الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأموالهم- فلم تكن فتنتهم الجحود لكلام رب العالمين، وأسمائه، وصفاته، وما هو عليه في حقيقة ذاته، بل كانت فيما دون ذلك من الخروج عن السنة المشروعة. وإن كان أهل المقالات قد نقلوا (1) أن قول الخوارج في التوحيد، هو قول الجهمية المعتزلة، فهذا (2) شر (3) للجهمية، لكن يشبه -والله أعلم- أن يكون ذلك قد قاله من بقايا الخوارج من كان موجودًا حين حدوث مقالات (4) جهم في أوائل المائة الثانية، فأما قبل (5) ذلك فلم يكن حدث في الإِسلام قول جيهم في نفي الصفات، والقول بخلق القرآن، وإنكار أن يكون الله على عرشه (6)، ونحو ذلك، فلا يصح إضافة هذا القول إلى أحد من المسلمين قبل المائة الثانية، لا من الخوارج، ولا من غيرهم، فإنه لم يكن في الإِسلام إذ ذاك من يتكلم بشيء من هذه السلوب الجهمية، ولا نقل أحد عن الخوارج المعروفين -إذ ذاك- ولا عن غيرهم شيئًا من هذه المقالات الجهمية.
و
من أعظم أسباب بدع المتكلمين من الجهمية وغيرهم، قصورهم في مناظرة الكفار والمشركين
، فإنهم يناظرونهم، ويحاجونهم، بغير الحق والعدل لينصروا الإِسلام، زعموا بذلك، فيستطيل (7) عليهم أولئك،
= راجع: لسان العرب -لابن منظور 10/ 341 (مرق).
وفي الحديث، عن أبي سعيد الخدري، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:". . . يمرقون من الدين كمروق السهم من الرمية. . . ".
راجع: صحيح البخاري -كتاب الأدب- باب ما جاء في قول الرجل "ويلك" 7/ 111.
(1)
في س: "نلقوا" وهو تصحيف.
(2)
في ط: "فهذ".
(3)
في س، ط:"سر".
(4)
في س، ط:"مقالة".
(5)
"قبل" ساقطة من: س.
(6)
في س، ط:"العرش".
(7)
في س، ط:"فيسقط".
لما فيهم من الجهل والظلم، ويحاجونهم بممانعات ومعارضات، فيحتاجون حينئذ إلى جحد طائفة من الحق الذي جاء به الرسول، والظلم والعدوان لإخوانهم المؤمنين بما استظهر (1) عليهم أولئك المشركون، فصار قولهم مشتملًا على إيمان وكفر، وهدى وضلال، ورشد وغي، وجمع بين النقيضين، وصاروا مخالفين للكفار والمؤمنين، كالذين يقاتلون الكفار والمؤمنين، ومثلهم في ذلك مثل من فرط في طاعة الله وطاعة رسوله من ملوك النواحي والأطراف، حتى تسلط عليهم العدو، تحقيقًا لقوله:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا} (2) يقاتلون العدو قتالًا مشتملًا على معصية الله من الغدر والمثلة والغلول والعدوان، حتى احتاجوا في مقاتلة ذلك العدو إلى العدوان على إخوانهم المؤمنين، والاستيلاء على نفوسهم، وأموالهم، وبلادهم، وصاروا يقاتلون إخوانهم المؤمنين بنوع مما كانوا يقاتلون به المشركين، وربما رأوا قتال المسلمين أوكد (3)، وبهذا وصف النبي صلى الله عليه وسلم لخوارج حيث قال:"يقتلون أهل الإِسلام ويدعون أهل الأوثان"(4).
(1) في الأصل: "استظهروا". والمثبت من: س، ط.
(2)
سورة آل عمران، الآية:155.
(3)
في ط: "آكد".
(4)
جزء من حديث رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ". . . إن من ضئضئ هذا قومًا يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإِسلام مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإِسلام ويدعون أهل الأوثان، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد".
صحيح البخاري -كتاب التوحيد- باب قول الله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} وقوله جل ذكره: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} 8/ 178 حديث رقم 143.
صحيح مسلم -كتاب الزكاة- باب ذكر الخوارج وصفاتهم- 2/ 741. =
وهذا موجود في سيرة كثير من ملوك الأعاجم وغيرهم، وكثير من أهل البدع، وأهل الفجور، فحال أهل الأيدي والقتال، يشبه حال أهل الألسنة والجدال.
وهكذا ذكر العلماء مبدأ حال يهم، فقال الإِمام أحمد -فيما أخرجه- في الرد على الزنادقة والجهمية (1):
قال (2) أحمد: "وكذلك الجهم وشيعته، دعوا (3) الناس إلى المتشابه من القرآن والحديث، فضلوا وأضلوا بكلامهم بشرًا كثيرًا، فكان مما بلغنا من أمر الجهم -عدو الله- أنه كان من أهل خراسان، من أهل ترمذ (4)، وكان صاحب خصومات وكلام، وكان أكثر كلامه في الله
= ومعنى "ضئضئ": أي: أصله ونسله.
راجع: لسان العرب -لابن منظور- 1/ 110 (ضأضأ).
وهذا: إشارة إلى الرجل الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: اتق الله يا محمَّد، كما في هذا الحديث، وفي بعض الروايات أنه قال: اعدل يا محمَّد -عندما قسم الرسول صلى الله عليه وسلم قسمًا.
وفي بعض الروايات أن رجلًا من بني تميم يقال له: "ذو الخويصرة" قال للنبي صلى الله عليه وسلم عندما قسم قسمًا: اعدل يا رسول الله.
صحيح مسلم -كتاب الزكاة- ذكر الخوارج وصفاتهم - 2/ 744 - الحديث رقم 148.
(1)
تقدم الكلام على كتاب "الرد على الجهمية والزنادقة- للإمام أحمد.
(2)
الرد على الجهمية والزنادقة -للإمام أحمد- ص: 101 - 105.
(3)
في س: "ردعو". وهو تصحيف.
(4)
في جميع النسخ: "الترمذي". والمثبت من كتاب "الرد على الجهمية والزنادقة. وهي: مدينة مشهورة من أمهات المدن في خراسان، على نهر جيحون من الجانب الشرقي، يحيط بها سور وأسواقها مفروشة بالآجر، وإليها ينسب بعض العلماء، كالترمذي صاحب الصحيح، وغيره.
راجع: معجم البلدان -للحموي- 2/ 26، 27. والروض المعطار - للحميري ص:132.
