المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ثالث عشر: زعم الصوفية أنه لولا الرسول صلى الله عليه - كشف شبهات الصوفية

[شحاتة صقر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌هل تعلم أيها الصوفي

- ‌الأدلة على حرص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على بقاء أصلي التوحيد: «لا إله إلا الله، محمد رسول الله»، نقيتن صافيتن

- ‌دعوة إلي التمسك بالكتاب والسنة

- ‌سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعلية وتركية *

- ‌التمسك بالعمومات مع الغفلة عن بيان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بفعله وتركه هو من اتباع المتشابه الذي نهى الله عنه

- ‌إلى من يتبعون زلات العلماء

- ‌أقوال الأئمة في اتباع السنة وترك أقوالهم المخالفة لها

- ‌المقصود بالكراهة في كلام السلف

- ‌ما هو التصوف

- ‌تلبيس الشيطان على الصوفية:

- ‌كيف تجادل صوفيًا

- ‌أولًا: البداية في النقاش بمنهج التلقي وإثبات الدين

- ‌ثانيًا: تبيِّن للصوفي المفاهيم الآتية:

- ‌ثالثًا: التدرج في مناقشة أخطائه حسب خطورتها على العقيدة

- ‌رابعًا: الرد على الشبهات التي يستدل بها:

- ‌خامسًا: عليك بالرفق والمجادلة بالتي هي أحسن

- ‌أولا: الدعاء والذبح والنذر والاستغاثة بغير الله

- ‌الرد على الشبهات من طريقين: مجمل، ومفصل

- ‌أما المجمل

- ‌وأما الجواب المفصل:

- ‌الشبهة الأولى: قولهم: نحن لا نشرك بالله، ونشهد أنه لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضر إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، ولكننا مذنبون، والصالحون لهم جاه عند الله، ونطلب من الله بهم

- ‌الشبهة الثانية: قولهم: إن الآيات التي ذكرتها نزلت فيمن يعبد الأصنام، وهؤلاء الأولياء ليسوا بأصنام

- ‌الشبهة الثالثة: قولهم: الكفار يريدون من الأصنام أن ينفعوهم أو يضروهم

- ‌الشبهة الرابعة: قولهم: نحن لا نعبد إلا الله، وهذا الالتجاء إلى الصالحين ودعاؤهم ليس بعبادة

- ‌الشبهة الخامسة: قولهم: أنتم تنكرون شفاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌الشبهة السادسة: قولهم: إن الله أعطى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الشفاعة، ونحن نطلبه مما أعطاه الله

- ‌الشبهة السابعة: قولهم: نحن لا نشرك بالله شيئًا ولكن الالتجاء إلى الصالحين ليس بشرك. فالشرك عبادة الأصنام ونحن لا نعبد الأصنام

- ‌الشبهة الثامنة: قولهم: إن الذين نزل فيهم القرآن لا يشهدون أن لا إله إلا الله، ويكذبون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌الشبهة التاسعة: قولهم: في قول بني إسرائيل لموسى {اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} وقول بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط» إن الصحابة وبني إسرائيل لم يكفروا

- ‌الشبهة العاشرة: قولهم: إن الناس يوم القيامة يستغيثون بآدم، ثم بنوح، ثم إبراهيم، ثم بموسى، ثم بعيسى

- ‌الشبهة الحادية عشرة: قولهم: أن في قصة إبراهيم عليه السلام لما أُلقِي في النار اعترض له جبريل في الهواء فقال: ألك حاجة؟ فقال إبراهيم: أما إليك فلا، دليل على أنه لو كانت الاستغاثة بجبريل شركًا لم يعرضها على إبراهيم

- ‌الشبهة الثانية عشرة: قال بعض أهل البدع الذين يَدْعُون أهل القبور: كيف تقولون: الميت لا ينفع وقد نفعنا موسى عليه السلام حيث كان السبب في تخفيف الصلاة من خمسين إلى خمس

