المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(حرف الحاء المهملة) - كشف الخفاء ط القدسي - جـ ١

[العجلوني]

فهرس الكتاب

- ‌كشف الخفاء ومزيل الإلباس

- ‌حياة المصنف

- ‌(حرف الهمزة)

- ‌(حرف الهمزة مع الباء الموحدة)

- ‌(حرف الهمزة مع التاء المثناة)

- ‌(حرف الهمزة مع الثاء المثلثة)

- ‌(الهمزة مع الجيم)

- ‌(الهمزة مع الحاء المهملة)

- ‌(الهمزة مع الخاء المعجمة)

- ‌(الهمزة مع الدال المهملة)

- ‌(الهمزة مع الذال المعجمة)

- ‌(حرف الهمزة مع الراء)

- ‌(حرف الهمزة مع الزاي)

- ‌(حرف الهمزة مع السين المهملة)

- ‌(الهمزة مع الشين المعجمة)

- ‌(حرف الهمزة مع الصاد المهملة)

- ‌(الهمزة مع الضاد المجمعة)

- ‌(حرف الهمزة مع الطاء المهملة)

- ‌(حرف الهمزة مع الظاء المشالة)

- ‌(حرف الهمزة مع العين المهملة)

- ‌(حرف الهمزة مع الغين المعجمة)

- ‌(حرف الهمزة مع الفاء)

- ‌(حرف الهمزة مع القاف)

- ‌(حرف الهمزة مع الكاف)

- ‌(حرف الهمزة مع اللام)

- ‌(الهمزة مع الميم)

- ‌(حرف الهمزة مع النون)

- ‌(حرف الهمزة مع الهاء)

- ‌(حرف الهمزة مع الواو)

- ‌(حرف الهمزة مع اللام ألف)

- ‌(حرف الهمزة مع الياء التحتية)

- ‌(حرف الباء الموحدة)

- ‌(حرف المثناة الفوقية)

- ‌(حرف الثاء المثلثة)

- ‌(حرف الجيم)

- ‌(حرف الحاء المهملة)

- ‌(حرف الخاء المعجمة)

- ‌(حرف الدال المهملة)

- ‌(حرف الذال المعجمة)

- ‌(حرف الراء المهملة)

- ‌(حرف الزاي)

- ‌(حرف السين المهملة)

الفصل: ‌(حرف الحاء المهملة)

الطبراني في الأوسط عن عائشة مرفوعا في حديث اللهم إني أعوذ بك من الجوع ضجيعا، وأما الشق الثاني فأحاديث إطعام الجائع كثيرة مشهورة أفردت بالتأليف كحديث أفشوا السلام، وأحسنوا الكلام، وأطعموا الطعام تدخلوا الجنة بسلام وكحديث من أطعم كبدا جائعة أطعمه الله من أطيب طعام الجنة، ومن برد كبدا عطشانة - الحديث.

وكحديث من أطعم مؤمنا حتى يشبعه أدخله الله من باب من أبواب الجنة لا يدخله إلا من كان مثله.

1088 -

(الجيزة روضة من رياض الجنة، ومصر خزائن الله في أرضه) قال في الأصل نقلا عن شيخه الحافظ بن حجر كذب موضوع، وهو في نسخة نبيط الموضوعة، وفي النهاية أن الجيزة بكسر الجيم وسكون الياء قرية على النيل قبالة مصر.

(حرف الحاء المهملة)

1089 -

(حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء، والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة) هكذا اشتهر على الألسنة، وترجم به النجم، لكن ذكره في المقاصد وكثيرون بدون " من دنياكم ثلاث " وقال رواه الطبراني في الأوسط والصغير عن أنس رفعه، وكذا الخطيب في تاريخ بغداد مقتصرا على جملة جعلت إلخ، قال ورواه النسائي عن أنس بلفظ الترجمة، والحاكم بدون جعلت وقال صحيح على شرط مسلم، وأخرجه ابن عدي عن أنس بلفظ حبب إلي من الدنيا: النساء، والطيب وجعل قرة عيني في الصلاة، وأخرجه أيضا وأبو يعلى في مسنديهما وأبو

عوانة في مستخرجه، والطبراني في الأوسط، والبيهقي في سننه وآخرون قال كما بينت ذلك موضحا في جزء أفردته لهذا الحديث انتهى ملخصا، ثم قال ورواه الديلمي بلفظ حبب إلي كل شئ وحببت إلي النساء إلخ، وذكر ابن القيم أن أحمد رواه في الزهد بزيادة وهي: أصبر عن الطعام والشراب ولا أصبر عنهن.

قال وأما ما اشتهر من زيادة " ثلاث " فلم أقف عليها إلا في موضعين من الإحياء، وفي تفسير آل عمران من الكشاف، وما رأيتها في شئ من طرق هذا الحديث بعد مزيد

ص: 338

التفتيش، قال وبذلك صرح الزركشي، بل قال: زيادتها محيلة للمعنى فإن الصلاة ليست من الدنيا، وقد تكلم الإمام أبو بكر بن فورك على معناه في جزء مفرد ووجهها فيه، وهذا يسمى عندهم طيا، وهو أن يذكر جمع، ثم يؤتى ببعضهم ويسكت عن الباقي لغرض كالتكثير فتأمل، وأنشد الزمخشري عليه: كانت حنيفة أثلاثا: فثلثهم

من العبيد، وثلث من مواليها وقيل الثالثة " وجعلت قرة عيني في الصلاة "، فلا حذف، وقال في المواهب وقع في الإحياء والكشاف وكثير من كتب الفقهاء " حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء، والطيب وجعلت في قرة عيني في الصلاة "، وقال ابن القيم وغيره: من رواه " حبب إلي من دنياكم ثلاث " فقد وهم، ولم يقل عليه السلام ثلاث إذ الصلاة ليست من أمور الدنيا التي تضاف إليها بل هي عبادة محضة، نعم يصح أن تضاف إليها لكونها ظرفا لوقوعها فيها، وكذا قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي تبعا لأصله، والولي ابن العراقي في أماليه إن لفظ " ثلاث " لم يقع في شئ من طرقه، بل هي مفسدة للمعنى انتهى ملخصا، وأقول: في قولهم " بل هي مفسدة للمعنى " كقول الزركشي " زيادة ثلاث محيلة للمعنى " إلخ نظر وإن أقروه، بل المحيل زيادة " من دنياكم ثلاث " لا لفظ " ثلاث " فقط، فتأمل، وقال الجلال السيوطي في تخريج أحاديث الشفا: أخرجه النسائي والحاكم عن أنس بدون " ثلاث "، لكن عند أحمد عن عائشة: كان يعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ثلاثة أشياء: النساء والطيب والطعام، فأصاب اثنتين ولم يصب واحدة، أصاب النساء والطيب، ولم يصب الطعام، إسناده صحيح إلا أن فيه رجلا لم يسم، انتهى، وأقول: يؤخذ منه أن الثالثة هي الطعام، على فرض ثبوت " ثلاث " فتأمل، وقال القاري: وأما صحته من جهة المعنى فلوقوعه قرة عينه في الدنيا جعل كأنه منها، ويؤيد ما جاء في رواية " الطيب والنساء وقرة عيني في الصلاة "، انتهى، وروى الديلمي عن أنس مرفوعا: الجائع يشبع، والظمآن يروى، وأنا لا أشبع من حب الصلاة والنساء، والمراد بالصلاة العبادة المخصوصة

ص: 339

فرضا كانت أو نفلا، وتردد القاري فقال وهل المراد بالصلاة العبادة الموضوعة لسائر الأنام، أو الصلاة عليه، عليه الصلاة والسلام؟ يعني أنه حبب إليه صلى الله عليه وسلم الصلاة عليه من أمته.

تنبيه: قال في المواهب وههنا لطيفة، وروى أنه عليه الصلاة والسلام لما قال " حبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة "، قال أبو بكر: وأنا يا رسول الله حبب إلي من الدنيا النظر إلى وجهك، وجمع المال للإنفاق عليك، والتوسل بقرابتك إليك.

وقال عمر: وأنا يا رسول الله، حبب إلي من الدنيا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام بأمر الله.

وقال عثمان وأنا يا رسول الله حبب إلي من الدنيا ثلاث: إشباع الجائع، وإرواء الظمآن وكسوة العاري.

وقال علي رضي الله عنه: وأنا يا رسول الله حبب إلي من الدنيا الصوم في الصيف، وإقراء الضيف، والضرب بين يديك بالسيف.

وقال الطبري خرجه الجندي والعهدة عليه انتهى.

ونقل الشبراملسي في حاشيته على المواهب عن الذريعة لابن العماد أنه قال فيها: وعن الشيخ أبي محمد النيسابوري أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه، لما قال

النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، قال: وأنا حبب إلي من الدنيا ثلاث: القعود بين يديك، والصلاة عليك وإنفاق مالي لديك.

فقال عمر رضي الله عنه: وأنا حبب إلي من الدنيا ثلاث: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة حدود الله.

فقال عثمان رضي الله عنه: وأنا حبب إلي من الدنيا ثلاث: إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام فقال علي رضي الله عنه: وأنا حبب إلي من الدنيا ثلاث: الضرب بالسيف والصوم في الصيف وقرى الضيف فنزل جبريلَ عليه السلام وقال: أنا حبب إلي من الدنيا ثلاث: النزول على النبيين، وتبليغ الرسالة للمرسلين، والحمد لله رب العالمين - أي الثناء عليه -.

ثم عرج ثم رجع فقال، يقول تعالى: وهو حبب إليه من عباده ثلاث: لسان ذاكر، وقلب شاكر، وجسم على بلائه صابر، وفي بعضها مخالفة لما في المواهب انتهى، وفي المجالس للخافجي بعض مخالفة وزيادة، وعبارته: قيل أنه صلى الله عليه وسلم لما ذكر هذا

ص: 340

الحديث قال أبو بكر: وأنا يا رسول الله حبب إلي من الدنيا ثلاث النظر إليك وإنفاق مالي عليك والجهاد بين يديك.