تبارك وتعالى، فلقي ناسًا (1) من المشركين يقال لهم: السمنية (2) فعرفوا الجهم، فقالوا له: نكلمك، فإن ظهرت حجتنا عليك دخلت في ديننا، وإن ظهرت حجتك علينا دخلنا في دينك، فكان مما كلموا به الجهم أن قالوا له:
ألست تزعم أن لك إلهًا؟ قال الجهم: نعم. فقالوا له: فهل رأيت إلهك؟ قال: لا. فقالوا له: هل (3) سمعت كلامه؟ قال: لا. قالوا: فشممت له رائحة؟ قال: لا. قالوا: فوجدت له حسًّا؟ قال: لا. قالوا: فوجدت له مجسًا؟ قال: لا. قالوا: فما يدريك أنه إله؟ فتحير الجهم، فلم يدر من يعبد أربعين يومًا، ثم إنه استدرك حجة من جنس [حجة](4) الزنادقة من النصارى، وذلك أن زنادقة (5) النصارى يزعمون أن الروح الذي (6) في عيسى هي من روح (7) الله من ذات الله، وإذا أراد [الله](8) أن يحدث أمرًا دخل في بعض خلقه فتكلم على لسان
(1) في الرد على الجهمية والزنادقة: "أناسًا".
(2)
السمنية: إحدى الفرق الضالة، كانت قبل دولة الإِسلام، ينفون النظر والاستدلال، ويقولون بقدم العالم، ويزعمون أنه لا معلوم إلا من جهة الحواس الخمس، وأنكر أكثرهم المعاد والبعث بعد الموت، وقال فريق منهم بتناسخ الأرواح في الصور المختلفة. . . إلى غير ذلك من أقوالهم الباطلة.
راجع: الفرق بين الفرق -للبغدادي- ص: 270 - 271. والتبصير في الدين -للإسفراييني- ص: 149. وكشاف اصطلاحات الفنون -للتهانوني- 4/ 52.
(3)
في الرد على الجهمية والزنادقة: "قالوا: هي. . . ".
(4)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
وفي الرد على الجهمية والزنادقة: ". . . حجة مثل حجة الزنادقة. . . ".
(5)
في الأصل: "زندقة". والمثبت من: س، ط، والرد على الجهمية.
(6)
في ط: "التي".
(7)
في الرد على الجهمية: "هي روح الله".
(8)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط، وهامش كتاب الرد على الجهمية.
خلقه (1)، فيأمر بما شاء، وينهى عن ما شاء (2)، وهو روح غائب (3) عن الأبصار.
فاستدرك الجهم حجة مثل هذه الحجة فقال للسمني:
ألست تزعم أن فيك روحًا؟ فقال (4): نعم. قال (5): فهل رأيت روحك؟ قال: لا. قال: فتسمعت كلامه؟ قال: لا. قال: فهل (6) وجدت له حسًّا؟ قال: لا. قال: فكذلك (7) الله لا يرى له وجه، ولا يسمع له صوت ولا يشم له رائحة، وهو غائب عن الأبصار، ولا يكون في مكان دون مكان قال (8): ووجد ثلاث آيات (9) من القرآن (10) من المتشابه قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (11){وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} (12) و {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} (13).
فبنى أصل كلامه كله (14) على هؤلاء الآيات، وتأول القرآن على
(1) في س، ط:"بعض خلقه".
(2)
في الرد على الجهمية: "بما شاء وينهى عما شاء".
(3)
في الرد على الجهمية: "غائبة".
(4)
في الرد على الجهمية: "قال".
(5)
في الرد على الجهمية: "فقال".
(6)
"فهل" ساقطة من: س، ط.
(7)
في الأصل "فذلك". والمثبت من: س، ط، والرد على الجهمية.
(8)
"قال" ساقطة من كتاب الرد على الجهمية.
(9)
"آيات" ساقطة من: س.
(10)
في س، ط:"في القرآن".
"من القرآن" ساقطة من كتاب "الرد على الجهمية".
(11)
سورة الشورى، الآية:11.
في س: (وهو السميع البصير).
(12)
سورة الأنعام، الآية:3.
(13)
سورة الأنعام، الآية:103.
(14)
"كله" ساقطة من: س.
غير تأويله، وكذب بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وزعم أن من وصف من الله شيئًا (1) مما وصف الله به نفسه في كتابه، أو حدث عنه رسوله صلى الله عليه وسلم (2) كان كافرًا، وكان من المشبهة، فأضل بكلامه بشرًا كثيرا (3)، وتبعه على قوله رجال من أصحاب أبي حنيفة، وأصحاب عمرو بن عبيد (4) بالبصرة، ووضع دين الجهمية (5).
وهكذا وصف العلماء حال يهم (6) كما قال أبو عبد الله محمَّد بن
(1) في الرد على الجهمية: ". . . ومن وصف الله بشيء. . ".
(2)
" صلى الله عليه وسلم " ساقطة من: الأصل، ط. والمثبت من: س.
(3)
في جميع النسخ: "وأضل بشرًا كثيرًا". والمثبت من الرد على الجهمية.
(4)
هو: أبو عثمان عمرو بن عبيد بن باب البصري، من أبناء فارس، شيخ المعتزلة في عصره، وأتباعه يسمون "العمروية".
قال الخطيب البغدادي: جالس الحسن البصري وحفظ عنه واشتهر بصحبته، ثم أزاله واصل بن عطاء عن مذهب أهل السنة فقال بالقدر، ودعا إليه، واعتزل أصحاب الحسن. .
قال عنه يحيى بن معين: رجل سوء، وكان من الدهرية الذين يقولون: إنما الناس مثل الزرع.
ولد سنة 80 هـ، وتوفي سنة 142 هـ.
راجع: تاريخ بغداد -للخطيب البغدادي- 12/ 166 - 188. ولسان الميزان -لابن حجر- 3/ 273 - 280. والبداية والنهاية -لابن كثير- 10/ 91 - 93.
(5)
نهاية كلام الإِمام أحمد رحمه الله.
(6)
حال جهم وقصته مع السمنية، ذكرها البخاري عن ضمرة عن ابن شوذب -خلق أفعال العباد- تحقيق د. عبد الرحمن عميرة ص:31. وسوف يوردها الشيخ فيما بعد.
كما ذكرها اللالكائي بسند ينتهي بأبي معاذ البلخي أنه قال: "كان جهم على معبر ترمذ، وكان رجلًا كوفي الأصل، فصيح اللسان، لم يكن له علم، ولا مجالسة لأهل العلم، كان يتكلم كلام المتكلمين، وكلمه السمنية فقالوا له: صف لنا ربك الذي تعبده، فدخل البيت لا يخرج كذا ولا كذا. قال: ثم خرج عليهم بعد أيام فقال: هو هذا الهواء مع كل شيء وفي كل شيء، ولا يخلو منه =
سلام البيكندي (1)، شيخ البخاري في كتاب السنة والجماعة (2)، من تأليفه: ما جاء في بدو الجهمية والسمنيّة، وكيف كان شأنهم وكفرهم بآيات الله.
[عن](3) حفص بن عبد الرحمن البلخي (4) قال: حدثنا سعيد بن
= شيء".
وقال أبو معاذ: "كذب عدو الله، إن الله في السماء على عرشه، كما وصف نفسه".
راجع: شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة -للالكائي- تحقيق د. أحمد سعد حمدان - 3/ 380 - 381.
كما أوردها من هذا الطريق الذهبي، في مختصر العلو -تحقيق محمَّد ناصر الدين الألباني ص:163.
