الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل السنة قطعية أم ظنية؟:
السنة المتواترة قطعية الورود عن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن تواتر النقل يفيد الجزم بصدق الرواة، والسنة المشهورة قطعية الورود عن الصحابي الذي نقلها عن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن من تلقاها عن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس جمعاً من جموع التواتر، وسنة الآحاد ظنية الورود عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
حجية السنة:
لا خلاف أن أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم، وأفعاله، وتقريراته التي قصد بها التشريع ونقلت إلينا بسند صحيح يفيد القطع أو الظن الراجح يعتبر حجة ملزمة للمسلمين، ومصدراً تشريعيّاً واجب الاتباع، قال الله سبحانه:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} (1) الآية.
2 - الفوائد المقتطفة من التفسير
.
د. جمعة، الأربعاء شهر 6/ 1422هـ
*
أسباب النزول:
(1) سورة الحشر، الآية:7.
(2)
سورة البقرة، الآيتان: 164 - 165.
أ - عن ابن عباس رضي الله عنهما ((أن قريشاً منعوا الرسول عليه الصلاة والسلام الصلاة عند الكعبة في المسجد الحرام، فأنزل الله: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ الله} الآية (1).
وفي رواية أخرى: ((عن عبد الرحمن بن زيد أنه قال: هم المشركون حين صدوا رسول الله عن البيت يوم الحديبية)).
ب - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((كان النبي يصلي على راحلته تطوعاً أينما توجهت به، ثم قرأ ابن عمر: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ الله إِنَّ الله وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (2)((الآية)).
والآية أباحت للمصلي كما فعل الرسول عليه الصلاة والسلام.
{وَمَنْ أَظْلَمُ} : هذا الاستفهام للنفي: أي لا أحد أظلم، دلت الآية على هذا الظلم بأنه بلغ نهايته.
{أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} : له ثلاثة أوجه في الإعراب.
الأول: أنه بدل من مساجد. وتقدير المعنى: ومن أظلم ممن منع مساجد الله بمنع ذكر اسمه فيها.
الثاني: أنها مفعول له: (
…
كراهية أن يذكر فيها اسمهُ .. ) أو (
…
من أن يذكر فيها اسمه).
(1) متفق عليه، البخاري، برقم 400، ومسلم، برقم 540، وهذا لفظ الترمذي، برقم 2958.
(2)
سورة البقرة، الآية 165.
الثالث: أنها مفعول ثان للفعل (منع)، ومَنَع: تنصب مفعولين:
المفعول الأول: مساجد.
الثاني: ذكر اسم الله (مصدر محول من مصدر مؤول).
{وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} : قال المفسرون: هي أعم من قوله أن يذكر فيها اسمه؛ لأن السعي في خراب المساجد يشمل خرابها وزيادة.
{لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} : أي الذل.
{تُوَلُّواْ} تتجهوا.
{فَثَمَّ} : هناك. أو هنالك.
أي: أينما اتجهت.
{إِنَّ الله وَاسِعٌ عَلِيمٌ} : وذلك بأنه وسع على عباده بتحليل ذلك لهم.
الفوائد والأحكام:
1 -
حرمة منع المسلمين من عمارة المساجد، وحرمة السعي في تخريبها.
2 -
تعظيم أمر الصلاة ببيان أنها لمَّا كانت أفضل الأعمال وأعظمها أجراً، كان منعها أعظم إثماً.
3 -
تعظيم أمر المساجد بالوعيد الشديد لمن يسيء إليها.
4 -
وجوب العناية بالمساجد وإعمارها بالصلاة والذكر.
5 -
بيان أن المساجد لله، وليست مملوكة لمن يبنيها، وأن من بنى مسجداً على أرض له وجعلها للمسلمين، خرجت الأرض والمسجد عن
جملة أملاكه وصار للمسلمين.
6 -
وجوب حماية المساجد من دخول الكفار إليها.
7 -
وجوب إظهار شوكة المسلمين وقوتهم؛ لإخافة أعداء الله.
8 -
جواز الصلاة النافلة على الراحلة في السفر إلى غير جهة القبلة.
9 -
سقوط شرط استقبال الكعبة عند الصلاة المكتوبة عند التباس أمر القبلة على المصلي.
10 -
بيان فضل سعة الله وفضله، وأن الشرائع مبنية على التيسير والتخفيف.
