المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌جوامع حديث مقتل الحسين عن جماعة رواة - مختصر تاريخ دمشق - جـ ٧

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌الحسن بن علي بن عبد الله

- ‌الحسن بن علي بن عبد الله الخراساني

- ‌الحسن بن علي بن عبد الصمد

- ‌الحسن بن علي بن عبد الواحد

- ‌الحسن بن علي بن علي بن محمد

- ‌الحسن بن علي بن عمر بن عيسى

- ‌الحسن بن علي بن عمر

- ‌الحسن بن علي بن عياش

- ‌الحسن بن علي بن عيسى

- ‌‌‌الحسن بن علي بن محمد

- ‌الحسن بن علي بن محمد

- ‌الحسن بن علي بن محمد بن أحمد

- ‌الحسن بن علي بن القاسم

- ‌الحسن بن علي بن مصعب بن بدر

- ‌‌‌الحسن بن علي بن موسى

- ‌الحسن بن علي بن موسى

- ‌الحسن بن علي بن موسى بن الحسين

- ‌الحسن بن علي بن وهب

- ‌الحسن بن علي بن الوتاق بن الصلت

- ‌الحسن بن يحيى بن زياد بن حيان

- ‌الحسن بن علي أبو محمد وقيل

- ‌الحسن بن علي أبو علي الشيزري

- ‌الحسن بن علي أبو محمد الوراق

- ‌الحسن بن عمران أبو عبد الله

- ‌الحسن بن أبي العمرطة الكندي المروزي

- ‌الحسن بن عيسى الدمشقي

- ‌الحسن بن غالب بن علي بن غالب

- ‌الحسن بن الفرج الغزي

- ‌الحسن بن القاسم بن عبد الرحمن دحيم

- ‌الحسن بن قريش أبو لعي

- ‌الحسن بن محمد بن أحمد

- ‌الحسن بن محمد بن أحمد بن محمد

- ‌الحسن بن محمد بن أحمد بن محمد

- ‌الحسن بن محمد بن أحمد بن الفضل

- ‌الحسن بن محمد بن الأصم

- ‌الحسن بن محمد بن جعفر بن علي

- ‌الحسن بن محمد بن الحسن

- ‌الحسن بن محمد الصالح بن الحسن

- ‌الحسن بن محمد المؤم بن الحسن

- ‌‌‌الحسن بن محمد بن الحسن

- ‌الحسن بن محمد بن الحسن

- ‌الحسن بن محمد بن الحسين بن علي

- ‌الحسن بن محمد بن داود بن محمد

- ‌الحسن بن محمد بن زياد البيساني

- ‌الحسن بن محمد بن سعيد أبو علي

- ‌الحسن بن محمد بن سليمان بن هشام

- ‌الحسن بن محمد بن عبد الله

- ‌الحسن بن محمد بن عبد الرحمن

- ‌الحسن بن محمد بن علي

- ‌الحسن بن محمد بن علي بن مصعب

- ‌الحسن بن محمد بن علي بن محمد

- ‌الحسن بن محمد بن مزيد

- ‌الحسن بن محمد بن النعمان

- ‌الحسن بن محمد بن يزيد بن محمد

- ‌الحسن بن محمود بن أحمد بن محمود

- ‌‌‌الحسن بن المظفر بن الحسن

- ‌الحسن بن المظفر بن الحسن

- ‌الحسن بن مكي بن الحسن

- ‌الحسن بن منصور بن هاشم

- ‌الحسن بن منير بن محمد بن منير

- ‌الحسن بن نصر بن الحسن

- ‌الحسن بن نظيف بن عبد الله

- ‌الحسن بن أبي نعيم بن الأصم

- ‌الحسن بن الوليد بن موسى بن سعيد

- ‌الحسن بن وهب بن سعيد

- ‌الحسن بن هانىء بن صباح

- ‌الحسن بن هبة الله بن عبد الله

- ‌الحسن بن يحيى أبو عبد الملك

- ‌الحسن بن يوسف بن أبي طيبة

- ‌الحسن بن يوسف بن يعقوب

- ‌الحسن الحضرمي والد هشام

- ‌الحسين بن أحمد بن بكار

- ‌الحسين بن أحمد بن رستم

- ‌الحسين بن أحمد بن سلمة بن عبد الله

- ‌الحسين بن أحمد بن العباس بن محمد

- ‌الحسين بن أحمد بن عبد الله

- ‌الحسين بن أحمد بن عبد الواحد

- ‌الحسين بن أحمد بن محمد بن أحمد

- ‌‌‌الحسين بن أحمد بن محمد

- ‌الحسين بن أحمد بن محمد

- ‌الحسين بن أحمد بن محمد

- ‌الحسين بن أحمد بن مروان القرشي

- ‌الحسين بن أحمد بن المظفر بن أحمد

- ‌‌‌الحسين بن أحمد

- ‌الحسين بن أحمد

- ‌الحسين بن أحمد بن يحيى

- ‌الحسين بن أحمد

- ‌الحسين بن إبراهيم بن جابر

- ‌الحسين بن إبراهيم بن محمد

- ‌الحسين بن إسحاق بن إبراهيم

- ‌الحسين بن إدريس بن المبارك

- ‌الحسين بن الأشعث

- ‌الحسين بن جعفر بن محمد

- ‌الحسين بن الحسن بن أحمد

- ‌الحسين بن الحسن بن زيد

- ‌الحسين بن الحسن بن سباع

- ‌الحسين بن الحسن بن عبد الله

- ‌الحسين بن الحسن بن محمد

- ‌الحسين بن الحسن بن مهاجر

- ‌الحسين بن الحسين بن عبد الرحمن

- ‌الحسين بن حمزة بن الحسين بن جعفر

- ‌الحسين بن خشيش

- ‌الحسين بن ذكر بن هارون

- ‌الحسين بن رافع الغزنوي

- ‌الحسين بن سعيد بن المهند بن مسلمة

- ‌الحسين بن السميدع بن إبراهيم

- ‌الحسين بن الضحاك بن ياسر

- ‌الحسين بن طاهر

- ‌الحسين بن أبي عاصم

- ‌الحسين بن عبد الله بن الحسين

- ‌الحسين بن عبد الله بن شاكر

- ‌الحسين بن عبد الله بن ضميرة

- ‌الحسين بن عبد الله بن محمد

- ‌الحسين بن عبد الله بن يزيد

- ‌الحسين بن عبيد الله بن أحمد

- ‌الحسين بن عبد السلام

- ‌الحسين بن عبد الغفار بن محمد

- ‌الحسين بن عبيد الكلابي

- ‌الحسين بن عثمان بن أحمد

- ‌الحسين بن عقيل بن محمد

- ‌الحسين بن علي بن جعفر البغدادي

- ‌الحسين بن علي بن الحسين

- ‌‌‌الحسين بن علي بن الحسين

- ‌الحسين بن علي بن الحسين

- ‌الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام

- ‌جوامع حديث مقتل الحسين عن جماعة رواة

- ‌الحسين بن علي بن محمد بن مصعب

- ‌الحسين بن علي بن محمد بن عتاب

- ‌الحسين بن علي بن محمد بن جعفر

- ‌‌‌الحسين بن علي بن محمد

- ‌الحسين بن علي بن محمد

- ‌الحسين بن علي بن عمر

- ‌الحسين بن علي بن محمد بن مسلمة

- ‌الحسين بن علي بن الهيثم بن محمد

- ‌الحسين بن علي بن يزيد بن داود

- ‌الحسين بن علي ويقال الحسن الكندي

- ‌الحسين بن علي الصوفي الدمشقي

- ‌الحسين بن علي أبو عبد الله

- ‌الحسين بن عيسى أبو الرضا

- ‌الحسين بن الفتح بن نصر بن محمد

