المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

حَقِّهِمْ مُبَاحٌ مُتَسَاوِي الطَّرَفَيْنِ، بَلْ كُلُّ أَعْمَالِهِمْ رَاجِحَةٌ، وَمَنْ دُونَهُمْ - مدارج السالكين - ط الكتاب العربي - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[هِدَايَةُ الْقُرْآنِ]

- ‌[اشْتِمَالُ الْفَاتِحَةِ عَلَى أُمَّهَاتِ الْمَطَالِبِ]

- ‌[فَصْلٌ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ]

- ‌[فَصْلٌ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ صِرَاطُ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ رَفِيقُ طَالِبِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ هُمُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَّمَ اللَّهُ عِبَادَهُ كَيْفِيَّةَ سُؤَالِهِ الْهِدَايَةَ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ]

- ‌[فَصْلٌ اشْتِمَالُ الْفَاتِحَةِ عَلَى أَنْوَاعِ التَّوْحِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ دِلَالَةٌ عَلَى تَوْحِيدِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْمُ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى الصِّفَةِ بِمُفْرَدِهَا وَيَدُلُّ عَلَى الذَّاتِ الْمُجَرَّدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْمُ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى]

- ‌[فَصْلٌ ارْتِبَاطُ الْخَلْقِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ ذِكْرُ أَسْمَاءِ اللَّهِ بَعْدَ الْحَمْدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَرَاتِبُ الْهِدَايَةِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ]

- ‌[الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى تَكْلِيمُ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ مَرْتَبَةُ الْوَحْيِ الْمُخْتَصِّ بِالْأَنْبِيَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ إِرْسَالُ الرَّسُولِ الْمَلَكِيِّ إِلَى الرَّسُولِ الْبَشَرِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ مَرْتَبَةُ التَّحْدِيثِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الْخَامِسَةُ مَرْتَبَةُ الْإِفْهَامِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ السَّادِسَةُ مَرْتَبَةُ الْبَيَانِ الْعَامِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ السَّابِعَةُ الْبَيَانُ الْخَاصُّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الثَّامِنَةُ مَرْتَبَةُ الْإِسْمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ التَّاسِعَةُ مَرْتَبَةُ الْإِلْهَامِ]

- ‌[الْإِلْهَامُ هُوَ مَقَامُ الْمُحَدِّثِينَ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْإِلْهَامِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى نَبَأٌ يَقَعُ وَحْيًا قَاطِعًا مَقْرُونًا بِسَمَاعٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ إِلْهَامٌ يَقَعُ عِيَانًا]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ إِلْهَامٌ يَجْلُو عَيْنَ التَّحْقِيقِ صَرْفًا]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الْعَاشِرَةُ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ اشْتِمَالِ الْفَاتِحَةِ عَلَى الْشِفَاءَيْنِ شِفَاءِ الْقُلُوبِ وَشِفَاءِ الْأَبْدَانِ]

- ‌[اشْتِمَالُهَا عَلَى شِفَاءِ الْقُلُوبِ]

- ‌[تَضَمُّنُهَا لِشِفَاءِ الْأَبْدَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اشْتِمَالِ الْفَاتِحَةِ عَلَى الرَّدِّ عَلَى جَمِيعِ الْمُبْطِلِينَ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ]

- ‌[الْمُجْمَلُ]

- ‌[فَصْلُ الْمُفَصَّلِ]

- ‌[فَصْلٌ وَالْمُقِرُّونَ بِالرَّبِّ سبحانه وتعالى أَنَّهُ صَانِعُ الْعَالَمِ نَوْعَانِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُثْبِتُونَ لِلْخَالِقِ تَعَالَى]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا الرَّدَّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ مُعَطِّلَةِ الصِّفَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى الْجَبْرِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا الرَّدَّ عَلَى الْقَائِلِينَ بِالْمُوجِبِ بِالذَّاتِ دُونَ الِاخْتِيَارِ وَالْمَشِيئَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى مُنْكِرِي تَعَلُّقِ عِلْمِهِ تَعَالَى بِالْجُزْئِيَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى مُنْكِرِي النُّبُوَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا ثَبَتَتِ النُّبُوَّاتُ وَالرِّسَالَةُ ثَبَتَتْ صِفَةُ التَّكَلُّمِ وَالتَّكْلِيمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى الرَّافِضَةِ]

