المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌هل الأموات يسمعون - كشف شبهات الصوفية

[شحاتة صقر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌هل تعلم أيها الصوفي

- ‌الأدلة على حرص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على بقاء أصلي التوحيد: «لا إله إلا الله، محمد رسول الله»، نقيتن صافيتن

- ‌دعوة إلي التمسك بالكتاب والسنة

- ‌سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعلية وتركية *

- ‌التمسك بالعمومات مع الغفلة عن بيان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بفعله وتركه هو من اتباع المتشابه الذي نهى الله عنه

- ‌إلى من يتبعون زلات العلماء

- ‌أقوال الأئمة في اتباع السنة وترك أقوالهم المخالفة لها

- ‌المقصود بالكراهة في كلام السلف

- ‌ما هو التصوف

- ‌تلبيس الشيطان على الصوفية:

- ‌كيف تجادل صوفيًا

- ‌أولًا: البداية في النقاش بمنهج التلقي وإثبات الدين

- ‌ثانيًا: تبيِّن للصوفي المفاهيم الآتية:

- ‌ثالثًا: التدرج في مناقشة أخطائه حسب خطورتها على العقيدة

- ‌رابعًا: الرد على الشبهات التي يستدل بها:

- ‌خامسًا: عليك بالرفق والمجادلة بالتي هي أحسن

- ‌أولا: الدعاء والذبح والنذر والاستغاثة بغير الله

- ‌الرد على الشبهات من طريقين: مجمل، ومفصل

- ‌أما المجمل

- ‌وأما الجواب المفصل:

- ‌الشبهة الأولى: قولهم: نحن لا نشرك بالله، ونشهد أنه لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضر إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، ولكننا مذنبون، والصالحون لهم جاه عند الله، ونطلب من الله بهم

- ‌الشبهة الثانية: قولهم: إن الآيات التي ذكرتها نزلت فيمن يعبد الأصنام، وهؤلاء الأولياء ليسوا بأصنام

- ‌الشبهة الثالثة: قولهم: الكفار يريدون من الأصنام أن ينفعوهم أو يضروهم

- ‌الشبهة الرابعة: قولهم: نحن لا نعبد إلا الله، وهذا الالتجاء إلى الصالحين ودعاؤهم ليس بعبادة

- ‌الشبهة الخامسة: قولهم: أنتم تنكرون شفاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌الشبهة السادسة: قولهم: إن الله أعطى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الشفاعة، ونحن نطلبه مما أعطاه الله

- ‌الشبهة السابعة: قولهم: نحن لا نشرك بالله شيئًا ولكن الالتجاء إلى الصالحين ليس بشرك. فالشرك عبادة الأصنام ونحن لا نعبد الأصنام

- ‌الشبهة الثامنة: قولهم: إن الذين نزل فيهم القرآن لا يشهدون أن لا إله إلا الله، ويكذبون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌الشبهة التاسعة: قولهم: في قول بني إسرائيل لموسى {اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} وقول بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط» إن الصحابة وبني إسرائيل لم يكفروا

- ‌الشبهة العاشرة: قولهم: إن الناس يوم القيامة يستغيثون بآدم، ثم بنوح، ثم إبراهيم، ثم بموسى، ثم بعيسى

- ‌الشبهة الحادية عشرة: قولهم: أن في قصة إبراهيم عليه السلام لما أُلقِي في النار اعترض له جبريل في الهواء فقال: ألك حاجة؟ فقال إبراهيم: أما إليك فلا، دليل على أنه لو كانت الاستغاثة بجبريل شركًا لم يعرضها على إبراهيم

- ‌الشبهة الثانية عشرة: قال بعض أهل البدع الذين يَدْعُون أهل القبور: كيف تقولون: الميت لا ينفع وقد نفعنا موسى عليه السلام حيث كان السبب في تخفيف الصلاة من خمسين إلى خمس

- ‌الشبهة الثالثة عشرة:

- ‌الشبهة الرابعة عشرة: قالوا: من الأدلة على جواز دعاء الصالحين وندائهم، ما ذكره الله عز وجل عن نبيه سليمان عليه السلام وقوله لآصف بن برخيا وقد طلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله

- ‌ثانيًا: الرد على من زعم رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقظة بعد موته

- ‌أقوال بعض أهل العلم في هذه المسألة:

- ‌الرد على الشبهات

- ‌ثالثًا: الرد على من زعم أن الأنبياء والأولياء يتصرفون في الكون

- ‌بعض الأدلة التي تثبت بقاء الأجساد في القبور

- ‌بعض الأدلة التي تثبت أن أرواح الشهداء والصالحين تتنعم في الجنة وتتمنى الرجوع إلى الدنيا لفعل الخيرات ولكن تمنع من ذلك:

- ‌هل الأموات يسمعون

- ‌رابعًا: الرد على شبهات من زعم جواز التوسل بالمخلوقين فى الدعاء، وطلب الشفاعة منهم بعد وفاتهم

- ‌ التوسل المشروع:

- ‌ التوسل غير المشروع له ثلاث مراتب:

- ‌دفع توهم:

- ‌الرد على الشبهات

- ‌الشبهة الأولى: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}

- ‌الشبهة الثانية: قوله سبحانه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}

- ‌الشبهة الثالثة: قوله تبارك وتعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا}

- ‌الشبهة الرابعة: حديث استسقاء عمر بالعباس رضي الله عنهما

- ‌الشبهة الخامسة: حديث الضرير:

- ‌الشبهة السادسة: الأحاديث الضعيفة في التوسل:

- ‌بيان كذب قصة أبي جعفر المنصور مع الإمام مالك عند الحجرة النبوية:

- ‌الشبهة السابعة: أثران ضعيفان:

- ‌الشبهة الثامنة: قياس الخالق على المخلوقين:

- ‌الشبهة التاسعة: هل هناك مانع من التوسل المبتدع على وجه الإباحة لا الاستحباب؟ يقولون: ما المانع منه إذا فعلناه على طريق الإباحة؛ لأنه لم يأتِ نهْي عنه

- ‌الشبهة العاشرة: قياس التوسل بالذات على التوسل بالعمل الصالح:

- ‌الشبهة الحادية عشرة: قياس التوسل بذات النبي صلى الله عليه وآله وسلم على التبرك بآثاره:

- ‌الشبهة الثانية عشرة: قد يقول الرجل لغيره: بحق الرحم

- ‌الشبهة الثالثة عشرة: الحكاية المنقولة عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه كان يقصد الدعاء عند قبر الإمام أبي حنيفة رحمه الله

- ‌خامسًا: اتخاذ القبور مساجد

- ‌أحاديث النهي عن اتخاذ القبور مساجد:

- ‌معنى اتخاذ القبور مساجد:

- ‌ النهي عن بناء المساجد على القبور يستلزم النهي عن الصلاة فيها

- ‌اتخاذ المساجد على القبور من الكبائر

- ‌الشبهة الأولى: قوله تعالى في سورة الكهف: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا}

- ‌الشبهة الثانية: كون قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مسجده الشريف، ولو كان ذلك لا يجوز لما دفنوه صلى الله عليه وآله وسلم في مسجده

- ‌الشبهة الثالثة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى في مسجد الخيف وقد ورد في الحديث أن فيه قبر سبعين نبياّ

- ‌الشبهة الرابعة: ما ذُكِر في بعض الكتب أن قبر إسماعيل عليه السلام وغيره في الحِجْر من المسجد الحرام، وهو أفضل مسجد يتحرى المصلى فيه

- ‌الشبهة الخامسة: بناء أبي جندل رضي الله عنه مسجدًا على قبر أبي بصير رضي الله عنه في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في (الاستيعاب) لابن عبد البر

- ‌الشبهة السادسة: زعم بعضهم أن المنع من اتخاذ القبورمساجد إنما كان لعلة خشية الافتتان بالمقبور، زالت برسوخ التوحيد في قلوب المؤمنين، فزال المنع

- ‌الشبهة السابعة: روى ثابت البناني عن أنس رضي الله عنه عنه قال: «كنت أصلي قريبًا من قبر، فرآني عمر بن الخطاب، فقال: القبر القبر. فرفعت بصري إلى السماء وأنا أحسبه يقول: القمر

- ‌سادسًا: شد الرحال لزيارة القبور

- ‌الشبهة الأولى: احتج بعض المتأخرين على جواز السفر لزيارة القبور بأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يزور مسجد قباء

- ‌الشبهة الثانية: أجابوا عن حديث «لا تشد الرحال» بأن ذلك محمول على نفى الاستحباب

- ‌الشبهة الثالثة: إن حديث (لا تُشَدّ الرحال الا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدى هذا)

- ‌سابعًا: الحلف بغير الله

- ‌الشبهة الأولى: قوله صلى الله عليه وآله وسلم لما سئل: أي الصدقة أفضل؟ فقال: «أما وأبيك لتنبأنه»، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أفلح وأبيه إن صدق» رواهما مسلم

- ‌الشبهة الثانية: إن الله أقسم ببعض المخلوقات! كقوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} (الشمس: 1) وقوله {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} (البلد: 1) وقوله {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} (الليل: 1) وما أشبه ذلك من المخلوقات التي أقسم الله بها

