الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 -
النتيجة التي لا مفرّ من التسليم بها أن الأناجيل القانونية الموجودة الآن ما هي إلا كتب مؤلفة، وهي تبعاً لذلك معرّضة للخطأ والصواب، ولا يمكن الادعاء ولو لحظة أنها كتبت بإلهام؛ فلقد كتبها أناس مجهولون، في أماكن غير معلومة، وفي تواريخ غير مؤكدة، والشيء المؤكد أن هذه الأناجيل مختلفة غير متآلفة، بل إنها متناقضة مع نفسها، ومع حقائق العالم الخارجي، لأنها فشلت في تنبؤات كثيرة، كالقول بنهاية العالم، وهذا القول قد يضايق النصراني العادي، بل قد يصدمه؛ ولكن بالنسبة للعالم النصراني فقد أصبح ذلك عنده حقيقة مسلم بها (1)، لِمَا أجراه من أبحاث، ولِمَا علمه من واقع الأناجيل.
2 - الشواهد على التحريف من الأناجيل:
(أ) جاء في إنجيل مرقس: أن المسيح قال لتلاميذه: ((اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها، من آمن واعتمد خلص، ومن لم يؤمن يدن، وهذه الآيات تتبع المؤمنين يخرجون الشياطين باسمي، ويتكلمون بألسنة جديدة، يحملون حيّات، وإن شربوا شيئاً مميتاً لا يضرهم، ويضعون أيديهم على المرضى فيبرؤون)) (2).
(1) انظر: المناظرة بين الإسلام والنصرانية، ص35 - 50، فهناك تجد كثيراً من الأمثلة على هذه التناقضات.
(2)
انظر: الفصل لابن حزم، 2/ 139، وعزاه المحقق إلى إنجيل مرقس، الإصحاح 16/ 15 - 18.
ففي هذا النص حجة على النصارى من وجهين:
الوجه الأول: قولهم عن عيسى: إنه أمرهم أن يبشروا بالإنجيل، فدل ذلك على أن إنجيلاً أتاهم به وليس هو عندهم الآن، وإنما عندهم أربعة أناجيل متغايرة، وليس منها إنجيل أُلِّف إلا بعد رفع عيسى صلى الله عليه وسلم بأعوام كثيرة، فصحّ أن ذلك الإنجيل الذي أخبر المسيح أنه أتاهم به وأمرهم بالتبشير به ذهب عنهم؛ لأنهم لا يعرفون له أصلاً، وهذا ما لا يمكن سواه.
الوجه الثاني: قولهم: إنه وعد كل من آمن بدعوة التلاميذ أنهم يتكلمون بلغات لا يعرفونها، وينفون الجن عن المجانين، ويضعون أيديهم على المرضى فيبرءون، ويحملون الحيّات، وإن شربُوا شربة قتَّالة لا تضرهم، وهذا وعد ظاهر الكذب؛ فإن ما من النصارى أحد يتكلم بلغة لم يتعلمها، ولا منهم أحد ينفي جنيّاً، ولا من يحمل حية فلا تضره، ولا من يضع يده على مريض فيُشفى، ولا منهم أحد يُسقى السم فلا يضره، وهم معترفون بأن يوحنا – صاحب الإنجيل – قتل بالسم وحاشا للَّه أن يأتي نبي بمواعيد كاذبة، وهذا دليل على تحريف النصارى وتناقضهم وتكذيبهم أنفسهم)) (1).
(ب) ومن ذلك ما جاء في إنجيل متّى أن عيسى صلى الله عليه وسلم دعا على شجرة تين خضراء، فيبست التينة في الحال، فتعجب التلاميذ من
(1) انظر: الفصل لابن حزم، 2/ 139.