ما بهذا حُدْثت عنك فقال بم حُدِّثتَ عني يا يحيى فقلت حدثني معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة عن نبيك صلى الله عليه وسلم عن جبريلَ عليه السلام عنك يا ذا الجلال والإكرام أنك قلت إني أستحي أن أعذب ذا شيبة شابت في الإسلام فقال يا يحيى صدقت وصدق الزهري وصدق معمر وصدق عروة وصدقت

ص: 244

عائشة وصدق نبيي وصدق جبريل وصدقت اذهب فقد غفرت لك.

743 -

(إن الله يحب معالي الأمور ويُبغض سفْسافَها) رواه الحاكم عن سهل ابن سعد، ورواه أبو نعيم والطبراني وابن ماجه عن سهل أيضا بلفظ: أن الله كريم يحب الكرم ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها، ورواه ابن ماجه عن طلحة وأبو نعيم عن ابن عباس بلفظ: إن الله جواد يحب الجود ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها، ورواه الطبراني عن الحسن بن علي بلفظ: أن الله يحب معالي الأمور وأشرفها ويكره سفسافها.

744 -

(أن الله يبغض السائل المُلْحِفَ) رواه أبو نعيم ومن طريقه الديلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه، ورواه الديلمي أيضا عن ابن عباس رفعه وفي الباب عن أنس وابن عمر وأبي أمامة، وجاء في المرفوع أيضا لا يزال العبد يسأل وهو غني حتى يَخُلق وجهه فما يكون له عند الله وجه، والمراد السائل للإنسان بالشرط المذكور وإلا فالله يحب الملحين في الدعاء.

745 -

(إن الله يتجلى للناس عامة ولأبي بكر خاصة) قال النجم رواه الحاكم والخطيب وتعقبه عن جابر وابن مردويه عن أنس بلفظ يا أبا بكر إن الله أعطاك الرضوان الأكبر قال وما الرضوان الأكبر قال إن الله يتجلى للخلق عامة ويتجلى لك خاصة انتهى، وأقول رأيت في رسالة منسوبة لصاحب القاموس أنه عده من الموضوعات بلفظه الأول، فليراجع وليحرر (1) .

746 -

(إن الله يقول أنا عند ظن عبدي بي إن خيرا فخير وإن شرا فشر) رواه ابن ماجه وأبو نعيم عن واثلة يرفعه.

747 -

(إن الله يحب إذا عَمَل أحدَكم العملَ أن يُتقنه - وفى لفظ عملا بالتنكير) رواه أبو يعلى والعسكري عن عائشة ترفعه، ورواه العسكري أيضا بلفظ أن يحكمه، ورواه البيهقي بلفظ أن الله يحب من العامل إذا عمل أن يحسن، ورواه

(1) في " انتقاد المغني عن الحفظ والكتاب " بعض تحرير في ذلك.

ص: 245

الطبراني عن عاصم بن كليب عن أبيه أنه خرج مع أبيه إلى جنازة شهدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا غلام أعقل فقال النبي صلى الله عليه وسلم يحب الله العامل إذا عمل أن يتقن ورواه زائدة عن عاصم عن أبيه عن رجل من الأنصار قال خرجت مع أبي فذكره وصنيع الأئمة يقتضي ترجيحها فقد جزم أبو حاتم والبخاري وآخرون بأن كليبا تابعي، وكذا ذكره أبو زُرعة وابن سعد وابن حبان في ثقات التابعين فذِكْر ابن عبد البر وغيره له في الصحابة فيه نظر، قال العسكري فأخذه بعض المتقدمين فقال:

وما عليك أن تكون أدلما (1)

إذا تولى عقد شئ أحكما

ونسب إلى الأحنف قوله:

وما عليك أن تكون أزرقا

إذا تولىَّ عقد شئ أوثقا.

748 -

(إن الله يحب الشاب التائب) رواه أبو الشيخ عن أنس مرفوعا ورواه الديلمي عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: أن الله يحب الشاب الذي يُفني شبابه في طاعة الله، وروى الطبراني في الأوسط عن أنس رفعه خير شبابِكم من تشبَّه بكهولكم وشر كهولكم من تشبه بشبابكم، وروى تمَّام في فوائده والقُضاعي في مسنده من حديث ابن لهيعة عن عقبة بن عامر رفعه: إن الله ليعجب من الشاب الذي ليست له صَبْوة، وكذا هو عند أحمد وأبي يعلى بسند حسن، لكن قال في المقاصد وضعفه شيخنا في فتاويه لأجل ابن لهيعة، وكان السلف يعجبهم أن لا يكون للشاب صبوة.

749 -

(إن الله يحب كلَ قلبٍ حزين) رواه الطبراني والقضاعي عن أبي الدرداء مرفوعا.

750 -

(أن الله يحب الملحين في الدعاء) رواه الطبراني وأبو الشيخ والقضاعي عن عائشة مرفوعا، وما أحسن قول بعضهم: الله يغضب إن تركت سؤاله

وبُنَيُّ آدم حين يُسأل يغضب.