- ‌[فَصْلٌ سِرُّ الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ وَالشَّرَائِعِ]

- ‌[فَصْلٌ أَقْسَامُ النَّاسِ فِي الْعِبَادَةِ وَالِاسْتِعَانَةِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مُتَحَقِّقًا بِإيَّاكَ نَعْبُدُ إِلَّا بِمُتَابَعَةِ الرَّسُولِ وَالْإِخْلَاصِ وَأَقْسَامُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[أَهْلُ الْإِخْلَاصِ لِلْمَعْبُودِ وَالْمُتَابَعَةِ]

- ‌[مَنْ لَا إِخْلَاصَ لَهُ وَلَا مُتَابَعَةَ]

- ‌[مُخْلِصٌ فِي أَعْمَالِهِ لَكِنَّهَا عَلَى غَيْرِ مُتَابَعَةِ الْأَمْرِ]

- ‌[مَنْ أَعْمَالُهُ عَلَى مُتَابَعَةِ الْأَمْرِ لَكِنَّهَا لِغَيْرِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَهْلُ مَقَامِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ لَهُمْ فِي أَفْضَلِ الْعِبَادَةِ وَأَنْفَعِهَا وَأَحَقِّهَا بِالْإِيثَارِ وَالتَّخْصِيصِ أَرْبَعُ طُرُقٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْفَعَةُ الْعِبَادَةِ وَحِكْمَتُهَا وَمَقْصُودُهَا وَانْقِسَامُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ لِأَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ]

- ‌[نُفَاةُ التَّعْلِيلِ]

- ‌[الْقَدَرِيَّةُ الْنُفَاةُ]

- ‌[الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّ فَائِدَةَ الْعِبَادَةِ رِيَاضَةُ النُّفُوسِ]

- ‌[الطَّائِفَةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ الْإِبْرَاهِيمِيَّةُ]

- ‌[فَصْلٌ سِرُّ الْعُبُودِيَّةِ وَغَايَتُهَا وَحِكْمَتُهَا]

- ‌[فَصْلٌ بِنَاءُ إِيَّاكَ نَعْبُدُ عَلَى أَرْبَعِ قَوَاعِدَ]

- ‌[فَصْلٌ دَعْوَةُ جَمِيعِ الرُّسُلِ إِلَى إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ]

- ‌[فَصْلٌ اللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الْعُبُودِيَّةَ وَصْفَ أَكْمَلِ خَلْقِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي لُزُومِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ لِكُلِّ عَبْدٍ إِلَى الْمَوْتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْقِسَامِ الْعُبُودِيَّةِ إِلَى عَامَّةٍ وَخَاصَّةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَرَاتِبِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ عِلْمًا وَعَمَلًا]

- ‌[فَصْلٌ مَرَاتِبُ الْعُبُودِيَّةِ وَهِيَ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرْتَبَةً]

- ‌[عِبَادَةُ الْقَلْبِ]

- ‌[فَصْلٌ عِبَادَةُ اللِّسَانِ]

- ‌[فَصْلٌ عِبَادَةُ الْجَوَارِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنَازِلِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ]

- ‌[مَنْزِلَةُ الْيَقَظَةِ]

- ‌[مَنْزِلَةُ الْبَصِيرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَصْدُ]

- ‌[فَصْلٌ الْعَزْمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْفِكْرَةُ]

- ‌[مُرَادُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَنَاءُ أَقْسَامُهُ وَمَرَاتِبُهُ]

- ‌[فَصْلٌ أَسْبَابُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ أَصْلُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَنَاءُ وَمَهَالِكُهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْمُحَاسَبَةِ]

- ‌[مِنْ مَنْزِلَةِ الْمُحَاسَبَةِ يَصِحُّ لَهُ نُزُولُ مَنْزِلَةِ التَّوْبَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ الْمُحَاسَبَةِ]

