المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل أحكام التوبة] - مدارج السالكين - ط الكتاب العربي - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[هِدَايَةُ الْقُرْآنِ]

- ‌[اشْتِمَالُ الْفَاتِحَةِ عَلَى أُمَّهَاتِ الْمَطَالِبِ]

- ‌[فَصْلٌ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ]

- ‌[فَصْلٌ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ صِرَاطُ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ رَفِيقُ طَالِبِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ هُمُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَّمَ اللَّهُ عِبَادَهُ كَيْفِيَّةَ سُؤَالِهِ الْهِدَايَةَ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ]

- ‌[فَصْلٌ اشْتِمَالُ الْفَاتِحَةِ عَلَى أَنْوَاعِ التَّوْحِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ دِلَالَةٌ عَلَى تَوْحِيدِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْمُ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى الصِّفَةِ بِمُفْرَدِهَا وَيَدُلُّ عَلَى الذَّاتِ الْمُجَرَّدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْمُ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى]

- ‌[فَصْلٌ ارْتِبَاطُ الْخَلْقِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ ذِكْرُ أَسْمَاءِ اللَّهِ بَعْدَ الْحَمْدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَرَاتِبُ الْهِدَايَةِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ]

- ‌[الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى تَكْلِيمُ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ مَرْتَبَةُ الْوَحْيِ الْمُخْتَصِّ بِالْأَنْبِيَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ إِرْسَالُ الرَّسُولِ الْمَلَكِيِّ إِلَى الرَّسُولِ الْبَشَرِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ مَرْتَبَةُ التَّحْدِيثِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الْخَامِسَةُ مَرْتَبَةُ الْإِفْهَامِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ السَّادِسَةُ مَرْتَبَةُ الْبَيَانِ الْعَامِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ السَّابِعَةُ الْبَيَانُ الْخَاصُّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الثَّامِنَةُ مَرْتَبَةُ الْإِسْمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ التَّاسِعَةُ مَرْتَبَةُ الْإِلْهَامِ]

- ‌[الْإِلْهَامُ هُوَ مَقَامُ الْمُحَدِّثِينَ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْإِلْهَامِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى نَبَأٌ يَقَعُ وَحْيًا قَاطِعًا مَقْرُونًا بِسَمَاعٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ إِلْهَامٌ يَقَعُ عِيَانًا]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ إِلْهَامٌ يَجْلُو عَيْنَ التَّحْقِيقِ صَرْفًا]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الْعَاشِرَةُ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ اشْتِمَالِ الْفَاتِحَةِ عَلَى الْشِفَاءَيْنِ شِفَاءِ الْقُلُوبِ وَشِفَاءِ الْأَبْدَانِ]

- ‌[اشْتِمَالُهَا عَلَى شِفَاءِ الْقُلُوبِ]

- ‌[تَضَمُّنُهَا لِشِفَاءِ الْأَبْدَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اشْتِمَالِ الْفَاتِحَةِ عَلَى الرَّدِّ عَلَى جَمِيعِ الْمُبْطِلِينَ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ]

- ‌[الْمُجْمَلُ]

- ‌[فَصْلُ الْمُفَصَّلِ]

- ‌[فَصْلٌ وَالْمُقِرُّونَ بِالرَّبِّ سبحانه وتعالى أَنَّهُ صَانِعُ الْعَالَمِ نَوْعَانِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُثْبِتُونَ لِلْخَالِقِ تَعَالَى]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا الرَّدَّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ مُعَطِّلَةِ الصِّفَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى الْجَبْرِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا الرَّدَّ عَلَى الْقَائِلِينَ بِالْمُوجِبِ بِالذَّاتِ دُونَ الِاخْتِيَارِ وَالْمَشِيئَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى مُنْكِرِي تَعَلُّقِ عِلْمِهِ تَعَالَى بِالْجُزْئِيَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى مُنْكِرِي النُّبُوَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا ثَبَتَتِ النُّبُوَّاتُ وَالرِّسَالَةُ ثَبَتَتْ صِفَةُ التَّكَلُّمِ وَالتَّكْلِيمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى الرَّافِضَةِ]

- ‌[فَصْلٌ سِرُّ الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ وَالشَّرَائِعِ]

