المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل غلط السالكين في الفرق الطبيعي والشرعي] - مدارج السالكين - ط الكتاب العربي - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[هِدَايَةُ الْقُرْآنِ]

- ‌[اشْتِمَالُ الْفَاتِحَةِ عَلَى أُمَّهَاتِ الْمَطَالِبِ]

- ‌[فَصْلٌ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ]

- ‌[فَصْلٌ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ صِرَاطُ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ رَفِيقُ طَالِبِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ هُمُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَّمَ اللَّهُ عِبَادَهُ كَيْفِيَّةَ سُؤَالِهِ الْهِدَايَةَ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ]

- ‌[فَصْلٌ اشْتِمَالُ الْفَاتِحَةِ عَلَى أَنْوَاعِ التَّوْحِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ دِلَالَةٌ عَلَى تَوْحِيدِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْمُ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى الصِّفَةِ بِمُفْرَدِهَا وَيَدُلُّ عَلَى الذَّاتِ الْمُجَرَّدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْمُ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى]

- ‌[فَصْلٌ ارْتِبَاطُ الْخَلْقِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ ذِكْرُ أَسْمَاءِ اللَّهِ بَعْدَ الْحَمْدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَرَاتِبُ الْهِدَايَةِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ]

- ‌[الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى تَكْلِيمُ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ مَرْتَبَةُ الْوَحْيِ الْمُخْتَصِّ بِالْأَنْبِيَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ إِرْسَالُ الرَّسُولِ الْمَلَكِيِّ إِلَى الرَّسُولِ الْبَشَرِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ مَرْتَبَةُ التَّحْدِيثِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الْخَامِسَةُ مَرْتَبَةُ الْإِفْهَامِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ السَّادِسَةُ مَرْتَبَةُ الْبَيَانِ الْعَامِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ السَّابِعَةُ الْبَيَانُ الْخَاصُّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الثَّامِنَةُ مَرْتَبَةُ الْإِسْمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ التَّاسِعَةُ مَرْتَبَةُ الْإِلْهَامِ]

- ‌[الْإِلْهَامُ هُوَ مَقَامُ الْمُحَدِّثِينَ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْإِلْهَامِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى نَبَأٌ يَقَعُ وَحْيًا قَاطِعًا مَقْرُونًا بِسَمَاعٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ إِلْهَامٌ يَقَعُ عِيَانًا]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ إِلْهَامٌ يَجْلُو عَيْنَ التَّحْقِيقِ صَرْفًا]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الْعَاشِرَةُ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ اشْتِمَالِ الْفَاتِحَةِ عَلَى الْشِفَاءَيْنِ شِفَاءِ الْقُلُوبِ وَشِفَاءِ الْأَبْدَانِ]

- ‌[اشْتِمَالُهَا عَلَى شِفَاءِ الْقُلُوبِ]

- ‌[تَضَمُّنُهَا لِشِفَاءِ الْأَبْدَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اشْتِمَالِ الْفَاتِحَةِ عَلَى الرَّدِّ عَلَى جَمِيعِ الْمُبْطِلِينَ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ]

- ‌[الْمُجْمَلُ]

- ‌[فَصْلُ الْمُفَصَّلِ]

- ‌[فَصْلٌ وَالْمُقِرُّونَ بِالرَّبِّ سبحانه وتعالى أَنَّهُ صَانِعُ الْعَالَمِ نَوْعَانِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُثْبِتُونَ لِلْخَالِقِ تَعَالَى]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا الرَّدَّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ مُعَطِّلَةِ الصِّفَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى الْجَبْرِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا الرَّدَّ عَلَى الْقَائِلِينَ بِالْمُوجِبِ بِالذَّاتِ دُونَ الِاخْتِيَارِ وَالْمَشِيئَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى مُنْكِرِي تَعَلُّقِ عِلْمِهِ تَعَالَى بِالْجُزْئِيَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى مُنْكِرِي النُّبُوَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا ثَبَتَتِ النُّبُوَّاتُ وَالرِّسَالَةُ ثَبَتَتْ صِفَةُ التَّكَلُّمِ وَالتَّكْلِيمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى الرَّافِضَةِ]

- ‌[فَصْلٌ سِرُّ الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ وَالشَّرَائِعِ]