- ‌[الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْمُقَايَسَةُ بَيْنَ مَا لِلْعَبْدِ وَمَا لِلَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ الرُّكْنُ الثَّانِي التَّمْيِيزُ بَيْنَ مَا لِلْعَبْدِ وَمَا عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الرِّضَا بِالطَّاعَةِ وَالتَّعْيِيرُ بِالْمَعْصِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ التَّوْبَةِ]

- ‌[وُجُوبُ التَّوْبَةِ عَلَى جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ]

- ‌[شَرَائِطُ التَّوْبَةِ]

- ‌[حَقَائِقُ التَّوْبَةِ وَعَلَامَةُ قَبُولِهَا]

- ‌[فَصْلٌ أَعْذَارُ الْخَلِيقَةِ مِنْهَا مَحْمُودٌ وَمِنْهَا مَذْمُومٌ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ حَقَائِقِ التَّوْبَةِ طَلَبُ أَعْذَارِ الْخَلِيقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَفْعُ الْقَدَرِ بِالْقَدَرِ]

- ‌[فَصْلٌ سَرَائِرُ حَقِيقَةِ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْبَةُ مِنَ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ لِطَائِفُ أَسْرَارِ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَرَاتِبُ الذُّلِّ وَالْخُضُوعِ]

- ‌[فَصْلٌ نَظَرُ الْعَبْدِ فِي الذَّنْبِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِحْسَانٌ لِبَعْضِ الْأَفْعَالِ وَاسْتِقْبَاحٌ لِبَعْضِهَا]

- ‌[فَصْلٌ دَلَالَةُ الْفِعْلِ فِي النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ غَلَطُ السَّالِكِينَ فِي الْفَرْقِ الطَّبِيعِيِّ وَالشَّرْعِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ زَعَمَ سُقُوطَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقِيَامُ بِأَمْرِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ تَمَكُّنُ الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ فِي الْقَلْبِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَشِيئَةِ وَالْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدِيثُ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْعَامَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْأَوْسَاطِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْخَوَاصِّ]

- ‌[فَصْلٌ مَقَامُ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْبَةُ مِنَ الذَّنْبِ فَرْضٌ]

- ‌[التَّوْبَةُ مِنْ ذَنْبٍ مَعَ الْإِصْرَارِ عَلَى غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْعَوْدِ إِلَى الذَّنْبِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِغْفَارُ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْبَةُ النَّصُوحُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ تَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ وَمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْعَبْدِ بَيْنَ تَوْبَتَيْنِ مِنْ رَبِّهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَبْدَأُ التَّوْبَةِ وَمُنْتَهَاهَا]

- ‌[فَصْلٌ الذُّنُوبُ صَغَائِرُ وَكَبَائِرُ]

- ‌[فَصْلُ اللَّمَمِ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَبَائِرُ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَحْوَالُ الَّتِي تَكُونُ مَعَهَا الْكَبِيرَةُ صَغِيرَةً وَبِالْعَكْسِ]

- ‌[فَصْلٌ قُوَّةُ الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ الَّتِي يُسَامَحُ صَاحِبُهَا بِمَا لَا يُسَامَحُ بِهِ غَيْرُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَجْنَاسِ مَا يُتَابُ مِنْهُ]

- ‌[الْكُفْرُ]

- ‌[فَصْلٌ الْكُفْرُ الْأَكْبَرُ]

- ‌[فَصْلٌ الْجُحُودُ نَوْعَانِ مُطْلَقٌ وَمُقَيَّدٌ]

- ‌[فَصْلٌ الشِّرْكُ نَوْعَانِ أَكْبَرُ وَأَصْغَرُ]

- ‌[فَصْلُ النِّفَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفُسُوقُ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ يَضْمَنُ السَّارِقُ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِثْمُ وَالْعُدْوَانُ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَحْشَاءُ وَالْمُنْكَرُ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ]

- ‌[فَصْلٌ وَمِنْ أَحْكَامِ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ حُقُوقُ الْعِبَادِ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ مِنْ ذُنُوبٍ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ أَمْ لَا]