- ‌[فَصْلٌ أَقْسَامُ النَّاسِ فِي الْعِبَادَةِ وَالِاسْتِعَانَةِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مُتَحَقِّقًا بِإيَّاكَ نَعْبُدُ إِلَّا بِمُتَابَعَةِ الرَّسُولِ وَالْإِخْلَاصِ وَأَقْسَامُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[أَهْلُ الْإِخْلَاصِ لِلْمَعْبُودِ وَالْمُتَابَعَةِ]

- ‌[مَنْ لَا إِخْلَاصَ لَهُ وَلَا مُتَابَعَةَ]

- ‌[مُخْلِصٌ فِي أَعْمَالِهِ لَكِنَّهَا عَلَى غَيْرِ مُتَابَعَةِ الْأَمْرِ]

- ‌[مَنْ أَعْمَالُهُ عَلَى مُتَابَعَةِ الْأَمْرِ لَكِنَّهَا لِغَيْرِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَهْلُ مَقَامِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ لَهُمْ فِي أَفْضَلِ الْعِبَادَةِ وَأَنْفَعِهَا وَأَحَقِّهَا بِالْإِيثَارِ وَالتَّخْصِيصِ أَرْبَعُ طُرُقٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْفَعَةُ الْعِبَادَةِ وَحِكْمَتُهَا وَمَقْصُودُهَا وَانْقِسَامُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ لِأَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ]

- ‌[نُفَاةُ التَّعْلِيلِ]

- ‌[الْقَدَرِيَّةُ الْنُفَاةُ]

- ‌[الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّ فَائِدَةَ الْعِبَادَةِ رِيَاضَةُ النُّفُوسِ]

- ‌[الطَّائِفَةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ الْإِبْرَاهِيمِيَّةُ]

- ‌[فَصْلٌ سِرُّ الْعُبُودِيَّةِ وَغَايَتُهَا وَحِكْمَتُهَا]

- ‌[فَصْلٌ بِنَاءُ إِيَّاكَ نَعْبُدُ عَلَى أَرْبَعِ قَوَاعِدَ]

- ‌[فَصْلٌ دَعْوَةُ جَمِيعِ الرُّسُلِ إِلَى إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ]

- ‌[فَصْلٌ اللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الْعُبُودِيَّةَ وَصْفَ أَكْمَلِ خَلْقِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي لُزُومِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ لِكُلِّ عَبْدٍ إِلَى الْمَوْتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْقِسَامِ الْعُبُودِيَّةِ إِلَى عَامَّةٍ وَخَاصَّةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَرَاتِبِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ عِلْمًا وَعَمَلًا]

- ‌[فَصْلٌ مَرَاتِبُ الْعُبُودِيَّةِ وَهِيَ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرْتَبَةً]

- ‌[عِبَادَةُ الْقَلْبِ]

- ‌[فَصْلٌ عِبَادَةُ اللِّسَانِ]

- ‌[فَصْلٌ عِبَادَةُ الْجَوَارِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنَازِلِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ]

- ‌[مَنْزِلَةُ الْيَقَظَةِ]

- ‌[مَنْزِلَةُ الْبَصِيرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَصْدُ]

- ‌[فَصْلٌ الْعَزْمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْفِكْرَةُ]

- ‌[مُرَادُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَنَاءُ أَقْسَامُهُ وَمَرَاتِبُهُ]

- ‌[فَصْلٌ أَسْبَابُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ أَصْلُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَنَاءُ وَمَهَالِكُهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْمُحَاسَبَةِ]

- ‌[مِنْ مَنْزِلَةِ الْمُحَاسَبَةِ يَصِحُّ لَهُ نُزُولُ مَنْزِلَةِ التَّوْبَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ الْمُحَاسَبَةِ]

- ‌[الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْمُقَايَسَةُ بَيْنَ مَا لِلْعَبْدِ وَمَا لِلَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ الرُّكْنُ الثَّانِي التَّمْيِيزُ بَيْنَ مَا لِلْعَبْدِ وَمَا عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الرِّضَا بِالطَّاعَةِ وَالتَّعْيِيرُ بِالْمَعْصِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ التَّوْبَةِ]

- ‌[وُجُوبُ التَّوْبَةِ عَلَى جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ]

- ‌[شَرَائِطُ التَّوْبَةِ]

- ‌[حَقَائِقُ التَّوْبَةِ وَعَلَامَةُ قَبُولِهَا]