وقال عمر: وأنا حبب إلي من الدنيا ثلاث: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة حدود الله.

وقال عثمان وأنا حبب إلي من الدنيا ثلاث: إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام.

وقال علي ابن أبي طالب: وأنا حبب إلي من الدنيا ثلاث: إكرام الضيف والصوم في الصيف والضرب بالسيف، فنزل جبريلَ عليه السلام وقال: وأنا حبب إلي من الدنيا ثلاث إغاثة المضطرين، وإرشاد المضلين، والمؤانسة بكلام رب العالمين ونزل ميكائيل فقال وأنا حبب إلي من الدنيا ثلاث: شاب تائب، وقلب خاشع، وعين باكية انتهت، وفي كلام بعضهم أن أبا حنيفة لما وقف على ذلك قال: وأنا حبب إلي من دنياكم ثلاث ترك الترفع والتعالي، وقلب من حبين خالي، والتهجد بالعلم في طول الليالي وأن مالكا لما وقف عليه أيضا قال: وأنا حبب إلي من دنياكم ثلاث: مجاورة تربة سيد المرسلين،وإحياء علوم الدين، والاقتداء بالخلفاء الراشدين.

وأن الشافعي رضي الله عنه لما وقف عليه أيضا قال: وأنا حبب غلي من دنياكم ثلاث: ترك التكلف، وعشرة الخلق بالتلطف، والاقتداء بطريق أهل التصوف.

وأن أحمد لما وقف عليه: قال وأنا حبب إلي من دنياكم ثلاث عطاء من غير منة، ونفس مطمئنة، والاتباع للسنة.

1090 -

(حاسبوهم فإنهم لا ذمة لهم) هو بمعنى حديث: حاكوا الباعة الآتي.

1091 -

(الحاجة على قدر الرسول) قال النجم ليس بحديث، لكن معناه مستعمل عند الناسَ كما قيل: إذا كنت في حاجة مرسلا

فأرسل حكيما ولا توصه

1092 -

(حارم وارثه من أهل النار) بمعنى المشهور على الألسنة من حرم وارثا إرثه حرمه الله الجنة، وهو بمعنى ما سيأتي مما لم يصح أيضا وهو من زوى ميراثا عن وارثه زوى الله عنه ميراثه من الجنة.

1093 -

(حاكوا الباعة فإنهم لا ذمة لهم) قال الحافظ ابن حجر ورد بسند

ص: 341

ضعيف لكن بلفظ ماكِسوا الباعة، فإنه لا خلاق لهم، قال وورد بسند قوي عن الثوري أنه قال كان يقال، وذكره، وقال في الدرر رأيت عن ابن حجر أن له أصلا، وقال في المقاصد وهو عندنا في مشيخة أبي محمد الحسن بن علي الجوهري عن يزيد بن أبي الزرقاء أنه قال كنت مع سفيان الثوري فمر به دَجّاج يبيع الدجاج، فقال له سفيان بكم هذه الدجاجة؟ فقال له الرجل شراؤها درهم ودانق، فقال له سفيان تبيعها بخمسة دوانق فقيل له يا أبا عبد الله يخبرك شراؤها درهم ودانق فتقول له تبيعها بخمسة دوانق، فقال سفيان كان يقال ماكِسوا الباعة فإنه لا خلاق لهم، وترجم الحافظ في كتابه المطالب العالية بمماكسة الباعة، ثم أورد عن أبي الشعثاء أنه كان لا يماكس في ثلاثة: في الكراء إلى مكة، وفي الرقبة، وفي الأضحية، وفي الفردوس بلا سند عن أنس رفعه أتاني جبريل فقال يا محمد ماكس عن درهمك، فإن المغبون لا مأجور ولا محمود، وروى أبو يعلى في مسنده عن الحسين بن علي رفعه قال المغبون لا محمود ولا مأجور، وفي المجالسة للدينوري عن محمد بن سلام الجمحي قال رؤي عبد الله بن جعفر يماكس في درهم، فقيل له تماكس في درهم وأنت تجود من المال بكذا وكذا؟ فقال ذاك مال جدت به، وهذا عقلي بخلت به، وفي معجم البغوي عن أبي هاشم القناد قال كنت أحمل المتاع من البصرة إلى الحسن بن علي، فكان يماكسني فيه، فلعلي لا أقوم من عنده حتى يهب عامته، فقلت يا ابن رسول الله أجيئك بالمتاع من البصرة فتماكسني فلعلي لا أقوم حتى تهب عامته؟ فقال إن أبي حدثني يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم المغبون وذكره، قال البغوي وهذا وهم من رواية كامل عن أبي هاشم، فقد رواه غيره عنه قال: كنت أحمل المتاع إلى علي بن الحسين ورواه الطبراني في الكبير عن الحسن رفعه، وأبو هاشم قال الذهبي لا يعرف، وخبره منكر لا سيما وقد اضطرب فيه، وللطبراني في الكبير بسند ضعيف جدا عن أبي أمامة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول غبن المسترسل حرام، ورواه أحمد بلفظ: ما زاد التاجر على المسترسل فهو ربا، وحاكّوا بتشديد الكاف، ورواه في اللآلئ " حاكِكوا " بفك الإدغام، وقال لا أصل

ص: 342

له، وفي الباب عن علي وأنس.

1094 -

(الحكم ملح الأرض) ليس بحديث، لكن معناه صحيح، قال الله تعالى

(ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض)

.

1095 -

(حبك الشئ يعمي ويصم) قال في المقاصد: رواه أبو داود والعسكري عن أبي الدرداء مرفوعا وموقوفا والوقف أشبه، وفي سنده ابن أبي مريم ضعيف، ورواه أحمد عن ابن أبي مريم فوقفه، والرفع أكثر ولم يصب الصغاني

حيث حكم عليه بالوضع، وكذا قال العراقي أن ابن أبي مريم لم يتهمه أحد بكذب، إنما سرق له حلي فأنكر عقله، وقال الحافظ ابن حجر تبعا للعراقي ويكفينا سكوت أبي داود عليه فليس بموضوع ولا شديد الضعف، فهو حسن انتهى، وقال القاري بعد أن ذكر ما تقدم فالحديث إما صحيح لذاته أو لغيره مرتق عن درجة الحسن لذاته إلى صحة معناه، وإن لم يثبت مبناه انتهى، وفي الباب ما لم يثبت عن معاوية قال العسكري أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن من الحب ما يعميك عن طريق الرشد ويصمك عن استماع الحق، وإن كان الرجل إذا غلب الحب على قلبه ولم يكن له رادع من عقل أو دين أصمه حبه عن العذل وأعماه عن الرشد، ولذا قال بعضهم رحمه الله تعالى: وعين أخي الرضا عن ذاك تعمى

وقال آخر: وعين الرضا عن كل عيب كليلة

ولكن عين السخط تبدي المساويا وقال ثعلب معناه أن العين تعمى عن النظر إلى مساويه، وتصم الأذن عن استماع العذل فيه، وأنشأ يقول: وكذبت طرفي فيك والطرف صادق

وأسمعت أذني فيك ما ليس تسمع وقيل معناه يعمى ويصم عن الآخرة، والغرض النهي عن حب ما لا ينبغي، وعن الإغراق في حبه، ومثل هذا الحديث ما ذكره في الجامع الصغير (1) عن ابن عباس

(1) في الأصل ما رواه الديلمي مكان ما ذكره في الجامع الصغير الموجودة في النسخة الشامية وهي الموافقة لما في الجامع الصغير.

ص: 343

حب الثناء من الناس يعمي ويصم "، وسنده ضعيف كما في المناوي انتهى.

1096 -

(الحبيب لا يعذب حبيبه) قال القاري نقلا عن السخاوي ما علمته في المرفوع، وقوله تعالى

(وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم)

يشير إلى صحة معناه وإن لم يثبت مبناه، وقال النجم قلت وعند أحمد عن أنس مر النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه وصبي في الطريق، فلما رأت أمه القوم خشيت على ولدها أن يوطأ، فأقبلت تسعى وتقول ابني ابني، فسعت فأخذته فقال القوم يا رسول الله ما كانت هذه لتلقي ولدها في النار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا والله ولا يلقي حبيب حبيبه في النار، وله في الزهد عن الحسن مرسلا والله لا يعذب الله حبيبه، ولكن قد يبتليه في الدنيا.

1097 -

(حبذا المتخللون من أمتي) قال الصغاني وضعه ظاهر وفسره بتخليل الأصابع واللحية في الوضوء، واعترضه القاري بأن وضعه غير ظاهر لثبوت الأحاديث في تخليل اللحية والأصابع حتى عدا من السنة المؤكدة انتهى، وأقول ويحتمل أن يراد ما يشمل تخليل الأسنان من الطعام.

1098 -

(الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام) رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله، ورواه عن عائشة أيضا أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول أن هذه الحبة بزيادة إن هذه وبلفظ إلا من السام قلت وما السام قال الموت، ورواه أبو نعيم بلفظ الشونيز دواء من كل داء إلا الموت وهو بمعنى الحبة السوداء، ورواه البخاري من حديث خالد بن سعد بلفظ خرجنا ومعنا غالب بن أبجر فمرض في الطريق، فقدمنا المدينة وهو مريض، فعاده ابن أبي عتيق، فقال لنا عليكم بهذه الحبة السوداء، فخذوا منها خمسا أو سبعا، فاسحقوها ثم اقطروها في أنفه بقطرات زيت في هذا الجانب وفي هذا الجانب، فإن عائشة حدثتني أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول أن هذه الحبة - الحديث.

