الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وليكن طبعك فيه، واحذر أن تستبطئه أو تسيء به ظناً، فإن لكل شيء سبباً، ولكل سبب أجل، ولكل همّ في الله ولله فرج عاجل أو آجل، ومن علم أنه بعين الله استحيا أن يراه الله يؤمّل سواه، ومن أيقن ينظر الله أسقط الاختيار لنفسه في الأمور، ومن علم أن الله الضّارّ النّافع أسقط مخاوف المخلوقين عن قلبه، وراقب الله في قربه، وطلب الأشياء من معادنها، فاحذر أن تعلّق قلبك بمخلوق خوفاً أو رجاءً، أو تفشي إلى أحد اليوم سرّك، أو تشكو إليه بثّك، أو تعتمد على إخائه، أو تستريح إليه استراحة يكون فيها موضع شكوى بثّ، فإن غنيّهم فقير في غناه، وفقيرهم ذليل في فقره، وعالمهم جاهل في علمه، فاجر في فعله، إلاّ القليل ممّن عصم الله.
قال أبو الحارث الأولاسي: قلت لإبراهيم بن سعد، ما كان مبتدأ أمرك؟ قال: كنت من الغلويّة، وفي نخوتهم وتكبّرهم، والتّزيّن بالشّرف والتّعظيم به على النّاس، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرى النّائم، فقال لي: أنت شريف؟ فقلت: نعم يا رسول الله، أنا من أولادك؛ فقال: لم لا تتواضع في شرفك حتى تكون شريفاً؟ فالشّرف بالله يكون حقيقته الشرف والتواضع لعباده، وقضاء حوائجهم تكون المروءة، وصحبة الفقراء تزيل عنك هذا الكبر، وتدلّك على منهاج الحقّ، وإيّاك والرذكون إلى الدنيا ومحبّتها، وصحبة أهلها، وتشرّف بالفقر تكن شريفاً. قال: فانتبهت، وقد زال عنّي ما كنت أجده من التكبّر ورؤية الشرف وأنفقت كلّ ما كنت أملكه، وصحبت الفقراء، وقصدتهم في أماكنهم، وتتبّعتهم في كلّ أمورهم؛ فتلك رؤيا كانت سبب أمري. وقال: كان أحبّ شيء إليّ لبس الثّياب الفاخرة، فالآن إذا لبست ثوباً جديداً وقلّ ما ألبسه إلاّ وجدت نفسي ذلاًّ إلى أن يتّسخ أو يتخرّق، كل هذا ببركة موعظة النبيّ صلى الله عليه وسلم.
إبراهيم بن سعيد أبو إسحاق الجوهريّ البغداديّ
قدم دمشق وحدّث ببغداد والمصّيصة عن جماعة.
روى عنه مسلم في صحيحه والتّرمذي والنسائي وغيرهم.
حدّث عن أبي أسامة حمّاد بن أسامة، بسنده عن أبي موسى، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيّ المسلمين أفضل؟ قال: " من سلم الناس من لسانه ويده ".
قال أبو بكر الخطيب: وكان ثقةً مكثراً ثبتاً، صنّف المسند وانتقل عن بغداد فسكن عين زربة مرابطاً بها إلى أن مات.
قال عبد الله بن جعفر بن خاقان المروزيّ السّلمي: سألت إبراهيم بن سعيد الجوهريّ عن حديث لأبي بكر الصّديق فقال لجاريته: أخرجي إليّ الثالث والعشرين من مسند أبي بكر، فقلت له: لا يصحّ لأبي بكر خمسون حديثاً، من أين ثلاثة وعشرون جزءاً؟ فقال: كلّ حديث لم يكن عندي من مئة وجه فأنا فيه يتيم!.
قال الخطيب: وكان لسعيد والد إبراهيم اتّساع من الدنّيا وإفضال على العلماء، فلذلك تمكّن ابنه من السّماع، وقدر على الإكثار عن الشيوخ، وصفّ الجوهريّ ببغداد إليه ينسب.
وقال إبراهيم الهروي: حجّ سعيد الجوهريّ فحمل معه أربعمئة رجل من الزوّار سوى حشمه حجّ بهم!.
حدّث عمر بن عثمان، قال: سمعت إبراهيم بن سعيد الجوهريّ يقول: دخلت على أحمد بن حنبل أسلّم عليه، فمددت يدي إليه فصافحني، فلّما أن خرجت قال: ما أحسن أدب هذا الفتى، لو انكبّ علينا كنّا نحتاج أن نقوم.
مات سنة ثلاث وخمسين ومئتين.
روى عن يحيى بن حسان، بسنده عن جابر بن عبد الله، قال:
لمّا نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية " ولتعزّروه: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ذاك؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: لتنصروه.