الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسئولية عن الخطأ، وإذا انعدم الضرر فلا مسئولية (1) .
139-
ومقياس الخطأ فى الشريعة هو عدم التحرز: ويدخل تحته كل ما يمكن تصوره من تقصير فيدخل تحته الإهمال، وعدم الاحتياط، وعدم التبصر، والرعونة، والتفريط، وعدم الانتباه، وغير ذلك مما اختلف لفظه ولم يخرج معناه عن عدم التحرز.
140-
ومخالفة الأوامر والنصوص يدخل تحتها نصوص الشريعة نفسها ونصوص القوانين واللوائح والأوامر التى تصدرها السلطات التشريعية: ومجرد المخالفة يعتبر خطأ فى ذاته وترتب عليه مسئولية المخالف سواء فيما يمكن التحرز فيه أو ما لا يمكنه أن يتحرز فيه، ولكن يشترط للمسئولية أن يكون هناك ضرر كما قدمناه.
141-
ولا يشترط أن يكون الخطأ بالغًا حدًا معينًا من الجسامة: فيستوى أن يكون خطأ الجانى جسيمًا أو تافهًا، فهو مسئول جنائيًا لمجرد حصول الخطأ وعليه أن يتحمل نتيجة خطئه، وهى نتيجة لا تختلف باختلاف جسامة الخطأ أو تفاهته لأن عقوبة القتل الخطأ فى الشريعة ذات حد واحد ولا يجوز إنقاصها ولا إيقافها ولا العفو عنها من السلطات العامة. وينبنى على هذا أن المجنى عليه لا يستطيع أن يطالب بتعويض ما أصابه من ضرر إذا برأت المحكمة المختصة الجانى لأنه لم يحدث منه خطأ.
* * *
الركن الثالث: أن يكون بين الخطأ والموت رابطة السببية
142 -
يشترط ليكون الجانى مسئولاً أن تكون الجناية قد وقعت
(1) بدائع الصنائع ج7 ص271 ، 272.
نتيجة لخطئه: بحيث يكون الخطأ هو العلة للموت، وبحيث يكون بين الخطأ والموت علاقة السبب بالمسبب فإذا انعدمت السببية فلا مسئولية على الجانى.
143 -
ويسأل الجانى عن الموت ولو ساعد على إحداثه عوامل أخرى: كسوء العلاج واعتلال صحة المجنى عليه أو صغر سنه أو ضعف تكوينه كذلك يسأل عن الموت ولو اشترك فى الخطأ أكثر من شخص بغض النظر عن عدد الإصابات التى تسبب فيها كل، وفحش هذه الإصابة المنسوبة للجانى مهلكة بذاتها أو ساهمت فى إحداث الوفاة. وتعتبر رابطة السببية متوفرة سواء كان الموت نتيجة مباشرة للخطأ، كمن يعبث ببندقيته فتنطلق منه خطأ فتصيب المجنى عليه فتقتله أو كان الموت ليس نتيجة مباشرة للخطأ، كمن حفر بئرًا عدوانًا فجاء السيل ودحرج بجوارها حجرًا فعثر المجنى عليه بالحجر فسقط فى البئر فمات من سقطته.
144 -
والجانى مسئول عن خطئه ولو توالت الأسباب وبعدت النتائج: ما دام العرف يعتبره مسئولاً عن هذه النتائج، وقد تكلمنا طويلاً عن رابطة السببية بمناسبة القتل العمد، وما قيل هناك يمكن أن يقال هنا.
145 -
واشتراك شخص أو أشخاص فى الخطأ لا يعفى الجانى من مسئولية القتل العمد: ولكنه يخفف من العقوبة، إذ تقسم عليهم الدية بحسب عددهم لا بحسب عدد إصاباتهم فإذا اشترك ثلاثة فى قتل رابع خطأ فعليهم ديته أثلاثًا بغض النظر عن جسامة فعل كل منهم وعدد إصابته ما دام فعله قد ساهم فى إحداث الوفاة.
146 -
وإذا اشترك المجنى عليه مع الجانى فى الخطأ: تخفف العقوبة بقدر نصيب المجنى عليه؛ لأنه اشترك فى الفعل، فأعان على نفسه، فمثلاً إذا اشترك أربعة فى حفر بئر فوقعت عليهم فمات أحدهم فعلى كل من الثلاثة الباقين ربع دية فقط، وإذا كان عشرة يرمون بالمنجنيق فرجع عليهم بخطئهم فأصاب أحدهم