- ‌[فَصْلٌ أَقْسَامُ النَّاسِ فِي الْعِبَادَةِ وَالِاسْتِعَانَةِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مُتَحَقِّقًا بِإيَّاكَ نَعْبُدُ إِلَّا بِمُتَابَعَةِ الرَّسُولِ وَالْإِخْلَاصِ وَأَقْسَامُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[أَهْلُ الْإِخْلَاصِ لِلْمَعْبُودِ وَالْمُتَابَعَةِ]

- ‌[مَنْ لَا إِخْلَاصَ لَهُ وَلَا مُتَابَعَةَ]

- ‌[مُخْلِصٌ فِي أَعْمَالِهِ لَكِنَّهَا عَلَى غَيْرِ مُتَابَعَةِ الْأَمْرِ]

- ‌[مَنْ أَعْمَالُهُ عَلَى مُتَابَعَةِ الْأَمْرِ لَكِنَّهَا لِغَيْرِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَهْلُ مَقَامِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ لَهُمْ فِي أَفْضَلِ الْعِبَادَةِ وَأَنْفَعِهَا وَأَحَقِّهَا بِالْإِيثَارِ وَالتَّخْصِيصِ أَرْبَعُ طُرُقٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْفَعَةُ الْعِبَادَةِ وَحِكْمَتُهَا وَمَقْصُودُهَا وَانْقِسَامُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ لِأَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ]

- ‌[نُفَاةُ التَّعْلِيلِ]

- ‌[الْقَدَرِيَّةُ الْنُفَاةُ]

- ‌[الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّ فَائِدَةَ الْعِبَادَةِ رِيَاضَةُ النُّفُوسِ]

- ‌[الطَّائِفَةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ الْإِبْرَاهِيمِيَّةُ]

- ‌[فَصْلٌ سِرُّ الْعُبُودِيَّةِ وَغَايَتُهَا وَحِكْمَتُهَا]

- ‌[فَصْلٌ بِنَاءُ إِيَّاكَ نَعْبُدُ عَلَى أَرْبَعِ قَوَاعِدَ]

- ‌[فَصْلٌ دَعْوَةُ جَمِيعِ الرُّسُلِ إِلَى إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ]

- ‌[فَصْلٌ اللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الْعُبُودِيَّةَ وَصْفَ أَكْمَلِ خَلْقِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي لُزُومِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ لِكُلِّ عَبْدٍ إِلَى الْمَوْتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْقِسَامِ الْعُبُودِيَّةِ إِلَى عَامَّةٍ وَخَاصَّةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَرَاتِبِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ عِلْمًا وَعَمَلًا]

- ‌[فَصْلٌ مَرَاتِبُ الْعُبُودِيَّةِ وَهِيَ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرْتَبَةً]

- ‌[عِبَادَةُ الْقَلْبِ]

- ‌[فَصْلٌ عِبَادَةُ اللِّسَانِ]

- ‌[فَصْلٌ عِبَادَةُ الْجَوَارِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنَازِلِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ]

- ‌[مَنْزِلَةُ الْيَقَظَةِ]

- ‌[مَنْزِلَةُ الْبَصِيرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَصْدُ]

- ‌[فَصْلٌ الْعَزْمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْفِكْرَةُ]

- ‌[مُرَادُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَنَاءُ أَقْسَامُهُ وَمَرَاتِبُهُ]

- ‌[فَصْلٌ أَسْبَابُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ أَصْلُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَنَاءُ وَمَهَالِكُهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْمُحَاسَبَةِ]

- ‌[مِنْ مَنْزِلَةِ الْمُحَاسَبَةِ يَصِحُّ لَهُ نُزُولُ مَنْزِلَةِ التَّوْبَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ الْمُحَاسَبَةِ]

- ‌[الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْمُقَايَسَةُ بَيْنَ مَا لِلْعَبْدِ وَمَا لِلَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ الرُّكْنُ الثَّانِي التَّمْيِيزُ بَيْنَ مَا لِلْعَبْدِ وَمَا عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الرِّضَا بِالطَّاعَةِ وَالتَّعْيِيرُ بِالْمَعْصِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ التَّوْبَةِ]

- ‌[وُجُوبُ التَّوْبَةِ عَلَى جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ]

- ‌[شَرَائِطُ التَّوْبَةِ]

- ‌[حَقَائِقُ التَّوْبَةِ وَعَلَامَةُ قَبُولِهَا]

