الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيد أنه مع دخول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فكان أول ما بدأ به الطواف حول الكعبة، [وحطم الأصنام صلى الله عليه وسلم](1).
المبحث الثاني: أخبار المهدرة دماؤهم
كان قد عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أمرائه حين أمَّرهم أن يدخلوا مكة، أن لا يقاتلوا إلا من قاتَلهم، إلا أنه عهد في نَفَرٍ سمّاهم، أمر بقتلهم وإن وجدوا
(1) قال ابن القيم في زاد المعاد، 3/ 406 - 407: ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار بين يديه وخلفه وحوله، حتى دخل المسجد، فأقبل إلى الحجر الأسود فاستلمه، ثم طاف بالبيت، وفي يده قوس، وحوله البيت، وعليه ثلاثمائة وستون صنماً فجعل يطعنها بالقوس، ويقول:{جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81]. {جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49]. والأصنام تتساقط على وجوهها.
وكان طوافه على راحلته، ولم يكن محرماً يومئذ، فاقتصر على الطواف، فلما أكمله دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة، فأمر بها ففتحت فدخلها، فرأى فيها الصور، ورأى فيها صورة إبراهيم وإسماعيل يستقسمان بالأزلام فقال:((قاتلهم الله، والله إن استقسما بهما قط)). ورأى في الكعبة حمامة من عيدان فكسرها بيده، وأمر بالصور فمحيت، ثم أغلق عليه الباب، وعلى أسامة وبلال، فاستقبل الجدار الذي يقابل الباب حتى إذا كان بينه وبينه قدر ثلاثة أذرع وقف وصلى هناك، ثم دار في البيت، وكبّر في نواحيه، ووحَّد الله، ثم فتح الباب، وقريش قد ملأت المسجد صفوفاً ينتظرون ماذا يصنع، فأخذ بعضادتي الباب وهم تحته، فقال: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده
…
)) إلى أن قال: ((يا معشر قريش: ما ترون أني فاعل بكم؟))، قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم. قال:((فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم الطلقاء)).
وانظر السيرة النبوية، 4/ 77 - 78، وفتح الباري، 8/ 18،، والفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ص180، وانظر أيضاً: زاهية الدجاني، فتح مكة نصر مبين، ص74، 75.
والحديث أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح؟ برقم 4287، و 4288.
متعلقين بأستار الكعبة (1).
(1) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاء رجل فقال: إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال:((اقتلوه)) أخرجه البخاري في كتاب جزاء الصيد، باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام، برقم 1846، ومسلم، برقم 1357 بغير هذا اللفظ. وانظر: خليل هنداوي، يوم فتح مكة، ص 94.
وقال في الموطأ: ولم يكن فيما نرى يومئذ – والله أعلم – محرماً، وقال أبو داود: اسم ابن خطل: عبد الله، وكان أبو برزة الأسلمي قتله. وروى أبو داود، والنسائي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال:((لما كان يوم فتح مكة أمَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر، وامرأتين، فسمّاهم، وابن أبي سرح، فذكر الحديث، قال: وأما ابن أبي سرح، فإنه اختبأ عند عثمان، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة، جاء به حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله، بايع عبد الله، فرفع رأسه، فنظر إليه ثلاثاً، كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه، فقال: ما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟ قالوا: ما ندري يا رسول الله ما في نفسك، ألا أومأت إلينا بعينك؟ قال: إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين)).
قال أبو داود: وكان عبد الله أخا عثمان من الرضاعة، هذه رواية أبي داود.