(1)
هو: أبو عبد الله محمَّد بن سلام بن فرج السلمي، مولاهم البخاري البيكندي، الإِمام الحافظ الناقد، ومحدث "ما وراء النهر"، كان من أوعية العلم، وأئمة الأثر، حدث عنه البخاري، وأبو محمَّد الدارمي، وغيرهم، له مصنفات في كل باب من العلم.
ولم يذكره سزكين، ولا أشار غيره من أصحاب الكتب التي تهتم بالتراث أن له مؤلفًا بعينه.
ولد سنة 160 هـ، وتوفى سنة 225.
راجع: الجرح والتعديل -لابن أبي حاتم- 3/ 2 / 278. والجمع بين رجال الصحيحين -لابن القيسراني 2/ 459. والأنساب -للسمعاني- 2/ 404.
وسير أعلام النبلاء -للذهبي- ص: 628 - 630. وتهذيب التهذيب -لابن حجر- 9/ 212 - 213.
(2)
لم أقف على هذا الكتاب في مظانه، ولم تشر المصادر التي رجعت إليها في ترجمة محمد بن سلام، إلى مؤلف له بعينه -كما ذكرت ذلك في الهامش السابق- سوى أنه صنف في كل باب من العلم.
(3)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط، يقتضيها السياق.
(4)
في جميع النسخ: "البجلي".
ولم أجده بهذا الاسم فيما وقع تحت يدي من مصادر.
ولعله: أبو عمر حفص بن عبد الرحمن بن عمر بن فروخ بن فضالة البلخي ثم =
أبي عروبة (1)، عن أيوب بن أبي تميمة (2)، قال: ما أعلم أحدًا من أهل الضلال (3) أكذب على كتاب الله من السمنية، قال: وهو عندنا كما قال، لا أعلم أحدًا (4) أجهل ولا أحمق قولًا منهم، لا يتعلقون من كتاب الله بشيء، ولا يحتجون، إنما هو حب وبغض من أحب دخل الجنة، ومن أبغض دخل النار، فصارت (5) طائفة جهمية لم تكن على عهد رسول الله
= النيسابوري الحنفي الإِمام الفقيه مفتي خراسان.
قال فيه ابن المبارك: اجتمع فيه الفقه والوقار والورع، توفي سنة 199 هـ.
يقول الذهبي: كان من أبناء الثمانين، حدث عن أبي حنيفة، وسعيد بن أبي عروبة، وغيرهم.
راجع: الجرح والتعديل -لابن أبي حاتم- 1/ 2 / 176. وسير أعلام النبلاء -للذهبي- 9/ 310 - 311. وتهذيب التهذيب -لابن حجر- 2/ 404 - 405.
(1)
هو: أبو النضر سعيد بن أبي عروبة مهران العدوي البصري، ثقة حافظ للحديث، ثم اختلط في آخر عمره.
يقول عنه الذهبي: إمام أهل البصرة في زمانه، ولد حوالي سنة 80 هـ.
وتوفي سنة 156 هـ.
راجع: الطبقات الكبرى -لابن سعد- 7/ 273 - 274. ولسان الميزان -لابن حجر- 2/ 151 - 153. وتهذيب التهذيب -لابن حجر- 4/ 263 - 266.
(2)
هو: أبو بكر أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني البصري.
قال عنه ابن سعد: كان ثقة ثبتًا في الحديث، جامعًا عدلا ورعًا كثير العلم حجة.
ولد سنة 68 هـ، وتوفي سنة 131 هـ.
راجع: الطبقات الكبرى -لابن سعد- 7/ 246 - 251. والجرح والتعديل -لابن أبي حاتم- 1/ 1 / 255 - 256. وتهذيب التهذيب -لابن حجر - 1/ 397 - 399.
(3)
في س، ط:"الصلاح" وهو خطأ.
(4)
في س، ط:". . أن أحد".
(5)
في س، ط:"وصارت".
- صلى الله عليه وسلم ولا على عهد الصحابة، وإنما هو رأي محدث، ويرون أن أول من تكلم فيه (1) جهم بن صفوان، وكان جيهم -فيما بلغنا- لا يعرف بفقه ولا ورع ولا صلاح، أعطي لسانًا منكرًا فكان يجادل ويقول برأيه، يجادل السمنية، وهم شبه المجوس، يعتقدون الأصنام، فكلمهم فأحرجوه (2) حتى ترك الصلاة أربعين يومًا، لا يعرف ربه، وكلامهم يدعو إلى الزندقة، وكلامهم وصفناه (3) لغير واحد من أهل الفقه (4) والبصر، فمالوا (5) آخر أمرهم إلى الزندقة، والرجل إذا رسخ في كلامهم ترك الصلاة، واتبع الشهوات.
وكان أبو الجوزاء (6) صاحب جهم، وكان أقوى في أمرهم من جهم -فيما بلغنا- وكان يسكن الفارياب (7)، وأخبرنا أناس من أهلها من صالحيهم، أنه ترك الصلاة، وشرب الخمر، واتبع الشهوات، وأفسد عالمًا من الناس، فنعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى، ما أعلم من تكلم في الإِسلام قوم أخبث من كلامهم، القرآن كله نقض على كلامهم.
وبلغنا أن منهم من يقول: إن ما يفسد علينا كلامنا (8) القرآن
(1)"فيه": ساقطة من س، ط.
(2)
في جميع النسخ: "فأخرجوه". ولعل ما أثبت هو المناسب.
(3)
في ط: "وضعناه".
(4)
في ط: "اللغة".
(5)
في الأصل، س:"فقالوا". والمثبت من: ط.
(6)
أبو الجوزاء لم أعثر له على ترجمة.
(7)
في جميع النسخ: "الفاريات". ولعل الصواب ما أثبته.
والفارياب: مدينة مشهورة بخراسان من أعمال جوزجان، قرب "بلخ" ينسب إليها جماعة من الأئمة.
راجع: معجم البلدان -لياقوت الحموي- 4/ 229.
(8)
"كلامنا" ساقطة من: س.
ويكسره ولا يرون أن في السماء ساكنًا، وذكر طرفًا من كلامهم ثم قال (1):
قال: علي (2) سمعت عبد الله (3) يقول (4): إنّا لنحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية.
وقال في شعر له (5):
ولا أقول يقول الجهم إن له
…
قولًا يضارع قول الشرك أحيانًا
ثم قال: حدثنا عبيد الله، يعني ابن واصل، ثنا عبد الله بن محمَّد، شيخ من أهل بغداد، ثنا ابن صالح، قال: لقيت جهمًا فقلت: نطق الله؟ قال: لا، قلت: فهو ينطق؟ قال: لا، قلت: فمن يقول يوم القيامة: لمن الملك اليوم؟ ومن يرد عليه: لله الواحد القهار؟ قلت: إنهم زادوا في القرآن ونقصوا منه.
(1) القائل هو: محمَّد بن سلام البيكندي - شيخ البخاري.
(2)
هو: أبو عبد الرحمن علي بن الحسين بن شقيق بن دينار المروزي، الإِمام الحافظ، شيخ خراسان، لزم ابن المبارك زمنًا، وسمع كتبه مرارًا، حدث عنه البخاري، والإمام أحمد، وغيرهما.
