المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المثال التاسع والعاشر - التعليق على القواعد المثلى

[عبد الرحمن بن ناصر البراك]

فهرس الكتاب

- ‌قواعد في أسماء الله - تعالى

- ‌أسماء الله تعالى كلها حسنى

- ‌أسماء الله - تعالى - أعلام وأوصاف

- ‌أسماء الله تعالى إن دلت على وصف متعد، تضمنت ثلاثة أمور (1):أحدها: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.الثالث: ثبوت حكمها ومقتضاها

- ‌دلالة أسماء الله تعالى على ذاته وصفاته تكون بالمطابقة، وبالتضمن، وبالالتزام

- ‌أسماء الله تعالى توقيفية، لا مجال للعقل فيها

- ‌أسماء الله تعالى غير محصورة بعدد مُعَيَّن

- ‌الإلحاد في أسماء الله تعالى هو الميل بها عما يجب فيها

- ‌قواعد في صفات الله تعالى

- ‌صفات الله تعالى كلها صفات كمال، لا نقص فيها بوجه من الوجوه (1)؛ كالحياة، والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والرحمة، والعزة، والحكمة، والعلو، والعظمة، وغير ذلك

- ‌باب الصفات أوسع من باب الأسماء

- ‌صفات الله تعالى تنقسم إلى قسمين: ثبوتية، وسلبية

- ‌الصفات الثبوتية صفات مدح وكمال؛ فكلما كثرت وتنوعت دلالتها ظهر من كمال الموصوف بها ما هو أكثر

- ‌الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين: ذاتية، وفعلية

- ‌يلزم في إثبات الصفات التخلي عن محذورين عظيمين:أحدهما: التمثيل.والثاني: التكييف

- ‌صفات الله توقيفية لا مجال للعقل فيها

- ‌قواعد في أدلة الأسماء والصفات

- ‌الأدلة التي تثبت بها أسماء الله تعالى وصفاته هي (1):1 -كتاب الله - تعالى -،2 -وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛فلا تثبت أسماء الله وصفاته بغيرهما

- ‌الواجب في نصوص القرآن والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف،لاسيما نصوص الصفات حيث لا مجال للرأي فيها

- ‌ظواهر نصوص الصفات معلومة لنا باعتبار، ومجهولة لنا باعتبار آخر، فباعتبار المعنى هي معلومة، وباعتبار الكيفية التي هي عليها مجهولة

- ‌ظاهر النصوص ما يتبادر منها إلى الذهن من المعاني، وهو يختلف بحسب السياق وما يضاف إليه الكلام

- ‌فصلٌ

- ‌المثال الأول:

- ‌المثال الثاني:

- ‌المثال الثالث:

- ‌المثال الرابع:

- ‌المثال الخامس، والسادس:

- ‌تتمة

- ‌تنبيه

- ‌تنبيهٌ ثالث

- ‌المثال السابع والثامن

- ‌المثال التاسع والعاشر

- ‌المثال الحادي عشر

- ‌المثال الثالث عشر

- ‌المثال الرابع عشر

- ‌المثال الخامس عشر

- ‌الخاتمة

- ‌والجواب عن السؤال الثالث من وجهين

- ‌قال شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌مراجع التحقيق

الفصل: ‌المثال التاسع والعاشر

‌المثال التاسع والعاشر

قوله تعالى عن سفينة نوح: " تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا "[القمر: 14]، وقوله لموسى:" وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي "[طه: 39].

والجواب: أن المعنى في هاتين الآيتين على ظاهر الكلام وحقيقته، لكن ما ظاهر الكلام وحقيقته هنا؟ (1)

هل يقال: إِنَّ ظاهره وحقيقته أَنَّ السفينة تجري في عين الله؛ أو أن موسى عليه الصلاة والسلام يربى فوق عين الله - تعالى -؟!!

أو يقال: إن ظاهره أن السفينة تجري وعين الله ترعاها وتكلؤها، وكذلك تربية موسى تكون على عين الله - تعالى - يرعاه ويكلؤه بها.