- ‌الشبهة الثالثة عشرة:

- ‌الشبهة الرابعة عشرة: قالوا: من الأدلة على جواز دعاء الصالحين وندائهم، ما ذكره الله عز وجل عن نبيه سليمان عليه السلام وقوله لآصف بن برخيا وقد طلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله

- ‌ثانيًا: الرد على من زعم رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقظة بعد موته

- ‌أقوال بعض أهل العلم في هذه المسألة:

- ‌الرد على الشبهات

- ‌ثالثًا: الرد على من زعم أن الأنبياء والأولياء يتصرفون في الكون

- ‌بعض الأدلة التي تثبت بقاء الأجساد في القبور

- ‌بعض الأدلة التي تثبت أن أرواح الشهداء والصالحين تتنعم في الجنة وتتمنى الرجوع إلى الدنيا لفعل الخيرات ولكن تمنع من ذلك:

- ‌هل الأموات يسمعون

- ‌رابعًا: الرد على شبهات من زعم جواز التوسل بالمخلوقين فى الدعاء، وطلب الشفاعة منهم بعد وفاتهم

- ‌ التوسل المشروع:

- ‌ التوسل غير المشروع له ثلاث مراتب:

- ‌دفع توهم:

- ‌الرد على الشبهات

- ‌الشبهة الأولى: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}

- ‌الشبهة الثانية: قوله سبحانه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}

- ‌الشبهة الثالثة: قوله تبارك وتعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا}

- ‌الشبهة الرابعة: حديث استسقاء عمر بالعباس رضي الله عنهما

- ‌الشبهة الخامسة: حديث الضرير:

- ‌الشبهة السادسة: الأحاديث الضعيفة في التوسل:

- ‌بيان كذب قصة أبي جعفر المنصور مع الإمام مالك عند الحجرة النبوية:

- ‌الشبهة السابعة: أثران ضعيفان:

- ‌الشبهة الثامنة: قياس الخالق على المخلوقين:

- ‌الشبهة التاسعة: هل هناك مانع من التوسل المبتدع على وجه الإباحة لا الاستحباب؟ يقولون: ما المانع منه إذا فعلناه على طريق الإباحة؛ لأنه لم يأتِ نهْي عنه

- ‌الشبهة العاشرة: قياس التوسل بالذات على التوسل بالعمل الصالح:

- ‌الشبهة الحادية عشرة: قياس التوسل بذات النبي صلى الله عليه وآله وسلم على التبرك بآثاره:

- ‌الشبهة الثانية عشرة: قد يقول الرجل لغيره: بحق الرحم

- ‌الشبهة الثالثة عشرة: الحكاية المنقولة عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه كان يقصد الدعاء عند قبر الإمام أبي حنيفة رحمه الله

- ‌خامسًا: اتخاذ القبور مساجد

- ‌أحاديث النهي عن اتخاذ القبور مساجد:

- ‌معنى اتخاذ القبور مساجد:

- ‌ النهي عن بناء المساجد على القبور يستلزم النهي عن الصلاة فيها

- ‌اتخاذ المساجد على القبور من الكبائر

- ‌الشبهة الأولى: قوله تعالى في سورة الكهف: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا}

- ‌الشبهة الثانية: كون قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مسجده الشريف، ولو كان ذلك لا يجوز لما دفنوه صلى الله عليه وآله وسلم في مسجده

- ‌الشبهة الثالثة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى في مسجد الخيف وقد ورد في الحديث أن فيه قبر سبعين نبياّ

- ‌الشبهة الرابعة: ما ذُكِر في بعض الكتب أن قبر إسماعيل عليه السلام وغيره في الحِجْر من المسجد الحرام، وهو أفضل مسجد يتحرى المصلى فيه

- ‌الشبهة الخامسة: بناء أبي جندل رضي الله عنه مسجدًا على قبر أبي بصير رضي الله عنه في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في (الاستيعاب) لابن عبد البر