11 -
اختلف العلماء في صحة الصلاة المكتوبة عند التباس القبلة على المصلي: فذهب الشافعية إلى أنها لا تجزئه، واستدلوا على ذلك بأن القبلة أي استقبال القبلة شرط من شروط الصلاة، فلا يكون الخطأ عذراً في تركها، وذهب الجمهور إلى صحة الصلاة من غير إعادة، مع استحباب [الإمام] مالك الإعادة في الوقت، واستدل الجمهور بما رواه ابن ماجه والترمذي عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال:((كنا مع الرسول صلى الله عليه وسلم في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل حياله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم، فنزل قوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ الله})) (1).
(1) أخرجه الترمذي، برقم 2957، وابن ماجه، برقم 1020، وحسنه العلامة الألباني في إرواء الغليل، 1/ 323. والآية 115من سورة البقرة.
وقد أجيب على استدلال الشافعية بأن هذه من حالات الضرورات التي تبيح المحظورات، وقد اتفق العلماء على صحة صلاة المجاهد إلى أي جهة حال المسايفة، وهي الضرب بالسيف، فهذه ضرورة أباحت للمصلي ترك القبلة.
تفسير د. الزناتي
* القصاص في الاصطلاح: أن يُفعل بالجاني مثل فعله، إن قَتَل يُقتل، وإن جَرحَ يُجرح.
{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ} : دلالة على أن القتل أمر عارض على المجتمع؛ لأنه جعلهم إخوة.
{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} : إذا عرف الناس أن القاتل يُقتل كفّوا عن القتل، فإذا انعدم القتل كسبنا حياتين:
- الحياة الأولى: حياة للمقتول (أو الشخص الذي أريد به القتل) بحيث امتنع عمن أراد القتل عن قتله.
- الحياة الثانية: حياة للقاتل بحيث امتنع عن القتل فلا يقتل.
حدود الإسلام ستة:
وقد شرعت لحفظ ستة حقوق، وهي:
(1) سورة البقرة، الآيتان: 178 - 179.
1 -
حق الحياة: وصيانة لهذا الحق فقد شرع القصاص.
2 -
حق الدين: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أُمِرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم، وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله)) (1)، وهم المشركون المتعصبون ضد الإسلام، وقال صلى الله عليه وسلم:((من بدّل دينه فاقتلوه)) (2).
3 -
حق المال: كفل الإسلام حق الملكية الخاصة، فشرع قطع يد السارق.
4 -
حق العرض: شرع حد الزنى لحفظ العرض، وشرع حد القذف.
5 -
حق العقل: ولذلك شرع حد الشارب.
6 -
حق الأمن العام: لذلك شرع حد الحرابة: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ} (3) الآية.
أولاً: حد القصاص:
الرأي الأرجح: أن الحدود زواجر وجوابر، بحيث ينزجر فاعله،
(1) البخاري، برقم 25، ومسلم، برقم 21، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(2)
البخاري، برقم 3017، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(3)
سورة المائدة، الآية:33.
وينجبر الخطأ الذي فعله. (زواجر): لمن شاهد.
- هل يقتل الحر بالعبد، والمسلم بالذمي؟
رأيان للعلماء:
1 -
لا يجوز قتل الحر بالعبد، ولا المسلم بالذمي، وهو رأي كل من الشافعية، والمالكية، وأحمد.
2 -
يقتل الحر بالعبد، والمسلم بالذمي، وهو قول أبي حنيفة.
* أدلة الجمهور:
1 -
{الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} (1) الآية. قال: فاشترطت الآية المساواة في النوع، وعلى ذلك لا يجوز قتل الحر بالعبد؛ لأن العلماء أخذوا بمنطوق الآية.
2 -
قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لا يقتل مسلم بكافر)) (2) ..
3 -
(بالمعقول): قالوا: إن العبد مثل السلعة، وصاحب السلعة قد يتلفها ولا يضمنها، ثم إن العبد جاء نتيجة الكفر، والقتال، فهو شر الدواب.
* أدلة أبي حنيفة:
استدل أبو حنيفة بسبعة أدلة:
1 -
عموم الآية: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (3)، والجزء الآخر
(1) سورة البقرة، الآية:178.
(2)
البخاري، برقم 111، عن أبي جحيفة عن علي رضي الله عنه.
(3)
سورة البقرة، الآية:178.
من الآية هو مقابل ما كان موجوداً في الجاهلية.
2 -
الآية: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (1) الآية، فشرع من قبلنا شرع لنا إن لم ينسخ.
3 -
عموم قوله: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا} (2).
4 -
قوله عليه الصلاة والسلام: ((المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم، ولا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده)) (3).
5 -
قوله صلى الله عليه وسلم: ((من قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه، ومن خصى عبده خصيناه)) (4).
6 -
واستدل من السنة بما رواه البيهقي بسنده، وضعفه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل مسلماً بمعاهد. وقال:((أنَا أَحَقُّ مَنْ أَوْفَى بِذِمَّتِه)) (5).