1099 -

(حب الدنيا رأس كل خطيئة) رواه البيهقي في الشعب بإسناد

ص: 344

حسن إلى الحسن البصري رفعه مرسلا، وذكره الديلمي في الفردوس وتبعه ولده بلا سند عن علي رفعه، وقال ابن الغرس الحديث ضعيف، ورواه البيهقي أيضا في الزهد وأبو نعيم من قول عيسى بن مريم، وفي رواية لولد أحمد بلفظ رأس الخطيئة حب الدنيا والنساء حبالة الشيطان، والخمر مفتاح كل شر، ولأحمد في الزهد عن سفيان، قال كان عيسى بن مريم يقول حب الدنيا أصل كل خطيئة، والمال فيه داء كثير قالوا وما داؤه؟ قال لا يسلم صاحبه من الفخر والخيلاء، قالوا فإن سلم قال شغله إصلاحه عن ذكر الله تعالى، وعند ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان له أنه من قول مالك بن دينار، وعند ابن يونس في تاريخ مصر له من قول سعيد بن مسعود، وجزم ابن تيمية بأنه من قول جندب البجلي، قال في المقاصد وبالأول يرد عليه وعلى غيره ممن صرح بالحكم عليه بالوضع أي كالصغاني لقول ابن المديني مرسلات الحسن إذا رواها عنه الثقات صحاح ما أقل ما يسقط منها، وقال أبو زرعة كل شئ يقول الحسن فيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدت له أصلا ثابتا، ما خلا أربعة أحاديث وليته ذكرها، وقال في الدرر قد عد الحديث في الموضوعات، وتعقبه شيخ الإسلام ابن حجر بأنه أثنى على مراسيل الحسن انتهى، لكن في اللآلئ للحافظ المذكور مراسيل الحسن عندهم تشبه الريح انتهى، وقال الدارقطني في مراسيله ضعف، وللديلمي عن أبي هريرة رفعه أعظم الآفات تصيب أمتي حبهم الدنيا وجمعهم الدنانير والدراهم، لا خير في كثير ممن جمعها إلا من سلطه الله على هلكتها في الحق، وفي تاريخ ابن عساكر عن سعيد بن مسعود الصدفي التابعي بلفظ حب الدنيا رأس الخطايا.

1100 -

(حب العرب إيمان) تقدم في أحبوا العرب.

1101 -

(حب المؤمن من الإيمان) قال الصغاني موضوع.

1102 -

(حب الوطن من الإيمان) قال الصغاني موضوع، وقال في المقاصد لم أقف عليه، ومعناه صحيح، ورد القاري قوله ومعناه صحيح بأنه عجيب، قال إذ لا تلازم بين حب الوطن وبين الإيمان، قال ورد أيضا بقوله تعالى

(ولو أنا

ص: 345

كتبنا عليهم - الآية)

فإنها دلت على حبهم وطنهم، مع عدم تلبسهم بالإيمان، إذ ضمير عليهم للمنافقين، لكن انتصر له بعضهم بأنه ليس في كلامه أنه لا يحب الوطن إلا مؤمن، وإنما فيه أن حب الوطن لا ينافي الإيمان انتهى، كذا نقله القاري ثم عقّبه بقوله ولا يخفى أن معنى الحديث حب الوطن من علامة الإيمان وهي لا تكون إلا إذا كان الحب مختصا بالمؤمن، فإذا وجد فيه وفي غيره لا يصلح أن يكون علامة قوله ومعناه صحيح نظرا إلى قوله تعالى حكاية عن المؤمنين

(وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا)

فصحت معارضته بقوله تعالى

(ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا - الآية)

الأظهر في معنى الحديث إن صح مبناه أن يحمل على أن المراد بالوطن الجنة فإنها المسكن الأول لأبينا آدم على خلاف فيه أنه خلق فيها أو أدخل بعدما تكمل وأتم، أو المراد به مكة فإنها أم القرى وقبلة العالم، أو الرجوع إلى الله تعالى على طريقة الصوفية فإنه المبدأ والمعاد كما يشير إليه قوله تعالى

(وإن إلى ربك المنتهى)

أو المراد به الوطن المتعارف ولكن بشرط أن يكون سبب حبه صلة أرحامه، أو إحسانه إلى أهل بلده من فقرائه وأيتامه، ثم التحقيق أنه لا يلزم من كون الشئ علامة له اختصاصه به مطلقا، بل يكفي غالبا ألا ترى إلى حديث حُسن العهد من الإيمان وحب العرب من الإيمان مع أنهما يوجدان في أهل الكفران انتهى، ومما يدل لكون المراد به مكة ما روى ابن أبي حاتم عن الضحاك قال لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة فبلغ الجحفة اشتاق إلى مكة فأنزل الله

(إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد)

قال إلى مكة انتهى، وللخطابي في غريب الحديث عن الزهري قال قدم أصيل - بالتصغير - الغفاري على رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قبل أن يضرب الحجاب، فقالت له عائشة كيف تركت مكة؟ قال اخضرت جنباتها، وابيضت بطحاؤها، وأغدق إذخرها، وانتشر سلمها - الحديث، وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبك يا أصيل لا تحزني، وفي رواية فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ويهاً يا أصيل!

تدع القلوب تقر.

ص: 346

1103 -

(حب الوطن قتال) قال النجم ليس بحديث، وفي معناه ما رواه الدينوري في المجالسة عن الأصمعي قال قالت الهند ثلاث خصال في ثلاثة أصناف من الحيوان: الإبل تحن إلى أوطانها وإن كان عهدها بعيدا، والطير إلى وكره وإن كان موضعه مجدبا، والإنسان إلى وطنه وإن كان غيره أكثر له نفعا وفيها أيضا عن الأصمعي سمعت إعرابيا يقول إذا أردت أن تعرف الرجل فانظر كيف تحننه إلى أوطانه، وتشوقه إلى إخوانه، وبكاؤه على ما مضي من زمانه.

1104 -

(حب الهرة من الإيمان) قال القاري موضوع كما قاله الصغاني وغيره، قال وقد بسطت عليه الكلام في رسالة مستقلة لتحقيق المرام في تقريره من خصال أهل الإيمان وهو لا ينافي أنه من خصال بعض أهل الكفران كسائر مكارم الإحسان، ولا يعد من علامة الإيمان كما توهم السعد والسيد وأغرب الثاني حيث جعل إضافته من باب إضافة المصدر إلى مفعوله انتهى، وأقول لا غرابة فيه فهو كقوله تعالى

(لا يسأم الإنسان من دعاء الخير)

.

1105 -

(الحجامة تكره في أول النهار، ولا يرجى نفعها حتى ينقص الهلال) رواه عبد الملك بن حبيب في الطب النبوي عن عبد الكريم الحضرمي معضلا، وقال الزركشي وتبعه في الدرر لم أقف عليه، وقال السيد معين الدين الصفدي ليس بثابت، وقيل أنه من كلام بعض السلف، وقال النجم ويعارضه ما رواه ابن السني والطبراني عن ابن عمر الحجامة على الريق أمثل وفيها شفاء وبركة، وما رواه الديلمي عن أنس الحجامة على الريق دواء، وعلى الشبع داء، تنبيه: قال بعضهم نقصان الهلال هنا بأن ينتصف الشهر، قال العلقمي لأن الدم هاج في أول الشهر وفي آخره قد سكن.

1106 -

(الحجامة في نقرة الرأس تورث النسيان، فتجنبوا ذلك) قال في المقاصد: رواه الديلمي عن أنس مرفوعا، وفي سنده عمر بن واصل اتهمه الخطيب بالوضع لا سيما وهي حكاية وقد احتجم النبي صلى الله عليه وسلم في يافوخه من وجع كان به،

ص: 347

ويروى أنه كان يحتجم على هامته، أي على رأسه وبين كتفيه، لكن قال أبو داود قال عمر احتجمت فذهب عقلي، حتى كنت ألقن فاتحة الكتاب في صلاتي، وكان احتجم على هامته، وللطبراني في الكبير عن عبد الله بن عمر رفعه الحجامة في الرأس شفاء من الجنون والجذام والبرص والنعاس والضرس، وللحاكم بسند ضعيف عن ابن عمر مرفوعا الحجامة على الريق أمثل وهي شفاء وبركة، وهي تزيد في العقل وتزيد في الحفظ - الحديث، وفيه احتجموا يوم الإثنين ويوم الثلاثاء فإنه اليوم الذي صرف الله عن أيوب فيه البلاء، واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء، وأخرجه ابن ماجه بسند فيه مجهول عن نافع، وقد أفرد بعض الآخذين عن الحافظ ابن حجر أحاديث الحجامة في جزء انتهى، ورواه كما في الجامع الصغير ابن ماجه والحاكم وابن السني وأبو نعيم عن ابن عمر بلفظ الحجامة على الريق أمثل وفيها شفاء وبركة وتزيد في الحفظ وفي العقل فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس واجتنبوا الحجامة يوم الجمعة والسبت ويوم الأحد واحتجموا يوم الإثنين والثلاثاء فإنه اليوم الذي عافا الله فيه أيوب من البلاء واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء فإنه اليوم الذي ابتلي فيه أيوب وما يبدو جذام ولا برص إلا في يوم الأربعاء، وفي الحجامة أحاديث كثيرة فراجعها.

1107 -

(حجبت الجنة بالمكارة) وفي لفظ حجبت النار بالشهوات وحجبت الجنة بالمكارة، وسيأتي في " حفت الجنة " وهو أشهر من حجبت.

1108 -

(الحجر الأسود من الجنة) رواه النسائي عن ابن عباس رضي الله

عنهما مرفوعا، وزاد الترمذي والحاكم وأنه يبعث يوم القيامة له عينان - الحديث ولأحمد بن منيع عنه أيضا مرفوعا: الحجر مروة من مرو الجنة، وأصله عند أحمد والترمذي وللديلمي عن عائشة مرفوعا: الحجر الأسود من حجارة الجنة، وله شواهد كثيرة.