751 -

(إن الله يحب العبد التقيَّ الغنيَّ الخفيَّ) رواه مسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

(1) الأدلم: الآدم والشديد السواد، عن القاموس.

ص: 246

752 -

(إن الله يحب إذا أنعم على عبده نعمة أن يرى أثر نعمته على عبده) رواه البيهقي عن عمران بن حصين مرفوعا، وفي لفظ إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده رواه الترمذي وحسنه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا، وقال النجم رواه أحمد عن أبي هريرة وابن أبي الدنيا عن علي بن زيد بن جدعان.

753 -

(إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب - زاد ابن أبي شيبة - في الصلاة) رواه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة بزيادة فإذا عطس أحدكم فحمد الله كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له يرحمك الله وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع فإن أحدكم إذا قال " ها " ضحك منه الشيطان.

754 -

(إن الله يدعو الناس يوم القيامة بأمهاتهم ستراً منه علي عبادة) رواه الطبراني في الكبير عن ابن عباس رفعه، وفي الباب عن أنس رفعه بلفظ يُدْعى الناس - الحديث، وعن عائشة رضي الله عنها كذلك، وكلها ضعاف، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، قال في المقاصد: يعارضه ما رواه أبو داود بسند جيد عن أبي الدرداء رفعه إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فحسنوا أسماءكم بل عند البخاري في صحيحه عن ابن عمر رفعه: إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء فيقال هذه غدرة فلان بن فلان، نعم، حديث التلقين بعد الدفن، وأنه يقال له " يا ابن فلانة "، فإن لم يعرف اسمها ف " يا ابن حواء " أو " يا ابن أمة الله "، مما يستأنس به لهذا، كما بينت ذلك مع الجمع في " الإيضاح والتبيين عن مسألة التلقين " انتهى.

755 -

(إن الله يَقبل توبةَ العبدِ ما لم يَغَرْغِرْ) رواه الترمذي بسند حسن وكذا أحمد وابن ماجه وابن حبان والحاكم عن ابن عمر رفعه.

756 -

(إن الله لا يقبل دعاء ملحوناً نقل التقي السبكي) أنه أثبت وروده،

ص: 247

والأظهر أن المراد باللحن الخطأ في الإعراب، وقيل المراد به الدعاء بغير حق انتهى.

757 -

(أن الله ينزل الرزق على قدر المؤونة وينزل الصبر على قدر البلاء) رواه ابن لال في المكارم عن أبي هريرة والمشهور على الألسنة المعونة على قدر المؤونة وسيأتي بأبسط: في إن المعونة.

758 -

(أن الله يبغض الشيخ الغِرْبِيبَ) رواه الديلمي عن أبي هريرة مرفوعا، والغربيب، بكسر الغين المعجمة، وسكون الراء، وبموحدتين بينهما تحتية: الذي لا يشيب وقيل الذي يُسَوِّد الشعر

759 -

(أن الله تعالى يُبغض المُعبِّس في وجوه إخوانه) رواه الديلمي عن علي رضي الله عنه، وقال الدارقطني ضعيف.

760 -

(إن الله يبغض الآكلَ فوقَ شِبَعِه) رواه الديلمي عن أبي هريرة.

761 -

(أن الله يبغض الحبر السمين) رواه البيهقي في الشعب وحسنه عن كعب من قوله بلفظ يبغض، وزاد أهل البيت الَّلحْمِيَّين، قيل في معنى الجملة الزائدة انهم الذين يكثرون أكل لحوم الناس، لكن ظاهرها الإكثار من أكل اللحم وقرنه بالجملة الأخرى كالدليل على ذلك، وروى أبو نعيم عن مالك بن دينار أنه قال قرأت في الحكمة: أن الله يبغض كل حبر سمين، وعبارة الإحياء للغزالي وفي التوراة مكتوب إن الله ليبغض الحبر السمين، وفي الكشاف والبغوي وغيرهما في قوله تعالى

(وما قدَّروا الله حقَّ قدره)

أن مالك بن الصيف من أحبار اليهود ورؤسائهم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنْشُدك بالذي أنزل التوراة على موسى هل تجد فيها أن الله يبغض الحبر السمين وكان حبرا سمينا فغضب وقال ما أنزل الله على بشر من شئ، أخرجه الواحدي في أسباب النزول، وكذا الطبراني عن سعيد بن جبير مرسلا، وعزاه القرطبي أيضا للحسن البصري، وروى أبو نعيم في الطب النبوي من طريق بشر الأعور قال قال عمر بن الخطاب إياكم والبِطْنة في الطعام والشراب فإنها مفسدة للجسد مورثة للفشل مَكْسَلة عن الصلاة وعليكم بالقصد فيهما فإنه أصلح

