الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسلك الثالث: عموم رسالته صلى الله عليه وسلم.
المسلك الأول: معجزات القرآن العظيم:
المعجزة لغة:
ما أُعجزَ به الخصم عند التحدي (1).
وهي أمر خارق للعادة يعجز البشر متفرقين ومجتمعين عن الإتيان بمثله، يجعله اللَّه على يد من يختاره لنبوته؛ ليدلّ على صدقه وصحة رسالته (2).
والقرآن الكريم كلام اللَّه المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم هو المعجزة العظمى، الباقية على مرور الدهور والأزمان، المعجز للأولين والآخرين إلى قيام الساعة (3)، قال صلى الله عليه وسلم: ((ما من الأنبياء نبيّ إلا
(1) انظر: القاموس المحيط، باب الزاي، فصل العين، ص 663.
(2)
انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن للزرقاني، 1/ 66، والمعجم الوسيط، مادة:(عجز)، 2/ 585، والإرشاد إلى صحيح الاعتقاد، للدكتور صالح الفوزان، 2/ 157.
والفرق بين المعجزة والكرامة: هو أن المعجزة أمر خارق للعادة مقرون بدعوة النبوة والتحدي للعباد. أما الكرامة: فهي أمر خارق للعادة غير مقرون بدعوى النبوة ولا التحدي، ولا تكون الكرامة إلا لعبد ظاهره الصلاح، مصحوباً بصحة الاعتقاد والعمل الصالح. أما إذا ظهر الأمر الخارق على أيدي المنحرفين فهو من الأحوال الشيطانية. وإذا ظهر الأمر الخارق على يد إنسان مجهول الحال؛ فإن حاله يعرض على الكتاب والسنة كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:"إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ويطير في الهواء فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة". انظر: شرح العقيدة الطحاوية، ص510، وسير أعلام النبلاء، 10/ 23، والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية للسلمان، ص311.
(3)
انظر: الداعي إلى الإسلام للأنباري، ص393.
أعطي من الآيات على ما مثله آمن البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه اللَّه إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة (((1).
وليس المراد في هذا الحديث حصر معجزاته صلى الله عليه وسلم في القرآن، ولا أنه لم يؤت من المعجزات الحسية كمن تقدمه، بل المراد أن القرآن المعجزة العظمى التي اختص بها دون غيره؛ لأن كل نبي أُعطي معجزة خاصة به، تحدّى بها من أُرسل إليهم، وكانت معجزة كل نبي تقع مناسبة لحال قومه، ولهذا لما كان السحر فاشياً في قوم فرعون جاءه موسى بالعصا على صورة ما يصنع السحرة، لكنها تلقف ما صنعوا، ولم يقع ذلك بعينه لغيره.
ولما كان الأطباء في غاية الظهور جاء عيسى بما حيّر الأطباء، من: إحياء الموتى، وإبراء الأكمه، والأبرص، وكل ذلك من جنس عملهم، ولكن لم تصل إليه قدرتهم.
ولما كانت العرب أرباب الفصاحة والبلاغة والخطابة جعل اللَّه – سبحانه – معجزة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم الذي (2) {لا يَأْتِيهِ
(1) البخاري مع الفتح، كتاب فضائل القرآن، باب كيف نزل الوحي، 9/ 3، (رقم 4981)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس، 1/ 134، (رقم 152).
(2)
انظر: فتح الباري، 9/ 6، 7، وشرح النووي على مسلم، 2/ 188، وأعلام النبوة للماوردي، ص53، وإظهار الحق، 2/ 101.