- ‌[فَصْلٌ تَابَ الْقَاتِلُ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ فَقُتِلَ قِصَاصًا هَلْ يَبْقَى عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْمَقْتُولِ حَقٌّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَشَاهِدِ الْخَلْقِ فِي الْمَعْصِيَةِ]

- ‌[مَشَاهِدُ الْخَلْقِ فِي الْمَعْصِيَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الْأَوَّلُ مَشْهَدُ الْحَيَوَانِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الثَّانِي مِنْ مَشَاهِدِ الْخَلْقِ فِي الْمَعْصِيَةِ مَشْهَدُ رُسُومِ الطَّبِيعَةِ وَلَوَازِمِ الْخِلْقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الثَّالِثُ مَشْهَدُ أَصْحَابِ الْجَبْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الرَّابِعُ مَشْهَدُ الْقَدَرِيَّةِ النُّفَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الْخَامِسُ وَهُوَ أَحَدُ مَشَاهِدِ أَهْلِ الِاسْتِقَامَةِ مَشْهَدُ الْحِكْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ السَّادِسُ مَشْهَدُ التَّوْحِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ السَّابِعُ مَشْهَدُ التَّوْفِيقِ وَالْخِذْلَانِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الثَّامِنُ مَشْهَدُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ التَّاسِعُ مَشْهَدُ زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَتَعَدُّدِ شَوَاهِدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الْعَاشِرُ مَشْهَدُ الرَّحْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدَ الْحَادِيَ عَشَرَ مَشْهَدُ الْعَجْزِ وَالضَّعْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدِ الثَّانِي عَشَرَ مَشْهَدُ الذُّلِّ وَالِانْكِسَارِ وَالْخُضُوعِ وَالِافْتِقَارِ لِلرَّبِّ جل جلاله]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدِ الثَّالِثَ عَشَرَ مَشْهَدُ الْعُبُودِيَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالشَّوْقِ إِلَى لِقَائِهِ وَالِابْتِهَاجِ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْإِنَابَةِ]

- ‌[مَعْنَى الْإِنَابَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ الرُّجُوعُ إِلَى اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَامَاتُ الْإِنَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ التَّذَكُّرِ]

- ‌[أَقْسَامُ النَّاسِ فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ تُجْتَنَى ثَمَرَةُ الْفِكْرَةِ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ فَوَائِدُ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وَتَأَمُّلِ مَعَانِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ آثَارُ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ الْخَمْسَةِ]

- ‌[الْمُفْسِدُ الْأَوَّلُ كَثْرَةُ الْخُلْطَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُفْسِدُ الثَّانِي مِنْ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ رُكُوبُهُ بَحْرَ التَّمَنِّي]

- ‌[فَصْلٌ الْمُفْسِدُ الثَّالِثُ مِنْ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ التَّعَلُّقُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ تَعَالَى]

- ‌[فَصْلٌ الْمُفْسِدُ الرَّابِعُ مِنْ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ الطَّعَامُ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُفْسِدُ الْخَامِسُ كَثْرَةُ النَّوْمِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الِاعْتِصَامِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْفِرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الرِّيَاضَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ السَّمَاعِ]

- ‌[أَقْسَامُ السَّمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ السَّمَاعُ الَّذِي يَمْدَحُهُ اللَّهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَيَكْرَهُهُ مِنَ السَّمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ تَحْكِيمُ الْوَحْيِ فِي الْأَحْوَالِ وَالْأَذْوَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ السَّمَاعِ الثَّلَاثُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْحُزْنِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْخَوْفِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْإِشْفَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْخُشُوعِ]

الفصل: حَقِّهِمْ مُبَاحٌ مُتَسَاوِي الطَّرَفَيْنِ، بَلْ كُلُّ أَعْمَالِهِمْ رَاجِحَةٌ، وَمَنْ دُونَهُمْ

حَقِّهِمْ مُبَاحٌ مُتَسَاوِي الطَّرَفَيْنِ، بَلْ كُلُّ أَعْمَالِهِمْ رَاجِحَةٌ، وَمَنْ دُونَهُمْ يَتْرُكُ الْمُبَاحَاتِ مُشْتَغِلًا عَنْهَا بِالْعِبَادَاتِ، وَهَؤُلَاءِ يَأْتُونَهَا طَاعَاتٍ وَقُرُبَاتٍ، وَلِأَهْلِ هَاتَيْنِ الْمَرْتَبَتَيْنِ دَرَجَاتٌ لَا يُحْصِيهَا إِلَّا اللَّهُ.

