المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2 - النصارى تلقوا عقيدة التثليث عن أصحاب المجامع: - كيفية دعوة أهل الكتاب إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: حكمة القول مع اليهود

- ‌أولاً: الأدلة العقلية:

- ‌ثانياً: الأدلة النقلية السمعية

- ‌النوع الأول: ما تقوم به الحجة على منكري النسخ

- ‌النوع الثاني: تقوم الحجة به على من آمن بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم واعترف بها

- ‌المسلك الثاني: الأدلة القطعية على وقوع التحريف والتبديل في التوراة:

- ‌النوع الأول: إلباس الحق بالباطل:

- ‌النوع الثاني: كتمان الحق:

- ‌النوع الثالث: إخفاء الحق:

- ‌النوع الرابع: ليُّ اللسان:

- ‌النوع الخامس: تحريف الكلام عن مواضعه:

- ‌1 - تحريف التبديل:

- ‌2 - تحريف بالزيادة:

- ‌3 - تحريف بالنقص:

- ‌4 - تحريف المعنى:

- ‌المسلك الثالث: إثبات اعتراف المنصفين من علماء اليهود:

- ‌1 - عبد اللَّه بن سلام رضي الله عنه وأرضاه:

- ‌2 - زيد بن سعنة، أحد أحبار اليهود

- ‌3 - من أسلم عند الموت:

- ‌المسلك الرابع: الأدلة على إثبات رسالة عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام:

- ‌(أ) البراهين والبينات على صدق نبوة عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم

- ‌(ب) الحُججُ والبراهين على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثاني: حكمة القول مع النصارى

- ‌المسلك الأول: إبطال عقيدة التثليث وإثبات الوحدانية للَّه تعالى

- ‌1 - التوحيد دين الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - وأتباعهم:

- ‌2 - النصارى تلقوا عقيدة التثليث عن أصحاب المجامع:

- ‌3 - بطلان كون الثلاثة إله واحد:

- ‌أولاً: لم خصصتم الأقانيم الثلاثة؟ فإنه قد ثبت أنه: موجود، حي عليم، قادر

- ‌ثانياً: قولكم: الأبُ الذي هو ابتداء الاثنين

- ‌ثالثاً: قولكم في النطق: إنه الابن، وإنه مولود من اللَّه - تعالى

- ‌رابعاً: إن تسمية حياة اللَّه: روح القدس، لم ينطق به شيء من كتب اللَّه المنزلة

- ‌خامساً: إنكم تدعون أن المتجسد بالمسيح هو الكلمة، الذي هو العلم

- ‌سادساً: العلم صفة، والصفة لا تَخلُق ولا تَرزُقُ، والمسيح نفسه ليس هو صفة قائمة

- ‌سابعاً: مما لا يَشكُّ في صحته عاقل: أن عقيدة التثليث باطلة مردودة

- ‌1 - الإيمان بكلام الأنبياء وبطلان دينهم (عقيدة التثليث)

- ‌2 - تصحيح دينهم وتكذيب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌4 - إبطال عقيدة التثليث بما في كتب النصارى:

- ‌5 - إبطال القرآن الكريم لعقيدة التثليث:

- ‌المسلك الثاني: الأدلة والبراهين القاطعة على بشرية عيسى وعبوديته للَّه:

- ‌المسلك الثالث: البراهين الدالة دلالة قطعية على إبطال قضية الصلب والقتل:

- ‌1 - الأدلة العقلية:

- ‌(أ) بما أنكم أجمعتم أيها النصارى على القول بالاتحاد والصلب والقتل

- ‌(ب) أنتم تزعمون أن المسيح قُتِلَ وصُلِب

- ‌1 - أن ناسوته لم يصلب وليس فيه لاهوتاً

- ‌2 - ذكركم ذلك دعوى مُجردة، فيكفي في مقابلتها المنع

- ‌(ج) إذا كان عيسى ابن اللَّه - تعالى - قديم الروح بزعمكم فكيف قدر اليهود على أن يقتلوا ابن اللَّه

- ‌2 - أخبار القتل والصلب مصدرها اليهود:

- ‌3 - تناقض الأناجيل في قضية الصلب:

- ‌4 - إبطال القرآن الكريم لقضية الصلب والقتل:

- ‌المسلك الرابع: البينات الواضحات على وقوع النسخ والتحريف في الأناجيل:

- ‌2 - الشواهد على التحريف من الأناجيل:

- ‌المسلك الخامس: إثبات اعتراف المنصفين من علماء النصارى:

- ‌1 - النجاشي ملك الحبشة رحمه الله و رضي الله عنه

- ‌2 - سلمان الفارسي رضي الله عنه وأرضاه:

- ‌3 - هرقل عظيم الروم:

- ‌المبحث الثالث: البراهين على إثبات الرسالة المحمدية وعمومها

- ‌المسلك الأول: معجزات القرآن العظيم:

- ‌المعجزة لغة:

- ‌الوجه الأول: الإعجاز البياني والبلاغي:

- ‌الوجه الثاني: الإخبار عن الغيوب:

- ‌النوع الأول: غيوب الماضي:

- ‌النوع الثاني: غيوب الحاضر:

- ‌النوع الثالث: غيوب المستقبل

- ‌الوجه الثالث: الإعجاز التشريعي:

- ‌المصلحة الأولى: درء المفاسد

- ‌المصلحة الثانية: جلب المصالح

- ‌المصلحة الثالثة: الجري على مكارم الأخلاق

- ‌الوجه الرابع: الإعجاز العلمي الحديث:

- ‌المسلك الثاني: معجزات النبي صلى الله عليه وسلم الحسية:

- ‌النوع الأول: المعجزات العلوية، ومنها:

- ‌1 - انشقاق القمر:

- ‌2 - صعوده صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج إلى ما فوق السموات:

- ‌النوع الثاني: آيات الجوّ:

- ‌1 - من هذه المعجزات طاعةُ السَّحاب له صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - ومن هذا النوع نصر اللَّه للنبي صلى الله عليه وسلم بالريح

- ‌النوع الثالث: تصرفه في الحيوان: الإنس، والجنّ والبهائم:

- ‌(أ) تصرفه في الإنس:

- ‌(ب) تصرفه في الجنّ والشياطين:

- ‌(ج) تصرفه في البهائم:

- ‌النوع الرابع: تأثيره في الأشجار والثمار والخشب:

- ‌(أ) تأثيره في الأشجار:

- ‌(ب) تأثيره في الثمار:

- ‌(ج) تأثيره في الخشب:

- ‌النوع الخامس: تأثيره في الجبال والأحجار وتسخيرها له:

- ‌(أ) تأثيره في الجبال:

- ‌(ب) تأثيره في الحجارة:

- ‌(ج) تأثيره في تراب الأرض:

- ‌النوع السادس: تفجير الماء، وزيادة الطعام والشراب والثمار:

- ‌(أ) نبع الماء وزيادة الشراب:

- ‌(ب) زيادة الطعام وتكثيره لما جعل اللَّه في النبي صلى الله عليه وسلم من البركة:

- ‌(ج) زيادة الثمار والحبوب:

- ‌النوع السابع: تأييد اللَّه له بالملائكة:

- ‌النوع الثامن: كفاية اللَّه له أعداءه وعصمته من الناس:

- ‌1 - كفاه اللَّه - تعالى - المشركين والمستهزئين

- ‌2 - كفاه اللَّه أهل الكتاب

- ‌3 - وعصمه تعالى من جميع الناس بقوله:

- ‌النوع التاسع: إجابة دعواته صلى الله عليه وسلم

- ‌1 - قال صلى الله عليه وسلم لأنس رضي الله عنه: ((اللَّهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيما أعطيته

- ‌2 - ودعا صلى الله عليه وسلم لأم أبي هريرة بالهداية فهداها اللَّه فوراً، وأسلمت

- ‌3 - وقال صلى الله عليه وسلم لعروة بن أبي الجعد البارقي: ((اللَّهم بارك له في صفقة يمينه))

- ‌4 - ودعاؤه صلى الله عليه وسلم على بعض أعدائه، فلم تتخلّف الإجابة

- ‌5 - ودعاؤه يوم بدر، ويوم حنين، وعلى سراقة بن مالك رضي الله عنه وغيره كثير

- ‌المسلك الثالث: عموم رسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌1 - إما أن يكون المخالِفُ مؤمناً بأنه مرسل من عند اللَّه؛ ولكنه يقول: رسالته خاصة بالعرب

- ‌2 - وإما أن يكون المخالف منكراً للرسالة جملةً وتفصيلاً

الفصل: ‌2 - النصارى تلقوا عقيدة التثليث عن أصحاب المجامع:

عليه الصلاة والسلام، إلى رفع عيسى صلى الله عليه وسلم.

وعقيدة التوحيد هي دين الأنبياء وأتباعهم، كما أن كتب العهد القديم عند أهل الكتاب ناطقة بأن اللَّه واحد، أزليٌّ، أبديٌّ، حيٌّ لا يموت، قادر يفعل ما يشاء، ليس كمثله شيء، لا في الذات ولا في الصفات، وعبادة غير اللَّه حرام، وحرمتها مصرحة في مواضع شتى، وهذا الأمر لشهرته وكثرته في تلك الكتب غير محتاج إلى نقل الشواهد (1).