ص: 248

للجسد وأبعد عن السرف وإن الله ليبغض الحبر السمين، ونقل الغزالي عن ابن مسعود أنه قال إن الله يبغض القاري السمين بل عزاه أبو الليث السمرقندي في بستانه لأبي أمامة الباهلي مرفوعا، وقال في المقاصد ما علمته في المرفوع، نعم روى أحمد والحاكم والبيهقي في الشعب بسند جيد عن جعدة الجُشمي أنه صلى الله عليه وسلم نظر إلى رجل سمين فأومأ إلى بطنه وقال لو كان هذا في غير هذا لكان خير لك، ثم قال وقد أفردت لهذا الحديث جزاءً فيه نفائس، وذكر البيهقي في مناقب الشافعي رضي الله عنه أنه قال ما أفلح سمين قطُّ إلا أن يكون محمد بن الحسن، فقيل له لم فقال لأنه لا يعدو العاقل إحدى حالتين إما أن يهتم لآخرته ومعاده أو لدنياه ومعاشه والشحم مع الهم لا ينعقد فإذا خلا من المعنيين صار في حد البهائم فينعقد الشحم، ثم قال الشافعي رضي الله عنه كان مَلِك في الزمان الأول مثقلا كثير اللحم لا ينتفع بنفسه فجمع المتطببين وقال احتالوا لي حيلة تخفف عني لحمي هذا قليلا فما قدروا له على صفة قال فنُعت له رجل عاقل أديب متطبب فبعث إليه فأشخص فقال تعالجني ولك الغنى فقال أصلح الله الملك أنا رجل متطبب منجم دعني أنظر الليلة في طالعك أي دواء يوافق طالعك فأسقيك فغدا عليه فقال أيها الملك الأمان قال لك الأمان قال قد رأيت طالعك يدل على أن عمرك شهر فإن أحببت حتى أعالجك وإن أردت بيان ذلك فاحبسني عندك فإن كان لقولي حقيقة فحل عني وإلا فاقتص علي قال فحبسه ثم رفع الملك الملاهي واحتجب عن الناس وخلا وحده مغتما ما يرفع رأسه يعد أيامه كلما انسلخ يوم ازداد غما حتى هزل وخف لحمه ومضى لذلك ثمانية وعشرون يوما فبعث إليه فأخرجه فقال ما ترى فقال أعز الله الملك أنا أهون على الله من أن أعلم الغيب والله ما أعرف عمري فكيف أعرف عمرك أنه لم يكن عندي دواء إلا الهم فلم أقدر أجلب إليك الهم إلا بهذه الفعلة فأذابت شحم الكلى فاستحسن منه ما فعل فأجازه وأحسن جائزته.

762 -

(إن الله لما خلق آدم وأدخل الروح في جسده أمرني أن آخذ تفاحة فاعصرها في حلقه فعصرتها فخلقك الله يا محمد من القطرة الأولى ومن الثانية

ص: 249

أبا بكر - الحديث) قال ابن حجر الهيثمي نقلا عن السيوطي كذب موضوع.

763 -

(إن الله يكره الرجل البَطَّال) قال الزركشي لم أجده انتهى، ومثله في اللآلئ وزاد لكن روى ابن عدي عن سالم عن أبيه مرفوعا: أن الله يحب المؤمن المحترف، وفي سنده أبو الربيع متروك انتهى ملخصا، وأقول ورواه أيضا الطبراني والبيهقي، والحكيم الترمذي عن ابن عمر بلفظ: أن الله تعالى يحب العبد المؤمن المحترف، والمشهور على الألسنة إبدال " الرجل " ب " العبد "، وفي معناه ما أخرجه سعيد ابن منصور في سننه عن ابن مسعود من قوله إني لأكره الرجل فارغا لا في عمل الدنيا ولا الآخرة، ورواه أحمد وابن المبارك والبيهقي وابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه قال إني لأمقت الرجل أراه فارغا ليس في شئ من عمل الدنيا ولا آخرة، وذكره الزمخشري في تفسيره سورة الانشراح عن عمر بلفظ إني لأكره أن أرى أحدكم سَبَهْللا لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة، وفي الشعب للبيهقي عن عروة بن الزبير أنه قال يقال ما شر شئ في العالم قال البطالة، وأخرج الطبراني في معجمه الكبير والأوسط وابن عدي في كامله عن ابن عمر مرفوعا بسند فيه ضعيف ومتروك أنه قال إن الله يحب المؤمن المحترف، وروى ابن ماجه والطبراني عن عمران بن حصين مرفوعا: أن الله يحب عبده المؤمن الفقير المتعفف أبا العيال وروى الديلمي عن علي رفعه: إن الله يحب أن يرى عبده تعبا في طلب الحلال، قال في المقاصد ومفرداتها ضعاف ولكن بانضمامها تتقوَّى، أي فيصير الحديث حسنا وقال ابن وهب لا يكون البطال من الحكماء.

764 -

(إن الله يكره الرجل الرفيعَ الصوتَ - أي عاليه - ويحب الرجل الخفيضَ الصوتِ) رواه البيهقي عن أبي أمامة بلفظ: إن الله يكره من الرجال الرفيع الصوت، ويحب الخفيض من الصوت، ورواه الديلمي عن أبي هريرة بلفظ إن الله يحب الرجل الرقيق الصوت - الحديث.

