المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الرد على الشبهات - كشف شبهات الصوفية

[شحاتة صقر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌هل تعلم أيها الصوفي

- ‌الأدلة على حرص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على بقاء أصلي التوحيد: «لا إله إلا الله، محمد رسول الله»، نقيتن صافيتن

- ‌دعوة إلي التمسك بالكتاب والسنة

- ‌سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعلية وتركية *

- ‌التمسك بالعمومات مع الغفلة عن بيان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بفعله وتركه هو من اتباع المتشابه الذي نهى الله عنه

- ‌إلى من يتبعون زلات العلماء

- ‌أقوال الأئمة في اتباع السنة وترك أقوالهم المخالفة لها

- ‌المقصود بالكراهة في كلام السلف

- ‌ما هو التصوف

- ‌تلبيس الشيطان على الصوفية:

- ‌كيف تجادل صوفيًا

- ‌أولًا: البداية في النقاش بمنهج التلقي وإثبات الدين

- ‌ثانيًا: تبيِّن للصوفي المفاهيم الآتية:

- ‌ثالثًا: التدرج في مناقشة أخطائه حسب خطورتها على العقيدة

- ‌رابعًا: الرد على الشبهات التي يستدل بها:

- ‌خامسًا: عليك بالرفق والمجادلة بالتي هي أحسن

- ‌أولا: الدعاء والذبح والنذر والاستغاثة بغير الله

- ‌الرد على الشبهات من طريقين: مجمل، ومفصل

- ‌أما المجمل

- ‌وأما الجواب المفصل:

- ‌الشبهة الأولى: قولهم: نحن لا نشرك بالله، ونشهد أنه لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضر إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، ولكننا مذنبون، والصالحون لهم جاه عند الله، ونطلب من الله بهم

- ‌الشبهة الثانية: قولهم: إن الآيات التي ذكرتها نزلت فيمن يعبد الأصنام، وهؤلاء الأولياء ليسوا بأصنام

- ‌الشبهة الثالثة: قولهم: الكفار يريدون من الأصنام أن ينفعوهم أو يضروهم

- ‌الشبهة الرابعة: قولهم: نحن لا نعبد إلا الله، وهذا الالتجاء إلى الصالحين ودعاؤهم ليس بعبادة

- ‌الشبهة الخامسة: قولهم: أنتم تنكرون شفاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌الشبهة السادسة: قولهم: إن الله أعطى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الشفاعة، ونحن نطلبه مما أعطاه الله

- ‌الشبهة السابعة: قولهم: نحن لا نشرك بالله شيئًا ولكن الالتجاء إلى الصالحين ليس بشرك. فالشرك عبادة الأصنام ونحن لا نعبد الأصنام

- ‌الشبهة الثامنة: قولهم: إن الذين نزل فيهم القرآن لا يشهدون أن لا إله إلا الله، ويكذبون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌الشبهة التاسعة: قولهم: في قول بني إسرائيل لموسى {اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} وقول بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط» إن الصحابة وبني إسرائيل لم يكفروا

- ‌الشبهة العاشرة: قولهم: إن الناس يوم القيامة يستغيثون بآدم، ثم بنوح، ثم إبراهيم، ثم بموسى، ثم بعيسى

- ‌الشبهة الحادية عشرة: قولهم: أن في قصة إبراهيم عليه السلام لما أُلقِي في النار اعترض له جبريل في الهواء فقال: ألك حاجة؟ فقال إبراهيم: أما إليك فلا، دليل على أنه لو كانت الاستغاثة بجبريل شركًا لم يعرضها على إبراهيم

- ‌الشبهة الثانية عشرة: قال بعض أهل البدع الذين يَدْعُون أهل القبور: كيف تقولون: الميت لا ينفع وقد نفعنا موسى عليه السلام حيث كان السبب في تخفيف الصلاة من خمسين إلى خمس

- ‌الشبهة الثالثة عشرة:

- ‌الشبهة الرابعة عشرة: قالوا: من الأدلة على جواز دعاء الصالحين وندائهم، ما ذكره الله عز وجل عن نبيه سليمان عليه السلام وقوله لآصف بن برخيا وقد طلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله

- ‌ثانيًا: الرد على من زعم رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقظة بعد موته

- ‌أقوال بعض أهل العلم في هذه المسألة:

- ‌الرد على الشبهات

- ‌ثالثًا: الرد على من زعم أن الأنبياء والأولياء يتصرفون في الكون

- ‌بعض الأدلة التي تثبت بقاء الأجساد في القبور

- ‌بعض الأدلة التي تثبت أن أرواح الشهداء والصالحين تتنعم في الجنة وتتمنى الرجوع إلى الدنيا لفعل الخيرات ولكن تمنع من ذلك:

- ‌هل الأموات يسمعون

- ‌رابعًا: الرد على شبهات من زعم جواز التوسل بالمخلوقين فى الدعاء، وطلب الشفاعة منهم بعد وفاتهم

- ‌ التوسل المشروع:

- ‌ التوسل غير المشروع له ثلاث مراتب:

- ‌دفع توهم:

- ‌الرد على الشبهات

- ‌الشبهة الأولى: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}

- ‌الشبهة الثانية: قوله سبحانه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}

- ‌الشبهة الثالثة: قوله تبارك وتعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا}

- ‌الشبهة الرابعة: حديث استسقاء عمر بالعباس رضي الله عنهما

- ‌الشبهة الخامسة: حديث الضرير:

- ‌الشبهة السادسة: الأحاديث الضعيفة في التوسل:

- ‌بيان كذب قصة أبي جعفر المنصور مع الإمام مالك عند الحجرة النبوية:

- ‌الشبهة السابعة: أثران ضعيفان:

- ‌الشبهة الثامنة: قياس الخالق على المخلوقين:

- ‌الشبهة التاسعة: هل هناك مانع من التوسل المبتدع على وجه الإباحة لا الاستحباب؟ يقولون: ما المانع منه إذا فعلناه على طريق الإباحة؛ لأنه لم يأتِ نهْي عنه

- ‌الشبهة العاشرة: قياس التوسل بالذات على التوسل بالعمل الصالح:

- ‌الشبهة الحادية عشرة: قياس التوسل بذات النبي صلى الله عليه وآله وسلم على التبرك بآثاره:

- ‌الشبهة الثانية عشرة: قد يقول الرجل لغيره: بحق الرحم

- ‌الشبهة الثالثة عشرة: الحكاية المنقولة عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه كان يقصد الدعاء عند قبر الإمام أبي حنيفة رحمه الله

- ‌خامسًا: اتخاذ القبور مساجد

- ‌أحاديث النهي عن اتخاذ القبور مساجد:

- ‌معنى اتخاذ القبور مساجد:

- ‌ النهي عن بناء المساجد على القبور يستلزم النهي عن الصلاة فيها

- ‌اتخاذ المساجد على القبور من الكبائر

- ‌الشبهة الأولى: قوله تعالى في سورة الكهف: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا}

- ‌الشبهة الثانية: كون قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مسجده الشريف، ولو كان ذلك لا يجوز لما دفنوه صلى الله عليه وآله وسلم في مسجده

- ‌الشبهة الثالثة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى في مسجد الخيف وقد ورد في الحديث أن فيه قبر سبعين نبياّ

- ‌الشبهة الرابعة: ما ذُكِر في بعض الكتب أن قبر إسماعيل عليه السلام وغيره في الحِجْر من المسجد الحرام، وهو أفضل مسجد يتحرى المصلى فيه

- ‌الشبهة الخامسة: بناء أبي جندل رضي الله عنه مسجدًا على قبر أبي بصير رضي الله عنه في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في (الاستيعاب) لابن عبد البر