1109 -

(الحجر الأسود يمين الله في أرضه) رواه الطبراني في معجمه وأبو

ص: 348

عبيد القاسم بن سلام عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه، وذكر ابن أبي الفوارس في تاسع مخلصياته عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا أنه قال الحجر يمين الله عز وجل في الأرض فمن لم يدرك بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح الحجر فقد بايع الله ورسوله، وكذا أخرجه الأزرقي في تاريخه، وأخرجه أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال الركن يمين الله في الأرض يصافح بها عباده كما يصافح أحدكم أخاه، وفي لفظ إن هذا الركن الأسود يمين الله عز وجل في الأرض يصافح بها عباده مصافحة الرجل أخاه، ورواه القضاعي أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفا عليه، لكنه صحيح بلفظ الركن يمين الله عز وجل يصافح بها خلقه والذي نفس ابن عباس بيده ما من مسلم يسأل الله عنده شيئا إلا أعطاه إياه ومثله مما لا مجال للرأي فيه، وله شواهد فالحديث حسن وإن كان ضعيفا بحسب أصله كما قال بعضهم منها ما رواه الديلمي عن أنس بلفظ الحجر يمين الله فمن مسحه بيمينه فقد بايع الله، ومنها ما رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن جابر بلفظ الحجر يمين الله في الأرض يصافح بها عباده، ومعناه كما قال المحب الطبري أن كل ملك إذا قدم عليه قبلت يمينه، ولما كان الحاج والمعتمر يسن لهما تقبيله نزل منزلة يمين الملك على سبيل التمثيل ولله المثل الأعلى، ولذلك من صافحه كان له عند الله عهد كما أن الملك يعطي العهد بالمصافحة، لطيفة: نقل المناوي عن السيوطي

أنه قال في الساجعة ورد في الأثر ما بعث الله قط ملكا ولا سحابا إلا طاف بالبيت أولا ثم مضى انتهى.

1110 -

(حجوا قبل أن لا تحجوا) رواه عبد الرزاق وأبو نعيم والديلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا بزيادة تقعد أعرابها على أذناب أوديتها فلا يدعون أحدا يدخلها، ورواه البيهقي (1) عن أبي هريرة باللفظ المذكور لكن بإبدال آخره بلفظ " فلا يصل إلى الحج أحد "، ورواه الدارقطني في سننه بلفظ حجوا قبل

(1) رواية البيهقي ساقطة من الأصل فاستدركناها من النسخة الشامية.

ص: 349

أن لا تحجوا قالوا وما شأن الحج يا رسول الله قال تقعد أعرابها على أذناب أوديتها فلا يصل إلى الحج أحد، لكن في سنده عبد الله ومحمد مجهولان كما قال العقيلي، وأورده الزمخشري في كشافه بلفظ حجوا قبل أن لا تحجوا قبل أن يمنع البر جائبه والبحر راكبه، وكذا أورد فيه حجوا قبل أن لا تحجوا فإنه قد هدم البيت مرتين ويرفع في الثالثة، ورواه ابن أبي شيبة عن ابن عمر مرفوعا أنه قال تمتعوا من هذا البيت فإنه قد يهدم مرتين ويرفع في الثالثة، وفي الكشاف أيضا مما لم يقف عليه مخرجوه عن ابن مسعود مرفوعا حجوا هذا البيت قبل أن تنبت شجرة في البادية لا تأكل منها دابة إلا نفقت انتهى، قال النجم عقبه قلت لما حججت سنة أربع عشرة وألف مررنا في أرض البلقاء فرعت دواب الناس من كلأ فمات في ذلك اليوم خيل كثيرة وبغال كثيرة من غير عي ولا تعب وفي البادية الآن شجرة الدفلى تقتل الدواب انتهى، وأقول وقد وقع لنا أنا حين توجهنا لزيارة إبراهيم بن أدهم قدس سره سنة ثلاث وخمسين ومائة وألف قد أكلت دابة رفيق لنا من شجر الدفلى فماتت على جبل قرب طرابلس بعد أن شربت من نهر هناك يقال له نهر البارد حين نزلنا للاستراحة وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد مرفوعا ليحجن البيت وليعمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج وفيه أيضا وقال عبد الرحمن عن شعبة يعني عن قتادة لا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت وأخرجه أبو يعلى وغيره قال البخاري والأول أكثر سمع قتادة عبد الله وهو سمع أبا سعيد، وقال النجم رواه الحاكم وابن ماجه عن علي حجوا قبل أن لا تحجوا فكأني أنظر إلى حبشي أصمع (2) أقرع بيده معول يهدمها حجرا حجرا.

1111 -

(حَجّرت واسعا وحظّرت واسعا) رواه أحمد وأبو داود عن جندب بن عبد الله البجلي قال جاء أعرابي فأناخ راحلته ثم عقلها ثم صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نادى اللهم ارحمني ومحمدا، ولا تشرك في رحمتنا أحدا، فقال رسول

(2) الأصمع: الصغير الأذن من الناس وغيره، وفي رواية " أصعل أصمع " وأصعل أي صغير الرأس دقيق البدن نحيله، كما يفهم من النهاية.

ص: 350

الله صلى الله عليه وسلم لقد حظرت رحمة واسعة، أن الله خلق مائة رحمة فأنزل رحمة تتعاطف بها الخلق: جِنُّها وإنسها وبهائمها، وعنده تسع وتسعون رحمة انتهى، والمشهور في الحديث لقد حجرت واسعا وفي سببه:" اللهم ارحمني ومحمدا، ولا ترحم معنا أحدا ".

1112 -

(الحجون (1) والبقيع يؤخذان بأطرافهما وينثران في الجنة، وهما مقبرتا مكة والمدينة) ذكره في الكشاف وبيض له الزيلعي في تخريجه وتبعه الحافظ ابن حجر وسكت عليه السخاوي، وقال القاري لا يعرف له أصل.

1113 -

(الحج جهاد كل ضعيف) رواه أحمد وابن ماجه والقضاعي عن أم سلمة مرفوعا، ورجاله رجال الصحيح غير أن أبا جعفر منهم لا يعرف له سماع عن أم سلمة وأن أدرك ست سنين من حياتها، إذ مولده سنة ست وخمسين وموتها سنة اثنتين وستين على الراجح، وله شاهد عند القضاعي عن علي رفعه، وفيه وجهاد المرأة حسن التبعل، لكن فيه ابن لهيعة، وعلق البخاري عن عمر شدوا الرحال في الحج فإنه أحد الجهادين، قال في المقاصد وتساهل الصغاني فأدرجه في الموضوعات.

1114 -

(الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) رواه أحمد عن جابر والطبراني عن ابن عباس، وعند مالك والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.

1115 -

(الحج عرفة) رواه أحمد وأصحاب السنن وابن حبان والحاكم وقال صحيح الإسناد، وقال الترمذي والعمل عليه عند أهل العلم من الصحابة وغيرهم، وكذا رواه الدارقطني والبيهقي كلهم عن عبد الرحمن بن يعمر الديلمي قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفات وأتاه ناس من أهل نجد، فقالوا يا رسول الله كيف الحج؟ فقال الحج عرفة، من جاء قبل صلاة الفجر من ليلة جمع فقد تم حجه هذا لفظ أحمد، وفي رواية لأبي داود من أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد

(1) الجبل المشرف مما يلي شعب الجزارين بمكة، وهو بفتح الحاء.

النهاية.

ص: 351

أدرك الحج، وألفاظ الباقين نحوه، وفي رواية للدارقطني والبيهقي تكرير الحج عرفة مرتين.

1116 -

(الحج وفد الله) اشتهر على الألسنة، وفي معناه ما رواه ابن ماجه عن أبي هريرة بلفظ الحاج والغازي وفد الله عز وجل إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم، وفي البيهقي عن أنس رضي الله عنه بلفظ الحجاج والعمار وفد الله يعطيهم ما سألوه، ويستجيب لهم ما دعوا، ويخلف عليهم ما أنفقوا: الدرهم ألف ألف.

1117 -

(حدث عن البحر ولا حرج) قال النجم مثل وليس بحديث.

1118 -

(حدثوا الناس بما يعرفون، تريدون أن يكذب الله ورسوله) رواه البخاري عن علي موقوفا، ورفعه الديلمي، وتقدم بأبسط في: أُمِرْنا أن نُكلِّمَ الناس، وقال

ابن الغرس وخرجه الديلمي في مسند الفردوس عن علي مرفوعا، قال وإسناده واه بل قيل موضوع.

1119 -

(حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) رواه أبو داود عن أبي هريرة، قال في المقاصد وأصله صحيح، وفي لفظ لأحمد بن منيع عن جابر: حدثوا عن بني إسرائيل، فإنه كانت فيهم أعاجيب، قال ابن الغرس مثل ما روي أن ثيابهم كانت تطول، وأن النار كانت تنزل من السماء فتأكل القربان، وغير ذلك. انتهى فاعرفه، ورواه تمام في فوائده وزاد وأنشأ صلى الله عليه وسلم يحدث قال خرجت طائفة من بني إسرائيل حتى أتوا مقبرة من مقابرهم، فقالوا لو صلينا ودعونا الله عز وجل يخرج لنا رجلا ممن قد مات فنسأله عن الموت، ففعلوا، فبينما هم كذلك إذ أطلع رجلٌ رأسَه من قبر من تلك المقابر، خلاسئ (1) ، بين عينيه أثر السجود، فقال يا هؤلاء ما أردتم إلي؟ لقدمت من مائة عام فما سكنت عني حرارة الموت، فادعوا الله يردني كما كنت انتهى، وهذه الزيارة تكاد تكون مفيدة لكون المأذون في التحديث به هو ما يكون من هذا النمط، لا فيما يرجع إلى الأحكام ونحوها لعدم اتصالها، قال وأحسن من هذا أن

(1) ومنه صبي خلاسئ إذا كان بين أبيض وأسود.

النهاية.