- ‌[فَصْلٌ أَعْذَارُ الْخَلِيقَةِ مِنْهَا مَحْمُودٌ وَمِنْهَا مَذْمُومٌ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ حَقَائِقِ التَّوْبَةِ طَلَبُ أَعْذَارِ الْخَلِيقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَفْعُ الْقَدَرِ بِالْقَدَرِ]

- ‌[فَصْلٌ سَرَائِرُ حَقِيقَةِ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْبَةُ مِنَ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ لِطَائِفُ أَسْرَارِ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَرَاتِبُ الذُّلِّ وَالْخُضُوعِ]

- ‌[فَصْلٌ نَظَرُ الْعَبْدِ فِي الذَّنْبِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِحْسَانٌ لِبَعْضِ الْأَفْعَالِ وَاسْتِقْبَاحٌ لِبَعْضِهَا]

- ‌[فَصْلٌ دَلَالَةُ الْفِعْلِ فِي النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ غَلَطُ السَّالِكِينَ فِي الْفَرْقِ الطَّبِيعِيِّ وَالشَّرْعِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ زَعَمَ سُقُوطَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقِيَامُ بِأَمْرِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ تَمَكُّنُ الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ فِي الْقَلْبِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَشِيئَةِ وَالْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدِيثُ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْعَامَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْأَوْسَاطِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْخَوَاصِّ]

- ‌[فَصْلٌ مَقَامُ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْبَةُ مِنَ الذَّنْبِ فَرْضٌ]

- ‌[التَّوْبَةُ مِنْ ذَنْبٍ مَعَ الْإِصْرَارِ عَلَى غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْعَوْدِ إِلَى الذَّنْبِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِغْفَارُ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْبَةُ النَّصُوحُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ تَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ وَمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْعَبْدِ بَيْنَ تَوْبَتَيْنِ مِنْ رَبِّهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَبْدَأُ التَّوْبَةِ وَمُنْتَهَاهَا]

- ‌[فَصْلٌ الذُّنُوبُ صَغَائِرُ وَكَبَائِرُ]

- ‌[فَصْلُ اللَّمَمِ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَبَائِرُ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَحْوَالُ الَّتِي تَكُونُ مَعَهَا الْكَبِيرَةُ صَغِيرَةً وَبِالْعَكْسِ]

- ‌[فَصْلٌ قُوَّةُ الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ الَّتِي يُسَامَحُ صَاحِبُهَا بِمَا لَا يُسَامَحُ بِهِ غَيْرُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَجْنَاسِ مَا يُتَابُ مِنْهُ]

- ‌[الْكُفْرُ]

- ‌[فَصْلٌ الْكُفْرُ الْأَكْبَرُ]

- ‌[فَصْلٌ الْجُحُودُ نَوْعَانِ مُطْلَقٌ وَمُقَيَّدٌ]

- ‌[فَصْلٌ الشِّرْكُ نَوْعَانِ أَكْبَرُ وَأَصْغَرُ]

- ‌[فَصْلُ النِّفَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفُسُوقُ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ يَضْمَنُ السَّارِقُ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِثْمُ وَالْعُدْوَانُ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَحْشَاءُ وَالْمُنْكَرُ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ]

- ‌[فَصْلٌ وَمِنْ أَحْكَامِ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ حُقُوقُ الْعِبَادِ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ مِنْ ذُنُوبٍ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ أَمْ لَا]

- ‌[فَصْلٌ تَابَ الْقَاتِلُ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ فَقُتِلَ قِصَاصًا هَلْ يَبْقَى عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْمَقْتُولِ حَقٌّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَشَاهِدِ الْخَلْقِ فِي الْمَعْصِيَةِ]

