الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حماد بن أبي ليلى
واسم أبي ليلى ميسرة ويقال: سابور أبو القاسم الكوفي المعروف بالراوية مولى بني بكر بن وائل وفد على يزيد بن عبد الملك وهشام بن عبد الملك والوليد بن يزيد، وكان إخبارياً واسع الرواية.
قال علي بن محمد بن أبي سيف المدائني: ومن أهل الكوفة ثلاثة نفر من بكر بن وائل أئمة: أبو حنيفة في الفقه، وحمزة الزيات في القراءة، وحماد الراوية في الشعر.
قال حماد الراوية: كان انقطاعي إلى يزيد بن عبد الملك، وكان هشام يقليني على ذلك، فلما ولي هشام مكثت سنة لا أخرج، فلما لم أذكر خرجت فصليت الجمعة، وجلست على باب الفيل وهو باب مسجد الكوفة، فإذا شرطيان قد وقفا علي فقالا لي: يا حماد أجب الأمير يوسف بن عمر فقلت: من هذا كنت أحذر، ثم قلت لهما: هل لكما أن تدعاني آتي أهلي فأودعهم وداع من لا يرجع إليهم أبداً ثم أصير معكما؟ قالا: ما إلى ذلك سبيل، فاستبسلت في أيديهم، ودخلت على يوسف بن عمر في الإيوان الأحمر فسلمت عليه فرد علي السلام، فطابت نفسي برده علي السلام، ثم رمى إلي بكتاب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم: من هشام أمير المؤمنين إلى يوسف بن عمر، إذا أتاك كتابي هذا، فابعث إلى حماد الراوية من يأتيك به غير مروع ولا متعتع، وادفع إليه خمس مئة دينار وجملاً مهرياً يسير عليه اثنتي عشرة ليلة إلى دمشق.
فأخذت الخمس مئة دينار ونظرت، فإذا جمل مرحول، فوضعت رجلي في الغرز وسرت إحدى عشرة ليلة، فلما كان اليوم الثاني عشر، وافيت باب هشام، واستأذنت فأذن لي، فدخلت عليه في دار قوراء مفروشة بالرخام، بين كل رخامتين قصبة من ذهب، حيطانها على ذلك العمل، وإذا هشام جالس على طنفسة خز حمراء مضمخة بالعبير، فسلمت عليه فاستدناني حتى قبلت رجله وأجلسني، فإذا أنا بجاريتين لم أر مثلهما قبلهما، في أذن كل واحدة منهما حلقة من ذهب، فيها جوهرة تتوقد، فقال لي: يا حماد، كيف أنت؟ وكيف حالك؟ قلت: بخير يا أمير المؤمنين. قال: أتدري لم بعثت إليك؟ قلت: لا. قال: بعثت إليك لبيت خطر ببالي لم أدر من قائله، قلت: وما هو؟ قال: من الخفيف
فدعت بالصّبوح يوماً فجاءت
…
قينةٌ في يمينها إبريق
قلت: هذا يقوله عدي بن زيد العبادي في قصيدة له. قال: أنشدنيها، فأنشدته: من الخفيف
بكر العاذلون في وضح الصّب
…
ح يقولون ماله لا يفيق
ويلومون فيك يا بنة عبد الله
…
والقلب عندكم معلوق
لست أدري إذا أكثروا العذ
…
ل عندي، أعدوٌّ يلومني أم صديق
زانها حسنها بفرعٍ عميمٍ
…
وأثيثٌ صلت الجبين أنيق
وثنايا مفلجاتٌ عذابٌ
…
لا قصارٌ ترى ولا هنّ روق
فدعت بالصّبوح يوماً فجاءت
…
قينةٌ في يمينها إبريق
الروق: الطوال، ناب أروق وثنية روقاء، والجمع: روق.
فقال: أحسنت والله يا حماد، يا جارية: اسقيه، فسقتني شربة ذهبت بثلث عقلي، ثم قال: أعد، فأعدت، فاستخفه الطرب، حتى نزل عن فرشه، ثم قال للأخرى: اسقيه، فسقتني شربة فذهب ثلثا عقلي، فقلت: إن سقيت الثالثة افتضحت، ثم قال: سل حوائجك كائنة ما كانت، فقلت: إحدى الجاريتين، قال: هما لك بما عليهما من حلي وحلل، ثم قال للأولى: اسقيه، فسقتني شربة سقطت فلم أعقل حتى أصبحت، فإذا أنا بالجاريتين عند رأسي، وإذا خادم يقدم عشرة خدم مع كل واحدة بدرة، فقال: أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ويقول لك: خذ هذه فانتفع بها في شأنك، فأخذتها والجاريتين وانصرفت.
قال حماد الراوية: كان لبيد بن ربيعة يثبت القدر في الجاهلية ومن قوله:
إنّ تقوى ربّنا خير نفل
…
وبإذن الله ريثي وعجل
أحمد الله فلا ندّ له
…
بيديه الخير ما شاء فعل
من هداه سبل الخير اهتدى
…
ناعم البال ومن شاء أضل
ذكر أبو بكر الصولي أن حماد الراوية قرأ والغاديات صبحاً بالغين المعجمة وبالصاد؛ فسعي به إلى عقبة بن سلم.
وفي رواية: وإن بشاراً الأعمى سعي به إلى عقبة بن سلم، أنه يروي جل أشعار العرب، ولا يحسن
من القرآن غير أم الكتاب، فامتحنه عقبة بتكليفه القراءة في المصحف فصحف في آيات عدة منها: ومن الشجر ومما تغرسون وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها أباه عذابي أصيب به من أساء هم أحسن أثاثاً وزياً، ليكون لهم عدواً وحرباً، وما يجحد بآياتنا إلا كل جبار كفور، بل الذين كفروا في غرة وشقاق يوم يحمى غليها في نار جهنم، ونتلو أخباركم، صنعة الله ومن أحسن من الله صنعة، فاستعانه الذي من شيعته: بالعين والنون، سلام عليكم لا نتبع الجاهلين: بالعين، فأنا أول العائذين بالنون وبادوا: بالباء ولات حين مناص من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كأسوتهم.
قال حماد بن الزبرقان لحماد الراوية: إن قلت لأبي عطاء السندي أن يقول: جرادة، وشيطان، وزج، فبغلتي وسرجها