الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - تناقض الأناجيل في قضية الصلب:
وقع في قضية الصلب في الأناجيل المعتمدة عند النصارى أكثر من ثلاثين تناقضاً، وحينئذ يطبق على هذه التناقضات قاعدة: كل ما تسرب إليه الاحتمال سقط به الاستدلال (1).
وهذا يدلُّ على أن كل ما تعلق بالصلب اشتبه أمره على النصارى، وغابت عنهم الحقيقة، فهم لا يزالون مختلفين، وبهذا يسقط قولهم؛ لأنهم لا علم لهم ولا دليل يعتمدون عليه (2).
4 - إبطال القرآن الكريم لقضية الصلب والقتل:
أوضح اللَّه في القرآن الكريم أمر الصلب وبيّنه وجلاّهُ وأظهره، وأوضحه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم المؤيد بالمعجزات والبينات والدلائل الواضحات، فقال تعالى:{وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَاّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا، بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا، وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} (3).
فعيسى صلى الله عليه وسلم لم يُصلب، بل رفعه اللَّه إليه، ولم يمت، قال تعالى:
(1) انظر أمثلة هذه التناقضات مع إحالتها إلى الأناجيل في: المناظرة بين الإسلام والنصرانية ص62 - 108، والإنجيل دراسة وتحليل للدكتور/ محمد شلبي، ص94 - 121.
(2)
انظر: المناظرة بين الإسلام والنصرانية، ص104.
(3)
سورة النساء، الآيات: 155 - 159.
{إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} (1)، وقال تعالى حكاية عن المسيح:{فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (2).
والوفاة هنا بمعنى القبض، كما يقال: توفيت من فلان ما لي عليه، بمعنى: قبضته واستوفيته، فيكون معنى:{إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} أي: إني قابضك من الأرض ورافعك إليَّ (3).
وقوله عز وجل: {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} يعم اليهود والنصارى، فدلَّ ذلك على أن جميع أهل الكتاب يؤمنون بالمسيح قبل موته، وذلك إذا نزل في آخر الزمان (4) آمنت اليهود
(1) سورة آل عمران، الآية:55.
(2)
سورة المائدة، الآية:117.
(3)
ورجح هذا القول الطبري في تفسيره، 3/ 203.
وهناك أقوال أخرى في معنى الوفاة هنا، فمنهم من قال: النوم، وهم الأكثر، كما قاله ابن كثير، 1/ 367، ومنهم من قال في الآية تقديم وتأخير، وتقديره: إني رافعك إليَّ ومطهرك من الذين كفروا، ومتوفيك بعد ذلك.
انظر: تفسير الطبري، 3/ 202 - 204، والبغوي، 1/ 308، وزاد المسير، 1/ 396، والجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، 2/ 285، وتفسير ابن كثير، 1/ 367، وأضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، 1/ 342.
(4)
انظر خبر نزول عيسى آخر الزمان وحكمه بالشريعة الإسلامية في البخاري مع الفتح، كتاب الأنبياء، باب نزول عيسى ابن مريم، 6/ 490، (رقم 3448)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب نزول عيسى ابن مريم حاكماً بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، 1/ 135، (رقم 155).