ولد سنة 137 هـ، وتوفي بمرو سنة 215 هـ.
انظر: الطبقات الكبرى -لابن سعد- 7/ 376. والجرح والتعديل -لابن أبي حاتم- 3/ 180. وسير أعلام النبلاء -للذهبي- 10/ 349 - 352.
(3)
يعني: عبد الله بن المبارك، وقد تقدمت ترجمته ص:148.
(4)
أورد عبد الله بن الإِمام أحمد، قول عبد الله بن المبارك في "السنة- ص: 41 ".
قال: حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه أبو عبد الرحمن قال: سمعت علي بن الحسين، يعني ابن شقيق، يقول: سمعت عبد الله يقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، وسمعته يقول: إنا لنحكي كلام اليهود. . .
(5)
أورد البخاري في كتابه -خلق أفعال العباد ص: 31 - ثلاثة أبيات لابن المبارك، مطلعها ما ذكره الشيخ رحمه الله هنا.
وسوف يوردها رحمه الله بعد صفحات قليلة من هذا الكتاب.
وروى (1) أبو داود [و](2) الخلال وغيرهما عن أبي شوذب (3)، قال: ترك جهم الصلاة أربعين يومًا، وكان فيمن خرج مع الحارث بن سريج (4).
وعن مروان بن معاوية الفزازي (5)، وذكر جهمًا فقال: قبح الله جهمًا، حدثني ابن عم لي أنه شك في الله أربعين صباحًا.
(1) أخرجه أبو داود السجستاني في مسائل الإِمام أحمد ص: 269، قال: أخبرنا أبو بكر، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا أحمد بن هاشم الرملي، قال: حدثنا ضمرة. . .
(2)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط. يقتضيها الكلام.
(3)
هو: أبو عبد الرحمن عبد الله بن شوذب البلخي ثم البصري نزيل بيت المقدس، وثقه أحمد وغيره، روى عنه ابن المبارك وغيره. ولد سنة 86 هـ وتوفي سنة 156.
راجع: الجرح والتعديل -لابن أبي هاشم- 2/ 2 / 82 - 83.
وتهذيب التهذيب -لابن حجر- 5/ 255 - 256.
وسير أعلام النبلاء -للذهبي- 7/ 92 - 93.
(4)
في الأصل: "سريح" والمثبت من: س، ط.
هو: الحارث بن سريج التميمي، كان من سكان خراسان، وخرج على أميرها سنة 116 هـ في خلافة هشام بن عبد الملك، ثم خرج منها هو وأتباعه واستولى على بلخ، والجوزجان وغيرها، وعظم أمره، ثم عاد إلى مرو سنة 127 هـ، وجرت بينه وبين نصر بن سيار، أمير خراسان فتنة قتل بسببها هو والجهم بن صفوان سنة 128 هـ.
راجع: الكامل -لابن الأثير- 5/ 342 فما بعدها. والبداية والنهاية -لابن كثير- 10/ 31 فما بعدها. والأعلام -للزركلي- 2/ 155 - 156.
(5)
هو: أبو عبد الله مروان بن معاوية بن الحارث بن عثمان الفزازي الكوفي، ثم الدمشقي، الإِمام الحافظ، وثقه النسائي وغيره، كان جوالًا في طلب الحديث، توفي سنة 193 هـ.
راجع: الجرح والتعديل -لابن أبي حاتم- 4/ 1 / 272 - 273. وسير أعلام النبلاء -للذهبي- 9/ 51 - 54. وتهذيب التهذيب -لابن حجر- 10/ 96 - 98.
وذكر البخاري (1) في كتاب "خلق الأفعال"(2) عن يحيى بن أيوب (3)، قال: كنا يومًا (4) عند مروان بن معاوية الفزاري فسأله رجل عن حديث الرؤية، فلم يحدثه به، قال (5): إن لم تحدثني به فأنت جهمي. فقال مروان: أتقول لي: جهمي، وجهم مكث أربعين ليلة (6) لا يعرف ربه؟! قال البخاري: وقال ضمرة (7)، [عن] (8) ابن شوذب:
(1) في خلق أفعال العباد ص: 38 للبخاري قال: حدثني أبو جعفر، قال: سمعت يحيى بن أيوب قال:. . .
(2)
هو كتاب "خلق أفعال العباد والرد على الجهمية - للبخاري".
ويعتبر من أنفس الكتب التي كتبها السلف رحمهم الله في الرد على المعطلة من الجهمية وغيرهم.
وقد طبع الكتاب في دلهي عام 1306 هـ بتحقيق شمس الحق عبد العظيم أبادي، وطبع بعد ذلك عدة طبعات.
راجع بتصرف: تاريخ التراث العربي -لفؤاد سزكين- المجلد الأول -الجزء الأول- علوم القرآن والحديث ص: 259، والمقدمة التي كتبها د. عبد الرحمن عميرة -محقق الكتاب- ص: 24 - 26.
(3)
هو: أبو زكريا يحيى بن أيوب المعروف بالمقابري البغدادي، أحد أئمة الحديث والسنة، وثقه غير واحد، ولد سنة 157 هـ، وتوفي سنة 233 هـ.
راجع: تاريخ بغداد -للبغدادي- 14/ 188 - 189. وطبقات الحنابلة -لابن أبي يعلى- 1/ 400 - 401. وشذرات الذهب -لابن العماد- 2/ 79.
(4)
في خلق أفعال العباد: ". . ذات يوم. . ".
(5)
في خلق أفعال العباد: ". . فقال له. . ".
(6)
في خلق أفعال العباد: "يومًا".
(7)
هو: أبو عبد الله ضمرة بن ربيعة الرملي من أهل دمشق، الإِمام الحافظ القدوة، محدث فلسطين، قال عنه الإِمام أحمد: ذلك الثقة المأمون رجل صالح مليح الحديث. توفي سنة 202 هـ.
راجع: الطبقات الكبرى لابن سعد- 7/ 471. وتهذيب ابن عساكر - 7/ 39 - 40. وسير أعلام النبلاء -للذهبي- 9/ 325 - 327.
(8)
ما بين المعقوفتين ساقط من جميع النسخ. والمثبت من: "خلق أفعال العباد ص: 31 " وهو سهو من الناسخ.
ترك جهم الصلاة أربعين يومًا (1) على وجه الشك، فخاصمه بعض السمنية، فشك فأقام أربعين يومًا لا يصلي، قال ضمرة: وقد رآه ابن شوذب.
قال البخاري (2): وقال عبد العزيز بن أبي سلمة (3): كلام جهم صفة (4) بلا معنى، وبناء بلا أساس، ولم يعد قط من أهل العلم.
وروى (5) أبو داود [و](6) الخلال عن إبراهيم بن طهمان (7)، قال:"ما ذكرته ولا ذكر عندي إلا دعوت الله عليه، ما أعظم ما أورث (8) أهل القبلة من منطقه هذا العظيم" يعني جهمًا.
