الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على قدر ما يرى في ذلك من المصلحة (1)، واللَّه عز وجل {
…
وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (2)، وهو سبحانه لا يفعل شيئاً إلا لحكمة بالغة، فهو يُحيي ثم يُميت ثم يُحيي، وينقل الدولة من قوم أعزّة إلى قوم أذلّة، ومن قوم أذلة إلى أعزة، ويُعطي من شاء ما شاء، ويمنع من شاء (3){لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (4).
3 -
يلزم من يقول بوقوع النسخ سمعاً وجوازه عقلاً أنهم ما داموا يجوزون أن يأمر الشارع عباده بأمر مؤقت ينتهي بانتهاء وقته، وقد وقع ذلك سمعاً فليجوزوا نسخ الشريعة الإسلامية للأديان السابقة (5).
ثانياً: الأدلة النقلية السمعية
، وهي نوعان:
النوع الأول: ما تقوم به الحجة على منكري النسخ
من اليهود والنصارى الذين لم يعترفوا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
(1) انظر: الداعي إلى الإسلام، لكمال الدين عبد الرحمن بن محمد الأنباري النحوي المتوفى سنة 577هـ، ص319، ومناهل العرفان للزرقاني، 2/ 83.
(2)
سورة الروم، الآية:27.
(3)
انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل، 1/ 180.
(4)
سورة الأنبياء، الآية:23.
(5)
انظر: مناهل العرفان، 2/ 86.
النوع الثاني: ما تقوم به الحجة على من آمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ولكنهم قالوا: إنها خاصة بالعرب (1).
النوع الأول: تقوم الحجة على من أنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم مطلقاً بالأدلة الواردة في التوراة والإنجيل، والداعية المسلم إذ يُورد الأدلة من كتبهم لا يعتقد أن هذه النصوص كما أُنزلت، بل يحتمل أن تكون مما وقع عليه التحريف والتغيير؛ فإن اليهود والنصارى قد غيَّروا وبدَّلوا كثيراً من كتبهم، ولكن المسلم يقيم الحجة عليهم بما بين أيديهم من التوراة والإنجيل (2)، لا لثبوتها ولكن لإلزامهم بالتسليم، أو يعترفوا بالتحريف، ومن ذلك ما يلي:
1 -
جاء في التوراة: إن اللَّه - تعالى - أمر آدم أن يزوج بناته من
(1) انظر: درء تعارض العقل والنقل، لابن تيمية، 7/ 27.
(2)
تنقسم أخبار اليهود والنصارى إلى ثلاثة أقسام:
(أ) ما علم صحته بنقله عن النبي صلى الله عليه وسلم نقلاً صحيحاً أو كان له شاهد صحيح من الشرع يؤيده، فهذا القسم صحيح مقبول.
(ب) ما علم كذبه لكونه يناقض ما عرف من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، أو لا يتفق مع العقل الصحيح، وهذا القسم لا يصح قبوله ولا روايته.
(ج) ما هو مسكوت عنه، وليس من النوع الأول ولا الثاني، وهذا القسم يتوقف عنه المسلم فلا يصدقه ولا يكذبه، ويجوز حكايته، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا بالله وما أنزل
…
"، البخاري مع الفتح، 8/ 170، (رقم 4485)، 13/ 116، وقوله صلى الله عليه وسلم: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج
…
" في البخاري مع الفتح، 6/ 496، (رقم 3461)، وانظر: التفسير والمفسرون للذهبي، 1/ 179.
بنيه، وورد أنه كان يولد له في كل بطن من البطون ذكر وأنثى، فكان يزوج توأمة هذا للآخر، ويزوج توأمة الآخر لهذا، إقامة لاختلاف البطون مقام اختلاف الآباء والأمهات والأنساب، ثم حرَّم اللَّه ذلك بإجماع المتدينين من المسلمين واليهود والنصارى (1).
2 -
جاء في السفر الأول من التوراة: إن اللَّه - تعالى - قال لنوح عند خروجه من السفينة: ((إني جعلت كل دابة مأكلاً لك ولذريتك، وأطلقت ذلك لكم كنبات العشب، ما خلا الدم فلا تأكلوه))، ثم اعترفوا بعد ذلك بأن اللَّه حرَّم كثيراً على أصحاب الشرائع، من ذلك الخنزير في شريعة موسى، وهذا عين النسخ (2).
3 -
أمر اللَّه إبراهيم صلى الله عليه وسلم بذبح ولده، ثم نسخ هذا الحكم قبل العمل به، وقد أقرّ منكرو النسخ بذلك (3).
4 -
الجمع بين الأختين كان مباحاً في شريعة يعقوب صلى الله عليه وسلم، ثم حُرِّم في شريعة موسى صلى الله عليه وسلم (4).
5 -
أمر اللَّه - تعالى - من عَبَدَ العجلَ من بني إسرائيل أن
(1) انظر: تفسير ابن كثير، 1/ 152، 383، ومناهل العرفان للزرقاني، 2/ 87، وإظهار الحق، لرحمة الله الهندي، 1/ 513.
(2)
انظر: تفسير ابن كثير، 1/ 152، 383، ومناهل العرفان، 2/ 87، وإظهار الحق، 1/ 515.
(3)
انظر: تفسير ابن كثير، 1/ 152، 383، ومناهل العرفان، 2/ 87، وإظهار الحق، 1/ 315.
(4)
انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم، 1/ 181، والداعي إلى الإسلام للأنباري، ص324، وابن كثير، 1/ 152، 383، ومناهل العرفان، 2/ 88، وإظهار الحق، 1/ 515.