- ‌الشبهة السادسة: زعم بعضهم أن المنع من اتخاذ القبورمساجد إنما كان لعلة خشية الافتتان بالمقبور، زالت برسوخ التوحيد في قلوب المؤمنين، فزال المنع

- ‌الشبهة السابعة: روى ثابت البناني عن أنس رضي الله عنه عنه قال: «كنت أصلي قريبًا من قبر، فرآني عمر بن الخطاب، فقال: القبر القبر. فرفعت بصري إلى السماء وأنا أحسبه يقول: القمر

- ‌سادسًا: شد الرحال لزيارة القبور

- ‌الشبهة الأولى: احتج بعض المتأخرين على جواز السفر لزيارة القبور بأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يزور مسجد قباء

- ‌الشبهة الثانية: أجابوا عن حديث «لا تشد الرحال» بأن ذلك محمول على نفى الاستحباب

- ‌الشبهة الثالثة: إن حديث (لا تُشَدّ الرحال الا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدى هذا)

- ‌سابعًا: الحلف بغير الله

- ‌الشبهة الأولى: قوله صلى الله عليه وآله وسلم لما سئل: أي الصدقة أفضل؟ فقال: «أما وأبيك لتنبأنه»، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أفلح وأبيه إن صدق» رواهما مسلم

- ‌الشبهة الثانية: إن الله أقسم ببعض المخلوقات! كقوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} (الشمس: 1) وقوله {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} (البلد: 1) وقوله {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} (الليل: 1) وما أشبه ذلك من المخلوقات التي أقسم الله بها

- ‌الشبهة الثالثة: إن الملائكة حلفت بحياة لوط عليه السلام فقالوا: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} (الحجر:72) فهو دليل على جواز حلف المخلوق بالمخلوق

- ‌ثامنا: إلحاق الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالأذان

- ‌الجواب:

- ‌تاسعًا: ذم ما عليه الصوفية من الغناء والرقص وضرب الدف وسماع المزامير ورفع الأصوات المنكرة بما يسمونه ذكرًا وتهليلا

- ‌شبهة: قول الله عز وجل: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}

- ‌شبهة: ما رُوِي عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم وَجَعْفَرٌ وَزَيْدٌ، فَقَالَ لِزَيْدٍ: «أَنْتَ مَوْلَايَ» فَحَجَلَ، وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: «أَنْتَ أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي»، فَحَجَلَ وَرَاءَ زَيْدٍ

- ‌الذكر الجماعي

- ‌ الاجتماع على الذكر غير الذكر الجماعي:

- ‌ استدلالهم بعموم الأحاديث الدالة على فضل الاجتماع على ذكر الله

- ‌ عن ابن جريج قال أخبرني عمرو أن أبا معبد مولى ابن عباس أخبره أن ابن عباس رضي الله عنهما أخبره أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة

- ‌عاشرًا: الخضر عليه السلام في الفكر الصوفي

- ‌الخضر في السنة:

- ‌حادي عشر: الكشف الصوفي

- ‌شبهة:

- ‌ثاني عشر: رأس الحسين رضي الله عنه

- ‌سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَة

- ‌أَجَابَ:

- ‌ثالث عشر: زعم الصوفية أنه لولا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ما خلق الله الخلق

- ‌الجواب:

- ‌رابع عشر: أبوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌الرد على الشبهات

- ‌خامس عشر: الاحتفال بالمولد النبوي

- ‌الرد على الشبهات:

- ‌سادس عشر: الموالد

- ‌أسئلة تنتظر الإجابة

- ‌سابع عشر: هل النبي صلى الله عليه وآله وسلم خلق من نور وهل هو أول مخلوقات الله

- ‌الرد على الشبهات

- ‌ثامن عشر: الأولياء والكرامات

- ‌الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان:

- ‌بعض الكراماتٌ من كتب الصوفية:

- ‌الأزهر يرد على الصوفيةقبسات من فتاوى دار الإفتاء المصرية

الفصل: ‌ ‌ثالث عشر: زعم الصوفية أنه لولا الرسول صلى الله عليه

‌ثالث عشر: زعم الصوفية أنه لولا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ما خلق الله الخلق

* إن الله تعالى إنما خلق الخلق ليعبدوه، كما قال سبحانه:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56) ولم يثبت حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدل على أن الخلق خلقوا من أجله صلى الله عليه وآله وسلم، لا الأفلاك ولا غيرها من المخلوقات، ومما يدل على ذلك قوله تعالى:{اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} (الطلاق:12)

شبهة: حديث «لولاك لما خلقت الأفلاك» .

‌الجواب:

حديث (لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك) ذكره العجلوني في (كشف الخفا ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس) وقال: قال الصغاني: إنه موضوع، وذكره محمد بن علي الشوكاني في (الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة) وقال: قال الصغاني: موضوع.

* قال الألباني رحمه الله في (سلسلة الأحاديث الضعيفة)(1/ 450):موضوع كما قاله الصغاني في (الأحاديث الموضوعة)(ص 7)، وأما قول الشيخ القاري (67 - 68): لكن معناه صحيح، فقد روى الديلمي عن ابن عباس مرفوعا:«أتاني جبريل فقال: يا محمد لولاك لما خلقت الجنة، ولولاك ما خلقت النار»

وفي رواية ابن عساكر: «لولاك ما خلقت الدنيا» .

فأقول (الألباني): الجزم بصحة معناه لا يليق إلا بعد ثبوت ما نقله عن الديلمي، وهذا مما لم أر أحدًا تعرض لبيانه، وأنا وإن كنت لم أقف على سنده، فإنى لا أتردد في ضعفه، وحسبنا في التدليل على ذلك تفرد الديلمي به، ثم تأكدت من ضعفه، بل وهائه، حين وقفت على إسناده في (مسنده)(1/ 41 / 2) من طريق عبيد الله بن موسى القرشي حدثنا الفضيل بن جعفر بن سليمان عن عبد الصمد بن علي بن عبد الله ابن عباس عن أبيه عن ابن عباس به.

ص: 177

قلت: وآفته عبد الصمد هذا، قال العقيلي: حديثه غير محفوظ، ولا يعرف إلا به.

ثم ساق له حديثًا آخر في إكرام الشهود سيأتي برقم (2898)، ومن دونه لم أعرفهما، وأما رواية ابن عساكر فقد أخرجها ابن الجوزي أيضا في (الموضوعات) (1/ 288 ـ 289) في حديث طويل عن سلمان مرفوعا وقال: إنه موضوع، وأقره السيوطي في (اللآليء)(1/ 272).

شبهة: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعًا: «لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي، فقال: يا آدم ! وكيف عرفت محمدًا ولم أخلقه؟ قال: يا رب لما خلقتني بيدك، ونفخت في من روحك رفعت رأسي، فرأيت على قوائم العرش مكتوبًا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضِف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك، فقال: غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتُك» .

الجواب: هذا الحديث أخرجه الحاكم في (المستدرك)(2/ 615) وقال عنه الإمام الذهبي: «موضوع» .وقد تقدم الرد عليه بالتفصيل عند الرد على شبهات من زعم جواز التوسل بالمخلوقين فى الدعاء، وطلب الشفاعة منهم بعد وفاتهم تحت عنوان الشبهة السادسة: الأحاديث الضعيفة في التوسل: الحديث السادس.