[فَصْلٌ مَرَاتِبُ الْعُبُودِيَّةِ وَهِيَ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرْتَبَةً]

[عِبَادَةُ الْقَلْبِ]

فَصْلٌ

وَرَحَى الْعُبُودِيَّةِ تَدُورُ عَلَى خَمْسَ عَشْرَةَ قَاعِدَةً، مَنْ كَمَّلَهَا كَمَّلَ مَرَاتِبَ الْعُبُودِيَّةِ.

وَبَيَانُهَا أَنَّ الْعُبُودِيَّةَ مُنْقَسِمَةٌ عَلَى الْقَلْبِ، وَاللِّسَانِ، وَالْجَوَارِحِ، وَعَلَى كُلٍّ مِنْهَا عُبُودِيَّةٌ تَخُصُّهُ.

وَالْأَحْكَامُ الَّتِي لِلْعُبُودِيَّةِ خَمْسَةٌ: وَاجِبٌ، وَمُسْتَحَبٌّ، وَحَرَامٌ، وَمَكْرُوهٌ، وَمُبَاحٌ، وَهِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَلْبِ، وَاللِّسَانِ، وَالْجَوَارِحِ.

فَوَاجِبُ الْقَلْبِ مِنْهُ مُتَّفَقٌ عَلَى وُجُوبِهِ، وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ.

فَالْمُتَّفَقُ عَلَى وُجُوبِهِ كَالْإِخْلَاصِ، وَالتَّوَكُّلِ، وَالْمَحَبَّةِ، وَالْبِرِّ، وَالْإِنَابَةِ، وَالْخَوْفِ، وَالرَّجَاءِ، وَالتَّصْدِيقِ الْجَازِمِ، وَالنِّيَّةِ فِي الْعِبَادَةِ، وَهَذِهِ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى الْإِخْلَاصِ، فَإِنَّ الْإِخْلَاصَ هُوَ إِفْرَادُ الْمَعْبُودِ عَنْ غَيْرِهِ.

ص: 129

وَنِيَّةُ الْعِبَادَةِ لَهَا مَرْتَبَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: تَمْيِيزُ الْعِبَادَةِ عَنِ الْعَادَةِ.

وَالثَّانِيَةُ: تَمْيِيزُ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ.

وَالْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ وَاجِبَةٌ.

وَكَذَلِكَ الصِّدْقُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِخْلَاصِ أَنَّ لِلْعَبْدِ مَطْلُوبًا وَطَلَبًا، فَالْإِخْلَاصُ تَوْحِيدُ مَطْلُوبِهِ، وَالصِّدْقُ تَوْحِيدُ طَلَبِهِ.

فَالْإِخْلَاصُ: أَنْ لَا يَكُونَ الْمَطْلُوبُ مُنْقَسِمًا، وَالصِّدْقُ: أَنْ لَا يَكُونَ الطَّلَبُ مُنْقَسِمًا، فَالصِّدْقُ بَذْلُ الْجُهْدِ، وَالْإِخْلَاصُ إِفْرَادُ الْمَطْلُوبِ.

وَاتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ عَلَى وُجُوبِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ عَلَى الْقَلْبِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ.

وَكَذَلِكَ النُّصْحُ فِي الْعُبُودِيَّةِ، وَمَدَارُ الدِّينِ عَلَيْهِ، وَهُوَ بَذْلُ الْجُهْدِ فِي إِيقَاعِ الْعُبُودِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَحْبُوبِ لِلرَّبِّ الْمَرْضِيِّ لَهُ، وَأَصْلُ هَذَا وَاجِبٌ، وَكَمَالُهُ مَرْتَبَةُ الْمُقَرَّبِينَ.

