الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثامنا: إلحاق الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالأذان
قال الصوفية: أنتم لا تصلون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الأذان وتنهون المؤذنين عن رفع الصلوات على المنائر وتقولون إن ما يفعله المؤذنين بدعة. مع أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» .رواه مسلم.
الجواب:
أولًا: هذا أمر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالصلاة عليه بعد الأذان، وهذا عام يشمل المؤذن وغيره.
ثانيًا: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم «إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ» وكلمة (ثم) فيها دليل على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليست من ألفاظ الأذان؛ لأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تكون بعد ترديد مايقوله المؤذن، فدل ذلك على أن المؤذن لا يَقُولها.
ثالثًا: إن أتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم هم أكثر الناس صلاة علىه صلى الله عليه وآله وسلم وأكثرهم التزامًا بأمره ونهيه وطاعته صلى الله عليه وآله وسلم.فهل كان بلال أو ابن أم مكتوم وكل من أذن للرسول صلى الله عليه وآله وسلم و رضي الله عنهم يفعلون ما يفعله بعض المؤذنين في هذا الزمان من رفع الصوت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الأذان؟ وهل فُعِل ذلك في عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم الذين أُمِرْنا بالاقتداء بسنتهم وكذلك في عهد الأئمة الأربعة وأتباع التابعين أو أحد القرون الثلاثة المفضلة؟ اللهم لا.
ومن قال بخلاف هذا فقد افترى على الإسلام ودعاته الأوائل.
رابعًا: هل يوجد في صفة الأذان في أي كتاب من كتب الفقه والحديث المعتمدة ما أحدثه المؤذنون من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المنائر بعد الأذان؟ اللهم إنه لا يوجد حتى في كتب الفقهاء المتأخرين.
قال صلى الله عليه وآله وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (متفق عليه). وكل بدعة في الدين ضلالة في النار. فكل ما لم يرد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا خلفائه الراشدين فعله فهو مردود على صاحبه كائنًا من كان. ولا توجد بدعة حسنة وأخرى سيئة في الإسلام.
قال الشيخ سيد سابق في (فقه السنة): «الأذان عبادة ومدار الأمر في العبادات على الاتباع فلا يجوز لنا أن نزيد شيئا أو ننقص شيئًا في ديننا. وفي الحديث الصحيح: «من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد» أي باطل.
ونحن نشير هنا إلى أشياء غير مشروعة درج عليها الكثير حتى خيل للبعض أنها من الدين وليست منه، من ذلك:
(1)
قول المؤذن حين الأذان أو الإقامة: أشهد أن سيدنا محمدًا رسول الله. قال الحافظ ابن حجر: «إنه لا يزاد ذلك في الكلمات المأثورة» .
(2)
قال العجلوني في (كشف الخفا): مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين بعد تقبيلها عند سماع قول المؤذن أشهد أن محمدًا رسول الله مع قوله: أشهد أن محمدًا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبيًا. (رواه الديلمي عن أبي بكر رضي الله عنه)،قال في (المقاصد):«لا يصح» .
(3)
التغني في الأذان واللحن فيه بزيادة حرف أو حركة أو مد مكروه. فإن أدى إلى تغيير معنى أو إبهام محذور فهو محرم.
(4)
التسبيح قبل الفجر والنشيد ورفع الصوت، وقبل الجمعة والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس من الأذان لا لغةً ولا شرعًا، قاله الحافظ في (الفتح).
(5)
الجهر بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عقب الأذان غير مشروع بل هو محدث مكروه. قال ابن حجر في (الفتاوى الكبرى): «الأصل سنة والكيفية بدعة» .
أما الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعرف الناس بها وإليك بعض فضائلها من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم:
(1)
قال تعالى: {إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (الأحزاب:56)
(2)
عن أبي العالية: «صلاة الله تعالى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثناؤه عليه عند الملائكة» . رواه البخاري.
(3)
قال ابن كثير: جمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعا.
(4)
عن عبد الله بن عمروا بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «من صلى على صلاة صلى الله عليه بها عشرًا» رواه مسلم.
(5)
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا تجعلوا قبري عيدًا وصلوا على فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم» رواه أبو داود وصححه الألباني.
وهناك الكثير من الأحاديث الصحيحة في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.لهذا جمهور الفقهاء على وجوب الصلاة كلما ذكر اسمه الشريف واستحبوا كتابة الصلاة والسلام عليه كلما ذكر اسمه.