- ‌الشبهة الثالثة: إن الملائكة حلفت بحياة لوط عليه السلام فقالوا: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} (الحجر:72) فهو دليل على جواز حلف المخلوق بالمخلوق

- ‌ثامنا: إلحاق الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالأذان

- ‌الجواب:

- ‌تاسعًا: ذم ما عليه الصوفية من الغناء والرقص وضرب الدف وسماع المزامير ورفع الأصوات المنكرة بما يسمونه ذكرًا وتهليلا

- ‌شبهة: قول الله عز وجل: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}

- ‌شبهة: ما رُوِي عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم وَجَعْفَرٌ وَزَيْدٌ، فَقَالَ لِزَيْدٍ: «أَنْتَ مَوْلَايَ» فَحَجَلَ، وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: «أَنْتَ أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي»، فَحَجَلَ وَرَاءَ زَيْدٍ

- ‌الذكر الجماعي

- ‌ الاجتماع على الذكر غير الذكر الجماعي:

- ‌ استدلالهم بعموم الأحاديث الدالة على فضل الاجتماع على ذكر الله

- ‌ عن ابن جريج قال أخبرني عمرو أن أبا معبد مولى ابن عباس أخبره أن ابن عباس رضي الله عنهما أخبره أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة

- ‌عاشرًا: الخضر عليه السلام في الفكر الصوفي

- ‌الخضر في السنة:

- ‌حادي عشر: الكشف الصوفي

- ‌شبهة:

- ‌ثاني عشر: رأس الحسين رضي الله عنه

- ‌سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَة

- ‌أَجَابَ:

- ‌ثالث عشر: زعم الصوفية أنه لولا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ما خلق الله الخلق

- ‌الجواب:

- ‌رابع عشر: أبوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌الرد على الشبهات

- ‌خامس عشر: الاحتفال بالمولد النبوي

- ‌الرد على الشبهات:

- ‌سادس عشر: الموالد

- ‌أسئلة تنتظر الإجابة

- ‌سابع عشر: هل النبي صلى الله عليه وآله وسلم خلق من نور وهل هو أول مخلوقات الله

- ‌الرد على الشبهات

- ‌ثامن عشر: الأولياء والكرامات

- ‌الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان:

- ‌بعض الكراماتٌ من كتب الصوفية:

- ‌الأزهر يرد على الصوفيةقبسات من فتاوى دار الإفتاء المصرية

الفصل: ‌هل الأموات يسمعون

نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تُركوا» (رواه مسلم).

* يستفاد من هذا الحديث: أ- أن قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «أرواحهم في جوف طير» يدل على أنها ليست في الأجساد المدفونة في الأرض.

ب- أنهم سألوا ربهم أن ترد أرواحهم في أجسادهم، وهذا صريح في أنها قد فارقتها بالموت.

جـ - أنهم تمنَّوا الرجوع إلى الدنيا ليقاتلوا في سبيل الله لما رأوا من عظيم ثواب الشهادة، فمنعوا من ذلك، فقد انقطع التكليف وانقطع العمل وما بقي إلا الجزاء، فإذا لم يملكوا هم لأنفسهم نفعًا ولا حياة ولا تصرفًا، مع كرامتهم عند ربهم ووجاهتهم عنده، فكيف يملكون لغيرهم من الخلق جلب منفعة أو دفع مضرة؟!

فكيف يقال أن الأنبياء والصالحين يخرجون من قبورهم بأجسادهم لإنقاذ من يستغيث بهم؟!

‌هل الأموات يسمعون

الراجح في هذه المسألة هو أن الأصل في الأموات أنهم لا يسمعون إلا ما ورد الدليل بخصوصه مثل سماعهم لقرع النعال بعد وضع الميت في قبره، وكذلك سماع قتلى بدر من المشركين قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حيث إن الله أسمعهم صوت نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.

ومن أوضح الأدلة على عدم سماع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وغيره من الأموات كلام الأحياء قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «إن لله ملائكة سياحِين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام» . (رواه النسائي وصححه الألباني).

قال الشيخ الألباني رحمه الله في مقدمته لكتاب (الآيات البينات في عدم سماع الأموات) للعلامة الألوسي رحمه الله: «ووجه الاستدلال به أنه صريح في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يسمع سلام المسلمين عليه، إذ لو كان يسمعه بنفسه، لما كان بحاجة إلى من يبلغه إليه، كما هو ظاهر إن شاء الله.