ص: 352

الواو للحال، هذا وقال الحافظ ابن حجر في خطبة اللآلئ المنثورة نقل البيهقي في المعرفة عن الشافعي أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين الحديث عنه وبين الحديث عن بني إسرائيل، فقالوا حدثوا عني ولا تكذبوا علي، وأخرج النسائي بإسناد صحيح عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج وحدثوا عني ولا تكذبوا علي وأخرجه مسلم عن أبي سعيد بغير هذا اللفظ وأخرجه البخاري عن ابن عمرو بلفظ حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، واختلف في أنه خطاب للمحدث عنهم أو للمحدث، وعلى الأول فقيل أنه خطاب إباحة بعد حظر، لأنه صح أن عمر أتاه بشئ من التوراة فغضب وقال أتتهودن فيها يا ابن الخطاب؟ فهذا نهي، فكأنه أباح الحديث عنهم بعد ذلك، وقيل إنما قال حدثوا فأتبعه بقوله ولا حرج ليعلم أنه ليس بأمر وجوب، وحكى ابن الجوزي عن شيخه إبراهيم أنه قال المعنى حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج إن لم تحدثوا، وقيل أنه خطاب للمحدث فقيل أن قوله ولا حرج خبر بمعنى النهي أي لا تخرج فيه سامعا (1) لكثرة العجائب فيهم، وقيل معناه اقبلوا الحديث عن بني إسرائيل ممن يجهل حاله ولا تقبلوه عني إلا ممن عرف صدقه انتهى ملخصا.

1120 -

(الحدة تعتري خيار أمتي. (2))

قال في المقاصد رواه الطبراني وأبو يعلى عن ابن عباس، لكن في سنده سلام الطويل متروك، ورواه الحسن بن سفيان في مسنده عن ذويد بن نافع، قلت لأبي منصور الفارسي يا أبا منصور لولا حدة فيك، فقال ما يسرني حدتي كذا وكذا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الحدة تعتري خيار أمتي، وأخرجه البغوي في معجم الصحابة، ووصفا أبا منصور في روايتهما بالصحبة، قال ورواه المستغفري عن يزيد بن أبي منصور وكانت له صحبة بدل عن أبي منصور بلفظ الترجمة، والأول أكثر، قال ورواه الطبري في الأوسط بسند

(1) في الأصلين (سامع) .

(2)

تقدم في حرف التاء " تعتري الحدة خيار أمتي "، ولم يتكلم عليه.

ص: 353

فيه يغنم بن سالم كذاب عن علي رفعه خيار أمتي أحِدّاؤهم وهم الذين إذا غضبوا رجعوا، ورواه البيهقي في شعبه، ورواه الديلمي عن أنس بلفظ لا تكون " أي الحدة إلا في صالحي أمتي وأبرارها ثم تفئ "، وفيه أيضا عن أنس بلفظ " ليس أحد أولى بالحدة من صاحب القرآن لعز القرآن في جوفه "، وفيه أيضا عن معاذ مرفوعا الحدة تعتري جماعي القرآن في أجوافهم "، ويشهد له ما رواه ابن عدي عن معاذ بلفظ " الحدة تعتري حملة القرآن لعزة القرآن في أجوافهم "، ويشهد له أيضا ما في الترمذي وحسنه عن أبي سعيد رفعه " ألا إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى " الحديث، وفيه " ومنهم سريع الغضب سريع الفئ فتلك بتلك "، وأورده في الإحياء بلفظ " المؤمن سريع الغضب سريع الرضى "، وقال مخرجه لم أجده هكذا، ومحل مدح الحدة إذا لم تؤد إلى ارتكاب محذور.

1121 -

(الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش) قال القاري نقلا عن المختصر إنه لم يوجد انتهى، والمشهور على الألسنة الكلام المباح في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، وذكره في الكشاف باللفظ الأول.

1122 -

(حذف السلام سنة) تقدم في " التكبير جذم " وقال ابن القطان لا يصح مرفوعا ولا موقوفا، لكن أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه وابن خزيمة والحاكم وصححه، قيل معناه إسراع الإمام به لئلا يسبقه المأموم، وأعرب بعض المالكية حيث قال هو أن لا يكون فيه ورحمة الله.

1123 -

(الحرائر صلاح البيت، والإماء هلاك البيت) رواه الثعلبي بسند فيه أحمد بن محمد اليماني متروك عن يونس بن مرداس خادم أنس وهو مجهول أنه قال كنت بين أنس وأبي هريرة، فقال أنس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أحب أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر، فقال أبو هريرة سمعته يقول الحرائر صالح البيت، والإماء فساد البيت، أو قال هلاك البيت، وللجملة الأولى طريق أخرى في ابن ماجه عن أنس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحرائر صلاح

ص: 354

البيت، وما أحسن ما قيل: ومن لم يكن في بيته قهرمانة

فذلك بيت لا أبالك ضائع وقوله: إذا لم يكن في منزل المرء حرة

تدبره ضاعت عليه مصالحه.

1124 -

(الحرام يذهب، ويذهب الحلال) لم أقف على أنه حديث.

1125 -

(حرم على النار كل هين لين سهل قريب من الناس) رواه أحمد عن ابن مسعود، قال ابن الغرس حديث ضعيف.

1126 -

(الحرب خدعة) متفق عليه عن أبي هريرة قال سمى النبي صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة، وليس عند مسلم سمى إلخ، واتفقا أيضا عليه عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة، ورواه ابن ماجه عن عائشة أنها قالت إن نعيم ابن مسعود قال يا نبي الله إني أسلمت ولم أعلم قومي بإسلامي فأمرني بما شئت، فقال إنما أنت فينا كرجل واحد، فخادع إن شئت، فإنما الحرب خدعة، ورواه العسكري أيضا، وقال أراد أن المُمَاكرة في الحرب أنفع من المكاثرة، فهو كقول بعض الحكماء إنفاذ الرأي في الحرب أنفع من الطعن والضرب، وكالمثل السائر إذا لم تغلب فأخلب أي اِخدع، وقال بعض اللغويين معنى خدع أظهر أمرا أبطن خلافه، ومنه كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غزا غزوة وَرّى بغيرها، وخدعة مثلث الخاء والفتح أشهر، والدال ساكنة فيهن، ويجوز مع الضم فتح الدال، وعبارة القاموس خدعة مثلثة وكهمزة وروي بهن جميعا انتهت، ونقل ابن الغرس عن الزركشي والسيوطي أنها بتثليث الخاء مع فتح الدال، قال وأفصحها فتح الخاء مع سكون الدال وأنها لغة النبي صلى الله عليه وسلم.

1127 -

(الحرير ثياب من لا خلاق له) رواه الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما.

1128 -

(الحريص الذي يطلب الكسب من غير حله) الطبراني عن واثلة.

1129 -

(الحزم سوء الظن) قال في التمييز أخرجه الديلمي في مسنده عن علي من قوله، وهو ضعيف، وروي مرسلا عن عبد الرحمن بن عائذ رفعه وهو ضعيف أيضا انتهى، وقال في الدرر رواه أبو الشيخ بسند واه جدا عن علي موقوفا

ص: 355

انتهى وتقدم في احترسوا من الناس، وما أحسن ما قيل:

لا يكن ظنك إلا سيئا

إن سوء الظن من حسن الفطن.

1130 -

(الحسد في الجيران) قال النجم من كلام بشر الحافي وسيأتي في " العداوة في الأهل ".

1131 -

(الحسد يفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل) قال في المقاصد رواه الديلمي عن معاوية بن حيدة، وشهد له حديث أبي هريرة رفعه الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، ونحوه عن أنس انتهى.

1132 -

(الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب) رواه ابن ماجه عن أنس بزيادة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، والصلاة نور المؤمن والصيام جنة من النار.

1133 -

(الحسد عشرة أجزاء، تسعة في العرب، وواحد في سائر الناس) رواه الديلمي عن أنس بن مالك.

1134 -

(حسبي الله ونعم الوكيل) رواه ابن أبي الدنيا في الذكر عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتد غمه مسح بيده على رأسه ولحيته، ثم تنفس الصعداء، وقال حسبي الله ونعم الوكيل، ذكره السيوطي في الدر المنثور في تفسير

(وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل)

وفيه أيضا وأخرج أبو نعيم والديلمي عن شداد بن أوس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم حسبي الله ونعم الوكيل أمان كل خائف انتهى، ومما يناسب إيراده هنا ما أخرجه الحكيم الترمذي عن بريدة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال عشر كلمات عند دبر كل صلاة غداة وجد الله عندهن مكفيا مجزيا: خمس للدنيا، وخمس للآخرة، حسبي الله لديني، حسبي الله لما أهمني، حسبي الله لمن بغى علي، حسبي الله لمن حسدني، حسبي الله لمن كادني بسوء، حسبي الله عند الموت، حسبي الله عند المسألة في القبر، حسبي الله عند الميزان، حسبي الله عند الصراط، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه أنيب انتهى.

ص: 356

1135 -

(حسبي الله وكفى، سمع الله لمن دعا) قال النجم رواه ابن السني والديلمي عن فاطمة بنتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها إذا أخذت مضجعك فقولي الحمد لله الكافي، سبحان الله الأعلى، حسبي الله وكفى، ما شاء الله قضى سمع الله لمن دعا، ليس من الله ملجأ، ولا وراء الله ملتجأ، توكلت على الله ربي وربكم، ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم، الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا - الآية ما من مسلم يقرؤها عند منامه ثم ينام وسط الشياطين والهوام فتضره انتهى.

1136 -

(حسبي من سؤالي علمه بحالي) ذكره البغوي في تفسير سورة الأنبياء بلفظ وروي عن كعب الأحبار أن إبراهيم قال حين أوثقوه ليلقوه في النار لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين، لك الحمد ولك الملك، لا شريك لك ثم رموا به في المنجنيق إلى النار فاستقبله جبريل، فقال يا إبراهيم ألك حاجة؟ قال أما إليك فلا قال جبريل فسل ربك، فقال إبراهيم حسبي من سؤالي علمه بحالي انتهى، وذكر البغوي في تفسير

(قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم)

أن إبراهيم عليه السلام قال حسبي الله ونعم الوكيل حين قال له خازن المياه لما أراد النمرود إلقاؤه في النار إن أردت أخمدت النار، وأتاه خازن الرياح فقال له إن شئت طيرت النار في الهواء، فقال إبراهيم لا حاجة لي إليكم، حسبي الله ونعم الوكيل انتهى.

