الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سيئاتهم وأدخلهم الجنة (1)، قال تعالى:{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ} (2)، {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} (3).
المسلك الثالث: إثبات اعتراف المنصفين من علماء اليهود:
لاشك أن من حكمة القول مع أهل الكتاب في دعوتهم إلى اللَّه عز وجل الاستشهاد عليهم بشهادة علماء أهل الكتاب المنصفين، الذين وفقهم اللَّه - تعالى - وقبلوا الحق، وبيّنوه ولم يكتموه، وهذا من باب قوله تعالى:{وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا} (4).
وأذكر على سبيل المثال من هؤلاء العلماء الذين يعترف اليهود بأنهم كانوا منهم فأقروا بالإسلام وأنه الدين الحق ما يلي:
1 - عبد اللَّه بن سلام رضي الله عنه وأرضاه:
لو لم يسلم من اليهود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلا سيد اليهود على الإطلاق وابن سيدهم، وعالمهم وابن عالمهم، وخيرهم وابن
(1) انظر: تفسير السعدي، 2/ 319.
(2)
سورة المائدة، الآيتان: 65 - 66.
(3)
سورة آل عمران، الآية:110.
(4)
سورة يوسف، الآية:26.
خيرهم، باعترافهم وشهادتهم، لكان في مقابلة كل يهودي على وجه الأرض، فكيف وقد تابعه من الأحبار والرُّهبان من لا يُحصي عددهم إلا اللَّه (1).
وقد آمن هذا الرجل باللَّه وبرسوله صلى الله عليه وسلم، فعن أنس رضي الله عنه قال: بلغ عبد اللَّه بن سلام مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فأتاه فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبيٌّ، قال: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة، وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:((خبَّرني بهنَّ آنفاً جبريلُ)) قال ابن سلام: ذاك عدو اليهود من الملائكة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:((أما أول أشرط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيت كبد الحوت، وأما الشبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له، وإذا سبق ماؤها كان الشبه لها))، [قال: أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأنك رسول اللَّه] قال: يا رسول اللَّه، إن اليهود قوم بُهْتٌ، إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بَهَتُوني عندك، فادعهم [فاسألهم عني قبل أن يعلموا بإسلامي]، [فأرسل نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم فأقبلوا]، فدخلوا عليه فقال لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:((يا معشر اليهود، ويلكم اتقوا اللَّه، فواللَّه الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول اللَّه حقاً، وأني جئتكم بحق، فأسلِمُوا))، قالوا: ما
(1) انظر: هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى، ص514، 525.
نعلمه – قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم، قالها ثلاث مراراً – فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:((فأي رجل فيكم عبد اللَّه بن سلام؟)) قالوا: ذاك سيدنا وابن سيدنا، وأعلمنا وابن أعلمنا، وأخبرنا وابن أخبرنا، [خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا]، قال:((أفرأيتم إن أسلم؟)) قالوا: أعاذه اللَّه من ذلك، حاشا للَّه ما كان ليسلم، قال:((أفرأيتم إن أسلم؟)) قالوا: حاشا للَّه ما كان ليسلم، قال:((أفرأيتم إن أسلم؟)) قالوا: حاشا للَّه ما كان ليسلم، قال:((يا ابن سلام اخرج عليهم))، [فخرج عليهم عبد اللَّه فقال: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأشهد أن محمداً رسول اللَّه]، [معشر اليهود، اتقوا اللَّه، فواللَّه الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول اللَّه، وأنه جاء بحق، فقالوا: كذبت]، [شرُّنا وابن شرِّنا، ووقعوا فيه]، [فأخرجهم رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم](1).
وعن عبد اللَّه بن سلام رضي الله عنه قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس قبله، وقيل قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثلاثاً، فجئت في الناس لأنظر، فلما تبيّنت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذّاب، فكان أول شيء سمعته تكلم به
(1) البخاري مع الفتح، كتاب الأنبياء، باب خلق آدم وذريته، 6/ 362، (رقم 3329)، ومناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، 7/ 250، (رقم 3911)، وباب حدثني حامد بن عمر، عن بشر بن المفضل 7/ 272 (رقم 3938)، وكتاب التفسير، سورة البقرة، باب قوله:{مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ} . 8/ 165، (رقم 4480)، وألفاظ الحديث من المواضع الأربعة، وانظر: البداية والنهاية، 3/ 210.