765 -

(إن الله يكره العبد المتميز على أخيه) قال في المقاصد لا أعرفه،

ص: 250

وسيأتي لا خير في صحبة من لا يرى لك من الود مثلما ترى له، قال ثم رأيت في جزء تمثال النعل الشريف لأبي اليُمْن بن عساكر روى أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يمتهن نفسه في شئ قالوا نحن نكفيك يا رسول الله قال قد علمت أنكم تكفوني ولكن أكره أن أتميز عليكم فإن الله يكره من عبده أن يراه متميزا على أصحابه، والمشهور على الألسنة إبدال " أخيه " ب " إخوانه ".

766 -

(إن الله يكره الرجل المِطْلاق الذَوَّاق) قال في المقاصد لا أعرفه كذلك ولكن قد مضى حديث أبغض الحلال إلى الله الطلاق ويأتي حديث لا أحب الذواقين والذواقات، ورواه الطبراني عن عبادة بن الصامت بلفظ: أن الله لا يحب الذّوّاقينَ ولا الذواقات.

767 -

(إن الله يحب الرجل المَشْعَراني ويكره المرأة المشعرانية) فلم أره بهذا اللفظ، لكنه بمعنى ما نقله السيوطي عن مجمع الغرائب للشيخ عبد القادر الفارسي حيث قال: إن الله يحب الرجل الأزَبّ وسكت عليه ويبغض المرأة الزَبّاء انتهى، والأزب بفتح الهمزة والزاي وبموحدة كثير الشعر.

768 -

(أن لله أهلين من الناس قالوا يا رسول الله من هم قال هم أهل القرآن أهل الله وخاصته) رواه النسائي وابن ماجه وأحمد والدارمي عن أنس مرفوعا وصححه الحاكم وقال أنه روي من ثلاثة أوجه عن أنس، وهذا أمثلها.

769 -

(إن لله عبادا خصهم بالنعم لمنافع الناس - الحديث) رواه الطبراني وأبو نعيم عن ابن عمر بزيادة فإذا منعوها حوّلها عنهم - كذا في تخريج أحاديث مسند الفردوس للحافظ ابن حجر.

770 -

أن لله عباداً يفزع الناس إليهم في حوائجهم هم الآمنون يوم القيامة) رواه أبو الشيخ عن ابن عباس، كذا في التخريج المذكور.

771 -

(إن لله عز وجل ملكاً موكلاً بجمع الأشكال بعضها إلى بعض) رواه الدينوري في المجالسة عن الشعبي قال يقال إن لله فذكره، وعند الديلمي عن

ص: 251

أنس: إن لله ملكا موكلا بتأليف الأشكال، والمشهور على الألسنة إن لله ملائكة تسوق الجنس إلى الجنس.

772 -

(إن لله ملائكة تَنْقُلْ الأموات) قال في المقاصد لم أقف عليه ولكن نُقِلَ إلينا عن العزّ يوسف الزرندي - أبي السادة الزرنديين المدنيين وهو ممن لم يمت بالمدينة - أنه رؤي في النوم وهو يقول للرائي سلم على أولادي وقل لهم إني قد حملت إليكم ودفنت بالبقيع عند قبر العباس فإذا أرادوا زيارتي فليقفوا هناك ويسلموا ويدعوا، ونحوه ما حكاه البدر بن فرحون أن محمد بن إبراهيم المؤذن حكى له أنه حمل ميتا في أيام الحج ولم يجد من يساعده عليه غير شخص واحد قال فحملناه ووضعناه في اللحد ثم ذهب الرجل وجئت بالَلبِنْ لأجل اللحد فلم أجد الميت في اللحد فذهبت وتركت القبر على حاله، وحكى ابن فرحون أيضا أن شخصا كان يقال له ابن هيلان من المبالغين في التشيع بحيث يُفضي إلى ما يُستَقْبِح في حق الصحابة مع الإسراف على نفسه بينما هو يهدم حائطا إذ سقط عليه فهلك فدفن بالبقيع فلم يوجد ثاني يوم في القبر الذي دفن فيه ولا التراب الذي ردم به القبر بحيث يستدل بذلك لنبشه وإنما وجدوا اللبن على حاله حسبما شاهده الجم الغفير، حتى كان ممن وقف عليه القاضي جمال الدين المطري وصار الناس يجيئون لرؤيته أرسالا أرسالا إلى أن اشتهر أمره وعد ذلك من الآيات التي يعتبر بها من شرح الله صدره، وقال الشعراني أيضا في كتابه البدر المنير في غريب أحاديث البشير النذير قد ثبت وقوعه لطائفة منهم سيدي أبو الفضل الغريق من أولاد السادات بني الوفاء غرق في بحر النيل فوجدوه عند جده بالقرافة مدفونا، وأما نقل الحديث فكثير يتكلم الرجل بمصر فينتقل إلى مكة في ليلة فيجده الناس هناك انتهى.

773 -

(إن لله ملكا ما بين شعرَي عينيه مسيرة خمسمائة عام) قال القاري لم يوجد له أصل.