- ‌الحسين بن الفضل بن حوي أبو القاسم

- ‌الحسين بن محمد بن أحمد

- ‌‌‌‌‌الحسين بن محمد بن أحمد

- ‌‌‌الحسين بن محمد بن أحمد

- ‌الحسين بن محمد بن أحمد

- ‌‌‌الحسين بن محمد بن أحمد

- ‌الحسين بن محمد بن أحمد

- ‌‌‌الحسين بن محمد بن أحمد

- ‌الحسين بن محمد بن أحمد

- ‌‌‌الحسين بن محمد بن إبراهيم

- ‌الحسين بن محمد بن إبراهيم

- ‌الحسين بن محمد بن أسد

- ‌الحسين بن محمد بن جمعة

- ‌الحسين بن محمد بن الحسن

- ‌الحسين بن محمد بن سنان

- ‌الحسين بن محمد بن شعيب

- ‌‌‌الحسين بن محمد بن عبد الله

- ‌الحسين بن محمد بن عبد الله

- ‌الحسين بن محمد بن عتبة بن مساور

- ‌الحسين بن محمد بن علي بن عتاب

- ‌الحسين بن محمد بن غويث

- ‌الحسين بن محمد بن فيرة بن حيون

- ‌الحسين بن محمد بن الوزير

- ‌الحسين بن محمد وقيل ابن أحمد

- ‌الحسين بن المبارك الطبراني

- ‌الحسين بن المتوكل

- ‌الحسين بن مطير بن مكمل

- ‌‌‌الحسين بن المظفر بن الحسين

- ‌الحسين بن المظفر بن الحسين

- ‌الحسين بن نصر بن المعارك

- ‌الحسين بن الوليد أبو علي

- ‌الحسين بن هارون بن عيسى

- ‌الحسين بن الهيثم بن ماهان

- ‌‌‌الحسين

- ‌الحسين

- ‌الحسين ويقال الحسن بن المصري

- ‌الحسين البرذعي أحد الصالحين

- ‌حصن بن عبد الرحمن

- ‌حصين بن جعفر الفزاري

- ‌حصين بن جندب أبو ظبيان

- ‌حصين بن مالك أبي الحر بن الخشخاش

- ‌حصين بن نمير بن نابل بن لبيد

- ‌حصين بن الوليد

- ‌حضين بن المنذر بن الحارث

- ‌حطان بن عوف

- ‌حظي بن أحمد بن محمد بن القاسم

- ‌حفاظ بن الحسن بن الحسين

- ‌حفاظ بن سلامة الناسخ

- ‌‌‌حفص بن سعيد

- ‌حفص بن سعيد

- ‌حفص بن سليمان

- ‌حفص بن أبي العاص بن بشر

- ‌حفص بن عمر بن سعيد

- ‌حفص بن عمر بن حفص

- ‌حفص بن عمر ويقال ابن عمرو

- ‌حفص بن عمر بن عبد الله

- ‌حفص بن عمر بن عبد الرحمن

- ‌حفص بن عمر أبو الوليد مولى قريش

- ‌حفص بن غيلان

- ‌حفص بن مسيرة أبو عمر الصنعاني

- ‌حفص بن الوليد بن سيف

- ‌حفص الأموي

- ‌الحكم بن أيوب بن الحكم

- ‌الحكم بن عبد الله بن خطاف

- ‌الحكم بن عبد الله بن سعد

- ‌الحكم بن عبد الرحمن

- ‌الحكم بن عبدل بن جبلة بن عمرو

- ‌الحكم بن عمر ويقال ابن عمرو

- ‌الحكم بن المطلب بن عبد الله

- ‌الحكم بن معمر بن قنبر بن جحاش

- ‌الحكم بن موسى بن أبي زهير

- ‌الحكم بن ميمون

- ‌الحكم بن مينا المدني

- ‌الحكم بن نافع أبو اليمان البهراني

- ‌الحكم بن هشام بن عبد الرحمن

- ‌الحكم بن يعلى بن عطاء

- ‌حكيم بن حزام بن خويلد

- ‌حكيم بن عياش الكلبي الأعور

- ‌حكيم بن رزيق بن حكيم الفزاري

- ‌حماد بن عمر بن يونس بن كليب

- ‌حماد بن مالك بن بسطام بن درهم

- ‌حماد بن أبي ليلى

- ‌حماد ويقال حامد بن يحيى

- ‌حماد أبو الخطاب الدمشقي

- ‌حماد مولى بني أمية

- ‌حمدان بن غارم بن ينار

- ‌حمدان بن محمد الجبيلي

- ‌حمدون بن إسماعيل بن داود النديم

- ‌حمدية الخشاب المصري

- ‌حمد بن الحسين بن أحمد ابن دارست

- ‌حمد بن عبد الله بن علي

- ‌حمد بن محمد أبو الشكر

- ‌حمران بن أبان بن خالد

- ‌حمرة بن عبد كلال

- ‌حمرة بن مالك بن سعد الهمداني

- ‌حمزة بن أحمد بن حمزة

- ‌حمزة بن أحمد بن علي بن معصرة

- ‌حمزة بن أحمد بن فارس

- ‌حمزة بن بيض الحنفي

- ‌حمزة بن أسد بن علي بن محمد

- ‌حمزة بن الحسن بن العباس

- ‌حمزة بن الحسن بن المفرج

- ‌حمزة بن خراش أبو يعلى

- ‌حمزة بن عبد الله بن الحسين

- ‌حمزة بن عبد الله بن سليمان

- ‌حمزة بن عبد الله بن عمر

- ‌حمزة بن عبد الله أبو يعلى

- ‌حمزة بن عبد الرزاق بن محمد

- ‌حمزة بن عثمان

- ‌حمزة بن عثمان بن أحمد

- ‌حمزة بن علي بن هبة الله

- ‌حمزة بن عمرو بن عويمر

- ‌حمزة بن القاسم أبو محمد الشامي

- ‌حمزة بن محمد بن أحمد بن سلامة

- ‌حمزة بن محمد بن جعفر

- ‌حمزة بن محمد بن الحسن بن محمد

- ‌حمزة بن محمد بن حمزة

- ‌حمزة بن محمد بن عبد الله

- ‌حمزة بن محمد بن علي بن العباس

- ‌حمزة بن هبة الله بن سلامة

- ‌حمزة بن يوسف بن إبراهيم

- ‌حميدان بن نصر بن حصين

- ‌حميد بن أبي حميد

- ‌حميد بن ثور بن عبد الله

- ‌حميد بن حريث بن بحدل الكلبي

- ‌حميد بن الحسن بن عبد الله

- ‌حميد بن أبي حميد الدمشقي

- ‌حميد بن زنجويه

- ‌حميد بن عقبة بن رومان

- ‌حميد بن قيس أبو صفوان

- ‌حميد بن محمد بن النضير

- ‌حميد بن مالك بن مغيث

- ‌حميد بن مسلم أبو عبيد الله القرشي

- ‌حميد بن منبه بن عثمان اللخمي

- ‌حميد بن هشام

- ‌حنش بن عبد الله بن عمرو

- ‌حنش بن قيس

- ‌حنظلة بن الربيع بن صيفي

- ‌حنينا أحد صديقي المسيح

- ‌حوشب بن سيف

- ‌حوشب بن طخمة ذو ظليم الألهاني

- ‌حوشب الفزاري

- ‌حويطب بن عبد العزى

- ‌حويت بن أحمد بن أبي حكيم

- ‌حوي بن علي بن صدقة بن حوي

- ‌حيان بن حجر الدمشقي

- ‌حيان بن نافع مولى بني مضر

- ‌حيان ويقال حسان بن وبرة

- ‌حيان أبو النضر الأسدي

- ‌حيان مولى أم الدرداء

- ‌حياش ويقال جياش بالجيم

- ‌حيدرة بن أحمد بن الحسين

- ‌حيدرة بن الحسين بن مفلح

- ‌حيدرة بن علي بن محمد بن إبراهيم

- ‌حيويل بن يسار بن حيي بن قرط

- ‌حيي رجل من بني إسرائيل

- ‌أسماء النساء على حرف الحاء

- ‌حبابة بالتخفيف وهو لقب

- ‌حبة بنت الفضل

- ‌حسينة ماشطة عبد الملك بن مروان

- ‌حميدة بنت عمر بن عبد الرحمن

