الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الرابعة:
دلالة أسماء الله تعالى على ذاته وصفاته تكون بالمطابقة، وبالتضمن، وبالالتزام
(1).
* مثال ذلك: (الخالق) يدل على ذات الله، وعلى صفة الخلق بالمطابقة.
ويدل على الذات وحدها، وعلى صفة الخلق وحدها بالتضمن.
ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام.
ولهذا لما ذكر الله خلق السموات والأرض قال: " لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً "[الطلاق: 12].
ودلالة الالتزام مفيدة جدًا لطالب العلم إذا تَدَبَّرَ المعنى ووَفَّقَهُ الله - تعالى - فهمًا للتلازم، فإنه بذلك يحصل من الدليل الواحد على مسائل كثيرة.
واعلم أن اللازم من قول الله - تعالى - وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صَحَّ أن يكون لازمًا فهو حق؛ وذلك:
1 -
لأن كلام الله ورسوله حق، ولازم الحق حق.
(1) مجموع الفتاوى (7/ 185 وَ 10/ 254 وَ 13/ 333 - 336، 383)، وبدائع الفوائد (1/ 285).
وانظر لأقسام الدلالات اللفظية: آداب البحث والمناظرة للشنقيطي (19)، وضوابط المعرفة (27) وغيرها من كتب علم أصول الفقه والمنطق.
2 -
ولأن الله - تعالى - عالم بما يكون لازمًا من كلامه وكلام رسوله فيكون مرادًا.
وأما اللازم من قول أحدٍ سوى قول الله ورسوله، فله ثلاث حالات:
الأولى: أَنْ يُذْكَرَ للقائل ويلتزم به؛ مثل أن يقول مَنْ ينفي الصفات الفعلية لمن يثبتها: يلزم من إثباتك الصفات الفعلية لله عز وجل أن يكون من أفعاله ما هو حادث. فيقول المثبت: نعم، وأنا ألتزم بذلك؛ فإن الله - تعالى - لم يزل ولا يزال فعالًا لما يريد، ولا نفاد لأقواله وأفعاله؛ كما قال تعالى:" قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً "[الكهف: 109]. وقال: " وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "[لقمان: 27]. وحدوث آحاد فعله - تعالى - لا يستلزم نقصًا في حقه.
الحال الثانية: أَنْ يُذْكَرَ له ويَمْنَع التلازم بينه وبين قوله؛ مثل أن يقول النافي للصفات لمن يثبتها: يلزم من إثباتك أن يكون الله - تعالى - مشابهًا للخلق في صفاته. فيقول المثبت: لا يلزم ذلك، لأن صفات الخالق مضافة إليه لم تذكر مطلقة حتى يمكن ما ألزمت به، وعلى هذا فتكون مختصة به لائقة به، كما أنك أيها النافي للصفات تثبت لله - تعالى - ذاتًا وتمنع أن يكون مشابهًا للخلق في ذاته، فأي فرق بين الذات والصفات؟!.
وحكم اللازم في هاتين الحالتين ظاهر.
الحال الثالثة: أن يكون اللازم مسكوتًا عنه، فلا يذكر بالتزام ولا منع؛ فحكمه في هذه الحال ألا ينسب إلى القائل،
1 -
لأنه يَحتمل لو ذكر له أن يلتزم به أو يمنع التلازم.
2 -
ويَحتمل لو ذكر له فتبين له لزومه وبطلانه أن يرجع عن قوله؛ لأن فساد اللازم يدل على فساد الملزوم.
ولورود هذين الاحتمالين لا يمكن الحكم بأن لازم القول قول.
فإن قيل: إذا كان هذا اللازم لازمًا من قوله، لزم أن يكون قولًا له، لأن ذلك هو الأصل، لاسيما مع قرب التلازم.
قلنا: هذا مدفوع بأن الإنسان بشر، وله حالات نفسية وخارجية توجب الذهول عن اللازم، فقد يغفل، أو يسهو، أو ينغلق فكره، أو يقول القول في مضايق المناظرات من غير تفكير في لوازمه، ونحو ذلك (1).
التعليق
هذه القاعدة مبنية على أنواع الدلالة.
وهي تارة تكون بالمطابقة وهي: دلالة اللفظ على كل معناه.
ودلالة التضمن هي: دلالة اللفظ على بعض معناه.
أما دلالته على أمر خارج عنه؛ فهذه دلالة التزام.
مثال ذلك: (البيت) يدل على كل تركيباته دلالة مطابقة.
ويدل على الأبواب دلالة تضمن، فإذا ذكر البيت نفهم أن فيه أبوابًا، وأن فيه حيطانًا فدلالته على وجود الحيطان والأبواب دلالة تضمن.
(1) مجموع الفتاوى (20/ 217 مهم، وَ 35/ 288)، القواعد الكلية (254، 515).
أما دلالته على أمر خارج عنه، فهذه دلالة التزام؛ كدلالته على الباني، لأنَّ هذا البناء لابد له من بانٍ. وهكذا كل فعل فإنه يستلزم فاعلًا ، وكذلك المفعول يستلزم فاعلًا.
وهكذا أسماء الله تدل على ذات الرب وصفاته بالمطابقة.
وعلى أحدهما بالتضمن.
وعلى معنى آخر باللزوم.
ومَثَّلَ الشيخ لهذا بالخالق.
ثم استطرد الشيخ فتكلم عن مسألة اللزوم، ومن القواعد: أن لازم الحق حق، ولازم الباطل باطل؛ فما يلزم من كلام الله وكلام رسوله فهو لازم، وهو مراد لهما؛ لأن الله عالم بما يلزم من كلامه ومن كلام رسوله.
أما المخلوق فعلى التفصيل الذي ذكره الشيخ (1)، والله أعلم.
(1) شرح الرسالة التدمرية (378).