الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - (3) يا فتى الطُّهرِ طِبتَ حيّاً وميّتاً
بقلم الشيخ: محمد بن أحمد الفراج
أخي الكريم/ أبا عبد الرحمن: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، وبعد:
سمعت كغيري نبأ وفاة ابنيك رحمهما ربهما، وآجرك فيهما، ولا أراك مكروهاً بقية عمرك المبارك، ولا فجعك في نفس وحبيب، وحضرت للعزاء كغيري، ولكن الشيء الذي بقي علمه مطويّاً عني هو هذا التميز الذي كان عليه فقيدك عبد الرحمن منذ صغره، قرأت الأسطر التي كتبتها في مقدمة كتابه، واستعرضت كتابه رحمه الله فأوجد لديّ شعوراً هائلاً ترجمت بعضه بهذه الأبيات:
1 -
هل لِقَلبٍ مِنَ الهُمُومِ عميدِ
…
يُسْعِف الفِكر في عَزاءِ سعيدِ
2 -
في مُصَابِ الفتى الهُمام ويوفي
…
حقَّ ذي العزم والبيانِ السَّديدِ
3 -
يقفُ الشِّعرُ حائراً كلُّ بَحْرٍ
…
يُعلِن العَجزَ عن رثاءِ الفقيدِ
4 -
إنَّ عبدَ الرَّحمن بدرُ تمامٍ
…
فجأةً غابَ عن سماءِ الوجودِ
5 -
ودّع الصَّحبَ تاركاً كلَّ جَفنٍ
…
يَتَلظَّى مِنْ حرقة التَّسهيدِ
6 -
لوْعَةٌ في الُفؤادِ من وَحْشةِ البينِ
…
وحُزنٌ ودمْعَةٌ في الخُدودِ
7 -
ما دَرَى قَبْرهُ ولا دافِنُوهُ
…
أيَّ شهمٍ قد غيَّبُوا في اللحودِ
8 -
أيَّ نبلٍ قد ودَّعُوا وذَكاءٍ
…
وكريمٍ مِنَ الخِصَال وَجُودِ
9 -
وشبابٍ في الرَّوعِ حَامَتْ عليهِ
…
حائِماتٌ أظفارُها من حديدِ
10 -
ما لقلبي كقطعةٍ من جَليدٍ
…
ولعَيني كصخرةِ الجلمودِ
11 -
تقصِفُ الحادثاتُ شَرقاً وغَرباً
…
وجَنُوباً وشَمالاً كالرُّعُودِ
12 -
وأرَانا وكُلّنا في سُباتٍ
…
وسُعارٍ على الدَّنايا شديدِ
13 -
كلّ يومٍ نرى مُصاباً جديداً
…
في حبيبٍ أو والدٍ أو وليدِ
14 -
كم رسولٍ قد أرسلَ الموتَ فينا
…
ونذيرٍ محذّرٍ وبريدِ
15 -
والمنايا لنا بكلِّ طريقٍ
…
راصِدات يرمقنَنَا من بعيدِ
16 -
وأرانا على الرَّزايا مُكبِّين
…
سُكارَى متاعِها المعبودِ
17 -
يا فتىً فتَّ موته كلَّ قلبٍ
…
إذ مُصاب التُّقاة قرحُ الكُبُودِ
18 -
غيرُ مأسوفَة الزَّوالِ حياةٌ
…
زلتَ عنها وعيشِها المَنْكُودِ
19 -
ما رأينا من أهلها غيرَ لُؤم
…
ونفاقِ مخادعٍ وكُنودِ
20 -
يذهبُ الصَّالِحونَ عنها وتُبقي
…
كلّ نذلٍ وفاجرٍ وبليدِ
21 -
في قليلٍ من الصلاحِ عزيز
…
في غريبٍ مِنَ الأنامِ شريدِ
22 -
يا فتى الطّهر طِبتَ حيّاً ومَيْتاً
…
وتسامَيْتَ في مَرَاقي الصُّعُودِ
23 -
ناشئاً في عبادةِ الله ترجو
…
مِنْحةَ الرّبّ في ظلالِ الوَدُودِ
24 -
لكأنّي بالذِّكرِ صارَ أنيساً
…
لك في القبرِ والكتابِ المجيدِ
25 -
وكأنِّي أرى خيالَكَ طَيفاً
…
مُشرقَ الوَجهِ في سَماءِ الخُلودِ
26 -
وكأنّي بِكَ ازدَريتَ حياةَ
…
الذُّلِّ والعيشَ في رباقِ العبيدِ
27 -
فابتدَرتَ الهِلال لله تَعْدُو
…
عَدْوَ صَبٍّ لم ينتظِرْ يومَ عِيدِ
28 -
أيُّ عيدٍ يُسرُّ فيه ذليلٌ
…
لصليبٍ وحفنةٍ من يهودِ
29 -
شَرِبوا الذُّلَّ باليدين ونامُوا
…
ملء جفنٍ وكلبُهم بالوَصِيدِ
30 -
باسِطٌ فوقهم ذِراعيهِ قَهْراً
…
غاصبٌ منهم ديارَ الجُدودِ
31 -
عائِثٌ في البلادِ قتلاً وأسراً
…
محكمٌ قبضةَ العدوّ اللدودِ
32 -
فلِهَذا وغيرِهِ وكثير
…
يا فتى قد مَلَلْتَ عيش الرّقودِ
33 -
فإلى الله والجِنَان وحورٍ
…
وقُصُور وظلّها الممدودِ
34 -
في رياضٍ من النَّعيم فِساح
…
وشُهودٍ من الإلهِ مزيدِ
35 -
وجِوَار من النبيين طُوبَى
…
لجوارِ الكليم مُوسى وهُودِ
36 -
وجِوار النَّبيِّ والصَّحب سَعدٍ
…
وعليّ وعامرٍ وسعيدِ
أخوك الوادُّ
محمد بن أحمد الفراج