- ‌الشبهة السادسة: زعم بعضهم أن المنع من اتخاذ القبورمساجد إنما كان لعلة خشية الافتتان بالمقبور، زالت برسوخ التوحيد في قلوب المؤمنين، فزال المنع

- ‌الشبهة السابعة: روى ثابت البناني عن أنس رضي الله عنه عنه قال: «كنت أصلي قريبًا من قبر، فرآني عمر بن الخطاب، فقال: القبر القبر. فرفعت بصري إلى السماء وأنا أحسبه يقول: القمر

- ‌سادسًا: شد الرحال لزيارة القبور

- ‌الشبهة الأولى: احتج بعض المتأخرين على جواز السفر لزيارة القبور بأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يزور مسجد قباء

- ‌الشبهة الثانية: أجابوا عن حديث «لا تشد الرحال» بأن ذلك محمول على نفى الاستحباب

- ‌الشبهة الثالثة: إن حديث (لا تُشَدّ الرحال الا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدى هذا)

- ‌سابعًا: الحلف بغير الله

- ‌الشبهة الأولى: قوله صلى الله عليه وآله وسلم لما سئل: أي الصدقة أفضل؟ فقال: «أما وأبيك لتنبأنه»، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أفلح وأبيه إن صدق» رواهما مسلم

- ‌الشبهة الثانية: إن الله أقسم ببعض المخلوقات! كقوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} (الشمس: 1) وقوله {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} (البلد: 1) وقوله {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} (الليل: 1) وما أشبه ذلك من المخلوقات التي أقسم الله بها

- ‌الشبهة الثالثة: إن الملائكة حلفت بحياة لوط عليه السلام فقالوا: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} (الحجر:72) فهو دليل على جواز حلف المخلوق بالمخلوق

- ‌ثامنا: إلحاق الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالأذان

- ‌الجواب:

- ‌تاسعًا: ذم ما عليه الصوفية من الغناء والرقص وضرب الدف وسماع المزامير ورفع الأصوات المنكرة بما يسمونه ذكرًا وتهليلا

- ‌شبهة: قول الله عز وجل: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}

- ‌شبهة: ما رُوِي عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم وَجَعْفَرٌ وَزَيْدٌ، فَقَالَ لِزَيْدٍ: «أَنْتَ مَوْلَايَ» فَحَجَلَ، وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: «أَنْتَ أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي»، فَحَجَلَ وَرَاءَ زَيْدٍ

- ‌الذكر الجماعي

- ‌ الاجتماع على الذكر غير الذكر الجماعي:

- ‌ استدلالهم بعموم الأحاديث الدالة على فضل الاجتماع على ذكر الله

- ‌ عن ابن جريج قال أخبرني عمرو أن أبا معبد مولى ابن عباس أخبره أن ابن عباس رضي الله عنهما أخبره أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة

- ‌عاشرًا: الخضر عليه السلام في الفكر الصوفي

- ‌الخضر في السنة:

- ‌حادي عشر: الكشف الصوفي

- ‌شبهة:

- ‌ثاني عشر: رأس الحسين رضي الله عنه

- ‌سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَة

- ‌أَجَابَ:

- ‌ثالث عشر: زعم الصوفية أنه لولا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ما خلق الله الخلق

- ‌الجواب:

- ‌رابع عشر: أبوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌الرد على الشبهات

- ‌خامس عشر: الاحتفال بالمولد النبوي

- ‌الرد على الشبهات:

- ‌سادس عشر: الموالد

- ‌أسئلة تنتظر الإجابة

- ‌سابع عشر: هل النبي صلى الله عليه وآله وسلم خلق من نور وهل هو أول مخلوقات الله

- ‌الرد على الشبهات

- ‌ثامن عشر: الأولياء والكرامات

- ‌الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان:

- ‌بعض الكراماتٌ من كتب الصوفية:

- ‌الأزهر يرد على الصوفيةقبسات من فتاوى دار الإفتاء المصرية

الفصل: ‌الرد على الشبهات

‌الرد على الشبهات

الشبهة الأولى: قال تعالى {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}

الجواب: قد اختلف العلماء في المقصود بالنور في هذه الآية، هل هو الإسلام أم القرآن أم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ والمقصود بالنور في هذه الآية النور المعنوي، وهو نور الهداية.