774 -

(إنكم في زمان ألْهِمْتُمْ فيه العمل وسيأتي قوم يُلْهَمُون الجدل) كذا

ص: 252

في الإحياء قال العراقي لم أجده.

775 -

(إن من تمام إيمان العبد أن يُنْشِئَ في كل حديث) قال القاري منكر لكن معناه مأخوذ من قوله تعالى (ولا تَقولَن لشئ إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله) .

776 -

(إنَّ نسبة الفائدة إلى مُفِيدِهَا من الصدقِ في العلم وشكره وإن السكوت عن ذلك من الكذب في العلم وكفرِه) هو من كلام سفيان الثوري كما ذكر ابن جماعة في منسكه الكبير.

777 -

(إن المسجد لينزوي (1) من النُّخامة) قال القاري لم يوجد.

778 -

(إن لله مدينة تحت العرش من مسك أذفر على بابها ملك ينادي كل يوم ألا مَن زار عالما فقد زار الرب ومن زار الرب فله الجنة) كذب موضوع كما نقله ابن حجر المكي عن السيوطي، ولينظر ما نقله الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث مسند الفردوس عن أنس بلفظ: أن لله مدينة تحت العرش من مسك أذفر على بابها ملك ينادي كل يوم ألا من زار العلماء فقد زار الأنبياء _ الحديث انتهى.

779 -

(إن لله ملائكة في الأرض تَنْطِق على ألسِنة بني آدم بما في المرء من الخير والشر) رواه المحاملي في أماليه الأصبهانية، ومن طريقه الديلمي عن أنس قال مرت جنازة فأثنوا عليها خيرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبت ثم مُرَّ بأخرى فأثنوا عليها شرا فقال وجبت فسئل عن ذلك فذكره، وأخرجه الحاكم أيضا وقال أنه على شرط مسلم.

780 -

(إن من البيان سحرا) رواه أحمد وأبو داود عن ابن العباس، وهو عند

مالك وأحمد والبخاري وأبي داود والترمذي عن ابن عمر بلفظ: إن من البيان لسحرا، وفي رواية البخاري قال جاء رجلان من الشرق فخطبا فقال صلى الله عليه وسلم أن من البيان لسحرا.

781 -

(أن المسافر وماله على قَلَتٍ) هو بفتح القاف واللام وبالمثناة الفوقية الهلاك، قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات ليس هذا خبرا عن رسول الله

(1) بقيته " كما تنزوي الجلدة من النار " أي ينضم وينقبض، وقيل أراد أهل المسجد وهم الملائكة.

النهاية.

ص: 253

صلى الله عليه وسلم وإنما هو من كلام بعض السلف فقيل له عن علي رضي الله عنه، فقال ذكر ابن السكيت والجوهري أنه عن بعض الأعراب انتهى، وروى الديلمي بلا إسناد عن أبي هريرة مرفوعا لو علم الناس رحمة الله بالمسافر لأصبح الناس على سفر إن المسافر ورحله على قلت إلا ما وقى الله، ورواه ابن الأثير في النهاية وهو ضعيف، وللديلمي أيضا بسند ضعيف إلى أبي هريرة يرفعه لو علم الناس ما للمسافر لأصبحوا وهم على ظهور سفر إن الله بالمسافر لرحيم.

782 -

(إن المعونة تأتي من الله للعبد على قدر المؤونة وأن الصبر يأتي من الله للعبد على قدر المصيبة) رواه البيهقي في الشعب والعسكري في الأمثال والبزار وابن شاهين عن أبي هريرة رضي الله عنه، ورواه البيهقي أيضا بلفظ أنزل الله عز وجل المعونة على قدر المؤونة وأنزل الصبر عند البلاء، ورواه ابن الشِّخِّير بلفظ أنزل المعونة مع شدة المؤونة وأنزل الصبر عند البلاء، ورواه عمر بن طلحة من حديث ابن الحُوَّاري حدثنا عبد العزيز بن عمر أنه قال أوحى الله عز وجل إلي داود عليه السلام يا داود اصبر على المؤونة تأتك المعونة، وإذا رأيت لي طالبا فكن له خادما.

783 -

(إن من الذنوب ذنوبا لا تُكَفِّرها الصلاة ولا الصوم ولا الحج ويكفرها الهم في طلب المعيشة) رواه الطبراني وأبو نعيم عن أبي هريرة مرفوعا، ورواه الخطيب في تلخيص التشابه، وفي لفظ عرق الجبين بدل الهم، وللديلمي عن أبي هريرة رفعه: إن في الجنة درجة لا ينالها إلا أصحاب الهموم يعني في طلب المعيشة.

784 -

(إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها إلا الوقوف بعرفة) كذا في الإحياء، قال مخرجه العراقي لم أجد له أصلا.