- ‌حميدة بنت النعمان بن بشير

- ‌حميدة حاضنة ولد عمر بن عبد العزيز

- ‌حواء أم البشر

- ‌حولا بنت بهلول المتعبدة

- ‌حية ويقال فاختة

- ‌حرف الخاء المعجمة

- ‌خارجة بن زيد بن ثابت

- ‌خارجة بن مصعب بن خارجة

- ‌خالد بن أسيد بن أبي العيص

- ‌خالد بن برمك أبو العباس

- ‌خالد بن ثابت بن ظاعن

- ‌خالد بن خلي

- ‌خالد بن دهقان القرشي مولاهم

- ‌خالد بن رباح

- ‌خالد بن ربيعة بن مزيز

- ‌خالد بن روح بن السري

- ‌خالد بن الريان المحاربي مولاهم

- ‌خالد بن زياد بن جرو

- ‌خالد بن زياد

- ‌خالد بن زيد بن كليب

- ‌خالد بن سالم

- ‌خالد بن سالم

- ‌خالد بن سعيد بن العاص

- ‌خالد بن سعيد أبو سعيد الكلبي

- ‌خالد بن سلمة بن العاص بن هشام

- ‌خالد بن صفوان بن عبد الرحمن

- ‌خالد بن أبي الصلت البصري

- ‌خالد بن عبد الله بن الحسين

- ‌خالد بن عبد الله بن خالد

- ‌خالد بن عبد الله المطرف

- ‌خالد بن عبد الله بن الفرج

- ‌خالد بن عبد الله بن يزيد

- ‌‌‌‌‌خالد بن عبد الرحمن

- ‌‌‌خالد بن عبد الرحمن

- ‌خالد بن عبد الرحمن

- ‌خالد بن عبد الرحمن

- ‌خالد بن عتاب بن ورقاء بن الحارث

- ‌خالد بن أبي عثمان بن عبد الله

- ‌خالد بن عمير بن الحباب بن جعدة

- ‌خالد بن غفران

- ‌خالد بن كيسان

- ‌خالد بن اللجلاج أبو إبراهيم العامري

- ‌خالد بن محمد بن خالد بن يحيى

- ‌خالد بن محمد الثقفي

- ‌خالد بن معدان بن أبي كرب

- ‌خالد بن المعمر بن سلمان

- ‌خالد بن المهاجر بن خالد

الفصل: ‌جوامع حديث مقتل الحسين عن جماعة رواة

بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا، وإنكم بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لا يليها أحد منكم أبداً، وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير، فأبى أن يرجع، قال: فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال: أستودعك الله من قتيل.

وعن سعيد بن مثنى: أن عبد الله بن عمر قال: عجل حسين قدره، عجل حسين قدره، والله لو أدركته ما كان ليخرج إلا أن يغلبني، ببني هاشم فتح، وببني هاشم ختم، فإذا رأيت الهاشمي قد ملك فقد ذهب الزمان.

قال أبو سعيد المقبري: والله لرأيت الحسين وإنه ليمشي بين رجلين، يعتمد على هذا مرة وعلى هذا مرة وعلى هذا أخرى حتى دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: من الخفيف

لا ذعرت السّوام في غبش الصب

ح مغيراً ولا دعيت يزيدا

يوم أعطي مخافة الموت ضيماً

والمنايا يرصدنني أن أحيدا

قال: فعلمت عند ذلك أن لا يلبث إلا قليلاً حتى يخرج، فما لبث أن خرج حتى لحق بمكة.

‌جوامع حديث مقتل الحسين عن جماعة رواة

قالوا: لما بايع معاوية بن أبي سفيان الناس بن معاوية، كان حسين بن علي بن أبي طالب ممن لم يبايع له، وكان أهل الكوفة يكتبون إلى حسين، يدعونه إلى الخروج إليهم في خلافة معاوية، كل ذلك يأبى.

فقدم منهم قوم إلى محمد بن الحنفية، وطلبوا إليه أن يخرج معهم فأبى، وجاء إلى الحسين فأخبره بما عرضوا عليه، وقال: إن القوم إنما يريدون أن يأكلوا بنا، ويشيطوا

ص: 136

دماءنا، فأقام حسين على ما هو عليه من الهموم، مرة يريد أن يسير إليهم، ومرة يجمع الإقامة.

فجاءه أبو سعيد الخدري فقال: يا أبا عبد الله، إني لكم ناصح، وإني عليكم مشفق، وقد بلغني أنه كاتبك قوم من شيعتكم بالكوفة، يدعونك إلى الخروج إليهم، فلا تخرج فإني سمعت أباك يقول بالكوفة: والله لقد مللتهم وأبغضتهم، وملوني وأبغضوني، وما بلوت منهم وفاء، ومن فاز بهم، فاز بالسهم الأخيب، والله ما لهم ثبات ولا عزم أمر، ولا صبر على السيف.

قال: وقدم المسيب بن نجبة الفزاري وعدة معه إلى الحسين بعد وفاة الحسن، فدعوه إلى خلع معاوية، وقالوا: قد علمنا رأيك ورأي أخيك. فقال: إني أرجو أن يعطي الله أخي على نيته في حبه للكف، وأن يعطيني على نيتي في حبي جهاد الظالمين.

وكتب مروان بن الحكم إلى معاوية: إني لست آمن أن يكون حسين مرصداً للفتنة، وأظن يومكم من حسين طويلاً.

فكتب معاوية إلى الحسين: إن من أعطى الله صفقة يمينه وعهده لجدير بالوفاء، وقد أنبئت أن قوماً من أهل الكوفة قد دعوك إلى الشقاق، وأهل العراق من قد جربت، قد أفسدوا على أبيك وأخيك، فاتق الله واذكر الميثاق، فإنك متى تكدني أكدك.

فكتب إليه الحسين: أتاني كتابك، وأنا بغير الذي بلغك عني جدير، والحسنات لا يهدي لها إلا الله، وما أردت لك محاربة، ولا عليك خلافاً، وما أظن لي عند الله عذراً في ترك جهادك، وما أعلم فتنة أعظم من ولايتك أمر هذه الأمة.

فقال معاوية: إن أثرنا بأبي عبد الله إلا أسداً.

وكتب إليه معاوية أيضاً في بعض ما بلغه عنه: إني لأظن أن في رأسك نزوة فوددت أني أدركها فأغفرها لك.

ولما حضر معاوية دعا يزيد بن معاوية، فأوصاه بما أوصاه به، وقال له: انظر حسين بن علي ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه أحب الناس إلى الناس فصل رحمه،

ص: 137

وارفق به يصلح لك أمره، فإن يك منه شيء فإني أرجو أن يكفيكه الله بمن قتل أباه وخذل أخاه.

وتوفي معاوية نصف رجب سنة ستين، وبايع الناس يزيد.

فكتب يزيد مع عبد الله بن عمرو بن أويس العامري عامر بن لؤي إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وهو على المدينة: أن ادع الناس فبايعهم وابدأ بوجوه قريش، وليكن أول من تبدأ به الحسين بن علي فإن أمير المؤمنين، رحمه الله، عهد إلي في أمره للرفق به واستصلاحه.

