الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محارمها، من عام 1400هـ إلى رمضان عام 1426هـ.
ثم بدأ معها المرض في بداية عام 1427هـ، فلم تعتمر بعد ذلك. وكانت تعتمر في الإجازات: إجازات الربيع والصيف، لكني لا أدري كم عددها، تقبَّل الله منها، ولا تسافر رحمها الله إلا مع محرم للحج والعمرة أو غيرها، وكانت تنهى النساء عن السفر بدون محرم رحمها الله تعالى.
*
الخامس عشر: صدقاتها، وكرمها:
كانت رحمها الله كريمةً كرماً ظاهراً، لا تكنز ككنز العجائز، فقد تصدّقت بكلّ ما تملك في حال صحتها ولله الحمد، وأرجو الله أن تدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم حينما سُئل: أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال: ((أن تصدَّق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تُمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلانٍ كذا، ولفلانٍ كذا، وقد كان لفلان)) متفق على صحته، ومن ذلك ما يأتي:
1 -
قد يسّر الله تعالى لذرّية الوالد علي بن وهف رحمه الله أن يتنازلوا عن إرثهم منه، ويتصدّقوا به في بناء مسجدٍ على نيةِ والدهم رحمه الله تعالى في المنطقة الجنوبية في مركز طريب - مخطط الدخل المحدود- بجوار المحكمة العامة هناك، جزاهم الله خيراً، وأصلحهم، وعندما علِمَت الوالدة بذلك كانت تشارك في هذا المسجد، فمرةً تعطي ألفي ريال، وتقول للمشرف على البناء من محارمها: خذ هذا مكان مصلٍّ،
ومرة تقول: خذ هذا مكان مصلٍ أو مُصَلِّيين صدقة عن أمّي، ومرةً صدقة عن أبي، ومرةً صدقة عن نفسها، حتى كان جميع ما شاركت به في هذا المسجد أربعين ألف ريال، من آخرها جميع المكيّفات للتبريد من صدقاتها إلا قليلاً، وكانت تأمر من يأخذ المشاركة منها بعدم الإخبار، ولم يخبر المشرف على بناء هذا المسجد بما فعلت إلا بعد موتها رحمها الله، وتقَبَّل منها، وعفا عن المشرف بإخباره عن هذا السرِّ بعد موتها.
2 -
قبل موتها رحمها الله تعالى بسنة تقريباً جمعت ما عندها من ذهب ونقود، وكان ذلك بعد رمضان عام 1427هـ، وسلَّمت هذا المبلغ لبعض أولادها، فكان جميع ثمن الذهب وما معه: ستة عشر ألفاً وخمسمائة ريال 16500، وقالت: تصدّق به حيث شئتَ؛ لأنها تعلم رحمها الله أن أولادها كلهم أغنياء، وليسوا بحاجة إلى شيء من المال، فجعل ولدها بأمرها هذا المال مشاركةً في مسجد عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه في المنطقة الجنوبية في مخطط الدخل المحدود في طريب على بُعد خمسمائة متر شمالاً من مسجد علي بن وهف رحمه الله المذكور آنفاً، واستلمه المقاول في يوم 25/ 10/1427هـ، وكانت تقول لمن تعطيه الصَّدَقَةَ من أولادها: لا تخبر أحداً بهذا، ولكنه جزاه الله خيراً حفظ سرّها حتى ماتت، وأُمنت فتنة الرياء في حقها رحمها الله تعالى، وعفا عن ولدها، فقد أخبر بسرّها بعد موتها رجاء نشر محاسنها؛ للدعاء لها؛ وللاقتداء بها في النفقة، والكرم، والرغبة فيما عند الله تعالى والدار الآخرة.
وكانت لا دخلَ لها، ولا مرتَّب، إلا ما يُهدَى لها من أولادها، فقد كانوا بارِّين بها جزاهم الله خيراً، وكانت تتصدَّق بكل ما يأتيها رغبةً فيما عند الله تعالى، حتى الشؤون الاجتماعية وافقت بعض أولادها على إيقافه؛ لأنه كان من الزكاة، كما أخبر بذلك وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية، فقال:((ما يُصرف من الشؤون الاجتماعية للمحتاجين سنوياً هو من الزكاة))، فعند ذلك أوقفت هذا الدخل، وأغناها الله عنه، والحمد لله.
3 -
لم تترك شيئاً من مالها بعد موتها، وإنما تصدّقتْ به كله، ولم نجد ريالاً واحداً، ولا قرشاً بعدها، وهذا خلاف ما عليه العجائز الكبيرات في الغالب، وحُبّهن للكنز، حتى أن بعض العجائز توجد المبالغ الكبيرة تحت مخداتِهِنَّ عند موتهن، ولم يكن شيء من ذلك للوالدة رحمها الله تعالى.
4 -
ومن كرمها وجودها رحمها الله: أنها كانت تُعِينُ أولادها على الزواج بما تملك، فأعانت أولادها الأربعة، وكل واحد تعطيه وقت زواجه ما تملك من مال، وكانت تعدل بينهم رحمها الله تعالى.
5 -
في سنةٍ من السنين احتاج بعض الناس العاملين في المملكة من خارجها، لمبلغٍ من المال، ولم يجد من يُقرضه، وكان بحاجة شديدة جداً، فبلغها ذلك، فأرسلت أحد أولادها بمبلغ خمسمائة (500) ريال، وقالت: أعطه هذا المبلغ صدقةً، ولا تخبر أحداً.