- ‌[فَصْلٌ أَعْذَارُ الْخَلِيقَةِ مِنْهَا مَحْمُودٌ وَمِنْهَا مَذْمُومٌ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ حَقَائِقِ التَّوْبَةِ طَلَبُ أَعْذَارِ الْخَلِيقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَفْعُ الْقَدَرِ بِالْقَدَرِ]

- ‌[فَصْلٌ سَرَائِرُ حَقِيقَةِ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْبَةُ مِنَ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ لِطَائِفُ أَسْرَارِ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَرَاتِبُ الذُّلِّ وَالْخُضُوعِ]

- ‌[فَصْلٌ نَظَرُ الْعَبْدِ فِي الذَّنْبِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِحْسَانٌ لِبَعْضِ الْأَفْعَالِ وَاسْتِقْبَاحٌ لِبَعْضِهَا]

- ‌[فَصْلٌ دَلَالَةُ الْفِعْلِ فِي النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ غَلَطُ السَّالِكِينَ فِي الْفَرْقِ الطَّبِيعِيِّ وَالشَّرْعِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ زَعَمَ سُقُوطَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقِيَامُ بِأَمْرِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ تَمَكُّنُ الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ فِي الْقَلْبِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَشِيئَةِ وَالْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدِيثُ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْعَامَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْأَوْسَاطِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْخَوَاصِّ]

- ‌[فَصْلٌ مَقَامُ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْبَةُ مِنَ الذَّنْبِ فَرْضٌ]

- ‌[التَّوْبَةُ مِنْ ذَنْبٍ مَعَ الْإِصْرَارِ عَلَى غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْعَوْدِ إِلَى الذَّنْبِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِغْفَارُ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْبَةُ النَّصُوحُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ تَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ وَمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْعَبْدِ بَيْنَ تَوْبَتَيْنِ مِنْ رَبِّهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَبْدَأُ التَّوْبَةِ وَمُنْتَهَاهَا]

- ‌[فَصْلٌ الذُّنُوبُ صَغَائِرُ وَكَبَائِرُ]

- ‌[فَصْلُ اللَّمَمِ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَبَائِرُ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَحْوَالُ الَّتِي تَكُونُ مَعَهَا الْكَبِيرَةُ صَغِيرَةً وَبِالْعَكْسِ]

- ‌[فَصْلٌ قُوَّةُ الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ الَّتِي يُسَامَحُ صَاحِبُهَا بِمَا لَا يُسَامَحُ بِهِ غَيْرُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَجْنَاسِ مَا يُتَابُ مِنْهُ]

- ‌[الْكُفْرُ]

- ‌[فَصْلٌ الْكُفْرُ الْأَكْبَرُ]

- ‌[فَصْلٌ الْجُحُودُ نَوْعَانِ مُطْلَقٌ وَمُقَيَّدٌ]

- ‌[فَصْلٌ الشِّرْكُ نَوْعَانِ أَكْبَرُ وَأَصْغَرُ]

- ‌[فَصْلُ النِّفَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفُسُوقُ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ يَضْمَنُ السَّارِقُ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِثْمُ وَالْعُدْوَانُ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَحْشَاءُ وَالْمُنْكَرُ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ]

- ‌[فَصْلٌ وَمِنْ أَحْكَامِ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ حُقُوقُ الْعِبَادِ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ مِنْ ذُنُوبٍ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ أَمْ لَا]

- ‌[فَصْلٌ تَابَ الْقَاتِلُ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ فَقُتِلَ قِصَاصًا هَلْ يَبْقَى عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْمَقْتُولِ حَقٌّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَشَاهِدِ الْخَلْقِ فِي الْمَعْصِيَةِ]

- ‌[مَشَاهِدُ الْخَلْقِ فِي الْمَعْصِيَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الْأَوَّلُ مَشْهَدُ الْحَيَوَانِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الثَّانِي مِنْ مَشَاهِدِ الْخَلْقِ فِي الْمَعْصِيَةِ مَشْهَدُ رُسُومِ الطَّبِيعَةِ وَلَوَازِمِ الْخِلْقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الثَّالِثُ مَشْهَدُ أَصْحَابِ الْجَبْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الرَّابِعُ مَشْهَدُ الْقَدَرِيَّةِ النُّفَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الْخَامِسُ وَهُوَ أَحَدُ مَشَاهِدِ أَهْلِ الِاسْتِقَامَةِ مَشْهَدُ الْحِكْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ السَّادِسُ مَشْهَدُ التَّوْحِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ السَّابِعُ مَشْهَدُ التَّوْفِيقِ وَالْخِذْلَانِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الثَّامِنُ مَشْهَدُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ التَّاسِعُ مَشْهَدُ زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَتَعَدُّدِ شَوَاهِدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الْعَاشِرُ مَشْهَدُ الرَّحْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدَ الْحَادِيَ عَشَرَ مَشْهَدُ الْعَجْزِ وَالضَّعْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدِ الثَّانِي عَشَرَ مَشْهَدُ الذُّلِّ وَالِانْكِسَارِ وَالْخُضُوعِ وَالِافْتِقَارِ لِلرَّبِّ جل جلاله]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدِ الثَّالِثَ عَشَرَ مَشْهَدُ الْعُبُودِيَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالشَّوْقِ إِلَى لِقَائِهِ وَالِابْتِهَاجِ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْإِنَابَةِ]

