الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى: كيف نجيب عبَّاد القبور الذين يحتجون بدفن النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد النبوي
؟
فأجاب فضيلته بقوله: الجواب عن ذلك من وجوه:
الوجه الأول: أن المسجد لم يبن على القبر بل بني في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن في المسجد حتى يقال إن هذا من دفن الصالحين في المسجد؛ بل دفن صلى الله عليه وسلم في بيته.
الوجه الثالث: أن إدخال بيوت الرسول صلى الله عليه وسلم ومنها بيت عائشة مع المسجد ليس باتفاق الصحابة، بل بعد أن انقرض أكثرهم، وذلك في عام (أربعة وتسعين) هجرية تقريباً، فليس مما أجازه الصحابة؛ بل إن بعضهم خالف في ذلك وممن خالف أيضاً سعيد بن المسيب.
الوجه الرابع: أن القبر ليس في المسجد حتى بعد إدخاله، لأنه في حجرة مستقلة عن المسجد فليس المسجد مبنيًّا عليه، ولهذا جعل هذا المكان محفوظاً ومحوطاً بثلاثة جدران، وجعل الجدار في زاوية منحرفة عن القبلة أي أنه مثلث، والركن في الزاوية الشمالية حيث لا يستقبله الإنسان إذا صلى لأنه منحرف، وبهذا يبطل احتجاج أهل القبور بهذه الشبهة.
س 072 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى: عندما
يدفن الميت يتركه أهله أربعون يوماً لا يزورونه وبعد ذلك يذهبون لزيارته بحجة أنه لا يجوز زيارة الميت قبل أربعين يوماً فما الحكم في ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: قبل الإجابة على هذا السؤال ينبغي أن نبين أن زيارة القبور سنة في حق الرجال أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن نهى عنها، فقال صلى الله عليه وسلم:"كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم بالا?خرة". والزائر الذي يزور القبور يزورها.
أولاً: امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: اعتباراً بحال هؤلاء الأموات الذين كانوا بالأمس معه على ظهر الأرض، يأكلون كما يأكل، ويشربون كما يشرب، ويلبسون كما يلبس، ويتنعمون في الدنيا كما يتنعم، فأصبحوا الا?ن مرتهنين في قبورهم بأعمالهم، ليس عندهم صديق ولا حميم، وإنما جليسهم عملهم كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:"يتبع الميت ثلاثة، فيرجع اثنان ويبقى معه واحد، يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله ويبقى عمله" فيعتبر الزائر بحال هؤلاء.
والفائدة الثالثة: أنه يتذكر الا?خرة، وأنها المقر والمرجع، وأن الدنيا دار ممر وليست دار مقر، ومع ذلك فليست القبور هي المثوى الأخير فبعدها ما بعدها من اليوم الا?خر، وأما البقاء في
القبور فهو زيارة كما قال تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَّاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} .
وقد ذُكِر أن أعرابياً سمع قارئاً يقرأ هذه الا?ية {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} فقال: والله ما الزائر بمقيم وإن وراء هذه الزيارة لأمر إقامة.
وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى كلمة يقولها بعض الناس من غير روية وتدبر لمعناها وهو أنهم إذا تحدثوا عن الميت قالوا: "ثم آووه إلى مثواه الأخير". "أو دفن في مثواه الأخير"، وكلمة (مثواه الأخير) لو دُقق في معناها لكانت كفراً؛ لأنه إذا كان القبر هو المثوى الأخير فمعناه (أنه لا بعد ذلك من مقر) ، وهذا أمر خطير لأن الإيمان بالله واليوم الا?خر من أركان الإيمان، لكن الذي يظهر لي أن العامة يقولونها من غير تدبر لمعناها، لكن يجب التنبه لذلك لخطورة ذلك، فمن اعتقد أن القبر هو المثوى الأخير وأنه ليس بعده شيء فقد أخطأ.
الفائدة الرابعة من زيارة القبور: أن الزائر يسلِّم على أهل القبور ويدعو لهم: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاءالله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية.
وأما من يزور القبور للدعاء عندها فإن ذلك من البدع فالمقبرة ليست مكاناً للدعاء حتى يذهب ليدعو الله عندها، كالدعاء عند قبر رجال صالح أو ما أشبه ذلك، وأشد من ذلك من يذهب إلى
المقبرة ليدعو أصحاب القبور ليستغيث بهم ويستعين بهم فإن هذا من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله. قال الله عز وجل: {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِى? أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} . وقال الله عز وجل: {فَلَا تَدْعُواْ مَعَ اللهِ أَحَداً} . فمن دعا غير الله لقضاء حاجته من هؤلاء الأموات فقد أشرك بالله شركاً أكبر.
وليعلم أن زيارة القبور لا تختص بوقت معين، ولا بليلة معينة بل يزورها الإنسان ليتذكر، ولقد زار النبي صلى الله عليه وسلم البقيع ذات مرة في الليل وهو دليل على أن الزيارة لا يشترط لها يوم معين.
أما فيما يتعلق بسؤال السائل وهو أن أهله لا يزورونه إلا إذا تم له أربعون يوماً، فهذا لا أصل له، بل للإنسان أن يزور قبر قريبه من ثاني يوم دفن، ولكن لا ينبغي للإنسان إذا مات له الميت أن يعلق قلبه به وأن يكثر التردد إلى قبره؛ لأن هذا يجدد له الأحزان، وينسيه ذكر الله عز وجل، ويجعل أكبر همه أن يكون عند هذا القبر، وربما يبتلى بالوساوس والخرافات والأفكار السيئة بسبب هذا.