وَكَذَلِكَ كَلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ الْقَلْبِيَّةِ لَهُ طَرَفَانِ، وَاجِبٌ مُسْتَحَقٌّ، وَهُوَ مَرْتَبَةُ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَكَمَالٌ مُسْتَحَبٌّ، وَهُوَ مَرْتَبَةُ الْمُقَرَّبِينَ.

وَكَذَلِكَ الصَّبْرُ وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ذَكَرَ اللَّهُ الصَّبْرَ فِي تِسْعِينَ مَوْضِعًا مِنَ الْقُرْآنِ، أَوْ بِضْعًا وَتِسْعِينَ، وَلَهُ طَرَفَانِ أَيْضًا: وَاجِبٌ مُسْتَحَقٌّ، وَكَمَالٌ مُسْتَحَبٌّ.

وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَكَالرِّضَا، فَإِنَّ فِي وُجُوبِهِ قَوْلَيْنِ لِلْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ، وَالْقَوْلَانِ لِأَصْحَابِ أَحْمَدَ، فَمَنْ أَوْجَبَهُ قَالَ: السُّخْطُ حَرَامٌ، وَلَا خَلَاصَ عَنْهُ إِلَّا بِالرِّضَا، وَمَا لَا خَلَاصَ عَنِ الْحَرَامِ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.

وَاحْتَجُّوا بِأَثَرِ " مَنْ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى بَلَائِي، وَلَمْ يَرْضَ بِقَضَائِي، فَلْيَتَّخِذْ رَبًّا سِوَايَ ".

ص: 130

وَمَنْ قَالَ: هُوَ مُسْتَحَبٌّ، قَالَ: لَمْ يَجِئِ الْأَمْرُ بِهِ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ، بِخِلَافِ الصَّبْرِ، فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِهِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِهِ، وَكَذَلِكَ التَّوَكُّلُ، قَالَ {إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} [يونس: 84] وَأَمَرَ بِالْإِنَابَةِ، فَقَالَ {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ} [الزمر: 54] وَأَمَرَ بِالْإِخْلَاصِ كَقَوْلِهِ {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] وَكَذَلِكَ الْخَوْفُ كَقَوْلِهِ {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] وَقَوْلِهِ {فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي} [البقرة: 150] وَقَوْلِهِ {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: 40] وَكَذَلِكَ الصِّدْقُ، قَالَ تَعَالَى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119] وَكَذَلِكَ الْمَحَبَّةُ، وَهِيَ أَفْرَضُ الْوَاجِبَاتِ، إِذْ هِيَ قَلْبُ الْعِبَادَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا، وَمُخُّهَا وَرُوحُهَا.

وَأَمَّا الرِّضَا فَإِنَّمَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ مَدْحُ أَهْلِهِ، وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِمْ، لَا الْأَمْرُ بِهِ.

قَالُوا: وَأَمَّا الْأَثَرُ الْمَذْكُورُ فَإِسْرَائِيلِيٌّ، لَا يُحْتَجُّ بِهِ.

قَالُوا: وَفِي الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعْمَلَ الرِّضَا مَعَ الْيَقِينِ فَافْعَلْ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَإِنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ النَّفْسُ خَيْرًا كَثِيرًا» وَهُوَ فِي بَعْضِ السُّنَنِ.

قَالُوا: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ " لَا خَلَاصَ عَنِ السُّخْطِ إِلَّا بِهِ " فَلَيْسَ بِلَازِمٍ، فَإِنَّ مَرَاتِبَ النَّاسِ فِي الْمَقْدُورِ ثَلَاثَةٌ: الرِّضَا، وَهُوَ أَعْلَاهَا، وَالسُّخْطُ، وَهُوَ أَسْفَلُهَا، وَالصَّبْرُ عَلَيْهِ بِدُونِ الرِّضَا بِهِ، وَهُوَ أَوْسَطُهَا، فَالْأُولَى لِلْمُقَرَّبِينَ السَّابِقِينَ، وَالثَّالِثَةُ لِلْمُقْتَصِدِينَ، وَالثَّانِيَةُ

ص: 131

لِلظَّالِمِينَ، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَصْبِرُ عَلَى الْمَقْدُورِ فَلَا يَسْخَطُ، وَهُوَ غَيْرُ رَاضٍ بِهِ، فَالرِّضَا أَمْرٌ آخَرُ.