- ‌[مَعْنَى الْإِنَابَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ الرُّجُوعُ إِلَى اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَامَاتُ الْإِنَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ التَّذَكُّرِ]

- ‌[أَقْسَامُ النَّاسِ فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ تُجْتَنَى ثَمَرَةُ الْفِكْرَةِ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ فَوَائِدُ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وَتَأَمُّلِ مَعَانِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ آثَارُ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ الْخَمْسَةِ]

- ‌[الْمُفْسِدُ الْأَوَّلُ كَثْرَةُ الْخُلْطَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُفْسِدُ الثَّانِي مِنْ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ رُكُوبُهُ بَحْرَ التَّمَنِّي]

- ‌[فَصْلٌ الْمُفْسِدُ الثَّالِثُ مِنْ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ التَّعَلُّقُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ تَعَالَى]

- ‌[فَصْلٌ الْمُفْسِدُ الرَّابِعُ مِنْ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ الطَّعَامُ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُفْسِدُ الْخَامِسُ كَثْرَةُ النَّوْمِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الِاعْتِصَامِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْفِرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الرِّيَاضَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ السَّمَاعِ]

- ‌[أَقْسَامُ السَّمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ السَّمَاعُ الَّذِي يَمْدَحُهُ اللَّهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَيَكْرَهُهُ مِنَ السَّمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ تَحْكِيمُ الْوَحْيِ فِي الْأَحْوَالِ وَالْأَذْوَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ السَّمَاعِ الثَّلَاثُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْحُزْنِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْخَوْفِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْإِشْفَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْخُشُوعِ]

الفصل: ‌[فصل أحكام التوبة]

إِفْسَادِ جَاهِهِ بِالتَّوْبَةِ، كَمَا قَالَ أَبُو نُوَاسٍ لِ أَبِي الْعَتَاهِيَةِ وَقَدْ لَامَهُ عَلَى تَهَتُّكِهِ فِي الْمَعَاصِي:

أَتُرَانِي يَا عَتَاهِيُّ

تَارِكًا تِلْكَ الْمَلَاهِي

أَتُرَانِي مُفْسِدًا بِالنُّ

سْكِ عِنْدَ الْقَوْمِ جَاهِي

فَمِثْلُ هَذَا إِذَا تَابَ مِنْ قَتْلِ النَّفْسِ، وَسَرِقَةِ أَمْوَالِ الْمَعْصُومِينَ، وَأَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى، وَلَمْ يَتُبْ مَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَالْفَاحِشَةِ صَحَّتْ تَوْبَتُهُ مِمَّا تَابَ مِنْهُ، وَلَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ، وَبَقِيَ مُؤَاخَذًا بِمَا هُوَ مُصِرٌّ عَلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ أَحْكَامُ التَّوْبَةِ]

فَصْلٌ

وَمِنْ أَحْكَامِ التَّوْبَةِ أَنَّهُ: هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا أَنْ لَا يَعُودَ إِلَى الذَّنْبِ أَبَدًا، أَمْ لَيْسَ ذَلِكَ بِشَرْطٍ؟

فَشَرَطَ بَعْضُ النَّاسِ عَدَمَ مُعَاوَدَةِ الذَّنْبِ، وَقَالَ: مَتَى عَادَ إِلَيْهِ تَبَيَّنَّا أَنَّ التَّوْبَةَ كَانَتْ بَاطِلَةً غَيْرَ صَحِيحَةٍ.

وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَإِنَّمَا صِحَّةُ التَّوْبَةِ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِقْلَاعِ عَنِ الذَّنْبِ، وَالنَّدَمِ عَلَيْهِ، وَالْعَزْمِ الْجَازِمِ عَلَى تَرْكِ مُعَاوَدَتِهِ.

فَإِنْ كَانَتْ فِي حَقِّ آدَمِيٍّ فَهَلْ يُشْتَرَطُ تَحَلُّلُهُ؟ فِيهِ تَفْصِيلٌ - سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - فَإِذَا عَاوَدَهُ، مَعَ عَزْمِهِ حَالَ التَّوْبَةِ عَلَى أَنْ لَا يُعَاوِدَهُ، صَارَ كَمَنِ ابْتَدَأَ الْمَعْصِيَةَ، وَلَمْ تَبْطُلْ تَوْبَتُهُ الْمُتَقَدِّمَةُ.

وَالْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةُ عَلَى أَصْلٍ، وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَابَ مِنَ الذَّنْبِ ثُمَّ عَاوَدَهُ، فَهَلْ يَعُودُ إِلَيْهِ إِثْمُ الذَّنْبِ الَّذِي قَدْ تَابَ مِنْهُ ثُمَّ عَاوَدَهُ، بِحَيْثُ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ عَلَى الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ

ص: 286

إِنْ مَاتَ مُصِرًّا؟ أَوْ إِنَّ ذَلِكَ قَدْ بَطَلَ بِالْكُلِّيَّةِ، فَلَا يَعُودُ إِلَيْهِ إِثْمُهُ، وَإِنَّمَا يُعَاقَبُ عَلَى هَذَا الْأَخِيرِ؟

وَفِي هَذَا الْأَصْلِ قَوْلَانِ:

فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَعُودُ إِلَيْهِ إِثْمُ الذَّنْبِ الْأَوَّلِ، لِفَسَادِ التَّوْبَةِ، وَبُطْلَانِهَا بِالْمُعَاوَدَةِ.

قَالُوا: لِأَنَّ التَّوْبَةَ مِنَ الذَّنْبِ بِمَنْزِلَةِ الْإِسْلَامِ مِنَ الْكُفْرِ، وَالْكَافِرُ إِذَا أَسْلَمَ هَدَمَ إِسْلَامُهُ مَا قَبْلَهُ مِنْ إِثْمِ الْكُفْرِ وَتَوَابِعِهِ، فَإِذَا ارْتَدَّ عَادَ إِلَيْهِ الْإِثْمُ الْأَوَّلُ مَعَ إِثْمِ الرِّدَّةِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ أَحْسَنَ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ فِي الْإِسْلَامِ أُخِذَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ» فَهَذَا حَالُ مَنْ أَسْلَمَ وَأَسَاءَ فِي إِسْلَامِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرِّدَّةَ مِنْ أَعْظَمِ الْإِسَاءَةِ فِي الْإِسْلَامِ، فَإِذَا أُخِذَ بَعْدَهَا بِمَا كَانَ مِنْهُ فِي حَالِ كُفْرِهِ، وَلَمْ يُسْقِطْهُ الْإِسْلَامُ الْمُتَخَلِّلُ بَيْنَهُمَا، فَهَكَذَا التَّوْبَةُ الْمُتَخَلِّلَةُ بَيْنَ الذَّنْبَيْنِ لَا تُسْقِطُ الْإِثْمَ السَّابِقَ، كَمَا لَا تَمْنَعُ الْإِثْمَ اللَّاحِقَ.

قَالُوا: وَلِأَنَّ صِحَّةَ التَّوْبَةِ مَشْرُوطَةٌ بِاسْتِمْرَارِهَا، وَالْمُوَافَاةِ عَلَيْهَا، وَالْمُعَلَّقُ عَلَى الشَّرْطِ يُعْدَمُ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ، كَمَا أَنَّ صِحَّةَ الْإِسْلَامِ مَشْرُوطَةٌ بِاسْتِمْرَارِهِ وَالْمُوَافَاةِ عَلَيْهِ.

قَالُوا: وَالتَّوْبَةُ وَاجِبَةٌ وُجُوبًا مُضَيَّقًا مَدَى الْعُمْرِ، فَوَقْتُهَا مُدَّةُ الْعُمْرِ، إِذْ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِصْحَابُ حُكْمِهَا فِي مُدَّةِ عُمْرِهِ، فَهِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعُمْرِ كَالْإِمْسَاكِ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ فِي صَوْمِ الْيَوْمِ، فَإِذَا أَمْسَكَ مُعْظَمَ النَّهَارِ، ثُمَّ نَقَضَ إِمْسَاكَهُ بِالْمُفْطِرَاتِ بَطَلَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صِيَامِهِ، وَلَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يُمْسِكْ شَيْئًا مِنْ يَوْمِهِ.

