الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: الإعداد للفتح
المبحث الأول: عزم الرسول صلى الله عليه وسلم على التجهز والحشد
لما خاب أمل أبي سفيان، انقلب إلى مكة خائب الرجاء، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين بالاستعداد والتهيؤ للمسير، ودخل صلى الله عليه وسلم على عائشة، وقال: جهِّزينا، وأخفي أمرك (1)، ودخل أبو بكر على ابنته وهي تجهز الرسول عليه الصلاة والسلام، تعمل دقيقاً وسويقاً.
وسألها الأب الصَدِّيق عن عزم الرسول عليه الصلاة والسلام؟ فقالت: ما أدري، واستعجمت عليه حتى دخل رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال له: يا رسول الله: أردت سفراً؟ قال: نعم، قال: أفأتجهز؟
(1) روى البخاري، ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما:((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة الفتح في رمضان)).
قال الزهري: وسمعت سعيد بن المسيب يقول: مثل ذلك.
وفي رواية له ولمسلم: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج [في رمضان] من المدينة، ومعه عشرة آلاف، وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدمه المدينة، فسار بمن معه من المسلمين إلى مكة، يصوم ويصومون، حتى بلغ الكديد - وهو ما بين عُسفان وقُديد - أفطر وأفطروا ((إلا أن لفظ البخاري أتم وأطول)).
[أخرجه البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الفتح في رمضان، برقم 4275، وفي كتاب الصوم، باب إذا صام أياماً من رمضان ثم سافر، برقم 1944، وفي كتاب الجهاد، باب الخروج في رمضان، برقم 2953، ومسلم، كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في نهار رمضان، برقم 1113، وانظر الأحاديث برواياتها في صوم النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح: صحيح البخاري برقم 1944، و1948، و2953، 4275، و4276، و4277، و4278، و4279].
قال: نعم.
قال أبو بكر: فأين تريد يا رسول الله؟
قال: قريشاً، وأخفِ ذلك يا أبا بكر.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاز، وأخفى عنهم الوجه الذي يريده.
واستمع المسلمون لأمر القيادة العليا، فمضوا يعبئون قواهم ويستعدون للسير مع الرسول صلى الله عليه وسلم (1)، ولما كان الرسول عليه الصلاة والسلام قد كتم النبأ، فقد ظن بعض أصحابه أنه كان يُخطّط لغزو الروم، ومنهم من اعتقد أنه يُخطط لهوازن وثقيف وهكذا.
وفي تكتمه ذلك أرسل عليه الصلاة والسلام لسكان البادية ومن دخل في الإسلام من حوله بالقول: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحضر رمضان بالمدينة، وقد لاقت دعوته قبولاً واستجابة.
وقد عقد الرسول عليه الصلاة والسلام مجلساً مع خاصة أصحابه،
(1) قال ابن هشام في السيرة، 4/ 56 - 57: وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجهاز، وأمر أهله أن يجهّزوه، فدخل أبو بكر على ابنته عائشة رضي الله عنها وهي تحرك بعض جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أي بنيّة أأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تجهّزوه؟ قالت: نعم، فتجهّز. قال: فأين ترينه يريد؟ قالت: لا، والله ما أدري. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الناس أنه سائر إلى مكة، وأمرهم بالجد والتهيؤ وقال:((اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها)) فتجهز الناس.
انظر: زاد المعاد، 3/ 398، والفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ص175، وحديث:((اللهم خذ العيون)) صححه محقق سيرة ابن هشام، وانظر أيضاً: أحمد السايح، معارك حاسمة في حياة المسلمين ص89.