(1) سورة المائدة، الآية:45.
(2)
سورة الإسراء، الآية:33.
(3)
رواه أبو داود، برقم 2753، والنسائي، برقم 4746 عن علي رضي الله عنه، وصححه الحاكم، 2/ 141، والألباني في صحيح أبي داود، برقم 2390.
(4)
[رواه أبو داود، برقم 4517، الترمذي، برقم 1414، وحسنه، وابن ماجه، برقم 2663، والنسائي، برقم 4736، والحاكم، 4/ 367، وصححه، ووافق عليه الذهبي.
(5)
مسند الشافعي، 1/ 412، والدارقطني، 3/ 135، والسنن الكبرى للبيهقي، 8/ 30.
7 -
استدلال عقلي: إن مال العبد يقطع به، فكذلك روح العبد إذا أزهقت يقتص بها؛ لأن حرمة الروح أولى من حرمة المال، فيقتل من قتل عبده.
الراجح هو: [ما ذهب إليه] أبو حنيفة في الشق الأول (الحر بالعبد)؛ لكثرة الأدلة، مع الدليل العقلي.
[وما ذهب إليه] الجمهور: هو أرجح في عدم قتل المسلم بالذمي.
الحكم الثالث: هل يقتل الوالد إذا قتل ولده؟
1 -
الجمهور: ومنهم مالك في أحد قوليه: لا يقتل والد إذا قتل ولده؛ لقوله عليه السلام: ((لا يقتل الوالد بالولد)) (1). [رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه، عن عمر رضي الله عنه].
دليل العقل: (أن الأب كان سبباً في وجود ابنه، فلا يعقل أن يكون الابن سبباً في عدم أبيه (قتله).
2 -
يقتل بولده إذا تعمد قتله، وأضجعه وذبحه متعمداً. (قول مالك الآخر).
3 -
يقتل به لعموم: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} (2) الآية.
(1) أخرجه الترمذي، برقم 1400، وابن ماجه، برقم 2662، وأحمد، برقم 147، والدارقطني،
3/ 141، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، برقم 2157.
(2)
سورة البقرة، الآية:178.
ولعلهم لا يقبلون أخبار الآحاد في مواجهة عموم القرآن، وعلى ذلك فالرأي الراجح هو: رأي الجمهور الذي ينص على عدم قتل الأب بابنه؛ ولأن الشفقة تمنعه من قتل ابنه.
الحكم الرابع: هل يقتل الجماعة بالواحد: اختلف الفقهاء رحمهم الله على رأيين:
1 -
مذهب الجمهور: أن الجماعة تقتل بالواحد.
2 -
رأي أبي داود الظاهري، ورواية عن أحمد: لا تقتل الجماعة بالواحد.
الأدلة: دليلان لجمهور أهل العلم:
استدل الجمهور: بفعل عمر بن الخطاب، وإجماع الصحابة على ذلك، أنه أمر بقتل سبعة رجال تمالأوا على قتل غلام باليمن.
وما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمنٍ لأكبهم الله في النار)) (1).
إذا كان هذا جزاءهم في الآخرة، فلماذا لا يعاقبون في الدنيا، إذا اشتركوا في الأخروية، فالدنيوية من باب أولى؟
ثم إن الله شرع القصاص حفاظاً على المجتمع من القتل، فإذا وجد
(1) رواه الترمذي، برقم 1398 عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي، 2/ 103.
القتل من واحد يمنعه القصاص، وكذلك الجماعة.
استدلال الظاهرية: استدلوا بظاهر {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} (1)، وظاهر {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (2).
والراجح: ما ذهب إليه الجمهور؛ لأن القصاص شرع لمنع القتل.
الحكم الخامس: كيف يقتل الجاني عند القصاص:
- على قولين:
1 -
مالك، والشافعي، ورواية عن أحمد: القصاص يكون بنفس الطريقة التي قتل بها المقتول. (حرقاً بحرق، ورضخاً برضخ
…
).
2 -
أبو حنيفة، ورواية عن أحمد: القتل لا يكون إلا ضربة بالسيف؛ لأن الغرض إتلاف نفس بنفس. أدلتهم: (لا قود إلا بالسيف). و (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المثلة). وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قتلتم فأحسنوا القتلة)) (3).
ولأن القتل بنفس الطريقة لا تضمن المماثلة والتساوي، وعليه فالرأي الثاني هو الراجح لكثرة الأدلة، وصحة الدليل العقلي.
الحكم السادس: ما حكم من قتل بعد أخذ الدية؟
أربعة أقوال:
(1) سورة البقرة، الآية:178.