وإذا كان الأمر كذلك، فبالأولى أنه صلى الله عليه وآله وسلم لا يسمع غير السلام من الكلام، وإذا كان كذلك فلأن لا يسمع السلامَ غيرُه من الموتى أولى وأحرى». ومن أراد التفصيل في هذه

ص: 64

المسألة فليرجع إلى كتاب الألوسي رحمه الله المشار إليه سابقًا.

رد بعض الشبهات حول هذا الموضوع:

1 -

قد يستدل البعض بمعجزات المسيح عليه السلام.وهذا الاستدلال باطل لأن إحياء الموتى ـ بإذن الله ـ من خصوصيات المسيح عليه السلام، وليس لغيره من البشر لا من الأنبياء ولا غيرهم، ومما يؤيد هذه الخصوصية دعاء إبراهيم عليه السلام:{رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} (البقرة:260).فإنه عليه السلام لو كان من شأنه إحياء الموتى لما دعا بمثل هذا الدعاء، وإذا انتفى كون إحياء الموتى من معجزات نبي آخر غير المسيح فانتفاؤه عمن دون الأنبياء من الأولياء والصالحين من باب أولى.

2 -

قد يستدل البعض أيضًا بقول الله تعالى: {فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (المؤمنون:14).

والجواب: أننا نثبت للمخلوق خلقًا، لكنه ليس كخلق الله تعالى. فخلق الله عز وجل إيجاد من العدم. وخلق المخلوق لا يكون إلا بالتغيير والتحويل والتصرف في شيء خلقه الله تعالى.

ومن ذلك ما جاء في (الصحيحين) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه يقال للمصورين يوم القيامة: «أحيوا ما خلقتم» . ومعلوم أن المصوِّر لم يوجِد شيئًا من العدم إنما حوَّل الطين، أو الحجر إلى صورة إنسان أو طير ـ بدون روح ـ، وحوَّل بالتلوين الرقعة البيضاء إلى ملونة، والطين والحجر والمواد والورق كلهم من خلق الله تعالى.

شبهة: رُوي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ووفاتي خير لكم تعرض عليَّ أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر استغفرتُ الله لكم» .

يستدل الصوفية بهذا الحديث على سماع الأموات وعلمهم بحال الأحياء بعد وفاتهم، من أجل ترويج عقائدهم الفاسدة في جواز الطلب والاستمداد من القبور ومن يدفن فيها من الصالحين والأولياء، واستدلالهم هذا باطل عقلًا ونقلًا.

أولًا: تخريج الحديث: أخرجه البزار في مسنده 9/ 24 حديث رقم 1925، وقال: وهذا الحديث آخره لا نعلمه يروى عن عبد الله إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد. وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده (2/ 884) حديث رقم: (953) وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (2/ 194) وأخرجه الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب (1/ 184).

ثانيا: حكم علماء الحديث عليه: قال الحافظ العراقي في كتابه (طرح التثريب)(3/ 297): «إسناده جيد» ، ولكنه فصَّل في كتابة (المغني عن حمل الأسفار) (2/ 1051) حديث رقم:(3810) فقال: أخرجه البزار من حديث عبد الله بن مسعود ورجاله رجال الصحيح، إلا أن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي داود وإن أخرج له مسلم ووثقه ابن معين والنسائي فقد ضعفه كثيرون، ورواه الحارث ابن أبي أسامة في مسنده من حديث أنس بنحوه بإسناد ضعيف.

ومن المعلوم أن هذا التعارض في قولي الحافظ العراقي رحمه الله سببه أن كلامه في طرح التثريب ـ وهو كتاب فقه ـ كلام مجمل، وأن كلامه في كتابه المعني ـ وهو كتاب تخريج وحكم على الحديث ـ كلام تفصيل وبيان لسبب الضعف، فعلم أن في مثل هذه الحالة يقدم قول التفصيل في كتاب خص للحكم على الحديث.

وممن حكم على الحديث بالضعف، العجلوني فقال: بأنه مرسل، كما في كتابه (كشف الخفاء 1/ 442)(حديث رقم 1178)، وكذلك ضعفه ابن القيسراني في كتابه (معرفة التذكرة 3/ 1250)(حديث رقم 2694).

