الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً: أن هذا الاستنباط مخالف لما كان عليه السلف الصالح الذين هم أعلم الناس بشريعة الله فما فعل هذا أحد من الصحابة رضي الله عنهم فما بالنا نحن نفعله.
رابعاً: أن الله تعالى قد فتح لنا ما هو خير منه، فكان النبي عليه الصلاة والسلام إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال:"استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الا?ن يسأل".
* * *
سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى: هل عذاب القبر من أمور الغيب أو من أمور الشهادة
؟
فأجاب فضيلته بقوله: عذاب القبر من أمور الغيب، وكم من إنسان في هذه المقابر يعذب ونحن لا نشعر به، وكم جار له منعم مفتوح له باب إلى الجنة ونحن لا نشعر به، فما تحت القبور لا يعلمه إلا علام الغيوب، فشأن عذاب القبر من أمور الغيب، ولولا الوحي الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام، ما علمنا عنه شيئاً، ولهذا لما دخلت امرأة يهودية إلى عائشة وأخبرتها أن الميت يُعذَّب في قبره فزعت حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته وأقر ذلك عليه الصلاة والسلام، ولكن قد يطلع الله تعالى عليه من شاء من عباده، مثل ما أطلع نبيه صلى الله عليه وسلم، على الرجلين اللذين يعذبان، أحدهما يمشي بالنميمة، والا?خر لا يستنزه من البول.
*
والحكمة من جعله من أمور الغيب هو:
أولاً: أن الله سبحانه وتعالى أرحم الراحمين فلو كنا نطلع على عذاب القبور لتنكد عيشنا، لأن الإنسان إذا اطلع على أن أباه أو أخاه، أو ابنه، أو زوجه، أو قريبه يعذب في القبر ولا يستطيع فكاكه، فإنه يقلق ولا يستريح وهذه من نعمة الله سبحانه.
ثانياً: أنه فضيحة للميت، فلو كان هذا الميت قد ستر الله عليه ولم نعلم عن ذنوبه بينه وبين ربه عز وجل ثم مات وأطلعنا الله على عذابه، صار في ذلك فضيحة عظيمة له ففي ستره رحمة من الله بالميت.
ثالثاً: أنه قد يصعب على الإنسان دفن الميت كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام: "لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر". ففيه أن الدفن ربما يصعب ويشق ولا ينقاد الناس لذلك، وإن كان من يستحق عذاب القبر عذب ولو على سطح الأرض، لكن قد يتوهم الناس أن العذاب لا يكون إلا في حال الدفن فلا يدفن بعضهم بعضاً.
رابعاً: أنه لو كان ظاهراً لم يكن للإيمان به مزية؛ لأنه يكون مشاهداً لا يمكن إنكاره، ثم إنه قد يحمل الناس على أن يؤمنوا كلهم لقوله تعالى:{فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قَالُو?اْءَامَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ} فإذا رأى الناس هؤلاء المدفونين وسمعوهم يتصارخون لا?منوا وما كفر أحد لأنه أيقن بالعذاب، ورآه رأي العين