‌2 - النصارى تلقوا عقيدة التثليث عن أصحاب المجامع:

إن المصادر النصرانية الموثوق فيها لا تملك سوى الإقرار بأن دعوة عيسى صلى الله عليه وسلم كانت توحيد اللَّه الخالص من الشرك، إلى بداية القرن الرابع الميلادي (2)، وذلك أن اللَّه عز وجل بعث عبده ورسوله عيسى ابن مريم إلى بني إسرائيل، فجدد لهم الدين، وصدق لما بين يديه من التوراة، وأحل لهم بعض الذي حُرّم عليهم، ودعاهم إلى عبادة اللَّه وحده، فعادوه وكذبوه، ورموه وأمه بالعظائم، وأرادوا قتله، فطهره اللَّه - تعالى - منهم، ورفعه إليه، ولم يصلوا إليه بسوء، وأقام اللَّه - تعالى - للمسيح أنصاراً دعوا إلى دينه وشريعته حتى ظهر دينه على من خالفه، ودخل فيه الملوك، واستقام الأمر على السداد

(1) انظر: إظهار الحق، لرحمة الله الهندي، 1/ 543، 577.

(2)

انظر: إغاثة اللهفان لابن القيم، 2/ 270، وهداية الحيارى، ص622، والمناظرة بين الإسلام والنصرانية، ص164.

ص: 37

بعده نحو ثلاثمائة سنة، ثم أخذ دين المسيح في التبديل والتغيير، ولم يبق بأيدي النصارى منه إلا بقايا: كالختان، والاغتسال من الجنابة، وتعظيم السبت، وتحريم الخنزير، وتحريم ما حرمته التوراة إلا ما أحلت لهم بنصها، ثم استحلوا الخنزير، وأحلوا السبت، وعوضوا منه يوم الأحد، وتركوا الختان، والاغتسال من الجنابة، وكان المسيح يصلي إلى بيت المقدس فصلوا إلى المشرق، وعظموا الصليب وعبدوه، وعندما أخذ دين المسيح صلى الله عليه وسلم في التغير والفساد اجتمعت النصارى عدة مجامع، ثم يفترقون على الاختلاف والتلاعن، ومن أهم هذه المجامع: مجمع نيقية عام 325م، فقد جمع الملك قسطنطين – باني القسطنطينية – ألفين وثمانية وأربعين أسقفاً (2048) من جميع بلدان العالم، وكانوا مختلفي الآراء والأديان، واتفق منهم ثلاثمائة وثمانية عشر أسقفاً (318) على أن المسيح ابن اللَّه – تعالى عن كفرهم – وأنه مساوٍ له في الجوهر، وأنه نزل من السماء وتجسد من روح القدس، وصار إنساناً، وحمل به، ثم ولد من مرين، وقُتِلَ وصُلِبَ، ودُفِنَ، وقام في اليوم الثالث، وصعد إلى السماء، وجلس عن يمين أبيه، وهو مستعد للمجيء مرة أخرى للقضاء بين الأموات والأحياء، وقالوا: نؤمن بروح القدس، وأجبر الملك الناس على هذه العقيدة التي أسسها هؤلاء الأساقفة.

ثم عُقِدَ مجمع آخر عام 381م، وحضره مائة وخمسون أسقفاً (150)، وأجمعوا على أن روح القدس خالق غير مخلوق، وبهذا

ص: 38

المجمع تم لهم التثليث، وقالوا: بأن الأب والابن وروح القدس ثلاثة أقانيم، وفرض ملوك النصارى هذه العقيدة على الناس.

ثم عُقِدَ مجمع سنة 431م، وحضره نحو مائتي أسقف (200) وقرروا أن مريم ولدت إلهاً .. !

واستمرت المجامع تُعقد بعد ذلك، وأشهرها المجامع العشرة التي عُقِدَت على مر العصور، وكلهم يُكفِّر بعضهم بعضاً، ويلعن بعضهم بعضاً، فدينهم الذي ابتدعوا قائم على اللعنة (1).

فثبت بهذا الاستعراض أن دين المسيح صلى الله عليه وسلم هو التوحيد إلى نهاية القرن الثالث الميلادي، وأن المجامع النصرانية هي التي فرضت عقيدة التثليث، وألزم الملوك الناس بذلك بالسيف والعطاء (2).

فعُلِمَ قطعاً بأن عقيدة التثليث عقيدة وثنية مصدرها المجامع النصرانية، بدءاً بمجمع نقية سنة 325م، وهذا من أعظم ما يُردُّ به على النصارى، ولكن بالقول الحكيم، وبالرفق واللين، والجدال بالتي هي أحسن.

(1) انظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، 1/ 115، 2/ 90 - 135، 3/ 22 - 45، وإغاثة اللهفان، 2/ 270 - 281، وهداية الحيارى، ص646 - 658، والبداية والنهاية لابن كثير، 2/ 150، 151، والمناظرة بين الإسلام والنصرانية، ص202 - 216.

(2)

انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم، 2/ 228.

ص: 39