لمزيد من الفائدة انظر كتاب (الكامل في ضعفاء الرجال) لابن عدي (3/ 75)(ترجمة رقم 622) وكتاب (ميزان الاعتدال) للإمام الذهبي (2/ 438)(ترجمة رقم 2503) وكتاب (لسان الميزان) للحافظ ابن حجر) (2/ 395)(ترجمة رقم 1620)

* هذا الحديث ضعفه الألباني في (السلسلة الضعيفة والموضوعة)(2/ 404) وحكم عليه بالشذوذ؛ لتفرد عبد المجيد بن عبد العزيز به لاسيما وهو متكلم فيه من قبل حفظه مع أنه من رجال مسلم وقد وثّقه جماعة وضعفه آخرون، فقال الخليلي: «ثقة

ص: 65

لكنه أخطأ في أحاديث وقال النسائي: «ليس بالقوي يُكتب حديثه» . وقال ابن عبد البر: «روَى عن مالك أحاديث أخطأ فيها» . وقال ابن حبان في (المجروحين)(2/ 152): «منكر الحديث جدًا يقلب الأخبار ويروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك» .

قال الألباني: «ولهذا قال فيه الحافظ في (التقريب): «صدوق يخطىء» . وإذا عرفت ما تقدم فقول الحافظ الهيثمي في (المجمع)(6/ 24): «رواه البزار ورجاله رجال الصحيح» .فهو يوهم أنه ليس فيه من هو متكلم فيه! ولعل السيوطي اغتر بهذا حين قال في (الخصائص الكبرى)(2/ 281): «سنده صحيح» .ولهذا فإني أقول: «إن الحافظ العراقي - شيخ الهيثمي - كان أدق في التعبير عن حقيقة إسناد البزار حين قال عنه في (تخريج الإحياء)(4/ 128): «ورجاله رجال الصحيح

إلا أن عبد المجيد بن أبي رواد وإن أخرج له مسلم ووثقه ابن معين والنسائي فقد ضعفه بعضهم، ومخالفة عبد المجيد للثقات هي علة الحديث» اهـ كلام الألباني بتصرف.

* راجع ما تقدم ـ في باب الدعاء والذبح والنذر والاستغاثة بغير الله، الشبهة الثالثة عشرة ـ من أن قولهم:«رجاله رجال الصحيح» أو «رجاله ثقات» ،ليس تصحيحا للحديث.

* والكذب أسوأ من الاستدلال بالأحاديث الضعيفة، فقد كذب داعية التصوف علي الجفري فعزى هذا الحديث إلى مستدرك الحاكم على الصحيحين، ليوهم مستمعيه بأن الحديث صحيح، وبكل جرأة قال:«إن الحديث رواه الحاكم في المستدرك بإسناد حسن» ، والحديث غير موجود في هذا الكتاب نهائيًا، لا حسنًا ولا ضعيفًا ولا موضوعًا.

* لو ثبت هذا الحديث لم يكن فيه ما ادعاه الصوفية من جواز التوسل بعموم استغفار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأمته؛ لأنَّ دعاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حياته لأمته وسؤاله الله لهم أبلغ وأقطع من استغفاره بعد موته ـ إن ثبت ـ وهذا السبب الذي كان موجودًا في حياته هو عين السبب الذي علق الحكم بعد مماته؛ فلما لم يشرع هذا العمل، وهو التوسل بالاستغفار العام مع القيام المقتضي له في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عُلم أنَّ إحداثه بدعة.

ص: 67

ويؤيد هذا أنَّ خير القرون ثم الذين يلونهم ثمَّ الذين يلونهم؛ لم يستعمل أحد منهم التوسل بهذا الطريق الذي اخترعه عشاق البدع، وهُجَّار السُنَن.

* واعلم أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يُعرض عليه من أعمالنا شيءٌ؛ باستثناء السلام والصلاة عليه. قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أُمتي السلام» رواه النسائي وصححه الألباني، وقال صلى الله عليه وآله وسلم:«صلوا عليَّ فإنَّ صلاتكم تبلغني حيثُ كنتم» رواه أبوداود صححه الألباني.

وقد ورد في الأحاديث الصحيحة ما يبين بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يعلم من أعمال أُمَّته شيئاً بعد وفاته. فهذا الحديث الضعيف فيه لفظة (تعرض عليَّ أعمالكم) وهي تخالف الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول، وهو بين ظهراني أصحابه:«إني على الحوض. أنتظر من يَرِدُ عليَّ منكم. والله ليقتطعن دوني رجال. فلأقولَنَّ: أي رب! مني ومن أمتي. فيقول: إنك لا تدري ما عملوا بعدك. ما زالوا يرجعون على أعقابهم» .

فإذا كانت أعمال أمته تُعرض عليه ـ كما في الحديث الضعيف الذي يستدلون به ـ فكيف لا يدري ما أحدثوا بعده؟ فهذا يدلُّ على عدم علم النَّبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم بما يحدث في أُمته من بعده، وهذا يدلُّ على بطلان الحديث المتقدم ـ لو صحَّ سنده ـ فكيف والسند ضعيف!!.

ص: 68