قَالُوا: وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ، وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ

ص: 287

أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا» وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْعَمَلُ الثَّانِي كُفْرًا مُوجِبًا لِلْخُلُودِ، أَوْ مَعْصِيَةً مُوجِبَةً لِلدُّخُولِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ " فَيَرْتَدُّ فَيُفَارِقُ الْإِسْلَامَ " وَإِنَّمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِعَمَلٍ يُوجِبُ لَهُ النَّارَ، وَفِي بَعْضِ السُّنَنِ:«إِنَّ الْعَبْدَ لِيَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ سَنَةً، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْمَوْتِ جَارَ فِي وَصِيَّتِهِ فَدَخَلَ النَّارَ» فَالْخَاتِمَةُ السَّيِّئَةُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ خَاتِمَةً بِكُفْرٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ، وَالْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا يَلْزَمُ مِنْهُ إِحْبَاطُ الْحَسَنَاتِ بِالسَّيِّئَاتِ، وَهَذَا قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ، وَالْقُرْآنُ وَالسَّنَةُ قَدْ دَلَّا عَلَى أَنَّ الْحَسَنَاتِ هِيَ الَّتِي تُحْبِطُ السَّيِّئَاتِ لَا الْعَكْسِ، كَمَا قَالَ {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذٍ «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» .

قِيلَ: وَالْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ قَدْ دَلَّا عَلَى الْمُوَازَنَةِ، وَإِحْبَاطِ الْحَسَنَاتِ بِالسَّيِّئَاتِ فَلَا يُضْرَبُ كِتَابُ اللَّهِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَلَا يُرَدُّ الْقُرْآنُ بِمُجَرَّدِ كَوْنِ الْمُعْتَزِلَةِ قَالُوهُ - فِعْلَ أَهْلِ الْهَوَى وَالتَّعَصُّبِ - بَلْ نَقْبَلُ الْحَقَّ مِمَّنْ قَالَهُ، وَنَرُدُّ الْبَاطِلَ عَلَى مَنْ قَالَهُ.

ص: 288

فَأَمَّا الْمُوَازَنَةُ: فَمَذْكُورَةٌ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْقَارِعَةِ، وَالْحَاقَّةِ

وَأَمَّا الْإِحْبَاطُ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] وَتَفْسِيرُ الْإِبْطَالِ هَاهُنَا بِالرِّدَّةِ لِأَنَّهَا أَعْظَمُ الْمُبْطِلَاتِ، لَا لِأَنَّ الْمُبْطِلَ يَنْحَصِرُ فِيهَا، وَقَالَ تَعَالَى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: 264] فَهَذَانِ سَبَبَانِ عَرَضَا بَعْدُ لِلصَّدَقَةِ فَأَبْطَلَاهَا، شَبَّهَ سُبْحَانَهُ بُطْلَانَهَا - بِالْمَنِّ وَالْأَذَى - بِحَالِ الْمُتَصَدِّقِ رِيَاءً فِي بُطْلَانِ صَدَقَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقَالَ تَعَالَى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2] وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ» وَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها، لِأُمِّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ - وَقَدْ بَاعَ بَيْعَةَ الْعِينَةِ - أَخْبِرِي زَيْدًا: أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِلَّا أَنْ يَتُوبَ، وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى هَذَا فِي رِوَايَةٍ، فَقَالَ: يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ إِذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ، فَيَسْتَدِينُ وَيَتَزَوَّجُ، لَا يَقَعُ فِي مَحْظُورٍ فَيَحْبَطُ عَمَلُهُ.

ص: 289

فَإِذَا اسْتَقَرَّتْ قَاعِدَةُ الشَّرِيعَةِ - أَنَّ مِنَ السَّيِّئَاتِ مَا يُحْبِطُ الْحَسَنَاتِ بِالْإِجْمَاعِ وَمِنْهَا مَا يُحْبِطُهَا بِالنَّصِّ - جَازَ أَنْ تُحْبِطَ سَيِّئَةُ الْمُعَاوَدَةِ حَسَنَةَ التَّوْبَةِ، فَتَصِيرَ التَّوْبَةُ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ، فَيَلْتَقِيَ الْعَمَلَانِ وَلَا حَاجِزَ بَيْنَهُمَا، فَيَكُونَ التَّأْثِيرُ لَهُمَا جَمِيعًا.