فبعث الوليد من ساعته نصف الليل إلى الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير فأخبرهما بوفاة معاوية، ودعاهما إلى البيعة ليزيد، فقالا: نصبح وننظر ما يصنع الناس، ووثب الحسين فخرج، وخرج معه ابن الزبير، وهو يقول: هو يزيد الذي نعرف، والله ما حدث له حزم ولا مروءة، وقد كان الوليد أغلظ للحسين، فشتمه الحسين وأخذ بعمامته فنزعها من رأسه، فقال الوليد: إن هجنا بأبي عبد الله إلا أسداً. فقال له مروان أو بعض جلسائه: اقتله، قال: إن ذلك لدم مضنون في بني عبد مناف.

فلما صار الوليد إلى منزله قالت له امرأته أسماء بنة عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: أسببت حسيناً؟ قال: هو بدأ فسبني، قالت: وإن سبك حسين تسبه، وإن سب أباك تسب أباه؟ قال: لا.

وخرج الحسين وعبد الله بن الزبير من ليلتهما إلى مكة، وأصبح الناس، فغدوا على البيعة ليزيد، وطلب الحسين وابن الزبير فلم يوجدا، فقال المسور بن مخرمة: عجل أبو عبد الله، وابن الزبير الآن يلفته ويزجيه إلى العراق ليخلو بمكة.

فقدما مكة، فنزل الحين دار العباس بن عبد المطلب، ولزم ابن الزبير الحجر ولبس المعافري، وجعل يحرض الناس على بني أمية، وكان يغدو ويروح إلى الحسين،

ص: 138

ويشير عليه أن يقدم العراق، ويقول: هم شيعتك وشيعة أبيك، فكان عبد الله بن عباس ينهاه عن ذلك، ويقول: لا تفعل.

وقال له عبد الله بن مطيع: إني فداك أبي وأمي، متعنا بنفسك، ولا تسر إلى العراق، فوالله لئن قتلك هؤلاء القوم ليتخذنا خولاً وعبيداً.

ولقيهما عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس بن أبي ربيعة بالأبواء منصرفين من العمرة، فقال لهما ابن عمر: أذكركما الله إلا رجعتما فدخلتما في صالح ما يدخل فيه الناس، وتنظرا، فإن اجتمع الناس عليه لم تشذا، وإن افترق عليه كان الذي تريدان.

وقال ابن عمر لحسين: لا تخرج، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خيره الله بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة، وإنك بضعة منه، ولا تنالها يعني الدنيا فاعتنقه وبكى وودعه.

فكان ابن عمر يقول: غلبنا حسين بن علي بالخروج، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة، ورأى من الفتنة وخذلان الناس لهم ما كان ينبغي له ألا يتحرك ما عاش، وأن يدخل في صالح ما دخل فيه الناس، فإن الجماعة خير.

وقال له ابن عباس: أين تريد يا بن فاطمة؟ قال: العراق وشيعتي، فقال: إني لكاره لوجهك هذا، تخرج إلى قوم قتلوا أباك، وطعنوا أخاك حتى تركهم سخطة وملة لهم، أذكرك الله أن تغرر بنفسك.

وقال أبو سعيد الخدري: غلبني الحسين بن علي على الخروج وقد قلت له: اتق الله في نفسك، والزم بيتك، فلا تخرج على إمامك.

وقال أبو واقد الليثي: بلغني خروج الحسين، فأدركته بملل فناشدته الله ألا يخرج، فإنه يخرج في غير وجه خروج، إنما يقتل نفسه، فقال: لا أرجع.

ص: 139

وقال جابر بن عبد الله: كلمت حسيناً فقلت: اتق الله، ولا تضرب الناس بعضهم ببعض، فوالله ما حمدتم ما صنعتم. فعصاني.

وقال سعيد بن المسيب: لو أن حسيناً لم يخرج لكان خيراً له.

وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: قد كان ينبغي لحسين أن يعرف أهل العراق، ولا يخرج إليهم، ولكن شجعه على ذلك ابن الزبير.

وكتب إليه المسور بن مخرمة: إياك أن تغتر بكتب أهل العراق، ويقول لك ابن الزبير: الحق بهم فإنهم ناصروك، إياك أن تبرح الحرم، فإنهم إن كانت لهم بك حاجة، فسيضربون آباط الإبل حتى يوافوك، فتخرج في قوة وعدة. فجزاة خيراً، وقال: أستخير الله في ذلك.

وكتبت إليه عمرة بنت عبد الرحمن تعظم عليه ما يريد أن يصنع، وتأمره بالطاعة ولزوم الجماعة، وتخبره أنه إنما يساق إلى مصرعه. وتقول: أشهد لحدثتني عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يقتل حسين بأرض بابل.

فلما قرأ كتابها قال: فلا بد لي إذاً من مصرعي. ومضى.

وأتاه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال: يا بن عم، إن الرحم تظأرني عليك، وما أدري كيف أنا عندك في النصيحة لك، قال: يا أبا بكر: ما أنت ممن تستغش ولايتهم، فقل. قال: قد رأيت ما صنع أهل العراق بأبيك وأخيك، وأنت تريد أن تسير إليهم، وهم عبيد الدنيا، فيقاتلك من قد وعدك أن ينصرك، ويخذلك من أنت أحب إليه ممن ينصرهن فأذكرك الله في نفسك، فقال: جزاك الله يا بن عمر خيراً، فقد اجتهدت، ومهما يقض الله من أمر يكن، فقال أبو بكر إنا لله، عند الله نحتسب أبا عبد الله.

وكتب عبد الله بن جعفر بن أبي طالب إليه كتاباً يحذره أهل الكوفة، ويناشده الله

ص: 140

أن يشخص إليهم. فكتب إليه الحسين: إني رأيت رؤيا، ورأيت فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرني بأمر أنا ماضٍ له، ولست بمجبر بها أحداً حتى ألاقي عملي.

وكتب إليه عمرو بن سعيد بن العاص: إني أسأل الله أن يلهمك رشدك، وأن يصرفك عما يرديك، بلغني أنك قد اعتزمت على الشخوص إلى العراق، فإني أعيذك بالله من الشقاق، فإن كنت خائفاً فأقبل إلي، فلك عندي الأمان، والبر والصلة.

فكتب إليه الحسين: إن كنت أردت بكتابك إلي بري وصلتي، فجزيت خيراً في الدنيا والآخرة، وإنه لم يشاقق من دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين، وخير الأمان أمان الله، ولم يؤمن بالله من لم يخفه في الدنيا، فنسأل الله مخافة في الدنيا توجب لنا أمان الآخرة عنده.

وكتب يزيد بن معاوية إلى عبد الله بن عباس يخبره بخروج حسين إلى مكة ويحسبه جاءه رجال من أهل هذا المشرق فمنوه الخلافة وعندك منهم خبرة وتجربة، فإن كان فعل فقد قطع واشج القرابة، وأنت كبير أهل بيتك والمنظور إليه، فاكففه عن السعي في الفرقة.

وكتب بهذه الأبيات إليه وإلى من بمكة والمدينة من قريش: من البسيط

يا أيّها الراكب الغادي لطيّته

على عذافرةٍ في سيرها قحم

أبلغ قريشاً على نأي المزار بها

بيني وبين حسين الله والرّحم

وموقفٌ بفناء البيت أنشده

عهد الإله وما توفى به الذّمم

عنّيتم قومكم فخراً بأمّكم

أمّ لعمري حصان برّة كرم

هي التي لا يداني فضلها أحدٌ

بنت الرسول، وخير الناس قد علموا

وفضلها لكم فضل وغيركم

من قومكم لهم في فضلها قسم

إني لأعلم أو ظنا كعالمه

والظنّ يصدق أحياناً فينتظم

ص: 141

أن سوف يترككم ما تدّعون بها

قتلى تهاداكم العقبان والرّخم

يا قومنا لا تشبّوا الحرب إذ سكنت

ومسكوا بحبال السّلم واعتصموا

قد غرّت الحرب من قد كان قبلكم

من القرون وقد بادت بها الأمم

فأنصفوا قومكم لا تهلكوا بذخاً

فرب ذي بذخٍ زلت به القدم

قال: فكتب إليه عبد الله بن عباس: إني لأرجو ألا يكون خروج الحسين لأمر تكرهه، ولست أدع النصيحة له في كل ما يجمع الله به الألفة ويطفئ به الثائرة.