وَقَدْ أُشْكِلَ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ اجْتِمَاعُ الرِّضَا مَعَ التَّأَلُّمِ، وَظَنَّ أَنَّهُمَا مُتَبَايِنَانِ، وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّهُ، فَالْمَرِيضُ الشَّارِبُ لِلدَّوَاءِ الْكَرِيهِ مُتَأَلِّمٌ بِهِ رَاضٍ بِهِ، وَالصَّائِمُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ مُتَأَلِّمٌ بِصَوْمِهِ رَاضٍ بِهِ، وَالْبَخِيلُ مُتَأَلِّمٌ بِإِخْرَاجِ زَكَاةِ مَالِهِ رَاضٍ بِهَا، فَالتَّأَلُّمُ كَمَا لَا يُنَافِي الصَّبْرَ لَا يُنَافِي الرِّضَا بِهِ.

وَهَذَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ إِنَّمَا هُوَ فِي الرِّضَا بِقَضَائِهِ الْكَوْنِيِّ، وَأَمَّا الرِّضَا بِهِ رَبًّا وَإلَهًا، وَالرِّضَا بِأَمْرِهِ الدِّينِيِّ فَمُتَّفَقٌ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ، بَلْ لَا يَصِيرُ الْعَبْدُ مُسْلِمًا إِلَّا بِهَذَا الرِّضَا أَنْ يَرْضَى بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم رَسُولًا.

وَمِنْ هَذَا أَيْضًا اخْتِلَافُهُمْ فِي الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَفِيهِ قَوْلَانِ لِلْفُقَهَاءِ، وَهُمَا فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ.

وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ اخْتِلَافُهُمْ فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَى مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَسْوَاسُ فِي صَلَاتِهِ، فَأَوْجَبَهَا ابْنُ حَامِدٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَأَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ فِي إِحْيَائِهِ، وَلَمْ يُوجِبْهَا أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ.

وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ مَنْ سَهَا فِي صَلَاتِهِ بِسَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ مَعَ قَوْلِهِ «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ فِي صِلَاتِهِ، فَيَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَضِلَّ الرَّجُلُ أَنْ يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى» وَلَكِنْ لَا نِزَاعَ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يُثَابُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا بِقَدْرِ حُضُورِ قَلْبِهِ وَخُضُوعِهِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ الْعَبْدَ لِيَنْصَرِفُ مِنَ الصَّلَاةِ وَلَمْ يُكْتَبْ لَهُ إِلَّا نِصْفُهَا، ثُلْثُهَا، رُبْعُهَا حَتَّى بَلَغَ عُشْرَهَا» وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: لَيْسَ لَكَ مِنْ صَلَاتِكَ إِلَّا مَا عَقَلْتَ مِنْهَا، فَلَيْسَتْ صَحِيحَةً بِاعْتِبَارِ تَرَتُّبِ كَمَالِ مَقْصُودِهَا عَلَيْهَا، وَإِنْ سُمِّيَتْ صَحِيحَةً بِاعْتِبَارِ أَنَّا لَا نَأْمُرُهُ بِالْإِعَادَةِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ

ص: 132

يُعَلَّقَ لَفْظُ الصِّحَّةِ عَلَيْهَا، فَيُقَالُ صَلَاةٌ صَحِيحَةٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا فَاعِلُهَا.

وَالْقَصْدُ أَنَّ هَذِهِ الْأَعْمَالَ وَاجِبَهَا وَمُسْتَحَبَّهَا هِيَ عُبُودِيَّةُ الْقَلْبِ، فَمَنْ عَطَّلَهَا فَقَدْ عَطَّلَ عُبُودِيَّةَ الْمَلِكِ، وَإِنْ قَامَ بِعُبُودِيَّةِ رَعِيَّتِهِ مِنَ الْجَوَارِحِ.