ولا ريب أن القول الأول باطل من وجهين:

الأول: أنه لا يقتضيه الكلام بمقتضى الخطاب العربي، والقرآن إنما نزل بلغة العرب، قال الله - تعالى -:" إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ "[يوسف: 2]، وقال تعالى:" نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ "[الشعراء: 193 - 195]، ولا أحد يفهم من قول القائل:(فلان يسير بعيني) أَنَّ المعنى: أنه يسير داخل عينه، ولا من قول القائل:(فلان تخرج على عيني)، أَنَّ تخرجه كان وهو راكب على عينه، ولو اِدَّعَى مُدَّعٍ

(1) بدائع الفوائد (2/ 399 - 400)، وتوضيح مقاصد العقيدة الواسطية (93 - 103).

ص: 161

أن هذا ظاهر اللفظ في هذا الخطاب لضحك منه السفهاء فضلًا عن العقلاء.

الثاني: أن هذا ممتنع غاية الامتناع، ولا يمكن لمن عرف الله وَقَدَرَهُ حَقَّ قَدْرِهِ أن يفهمه في حق الله - تعالى -؛ لأن الله - تعالى - مستو على عرشه، بائن من خلقه، لا يحل فيه شيء من مخلوقاته، ولا هو حَالٌّ في شيء من مخلوقاته، سبحانه وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا.

فإذا تبين بطلان هذا من الناحية اللفظية والمعنوية تَعَيَّنَ أن يكون ظاهر الكلام هو القول الثاني أن السفينة تجري وعين الله ترعاها وتكلؤها، وكذلك تربية موسى تكون على عين الله يرعاه ويكلؤه بها. وهذا معنى قول بعض السلف بمرأى مني، فإن الله - تعالى - إذا كان يكلؤه بعينه لزم من ذلك أن يراه، ولازم المعنى الصحيح جزء منه كما هو معلوم من دلالة اللفظ حيث تكون بالمطابقة والتضمن والالتزام.

التعليق

هذه الآية وهي قوله تعالى: " تجري بأعيننا " أوضح في الدلالة على المراد؛ فالمعنى المراد منها ظاهر فلا تحتاج إلى تأويل، وهي أظهر في معناها من سائر الأمثلة المتقدمة، فاحتجاج الخصم بها على أهل السنة مغالطةٌ ظاهرة، أو جهل فاضح.

ولولا تلبيس المبطلين وتشويش أصحاب الأهواء ما كان هناك موجب للاحتراز، وأن هذه الآية لا تحتمل أبدًا هذا المعنى المنتفي بالضرورة، فلا يخطر ببال عاقلٍ كما قال الشيخ " تجري بأعيننا " [القمر: 14] لا يفهم عاقل أبدًا أن المعنى أنها تجري في عينه - سبحانه وتعالى عما يظن ويقول الجاهلون علوًا كبيرًا -، فقوله تعالى:" تجري بأعيننا "[القمر: 14] يعني:

ص: 162

تجري بمرأى منا وبكلأتنا وحفظنا يراها سبحانه وتعالى ، ففيها إثبات الرؤية، ولكن - أيضًا - فيها إثبات العينين لله ، فإذا قال المفسرون من أهل السنة تجري بأعيننا يعني بمرأى منا ، تجري والله يراها = لم يكن هذا تأويلًا ، مثل:" واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا "[الطور: 48] يعني: وأنت بمرأى منا ، كقوله:" وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين "[الشعراء: 217 - 219] ، فالآية لا تحتمل إلا هذا.

أما المعنى الآخر فليس محتملًا أبدًا؛ فلا يصح أن يقال: إِنَّ ظاهرها هو المعنى الفاسد ، وإن تفسيرها بالمعنى الذي قاله أهل السنة تأويل وإخراج للفظ عن ظاهره ، كلا أبدًا ، اللفظ لا يحتمل إلا هذا ، ولكن كما قلت: إن فيها هذا المعنى وفيها إثبات العين ، وإذا قال مفسروا أهل السنة " تجري بأعيننا " يعني بكلأتنا وبمرأى منا فليس هذا تفسير للعين ، هذا تفسير للجملة وبيان لمضمون الكلام ، ففيها إثبات العينين لله وإثبات الرؤية ، والباء في قوله:" تجري بأعيننا " للمصاحبة أي بمرأى منا؛ فالباء هنا ليست سببية ، وإنما للمصاحبة يعني: تجري والله يراها.

ص: 163