- ‌[مَشَاهِدُ الْخَلْقِ فِي الْمَعْصِيَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الْأَوَّلُ مَشْهَدُ الْحَيَوَانِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الثَّانِي مِنْ مَشَاهِدِ الْخَلْقِ فِي الْمَعْصِيَةِ مَشْهَدُ رُسُومِ الطَّبِيعَةِ وَلَوَازِمِ الْخِلْقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الثَّالِثُ مَشْهَدُ أَصْحَابِ الْجَبْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الرَّابِعُ مَشْهَدُ الْقَدَرِيَّةِ النُّفَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الْخَامِسُ وَهُوَ أَحَدُ مَشَاهِدِ أَهْلِ الِاسْتِقَامَةِ مَشْهَدُ الْحِكْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ السَّادِسُ مَشْهَدُ التَّوْحِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ السَّابِعُ مَشْهَدُ التَّوْفِيقِ وَالْخِذْلَانِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الثَّامِنُ مَشْهَدُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ التَّاسِعُ مَشْهَدُ زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَتَعَدُّدِ شَوَاهِدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الْعَاشِرُ مَشْهَدُ الرَّحْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدَ الْحَادِيَ عَشَرَ مَشْهَدُ الْعَجْزِ وَالضَّعْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدِ الثَّانِي عَشَرَ مَشْهَدُ الذُّلِّ وَالِانْكِسَارِ وَالْخُضُوعِ وَالِافْتِقَارِ لِلرَّبِّ جل جلاله]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدِ الثَّالِثَ عَشَرَ مَشْهَدُ الْعُبُودِيَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالشَّوْقِ إِلَى لِقَائِهِ وَالِابْتِهَاجِ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْإِنَابَةِ]

- ‌[مَعْنَى الْإِنَابَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ الرُّجُوعُ إِلَى اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَامَاتُ الْإِنَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ التَّذَكُّرِ]

- ‌[أَقْسَامُ النَّاسِ فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ تُجْتَنَى ثَمَرَةُ الْفِكْرَةِ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ فَوَائِدُ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وَتَأَمُّلِ مَعَانِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ آثَارُ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ الْخَمْسَةِ]

- ‌[الْمُفْسِدُ الْأَوَّلُ كَثْرَةُ الْخُلْطَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُفْسِدُ الثَّانِي مِنْ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ رُكُوبُهُ بَحْرَ التَّمَنِّي]

- ‌[فَصْلٌ الْمُفْسِدُ الثَّالِثُ مِنْ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ التَّعَلُّقُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ تَعَالَى]

- ‌[فَصْلٌ الْمُفْسِدُ الرَّابِعُ مِنْ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ الطَّعَامُ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُفْسِدُ الْخَامِسُ كَثْرَةُ النَّوْمِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الِاعْتِصَامِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْفِرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الرِّيَاضَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ السَّمَاعِ]

- ‌[أَقْسَامُ السَّمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ السَّمَاعُ الَّذِي يَمْدَحُهُ اللَّهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَيَكْرَهُهُ مِنَ السَّمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ تَحْكِيمُ الْوَحْيِ فِي الْأَحْوَالِ وَالْأَذْوَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ السَّمَاعِ الثَّلَاثُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْحُزْنِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْخَوْفِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْإِشْفَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْخُشُوعِ]

الفصل: ‌[فصل غلط السالكين في الفرق الطبيعي والشرعي]

[فَصْلٌ غَلَطُ السَّالِكِينَ فِي الْفَرْقِ الطَّبِيعِيِّ وَالشَّرْعِيِّ]

فَصْلٌ وَأَمَّا غَلَطُ مَنْ غَلِطَ مِنْ أَرْبَابِ السُّلُوكِ وَالْإِرَادَةِ فِي هَذَا الْبَابِ فَحَيْثُ ظَنُّوا أَنَّ شُهُودَ الْحَقِيقَةِ الْكَوْنِيَّةِ، وَالْفِنَاءَ فِي تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، مِنْ مَقَامَاتِ الْعَارِفِينَ، بَلْ أَجَلُّ مَقَامَاتِهِمْ، فَسَارُوا شَائِمِينَ لِبَرْقِ هَذَا الشُّهُودِ، سَالِكِينَ لِأَوْدِيَةِ الْفَنَاءِ فِيهِ، وَحَثَّهُمْ عَلَى هَذَا السَّيْرِ، وَرَغَّبَهُمْ فِيهِ مَا شَهِدُوهُ مِنْ حَالِ أَرْبَابِ الْفَرْقِ الطَّبْعِيِّ فَأَنِفُوا مِنْ صُحْبَتِهِمْ فِي الطَّرِيقِ، وَرَأَوْا مُفَارَقَتَهُمْ فَرْضَ عَيْنٍ لَا بُدَّ مِنْهُ، فَلَمَّا عَرَضَ لَهُمُ الْفَرْقُ الشَّرْعِيُّ فِي طَرِيقِهِمْ، وَرَدَ عَلَيْهِمْ مِنْهُ أَعْظَمُ وَارِدٍ فَرَّقَ جَمْعِيَّتَهُمْ، وَقَسَّمَ وَحْدَةَ عَزِيمَتِهِمْ، وَحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَيْنِ الْجَمْعِ، الَّذِي هُوَ نِهَايَةُ مَنَازِلِ سِيَرِهِمْ، فَافْتَرَقَتْ طُرُقُهُمْ فِي هَذَا الْوَارِدِ الْعَظِيمِ.

