الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمر ونهى وقال، لا أن ذلك شيء لم يقم به بل خلقه في غيره، ثم لو كان مقصودهم ذلك فمعلوم أن هذا ليس هو المعروف من الخطاب ولا المفهوم منه، لا عند الخاصة ولا عند العامة، بل المعروف المعلوم أن يكون الكلام قائمًا بالمتكلم، فلو أرادوا بكلامه وقوله أنه خلق في بعض المخلوقات كلامًا لكانوا قد أضلوا الخلق -على زعم الجهمية- ولبسوا عليهم غاية التلبيس، وأرادوا باللفظ ما لم يدلوا الخلق عليه، والله تعالى قد أخبر أن الرسل قد بلغت البلاغ المبين، فمن نسبهم إلى هذا فقد كفر بالله ورسله، وهذا قول الزنادقة المنافقين الذي هم أصل الجهمية الذي يصفون الرسل بذلك من المتفلسفة والقرامطة ونحوهم، بل كون المتكلم الآمر الناهي لا يوصف بذلك إلا لقيام الكلام بغيره مع امتناع قيامه به، أمر لا يعرف في اللغة، لا حقيقة ولا مجازًا" (1).
مسألة كلام الله تعالى:
وصف الشيخ رحمه الله هذه المسألة بأنها مسألة هامة، وأنها مما حيرت عقول الأنام لكثرة اختلاف الناس فيها.
فقال رحمه الله: "إن الناس كثير نزاعهم فيها، حتى قيل: مسألة الكلام حيرت عقول الأنام"(2).
وقال: "ومسألة القرآن كثير فيها اضطراب الناس، حتى قال بعضهم: مسألة الكلام حيرت عقول الأنام"(3).
وقال: ". . . وإنما المقصود هنا ذكر قول مختصر جامع بين الأقوال السديدة التي دل عليها الكتاب والسنة، وكان عليها سلف الأمة في مسألة الكلام، التي حيرت عقول الأنام"(4).
(1) انظر ص: 294 - 298 من هذا الكتاب- قسم التحقيق.
(2)
مجموع الفتاوى- 12/ 113.
(3)
المصدر السابق- 12/ 211.
(4)
مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية -كتاب مذهب السلف القويم في تحقيق مسألة كلام الله الكريم- 3/ 368.
ونعتها رحمه الله بأنها مسألة عظيمة، فقال:
"وكثير من الكتب المصنفة في أصول علوم الدين وغيرها، تجد الرجل المصنف فيها في المسألة العظيمة، كمسألة القرآن. . . "(1).
وبين رحمه الله أنها تشتمل على مسائل معضلة يصعب على من ضل عن منهج السلف فهمها، فقال -بعد أن بين سبب نزاع المتأخرين في الحروف التي في الكلام-:
". . . فمن فهم قول السلف، وفرق بين هذه الأقوال، زالت عنه الشبهات في هذه المسألة المعضلة التي اضطرب بها أهل الأرض"(2).
وإذا كانت هذه المسألة بهذه المثابة من الأهمية وصعوبة فهمها، مما جعلها محيرة للعقول، فليعذرني القارئ عما أقصر فيه من بيان وإيضاح لهذه المسألة، ولا يعني هذا أنني ألتمس العذر لنفسي، فيعلم الله وحده ما بذلته من جهد ووقت في سبيل جمع شتات هذه المسألة الدقيقة، ولا يظن أني سوف أضيف جديدًا على ما ذكره الشيخ رحمه الله فلقد وفى هذه المسألة حقها من العرض والمناقشة، وإلجام المخالفين بالبراهين والأدلة العقلية والنقلية التي تؤيد رأي السلف -رحمهم الله تعالى.
…
(1) مجموع الفتاوى- 12/ 115.
(2)
مجموعة الرسائل والمسائل -لابن تيمية- كتاب مذهب السلف القويم في تحقيق كلام الله الكريم - 3/ 381.