(1)"يومًا" ساقطة من: س.
(2)
خلق أفعال العباد ص: 32.
وقد ذكره الذهبي في: سير أعلام النبلاء 7/ 312.
(3)
في س: "مسلمة" وهو تصحيف.
هو: أبو عبد الله عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون التميمي مولاهم المدني الفقيه، كان إماما مفتيًا، قال عنه ابن سعد:"كان ثقة" توفي سنة 164.
راجع: الطبقات الكبرى -لابن سعد- 7/ 323. والجرح والتعديل -لابن أبي حاتم- 2/ 2 / 386. وسير أعلام النبلاء -للذهبي- 7/ 309 - 312.
(4)
في خلق أفعال العباد: "صنعة". والمثبت من: سير أعلام النبلاء 7/ 312.
(5)
أخرجه أبو داود السجستاني في مسائل الإِمام أحمد ص: 269، قال: أخبرنا أبو بكر قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله قال: حدثني أبي قال: قال إبراهيم بن طهمان. . . ما ذكرت. . .
(6)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(7)
هو: أبو سعيد إبراهيم بن طهمان الهروي ثم النيسابوري، عالم خراسان، كان ثقة شديدًا على الجهمية جاور بمكة في آخر عمره، وتوفي سنة 163 هـ.
راجع: تاريخ بغداد -للبغدادي- 6/ 105 - 111. والجمع بين رجال الصحيحين للقيسراني- 1/ 16. وتذكرة الحفاظ -للذهبي- 1/ 213.
(8)
في س: "ورث".
وعن (1) يحيى بن شبل (2) قال: "كنت جالسًا مع مقاتل بن سليمان (3)، وعباد بن كثير (4)، إذ جاء شاب فقال: ما تقولون (5) في قوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلا وَجْهَهُ} (6) فقال مقاتل: هذا جهمي، ثم قال: ويحك إن جهمًا -والله- ما حج هذا البيت قط (7)، ولا جالس العلماء، إنما كان رجلًا أعطي لسانًا هذاء (8).
وقد ذكر البخاري (9) قال: "وقال ابن مقاتل (10): سمعت ابن
(1) أخرجه بهذا السند أبو داود في مسائل الإِمام أحمد. ص: 269.
(2)
يحيى بن شبل البلخي، روى عن عباد بن كثير، ومقاتل بن سليمان.
قال عنه الذهبي: لا يعرف، روى عنه مكي بن إبراهيم.
انظر: ميزان الاعتدال -للذهبي- 4/ 385. وتهذيب التهذيب -لابن حجر- 11/ 229.
(3)
هو: أبو الحسن مقاتل بن سليمان البلخي، صاحب التفسير.
قال عنه ابن سعد: أصحاب الحديث يتقون حديثه وينكرونه.
ويقول الذهبي: أجمعوا على تركه، توفي سنة نيف وخمسين ومائة.
راجع: الطبقات الكبرى -لابن سعد- 7/ 373. وتهذيب الأسماء واللغات -للنووي- 2/ 111. وسير أعلام النبلاء -للذهبي- 7/ 201 - 202.
(4)
في جميع النسخ: "عبد الله بن كثير" والمثبت من مسائل الإِمام أحمد، ولعله الصواب، فهو الذي يروي عنه يحيى بن شبل، وهو ضعيف الحديث.
انظر: لسان الميزان -لابن حجر- 2/ 270 - 275.
(5)
في مسائل الإِمام أحمد: "تقول".
(6)
سورة القصص، الآية:88.
(7)
"قط" ساقطة من: مسائل الإِمام أحمد.
(8)
"هذاء" ساقطة من: مسائل الإِمام أحمد.
(9)
انظر: خلق أفعال العباد. ص: 31.
وقد أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة ص: 12 - من طرق أخرى.
(10)
لعله: محمَّد بن مقاتل المروزي أبو الحسن (ت 226 هـ). أو: محمَّد بن مقاتل أبو جعفر العباداني (236 هـ). وكلاهما ثقة، روى عن عبد الله بن المبارك.
راجع: تاريخ بغداد -للبغدادي- 3/ 375 - 376. وتهذيب التهذيب -لابن =
المبارك يقول: من قال: "إني أنا الله لا إله إلّا أنا" مخلوق فهو كافر، ولا (1) ينبغي لمخلوق أن يقول ذلك، قال: وقال أيضًا:
ولا (2) أقول بقول الجهم إن له
…
قولًا يضارع قول الشرك أحيانًا
ولا أقول تخلى من بريته
…
ربّ العباد وولي الأمر شيطانًا
ما قال فرعون هذا في تجبره
…
فرعون موسى ولا فرعون هامانا
قال البخاري: وقال ابن المبارك: لا نقول كما قالت الجهمية: إنه في الأرض ها هنا، بل على العرش استوى، وقيل له: كيف نعرف ربنا؟ قال: فوق سماواته على عرشه، وقال لرجل (3) منهم: أبطنك خال منه (4)؟ فبهت الآخر، وقال: من قال لا إله إلَّا هو، مخلوق، فهو (5) كافر، وإنا لنحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية.
قال البخاري (6): وقال سعيد بن عامر (7): الجهمية
= حجر - 9/ 468 - 471.
(1)
في خلق أفعال العباد: ". . . لا ينبغي. . ".
(2)
في خلق أفعال العباد: "فلا".
(3)
في س، ط:"الرجل".
(4)
في خلق أفعال العباد: "أتظنك خاليًا منه".
(5)
في ط: "فهر".
(6)
وأخرجه الذهبي في "العلو" عن طريق عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: حدثنا أبي قال: حدثت عن سعيد بن عامر الضبيعي أنه ذكر الجهمية فقال: هم شر. . انظر: مختصر العلوم للذهبي -اختصار وتحقيق محمَّد ناصر الدين الألباني ص: 168.
(7)
هو: أبو محمَّد سعيد بن عامر الضبيعي البصري، كان ثقة صالحًا. قال ابن معين: ثقة مأمون. أخذ عنه الإِمام أحمد وإسحاق بن راهوية وغيرهما. ولد سنة 122 هـ، وتوفي بالبصرة سنة 208 هـ.
راجع: الطبقات الكبرى -لابن سعد- 7/ 296. وتذكرة الحفاظ -للذهبي- 1/ 351. والوافي بالوفيات -للصفدي- 15/ 231.
أشر (1) قولًا من اليهود والنصارى، قد اجتمعت (2) اليهود والنصارى وأهل الأديان (على)(3) أن الله تعالى على العرش، وقالوا: هم ليس على العرش (4).
وروى البخاري (5) عن وكيع بن الجراح، أنه قال: لا تستخفوا بقولهم: القرآن مخلوق، فإنه من شر قولهم، إنما يذهبون إلى التعطيل.