785 -

(إن من الشعر حكمة) رواه البخاري عن أبي كعب والترمذي عن ابن عباس رفعه بلفظ: أن من الشعر حكما، وأوله عند أبي داود بلفظ جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يتكلم بكلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من البيان سحرا وإن من الشعر حكمة، وعند الطبراني عن ابن عباس زيادة وهي وكان

ص: 254

رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل من الأشعار

ويأتيك بالأخبار من لم تزود

قال نعم، وعنده أيضا عن ابن عباس رفعه: إن من الشعر حكما وإن من البيان سحرا، ولأبي داود عن بريدة مرفوعا: إن من البيان سحرا وإن من الشعر حكما وإن من القول عيلا (1) ، قال العسكري، والمعنى أن من الشعر ما يحث على الحسن ويمنع من القبيح لأن أصل الحكمة في اللغة المنع ومنه حكمة الدابة لأنها تمنعها أن تنصرف كيف شاءت، ثم قال وفي بعض كتب المتقدمين احكموا سفهائكم، أي امنعوهم من القبيح.

786 -

(إن من السَرف أن تأكلَ كلما اشتهيتَ) رواه ابن ماجه عن أنس.

787 -

(إن من الناس ناسا مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس ناسا مفاتيح للشر مغاليق للخير فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه، قال في المقاصد: رواه ابن ماجه والطيالسي عن أنس رفعه ورواه ابن ماجه أيضا بلفظ: إن لهذا الخير خزائن ولتلك الخزائن مفاتيح فطوبى لعبد جعله الله مفتاحا للخير مغلاقا للشر وويل لعبد جعله الله مفتاحا للشر مغلاقا للخير، ولكن في سنده عبد الرحمن بن زيد ضعيف.

788 -

(إن الميَّت يرى النار في بيته سبعة أيام) قال البيهقي في مناقب أحمد أنه سئل عنه فقال باطل لا أصل له، وهو بدعة وينظر في معناه انتهى، وأقول لعل المراد ببيته قبره، وقال المنوفي متنه مظلم وواضعه مجرم قبَّح الله من وضعه ولا برَّد مضجعه، وأخرج أبو داود عن عائشة قالت لما مات النجاشي كنا نتحدث أنه لا يزال على قبره نور.

789 -

(إن الميت يؤذيه في قبره ما كان يؤذيه في بيته) رواه الديلمي بلا سند عن عائشة مرفوعا، ويشهد له ما أخرجه أبو داود وابن ماجه وغيرهما عنها رفعته كسر عظم الميت ككسر عظمه حيا، وقال النجم عند الطبراني والحاكم

(1) في الأصل (عيالا) وفى النهاية (عيلا وهو عرضك حديثك وكلامك على من لا يريده وليس من شأنه) .

ص: 255

وابن مندة عن عمارة بن حزم قال رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا على قبر فقال يا صاحب القبر انزل عن القبر لا تؤذي صاحب القبر ولا يؤذيك، ورواه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال أذى المؤمن في موته كأذاه في حياته، ورواه ابن مندة عن القاسم بن مخيمرة قال لأن أطأ على سنان محميٍّ حتى ينفذ من قدمي أحب إلي من أن أطأ على قبر وإنّ رجلا وطئ على قبر وإن قلبه ليقظان إذ سمع صوتا: إليك عني يا رجل ولا تؤذني انتهى.

790 -

(إن نوحا عليه الصلاة والسلام اغتسل فرأى ابنه ينظر إليه فقال تنظر إلي وأنا اغتسل خار الله لونك فاسود فهو أبو السودان) رواه الحاكم عن ابن مسعود موقوفا وصحح إسناده، وقال في الدرر المنتثرة رواه الحاكم عن ابن مسعود وصححه انتهى، ولابن أبي حاتم والحاكم أيضا لكن بسند ضعيف عن أبي هريرة رفعه ولِد لنوح سام وحام ويافث، فولد لسام العرب وفارس والروم وولد لحام القبط والبربر والسودان، وولد ليافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة، وزاد النجم وعند أحمد والترمذي والحاكم عن سُمرة سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم (1) .

791 -

(إن من العصمة أن لا تجد) رواه ابن الإمام أحمد في زوائد الزهد عن عون بن عبد الله أنه كان يقول إن من العصمة أن تطلب الشئ فلا تجده، وهو في كلام الإمام الشافعي عن الصوفية، والمشهور الألسنة من العصمة بإسقاط إنّ.

792 -

(إن من القَرَفِ التَلَفَ) قال النجم رواه أبو داود عن قرة بن مَعين قال قلت يا رسول الله أرض عندنا يقال لها أرض أبين هي أرض رفقتنا وميرتنا وإنها وبيئة - أو قال وباءها شديد فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعها فإن من القرف التلف انتهى، وقال ابن كمال (2) باشا في أربعينيه نقلا عن صاحب الغريبين وفي الحديث أنه عليه السلام سئل

(1) تحرير المقام في " القصد والأمم في التعريف بأنساب العرب والعجم لابن عبد البر.

(2)

في الأصل (الكمال) .

ص: 256

عن أرض وبيئة فقال دعها فإن من القرف التلف، قال القرف مداناة المرض وكل شئ قاربته فقد قارفته، وفي الصحاح للجوهري وفي الحديث أن قوما شكوا إليه وباء أرضهم فقال تحولوا فإن من القرف التلف انتهى.

