الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجرك مرتين، فإن توليتَ فإن عليك إثم الأريسيين (1)، و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَاّ نَعْبُدَ إِلَاّ اللَّهَ} إلى قوله:{اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (2).
وعلى أساس دعوة أهل الكتاب بالجدال بالتي هي أحسن القول الحكيم، فسأتحدث عن ذلك بإذن اللَّه - تعالى - في المباحث الآتية:
المبحث الأول: حكمة القول مع اليهود
.
المبحث الثاني: حكمة القول مع النصارى.
المبحث الثالث: البراهين على إثبات الرسالة المحمدية وعمومها.
المبحث الأول: حكمة القول مع اليهود
من حكمة القول مع اليهود في دعوتهم إلى اللَّه عز وجل أن يسلك معهم الداعية المسلم المسالك الآتية:
المسلك الأول: الأدلة العقلية والنقلية على نسخ الإسلام لجميع الشرائع.
(1) الأريسيين: أي إثم الفلاحين، والمعنى: فإن لم تدخل في الإسلام فإن عليك إثمك وإثمهم إذا لم يسلموا تقليداً لك. انظر: فتح الباري، 1/ 39.
(2)
البخاري مع الفتح واللفظ له، كتاب التفسير، باب: قل يا أهل الكتاب
…
، 8/ 215، (رقم 4553)، وكتاب بدء الوحي، باب حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع، 1/ 32، (رقم 7)، ومسلم في كتاب الجهاد، باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام، 3/ 1396، (رقم 1773).
المسلك الثاني: الأدلة القطعية على وقوع التحريف والتبديل في التوراة.
المسلك الثالث: إثبات اعتراف المنصفين من علماء اليهود.
المسلك الرابع: الأدلة على ثبات رسالة عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام.
المسلك الأول: الأدلة العقلية والنقلية على نسخ (1) الإسلام لجميع الشرائع:
دعوة الرسل - عليهم الصلاة والسلام - إلى توحيد اللَّه تعالى دعوة واحدة، فقد اتفقوا جميعاً على دعوة الناس إلى إفراد اللَّه بالعبادة، لا إله إلا هو، ولا ربّ سواهُ، قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} (2)، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَاْ فَاعْبُدُونِ} (3).
فأصل دين الأنبياء صلى اللَّه عليهم وسلم واحد، وهو التوحيد، وإن اختلفت فروع الشرائع (4)، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:((أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لعلات (5)،
(1) النسخ في اللغة: الإزالة، وفي الاصطلاح: رفع حكم شرعي بدليل شرعي متأخر عنه. انظر: تفسير ابن كثير، 1/ 150، ومناهل العرفان، 2/ 71.
(2)
سورة النحل، الآية:36.
(3)
سورة الأنبياء، الآية:25.
(4)
انظر: فتح الباري، 6/ 489.
(5)
أولاد العلات: الإخوة من أب وأمهاتهم شتى. (الضرائر). فتح الباري، 6/ 489.
أمهاتهم شتى ودينهم واحد، [وليس بيني وبين عيسى نبي])) (1).
ثم ختم اللَّه - تعالى - الشرائع كلها بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، فأرسله اللَّه إلى جميع الثقلين: من إنس وجن، ونسخت شريعته جميع الشرائع السابقة، {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (2).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة: يهودي أو نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلت به إلا كان من أصحاب النار)) (3).
واللَّه - تعالى - حكيم عليم {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (4)، ولا غرابة في أن يرفع شرع بآخر مراعاة لمصلحة العباد عن علم سابق من علام الغيوب تبارك وتعالى، ولكن اليهود والنصارى (5) أنكروا نسخ الشريعة الإسلامية لجميع الشرائع
(1) البخاري مع الفتح، كتاب الأنبياء، باب قول الله - تعالى- {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ
…
}، 6/ 477 (رقم 3442)، ومسلم، كتاب الفضائل، باب فضائل عيسى صلى الله عليه وسلم، 4/ 1837، (رقم 2365)، وما بين المعقوفين من البخاري، 6/ 478، ومسلم، 4/ 1837.
(2)
سورة آل عمران، الآية:85.
(3)
مسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس ونسخ الملل بملته، 1/ 134، (رقم 153).
(4)
سورة الأنبياء، الآية:23.
(5)
لتداخل أقوال النصارى مع اليهود في النسخ، فسأذكر الرد عليهم جميعاً في هذا المسلك - إن شاء الله تعالى -.