الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تسعون وجهًا بينت بطلانه
…
أعني كلام النفس ذا الوحدان
وبقوله: "وهذا يقوم على بطلانه تسعون برهانًا لا تندفع ذكرها الشيخ في الأجوبة المصرية".
فدل هذا على أن التسمية بـ "التسعينية" نسبة إلى هذه الوجوه.
وأما ما أشار إليه ابن عبد الهادي وابن القيم وابن شاكر والصفدي، من أنها نحو ثمانين وجهًا، فربما يعود إلى تركهم بعض التفريعات من بعض الوجوه، وقد تكون الوجوه المقصودة بضعًا وثمانين، كما أشار إليه هؤلاء، لكن من عدها تسعين فذلك لاعتباره أن ما زاد على الثمانين يكون قد دخل في عقد التسعين- والله أعلم.
نسبته إلى المؤلف:
من الثابت أن الكتاب الذي بين أيدينا أحد مؤلفات شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله للأسباب التالية:
1 -
نسبة الكتاب إلى المؤلف في جميع النسخ التي اعتمدتها في التحقيق.
2 -
المصادر (1) التي ترجمت للشيخ واهتمت بتدوين مصنفاته تذكر هذا الكتاب وتنسبه لمؤلفه، ولو لم يكن فيها إلّا ما قاله ابن القيم في النونية:"وكذلك تسعينية فيها له" لكفى.
3 -
أسلوب الشيخ رحمه الله المتميز الذي يدركه كل من قرأ كتبه بتمعن.
4 -
ذكر الشيخ لبعض مصنفاته فيه (2).
تاريخ تأليفه:
ذكرت فيما تقدم أن سبب تأليف هذا الكتاب هو ما ورد في ورقة بعث بها
(1) تقدم ذكر بعضها كالعقود الدرية لابن عبد الهادي، وأسماء مؤلفات ابن تيمية والقصيدة النونية وكلاهما لابن القيم، وفوات الوفيات لابن شاكر، والوافي بالوفيات للصفدي، وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب.
(2)
راجع ص: 230، 389، 746.
الأمراء والقضاة والفقهاء المجتمعون للنظر في إخراج الشيخ من السجن، مع الرسولين، وطلبهم من الشيخ موافقتهم على ما تتضمنه الورقة (1)، وكان ذلك بعد أكثر من سنة من وصول الشيخ إلى مصر، فإذا علم أن وصوله رحمه الله لمصر سنة 705 هـ، دل على أن تأليف هذا الكتاب -وهو الإجابة على ما ورد من الأمراء والقضاة- كان سنة 706 هـ، وهذا أمر لا يخالجني معه شك، لا سيما وأنه نص على هذه السنة في (س) -إحدى النسخ الخطية التي اعتمدتها في التحقيق- لكن ما ورد في الأصل و (ط) من أن تكرار الرسل على الشيخ من عند الأمراء والقضاة المجتمعين كان سنة 726 هـ، وهي السنة التي كان رحمه الله بها في دمشق- يجعلني أورد بعض الأسباب -إضافة إلى ما تقدم- التي تدل على أن تأليف الكتاب كان سنة 706 هـ:
1 -
قول الشيخ رحمه الله في هذا الكتاب الذي بين أيدينا ص: 111: ". . . فقلت: أنا لا أحضر إلى من يحكم فِيَّ بحكم الجاهلية وبغير ما أنزل الله، ويفعل بي ما لا تستحله اليهود ولا النصارى، كما فعلتم في المجلس الأول، وقلت للرسول: قد كان ذلك بحضوركم أتريدون أن يمكروا كما مكروا بي في العام الماضي؟ هذا لا أجيب إليه، ولكن من زعم أني قلت قولًا باطلًا، فليكتب خطه بما أنكره من كلامي، ويذكر حجته، وأنا أكتب جوابي مع كلامه، ويعرض كلامي وكلامه على علماء الشرق والغرب، فقد قلت هذا بالشام، وأنا قائله هنا، وهذه عقيدتي التي بحثت بالشام بحضرة قضاتها ومشايخها وعلمائها، وقد أرسل إليكم نائبكم النسخة التي قرئت، وأخبركم بصورة أخرى".
فخطاب الشيخ رحمه الله لهم بهذا الكلام وهو في السجن وبعد أن بقي فيه أكثر من سنة من تاريخ وصوله إلى مصر.
وتصريحه بما حصل له بالشام، وما عقد له من مجالس بسبب عقيدته السلفية، وأن ما قاله بدمشق هو قائله بمصر، يدل على أن الكتاب ألف بمصر بعد سنة من وصوله إليها.
(1) تقدم ذكر مضمونها.
2 -
ما جاء في مجموع الفتاوى 5/ 264: "حكاية مناظرة في الجهة والتحيز" صورة ما طلب من تقي الدين بن تيمية رحمه الله ورضي عنه- حين جيء به من دمشق على البريد، واعتقل بالجب بقلعة الجبل، بعد عقد المجلس بدار النيابة، وكان وصوله يوم الخميس السادس والعشرين من شهر رمضان، وعقد المجلس يوم الجمعة السابع والعشرين منه بعد صلاة الجمعة، وفيه اعتقل رحمه الله.
وصورة ما طلب منه أن يعتقد نفي الجهة عن الله والتحيز، وأن لا يقول: إن كلام الله حرف وصوت قائم به، بل هو معنى قائم بذاته، وأنه سبحانه -لا يشار إليه إشارة حسية، ويطلب منه ألا يتعرض لأحاديث الصفات وآياتها عند العوام، ولا يكتب بها إلى البلاد، ولا في الفتاوى المتعلقة بها.
وهذا الكلام يؤكد أن تأليف الكتاب كان بمصر، وليس بالشام كما يدل عليه التاريخ المدون في الأصل، و (ط).
3 -
أن الموضوعات التي عالجها هذا الكتاب هي رد على الاعتراضات التي وجهها القضاة والفقهاء عبر تلك الورقة انتقادًا على الشيخ في عقيدته.
4 -
أن ابن عبد الهادي، وابن القيم -وهما من تلامذة الشيخ- قالا عند ذكرهما لمصنفات الشيخ في الأصول "كتاب محنته بمصر. . . ".
كما أن ابن القيم قال في "بدائع الفوائد" -كما تقدم- مشيرًا إلى هذا الكتاب: ". . . تسعون برهانًا لا تندفع ذكرها شيخ الإسلام في الأجوبة المصرية".
وقد نص ابن رجب الحنبلي -كما تقدم أيضًا- على أن من أعيان المصنفات الكبار التي ألفها بمصر "المحنة المصرية".
ومعروف أن الشيخ رحمه الله كان بمصر من سنة 705 هـ إلى سنة 712 هـ، وهذا يؤيد أن تأليفه لهذا الكتاب كان في هذه الفترة، وبالتحديد سنة 706 هـ بمصر.
5 -
أنه ورد في هذا الكتاب (1) أن المحكم من القضاة: أبا الحسن
(1) انظر: 110، 111 من قسم التحقيق لهذا.