فَمِنْهُمْ مَنِ اقْتَحَمَهُ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، وَقَالَ: الِاشْتِغَالُ بِالْأَوْرَادِ عَنْ عَيْنِ الْمَوْرُودِ انْقِطَاعٌ عَنِ الْغَايَةِ، وَالْقَصْدُ مِنَ الْأَوْرَادِ الْجَمْعِيَّةُ عَلَى الْآخَرِ، فَمَا الِاشْتِغَالُ عَنِ الْمَقْصُودِ بِالْوَسِيلَةِ بَعْدَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ، وَالرُّجُوعِ مِنْ حَضْرَتِهِ إِلَى مَنَازِلِ السَّفَرِ إِلَيْهِ؟ وَرُبَّمَا أَنْشَدَ بَعْضُهُمْ:

يُطَالَبُ بِالْأَوْرَادِ مَنْ كَانَ غَافِلًا

فَكَيْفَ بِقَلْبٍ كُلُّ أَوْقَاتِهِ وِرْدُ

فَإِذَا اضْطُرَّ أَحَدُهُمْ إِلَى التَّفْرِقَةِ بِوَارِدِ الْأَمْرِ، قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْفَرْقُ عَلَى اللِّسَانِ مَوْجُودًا، وَالْجَمْعُ فِي الْقَلْبِ مَشْهُودًا.

ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُسْقِطُ الْأَوَامِرَ وَالنَّوَاهِيَ جُمْلَةً، وَيَرَى الْقِيَامَ بِهَا مِنْ بَابِ ضَبْطِ نَامُوسِ الشَّرْعِ، وَمَصْلَحَةِ الْعُمُومِ، وَمَبَادِئِ السَّيْرِ، فَهِيَ الَّتِي تَحُثُّ أَهْلَ الْغَفْلَةِ عَلَى التَّشْمِيرِ لِلسَّيْرِ، فَإِذَا جَدَّ فِي الْمَسِيرِ اسْتَغْنَى بِقُرْبِهِ وَجَمْعِيَّتِهِ عَنْهَا.

وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَرَى سُقُوطَهَا إِلَّا عَمَّنْ شَهِدَ الْحَقِيقَةَ الْكَوْنِيَّةَ، وَوَصَلَ إِلَى مَقَامِ الْفَنَاءِ فِيهَا، فَمَنْ كَانَ هَذَا مَشْهَدَهُ سَقَطَ عَنْهُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ عِنْدَهُمْ.

وَقَدْ يَقُولُونَ: شُهُودُ الْإِرَادَةِ يُسْقِطُ الْأَمْرَ، وَفِي هَذَا الْمَشْهَدِ يَقُولُونَ: الْعَارِفُ لَا يَسْتَقْبِحُ قَبِيحَةً، وَلَا يَسْتَحْسِنُ حَسَنَةً.

وَيَقُولُ قَائِلُهُمُ: الْعَارِفُ لَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، لِاسْتِبْصَارِهِ بِسِرِّ اللَّهِ فِي الْقَدَرِ.

وَيَقُولُونَ: الْقِيَامُ بِالْعِبَادَةِ مَقَامُ التَّلْبِيسِ، وَيَحْتَجُّونَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: 9] .

