الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأجاب فضيلته بقوله: أما إن كان الإنسان كافراً والعياذ بالله فإنه لا طريق إلى وصول النعيم إليه أبداً ويكون عذابه مستمرًّا.
وأما إن كان عاصياً وهو مؤمن، فإنه إذا عذب في قبره يعذب بقدر ذنوبه وربما يكون عذاب ذنوبه أقل من البرزخ الذي بين موته وقيام الساعة وحينئذ يكون منقطعاً.
* * *
سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى: هل يخفف عذاب القبر عن المؤمن العاصي
؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم، قد يخفف، لأن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بقبرين فقال:"إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير بلى إنه كبير؛ أما أحدهما فكان لا يستبرىء" أو قال: "لا يستتر من البول، وأما الا?خر فكان يمشي بالنميمة" ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين فغرز في كل قبر واحدة، وقال:"لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا". وهذا دليل على أنه قد يخفف العذاب، ولكن ما مناسبة هاتين الجريدتين لتخفيف العذاب عن هذين المعذبين؟
1 قيل: لأنهما أي الجريدتين تسبحان ما لم ييبسا، والتسبيح يخفف من العذاب على الميت، وقد فرّعوا على هذه العلة المستنبطة التي قد تكون مستبعدة أنه يسن للإنسان أن يذهب إلى القبور ويسبح عندها من أجل أن يخفف عنها.
2 وقال بعض العلماء: هذا التعليل ضعيف؛ لأن الجريدتين تسبحان سواء كانتا رطبتين أم يابستين، لقوله تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ
السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَْرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلَاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَاكِن لَاّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَْرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلَاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَاكِن لَاّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} ، وقد سُمع تسبيح الحصى بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، مع أن الحصى يابس، إذن ما العلة؟
العلة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم ترجى من الله عز وجل أن يخفف عنهما من العذاب مادامت هاتان الجريدتان رطبتين، يعني أن المدة ليست طويلة وذلك من أجل التحذير من فعلهما، لأن فعلهما كبير كما جاء في الرواية "بلى إنه كبير" أحدهما لا يستبرىء من البول، وإذا لم يستبرىء من البول صلى بغير طهارة، والا?خر يمشي بالنميمة يفسد بين عباد الله والعياذ بالله ويلقي بينهم العداوة، والبغضاء، فالأمر كبير، وهذا هو الأقرب أنها شفاعة مؤقتة تحذيراً للأمة لا بخلاً من الرسول صلى الله عليه وسلم بالشفاعة الدائمة.
ونقول استطراداً: إن بعض العلماء عفا الله عنهم قالوا: يسن أن يضع الإنسان جريدة رطبة، أو شجرة، أو نحوها على القبر ليخفف عنه، لكن هذا الاستنباط بعيد جدًّا ولا يجوز أن نصنع ذلك لأمور:
أولاً: أننا لم يكشف لنا أن هذا الرجل يعذب بخلاف النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: أننا إذا فعلنا ذلك فقد أسأنا إلى الميت، لأننا ظننا به ظن سوء أنه يعذب وما يدرينا فلعله ينعم، لعل هذا الميت ممن منَّ الله عليه بالمغفرة قبل موته لوجود سبب من أسباب المغفرة الكثيرة فمات وقد عفا رب العباد عنه، وحينئذ لا يستحق عذاباً.