1137 -

(حسنات الأبرار سيئات المقربين) هو من كلام أبي سعيد الخراز كما رواه ابن عساكر في ترجمته، وهو من كبار الصوفية مات في سنة مائتين وثمانين وعده بعضهم حديثا، وليس كذلك، وقال النجم رواه ابن عساكر أيضا عن أبي سعيد الخراز من قوله وحكى عن ذي النون انتهى، وعزاه الزركشي في لقطته للجنيد، وقال شيخ الإسلام في شرحها الفرق بين الأبرار والمقربين: أن المقربين هم الذين أخذوا عن حظوظهم وإرادتهم واستعملوا في القيام بحقوق مولاهم عبودية وطلبا لرضاه، وإن الأبرار هم الذين بقوا مع حظوظهم وإرادتهم، وأقيموا في الأعمال الصالحة ومقامات اليقين ليجزوا على مجاهدتهم برفع الدرجات انتهى.

ص: 357

1138 -

(حسنوا نوافلكم، فبها تكمل فرائضكم) قال في المقاصد عزاه الفاكهاني لابن عبد البر في بعض تصانيفه، وتكملة الفرائض بالنوافل ثابت، كما أشار إليه ابن دقيق العيد في الكلام على الحديث الخامس من فضل الجماعة بقوله قد ورد أن النوافل جابرة لنقصان الفرائض وقرر فيه معنى لطيفا في السنن المشروعة قبل الفرائض وبعدها، وللديلمي من حديث عبد الله بن برقاء الليثي عن أبيه عن جده مرفوعا النافلة هدية المؤمن إلى ربه، فليحسن أحدكم هديته وليطيبها، وقال القاري لا أصل له بهذا المعنى وإن كان يصح من حيث المعنى.

1139 -

(الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة (1)) رواه الترمذي عن أبي سعيد الخدري رفعه وقال حسن صحيح، وهو عند أحمد وصححه ابن حبان والحاكم وفيه زيادة إلا ابني الخالة عيسى ويحيى، وروى هذا الحديث سويد بن سعيد عن أبي معاوية عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، لكن قال ابن معين إنه باطل عن أبي معاوية، قال الدارقطني فلم نزل نظن أنه كما قال ابن معين حتى دخلت مصر في سنة سبع وخمسين فوجدت الحديث في مسند إسحاق بن إبراهيم المنجنيقي وكان ثقة، رواه ابن أبي كريب عن أبي معاوية كما قال سويد، وروى ابن ماجه والحاكم عن ابن عمر مرفوعا بزيادة وأبوهما خير منهما، وصححه الحاكم من هذا الوجه أيضا، وقال النجم وزاد أحمد في رواية كما عند عبد الرزاق والخطيب والطبراني إلا ابني الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم بنت عمران.

1140 -

(حسين مني، وأنا من حسين) رواه الترمذي وحسنه عن يعلى ابن مرة الثقفي مرفوعا، ورواه أحمد وابن ماجه في سننه عن يعلى بن مرة باللفظ

(1) تكلم المحبي في كتابه " جنى الجنتين " على هذا الحديث بإسهاب، ومما قاله فيه: ويرد على هذا إلزام سيادتهم المرسلين لأنهم داخلون في هذا التأويل وجوابه أنه عام خصص على تخصيصه بالإجماع فإن المرسلين أفضل من غيرهم باتفاق.

ص: 358

المذكور، وزاد أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط.

1141 -

(الحسن مني والحسين من علي) ذكره الشعراني في البدر المنير بغير عزو، وقال فيه قال العلماء لأن الحسن كان الغالب عليه الحلم كجده صلى الله عليه وسلم انتهى وأقول ذكره السيوطي في الجامع الصغير، ورواه أحمد وابن عساكر عن المقدام ابن معدي كرب، قال المناوي قال الديلمي معناه الحسن يشبهني، والحسين يشبه عليا انتهى، قال وكان الغالب على الحسن الحلم والأناة وعلى الحسين الجرأة وشدة البأس كعلي فالشبه معنوي، وقيل صوري.

1142 -

(حسن السؤال نصف العلم) رواه الديلمي عن ابن عمر وتقدم في " الاقتصاد " 1143 - (حسن الظن من حسن العبادة) رواه الحاكم وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه.

1144 -

(الحسن مرحوم) قال في المقاصد ذكره الفاكهاني في كتاب مكة أنه من كلام أبي حازم التابعي انتهى، وأقول الحسن بضم الحاء وسكون السين المهملتين مصدرا، قال ابن الغرس في منظومته: أي صاحب الحسن إذا تنظره

ترحمه طبعا إذا تنصره والسر فيه مضمر يدريه

رب الحجا ذوقا ولا يرويه

1145 -

(الحسود لا يسود) من كلام بعض السلف كما في رسالة القشيري ويحكى عن ذي النون، قال في المقاصد ومعناه صحيح، ففي المرفوع الذي رواه أبو داود الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، وإنه يفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل، وأنه أحد خصال ثلاث أصل لكل خطيئة، وقال الأحنف بن قيس لا راحة لحسود، وروى البيهقي في الشعب عن خليل بن أحمد ما رأيت من ظالم أشبه بمظلوم من حاسد: نفس دائم، وعقل هائم، وحزن لائم وقال بعضهم الحاسد جاحد، لأنه لا يرضى بقضاء الواحد، وفي بعض الكتب الإلهية

ص: 359

الحاسد عدو نعمتي، وما أحسن ما قيل: ألا قل لمن كان لي حاسدا

أتدري على من أسأت الأدب أسأت على الله في فعله

لأنك لم ترض لي ما وهب وفي الحقيقة الحسود إنما يضر نفسه، بل ربما كان سببا لاشتهار المحسود كما قيل: وإذا أراد الله نشر فضيلة

طويت أتاح لها لسان حسود لولا اشتعال النار فيما جاورت

ما كان يعرف طيب عرف العود وقد أفرد ذم الحسد بالتأليف، وفي الرسالة القشيرية وإحياء الغزالي ما يكفي ويشفي.

1146 -

(حُسن العهد من الإيمان) رواه الحاكم والديلمي عن عائشة بلفظ جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي، فقال لها من أنت؟ فقالت أنا جثامة المزنية، قال أنت حسانة - قوله " جَثّامة " بفتح الجيم وتشديد المثلثة، وقوله " حَسّانة " بفتح الحاء وتشديد السين المهملتين - كيف أنتم كيف حالكم كيف كنتم بعدنا؟ قالت بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله. فلما خرجت قلت يا رسول الله تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال! قال إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإن حُسن العهد من الإيمان، وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين، وليس له علة، ورواه ابن عبد البر عن أبي عاصم وسمى المرأة الحولاء، فيحتمل أن يكون وصفا أو لقبا، ويحتمل التعدد على بعد لاتحاد الطريق، وللعسكري عن محمد بن زيد بن مهاجر بن قنفذ أن عجوزا سوداء دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فحياها، وقال كيف أنت كيف حالكم؟ فلما خرجت قالت عائشة يا رسول الله ألهذه السوداء تحيي وتصنع ما أرى؟ فقال إنها كانت تغشانا في حياة خديجة وإن حُسن العهد من الإيمان، ونقل الزبير عن شيخ في مكة أنها أم ذفر ماشطة خديجة، وأقول يمكن الجمع لمن تأمل، وروى البيهقي في شعبه بسند غريب عن عائشة قالت كانت تأتي النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فيكرمها فقلت يا رسول الله من هذه؟ فقال هذه كانت تأتينا على زمن خديجة، وإن حُسن العهد من الإيمان

ص: 360

تنبيه: العهد في اللغة بمعنى المراعاة واليمين والأمان والموثق والذمة والوصية والحفظ، وأظهرها هنا أولها.

1147 -

(حسن الصوت زينة القرآن) قال ابن الغرس عزاه في الجامع الصغير للطبراني عن ابن مسعود، وقال المناوي ضعيف انتهى، وورد في تحسين القرآن بالصوت أحاديث: منها ما رواه الحاكم وغيره عن جابر بلفظ حسنوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا.

1148 -

(حصنوا أمولكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، وأعدوا للبلاء الدعاء) قال ابن الغرس ضعيف، لكن ورد له شواهد، وقال في المقاصد رواه الطبراني وأبو نعيم والعسكري والقضاعي عن ابن مسعود مرفوعا، وللطبراني في الدعاء عن عبادة بن الصامت قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قاعد في ظل الحطيم بمكة، فقيل يا رسول الله أتى على مال لي بسيف البحر فذهب به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تلف مال في بر ولا بحر إلا بمنع الزكاة، فحرزوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة وادفعوا عنكم طوارق البلاء بالدعاء فإن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، ما نزل يكشفه وما لم ينزل يحبسه، وللبيهقي في الشعب عن أبي أمامة مرفوعا حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، واستقبلوا أمواج البلاء بالدعاء، لكن في سنده فضالة بن جبير صاحب مناكير، ورواه الطبراني وأبو الشيخ عن سمرة بن جندب رفعه بلفظه إلا أنه قال وردوا نائبة البلاء بالدعاء بدل الجملة الثانية وفي سنده غياث مجهول، ورواه الديلمي عن ابن عمر رفعه بلفظ داووا مرضاكم بالصدقة، وحصنوا أموالكم بالزكاة، فإنها تدفع عنكم الأعراض والأمراض، قال البيهقي أنه منكر بهذا الإسناد، وفي الباب أيضا مما رواه الديلمي عن أنس مرفوعا ما عولج مريض بدواء أفضل من الصدقة، وغيره مما لا نطيل به.

1149 -

(حصير في البيت خير من امرأة لا تلد) قال ابن الغرس روي عن عمر مرفوعا وموقوفا، والوقف أقوى انتهى.

ص: 361

1150 -

(حضور مجلس عالم أفضل من صلاة ألف ركعة) ذكره في الإحياء عن أبي ذر، قال العراقي ذكره ابن الجوزي في الموضوعات من حديث عمر ولم أجده من طريق أبي ذر.