ص: 258

وَهَذَا مِنْ أَقْبَحِ الْجَهْلِ، فَإِنَّ هَذَا دَاخِلٌ فِي جَوَابِ لَوِ الَّتِي يَنْتَفِي بِهَا الْمَلْزُومُ - وَهُوَ الْمُقَدَّمُ - لِانْتِفَاءِ اللَّازِمِ، وَهُوَ الْجَوَابُ، وَهُوَ التَّالِي، فَانْتِفَاءُ جَعْلِ الرَّسُولِ مَلِكًا - كَمَا اقْتَرَحُوهُ - لِانْتِفَاءِ التَّلْبِيسِ مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَالْكُفَّارُ كَانُوا قَدْ قَالُوا {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} [الأنعام: 8] أَيْ نُعَايِنُهُ وَنَرَاهُ، وَإِلَّا فَالْمَلَكُ لَمْ يَزَلْ يَأْتِيهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، فَهُمُ اقْتَرَحُوا نُزُولَ مَلَكٍ يُعَايِنُونَهُ، فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنِ الْحِكْمَةِ الَّتِي لِأَجْلِهَا لَمْ يُجْعَلْ رَسُولُهُ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَلَا أُنْزِلَ مَلَكًا يَرَوْنَهُ، فَقَالَ {وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ} [الأنعام: 8] أَيْ لَوَجَبَ الْعَذَابُ وَفُرِغَ مِنَ الْأَمْرِ، ثُمَّ لَا يُمْهَلُونَ إِنْ أَقَامُوا عَلَى التَّكْذِيبِ.

وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ {وَقَالُوا يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [الحجر: 6] قَالَ اللَّهُ عز وجل {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ} [الحجر: 8] وَالْحَقُّ هَاهُنَا الْعَذَابُ، ثُمَّ قَالَ {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا} [الأنعام: 9] أَيْ لَوْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ، إِذْ لَا يَسْتَطِيعُونَ التَّلَقِّيَ عَنِ الْمَلَكِ فِي صُورَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا، وَحِينَئِذٍ فَيَقَعُ اللَّبْسُ مِنَّا عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ أَرَجُلٌ هُوَ، أَمْ مَلَكٌ؟ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ رَجُلًا لَخَلَّطْنَا عَلَيْهِمْ، وَشَبَّهْنَا عَلَيْهِمُ الَّذِي طَلَبُوهُ بِغَيْرِهِ.

وَقَوْلُهُ: مَا يَلْبِسُونَ، فِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ جَزَاءٌ لَهُمْ عَلَى لُبْسِهِمْ عَلَى ضُعَفَائِهِمْ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ شَبَّهُوا عَلَى ضُعَفَائِهِمْ، وَلَبَّسُوا عَلَيْهِمُ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ، فَشُبِّهَ عَلَيْهِمْ، وَتَلَبَّسَ عَلَيْهِمُ الْمَلَكُ بِالرَّجُلِ.

وَالثَّانِي: أَنَّا نَلْبَسُ عَلَيْهِمْ مَا لَبِسُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَأَنَّهُمْ خَلَّطُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِالرَّسُولِ مِنْهُمْ، بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمْ صِدْقَهُ، وَطَلَبُوا رَسُولًا مَلَكِيًّا يُعَايِنُونَهُ، وَهَذَا تَلْبِيسٌ مِنْهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، فَلَوْ أَجَبْنَاهُمْ إِلَى مَا اقْتَرَحُوهُ لَمْ يُؤْمِنُوا عِنْدَهُ، وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ لُبْسَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ.

وَأَيُّ تَعَلُّقٍ لِهَذَا بِالتَّلْبِيسِ الَّذِي ذَكَرَتْهُ هَذِهِ الطَّائِفَةُ مِنْ تَعْلِيقِ الْكَائِنَاتِ وَالْمُثَوَّبَاتِ وَالْعُقُوبَاتِ بِالْأَسْبَابِ، وَتَعْلِيقِ الْمَعَارِفِ بِالْوَسَائِطِ، وَالْقَضَايَا بِالْحُجَجِ، وَالْأَحْكَامِ وَالْعِلَلِ، وَالِانْتِقَامِ بِالْجِنَايَاتِ، وَالْمُثَوَّبَاتِ بِالطَّاعَاتِ، مِمَّا هُوَ مَحْضُ الْحِكْمَةِ وَمُوجَبُهَا.

ص: 259

وَأَثَرُ اسْمِهِ الْحَكِيمِ فِي الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ إِنَّمَا قَامَ بِالْأَسْبَابِ، وَكَذَلِكَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَكَذَلِكَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، فَجَعْلُ الْأَسْبَابِ مَنْصُوبَةً لِلتَّلْبِيسِ مِنْ أَعْظَمِ الْبَاطِلِ شَرْعًا وَقَدَرًا.

وَإِنَّ الَّذِي أَوْقَعَ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا الْغُلُوِّ هُوَ نُفْرَتُهُمْ مِنْ أَرْبَابِ الْفَرْقِ الْأَوَّلِ، وَمُشَاهَدَتُهُمْ قُبْحَ مَا هُمْ عَلَيْهِ.