فهذا الذي ذكره الإِمام أحمد من مبدأ حال جهم إمام هؤلاء المتكلمين النفاة يبين ما ذكرته، فإنه لما ناظر (6) من ناظره من المشركين السمنية من الهند، وجحدوا الإله، لكون الجهم لم يدركه شيء من حواسه، لا ببصره، ولا بسمعه، ولا بشمه، ولا بذوقه، ولا بحسه، كان مضمون هذا الكلام أن كل ما لا يحسه الإنسان بحواسه الخمس، فإنه ينكره ولا (7) يقربه، فأجابهم الجهم: أنه قد يكون في الموجود ما لا يمكن إحساسه (8) بشيء من هذه الحواس وهي الروح التي في العبد، وزعم أنها لا تختص بشيء من الأمكنة، وهذا الذي قاله هو قول الصابئية (9) الفلاسفة المشائين (10).
(1) في جميع النسخ: "شر". والمثبت من: خلق أفعال العباد.
(2)
في س: "أجمعت".
(3)
"على" ساقطة من: الأصل، س. والمثبت من: ط.
(4)
في خلق أفعال العباد: ". . العرش من شيء".
(5)
في خلق أفعال العباد - ص: 37 - عن أبي جعفر محمَّد بن عبد الله، حدثني محمَّد بن قدامة السلال الأنصاري قال: سمعت وكيعًا يقول. . .
(6)
في الأصل: "ناظره" والمثبت من: س، ط.
(7)
في الأصل: "أولًا". والمثبت من: س، ط.
(8)
في الأصل، س:"الإحساس". والمثبت من: ط. ولعله المناسب.
(9)
في ط: "الصابئة". وتقدم التعريف بها ص: 222.
(10)
المشائي: هو الأرسطي، سمي مشائيًّا؛ لأن أرسطو كان يعلم تلاميذه. =
وقد قال البخاري (1): قال قتيبة، يعني ابن سعيد (2)، بلغني أن جهمًا كان يأخذ هذا (3) الكلام من الجعد بن درهم (4).
وقال البخاري (5): ثنا قتيبة، حدثني القاسم بن محمَّد (6)، حدثنا عبد الرحمن بن محمَّد بن حبيب (7) بن أبي حبيب، عن أبيه عن جده (8)
= ماشيًا والمشاؤون: هم أتباع أرسطو صاحب التعاليم، وبينه وبين أتباعه من الخلاف ما يطول وصفه.
راجع: المعجم الفلسفي - لجميل صليبا 2/ 373. ودرء تعارض العقل والنقل 1/ 157.
(1)
خلق أفعال العباد- ص: 30.
(2)
هو: أبو رجاء قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف الثقفي مولاهم البغلاني -نسبة إلى بغلان قرية من قرى بلخ- محدث ثقة، روى عنه البخاري ومسلم في صحيحهما، وروى عنه غيرهما. ولد سنة 150 وتوفي سنة 240 هـ.
راجع: تاريخ بغداد -للبغدادي- 12/ 464 - 470. وسير أعلام النبلاء -للذهبي- 11/ 13 - 24. وتهذيب التهذيب -لابن حجر- 8/ 358 - 361.
(3)
"هذا" ساقطة من: خلق أفعال العباد.
(4)
هو: الجعد بن درهم مبتدع ضال يقول بخلق القرآن، ويزعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلًا، ولا كلم موسى تكليمًا، وهو مؤدب مروان الحمار، وشيخ الجهم بن صفوان، قتله خالد بن عبد الله القسري.
راجع: ميزان الاعتدال -للذهبي- 1/ 399. وسير أعلام النبلاء -للذهبي- 5/ 432. والبداية والنهاية لابن كثير- 9/ 394 - 395، 10/ 23.
(5)
خلق أفعال العباد - ص: 29 - 30.
وأورده بهذا السند الذي ذكره البخاري الذهبي في سير أعلام النبلاء 5/ 432.
(6)
هو: أبو محمَّد القاسم بن أبي سفيان محمَّد بن حميد المعمري البغدادي -روى عنه قتيبة بن سعيد ووثقه، توفي سنة 228 هـ.
راجع: تاريخ بغداد -للبغدادي- 12/ 425. وميزان الاعتدال -للذهبي - 3/ 378. وخلاصة تهذيب الكمال -لصفي الدين الأنصاري- ص: 313.
(7)
في خلق أفعال العباد: "حبيبة".
(8)
هو: عبد الرحمن بن محمد بن حبيب بن أبي حبيب الجرمي -بفتح الميم- صاحب الأنماط، عن أبيه عن جده قال الذهبي: لا يعرف هؤلاء.
قال: شهدت خالد بن عبد الله القسري (1). . . . بواسط (2) يوم أضحى، وقال (3): ارجعوا فضحوا تقبل الله (4) منكم، فإني مضح بالجعد بن درهم، زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم (5) خليلًا، ولم يكلم موسى تكليمًا، سبحانه وتعالى عما يقول الجعد علوًا كبيرًا، ثم نزل فذبحه.
وهذا الجعد قد ذكروا (6) أنه من (7) أهل. . . . . . . . . . . . . . . . .
= راجع: ميزان الاعتدال -للذهبي- 2/ 585. وتهذيب التهذيب -لابن حجر- 6/ 265. وسير أعلام النبلاء -للذهبي- 5/ 432 هامش رقم (1).
(1)
هو: أبو الهيثم خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد بن كرز البجلي أمير العراقيين لهشام، وولي قبل ذلك مكة للوليد بن عبد الملك ثم لسليمان، كان جوادًا وخطيبًا مفوهًا. قال عنه الذهبي: صدوق لكنه ناصبي بغيض ظلوم، وقال ابن معين: رجل سوء يقع في علي، قتل الجعد بن درهم وهذه من حسناته مات مقتولًا عام 126.
راجع: وفيات الأعيان -لابن خلكان- 2/ 226 - 232. وميزان الاعتدال -للذهبي- 1/ 633. وسير أعلام النبلاء -للذهبي- 5/ 425 - 432.
في الأصل: القشيري" وهو خطأ.
(2)
"بواسط" ساقطة من: سير أعلام النبلاء. "وواسط" مدينة بدأ الحجاج بناءها عام 84 هـ وفرغ منها عام 86 هـ وسميت بذلك لتوسطها بين البصرة والكوفة، وهي بلدة عظيمة ذات بساتين ونخيل. راجع معجم البلدان 4/ 347 - 350.
(3)
في ط: "قال".
وفي سير أعلام النبلاء: "يقول ضحوا. . ".
(4)
سقط لفظ الجلالة من: ط.
(5)
في الأصل: ". . من إبراهيم". والمثبت من: س، ط، وسير أعلام النبلاء.
(6)
أشار ابن كثير في البداية والنهاية 10/ 23 - أن الجعد بن درهم من أهل الشام، وهو مؤدب مروان الحمار، ولهذا يقال له: مروان الجعدي، فنسب إليه.
ونقل الشيخ رحمه الله في درء تعارض العقل والنقل 1/ 313 - عن الإِمام أحمد أنه قال: "كان يقال: إنه من أهل حران وعنه أخذ الجهم بن صفوان مذهب نفاة الصفات، وكان بحران أئمة هؤلاء الصابئة الفلاسفة. . .