قال الإمام الطبري في تفسير هذه الآية: «يقول جل ثناؤه لهؤلاء الذين خاطبهم من أهل الكتاب {قَدْ جَاءَكُمْ} يا أهل التوراة والإنجيل {مِنَ اللهِ نُورٌ} ، يعني بالنور، محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم الذي أنار الله به الحقَّ، وأظهر به الإسلام، ومحق به الشرك، فهو نور لمن استنار به يبيِّن الحق. ومن إنارته الحق، تبيينُه لليهود كثيرًا مما كانوا يخفون من الكتاب.

وقوله: {وَكِتَابٌ مُبِينٌ} يقول: جل ثناؤه: قد جاءكم من الله تعالى النور الذي أنار لكم به معالم الحقِّ، {وَكِتَابٌ مُبِينٌ} ، يعني كتابًا فيه بيان ما اختلفوا فيه بينهم: من توحيد الله، وحلاله وحرامه، وشرائع دينه، وهو القرآن الذي أنزله على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، يبين للناس جميع ما بهم الحاجةُ إليه من أمر دينهم، ويوضحه لهم، حتى يعرفوا حقَّه من باطله».

وقال الحافظ ابن كثير: «

أخبر تعالى عن القرآن العظيم الذي أنزله على نبيه الكريم فقال: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} أي: طرق النجاة والسلامة ومناهج الاستقامة {وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ * وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أي: ينجيهم من المهالك، ويوضح لهم أبين المسالك فيصرف عنهم المحذور، ويحصل لهم أنجب الأمور، وينفي عنهم الضلالة، ويرشدهم إلى أقوم حالة».

قال الإمام القرطبي: «{قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ} أي ضياء، قيل: الإسلام. وقيل: محمد صلى الله عليه وآله وسلم. {وَكِتَابٌ مُبِينٌ} . أي القرآن، فإنه يبين الأحكام. {يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ

ص: 204

رِضْوَانَهُ} أي ما رضيه الله. {سُبُلَ السَّلامِ} طرق السلامة الموصلة إلى دار السلام المنزهة عن كل آفة، والمؤمنة من كل مخافة، وهي الجنة».

وقال أيضًا: «وقد سمى الله تعالى كتابه نورًا فقال: {وأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًَا مُبِينًا} (النساء: 174) وسمى نبيه نورًا فقال: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}. (المائدة: 15).وهذا لأن الكتاب يهدي ويبين، وكذلك الرسول صلى الله عليه وآله وسلم» .ا. هـ بتصرف يسير».

* وكونه صلى الله عليه وآله وسلم نورًا أمر معنوي، مثل تسمية القرآن نورًا؛ قال الله عز وجل:{فَآَمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}

قال الإمام الطبري في تفسير هذه الآية: «يقول تعالى ذكره: فصدّقوا بالله ورسوله أيها المشركون المكذّبون بالبعث، وبإخباره إياكم أنكم مبعوثون من بعد مماتكم، وأنكم من بعد بلائكم تنشرون من قبوركم، {وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا} يقول: وآمنوا بالنور الذي أنزلنا، وهو هذا القرآن الذي أنزله الله على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم» .

الشبهة الثانية: ما رواه ابن إسحاق وعنه الحاكم وقال: (صحيح الإسناد): «

ورؤيا أمي الذي رأت حين حملت بي كأنه خرج منها نور أضاءت لها قصور الشام». وفي رواية: «رأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت منه قصور الشام»

الجواب: هذه رؤيا منام وليس فيها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان نورًا حسيًا.

ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أخذ الله عز وجل مني الميثاق كما أخذ من النبيين ميثاقهم، وبشر بي عيسى ابن مريم، ورأت أمي في منامها أنه خرج من بين رجليها سراج أضاءت له قصور الشام» . [عزاه السيوطي في (الجامع الصغير) إلى ابن مردويه والطبراني في (الكبير) وأبي نعيم في (الدلائل)، وحسنه الألباني في (صحيح الجامع الصغير)].

الشبهة الثالثة: ماورد عن بعض الصحابة من أن وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان مثل القمر.

كما في البخاري عن كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أنه قال «

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ»

ص: 205

الجواب: هذا تشبيه ويدل عليه كلمة (كأنه). راجع شرح الحافظ ابن حجر العسقلاني لهذا الحديث في (فتح الباري).

* وسُئِلَ الْبَرَاءُ رضي الله عنه: «أَكَانَ وَجْهُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم مِثْلَ السَّيْفِ؟ قَالَ: «لَا، بَلْ مِثْلَ الْقَمَر» ِ (رواه البخاري)

قال الحافظ ابن حجر في (الفتح): «كَأَنَّ السَّائِل أَرَادَ أَنَّهُ مِثْل السَّيْف فِي الطُّول، فَرَدَّ عَلَيْهِ الْبَرَاء فَقَالَ: «بَلْ مِثْل الْقَمَر» أَيْ فِي التَّدْوِير، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَرَادَ مِثْل السَّيْف فِي اللَّمَعَان وَالصِّقَال؟ فَقَالَ: بَلْ فَوْق ذَلِكَ، وَعَدَلَ إِلَى الْقَمَر لِجَمْعِهِ الصِّفَتَيْنِ مِنْ التَّدْوِير وَاللَّمَعَان: وَوَقَعَ فِي رِوَايَة زُهَيْر الْمَذْكُورَة: «أَكَانَ وَجْه رَسُول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم حَدِيدًا مِثْل السَّيْف؟» وَهُوَ يُؤَيِّد الْأَوَّل.

وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِم مِنْ حَدِيث جَابِر بْن سَمُرَة «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: أَكَانَ وَجْه رَسُول الله صلى الله عليه وآله وسلم مِثْل السَّيْف؟ قَالَ: لَا بَلْ مِثْل الشَّمْس وَالْقَمَر مُسْتَدِيرًا» .وَإِنَّمَا قَالَ: «مُسْتَدِيرًا» لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ جَمَعَ الصِّفَتَيْنِ، لِأَنَّ قَوْله:«مِثْل السَّيْف» يَحْتَمِل أَنْ يُرِيد بِهِ الطُّول أَوْ اللَّمَعَان، فَرَدَّهُ الْمَسْئُول رَدَّا بَلِيغًا. وَلَمَّا جَرَى التَّعَارُف فِي أَنَّ التَّشْبِيه بِالشَّمْسِ إِنَّمَا يُرَاد بِهِ غَالِبًا الْإِشْرَاق، وَالتَّشْبِيه بِالْقَمَرِ إِنَّمَا يُرَاد بِهِ الْمَلَاحَة دُون غَيْرهمَا، أَتَى بِقَوْلِهِ:«وَكَانَ مُسْتَدِيرًا» إِشَارَة إِلَى أَنَّهُ أَرَادَ التَّشْبِيه بِالصِّفَتَيْنِ مَعًا: الْحُسْن وَالِاسْتِدَارَة.

الشبهة الرابعة: حديث: «كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث»

الجواب: هذا حديث موضوع ذكره الشوكاني في (الأحاديث الموضوعة، ص326).

الشبهة الخامسة: حديث (كنت نبيًا وآدم بين الروح والجسد).

الجواب: هذا الحديث ذكره الحاكم وقال الصنعاني: هو موضوع، وكذا قال ابن تيمية. وهذا الحديث ـ وإن كان قد صححه غيرهما ـ فعلى فرض صحته، فإنه لا شاهد فيه على عقائد الصوفية، وإنما يعني أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد قدَّر اللهُ كونَه نبيًا عندما خلق آدم، ولا شك أن الأنبياء جميعًا نبوتهم ثابتة في تقدير الله وقضائه. والله عز وجل قد قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة كما جاء في الحديث.