1151 -

(الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر) قال القاري ليس بثابت هكذا، لكن رواه الخطيب في جامعه عن ابن عباس مرفوعا بلفظ حفظ الغلام الصغير كالنقش في الحجر، وحفظ الرجل بعد ما يكبر كالكتابة على الماء انتهى، وقال ابن الغرس ضعيف وذكره، وفي تخريج الحافظ بن حجر لمسند الفردوس بلفظ حفظ الغلام كالرسم في الحجر الحديث أسنده الديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما انتهى.

1152 -

(حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات) متفق عليه عن أبي هريرة، لكن للبخاري حجبت بدل حفت في الموضعين وتقدم في " حجبت " وعزاه في الدرر للشيخين عن أنس رضي الله عنه، والموجود فيهما عزوه لأبي هريرة بلفظ حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكارة، وحجبت بمعنى حفت الواقع في رواية مسلم عن أنس، كما قاله النووي، وذكر أن المعنى بينه وبينهما هذا الحجاب فإذا فعله دخلهما.

1153 -

(الحظ خير من مال مجموع) قال النجم لم أجد له أصلا في الحديث المرفوع، وعند أبي النعيم الأصبهاني عن ربيعة بن عبد الرحمن شبر حظوة خير من باع علم.

1154 -

(حفيظة رمضان) ستأتي في لا آلاء إلا آلاؤك.

1155 -

(الحق ثقيل) رواه ابن عبد البر وزاد فمن قصر عنه عجز، ومن جاوزه ظلم، ومن انتهى إليه فقد اكتفى، قال ابن عبد البر ويروي هذا المجاشع بن نهشل، قال وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحق ثقيل، رحم الله عمر بن الخطاب: تركه الحق ليس له صديق، نقله ابن مفلح في الآداب، وفي معناه ما في كتاب روح القدس في مناصحة النفس للشيخ الأكبر بلفظ وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما ترك الحق لعمر من صديق،

ص: 362

هكذا لفظه من غير ذكر مخرجه وصحابيه فلينظر.

1156 -

(حق على الله أن لا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه) رواه البخاري وأبو داود عن أنس قال كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء لا تسبق، فجاء أعرابي بناقة فسبقتها، فشق ذلك على المسلمين، فقال عليه الصلاة والسلام إنه حق على الله أن لا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه.

1157 -

(الحكمة تزيد الشريف شرفا، وترفع العبد المملوك حتى تجلسه مجلس الملوك) رواه ابن عدي وأبو نعيم.

1158 -

(الحكمة عشرة أجزاء، تسعة منها في العزلة، وواحد في الصمت)

رواه ابن عدي وابن هلال عن أبي هريرة.

1159 -

(الحكمة ضالة المؤمن) قال في المقاصد رواه القضاعي في مسنده مرسلا عن زيد بن أسلم رفعه بزيادة حيثما وجد المؤمن ضالته فليجمعها إليه، ورواه الترمذي والعسكري والقضاعي أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه، وفي سندهم إبراهيم بن الفضل ضعيف فلفظ العسكري والقضاعي كلمة الحكمة ضالة كل حكيم فإذا وجدها فهو أحق بها، ولفظ الترمذي الكلمة الحكيمة ضالة كل مؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها، وقال غريب، ورواه العسكري أيضا عن أنس رفعه بلفظ العلم ضالة المؤمن حيث وجده أخذه، ورواه أيضا عن ابن عباس من قوله بلفظ خذوا الحكمة ممن سمعتموها فإنه قد يقول الحكمة غير الحكيم وتكون الرمية من غير رام، وهذا عند البيهقي في المدخل عن عكرمة بلفظ خذ الحكمة ممن سمعت فإن الرجل يتكلم بالحكمة وليس بحكيم فيكون كالرمية خرجت من غير رام وعنده أيضا عن سعيد بن أبي بردة قال كان يقال الحكمة ضالة المؤمن، يأخذها حيث وجدها، وعن عبد الله بن عبيد بن عمير قال كان يقال العلم ضالة المؤمن يغدو في طلبها، فإن أصاب منها شيئا حواه حتى يضم إليه غيره، وفي معناه ما رواه الديلمي عن علي مرفوعا ضالة المؤمن العلم، كلما قيد حديث طلب إليه آخر، وللديلمي أيضا عن

ص: 363

ابن عباس مرفوعا نعم الفائدة الكلمة من الحكمة يسمعها الرجل فيبديها لأخيه، وله أيضا بلا سند عن ابن عمر رفعه خذ الحكمة ولا يضرك من أي وعاء خرجت، ويروي نحو هذا من قول علي، وروى العسكري عن مبارك بن فضالة قال خطب الحجاج فقال إن الله أمرنا بطلب الآخرة وكفانا مؤونة الدنيا، فليته كفانا مؤونة الآخرة وأمرنا بطلب الدنيا، قال يقول الحسن ضالة المؤمن عند فاسق فليأخذها، وعن يوسف بن أسباط قال كنت مع سفيان الثوري وخازم بن خزيمة يخطب فقال إن يوما أسكر الكبار وأشاب الصغار ليوم عسير شره مستطير، فقال سفيان حكمة من جوف خرب، ثم أخرج شريحة يعني ألواحا فكتبها، ونحوه فرب مبلغ أوعى من سامع انتهى.

1160 -

(الحق بعدي مع عمر حيث كان) قال الصغاني موضوع انتهى، وأقول رواه في الجامع الكبير عن الحكيم الترمذي، وابن عساكر عن الفضل بن عباس بلفظ الحق بعدي مع عمر بن الخطاب حيث كان انتهى.

1161 -

(حكمي على الواحد حكمي على الجماعة) وفي لفظ كحكمي على الجماعة ليس له أصل بهذا اللفظ كما قال العراقي في تخريج أحاديث البيضاوي، وقال في الدرر كالزركشي لا يعرف، وسئل عن المزي والذهبي فأنكره، نعم يشهد له ما رواه الترمذي والنسائي من حديث أميمة بنت رقيقة، فلفظ النسائي ما قولي لامرأة واحدة إلا كقولي لمائة امرأة، ولفظ الترمذي إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة، وهو من الأحاديث التي ألزم الدارقطني الشيخين بإخراجها لثبوتها على شرطهما، وقال ابن قاسم العبادي في شرح الورقات الكبير حكمي على الجماعة لا يعرف له أصل بهذا اللفظ كما صرحوا به مع أنهم أولوه بأنه محمول على أنه يعم بالقياس ويغنى عنه ما رواه ابن ماجه وابن حبان والترمذي وقال حسن صحيح من قوله صلى الله عليه وسلم في مبايعة النساء إني لا أصافح النساء، وما قولي لامرأة واحدة إلا كقولي لمائة امرأة انتهى.

1162 -

(الحكم للغالب) قال النجم ليس بحديث، بل هو من قواعد الفقهاء ما لم يعارضه أصل.

ص: 364

1163 -

(الحكم ملح الأرض) ليس بحديث، بل هو كلام يجري على ألسنة الناس لكن معناه صحيح.

1164 -

(الحكم لله) ليس بحديث، لكن معناه صحيح، ويزيد بعضهم بعده الواحد القهار انتهى.

1165 -

(الحلف حنث أو ندم) رواه ابن ماجه وأبو يعلى والطبراني عن ابن عمر رفعه بلفظ إنما الحلف - إلا أبا يعلى فقال إنما اليمين - حِنْثٌ أو ندم، وفي لفظ أيضا الحلف حنث أو مندمة.

1166 -

(الحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة - وفي رواية للكسب) رواه مسلم والبخاري عن أبي هريرة، والمشهور على الألسنة الحلف منفق للسلعة ممحق للبركة، وهو محمول كما قال ابن الغرس على اليمين الكاذبة دون الصادقة، قال وإن استظهر المناوي التعميم.

1167 -

(الحلال بين، والحرام بين، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك) رواه بهذا اللفظ الطبراني في الأوسط عن عمر، ورواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن النعمان بن بشير بلفظ الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله في أرضه محارمه، ألا وأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب، وفي بعض رواياته اختلاف من ذلك زيادة " إن " في أوله لمسلم وغير ذلك مما بيناه في الفيض الجاري بشرح صحيح البخاري فراجعه في كتاب الإيمان.

1168 -

(حمل علي باب خيبر) قال في المقاصد أورده ابن إسحاق في سيرته عن أبي رافع، وإن سبعة هو ثامنهم اجتهدوا أن يقبلوه فلم يستطيعوا، ومن طريقه أخرجه البيهقي في الدلائل، ورواه الحاكم والبيهقي عن جابر أن عليا حمل

ص: 365

الباب يوم خيبر، وأنه جرب بعد ذلك، فلم يحمله أربعون رجلا، لكن في سنده ليث ضعيف، والراوي عنه شيعي، وذكره البيهقي من جهة حرام بن عثمان عن جابر

أن عليا لما انتهى إلى الحصن اجتبذ أحد أبوابه فألقاه بالأرض فاجتمع عليه بعده سبعون رجلا، فكان جهدهم أن أعادوا الباب، وعلقه البيهقي مضعفا له، وقال في المقاصد وطرقه كلها واهية ولذا أنكره بعض العلماء انتهى.

1169 -

(الحمية رأس الدواء) سيأتي في: المعدة بيت الداء.

1170 -

(الحمى من فيح جهنم، فأبردوها بالماء) رواه البخاري وأحمد عن ابن عباس، وهما ومسلم والنسائي وابن ماجه عن ابن عمر، والشيخان والترمذي عن عائشة ورافع بن خديج وهؤلاء وأحمد عن أسماء، وعند ابن ماجه عن أبي هريرة بلفظ الحمى كير من كير جهنم، فنحوها عنكم بالماء البارد، ورواه أحمد عن أبي أمامة كما في الجامع الصغير بلفظ الحمى كير من جهنم فما أصاب المؤمن منها كان حظه من النار، وعند الطبراني عن أبي ريحانة الحمى كير من جهنم وهي نصيب المؤمن من النار، وعنده عن أنس الحمى حظ أمتي من جهنم، ورواه البزار عن عائشة بلفظ الحمى حظ كل مؤمن من النار، ورواه ابن أبي الدنيا عن عثمان بلفظ الحمى حظ المؤمن من النار يوم القيامة، والبزار والحاكم عن سمرة بلفظ الحمى قطعة من النار، فأطفئوها بماء البارد، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا حم دعا بقربة فأفرغها على رأسه فاغتسل، تنبيه: همزة أبردها همزة وصل، والراء مضمومة على المشهور.