(2)
سورة البقرة، الآية:178.
(3)
رواه مسلم، برقم 1955، عن شداد بن أوس رضي الله عنه.
1 -
مالك والشافعي: هو كمن قتل ابتداء، يقام عليه القصاص.
2 -
عذابه أن يقام عليه القصاص، ولا تؤخذ منه الدية، ولا يمكن الولي من العفو عنه. (عكرمة، والسدي).
3 -
أن يرد الدية.
4 -
عمر بن عبد العزيز: أمره إلى الإمام.
والثاني: أرجح؛ لأنه على [ظاهر] الآية.
الحكم السابع: من الذي يتولى بعد أخذ القصاص.
ولي الأمر (بإجماع العلماء)
- هل يقتص السلطان من نفسه إذا اعتدى على بعض رعيته؟
نعم.
مقاصد أهداف الآيات الكريمة:
1 -
تشريع القصاص فريضة من الله لعباده المؤمنين، وذلك لصلاحهم وسعادتهم.
2 -
القصاص يقلل الجرائم، ويقضي على الضغائن، ويربي الجناة.
3 -
في القصاص حياة النفوس، وحماية الأفراد والمجتمعات البشرية.
4 -
الاعتداء على غير القاتل من العصبية الجاهلية التي حرمها الإسلام.
5 -
وجوب المماثلة في القصاص، حتى لا ينتشر البغي والظلم.
6 -
وجوب دفع الدية على القاتل إذا عفا أهل القتيل، ورضوا بالدية.
7 -
تخفيف العقوبة رحمة من الله على أمة الإسلام دون غيرها.
* آيات الوصية حكم شرعي جديد توسط حكمين هما: القصاص، والصيام.
مناسبة الآيات هذه لما قبلها:
لما تحدثت الآيات السابقة عن أحكام القصاص وما يتعلق به، جاءت هذه الآيات بتشريع جديد (حكم جديد) وهو حكم الوصية للوالدين والأقربين.
{حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} : حضور الموت: ظهور أسبابه ودواعيه وعلاماته، وقدم المفعول على الفاعل.
والآية فيها استعارة مكنية حيث شبه الموتى بشخص يحضر، وحذف المشبه به، وأتي بلازم من لوازمه وهو الحضور.
{إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} :
إن: شرطية.
(1) سورة البقرة، الآيات: 180 - 182.
ترك: فعل شرط. وجوابه على رأيين:
1 -
إن ترك خيراً، فالوصية
…
، ثم حذفت الفاء.
2 -
محذوف دل عليه ما قبله، أي جوابه مقدر قبله (كتب الوصية للوالدين والأقربين، إن ترك خيراً).
* ختم الله سبحانه الآيات، بحيث جعل في هذه الآيات انسجام بين الحروف والكلمات والفواصل والآيات.
* ختم الله بقوله: {إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} .
الأحكام الشرعية في الآيات:
1 -
هل هذه الآيات محكمة أم منسوخة؟
رأيان للعلماء:
أ - الآيات محكمة؛ لأنها وإن كان ظاهرها العموم، إلا أنها تصلح للخصوص. قاله الضحاك، وطاوس والحسن، واختاره الإمام الطبري ..
ب - مذهب الجمهور: على أن الآية عامة، وعمل بها مدة زمنية، ثم نسخت بآيات المواريث في سورة النساء، ونسخت بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله:((إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث)) (1).
(1) رواه أبو داود، برقم 2872، والترمذي، برقم 2120، وابن ماجه، برقم 2713، والنسائي، برقم 3641، عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه. قاله قتادة، وابن عباس، والحسن. وصححه الألباني في صحيح أبي داود، برقم 2494.
2 -
ما هو مقدار المال الذي تجب فيه الوصية:
- لابد أن يكون المال كثيراً.
- قيل: قال بعضهم: أقله سبعمائة دينار.
وقال بعضهم: هو ما زاد على خمسمائة.
والرأي الثاني: أن الوصية واجبة في المال قل أو كثر، والأول أرجح.
3 -
هل الوصية تجب على من عليه دين، وله عند الناس ودائع؟
أجمع العلماء أنها تجب عليه.
4 -
ما مقدار الوصية؟
[مقدارها الثلث، والثلث كثير].
أهداف ومقاصد آيات الوصية:
1 -
حرص الإسلام على صلة الرحم، والحث على صلتها وبرها، ولو بعد الموت.
2 -
أحقية الوالدين من بين القرابات في كل بر وصلة، ورحمة، وأنهما الأولى في ذلك.
3 -
مشروعية النسخ في أحكام الشريعة من أجل مصلحة الفرد والجماعة.