ص: 206

قال البيهقي: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إني عند الله في أمّ الكتاب لخاتم النبيين وان ءادم لمنجدل في طينته» يريد أنه كان كذلك في قضاء الله وتقديره قبل أن يكون أبو البشر وأوّل الأنبياء صلوات الله عليهم» اهـ. (دلائل النبوّة 1/ 81). (يكون: يعني يوجَد ويُخلَق)

الشبهة السادسة: حديث (أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر).

الجواب: هذا الحديث أورده العجلوني في (كشف الخفاء) وقال: رواه عبد الرزاق بسنده عن جابر بن عبد الله بلفظ قال: قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أخبرني عن أول شئ خلقه الله قبل الأشياء.

قال: يا جابر، إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره، فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله، ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جني ولا إنسي، فلما أراد الله أن يخلق الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء: فخلق من الجزء الأول القلم، ومن الثاني اللوح، ومن الثالث العرش، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء: فخلق من الجزء الأول حملة العرش ومن الثاني الكرسي ومن الثالث باقي الملائكة، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء: فخلق من الأول السماوات، ومن الثاني الأرضين، ومن الثالث الجنة والنار، ثم قسم الرابع أربعة أجزاء: فخلق من الأول نور أبصار المؤمنين، ومن الثاني نور قلوبهم وهى المعرفة بالله، ومن الثالث نور إنسهم وهو التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله - الحديث، كذا في (المواهب). اهـ. المقصود من كلامه.

والواضح أن العجلوني لم يطلع على الحديث في (مصنف عبد الرزاق) وإنما نقله من كتاب (المواهب).وقد بحثت في (مصنف عبد الرزاق) فلم أجد هذا الحديث.

ويرد هذا الحديث ما رواه مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «خُلِقَتْ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ» .

قال الألباني في (السلسلة الصحيحة)(1/ 741): «

وفيه (أي حديث: «خلقت الملائكة من نور وخلق إبليس من نار السموم وخلق آدم عليه السلام مما قد وصف

ص: 207

لكم» إشارة إلى بطلان الحديث المشهور على ألسنة الناس: «أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر» .ونحوه من الأحاديث التي تقول بأنه صلى الله عليه وآله وسلم خُلق من نور، فإن هذا الحديث دليل واضح على أن الملائكة فقط هم الذين خلقوا من نور، دون آدم وبنيه».

* ونحيل القارئ إلى الرسالة المسمّاة (مرشد الحائر لبيان وضع حديث جابر) تأليف أحد كبار دعاة الصوفية: عبد الله بن محمد بن الصديق الغماري (1) 1) المتوفى سنة 1413هـ الذي يصفه الصوفية بمحدث الديار المغربية والبلاد الأفريقيّة، وفيها الردّ الوافي على القائلين بأن أوّل ما خلق الله نور النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم.

* ونقتبس منها الآتي (بتصرف):

* «فهذا جزء سمّيتُه: (مرشد الحائر لبيان وضع حديث جابر)، أردت به تنزيه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عمّا نُسب إليه مما لم يصح عنه ويُعدّ من قبيل الغلو المذموم، ومع ذلك صار عند العامة وكثير من الخاصة معدودًا من الفضائل النبويّة التي يكون إنكارها طعنًا في الجناب النبويّ عندهم، ولا يدركون ما في رأيهم وقولهم من الإثم العظيم الثابت في قول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: «من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» (رواه البخاري ومسلم وليس في حديث البخاري (متعمدًا)).

والذي يصفه بما لم يثبت عنه كاذب عليه واقع في المحذور إلاّ أن يتوب، ولا يكون مدحه عليه الصلاة والسلام شافعًا له في الكذب عليه. فإن فضائل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما تكون بالثابت المعروف حذرًا من الكذب المتوعَّد عليه بالنار.