ودخل عبد الله بن العباس على الحسين، فكلمه ليلاً طويلاً، وقال: أنشدك الله أن تهلك غداً بحال مضيعة، لا تأتي العراق، وإن كنت لا بد فاعلاً فأقم حتى ينقضي الموسم وتلقى الناس، وتعلم على ما يصدرون، ثم ترى رأيك، وذلك في عشر ذي الحجة سنة ستين، فأبى الحسين إلا أن يمضي إلى العراق.

فقال له ابن عباس: والله إني لأظنك ستقتل غداً بين نسائك وبناتك، كما قتل عثمان بين نسائه وبناته، والله إني لأخاف أن تكون الذي يقاد به عثمان، فإنا لله وإنا إليه راجعون. فقال: أبا العباس، إنك شيخ قد كبرت.

فقال ابن عباس: لولا أن يزري ذلك بي أو بك لنشبت يدي في رأسك، ولو أعلم أننا إذا تناصينا أقمت لفعلت، ولكن لا إخال ذلك نافعي.

فقال له الحسين: لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي أن تستحل بي يعني مكة.

قال: فبكى ابن عباس وقال: أقررت عين ابن الزبير، فذاك الذي سلى بنفسي عنه.

ثم خرج عبد الله بن عباس من عنده وهو مغضب وابن الزبير على الباب، فلما رآه قال: يا بن الزبير قد أتى ما أحببت، قرت عينك؟ هذا أبو عبد الله يخرج ويتركك والحجاز: من الرجز.

يالك من قبّرةٍ بمعمر

ص: 142

خلالك الجوّ فبيضي واصفري

ونقّري ما شئت أن تنقّري

وبعث حسين إلى المدينة، فقدم عليه من خف معه من بني عبد المطلب، وهم تسعة عشر رجلاً ونساء وصبيان من إخوانه وبناته ونسائهم، وتبعهم محمد بن الحنفية فأدرك حسيناً بمكة، وأعلمه أن الخروج ليس له برأي يومه هذا، فأبى الحسين أن يقبل؛ فحبس محمد بن علي ولده؛ فلم يبعث معه أحداً منهم حتى وجد حسين في نفسه على محمد، وقال: ترغب بولدك عن موضع أصاب فيه؟ فقال محمد: وما حاجتي أن تصاب ويصابون معك، وإن كانت مصيبتك أعظم عندنا منهم.

وبعث أهل العراق إلى الحسين الرسل والكتب يدعونه إليهم، فخرج متوجهاً إلى العراق في أهل بيته وستين شيخاً من أهل الكوفة يوم الاثنين في عشر ذي الحجة سنة ستين، فكتب مروان إلى عبيد الله بن زياد: أما بعد: فإن الحسين بن علي قد توجه إليك، وهو الحسين بن فاطمة، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتالله ما أحد يسلمه الله أحب إلينا من الحسين، فإياك أن تهيج على نفسك ما لا يسده شيء، ولا تنساه العامة ولا تدع ذكره، والسلام عليك.

وكتب إليه عمرو بن سعيد بن العاص: أما بعد: فقد توجه إليك الحسين، وفي مثلها تعتق أو تكون عبداً تسترق كما تسترق العبيد.

ص: 143

قال لبطة بن الفرزدق: قال الفرزدق: خرجنا حجاجاً، فلما كنا بالصفاح غذ نحن بركب عليهم اليلامق، ومعهم الدرق، فلما دنوت منهم إذا أنا بحسين بن علي، فقلت: أي أبو عبد الله؟؟! قال: يا فرزدق: ما وراءك؟ قال: أنت أحب الناس إلى الناس، والقضاء في السماء، والسيوف مع بني أمية.

قال: ثم دخلنا مكة. فقلت له: لو أتينا عبد الله بن عمرو فسألناه عن حسين وعن مخرجه. فأتينا منزله بمنى، فإذا نحن بصبية له سود مولدين يلعبون، قلنا: أين أبوكم؟ قالوا: في الفسطاط يتوضأ، فلم نلبث أن خرج علينا من فسطاطه، فسألناه عن حسين فقال: أما إنه لا يحيك فيه السلاح، قال: فقلت له: تقول هذا فيه وأنت الذي قاتلته وأباه؟ فسبني؛ فسببته.

ثم خرجنا حتى أتينا ما يقال له: تعشار، فجعل لا يمر بنا أحد إلا سألناه عن حسين، حتى مر بنا ركب فناديناهم: ما فعل حسين بن علي؟ قالوا: قتل. قلت: فعل الله بعبد الله بن عمرو وفعل.

قال سفيان: ذهب الفرزدق إلى غير المعنى، أو قال: الوجه، إنما هو لا يحيك فيه السلاح، لا يضره القتل مع ما قد سبق له.

قال إسماعيل بن علي الخطبي: وكان مسير الحسين بن علي من مكة إلى العراق، بعد أن بايع له من أهل الكوفة اثنا

ص: 144

عشر ألفاً على يدي مسلم بن عقيل بن أبي طالب، وكتبوا إليه في القدوم عليهم، فخرج من مكة إلى الكوفة.

وبلغ يزيد خروجه، فكتب إلى عبيد الله بن زياد عامله على العراق يأمره بمحاربته، وحمله إليه، إن ظفر به.

فوجه اللعين عبيد الله بن زياد الجيش إليه مع عمر بن سعد بن أبي وقاص، وعدل الحسين إلى كربلاء. فلقيه عمر بن سعد هناك، فاقتتلوا، فقتل الحسين رضوان الله عليه ورحمته وبركاته، ولعنة الله على قاتليه في يوم عاشوراء سنة إحدى وستين.

قال الضحاك: كتب يزيد إلى ابن زياد واليه على العراق: إنه قد بلغني أن حسيناً قد صار إلى الكوفة وقد ابتلي به زمانك من بين الأزمان، وبلدك من بين البلدان، وابتليت به أنت من بين العمال، وعندها تعتق أو تعود عبداً كما تعتبد العبيد. فقتله ابن زياد وبعث برأسه إليه.

قال الفرزدق: لقيت الحسين بن علي بذات عرق وهو يريد الكوفة فقال لي: ما ترى أهل الكوفة صانعين؟ معي حمل بعير من كتبهم. قلت: لا شيء، يخذلونك، لا تذهب إليهم، فلم يطعني.

قال العريان بن الهيثم: كان أبي يتبدى فينزل قريباً من الموضع الذي كان فيه معركة الحسين، فكنا لا نبدو إلا وجدنا رجلاً من بني أسد هناك، فقال له أبي: أراك ملازماً هذا المكان، قال: بلغني أن حسيناً يقتل ههنا، فأنا أخرج لعلي أصادفه فأقتل معه، فلما قتل الحسين قال أبي: انطلقوا ننظر هل الأسدي فيمن قتل؟ فأتينا المعركة وطوفنا، فإذا الأسدي مقتول.

ص: 145

قال أبو خالد الكاهلي:

لما صبحت الخيل الحسين بن علي رفع يديه فقال: اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، فكم من هم يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو، فأنزلته بك وشكوته إليك رغبة فيه إليك عمن سواك، ففرجته وكشفته وكفيتنيه، فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حسنة ومنتهى كل غاية.