* مخالفة هذا الحديث للقرآن: قال الشيخ الألباني: «ومما يؤيد ما ذهب إليه العلماء من وضع هذا الحديث وبطلانه أنه يخالف القرآن الكريم في موضعين منه:

الأول: أنه تضمن أن الله تعالى غفر لآدم بسبب توسله به صلى الله عليه وآله وسلم، والله عز وجل يقول:{فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (البقرة:37). وقد جاء تفسير هذه الكلمات عن ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنه مما يخالف هذا الحديث، فأخرج الحاكم (3/ 545) عنه: «{فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ} قال: أي رب! ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى. قال: ألم تنفخ فيَّ من روحك؟ قال: بلى. قال: أي رب! ألم تسكنّي جنتك؟ قال: بلى. قال: ألم تسبق رحمتك غضبك؟ قال: بلى. قالت: أرأيت إن تبتُ وأصلحتُ،

ص: 178

أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: بلى. قال: فهو قوله: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ} » وقال الحاكم: (صحيح الإسناد) ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.

وقول ابن عباس هذا في حكم المرفوع من وجهين:

الأول: أنه أمر غيبي لا يقال من مجرد الرأي.

الثاني: أنه ورد في تفسير الآية، وما كان كذلك فهو في حكم المرفوع ولا سيما إذا كان من قول إمام المفسرين عبد الله بن عباس رضي الله عنه الذي دعا له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله:«اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل» .

الموضع الثاني: قوله في آخره: «ولولا محمد ما خلقتك» فإن هذا أمر عظيم يتعلق بالعقائد التي لا تثبت إلا بنص صحيح، ولو كان ذلك صحيحًا لورد في الكتاب والسنة الصحيحة، وافتراض صحته في الواقع مع ضياع النص الذي تقوم به الحجة ينافي قوله تبارك وتعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر:9). والذكر هنا يشمل الشريعة كلها قرآنًا وسنة، وأيضًا فإن الله تبارك وتعالى قد أخبرنا عن الحكمة التي من أجلها خلق آدم وذريته، فقال عز وجل:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات: 56)، فكل ما خالف هذه الحكمة أو زاد عليها لا يقبل إلا بنص صحيح عن المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم كمخالفة هذا الحديث الباطل.

شبهة: قال أحد دعاة الصوفية المعاصرين: معنى قولنا: «لولا سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما خلق الله الخلق» تلك عبارة لا تتناقض مع الإسلام وأصول العقيدة وأساسيات التوحيد، بل تؤكده وتدعمه خاصة إذا فُهِمت بالشكل الصحيح الذي سنبينه إن شاء الله.

فمعنى القول بأنه لولا سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما خلق الله الخلق، هو أن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56)، فتحقيق العبادة هي حكمة الخلق، والعبادة لا تتحقق إلا بالعابدين، فالعبادة عرض قائم بالعابد نفسه، وأفضل العابدين هو سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فهو عنوان العبادة، وعنوان التوحيد، كما أن الآية تتكلم عن الجن والإنس ولا تتكلم عن الخلق أجمعين. أما باقي ما في السموات

ص: 179

والأرض فهو مخلوق لخدمة الإنسان، قال تعالى:{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الجاثية:13) وسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو عنوان الإنسانية بل هو الإنسان الكامل

»

الجواب: أولًا: ماذا لو فُهِمَتْ هذه العبارة بغير هذا الفهم الذي يقول إنه هو الفهم الصحيح، وخاصة أن الناس لا يفهمون ذلك من هذه الكلمة، بل المتبادر إلى أذهانهم أن الله خلق الخلق من أجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.وهذا الاعتقاد مخالف لقوله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56).

فإذا اختلفت اعتقاداتنا ـ التي ليس عليها دليل لا من كتاب الله ولا من سنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ مع آية من كتاب الله الذي أنزِلَ على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فالأولى اتباع كتاب الله وسنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ثانيًا: قوله: «فمعنى القول بأنه لولا سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما خلق الله الخلق، هو أن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56)، فتحقيق العبادة هي حكمة الخلق، والعبادة لا تتحقق إلا بالعابدين، فالعبادة عرض قائم بالعابد نفسه، وأفضل العابدين هو سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فهو عنوان العبادة، وعنوان التوحيد»

