الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشعير، والذرة، والطماطم، أما أمِّي من الرضاعة زوجة أبي صالحة بنت دغش فبقيت في البادية عند أغنامها وأغنام الوالد أحياناً.
*
سادساً:
في عام 1400هـ انتقلت الوالدة نشطا رحمها الله إلى الرياض معي أنا ولدها: سعيد، وانتقل معها الأخ هادي، وقبله الأخ سعد، وبقي الوالد في مزرعةٍ له أخرى في وادي العلوبي المذكور آنفاً يسكن فيها، ويخدم أمَّه: مهرة بنت محمد بن جازعة، حيث بلغت من الكِبَرِ عتِيّاً، فكان الوالد لا يفارقها أبداً، ولا يسافر مطلقاً، بل رابط عندها عدد سنين، وجعل نفسه لها مقام الخادمة في كل شيء، حتى اشتهر بذلك بين الناس في برِّ أمه، فلا يرون أن أحداً منهم يبلغ منزلته في خدمة أمِّه وبرِّها، وكان يسرُّه أن يخدمها سروراً كثيراً، وآثر خدمتها، ولم يرغب أن يخدمها غيره، لا خادمة ولا غيرها، حتى ماتت في الشهر السادس من عام 1406 هـ عن عمر يقارب 150 مائة وخمسين سنة كما يذكر أخوها جدي لأمي سعيد بن محمد بن جازعة الذي توفي عام 1419هـ، وهو ممن بايع الملك عبد العزيز رحمه الله بعد عام 1319هـ، فقد ذكر: أنه أصغر من أخته مهرة، وقال: عمرها 150 سنة تقريباً، وقال:((بايعت الملك عبد العزيز رحمه الله وأنا قد تزوّجت ثم طلّقت، وقد بلغت من العمر خمسين سنة تقريباً))، وقد مات رحمه الله عن عمر يقارب مائة وعشرين سنة تقريباً.
وبعد أن ماتت أمُّ الوالد علي رحمه الله، صار يتنقَّل بين الرياض وبين مزرعته المذكورة، وكان رجلاً صالحاً، من الذاكرين الله تعالى، ومن ذلك أنه كان يستيقظ آخر الليل، ويصلي، ويذكر الله إلى طلوع الفجر، وكان من ذكره قبل الفجر: أنه
كان يقول: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)) مائة مرة كل يوم قبل الفجر، وقد قال له بعض أبنائه:((ألا تجعل هذا التهليل بعد طلوع الفجر؟))، فردَّ عليه قائلاً: يا ولدي أخاف أن أنشغل عنه، وكان يقول في هذا الوقت:((سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)) مائة مرة، ويقول:((سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)).
وقد كان رحمه الله أُمّيّاً لا يقرأ، ولا يكتب، ولكنه يحفظ من القرآن ما تصحُّ به صلاته، وبعض قصار السور، والحمد لله. ثم منَّ الله تعالى عليه بعد السبعين من عمره، فدرس في مدرسة مكافحة الأمية الليلية بالعلوبي، لمدة سنة تقريباً، وذلك عام 1405هـ تقريباً، فحفظ أكثر سوَر جزء عمّ يتساءلون تلقيناً من بعض المدرسين في هذه المدرسة، وكنت أسمعه كثيراً يكرر في قراءته عن ظهر قلب من سورة الأعلى إلى سورة الناس، وخاصّةً في خَلَواتِهِ، أو إذا كان جالساً في المسجد، وأحياناً يطلب من بعض أولاده، أو أحفاده: أن يسمِّعوا له ما يحفظ؛ ليثبِّت حفظه، رحمه الله تعالى.
وكان يحفظ مختصراً للأصول الثلاثة، فإذا قلنا له: من ربك؟ قال: ربي الله الذي رباني وربَّى جميع العالمين بنعمه، وهو معبودي، ليس لي معبود سواه.
وإذا قلنا: ما دينك؟ قال: ديني الإسلام: وهو الاستسلام لله
بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله.
وإذا قلنا له: من نبيك؟ قال: نبيي محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وهاشم من قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة، وأتمُّ التسليم، نُبّئ بـ (اقرأ)، وأُرسل بـ (المدثر)، وبلده مكة، وهاجر إلى المدينة، وبها توفي، لا خير إلا دلّ أمّته عليه، ولا شرَّ إلا حذّرها منه، من أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار.
وكان بعد أن توفيت والدته يعتمر كل سنة في رمضان، إلا سنة واحدة - على ما أظن -، وآخر حجّة حجّها عام 1416هـ، ثم رجع إلى مزرعته، وتوفي رحمه الله بسبب حادث مروري وهو يقود سيارته في سوق المضه على طريق الرياض، في يوم السبت 27/ 3/ 1417هـ عن ثلاث وثمانين سنة تقريباً؛ لأنه أخبرني رحمه الله أن والده وهف رحمه الله حضر فتح أبها حينما فتحها الملك عبد العزيز رحمه الله بقيادة ابنه الملك فيصل، وكان ذلك عام 1342هـ تقريباً، وكانوا يقولون: ضربة أبها، أي: فتح أبها، ويذكرون أن الجيش اجتمع في حِجلى بين مدينة أبها وخميس مشيط.
قال الوالد رحمه الله: ((رجع إلينا والدي وهف رحمه الله من ضربة أبها فأصابه مرض الجدري، وأصابني، فمات، وشفاني الله، وعمري ثمان سنوات تقريباً)). فعلى هذا يكون ميلاد الوالد علي بن وهف رحمه الله عام