قال محمد بن حسن: لما نزل عمر بن سعد بحسين، وأيقن أنهم قاتلوه، قام في أصحابه خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: قد نزل بنا ما ترون من الأمر، وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت، وأدبر معروفها، واستمرت حتى لم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، إلا حشيش علسٌ كالمرعى الوبيل، ألا ترون الحق لا يعمل به، والباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله، وإني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برماً.

وعن عبد ربه: أن الحسين لما أرهقه السلاح قال: ألا تقبلون مني ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل من المشركين؟ قالوا: وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل من المشركين؟ قال: كان إذا جنح أحدهم قبل منه. قالوا: لا. قال: لا تدعوني أرجع. قالوا: لا. قال: فدعوني آتي أمير المؤمنين، فأخذ له رجل السلاح، فقال له: أبشر بالنار. فقال: بل إن شاء الله برحمة ربي عز وجل، وشفاعة نبي صلى الله عليه وسلم.

فقتل، وجيء برأسه حتى وضعه في طست بين يدي ابن زياد، فنكته بقضيبه وقال: لقد كان غلاماً صبيحاً، ثم قال: أيكم قاتله؟ فقام الرجل فقال: أنا قتلته، فقال: ما قال لك؟ فأعاد الحديث، فاسود وجهه.

ص: 146

وقيل: إن الحسين قال حين نزلوا كربلاء: ما اسم هذه الأرض؟ قالوا: كربلاء، قال: كرب وبلاء.

وبعث عبيد الله بن زياد عمر بن سعد فقاتلهم. فقال الحسين: يا عمر اختر مني ثلاث خصال: إما أن تتركني أرجع كما جئت، فإن أبيت هذه فسيرني إلى يزيد، فأضع يدي في يده فيحكم في ما رأى، فإن أبيت هذه فسيرني إلى الترك فأقاتلهم حتى أموت.

فأرسل إلى ابن زياد بذلك، فهم أن يسيره إلى يزيد فقال له شمر بن جوشن: لا، إلا أن ينزل على حكمك، فأرسل إليه بذلك، فقال الحسين: والله، لا أفعل، وأبطأ عمر عن قتاله، فأرسل إليه ابن زياد شمر بن جوشن، فقال: إن تقدم عمر يقاتل، وإلا فاقتله، وكن أنت مكانه، وكان مع قريب من ثلاثين رجلاً من أهل الكوفة، فقالوا: يعرض عليكم ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث خصال، فلا تقبلون منها شيئاً؟! فتحولوا مع الحسين فقاتلوا.

وعن أبي ليلى قال: قال الحسين بن علي حين أحس بالقتل: ابغوني ثوباً لا يرغب فيه أجعله تحت ثيابي لا أجرد، فقيل له: تبان، فقال: ذلك لباس من ضربت عليه الذلة، فأخذ ثوباً فخرقه فجعله تحت ثيابه، فلما قتل جرد صلوات الله عليه ورضوانه.

وعن شيبان بن مخرم، وكان عثمانياً، قال: إني لمع علي إذ أتى كربلاء، فقال: يقتل في هذا الموضع شهداء، ليس مثلهم شهداء إلا شهداء بدر، فقلت: بعض كذباته، وثم رجل حمار ميت، فقلت لغلامي: خذ رجل هذا الحمار فأوتدها في مقعده وغيبها، فضرب الدهر ضربه، فلما قتل الحسين انطلقت ومعي أصحاب لي، فإذا جثة الحسين بن علي على رجل ذلك الحمار، وإذا أصحابه ربضة حوله.

ص: 147

وعن هرثمة بن سلمى قال: خرجنا مع علي في بعض غزوه، فسار حتى انتهى إلى كربلاء، فنزل إلى شجرة فصلى إليها، فأخذ تربة من الأرض فشمها، ثم قال: واهاً لك تربة ليقتلن بك قوم يدخلون الجنة بغير حساب.

قال: فقفلنا من غزاتنا، وقتل علي، ونسيت الحديث.

قال: فكنت في الجيش الذين ساروا إلى الحسين، فلما انتهيت إليه نظرت إلى الشجرة، فذكرت الحديث، فتقدمت على فرس لي، فقلت: أبشرك ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحدثته الحديث، قال: معنا أو علينا؟ قلت: لا معك ولا عليك، تركت عيالاً وتركت، قال: إما لا؛ فول في الأرض، فوالذي نفس حسين بيده، لا يشهد قتلنا اليوم رجل إلا دخل جهنم، فانطلقت هارباً مولياً في الأرض حتى خفي علي مقتله.

وعن مسلم بن رباح مولى علي بن أبي طالب قال:

كنت مع الحسين يوم قتل، فرمي في وجهه بنشابة، فقال لي: يا مسلم أدن يديك من الدم، فأدنيتهما، فلما امتلأتا قال: اسكبه في يدي؛ فسكبته في يده؛ فنفخ بهما إلى السماء، وقال: اللهم اطلب بدم ابن بنت نبيك، قال مسلم: فما وقع منه إلى الأرض قطرة.

حدث العباس بن هشام بن محمد الكوفي عن أبي عن جده، قال: كان رجل من بني أبان بن دارم، يقال له: زرعة، شهد قتل الحسين، فرمى الحسين بسهم فأصاب حنكه فجعل يلتقي الدم، ثم يقول هكذا إلى السماء فيرمي به، وذلك أن الحسين دعاء بماء ليشرب، فلما رماه حال بينه وبين الماء فقال: اللهم ظمه، اللهم ظمه.

قال: فحدثني من شهده، وهو يموت وهو يصيح من الحر في بطنه، والبرد في ظهره، وبين يديه المراوح والثلج، وخلفه الكافور، وهو يقول: اسقوني أهلكني العطش، فيؤتى بالعس العظيم فيه السويق أو الماء واللبن، لو شربه خمسة لكفاهم، قال: فيشربه ثم يعود فيقول: اسقوني أهلكني العطش، قال: فانقد بطنه كانقداد البعير.

وقتل مع الحسين ستة عشر رجلاً من أهل بيته.

ص: 148

وعن ابن عباس قال: أوحى الله تعالى إلى محمد صلى الله عليه وسلم: أني قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفاً وأنا قاتل بابن ابنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً.

قال ابن سيرين: لم تبك السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا إلا على الحسين بن علي.

وعن خلف بن خليفة عن أبيه قال: لما قتل الحسين اسودت السماء وظهرت الكواكب نهاراً، حتى رأيت الجوزاء عند العصر وسقط التراب الأحمر.

حدث خلاد، وكان ينزل بني جحدر، قال: حدثتني أمي، قالت: كنا زماناً بعد مقتل الحسين، وإن الشمس تطلع محمرة على الحطيان والجدر بالغداة والعشي، قالت: وكانوا لا يرفعون حجراً إلا يوجد تحته دم.

قال عيسى بن الحارث الكندي: لما قتل الحسين مكثنا سبعة أيام، إذا صلينا العصر فنظرنا إلى الشمس على أطراف الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة، ونظرنا إلى الكواكب يضرب بعضها بعضاً.

وعن المنذر الثوري قال: جاء رجل يبشر الناس بقتل الحسين، فرأيته أعمى يقاد.

وعن نصرة الأزدية قالت: لما أن قتل الحسين مطرت السماء دماً، فأصبحت وكل شيء لنا ملآن دماً.

وعن أبي قبيل قال: لما قتل الحسين كسفت الشمس كسفة بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا أنها هي.

وعن ابن سيرين قال: لم نكن نرى هذه الحمرة في السماء حتى قتل الحسين بن علي.

ص: 149

وعن جعفر بن سالم قال حدثتني خالتي أم سالم قالت: لما قتل الحسين مطرنا مطراً كالدم على البيوت والجدر، قال: وبلغني أنه كان بخراسان والشام والكوفة.

