الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذكر الجماعي
1 -
الذكر عبادة والعبادات توقيفية لا مجال للابتداع فيها أو للاستحسان، فلا يجوز التقرب إلى الله بتشريع شيء لم يشرعه. عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: «اللهم إني أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيّك الذي أرسلت» ، فإن مُتَّ من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم به»، قال: فرددتهُا على النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغتُ «آمنت بكتابك الذي أنزلت» قلتُ: «ورسولك» ! قال: «لا، ونبيّك الذي أرسلت» رواه البخاري ومسلم، قال الحافظ ابن حجر: «ألفاظ الأذكار توقيفية في تعيين اللفظ وتقدير الثواب. (فتح الباري شرح حديث:247)
قال الشيخ الألباني: «فيه ـ أي في هذا الحديث ـ تنبيه قوي على أن الأوراد والأذكار توقيفية وأنه لا يجوز التصرف فيها بزيادة أو نقص، ولو بتغيير لفظ لا يفسد المعنى، فإن لفظ «الرسول» أعم من لفظة «النبي» ومع ذلك رده النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أن البراء رضي الله عنه قاله سهواً لم يتعمده! فأين منه أولئك المبتدعة الذين لا يتحرجون من أي زيادة في الذكر أو نقص منه؟» (صحيح الترغيب والترهيب، التعليق على حديث رقم (602).
وقال الإمام النووي: «
…
واختار المازري أن سبب الإنكار أن هذا ذكر ودعاء، فينبغي فيه الاقتصار على اللفظ الوارد بحروفه». (شرح صحيح مسلم: حديث 2710)
2 -
الذكر من أفضل العبادات، وهو مأمور به شرعاً كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} (الأحزاب: 41، 42).
فالمسلم مطالب بذكر الله تعالى في كل وقت بقلبه ولسانه وجوارحه، لكن ينبغي للمسلم أن يكون في ذكره لله تعالى ملتزماً بحدود الشريعة ونصوصها وهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لأن الاتباع شرط لصحة العمل.
3 -
الذكر الجماعي: هو ما يفعله بعض الناس من الاجتماع في أدبار الصلوات
المكتوبة أو في غيرها من الأوقات والأحوال ليرددوا بصوت جماعي أذكاراً وأدعية وأوراداً وراء شخص معين، أو دون قائد، لكنهم يأتون بهذه الأذكار في صيغة جماعية وبصوت واحد.
4 -
الذكر الجماعي لم يأمر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا حث عليه، ولو أمر به أو حث عليه لنُقل ذلك؛ وكذلك لم ينقل عنه الاجتماع للدعاء بعد الصلاة مع أصحابه.
5 -
إنكار الصحابة: روى الدارمي في سننه بسند صحيح (باب 23، باب في كراهية أخذ الرأي): أخبرنا الحكم بن المبارك أخبرنا عمر بن يحيى بن عمرو بن سلمة قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه قال: «كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال: أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد؟ قلنا: لا. فجلس معنا حتى خرج فلما خرج قمنا إليه جميعا فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد آنفًا أمرا أنكرتُه ولم أر والحمد لله إلا خيرًا. قال: فما هو؟ فقال: إن عشتَ فستراه. قال: رأيتُ في المسجد قوماً حِلَقا جلوساً ينتظرون الصلاة في كل حلقة رجُل وفي أيديهم حصا فيقول: كبروا مائة فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة، فيسبحون مائة. قال: فماذا قلتَ لهم؟ قال: ما قلتُ لهم شيئاً انتظار رأيك أو انتظار أمرك. قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم. ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الله حصا نعد به التكبير والتهليل والتسبيح. قال: فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم متوافرون وهذه ثيابه لم تَبْلَ وآنيته لم تُكسر. والذي نفسي بيده إنكم لعلي ملة هي أهدي من ملة محمد أو مفتتحوا باب ضلالة. قالوا: «والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير» . قال: «وكم من مريد للخير لن يصيبه، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حدثنا أن قوما يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وايم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم. ثم تولى عنهم فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج» .