* وقد وردت أحاديث في هذا الموضوع باطلة، وجاءت آراء شاذة عن التحقيق عاطلة، أُبينها في هذا الجزء بحول الله.

* روى عبد الرزاق ـ فيما قيل ـ عن جابر رضي الله عنه قال: «قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أخبرني عن أول شئ خلقه الله قبل الأشياء.

(1) إنما نقلت كلامه حجة على أتباعه الصوفية، وإلا ففي كتبه كثير من الضلال.

ص: 208

قال: يا جابر، إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره، فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله، ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جني ولا إنسي، فلما أراد الله أن يخلق الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء: فخلق من الجزء الأول القلم، ومن الثاني اللوح، ومن الثالث العرش، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء: فخلق من الجزء الأول حملة العرش ومن الثاني الكرسي ومن الثالث باقي الملائكة، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء: فخلق من الأول السماوات، ومن الثاني الأرضين، ومن الثالث الجنة والنار، ثم قسم الرابع أربعة أجزاء: فخلق من الأول نور أبصار المؤمنين، ومن الثاني نور قلوبهم وهى المعرفة بالله، ومن الثالث نور إنسهم وهو التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله» الحديث، وله بقية طويلة وقد ذكره بتمامه ابن العربي الحاتمي في كتاب (تلقيح الأذهان ومفتاح معرفة الإنسان)، والديار بكري في كتاب (الخميس في تاريخ أنفس نفيس).

* وعزْوه إلى رواية عبد الرزاق خطأ؛ لأنه لا يوجد في مصنفه ولا جامعه ولا تفسيره. بل المذكور في تفسيره خلاف ذلك، فقد ذكر أن أول الأشياء وجودًا الماء.

* وقال الحافظ السيوطي في الحاوي: «ليس له إسناد يعتمد عليه» اهـ (انظر الحاوي في الفتاوى 1/ 325 في تفسير سورة المدثر، وقد ذكر السيوطي في (قوت المغتذي شرح الترمذي) بعد أن ذكر الحديث: «أوّل ما خلق الله تعالى القلم» فقال: «أما حديث أولية العقل فليس له أصل، وأمّا حديث أولية النور المحمدي فلا يثبت» اهـ.

* وهو حديث موضوع جزمًا، وفيه اصطلاحات المتصوفة، وبعض الشناقطة المعاصرين ركّب له إسنادًا فذكر أن عبد الرزاق رواه من طريق ابن المنكدر عن جابر وهذا كذب يأثم عليه.

* وقد ادعى بعضهم أيضًا أن هذا الحديث ـ أي حديث جابر المفتعل ـ صحّ كشفًا. فهذا كلام لا معنى له؛ لأن الكشف الذي يخالف حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا عبرة به.

* أقول (أي الغماري): هذا الحديث مخالف لقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} ، ومخالف للحديث الذي رواه البخاري وغيره أن أهل اليمن أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا:

ص: 209

يا رسول الله جئناك لنتفقّه في الدين ولنسألك عن أول هذا الأمر، قال: كان الله ولم يكن شىء غيره، وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شىء، ثم خلق السموات والأرض». وبالجملة فالحديث منكر موضوع لا أصل له في شىء من كتب السُّنّة.

* ومثله في النكارة ما رُوي عن علي بن الحسين، عن أبيه رضي الله عنهما، عن جدّه أن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال:«كنت نورًا بين يدي ربي قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام» وهو كذب أيضًا.

* ومن الكذب السخيف ما يقال إن إحدى أمهات المؤمنين أرادت أن تلف إزارًا على جسد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فسقط الإزار أي لأنه نور، وهذا لا أصل له. وقد كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يستعمل الإزار ولم يسقط عنه.

