الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النار، يا أسامة بن زيد، زهدوا في الحلال فحرموه على أنفسهم وقد أحل لهم، طلباً للفضل فتركوه لينالوا به الزلفى والكرامات عند الله عز وجل، ولم يتكابوا على الدنيا تكاب الكلاب على الجيف؛ شغل الناس بالدنيا، شغلوا هم أنفسهم بطاعة الله عز وجل، ولم يكن ذلك إلا بتوفيق من الله عز وجل لهم، أكلوا حلو الطعام وحامضه، شعثاً غبراً هزلاً، يراهم الناس فيظنون أن فيهم داء، ويقال: قد خولطوا، وما بالقوم داء ولا خولطوا، ويقال: قد ذهبت عقولهم، وما ذهبت عقولهم، ولكنهم نظروا بقلوبهم إلى من أذهلهم عن الدنيا وما فيها، فهم عند أهل الدنيا يمشون بلا عقول حين ذهبت عقول الناس في سكرتهم بحب الدنيا ورفض الآخرة. أولئك لهم البشرى والكرامة برفضهم لهواهم وإيثارهم حق الله عز وجل على حقوق من عاشروا.
فقال أسامة: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فقال:" أللهم اجعله منهم " أو قال: " أنت منهم ".
وعن محمد بن سيرين، قال: بلغت النخلة على عهد عثمان ألف درهم؛ قال: فعمد أسامة إلى نخلة فعقرها وأخرج جمارها وأطعمها أمه، فقالوا له: ما يحملك على هذا، وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم؟ قال: إن أمي سألتني ولا تسألني شيئاً أقدر عليه إلا أعطيتها.
وعن الزهري، قال: قد حمل سعد بن أبي وقاص من العقيق إلى المدينة، وحمل أسامة بن زيد من الجرف.
وقد تقدم أنه مات في خلافة معاوية، ومات معاوية سنة ستين.
أسامة بن زيد بن عدي
أبو عيسى التنوخي الكاتب، ويقال: الكلبي مولاهم مولى سليح، ولي كتابة الوليد بن عبد الملك، ثم قدم دمشق على يزيد بن عبد الملك، ثم ولي الخراج لهشام بن عبد الملك.
ذكر أبو الحسين الرازي في تسمية كتاب أمراء دمشق، أن أسامة بن زيد بن عدي صاحب قصر أسامة من أهل دمشق كان على ديوان الجند بدمشق في زمان الوليد بن عبد الملك، وتولى خراج مصر للوليد بن عبد الملك فاستخرج مالها اثني عشر ألف ألف دينار، وهو أول من اتخذ صاحب حمالة.
قال ابن يونس: وهو الذي بنى مقياس النيل العتيق بجزيرة فسطاط مصر.
قال الليث بن سعد: فيها يعني سنة سبع أو ست وتسعين دخل أسامة بن زيد مصر أميراً على أرض مصر، دخل يوم السبت لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول. وفيها يعني سنة تسع وتسعين نزع أسامة بن زيد من مصر في شهر ربيع الآخر، وأمر حيان بن شريح سنة اثنتين؛ قال: وفيها يعني سنة أربع ومئة خرج أسامة بن زيد إلى الشام فجعل على الدواوين، وأمر يزيد بن أبي يزيد على مصر.
قال إسماعيل بن أبي الحكم: لما بعث سليمان بن عبد الملك أسامة بن زيد الكلبي على مصر، دخل أسامة على عمر بن عبد العزيز فقال: يا أبا حفص، إنه والله ما على ظهر الأرض من رجل بعد أمير المؤمنين أحب إلي رضاء منك ولا أعز علي سخطاً منك، وإن أمير المؤمنين قد وجهني إلى مصر، فأوصني بما شئت، واكتب إلي فيما شئت، فإنك لن تأمر بأمر إلا نفذ إن شاء الله.
قال: ويحك يا أسامة، إنك تأتي قوماً قد ألح عليهم البلاء منذ دهر طويل، فإن قدرت على أن تنعشهم فأنعشهم؛ قال: يا أبا حفص، إنك قد علمت نهمة أمير المؤمنين في المال، وإنه لن يرضيه إلا المال؛ قال: إنك إن تطلب رضاء أمير المؤمنين بسخط الله يكون الله قادراً على أن يسخط أمير المؤمنين عليك.
قال: إني سأودع أمير المؤمنين وأنت حاضر إن شاء الله فتسمع وصاته.
فلما كان في اليوم الذي أراد أن يسير فيه غدا على سليمان متقلداً بسيف، متوشحاً عمامته، يتحين دخول عمر فلما عرف أن عمر قد استقر فقعد مقعده عند سليمان استأذن ودخل وسلم، ثم مثل قائماً، فقال: يا أمير المؤمنين، هذا وجهي وأردت أن أحدث عهداً بأمير المؤمنين، وأن يعهد إلي أمير المؤمنين.