و [في] رواية النسائي قال: ((لمّا كان يوم فتح مكة أمَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة، وامرأتين، وقال: اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة: عكرمة بن أبي جهل، وعبد الله بن خطل، ومقيس بن صبابة، وعبد الله بن أبي سرح، فأما عبد الله بن خطل، فُأدرك وهو متعلق بأستار الكعبة، فاستبق إليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر، فسبق سعيدٌ عماراً – وكان أشب الرجلين – فقتله، [وأما مقيس بن صبابة، فأدركه الناس في السوق فقلتوه]، وأما عكرمة [بن أبي جهل] فركب البحر، فأصابتهم عاصف، فقال أهل السفينة: أخلصوا: فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئاً هاهنا، فقال عكرمة: والله، لئن لم ينجني من البحر إلا الإخلاص، لا ينجيني من البر غيره، اللهم لك عهد إن عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمداً، حتى أضع يدي في يده، فلأجدنَّه عفوّاً غفوراً كريماً، فجاء فأسلم، وأما عبد الله بن أبي سرح، فإنه اختبأ عند عثمان، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله
…
وذكر الحديث إلى آخره مثل أبي داود، رواه أبو داود، برقم 2683 في الجهاد، باب قتل الأسير، ولا يعرض عليه الإسلام، والنسائي، 7/ 105، و106 في تحريم الدم، باب الحكم في المرتد، وهو حديث حسن. [انظر: جامع الأصول بتحقيق الأرنؤوط، 8/ 376].
شرح الغريب:
* (رشيد) رجل رشيد، أي: لبيب عاقل، له فطنة.
* (خائنة الأعين) كناية عن الرمز والإشارة، كأنها مما تخونه العين، أي: تسرقه، لأنها كالسرقة من الحاضرين.
* (عاصف) ريح عاصف، أي: شديد الهبوب. [جامع الأصول، 8/ 376].
عن عمرو بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي قال: حدثني جدي عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال يوم فتح مكة:((أربعة لا أؤمنهم في حِلٍّ ولا حرم – وسمّاهم – وقال: وقينتين كانتا لمقيس بن صبابة، فقتلت إحداهما، وأفلتت الأخرى، فأسلمت)). [أخرجه أبو داود، برقم 2684 في الجهاد، باب قتل الأسير ولا يعرض عليه الإسلام، من حديث محمد بن العلاء، عن زيد بن الحباب، عن عمرو بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي، وعمرو بن عثمان لم يوثقه غير ابن حبان، وباقي رجاله ثقات، قال أبو داود: لم أفهم إسناده من ابن العلاء كما أحب، قال في بذل المجهود: ولعله أقام له إسناد هذا الحديث بعض تلامذة الشيخ محمد بن العلاء] قال في بذل المجهود في حلّ سنن أبي داود: ((هذا الذي رواه أبو داود من أنهما كانتا لمقيس مخالف كما قال أهل السير، فإنهم قالوا: إن القينتين اللتين أهدر دمهما كانتا لابن خطل، فيمكن أن يكون كلاهما شركاء فيهما، أو كانتا أولاً في ملك أحدهما، ثم في ملك الآخر، والله أعلم.
وكان ممن أمر بقتله: عبد الله بن سعد؛ لأنه أسلم وكتب الوحي ثم ارتدّ، فأتى به عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابن سعد وقال للرسول عليه الصلاة والسلام أمِّنه، فأمَّنه.
ومن المهدرة دماؤهم: صفوان بن أمية، وقد هرب، ولما رجع أمنه الرسول عليه الصلاة والسلام على نفسه.
وغير ذلك، ارجع لكتب التاريخ لمعرفة من هم المهدرة دماؤُهم (1).
(1) قال ابن القيم في زاد المعاد، 3/ 411: ولما استقرّ الفتح أمَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس كلهم إلا تسعة نفر، فإنه أمر بقتلهم، وإن وجدوا تحت أستار الكعبة، وهم: عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وعكرمة بن أبي جهل، وعبد العزى بن خطل، والحارث بن نفيل بن وهب، ومقيس بن صُبابة، وهبَّار بن الأسود، وقينتان لابن خطل كانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسارة مولاةٌ لبعض بني عبد المطلب. وانظر: الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ص179، ط مكتبة المعارف، وص128، دار الصفا، وجاء في الطبعتين: الحويرث بن نقيذ بدل الحارث بن نفيل. وانظر خليل هنداوي. يوم فتح مكة، ص105.