الرد: إذا كان الأمر كذلك فهل يجوز أن يقال: خلق الله الخلق من أجل الأنبياء عليهم السلام ومن أجل الصحابة رضي الله عنهم ومن أجل الصالحين؛ لأنهم عنوان العبادة وعنوان التوحيد؟

ثالثًا: قوله: «إن الآية تتكلم عن الجن والإنس ولا تتكلم عن الخلق أجمعين. أما باقي ما في السموات والأرض فهو مخلوق لخدمة الإنسان، قال تعالى:{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الجاثية:13) وسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو عنوان الإنسانية بل هو الإنسان الكامل

»

ص: 180

الرد: أولًا: ماهذا التناقض؟ فهل معنى كلامه هذا أن الإنس والجن قد خلقوا لعبادة الله عز وجل، أما باقي ما في السموات والأرض فقد خلقوا من أجل سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟

ثانيًا: إذا كان باقي ما في السموات والأرض مخلوق لخدمة الإنسان ـ المؤمن والكافر ـ فهل يصح ـ حسب كلامه ـ أن نقول: إن باقي ما في السموات والأرض مخلوق لأجل فرعون وأبي جهل وبوش وشارون؟

ثالثًا: ما أنعم الله عز وجل به من تسخير ما في السماوات والأرض لخدمة الإنسان ليس معناه أنه لولا الإنسان ما خلقهما الله عز وجل.

قال الإمام الطبري: «قول تعالى ذكره: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} من شمس وقمر ونجوم {وَمَا فِي الأرْضِ} من دابة وشجر وجبل وجماد وسفن لمنافعكم ومصالحكم {جَمِيعًا مِنْهُ}. يقول تعالى ذكره: جميع ما ذكرت لكم أيها الناس من هذه النعم، نِعم عليكم من الله أنعم بها عليكم، وفضل منه تفضّل به عليكم، فإياه فاحمدوا لا غيره، لأنه لم يشركه في إنعام هذه النعم عليكم شريك، بل تفرّد بإنعامها عليكم وجميعها منه، ومن نعمه، فلا تجعلوا له في شكركم له شريكًا بل أفردوه بالشكر والعبادة، وأخلصوا له الألوهة، فإنه لا إله لكم سواه» .اهـ كلام الإمام الطبري.

قال تعالى: {مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ} (الأحقاف:3).

قال الإمام الطبري رحمه الله: «يقول تعالى ذكره: ما أحدثنا السموات والأرض فأوجدناهما خلقًا مصنوعًا، وما بينهما من أصناف العالم إلا بالحقّ، يعني: إلا لإقامة الحقّ والعدل في الخلق.»

قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله: «وما دلت عليه هذه الآية الكريمة: من أن خلقه تعالى للسماوات والأرض، وما بينهما لا يصح أن يكون باطلًا، ولا عبثًا بل ما خلقهما إلا بالحق، لأنه لو كان خلقهما عبثًا لكان ذلك العبث باطلًا ولعبًا، سبحانه وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا، بل ما خلقهما وخلق جميع ما فيهما وما بينهما إلا بالحق، وذلك أنه يخلق فيهما الخلائق، ويكلفهم فيأمرهم وينهاهم ويعدهم ويوعدهم، حتى إذا انتهى الأجل المسمى

ص: 181

لذلك بعث الخلائق، وجازاهم فيظهر في المؤمنين صفات رحمته ولطفه وجوده وكرمه وسعة رحمته ومغفرته، وتظهر في الكافرين صفات عظمته، وشدة بطشه، وعظم نكاله، وشدة عدله، وإنصافه، دلت عليه آيات كثيرة من كتاب الله كقوله تعالى:{وَمَا خَلَقْنَا السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلَاّ بالحق ولكن أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّ يَوْمَ الفصل مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ} (الدخان: 38 - 40) فقوله تعالى: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ} بعد قوله: {مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلَاّ بالحق} يبين ما ذكرنا».ا. هـ بتصرف يسير

ص: 182