قال بواب عبيد الله بن زياد: لما جيء برأس الحسين فوضع بين يديه رأيت حيطان دار الإمارة تسايل دماً.

وعن أم حيان قالت: يوم قتل الحسين أظلمت علينا ثلاثاً، ولم يمس أحد من زعفرانهم شيئاً فجعله على وجهه إلا احترق، ولم يقلب حجر ببيت المقدس إلا أصبح تحته دم عبيط.

قال محمد بن عمر بن علي: أرسل عبد الملك إلى ابن رأس الجالوت فقال: هل كان في قتل الحسين علامة؟ قال ابن رأس الجالوت: ما كشف يومئذ حجر إلا وجد تحته دم عبيط.

وعن يزيد بن أبي زياد قال: قتل الحسين ولي أربع عشرة سنة، وصار الورس الذي كان في عسكرهم رماداً، واحمرت آفاق السماء، ونحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها النيران.

وعن أبي حميد الطحان قال: كنت في خزاعة، فجاؤوا بشيء من تركة الحسين فقيل لهم: نتجر أو نبيع فنقسم؟ قالوا: اتجروا، قال: فجعل على جفنة، فلما وضعت فارت ناراً.

قال جميل بن مرة: أصابوا إبلا في عسكر الحسين يوم قتل، فنحروها وطبخوها، قال: فصارت مثل العلقم، فما استطاعوا أن يسيغوا منها شيئاً.

حدث شيخ من النخع قال: قال الحجاج: من كان له بلاء فليقم، فقام قوم فذكروا، وقام سنان بن أنس،

ص: 150

فقال: أنا قاتل حسين، فقال: بلاء حسن، ورجع إلى منزله فاعتقل لسانه، وذهب عقله، فكان يأكل ويحدث مكانه.

لا تسبوا علياً، يا لهفتا على أسهم رميته بهن يوم الجمل، مع ذلك، لقد قصرن، والحمد لله، عنه.

وعنه أيضاً قال: لا تسبوا أهل البيت، أو أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان لنا جار من بلهجيم قدم علينا الكوفة قال: ما ترون إلى هذا الفاسق ابن الفاسق قتله الله، يعني الحسين، فرماه الله بكوبين من السماء فطمس بصره. قال أبو رجاء: فأنا رأيته.

وعن السدي قال: كنا غلمة نبيع البز في رستاق كربلاء، قال: فنزلنا برجل من طيئ، فقرب إلينا العشاء. قال: فتذاكرنا قتلة الحسين، قال: فقلنا: ما بقي أحد ممن شهد قتلة الحسين إلا وقد أماته الله ميتة سوء، أو بقتلة سوء، قال فقال: ما أكذبكم يا أهل الكوفة! تزعمون أنه ما بقي أحد ممن شهد قتل الحسين إلا وقد أماته الله ميتة سوء أو بقتلة سوء، وإنه لممن شهد قتلة الحسين وما بها أكثر مالاً منه. قال: فنزعنا أيدينا عن الطعام، قال: وكان السراج يوقد فذهب ليطفأ، قال: فذهب ليخرج الفتيلة بأصبعه فأخذت النار بأصبعه قال: ومدها إلى فيه فأخذت بلحيته، قال: فحضر أو قال: فأحضر إلى الماء حتى يلقي نفسه، قال: فرأيته تتوقد فيه حتى صار حممةً.

وعن أنس بن مالك قال: لما أتي برأس الحسين إلى عبيد الله بن زياد فجعل ينكت بقضيب على ثناياه وقال: إن كان لحسن الثغر، فقلت: أما والله لأسوءنك، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل موضع قضيبك من فيه.

ص: 151

وفي حديث آخر عنه: أتي برأس الحسين في طست إلى ابن زياد، فجعل ينكت فاه ويقول: إن كان لصبيحاً، إن كان لقد خضب.

وعن زيد بن أرقم قال: كنت عند عبيد الله بن زياد إذ أتي برأس الحسين بن علي فوضع في طست بين يديه، فأخذ قضيباً فجعل يفتر به عن شفتيه وعن أسنانه فلم أر ثغراً قط كان أحسن منه، كأنه الدر، فلم أتمالك أن رفعت صوتي بالبكاء فقال: ما يبكيك أيها الشيخ؟ قال: يبكيني ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص موضع هذا القضيب ويلثمه، ويقول: اللهم إني أحبه فأحبه.

وعن زيد بن أرقم أنه خرج من عند ابن زياد يومئذ وهو يقول: أما والله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: اللهم إني أستودعكه وصالح المؤمنين، فكيف حفظكم لوديعة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وعن محمد بن خالد قال: قال إبراهيم: لو كنت فيمن قتل الحسين ثم أدخلت الجنة لاستحييت أن أنظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وسلم.

وعن علي بن زيد بن جدعان قال: استيقظ ابن عباس من نومه فاسترجع وقال: قتل الحسين والله، فقال له أصحابه: كلا يا بن عباس، كلا، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه زجاجة من دم فقال: ألا تعلم ما صنعت أمتي من بعدي؟ قتلوا ابني الحسين، وهذا دمه ودم أصحابه، أرفعها إلى الله عز وجل.

قال: فكتب ذلك اليوم الذي قال فيه، وتلك الساعة، فما لبثوا إلا أربعة وعشرين يوماً حتى جاءهم الخبر بالمدينة أنه قتل ذلك اليوم وتلك الساعة.

وعن سلمى قالت: دخلت علي أم سلمة وهي تبكي، فقلت: ما يبكيك؟ قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، وعلى رأسه ولحيته التراب، فقلت: مالك يا رسول الله؟ قال: شهدت قتل آنفاً.

ص: 152

وعن شهر بن حوشب قال: إنا لعند أم سلمة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فسمعنا صارخة، فأقبلت حتى انتهت إلى أم سلمة، فقالت: قتل الحسين، قالت: قد فعلوها، ملأ الله بيوتهم أو قبورهم عليهم ناراً، ووقعت مغشياً عليها وقمنا.

قال ابن أبي مليكة: بينما ابن عباس جالس في المسجد الحرام، وهو يتوقع خبر الحسين بن علي، إلى أن أتاه آتٍ فساره بشيء؛ فأظهر الاسترجاع، فقلنا: ما حدث يا أبا العباس؟ قال: مصيبة عظيمة، عند الله نحتسبها، أخبرني مولاي أنه سمع ابن الزبير يقول: قتل الحسين بن علي، فلم نبرح حتى جاءه ابن الزبير فعزاه، ثم انصرف.

فقام ابن عباس فدخل منزله، ودخل عليه الناس يعزونه، فقال: إنه ليعدل عندي مصيبة حسين شماتة ابن الزبير، أترون مشي ابن الزبير إلي يعزيني، إن ذلك منه إلا شماتة.

قال ابن جريج:

كان المسور بن مخرمة بمكة حين جاء نعي حسين بن علي، فلقي ابن الزبير فقال له: قد جاء ما كنت تمنى، موت حسين بن علي، فقال ابن الزبير: يا أبا عبد الرحمن تقول لي هذا؟ فوالله ليته بقي ما بقي بالجماء حجر، والله ما تمنيت ذلك له، قال المسور: أنت أشرت عليه بالخروج إلى غير وجه، قال: نعم، أشرت به عليه ولم أدر أنه يقتل، ولم يكن بيدي أجله، ولقد جئت ابن عباس فعزيته فعرفت أن ذلك يثقل عليه مني، ولو أني تركت تعزيته قال: مثلي تترك لا تعزيني بحسين؟ فما أصنع؟ أخوالي وغرة الصدور علي، وما أدري على أي شيء ذلك، فقال له المسور: ما حاجتك إلى ذكر ما مضى وبثه، دع الأمور وبر أخوالك، فأبوك أحمد عندهم منك.