1171 -

(الحمى رائد الموت) رواه أبو نعيم وابن السني في الطب عن أنس مرفوعا بزيادة وسجن الله في الأرض، ورواه أيضا عن الحسن مرسلا بلفظ الحمى رائد الموت، وهي سجن الله في الأرض للمؤمن، يحبس بها عبده إذا شاء، ثم يرسله إذا شاء، ففتروها بالماء، وذكره ابن حجر المكي في فتاويه بلفظ الحمى بريد الموت بالموحدة، أي رسوله لكنها لا تستلزمه، وفي الباب ما للبخاري في تاريخه وإسحاق

ص: 366

في مسنده والحسن بن سفيان والبغوي وابن قانع عن عبد الرحمن بن المرقع، قال لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم خيبر كان في ألف وثمانمائة، فقسمها على ثمانية عشر سهما، فذكر حديث الترجمة، ورواه الطبراني في الكبير، قال في المقاصد وبالجملة فهو حديث حسن، وقال المناوي ورواه العسكري وزاد بيان السبب، فقال لما افتتح المصطفى صلى الله عليه وسلم خيبر وكانت مخضرة من الفواكه، وقع الناس فيها، فأخذتهم الحمى فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أيها الناس الحمى رائد الموت، وسجن الله تعالى في الأرض، وقطعة من النار.

1172 -

(حولها ندندن) قال النجم رواه أبو داود عن بعض الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل كيف تقول في الصلاة؟ قال أتشهد وأقول اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، أما أني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، فقاله النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو داود والدندنة أن تسمع من الرجل نغمة ولا تفهم ما يقول انتهى.

1173 -

(حمى يوم كفارة سنة) قال في المقاصد رواه القضاعي في مسنده عن ابن مسعود مرفوعا في حديث بلفظ وحمى ليلة تكفر خطايا سنة مجرمة، وله شاهد رواه ابن أبي الدنيا عن أبي الدرداء موقوفا بلفظ حمى ليلة كفارة سنة، ورواه تمام في فوائده عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه بلفظ الترجمة، وزاد وحمى يومين كفارة سنتين، وحمى ثلاثة أيام كفارة ثلاث سنين، ولابن أبي الدنيا عن الحسن مرسلا رفعه إن الله ليكفر عن المؤمن خطاياه كلها بحمى ليلة، وقال ابن المبارك عقب روايته له: أنه من جيد الحديث، ورواه ابن أبي الدنيا أيضا عن الحسن قال كانوا يرجون في حمى ليلة كفارة لما مضى من الذنوب، وله شواهد كثيرة يقوي بعضها بعضا انتهى.

1174 -

(الحمى تحت الخطايا كما تحت الشجرة ورفها) رواه ابن قانع عن أسد ابن كرز.

1175 -

(الحمى حظ أمتي من جهنم) الطبراني في الأوسط عن أنس،

ص: 367

ورواه البزار عن عائشة بلفظ الحمى حظ كل من النار، ورواه ابن أبي الدنيا عن عثمان بلفظ الحمى حظ المؤمن من النار يوم القيامة، فائدة: قال ابن القيم في الهدى ومما جرب لذهاب الحمى قراءة هذين البيتين وهما: زارت مكفرة الذنوب وودعت

تبا لها من زائر ومودع قالت وقد عزمت على ترحالها

ماذا تريد فقلت أن لا ترجعي وقال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة في ترجمة سليمان بن سنيد بن نشوان أنه حج أربعين حجة، فوقع له في آخرها أنه أخذته سنة من النوم عند القبر الشريف فرأى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا فلان له كم تجئ وما بلغت (1) مني شيئا؟ هات يدك، فكتب في كفه شيئا للحمى، فإذا لحسه المحموم برأ بإذن الله تعالى، وهو استجرت بإمام ما حكم فظلم، ولا تبع من هزم، أخرجي يا حمى من هذا الجسد لايلحقه ألم، تخرج نجاح.

1176 -

(حلالها حساب وحرامها عذاب) رواه في الإحياء، وقال مخرجه لم أجده، ورواه ابن أبي الدنيا والبيهقي عن علي موقوفا بلفظ وحرامها النار، وسنده منقطع، وفي مسند الفردوس عن ابن عباس رفعه يا ابن آدم ما تصنع بالدنيا حلالها حساب، وحرامها عذاب، وقال النجم أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن مالك بزيادة قال قالوا لعلي بن أبي طالب يا أبا الحسن صف لنا الدنيا، قال أطيل أو أقصر؟ قالوا أقصر، قال حلالها حساب وحرامها النار، وأسنده الشيخ محي الدين قدس سره في مسامراته من طريق أبي هريرة رضي الله عنه انتهى فليراجع.

1177 -

(الحياء يمنع الرزق) قال الصغاني موضوع.

1178 -

(حياتي خير لكم، وموتي خير لكم) رواه الديلمي عن أنس وعزاه في الجامع الصغير للحارث عن أنس، وفيه عند ابن سعد عن بكر بن عبد الله مرسلا

بلفظ حياتي خير لكم، تحدثون ويحدث لكم، فإذا أنا مت كانت وفاتي خيرا لكم، تعرض علي أعمالكم، فإن رأيت خيرا حمدت الله، وإن رأيت شرا استغفرت لكم، وذكره

(1) في النسخة الشامية " نلت " مكان (بلغت) .

ص: 368

ابن حجر الهيثمي في فتاواه، ولم يبين مخرجه ولا رتبته، وإنما ذكر معناه، فقال الإشكال إنما يتأتى على تقدير خير أفعل تفضيل، وليس كذلك بل هو على حد قوله تعالى " أفمن يلقى في النار خير " ففي كل من حياته وموته صلى الله عليه وسلم خير.

1179 -

(الحياء خير كله) رواه الشيخان وأبو داود عن عمران بن حصين، ورواه مسلم والبخاري عنه أيضا بلفظ الحياء لا يأتي إلا بخير، ورواه الطبراني عن أبي قرة بلفظ الحياء هو الدين كله.

1180 -

(الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه، وجعل له مخرجا) رواه أبو داود عن أبي أيوب.

1181 -

(الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات) رواه النسائي والطبراني عن عائشة رضي الله عنها.

1182 -

(الحمد لله رداء الرحمن) قال القاري لم يوجد له أصل.

1183 -

(الحياء من الإيمان) متفق عليه عن ابن عمر، ورواه مسلم عن أبي هريرة وفي الباب عن جماعة، وقال النجم حديث ابن عمر أخرجه الترمذي وحديث أبي هريرة أخرجه الترمذي والحاكم والبيهقي بزيادة والإيمان في الجنة والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار، وأخرجه الطبراني والبيهقي عن عمران ابن حصين، ورواه ابن عساكر عن أبي هريرة بلفظ الحياء من الإيمان، وأحيا أمتي عثمان، ورواه الترمذي عن أبي أمامة بلفظ الحياء والعي شعبتان من الإيمان، والبذاء والبيان شعبتان من النفاق، وورد الحديث بألفاظ أخر.

1184 -

(حين تلقى تدري) هو مثل ذكره أبو عبيد وغيره بلفظ حين تلقين تدرين، وقال في التمييز ليس بحديث، ومعناه صحيح، ويشير إليه قوله تعالى

(وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا)

ومثله في المقاصد، وزاد ويروى عن جابر قال لما رجعت مهاجرة الحبشة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم ألا تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة؟ فقال فئة منهم بلى يا رسول الله بينما نحن

ص: 369

جلوس مرت بنا عجوز من عجائز رهابينهم تحمل على رأسها قلة من ماء، فمرت بفتى منهم، فجعل إحدى يديه بين كتفيها، ثم دفعها فخرت على ركبتيها، فانكسرت قلتها، فلما ارتفعت التفتت إليه، فقالت سوف تعلم يا غدر إذا وضع الله تعالى الكرسي وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، فسوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غدا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقت، كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم، قال وقد جمعت طرقه في الأجوبة الدمياطية، وقال ابن الغرس وقلت في المعنى:

وحين تجازى كل نفس بكسبها

لعمرك تدري ما عليها وما لها.

1185 -

(الحي أفضل من الميت) قال النجم ليس بحديث، ولا يصح معناه على الإطلاق، بل إن أريد به الحي إذا تساوى مع الميت في فضله كالإسلام والعلم كان الحي أفضل من الميت بما يكسبه بعده من الأعمال فإن معناه صحيح، وهو الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أحمد بإسناد حسن عن أبي هريرة كان رجلان من بلى (1) أسلما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشهد أحدهما، وتأخر الآخر سنة، قال طلحة ابن عبيد فرأيت المؤخر منهما أدخل الجنة قبل الشهيد، فتعجبت لذلك فأصبحت فذكرت ذلك للنبي أو ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أليس قد صام بعده رمضان، وصلى ستة آلاف ركعة، وكذا وكذا ركعة صلاة سنة، وأخرجه ابن ماجه وابن حبان من حديث طلحة بنحوه لكنه أطول منه، وزاد في آخره وكان بينهما أبعد مما بين السماء والأرض، وعند أحمد عن عبد الله بن شداد وأبي يعلى عنه عن طلحة، ورواتهما رواة الصحيح أن نفرا من بني عذرة ثلاثة أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم من يكفيهم، قال طلحة أنا، قال فكانوا عند طلحة، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثا، فخرج فيه

(1) بلى كرضى قبيلة من قضاعة وتفصيل الكلام عنها في " القصد والأمم في التعريف بأنساب العرب والعجم ".

ص: 370