4 -
وقوع إثم التبديل في الوصية على من سمعها من الموصي، قبل موته إن كانت شرعية.
5 -
جواز التبديل في الوصية، والإصلاح بذلك إذا كان الخطأ أو الظلم
من الموصي نفسه.
6 -
جمال التذييل في الآيات الكريمة يدل على بلاغة ودقة وإحكام آيات القرآن وسوره ..
* مناسبة هاتين الآيتين لما قبلهما:
هي آيات تتضمن حكماً شرعيّاً تلي حكماً شرعيّاً آخر، تحدث أولاً عن القصاص، ثم الوصية ثم الصيام.
تفسير د. الزناتي، الثلاثاء: 22/ 7/1422هـ
{شَهْرُ رَمَضَانَ} (2): شهر: أتى مرفوعاً لاعتبارات ثلاث:
أ - مبتدأ، وخبر صلة.
ب - خبر لمبتدأ محذوف: الشهر الواجب صيامه شهر رمضان.
ج - بدل من الصيام في الآية الأولى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} .
(1) سورة البقرة، الآيتان: 183 - 184.
(2)
سورة البقرة، الآية:185.
وفي قراءة: بالنصب: شهرَ رمضانَ: تقديره: صوموا شهر رمضان، منصوب على الإغراء.
{أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} : فيه ثلاثة أقوال:
1 -
أي أنزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا.
2 -
أي أنزل أول القرآن في رمضان (اقرأ).
3 -
أي أنزل في بيان شأنه وعلوه، وبيان أهميته (بيان أهمية رمضان). {هُدًى} حال، أو مفعول لأجله.
هناك ارتباط بين القرآن وشهر رمضان، حيث إنه شهر القرآن، فقراءته مضاعفة في هذا الشهر.
{فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ} : هذه الآية نسخت الآية التي قبلها، أبقت هذه الآية رخصة الصيام والسفر، ونسخت الفدية.
{أَوْ عَلَى سَفَرٍ} : فمن كان مريضاً أو على سفر فأفطر فعدة .. وهذا تقدير محذوف؛ للإيجاز.
{فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} : أي يقضي في الأيام الأخرى.
{يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ} : اليسر لا يأتي إلا مع المشقة الشديدة.
* بين كلمة {الْيُسْرَ} ، و {الْعُسْرَ} محسِّنان بديعيان: جناس وطباق، وبين {يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ} ، {وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}: مقابلة.
الأول: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر .. أجزاء الآية معطوفة.
الآخر:
* الأحكام الشرعية في هذه الآيات:
1 -
ما هو المرض والسفر المبيح للإفطار؟
اختلف العلماء على ثلاثة أقوال:
الأول: وهو قول جمهور الفقهاء: ((إن المرض المبيح للفطر هو الشديد الذي يُؤدِّي إلى ضرر في النفس، أو زيادة في العلَّة، أو تأخر في الشفاء، وكذلك السفر الطويل الذي يؤدي غالباً إلى جهد ومشقة شديدة.
وهو قول الأصم: إن هذه الرخصة مخصوصة للمريض الذي لو صام لوقع في أدنى مشقة وجهد، وكذلك المسافر الذي يضنيه السفر ويجهده ولو قليلاً.
الظاهرية: إن مطلق المرض والسفر يُبيح لنا الإفطار، حتى ولو كان المرض يسيراً، والسفر قليلاً؛ لأن القرآن أطلقه ولم يُقيِّده.
الراجح: بالنظر في هذه الأقوال نرى أن الأول أرجح. سبب الترجيح: لأن هذا القول يقبله العقل بقبول حسن؛ لأن الحكمة التي من أجلها رخص للمريض والمسافر الفطر هو اليسر، ولا يكون ذلك موجوداً إلا عند وجود المشقة الشديدة والسفر الطويل.
2 -
ما هي المسافة التي يباح فيها الإفطار للمسافر؟
ثلاثة آراء:
الرأي الأول: قاله الأوزاعي: (إن السفر المبيح للفطر مسافة يوم). وحجته: أن السفر في أقل من يوم قد يتفق للمقيم، والغالب أن المسافر هو الذي لا يمكنه الرجوع إلى أهله في نفس اليوم، فلا بد أن يكون أقل مدة السفر يوم واحد.
الرأي الثاني: للشافعي، وأحمد: قالوا إن السفر المبيح للفطر هو: يومان وليلتان، ويقدر بـ16 [ستة عشر] فرسخاً.
قال أهل اللغة: البريد الواحد: أربعة فراسخ: فيكون المجموع 16 [ستة عشر] فرسخاً.