الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كاهناً اجتمعوا على اتفاق من جميعهم على تبديل ثلاثة عشرة حرفاً من التوراة، وذلك بعد المسيح صلى الله عليه وسلم في عصر القياصرة الذين كانوا تحت قهرهم، ومن رضي بتبديل موضع واحد من كتاب اللَّه فلا يؤمن من تحريف غيره.
واليهود تقر أيضاً أن السامرة حرفوا مواضع التوراة، وبدَّلوها تبديلاً ظاهراً، وزادوا ونقصُوا والسامرة تدَّعي على اليهود بأن التوراة التي بأيديهم محرّفة مبدّلة (1).
والذي يحكم بين الجميع هو كلام اللَّه عز وجل المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، المهيمن على ما سبقه من الكتب المصدِّق لها، فقد سجل التحريف وأثبته على أهل الكتاب، ونسب إليهم أنواعاً من التحريف للتوراة، كالآتي:
النوع الأول: إلباس الحق بالباطل:
كان بنو إسرائيل يخلطون الحق بالباطل، بحيث لا يتميز الحق من الباطل، وقد سجل القرآن الكريم هذا الجرم عليهم، قال سبحانه: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ * وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَإِيَّايَ
(1) انظر: الفصل لابن حزم، 1/ 102، 187، 197، والجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، 2/ 18، وهداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى لابن القيم، ص581.
فَاتَّقُونِ * وَلَا تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} الآية (1)، وقال سبحانه:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} الآية (2).
ومن أبلغ الصور وأقبحها في إلباس الحق ادعاء الكهنة والأحبار في التوراة التي بأيديهم أن هارون صلى الله عليه وسلم هو الذي جمع الذهب من بني إسرائيل واشترك معهم في صناعة العجل الذهبي، ووافقهم على عبادته من دون اللَّه – تعالى – وفي الوقت نفسه يبرئون السامري.
فهارون صلى الله عليه وسلم الذي تحمل المشاق في سبيل إقرار فرعون بالتوحيد جعلوه داعية إلى الشرك والكفر، ولكن القرآن الكريم كان لهذه الدعوى بالمرصاد، فكذبهم، وبين حقيقة الأمر (3)، قال تعالى: {فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ، فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى
…
} إلى قوله تعالى: {وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي، قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى
…
} الآيات (4)، فهذا هو الصدق حقّاً، إنما عمل لهم العجل السامري، أما هارون فنهاهم ولكنهم عصوا وكادوا يقتلونه (5).
(1) سورة البقرة، الآيات: 40 - 42.
(2)
سورة آل عمران، الآية:71.
(3)
انظر: الفصل لابن حزم، 1/ 256، وهداية الحيارى لابن القيم، ص582.
(4)
انظر: سورة طه، الآيات: 87 - 91.
(5)
انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم، 1/ 456، وهداية الحيارى، ص582.