وَالْمَقْصُودُ أَنْ يَكُونَ مَلِكُ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ الْقَلْبُ قَائِمًا بِعُبُودِيَّتِهِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، هُوَ وَرَعِيَّتُهُ.

وَأَمَّا الْمُحَرَّمَاتُ الَّتِي عَلَيْهِ: فَالْكِبْرُ، وَالرِّيَاءُ، وَالْعُجْبُ، وَالْحَسَدُ، وَالْغَفْلَةُ، وَالنِّفَاقُ، وَهِيَ نَوْعَانِ: كُفْرٌ، وَمَعْصِيَةٌ:

فَالْكُفْرُ: كَالشَّكِّ، وَالنِّفَاقِ، وَالشِّرْكِ، وَتَوَابِعِهَا.

وَالْمَعْصِيَةُ نَوْعَانِ: كَبَائِرُ، وَصَغَائِرُ.

فَالْكَبَائِرُ: كَالرِّيَاءِ، وَالْعُجْبِ، وَالْكِبْرِ، وَالْفَخْرِ، وَالْخُيَلَاءِ، وَالْقُنُوطِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْيَأْسِ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، وَالْأَمْنِ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ، وَالْفَرَحِ وَالسُّرُورِ بِأَذَى الْمُسْلِمِينَ، وَالشَّمَاتَةِ بِمُصِيبَتِهِمْ، وَمَحَبَّةِ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِيهِمْ، وَحَسَدِهِمْ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، وَتَمَنِّي زَوَالِ ذَلِكَ عَنْهُمْ، وَتَوَابِعِ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي هِيَ أَشَدُّ تَحْرِيمًا مِنَ الزِّنَا، وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْكَبَائِرِ الظَّاهِرَةِ، وَلَا صَلَاحَ لِلْقَلْبِ وَلَا لِلْجَسَدِ إِلَّا بِاجْتِنَابِهَا، وَالتَّوْبَةِ مِنْهَا، وَإِلَّا فَهُوَ قَلْبٌ فَاسِدٌ، وَإِذَا فَسَدَ الْقَلْبُ فَسَدَ الْبَدَنُ.

وَهَذِهِ الْآفَاتُ إِنَّمَا تَنْشَأُ مِنَ الْجَهْلِ بِعُبُودِيَّةِ الْقَلْبِ، وَتَرْكِ الْقِيَامِ بِهَا.

فَوَظِيفَةُ " {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5] " عَلَى الْقَلْبِ قَبْلَ الْجَوَارِحِ، فَإِذَا جَهِلَهَا وَتَرَكَ الْقِيَامَ بِهَا امْتَلَأَ بِأَضْدَادِهَا وَلَا بُدَّ، وَبِحَسَبِ قِيَامِهِ بِهَا يَتَخَلَّصُ مِنْ أَضْدَادِهَا.

وَهَذِهِ الْأُمُورُ وَنَحْوُهَا قَدْ تَكُونُ صَغَائِرَ فِي حَقِّهِ، وَقَدْ تَكُونُ كَبَائِرَ، بِحَسَبِ قُوَّتِهَا وَغِلَظِهَا، وَخِفَّتِهَا وَدِقَّتِهَا.

وَمِنَ الصَّغَائِرِ أَيْضًا: شَهْوَةُ الْمُحَرَّمَاتِ وَتَمَنِّيهَا، وَتَفَاوُتُ دَرَجَاتِ الشَّهْوَةِ فِي الْكِبَرِ وَالصِّغَرِ بِحَسَبِ تَفَاوُتِ دَرَجَاتِ الْمُشْتَهَى، فَشَهْوَةُ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ كُفْرٌ، وَشَهْوَةُ الْبِدْعَةِ فِسْقٌ، وَشَهْوَةُ الْكَبَائِرِ مَعْصِيَةٌ، فَإِنْ تَرَكَهَا لِلَّهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا أُثِيبَ، وَإِنْ تَرَكَهَا عَجْزًا بَعْدَ بَذْلِهِ مَقْدُورِهِ فِي تَحْصِيلِهَا اسْتَحَقَّ عُقُوبَةَ الْفَاعِلِ، لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَتَهُ فِي أَحْكَامِ الثَّوَابِ

ص: 133