قالت أم سلمة: سمعت الجن يبكين على الحسين، وقالت أيضاً: سمعت الجن تنوح على الحسين.

ص: 153

وقال الواقدي: لم تدرك أم سلمة قتل الحسين، ماتت سنة ثمان وخمسين.

قالت أم سلمة: سمعت الجن تنوح على الحسين يوم قتل ويقلن: من الخفيف

أيها القاتلون ظلماً حسيناً

أبشروا بالعذاب والتنكيل

كلّ أهل السماء تدعو عليكم

من نبي ومرسل وقبيل

قد لعنتم على لسان ابن داوو

د وموسى وصاحب الإنجيل

قال حبيب بن أبي ثابت: قالت أم سلمة: ما سمعت نوح الجن منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الليلة، وما أرى ابني إلا قد قتل، تعني الحسين، فقالت لجاريتها: اخرجي فسلي، فأخبرت أنه قد قتل، وإذا جنية تنوح: من الوافر

ألا يا عين فاحتفلي بجهد

ومن يبكي على الشهداء بعدي؟

على رهطٍ تقودهم المنايا

إلى متجبّرٍ في ملك عبد

قال أبو جناب الكلبي: أتيت كربلاء، فقلت: لرجل من أشراف العرب بها: بلغني أنكم تسمعون نوح الجن. قال: ما تلقى حراً ولا عبداً إلا أخبرك أنه سمع ذلك، قلت: فأخبرني ما سمعت أنت، قال سمعتهم يقولون: من مجزوء الكامل

مسح الرسول جبينه

فله بريقٌ في الخدود

أبواه من عليا قري

شٍ، جدّه خير الجدود

قال محمد المصقلي لما قتل الحسين: إنه سمع منادياً ينادي ليلاً، يسمع صوته، ولم ير شخصه: من الكامل

عقرت ثمودٌ ناقةً فاستؤصلوا

وجرت سوانحهم بغير الأسعد

ص: 154

فبنو رسول الله أعظم حرمةً

وأجلّ من أمّ الفصيل المقصد

عجباً لهم، ولما أتوا لم يمسخوا

والله يملي للطغاة الجحّد

حدث إمام مسجد بني سليم قال: غزا أشياخ لنا الروم فوجدوا في كنيسة من كنائسهم: من الوافر

أترجو أمةٌ قتلت حسيناً

شفاعة جدّه يوم الحساب؟

فقالوا: منذ كم وجدتم هذا الكتاب في هذه الكنيسة؟ قالوا: قبل أن يخرج نبيكم بست مئة عام.

وعن أبي قبيل قال: لما قتل الحسين بن علي احتزوا رأسه، وقعدوا في أول مرحلة يشربون النبيذ وينحتون الرأس، فخرج عليهم قلم من حديد فكتب بسطر دم من الوافر

أترجو أمةٌ قتلت حسيناً

شفاعة جدّه يوم الحساب؟

فهربوا وتركوا الرأس، ثم رجعوا.

قال الأعمش: أحدث رجل من بني أسد على قبر حسين بن علي قال: فأصاب أهل ذلك البيت خبل وجنون وجذام ومرض وفقر.

وعن هشام بن محمد قال: لما أجري الماء على قبر الحسين نضب بعد أربعين يوماً وامحى أثر القبر، فجاء أعرابي من بني أسد، فجعل يأخذ قبضة قبضة ويشمه حتى وقع على قبر الحسين وبكاه وقال: بأبي وأمي ما كان أطيبك وأطيب ترتبك ميتاً، ثم بكى وأنشأ يقول: من الطويل

أرادوا ليخفوا قبره عن عدوّه

فطيب تراب القبر دلّ على القبر

ص: 155

قيل: إن الحسين قتل وهو ابن ثمان وخمسين سنة. وقيل: وهو ابن ست وخمسين سنة.

وقتله سنان بن أبي أنس، وجاء برأسه خولي بن يزيد الأصبحي، جاء به إلى عبيد الله بن زياد.

وقيل: قتل وهو ابن أربع وخمسين سنة وستة أشهر ونصف.

وقيل: ابن خمس وخمسين، وكان في يوم سبت يوم عاشوراء سنة إحدى وستين. وقتل بالطف بكربلاء وعليه جبة خز دكناء، وهو صابغ بالسواد، قتله سنان بن أبي أنس النخعي، وأجهز عليه خولي بن يزيد الأصبحي من حمير وحز رأسه وأتى به عبيد الله بن زياد فقال: من مشطور الرجز

أوقر ركابي فضةً وذهبا

أنا قتلت الملك المحبّبا

قتلت خير الناس أمّاً وأباً

وقيل: كان قتله سنة ستين، وقيل: سنة اثنتين وستين.

وقال ابن لهيعة: كان قتل الحسين بن علي وقت عقبة بن نافع وحريق الكعبة في سنة واحدة سنة ثنتين أو ثلاث وستين.

قال عامر بن سعد البجلي: لما قتل الحسين بن علي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال: إن رأيت البراء بن عازب فأقرئه مني السلام وأخبره أن قتلة الحسين بن علي في النار، وإن كاد الله أن يسحت أهل الأرض منه بعذاب أليم. قال: فأتيت البراء فأخبرته. فقال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتصور بي.

ص: 156

قال الفضيل بن الزبير: كنت جالساً إلى السدي فأقبل رجل فجلس إليه، رائحته القطران فقال له: يا هذا، أتبيع القطران؟ قال: ما بعته قط. قال: فما هذه الرائحة؟ قال: كنت فيمن شهد عسكر عمر بن سعد، وكنت أبيعهم أوتاد الحديد، فلما جن علي الليل، رقدت فرأيت في نومي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي، وعلي يسقي القتلى من أصحاب حسين، فقلت له: اسقني؟ فأبى، فقلت: يا رسول الله: مره يسقني، فقال: ألست ممن عاون علينا؟ فقلت: يا رسول الله، والله ما ضربت بسيف، ولا طعنت برمح، ولا رميت بسهم، ولكني كنت أبيعهم أوتاد الحديد، فقال: يا علي اسقه، فناولني قعباً مملوءاً قطراناً، فشربت منه قطراناً، ولم أزل أبول القطران أياماً، ثم انقطع ذلك البول عني، وبقيت الرائحة في جسمي. فقال له السدي: يا عبد الله، كل من بر العراق، واشرب من ماء الفرات، فما أراك تعاين محمداً أبداً.

وعن أبي النضر الجرمي قال: رأيت رجلاً سمج العمى فسألت عن سبب ذهاب بصره فقال: كنت فيمن حضر عسكر عمر بن سعد، فلما جاء الليل رقدت، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام بين يديه طست فيها دم، وريشة في الدم، وهو يؤتى بأصحاب عمر بن سعد، فيأخذ الريشة فيخط بها بين أعينهم، فأتي بي، فقلت: يا رسول الله، والله ما ضربت بسيفٍ ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم قال: أفلم تكن عدونا؟ وأدخل أصبعيه في الدم، السبابة والوسطى، وأهوى بها إلى عيني، فأصبحت وقد ذهب بصري.

وعن أسد بن القاسم الحلبي قال: رأى جدي صالح بن الشحام بحلب في النوم كلباً أسود، وهو يلهث عطشاً، ولسانه قد خرج على صدره، فقلت: هذا كلب عطشان دعني أسقه ماءً أدخل فيه الجنة، وهممت لأفعل ذلك، فإذا بهاتف يهتف من ورائه وهو يقول: يا صالح لا تسقه، يا صالح لا تسقه، هذا قاتل الحسين بن علي، أعذبه بالعطش إلى يوم القيامة.

ص: 157