قَالُوا: وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ، وَالسَّنَةُ، وَإِجْمَاعُ السَّلَفِ عَلَى الْمُوَازَنَةِ، وَفَائِدَتُهَا اعْتِبَارُ الرَّاجِحِ، فَيَكُونُ التَّأْثِيرُ وَالْعَمَلُ لَهُ دُونَ الْمَرْجُوحِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يُحَاسَبُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَتْ سَيِّئَاتُهُ أَكْثَرَ مِنْ حَسَنَاتِهِ بِوَاحِدَةٍ دَخَلَ النَّارَ، وَمَنْ كَانَتْ حَسَنَاتُهُ أَكْثَرَ مِنْ سَيِّئَاتِهِ بِوَاحِدَةٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ قَرَأَ {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ - وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} [الأعراف: 8 - 9] ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الْمِيزَانَ يَخِفُّ بِمِثْقَالِ حَبَّةٍ أَوْ يَرْجَحُ، قَالَ: وَمَنِ اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُ وَسَيِّئَاتُهُ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ.

وَعَلَى هَذَا: فَهَلْ يُحْبِطُ الرَّاجِحُ الْمَرْجُوحَ، حَتَّى يَجْعَلَهُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، أَوْ يُحْبِطُ مَا قَابَلَهُ بِالْمُوَازَنَةِ، وَيَبْقَى التَّأْثِيرُ لِلْقَدْرِ الزَّائِدِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْقَائِلِينَ بِالْمُوَازَنَةِ يَنْبَنِي عَلَيْهِمَا أَنَّهُ إِذَا كَانَتِ الْحَسَنَاتُ أَرْجَحَ مِنَ السَّيِّئَاتِ بِوَاحِدَةٍ مَثَلًا، فَهَلْ يَدْفَعُ الرَّاجِحُ الْمَرْجُوحَ جُمْلَةً؟ فَيُثَابُ عَلَى الْحَسَنَاتِ كُلِّهَا، أَوْ يُسْقَطُ مِنَ الْحَسَنَاتِ مَا قَابَلَ السَّيِّئَاتِ، فَلَا يُثَابُ عَلَيْهِ، وَلَا يُعَاقَبُ عَلَى تِلْكَ السَّيِّئَاتِ، فَيَبْقَى الْقَدْرُ الزَّائِدُ لَا مُقَابِلَ لَهُ، فَيُثَابُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ؟ .

وَهَذَا الْأَصْلُ فِيهِ قَوْلَانِ لِأَصْحَابِ الْمُوَازَنَةِ.

وَكَذَلِكَ إِذَا رَجَحَتِ السَّيِّئَاتُ بِوَاحِدَةٍ، هَلْ يُدْخَلُ النَّارَ بِتِلْكَ الْوَاحِدَةِ الَّتِي سَلِمَتْ عَنْ مُقَابِلٍ، أَوْ بِكُلِّ السَّيِّئَاتِ الَّتِي رَجَحَتْ؟ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، هَذَا كُلُّهُ عَلَى أَصْلِ أَصْحَابِ التَّعْلِيلِ وَالْحُكْمِ.

وَأَمَّا عَلَى أُصُولِ الْجَبْرِيَّةِ، نُفَاةِ التَّعْلِيلِ وَالْحُكْمِ وَالْأَسْبَابِ وَاقْتِضَائِهَا لِلثَّوَابِ وَالْعِقَابِ فَالْأَمْرُ مَرْدُودٌ عِنْدَهُمْ إِلَى مَحْضِ الْمَشِيئَةِ، مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يُدْرَى عِنْدَهُمْ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ، بَلْ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُعَاقِبَ صَاحِبَ الْحَسَنَاتِ الرَّاجِحَةِ، وَيُثِيبَ صَاحِبَ السَّيِّئَاتِ الرَّاجِحَةِ، وَأَنْ يُدْخِلَ الرَّجُلَيْنِ النَّارَ مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْعَمَلِ، وَأَحَدُهُمَا فِي الدَّرْكِ تَحْتَ الْآخَرِ، وَيَغْفِرُ لِزَيْدٍ وَيُعَاقِبُ عَمْرًا، مَعَ اسْتِوَائِهِمَا مِنْ جَمِيعِ

ص: 290