793 -

(إن المؤمن لا يَنْجَسُ) رواه أصحاب الكتب الستة عن أبي هريرة لكن لفظ البخاري في كتاب الغسل بزيادة سبحان الله في أوله مع بيان سبب الحديث، ورواه أيضا أحمد ومسلم وغيره عن حذيفة والنسائي عن ابن مسعود والطبراني عن أبي موسى.

794 -

(إن المنبت لا ظهرا أبقى ولا أرضا قطع) رواه البزار عن جابر بلفظ أن هذا الدين متين فأوْغِل فيه برِفق فإن المُنْبَتَ لا ظهرا - الحديث.

795 -

(إن الميت يُعَذَبُ ببكاء أهله عليه) رواه الشيخان عن ابن عمر بلفظ إن حفصة بكت على عمر فقال مهلا يا بنيتي ألم تعلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذكره وفي رواية لما طعن عمر أغمى عليه فصيح عليه فلما أفاق قال أما علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الميت ليعذب ببكاء الحي، ولهما عن أنس إن عمر بن الخطاب لما طعن عوّلَتْ عليه حفصة فقال يا حفصة أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المعول عليه يعذب، وزاد ابن حبان قالت بلى، قال وعول عليه صهيب فقال عمر يا صهيب أما علمت أن المعول عليه يُعذّبَ، ولهما عن عمر الميت يعذب في قبره ما نيح عليه، وعنه من يُبْكَ عليه يعذب، قال موسى بن طلحة كانت عائشة تقول إنما كان أولئك اليهود، ورواه الشيخان وأحمد والترمذي عن المغيرة بلفظ من نيح عليه يعذب بما نيح عليه، ولفظ مسلم فإنه يعذب بما نيح عليه وتأولوا ذلك بوجوه: منها أن ذلك محمول على ما إذا أوصى به الميت من البكاء والنياحة وعليه الأكثرون ومنها أن المراد بالبكاء النياحة أيضا، لكن المراد بالعذاب ما ينال من الأذى بمعصية أهله، وهذا القول اختيار ابن جرير الطبري في تهذيبه، قال الحافظ ابن حجر واختار هذا جماعة من الأئمة من آخرهم ابن تيمية، ومنها أنه ورد في قوم كفار من اليهود، وعند الشيخين

ص: 257

عن ابن أبي مُليْكة قال تُوُفيتْ بنت لعثمان بن عفان فجئنا نشهدها وحضرها ابن عمر وابن عباس فقال ابن عمر لعمرو بن عثمان ألا تنهى عن البكاء فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه فقال ابن عباس قد كان عمر يقول بعض ذلك فذكر ذلك لعائشة فقالت رحم الله عمر والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يعذب ببكاء أحد ولكن قال إن الله يزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه، قال وقالت عائشة حسبك القرآن

(لا تزر وازرة وزر أخرى)

قال ابن أبي مليكة فوالله ما قال ابن عمر شيئا قال حدثني القاسم بن محمد قال لما بلغ عائشةَ قولُ عمر وابنه قالت إنكم لتحدثون عن غير كاذِبْينِ ولا مُكْذَبْينِ ولكن السمع يخطئ، وللشيخين أيضا عن عمرة أنها سمعت عائشة وذكر لها أن ابن عمر يقول ان الميت ليعذب ببكاء الحي قالت عائشة يغفر الله لأبي عبد الرحمن أما إنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية يُبكى عليها فقال انهم يبكون عليها وإنها لَتُعَذب في قبرها.

796 -

(إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم) رواه مسلم عن ابن سيرين من قوله، قال النجم رواه أبو نعيم بلفظ عمن يأخذونه.

797 -

(إن الود يُورَث والعدَاوةُ تُورثُ) رواه الطبراني عن عُفْير كذا في الجامع الصغير، وفي الكبير أيضا.

798 -

(إن الورد خلق من عرق النبي صلى الله عليه وسلم أو من عرق البراق) قال النووي لا يصح، وقال الحافظ ابن حجر موضوع، وسبقه ابن عساكر، وهو في مسند الفردوس للديلمي عن أنس رفعه بلفظ الورد الأبيض خلق من عرقي ليلة المعراج والورد الأحمر خلق من عرق جبريل والورد الأصفر خلق من عرق البراق، وسنده فيه مكي الزنجاني اتهمه الدارقطني بالوضع ورواه أبو الفرج النهرواني في كتابه الجليس الصالح عن أنس رفعه بلفظ لما عرج بي إلى السماء بكت الأرض من بعدي تَحِّنُ فنبت اللَّصَف من بكائها فلما رجعت قطر من عرقي على الأرض فنبت