(7)
في س، ط:"كان من. . . ".
حران (1) وهو معلم مروان بن محمَّد (2)، ولهذا يقال له: الجعدي (3)، وكانت حران إذ ذاك دار الصابئية (4) الفلاسفة الباقين على ملة سلفهم أعداء إبراهيم الخليل، فإن إبراهيم (5) كان منهم ودعاهم إلى الحنيفية، وكان من قصته ما ذكره الله في كتابه، والحجة التي ذكرها مشركوا الهند الباطلة، والجواب الذي أجاب به مبتدعة الصابئين، ومن اتبعهم من مبتدعة هذه الأمة باطل، وذلك أن قول القائل: ما لا يحس به (6) العبد لا يُقِرُّ به أو ينكره.
إما أن يريد (7) به أن كل أحد من العباد لا يقر إلّا بما أحسه هو بشيء من حواسه الخمس.
أو يريد به أنه لا يقر العبد إلا بما أحس به العباد في الجملة أو بما يمكن الإحساس به في الجملة.
(1) حران: مدينة عظيمة مشهورة على طريق الموصل والشام والروم، كانت منازل الصابئة، وهم الحرانيون الذين يذكرهم أصحاب كتب الملل والنحل، فتحت أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه على يد عياض بن غنم، وينسب إليها جماعة من أهل العلم.
راجع: معجم البلدان -لياقوت الحموي- 2/ 234 - 236.
(2)
هو: أبو عبد الملك مروان بن محمَّد بن مروان بن الحكم الأموي، آخر خلفاء بني أمية، يعرف بمروان الحمار لجرأته في الحروب واشتهر بمروان الجعدي، نسبة إلى مؤدبه الجعد بن درهم، ولد سنة 72 هـ، ومات مقتولًا سنة 132 هـ.
راجع: سير أعلام النبلاء -للذهبي 6/ 74 - 77. والبداية والنهاية لابن كثير - 10/ 54 - 56. والأعلام -للزركلي- 8/ 96 - 97.
(3)
في س: "الجعد".
(4)
في ط: "الصابئة".
(5)
في س، ط:"إبراهيم الخليل".
(6)
في س: "له".
(7)
في الأصل: "إما أن يراد".
وفي ط: أو أن يريد". والمثبت من: س.
فإن كان أرادوا الأول، وهو الذي حكاه عنهم طائفة (1) من أهل المقالات، حيث ذكروا عن السمنية أنهم ينكرون من العلوم ما سوى الحسيات، فينكرون المتواترات (2) والمجربات والضروريات العقلية، وغير ذلك، إلَّا أن هذه الحكاية لا تصح على إطلاقها من جميع العقلاء (3) في مدينة أو قرية، وما ذكر (4) من مناظرة الجهم لهم يدل على إقرارهم بغير ذلك، وذلك أن حياة بني آدم وعيشهم في الدنيا لا يتم إلّا (5) بمعاونة (6) بعضهم لبعض في الأقوال، أخبارها وغير أخبارها، ودي الأعمال -أيضًا- فالرجل منهم لا بد أن يقرّ أنَّه مولود، وأن له أبًا وطئ أمه، وأمًّا ولدته وهو لم يبيح بشيء من ذلك من حواسه الخمس، بل أخبر بذلك، ووجد في قلبه ميلًا إلى ما أخبر به، وكذلك علمه بسائر أقاربه من الأعمام والأخوال والأجداد، وغير ذلك، وليس في بني آدم أمة تنكر الإقرار بهذا، وكذلك لا ينكر أحد من بني آدم أنَّه ولد صغيرًا، وأنه ربي بالتغذية والحضانة، ونحو ذلك حتَّى كبر، وهو إذا كبر لم يذكر إحساسه بذلك قبل تميزه، بل لا ينكر طائفة من بني آدم أمورهم الباطنة مثل جوع أحدهم، وشبعه (7)، ولذته، وألمه، ورضاه، وغضبه، وحبه وبغضه، وغير ذلك ممَّا لم يشعر به بحواسه الخمس الظاهرة، بل يعلمون أن غير [هم من](8) بني آدم يصيبهم ذلك،
(1) كعبد القاهر البغدادي في الفرق بين الفرق ص: 270 - 271. وأبي المظفر الإسفراييني في التبصير في الدين ص: 149.
(2)
في س: "المتواتر".
(3)
في س، ط:"عن جمع من العقلاء".
(4)
في س، ط:"ذكره".
(5)
في س: "لا".
(6)
في الأصل: "بمهاونة" وهو تصحيف. والمثبت من: س، ط.
(7)
في الأصل: "شبعته".
(8)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
وذلك (1) لم يشعروا به بالحواس الخمس الظاهرة، وكذلك ليس في بني آدم من لا يقر بما كان في غير مدينتهم من المدائن والسير والمتاجر وغير ذلك، ممَّا هم متفقون على الإقرار به، وهم مضطرون إلى ذلك، وكذلك لا ينكرون أن الدور التي سكنوها قد بناها البناؤون، والطبيخ الذي يأكلونه طبخه الطباخون، والثياب المنسوجة التي يلبسونها نسجها النساجون، وإن كان ما يقر (2) به من ذلك لم يحسه أحدهم بشيء من حواسه الخمس، وهذا باب واسع، فمن قال: إن أمة من الأمم تنكر هذه الأمور فقد قال الباطل.
وقول من يقول من المتكلمين: إن السوفسطائية (3) قوم ينكرون حقائق الأمور وإنهم منتسبون إلى رئيس لهم يقال له: "سوفسطا"(4)، وإن منهم من ينكر العلم بشيء من الحقائق، ومنهم من ينكر الحقائق الموجودة -أيضًا- مع العلوم، ومنهم اللاأدرية (5): الذين يشكون، فلا
(1) في س، ط:"ممَّا".
(2)
في س، ط:"يقرون".
(3)
في الأصل؛ س: "السوفسطانية" والمثبت من: ط. وتقدم التعريف بهم ص: 58.
(4)
سوف يبين الشَّيخ رحمه الله في الصفحة التالية، أن بعض المتكلمين ظن أن سوفسطا- اسم رجل انتسبت إليه السوفسطائية، والأصل غير ذلك، فهي كلمة يونانية أصلها "سوفسطيا" أي: الحكمة المموهة، فـ "سو" تعني: الحكمة و "فسطيا" أي: المموهة، فعربت وقيل:"سوفسطا".
(5)
في س: "للادرية".
واللاأدرية هم: الذين ينكرون العلم بثبوت شيء ولا ثبوته، ويزعمون أنَّه شاك وشاك في أنَّه شاك، وهلم جرًّا. .، فهم يقولون بالتوقف في وجود كل شيء وعلمه.
وهم فرقة من السوفسطائية، وقد جعلهم الشَّيخ رحمه الله النوع الأول من أنواع السفسطة عند تقسيمه لها، وقد تقدم ذكر هذه الأنواع عند التعريف بالسوفسطائية، فليرجع إليه ص:174.