* وكونه صلى الله عليه وآله وسلم نورًا أمر معنوي، مثل تسمية القرآن نورًا ونحو ذلك، لأنه نوَّر العقول والقلوب.

* ومن الكذب المكشوف قولهم: «لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك» ، وكذلك ما روي عن علي رضي الله عنه، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: هبط عليّ جبريل فقال: إن الله يقرؤك السلام ويقول: «إني حرمْتُ النار على صلب أنزلك، وبطن حملك، وحجر كَفَلَك» وهو حديث موضوع.

* وروي في بعض كتب المولد النبوي عن أبي هريرة قال: سأل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم جبريل عليه السلام فقال: يا جبريل كم عمّرتَ من السنين؟ فقال: يا رسول الله، لست أعلم غير أن في الحجاب الرابع نجمًا يطلع في كل سبعين ألف سنة مرة، رأيتُه اثنتين وسبعين ألف مرة، فقال النبيّ: وعزة ربي أنا ذلك الكوكب».وهذا كذب قبيح، قبّح الله من وضعه وافتراه.

* وذكر بعض غلاة المتصوّفة أن جبريل عليه السلام كان يتلقّى الوحي من وراء حجاب وكُشف له الحجاب مرة فوجد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يوحِي إليه، فقال جبريل:«منك وإليك» .

قلت (أي الغماري): لعن الله من افترى هذا الهراء المخالف للقرآن فإن الله تعالى يقول لنبيّه: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ}

ص: 210

(الشورى:52) ويقول: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ} (الشعراء:193 - 194).

* ما يوجد في كتب المولد النبويّ من أحاديث لا خطام لها ولا زمام هي من الغلو الذي نهى الله ورسوله عنه، فتحرم قراءة تلك الكتب. والنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يقول:«من حدّث عني بحديث يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين» (رواه مسلم) يُرَى بضم الياء: معناه يُظَنّ.

* وفضل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثابت في القرءان الكريم، والأحاديث الصحيحة، وهو في غِنًى عما يقال فيه من الكذب والغلو، وقال صلى الله عليه وآله وسلم:«لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» . (رواه البخاري). (انتهى المقصود من كلام الغماري).

وأخيرًا. .. سؤال موجه إلى هؤلاء القائلين بأن الرسولَ صلى الله عليه وآله وسلم هو أول خلق الله:

يقال لهم: ألستم تعتقدون أن إبليس خُلِق قبل ءادم؟ فيقولون: بلى؛ للنص الوارد في القرآن وهو قوله تعالى: {وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ} فيقال لهم: وهل سَبْقُ إبليسَ آدم عليه السلام بالخلق يقتضي أفضليته؟ فلا شك أنهم لا يقولون إن ذلك يقتضي أفضلية إبليس. فيقال لهم: لماذا تتشبثون بقولكم «الرسول أولُ خلق الله» وأي طائل تحت قولكم هذا؟!

تنبيه: قال أحد الصوفية (كما هو منشور على أحد مواقعهم على الشبكة العنكبوتية): «التمادي على دعوى القول بأن نور محمد صلى الله عليه وآله وسلم أول خلق الله لا يزيد الكافرين إذا سمعوا ذلك إلا نفورًا من الإسلام واستبشاعًا له، فأيُّ فائدة للتعصب لهذا الحديث؟! فهذا الحديث تَنْفِرُ الكفارُ عند سماعه من بعض المسلمين نفورًا زائدًا على نفورهم الأصلي من الإسلام. فلقد ذكر لي رجلٌ يُدعَى أبا علي ياسين من أهل الشام أنَّ نصرانيًّا قال له: «كيف تقولون أنتم: محمد آخر الأنبياء، وتقولون: إنه أول خلق الله؟» وذلك نشأ عنده لما كان يسمع من بعض المؤذنين قولهم عقب الأذان على المنائر: «يا أول خلق الله وخاتم رسل الله» ، قال أبو علي ياسين: فلم أجد جوابًا.

ص: 211