ص: 258

وردا أحمر ألا من أراد أن يشم رائحتي فليشم الورد الأحمر ثم قال أبو الفرج المذكور اللصف الكبر انتهى، وأقول اللصف بفتح اللام والصاد المهملة وبالفاء مبتدأ خبره الكبر بفتح الكاف الموحدة وبالراء، قال في الصحاح في باب الراء الكبر اللصف وقال في باب الفاء اللصف بالتحريك شئ ينبت في أصول الكبر كأنه خيارة وهو أيضا جنس من التمر انتهى فليتأمل، وقال أبو الفرج أيضا وروينا معناه من طرق لكن حضرنا هذا فذكرناه، ورواه أبو الحسين بن فارس اللغوي في الراح والريحان له عن مكي، وهو متهم بالوضع كما تقدم، ورواه ابن فارس أيضا عن عائشة مرفوعا من أراد أن يشم رائحتي فليشم الورد الأحمر وقال الحافظ السيوطي في حسن المحاضرة، وروى فيه أحاديث كلها موضوعة: منها حديث علي مرفوعا لما أسري بي إلى السماء سقط إلى الأرض من عرقي فنبت منه الورد فمن أحب أن يشم رائحتي فليشم الورد رواه ابن عدي في كامله، ومنها حديث أنس مرفوعا وذكر الحديث المُعزّى لمسند الفردوس ثم قال والحديثان أوردهما ابن الجوزي في الموضوعات ونص على وضع حديث أنس أيضا الحافظ الكبير القاسم بن عساكر، وقال النجم والحديث بجميع طرقه لا يصح انتهى، ومن ذلك خلق الله الورد من بهائه وجعل رائحته رائحة أنبيائه فمن أراد أن ينظر إلى بهاء الله تعالى ويشم رائحة أنبيائه فلينظر إلى الورد فاعرفه.

799 -

(إن حُدِّثْتَ أن جبلا زال عن مكانه فَصَدْقِ وإن حدثت أن رجلا زال عن خليقته فلا تصدق) رواه ابن وهب في القدر عن الزهري مرسلا رفعه وأخرجه أحمد من حديث الزهري عن أبي الدرداء قال بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نتذاكر ما يكون إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمعتم بجبل زال عن مكانه فصدقوا وإذا سمعتم برجل زال عن خلقه فلا تصدقوا فإنه يصير إلى ما جُبِلَ عليه، قال في المقاصد وهو منقطع إذ الزهري لم يدرك أبا الدرداء لكن له شواهد: منها ما في الأمثال للعسكري عن أبي هريرة مرفوعا: إن تَغَيُّرَ الخُلُق كتغير الخَلْق إنك لا تستطيع أن تغير خُلُقه حتى تغير خَلْقه، ومنها ما في المعجم الكبير للطبراني من حديث عبد الله

ص: 259

ابن ربيعة قال كنا عند ابن مسعود فذكر القوم رجلا فذكروا من خُلُقِهِ، فقال ابن

مسعود أرأيتم لو قطعتم رأسه أكنتم تستطيعون أن تعيدوه قالوا لا قال فيده قالوا لا قال فرجله قالوا لا قال فإنكم لا تستطيعون أن تغيروا خَلْقه حتى تغيروا خُلُقَه، ومنها ما في أُنْسِ العاقل لأبي النرسي عن يونس بن أبي إسحاق السبيعي أنه قال له ابنه أبو إسحاق إن بلغك أن رجلا مات فصدِّقْ وإن بلغك أن فقيرا أفاد مالا فصدق وإن بلغك أن أحمق أفاد عقلا فلا تصدق، ومنها ما في الأفراد للدارقطني عن أبي هريرة رفعه إن الله عز وجل مَنَّ على قوم فألهمهم فأدخلهم في رحمته وابتلى قوما وذكر كلمة فلم يستطيعوا أن يرحلوا عما ابتلاهم فعذبهم وذلك عدله فيهم، ومنها حديث ابن مسعود فرغ من أربع من الخَلْقِ والخُلُق كما سيأتي في جَفَ القلم وحديث إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم وما أحسن قول بعضهم: ومَن تحلَّى بغير طبع

يُرَدُ قسرا إلى الطبيعة كخاضب الشيب في ثلاث

تهتك أستاره الطليعة

800 -

(إن كان الكلام من فضة فالصمت من ذهب) رواه ابن أبي الدنيا في الصمت عن الأوزاعي قال قاله سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام وسئل ابن المبارك عن قول لقمان لابنه إن كان الكلام من فضة فإن الصمت من ذهب فقال ابن المبارك لو كان الكلام بطاعة الله من فضة فإن الصمت عن معصية الله من ذهب وذكر ابن المبارك أبياتا آخرها: إن كان من فضة كلامُكِ يا نفسي فإن السكوت من ذهب وفي كلام ابن المبارك إشارة إلى تأويله وأوله بعضهم بأنه محمول على ما ليس فيه فائدة شرعية وإلا فقد يكون النطق واجبا وقد يكون مندوبا.

801 -

(إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن) قال العراقي لم أجد له أصلا.

802 -

(إن من أقل ما أوتيتم اليقينَ وعزيمةَ الصبر ومَن أُعْطِىَ حظه منهما لم يبال ما فاته من قيام الليل وصيام النهار) ذكره في الإحياء، قال العراقي لم أقف

ص: 260