يجزمون بنفي ولا إثبات، ومنهم من لا يقر إلَّا بما أحسه، قد ردّ هذا النقل والحكاية من عرف حقيقة الأمر وقال: إن لفظ السوفسطائية (1) في الأصل كلمة يونانية معربة، أصلها سوفسطيا؛ أي: الحكمة المموهة، فإن لفظ "سو" معناه في لغة اليونان الحكمة، ولهذا يقولون (2): فيلاسوفا؛ أي: محب (3) الحكمة، ولفظ فسطيا، معناها: المموهة، ومعلم المستأخرين المبتدعين منهم أرسطو (4)، لما قسم حكمتهم التي هي علمهم إلى برهانية وخطابية وجدلية وشعرية ومموهة (5)، وهي المغاليط سموها "سوفسطيا" (6) فعربت وقيل:"سوفسطا" ثم ظن بعض المتكلمين أن ذلك اسم رجل، وإنما أصلها ما ذكر، وإن كان لفظ
= راجع: التعريفات- للجرجاني ص: 191 - باب اللام. وكشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي 2/ 311، 3/ 173. والصفدية -لابن تيمية- 1/ 97 - 98.
(1)
في الأصل، س:"السوفسطانية" والمثبت من ط.
(2)
راجع حول هذا المعنى: الملل والنحل- للشهرستاني 2/ 58.
(3)
في س: "يحب".
(4)
هو: أرسطوطاليس بن نيقوماخس، الفيلسوف اليوناني، والمعلم الأول -ولد سنة 384 ق. م في "أسطاغيرا" مدينة مقدونية شمال "أثينا" تبعد عنها بنحو مئتي ميل، انتقل إلى "أثينا" لما بلغ الثامنة عشرة من عمره ليستكمل علومه، فانضم إلى المدرسة التي أسسها أفلاطون، وتتلمذ عليه عشرين سنة ثم اختلف معه بعد ذلك واستقل بآرائه. له كتب كثيرة في فنون مختلفة. توفي سنة 322 ق. م.
راجع: الملل والنحل للشهرستاني 2/ 119 - 120.
وقصة الفلسفة- و. ل. ديورانت- ترجمة فتح الله المشعشع ص: 67 - 125 وفي سبيل موسوعة فلسفية- أرسطو- د. مصطفى غالب ص: 15 وما بعدها.
(5)
في س، ط:"مموه".
(6)
في ط: سوفسقيا.
السفسطة (1) قد صار في عرف المتكلمين عبارة عن جحد (2) الحقائق، فلا ريب أن هذا يكون في كثير من الأمور، فمن الأمم من ينكر كثيرًا من الحقائق بعد معرفتها، كما قال تعالى:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} (3)، وقد يشتبه كثير من الحقائق على كثير من النَّاس، كما قد يقع الغلط للحس أو العقل في أمور كثيرة، فهذا كله موجود كوجود الكذب عمدًا أو خطأ، أما اتفاق أمة على [إنكار](4) جميع العلوم والحقائق، أو على إنكار كل منهم لما لم يحسه، فهو كاتفاق أمة على الكذب في كل خبر أو التكذيب بكلِّ خبر، ومعلوم أن هذا لم يوجد في العلم (5)، والعلم بعدم وجود أمة على هذا الوصف، كالعلم بعدم وجود أمة بلا ولادة ولا اغتذاء، وأمة لا يتكلمون ولا يتحركون، ونحو ذلك ممَّا يعلم أن البشر لا يوجدون (6) على هذا الوصف، فكيف والإنسان هو حي ناطق، ونطقه هو أظهر صفاته (7) اللازمة له، كما قال تعالى:{فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} (8) والنطق إما إخبار، وإما إنشاء، والإخبار أصل، فالقول بوجود أمة لا تقر بشيء من المخبرات إلَّا أن تحس المخبر بعينه ينافي ذلك، وإذا كان كذلك، فأولئك المتكلمون من المشركين والسمنية الذين ناظروا الجهم، قد غالطوا الجهم، ولبسوا (9)
(1) في الأصل: "السفسنطة"، والمثبت من: س، ط.
(2)
في ط: حجر.
(3)
سورة النمل، الآية:14.
(4)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط. يقتضيها الكلام.
(5)
في س، ط:"العلما".
(6)
في جميع النسخ: "يوجدن". ولعل ما أثبته يستقيم به الكلام.
(7)
في الأصل: "صفات". والمثبت من: س، ط.
(8)
سورة الذاريات، الآية:23.
(9)
في س: "غالطوا الجهم ليسوا".
وفي ط: "غالطوا. . . ".
عليه في الجدال، حيث أوهموه أن ما لا يحسه الإنسان بنفسه لا يقربه، وكأن الأصل أن ما لا يتصور الإحساس به لا يقرّ به، فكان حقه أن يستفسرهم عن قولهم ما لا يحسه الإنسان لا يقرّ به، هل المراد به هذا (1) أو هذا؟.
فإن أراد أولئك المعنى الأول أمكن بيان فساد قولهم بوجوه كثيرة، وكان أهل بلدتهم وجميع بني آدم يرد عليهم ذلك.
وإن أرادوا المعنى الثَّاني، وهو أن ما لا يمكن الإحساس به لا يقر به، فهذا لا يضر تسليمه لهم، بل يسلم لهم، يقال لهم (2): فإن الله تعالى يمكن (3) رؤيته ويسمع كلامه، بل قد سمع بعض البشر كلامه، وهو
(1) في س: "و".
(2)
"لهم": ساقطة من: س.
(3)
في ط: "تمكن رؤيته".
وهذا هو مذهب السلف الصالح -رضوان الله عليهم- المستمد من الكتاب والسنة وأقوال الصّحابة والتابعين لهم بإحسان، والأمر الذي يجب اعتقاده على كل مسلم يسير على نهجهم.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الرسالة التي أرسلها إلى أهل البحرين، وهي مذكورة ضمن الفتاوى 6/ 485 فما بعدها:
". . وإنَّما المهم الذي يجب على كل مسلم اعتقاده: أن المؤمنين يرون ربهم في الدار الآخرة في عرصة القيامة وبعد ما يدخلون الجنة على ما تواترت به الأحاديث عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عند العلماء بالحديث، فإنَّه أخبر صلى الله عليه وسلم أنا نرى ربنا كما نرى القمر ليلة البدر والشمس عند الظهيرة لا يضام في رؤيته".
ورؤيته -سبحانه- هي أعلى مراتب نعيم الجنة، وغاية مطلوب الذين عبدوا الله مخلصين له الدين، وإن كانوا في الرؤية على درجات على حسب قربهم من الله ومعرفتهم به.
والذي عليه جمهور السلف أن من جحد رؤية الله في الدار الآخرة فهو كافر، فإن كان ممن لم يبلغه العلم في ذلك عرف ذلك. كما يعرف من لم تبلغه شرائع الإسلام، فإن أصر على الجحود بعد بلوغ العلم له فهو كافر. . ".
والأدلة على ثبوت الرؤية من الكتاب والسنة وأقوال الصّحابة والتابعين =