وَهُمْ - لَعَمْرُ اللَّهِ - خَيْرٌ مِنْهُمْ، مَعَ مَا هُمْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُمْ مُقِرُّونَ بِالْجَمْعِ وَالْفَرْقِ، وَأَنَّ اللَّهَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ وَخَالِقُهُ، وَمَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَأَنَّهُ فَرْقٌ بَيْنَ الْمَأْمُورِ وَالْمَحْظُورِ، وَالْمَحْبُوبِ وَالْمَكْرُوهِ، وَإِنْ كَانُوا كَثِيرًا مَا يُفَرِّقُونَ بِأَهْوَائِهِمْ وَنُفُوسِهِمْ، فَهُمْ فِي فَرْقِهِمُ النَّفْسِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْجَمْعِ، إِذْ هُمْ مُقِرُّونَ أَنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْحَسَنَاتِ وَيُحِبُّهَا، وَيَنْهَى عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيُبْغِضُهَا، وَإِذَا فَرَّقُوا بِحَسَبِ أَهْوَائِهِمْ، وَفَرَّقُوا بِنُفُوسِهِمْ لَمْ يَجْعَلُوا هَذَا الْفَرْقَ دِينًا يُسْقِطُ عَنْهُمْ أَمْرَ اللَّهِ وَنَهْيَهُ، بَلْ يَعْتَرِفُونَ أَنَّهُ ذَنْبٌ قَبِيحٌ، وَأَنَّهُمْ مُقَصِّرُونَ، بَلْ مُفَرِّطُونَ فِي الْفَرْقِ الشَّرْعِيِّ، وَنِهَايَةُ مَا مَعَهُمْ صِحَّةُ إِيمَانٍ مَعَ غَفْلَةٍ وَفَرْقٍ نَفْسَانِيٍّ، وَأُولَئِكَ مَعَهُمْ جَمْعٌ، وَشُهُودٌ يَصْحَبُهُ فَسَادُ إِيمَانٍ، وَخُرُوجٌ عَنِ الدِّينِ.

وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّهُمْ فَرُّوا مِنْ فَرْقِ أُولَئِكَ النَّفْسِيِّ إِلَى جَمْعٍ أَسْقَطَ التَّفْرِقَةَ الشَّرْعِيَّةَ، ثُمَّ آلَ أَمْرُهُمْ إِلَى أَنْ صَارَ فَرْقُهُمْ كُلُّهُ نَفْسِيًّا، فَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ رَاجِعُونَ إِلَى فَرْقِهِمْ، وَلَا بُدَّ، فَإِنَّ الْفَرْقَ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ لِلْإِنْسَانِ وَلَا بُدَّ، فَمَنْ لَمْ يُفَرِّقْ بِالشَّرْعِ فَرَّقَ بِالنَّفْسِ وَالْهَوَى، فَهُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ اتِّبَاعًا لِأَهْوَائِهِمْ، يَمِيلُونَ مَعَ الْهَوَى حَيْثُ مَالَ بِهِمْ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ الْحَقِيقَةُ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَلِهَذَا السُّلُوكِ لَوَازِمُ عَظِيمَةُ الْبَطَلَانِ، مُنَافِيَةٌ لِلْإِيمَانِ، جَالِبَةٌ لِلْخُسْرَانِ {أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة: 60] وَآخِرُ أَمْرِ صَاحِبِهِ الْفَنَاءُ فِي شُهُودِ الْحَقِيقَةِ الْعَامَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ وَبَيْنَ الْمَلَائِكَةِ وَالشَّيَاطِينِ، وَبَيْنَ الرُّسُلِ وَأَعْدَائِهِمْ، وَهِيَ الْحَقِيقَةُ الْكَوْنِيَّةُ الْقَدَرِيَّةُ، وَمَنْ وَقَفَ مَعَهَا وَلَمْ يَصْعَدْ إِلَى الْفَرْقِ الثَّانِي - وَهُوَ الْحَقِيقَةُ الدِّينِيَّةُ النَّبَوِيَّةُ - فَهُوَ زِنْدِيقٌ كَافِرٌ.

وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَرَ إِسْقَاطَ الْفَرْقِ الثَّانِي جُمْلَةً، بَلْ إِنَّمَا يُسْقِطُهُ عَنِ الْوَاصِلِ إِلَى عَيْنِ

ص: 260