الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد بيَّن عز وجل صفاته صلى الله عليه وسلم الكاملة في التوراة والإنجيل، فقال عز وجل:{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} (1).
ومع هذه الأوصاف العظيمة التي كانوا يعرفونها مكتوبة عندهم، أنكروا نبوته صلى الله عليه وسلم، وكتموا ما علموه (2).
النوع الثالث: إخفاء الحق:
الإخفاء قريب من الكتمان (3)، وقد كان أهل الكتاب يخفون من أحكام التوراة الشيء الكثير، قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُوا عَن كَثِيرٍ
(1) سورة الأعراف، الآيتان: 156 - 157.
(2)
انظر الأمثلة من نصوص التوراة التي بينت صفات النبي صلى الله عليه وسلم واضحة جلية، ولكن اليهود كتموا ذلك، في: الملل والأهواء والنحل لابن حزم،1/ 201 - 329، والجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، 3/ 299 - 332، وهداية الحيارى لابن القيم، ص522 - 580، وإغاثة اللهفان لابن القيم، 2/ 351 - 363، وإظهار الحق لرحمة الله الهندي، 1/ 335 - 508.
(3)
انظر: هداية الحيارى لابن القيم، ص524، ويمكن أن يقال الفرق بين الكتمان والإخفاء: بأن الكتمان هو ما كتموه من أوصاف النبي وأمته حقداً وكراهة، والإخفاء هو إخفاء كل ما فيه خزي لهم ومخالفة، والله أعلم. انظر: التوراة دراسة وتحليل لمحمد شلبي، ص80.
قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ} (1).
ومن الأحكام التي أخفاها اليهود حكم رجم الزاني المحصن، فقد جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم برجل وامرأة قد زنيا، فقال لهم:((كيف تفعلون بمن زنى منكم؟)). قالوا: نُحَمِّمهما ونضربهما. فقال: ((لا تجدون في التوراة الرجم؟)) فقالوا: لا نجد فيها شيئاً. فقال لهم عبد اللَّه بن سلام: كذبتم، فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين، فوضع مدراسها الذي يدرسها منكم كفه على آية الرجم، فطفق يقرأ ما دون يده وما وراءها، ولا يقرأ آية الرجم، فنزع يده (2) عن آية الرجم، فقال: ما هذه؟ فلما رأوا ذلك قالوا: هي آية الرجم، فأمر بهما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرجما
…
الحديث (3).
ولهذا قال سبحانه: {يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ} إلى قوله: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} (4)، وقال: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ
(1) سورة المائدة، الآية:15.
(2)
وفي رواية أخرى للبخاري: قال عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده، فإذا فيها آية الرجم. انظر: البخاري مع الفتح، 2/ 166.
(3)
البخاري مع الفتح، كتاب التفسير، سورة آل عمران، باب:{قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} ، 8/ 224، (رقم 4556)، 12/ 166، 13/ 516.
(4)
سورة المائدة، الآيات: 41 - 43.